الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

قصة عاطف نجيب مع أطفال درعا وأهلهم، وروح الفزعة

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:28:05:24

في تلك الأثناء التاريخ يمكن أن آتي به وأعتقد أنَّه في 1 آذار/ مارس [أو] قبله بخمسة أيام أو بعده

بخمسة أيام في تلك الحدود، اتصل مكتب عاطف نجيب بي أنا وقال، وأنا كان لديّ تماس مع عاطف

نجيب في حياتي مرتين، المرة الأولى لترخيص مركز الرحمن الطبي التخصصي، بعدما أتعبونا أمنيًا

وطلبوا أن أدعو كل مسؤولي الدولة إلى هذا المركز ومنهم عاطف نجيب، وهذه الحالة الأولى، والثانية

هذه حين اتصل: أنَّ سيادة العميد -على ما أذكر- يريد أن يشرب معك فنجان قهوة، [فقلت لهم:] طيب

متى؟ وهو للأمانة تكلم ولم يقل في الفرع وقال في المكان الذي تحبه، وتحب أن تشرّفه إلى المكتب أو

تلتقي في مكان آخر، وأنا أدبًا شخص يتكلم مسؤول دولة وقلت: يمكن أن ألتقي في المكتب لا مشكلة،

ومتى؟ قال: أنت على كيفك (في الوقت الذي يناسبك) وهو مكتبه متاح، وقلت: يوم كذا ويمكن صباحًا،

أثناء دوام المشفى، والعيادة لا أريد أن أعطّلها والمشفى فيها أطباء غيري ليس هناك مشكلة، واتفقت

على الموعد وبدأت أضرب أخماسًا بأسداس، وهذا في أوج أمر الأطفال (أطفال درعا - المحرر)، هو

سيتكلم عن اللقاءات التي نلتقيها أو قد تحدثوا

بكلمة في المشفى، وأقول: لا، لو كان كذلك يدعوني إلى تحقيق وليس يدعوني إلى عميد، وأقول: لا، أنا

دكتور لن يدعوني إلى التحقيق وسيتكلم العميد معي مباشرة، وهل [الأمر] له علاقة في المركز الذي

فتحته قبل كم سنة؟ وهل هناك إشكالية؟ وأصلًا المركز انتهى، وبدأت أتساءل، وصرت أحضّر لكل

احتمال، ما هو تصرفي مع عاطف نجيب؟ 

وذهبت إليه وأول ما وصلنا سلّم سلامًا حارًّا وجلسنا وأتى بالقهوة وقال: لن آخذ من وقتك كثيرًا

وأعرف أنك [تتنقل] من مكان لمكان، وأراك من درعا إلى الحراك إلى نوى إلى علما إلى الشيخ مسكين

ومن درعا إلى دمشق وأنت لا تلحق شغلًا، وقلت: الحمد لله نحن أطباء القلبية، لن أقول ندمت ولكن

سعيد باختصاصي ولكنه مُتعب دومًا مُستنفر، وبعدما تكلم في ذلك بدأ يتكلم في النقاط التي دعاني من

أجلها، وقال: أنت ترى الأمور التي تحصل حولنا ونحن لا نستبعد أنَّ سورية يُخطّط لها لشيء كبير

لمؤامرة، ونحن رهاننا على شعبنا وهو حصين وواعٍ ضد المؤامرات، وفي كل مرة تعرضت [فيها]

سورية لمؤامرة كان يصطفّ اصطفافًا واحدًا مع الدولة في سبيل أن نتجاوز تلك المؤامرات، ونحن قد

تكون دومًا لدينا أخطاء وتلك الأخطاء مستعدّون لمعالجتها ولكن يهمّنا ألّا نذهب بأخطائنا الداخلية

بقضايانا الداخلية عن الواجب الأكثر، ونحن بلد صمود وجبهة ومقاومة ونحن قلب الأمة العربية

والأعباء تقع على رأسنا ولا نريد أن القضايا الداخلية تجعلنا نلتهي عن القضايا الكبرى التي تواجهنا،

ويجب أن نكون واعين ولا نقع بسهولة فريسة لكل أحد يحاول أن يعمل عبثًا في بلادنا، وصراحةً نحن

مُعوّلون عليكم. 

وهنا فهمت في تلك اللحظة، هو يتكلم معي كرجل أعمال وطبيب وكنا فتحنا مركزًا و[قال:] أنتم أبناء

البلد وتعلّمتم فيها وأنت استثمرت في البلد وأنت قد وضعت أموالك في البلد وهل تقبل [أن] البلد تُدمّر

وتخسر عملك وأموالك؟ وبالعكس اليوم نفكّر كيف نؤمن للدكتور نصر الحريري الفرصة ليطوّر نفسه

أكثر، مهنيًا وعلميًا وماليًا ولا نريد فقط مركزًا بل مشافي موزّعة في القطر وأنت ابن البلد وابن عائلة

كريمة ويهمّنا أن تكونوا صمام أمان مع الدولة في مواجهة أي تحديات نواجهها وليس العكس. 

والكلام الذي قاله مقبول ويُسمع، وفي تلك اللحظة توقعت منه، وكنت أتساءل: هل سيعرّج إلى مواضيع

أخرى مثل الأطفال؟ وهل سيتكلم عنهم أم لا؟ وإذا لم يحكِ هل أنا أتكلم أم لا؟ وهو لم يتكلم وحين استمر

بهذا الحديث وبعد ذلك عرج على الموضوع الشخصي: هل أنت بحاجة أي شيء؟ وهل تواجه أي

مصاعب في البلد لنساعدك في حلها؟ وأي قضية تقضّ مضجعك تحاول أن تشرحها لي ونحن بجانبكم

وأنتم الأطباء وأنتم البلد وهكذا. والرجل يحاول أن يخدّرنا، وهم محقّون أعتقد في ذلك الوقت بدأت كل

المؤشرات ترتفع بأنَّ هناك أمرًا قادمًا إلى سورية لا مجال. 

وبعد أن استنفدت الفرصة وهو كل حين يذكّرني أنني لا أريد أن أضيع وقتك، وفي ذلك اللقاء لو أحد

يرانا يعتقد أنَّني رجل الأمن من كثرة ما كان يتودّد، وبعدما أعطاني الجو المريح امتلكت الجرأة وقلت:

سأتكلم وأنا أعرف أنني مجرد أن أحكي عمليًا سأفتح على نفسي بابًا، وهو عمليًا لو استدعى أطباء

غيري سينظر ملفات هذا أعطيناه توجيهات ولم يتكلم وهذا أعطيناه التوجيهات لم يتكلم، معنى ذلك أنهم

مسالمون، أما من يريد أن يتكلم، فهناك أمر ما يدور في رأسه. 

فقلت: أنا معك مليون في المئة وبلدنا يجب أن نحصّنها ويجب أن تكون مقاومة لأي أمراض داخلية

وخارجية، وهذه الحصانة تأتي من خلال العلاقة الطيبة بين الناس أنفسهم وما بين الناس والدولة

والناس، وأنت سيّد من يعرف أننا اليوم لنجعل مجتمعنا حصينًا ضد أي شيء خارجي فيجب أن نرى ما

هي القضايا الداخلية التي تزعجه ونحاول أن نحلّها، وهو سأل: درعا ممَّ تشكو يا دكتور؟ وفيها قصور

أكثر من دمشق، والشوارع التي فيها أفضل من شوارع أي محافظة أخرى؟ تعرف ذلك وتعرف أنني

أخرج في سيارتي وأتفاجأ [بأن] البلد مليئة أطباء من اللافتات وأنتم تعيشون أحلى عيشة، وقلت: الحمد

لله نحن نعيش ولا نقول غير ذلك ولكن في نفس الوقت يوجد قضايا تزعج وبدأت أذكر له، ولم أتكلم

بموضوع المنقّبات كي لا يذهب نحو الموضوع الديني ونحن مشكلتنا مع النظام عامة، سياسة لدينا

مشكلة حقوق وحريات واقتصاد لدينا مشكلة واجتماع ودينية لدينا مشكلة، ويوجد لدينا مشاكل معه في

كل شيء ولا أريد أن أصدر القضية الدينية لأنَّ القضية ليست دينية فقط. وقلت: موضوع الاستملاك

أزعج الناس وأنا قد اشتريت بيتًا واشتريت بيتًا في شهر شباط/ فبراير عام 2010 واشتريته بستة

ملايين وستّمئة ألف من شخص اسمه أبو عميد - الله يذكره في الخير إذا كان عايشًا (حيًّا) أو ميتًا -

عمره 77 سنة وزوجته عمرها في السبعين وأولاده، بنته متزوجة في فلسطين وأولاده في أوروبا

وأمريكا والرجل في دمشق وقد اشترى بيتًا في درعا ويريد أن يبيع البيت أبو عميد لأن البيت كبير،

ويريد أن يأخذ بيتًا وصالة صغيرة وهو بحاجة المصاري (النقود) لأنَّه بحاجة البيت وإن كانت حالة

خاصة فهي جزء من الحالة العامة، فقال أريد أن أشتري منزلاً، لذلك أريد المال، فأجبرني أن أدفع له

ستة ملايين وبقي 600 ألف وأنه وقت الطابو (نقل الملكية) تدفعها لي فدفعت له ستة ملايين. وحين

ذهبت إلى الدار عمره 77 ولكن ربما حصل شيء وأنا أتورّط والورثة في ألمانيا وأمريكا والبنت في

فلسطين، وأنا بحاجة لموافقة أمنية لأطوّب البيت ووصلت الموافقة لندفع 250 ألفًا حتى نحصل عليها

ولم تأتِ الموافقة الأمنية وقلت له: هذا مثال. وقال: أنا أجلب لك الموافقة الأمنية، وقلت: أنا لا أقول لك

ذلك من أجل جلب الموافقة الأمنية، ولكن أقول يوجد المئات ينتظرون تلك الموافقات وأنتم هلكتم الناس،

وأنا سأتكلّم في أمر وأتمنى أنَّه.. فقال: ماذا؟ وقلت: موضوع الأطفال عامل مشكلة كبيرة في درعا،

وهنا انتفض وكأنَّه يقول رسالة لي ولغيري من الذين التقى بهم أنَّني جئت فقط لأعطيكم التوجيهات على

شكل نصائح وطنية، وأعطيت هذه الخطبة السياسية وهي توجيهات وصحيح [أنها] في قالب ودّي ولكن

هذه توجيهات وأوامر، ولكن أولئك الذي تجاوزوا الخط وكتبوا ليس معهم رحمة، وبدأ يقول: قليلو

الأدب والحياء وهذا عمل الناس الذين وراءهم وليس عملهم وحدهم، وأنا سوف أؤدّبهم وسوف أؤدّب

كذا، وبدأ بخطاب تصعيدي توتري، وهذا لم يجعلني أتراجع وقلت: باعتقادي الأمور تُحلّ ليس بتلك

الطريقة وموضوع الأطفال يجب أن يُحل وأنتم الدولة وتعرفون وهذا يجب أن يحل وإلا أنا لا أرى أنه

سيؤدي لأمر جيد، ولم أتكلم بطريقة تهديدية، ولكن ليس الطريقة الصحيحة لمعالجة الأمور. 

وخرجت إليه (دكتور طلب الشاهد إخفاء إسمه- المحرر) ذهبت إلى العيادة عنده وقلت ما القصة والأمور، قال: ماذا هناك؟ قلت: عاطف نجيب، فقال لي دعاك؟ فقلت: أي والله دعاني،

ومن دعا أيضًا؟ قال: دعا فلانًا وفلانًا وفلانًا وقلت: إي والله دعاني وتكلم معي وقلت: برأيك هل لديه

علم أننا نعمل شيئًا؟ فقال لي: لا أعرف ولكن من دعاهم أكثر ممن نجلس معهم وهو قد دعا أكثر من

طبيب وقلت: هؤلاء الجماعة يبدو أن لديهم معلومات أنَّ هناك شيئًا يتحرّك ولا يعرفون من هم رؤوس

التحرك وبدؤوا يدعون الجميع محذّرين، وهي رسائل تطمينية وصحيح [أنه] تكلّم بأدب وهي رسائل

تحذيرية أكثر من كونها إيجابية، وقلت: حكيت معه شيئًا وقال: لا، أنا سمعت كلامه كما هو فقلت: إن

شاء الله يهدّئ الحال والسلام، وقلت: أنا تكلّمت معه عن مشاكل درعا والطابو وأنا أخرج أشار إلى

موضوع الطابو فرددت بأنه ليس الموضوع شخصيًا. 

وسبحان الله بعت بيتي واشتريت فيلا وبعته والطابو لم يأتِ بعد وشرحت وضعي والحالة وهذا الذي

اشترى مني البيت.. أنني ما زلت أنتظر الطابو، وقد أعطيت الرجل 6 ملايين، وما زالت هناك دفعة،

هذا الذي اشتري مني المنزل، صهره لشخص فلسطيني من جماعة أحمد جبريل وقال: لا دكتور

موضوع الطابو بالنسبة لي سهل وأنت اكتب العقد ووقع عليه وخذ المال وأبقِ دفعة عند الطابو، وحين

تكلمت عند عاطف نجيب قال لي عن موضوع الطابو وقلت: أنا ضربت مثالًا ولا أقل لك حلّ لي

مشكلة الطابو، ولذلك حين بعته كانت المشكلة ما زالت موجودة، وقلت لعمر: تكلمت معه في قضيتين

وأنا تكلمت بمشكلة درعا عامة وقضية الأطفال استنفر غضبًا، وهنا بدأ يسبّ و[يتحدث بـ] قلّة أدب ولا

نسمح فقال: أي الموضوع قد أخذ أبعادًا كثيرة وسيّئة ليس بسهل. 

أنا شخصيًا لم أتواصل مع أحد من ذوي الأطفال ولكن نسمع من شبابنا من المحيط، الأطباء، من درعا

البلد القريبين من الأطفال وعوائلهم والذين معنا في نفس الترتيبات وكنا نسمع منهم [أنهم] لم يخرجوا

والأخبار سيئة ويتعذّبون في السجن، وكل يوم يجلبون ناسًا جددًا ويعترف الأطفال، ويأتون ناس جدد

والحبل على الجرار، والمحافظة حصرت الموضوع بعاطف نجيب والمحافظ لا يتدخل والفروع لا

تتدخل وكل ما يتم الحديث معه يكون هناك توتر كبير، وآخر شيء تدريجيًا هناك وفد من أهالي درعا

البلد وجهاء وأعيانًا ومشايخ، ذهبوا ليطلبوا لقاء مع عاطف نجيب، ومنه يحاولون أن يحلّوا مشكلة

الأطفال، وفعلًا سمعنا أنَّ هذا الوفد ذهب وهنا أتت غالبًا الشعرة التي قصمت ظهر البعير.

لا أعرف الأشخاص ولكن معنا، الشيخ محمد أبا زيد وأعتقد الشيخ أحمد الصياصنة كان موجودًا وهناك

آخرون من ذوي الأطفال والأسماء ذُكرت ولكن صراحة أنا لا أذكرها، وحين ذهب الوفد، قوبل بنفس

الحدّة من عاطف نجيب، ومعنى ذلك [أنه] ليس هناك أي مرونة تجاه أي مفاوضات وهذه رسالة

للجميع، لأهل الأطفال ورسالة لأهل درعا ورسالة لأهل سورية ورسالة لنا نحن في المؤسسات

السياسية، ورسالة للمفاوضين أنَّ هذا النظام لن ولم يؤمن بأي مبدأ تفاوضي وأي قبول للتفاوض منذ

اللحظة الأولى، وكثيرون قالوا إنَّه لو كان هذا الرجل للنظام عاطف نجيب لو كان لديه مرونة واحتوى

الأطفال وعائلاتهم هل ستتصعّد الأمور بهذا الشكل؟ والذي أعلى منه رأس النظام أو الحكومة، لو هم

تعاملوا بعد تخبط نجيب بتعقل وبرويّة كان وصلت الأمور لما وصلت إليه؟ وهذا النظام لا يعرف

المفاوضات أبدًا، لا يعرف إلا تكسير الرؤوس والبطش والقتل. 

فإذًا واجه بنفس الحدّة ومعنى ذلك أنه ليس مستعدًّا للمفاوضات وهو غير مستعدّ للمفاوضات وهو رئيس

فرع أمن سياسي في درعا وليس لدينا أمم متحدة ولا تدخل دولي ولا مجموعة مصغّرة ولا كبيرة

والذي غير مؤمن هنا [بالحل السياسي] لن يؤمن به في جنيف. 

هذه رسالة لنا، ولن يؤمن بأستانة، بالجولة الجديدة في أستانة بأنَّ الأجواء عبثية والنظام يلعب بأستانة مثل ما يلعب في جنيف وهذا مبدؤه. 

ونعود لنقول إنه واجه الموضوع في حدّية ولم يفتح المجال لأي حلول، حتى الذين خاطبوه بلغة

عقلانية، وأن هؤلاء أطفال.. يعني حاولوا أن يحتووا الأمور وحتى تلك لا.. والأمر الثالث تجاوز

لمرحلة التعدّي والتعدي على أغلى ما يملك الإنسان، وهو شرفه وكرامته الإنسانية، وكانت هذه الجملة

التي نُقلت [على لسان عاطف نجيب - المحرر) وهي جملة صحيحة أنَّ هؤلاء أولاد قليلو أدب وأنتم لم

تعرفوا أن تربّوا، وإذا كنتم تجلبون أولادًا ولا تعرفون أن تربّوهم فهؤلاء أنا أربّيهم، ولكن أرسلوا لنا

نساءكم ونحن نأتي بأولاد يتربّون جيدًا. 

وهذه التي لا يمكن لأحد على وجه الأرض أن يقبلها عمومًا وبغضّ النظر عن الديانة والاعتقاد، هذا

أمر الشرف والكرامة لا أحد يقبلها وأيضًا لدى أهل درعا لها قيمة كبيرة، وليس في درعا وفي مناطق

كثيرة في العالم بمحيطنا العربي والإقليمي ما زالت القضايا لديهم حساسة جدًا وتشعل ليس فقط خطًا

أحمر بل ألف ضوء أسود، والإنسان يقبل أن يتأذى في ماله وجسده وبكل شيء ولكن موضوع الكرامة

الإنسانية والشرف، يتمنّى أن يفنى هو وعائلته وأسرته وعشيرته وقبيلته وكل الناس ولكن هذا لا

يُصاب، وهذا من ضمن الأسس الموجودة في المجتمع الحوراني ومجتمع درعا والذي جعل يتشكل

مفهوم يشار له وهو موضوع الفزعة، وأحد هذه العوامل هو موضوع الشرف والكرامة. 

درعا هي نسيج اجتماعي يغلب عليه الطابع العشائري المتمدّن وعشيرة مع مدنية وحضارة ولم يعُد

المجتمع العشائري على شكل قبيلة قديمًا، واليوم الناس تسكن في قصور فارهة وحياة رغيدة وفيها

طبقات متعددة والأطباء والمهندسون والمحامون وحتى العمال والفلاحون اليوم على سويّة عالية من

التعليم، والتعليم في درعا كان أولوية ومن لم يكن لديه تلك الفرصة من التعليم كان يسافر إلى الخليج

ويكسب ويعود ليعلّم أولاده بعد ذلك، وهذا المجتمع تأصّلت فيه مجموعة من القيم جعلت منه مجتمعًا

متكاتفًا مع بعضه وتلك القيم منها الكرم، وكنت أتمنى أن لا أتحدث أنا عن هذا المجتمع، إنما يتكلم عنه

شخص آخر، منذ صِغَرِنا علمونا الضيف يتبدّى (يتقدّم) هو الأولى [من] العائلة نفسها، وفي كثير من

الأحيان لا نرى اللحمة سابقًا في سنوات الفقر ولكن حين يأتي الضيف تظهر ولا نُظهر أننا نتأفّف

(نتضايق) من الضيف أو نمل منه ويجب أن يبيع [المضيف] كل ما لديه من أجل أن يكون الضيف

يخرج مسرورًا من عنده.

وثانيًا الشجاعة والمَرجلة (الرجوليّة) وهم يحبّون المواجهة في الأمور المُحقّة وهذا الارتباط العشائري

الموجود لديهم والعائلة كثرت أو صغرت وكثر المثقفون أم قلّوا تحنّ وتعود إلى الارتباط العائلي، وهذا

الارتباط يذكّرنا بنفسه وعلى مدار السنة إذا أتى أحد من العائلة ابتُلي بمصيبة وبحاجة لفزعة (مساعدة)

ماليّة وشخص مثلًا دعس شخصًا في الخطأ وعليه دية كبيرة ولا يستطيع دفعها وفورًا تتوازع (تتقاسم)

عائلته وحتى محيطه وليس نفس العائلة وربما العوائل الأخرى تساهم في إغاثة هذا الملهوف، وكانت

تذكّرنا بنفسها حين تحصل مشاكل تتعلق بالأسرة، الزواج والطلاق والخطف، وكانت الخطيفة موجودة

إلى فترة قريبة وترى العائلة تتعاضد أو حين تحصل المشكلة بين المحافظ وبين جهات أخرى خارج

المحافظة يأتي هذا الشعور العائلي. 

وتأتي بالعادات الاجتماعية الإيجابية، حين يحصل خلاف بين مجموعتين أو عائلتين وحين تتداعى

عوائل درعا عبر وجهائها وأعيانها لحل هذا الخلاف واحتوائه ودفع الثمن من جيوبهم، ويدفعون من

جيوبهم أموالًا ليمنعوا الخلاف والتوتر أن يزداد، والتضامن الموجود بينهم على كل الجبهات كان كبيرًا

وهذا رأيناه في الثورة، حين حصلت قضية الأطفال فنرى درعا من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى

جنوبها حديثها هو واحد، قضية الأطفال والحديث عنهم وماذا جرى مع الأطفال وماذا سنفعل لهم،

ورأيناها بعد الثورة في الهجوم على المشيّعين وخرجت مظاهرات اسمها يوم الفزعة، ويعني نحن جئنا

لنغيثكم ونساعدكم، وحتى في المجتمع الحوراني هناك بعض القوالب التعبيرية التي تدلّ على الفزعة

نفسها ومثلًا أسمع من والدي وأعمامي كلمة مثلًا كريش هلي كريش، يعني قريش، وهلي يعني أهلي،

يقولها الرجل أو الطفل أو السيدة أو المجموعة التي تتعرض لخَطب ما، وإذا شخص كشف أنَّ هناك

سارقًا في البيت ويريد أحد أن يساعده فقط يقول "كريش هلي"، مثل النجدة معنى ذلك، وإذا سمعت أحدًا

في الشارع أو أحدًا أبعد قليلًا أو أقرب وكانت القرى صغيرة ولا يوجد أبنية كبيرة ولا يوجد ضجيج ولا

صخب، وكان الذي في طرف القرية يتكلم كلمة إذا كان يسهر ويتحدثّون، من هو في آخر القرية

يسمعها، وحين يسمع هذه الكلمة يهجم بدون أن يفكّر ويعرف أن هذا القول لا يقال إلا من ملهوف وهذا

الملهوف يطلب المساعدة ويذهب ليساعده دون تفكير، وهذه إحدى النواحي الإيجابية الموجودة في

المحافظة، وفي وقتها حتى الناس الذين ليس لديهم الأفق السياسي أو الحميّة للثورة غلبت عليه الفزعة

والحميّة لمساعدة أهل درعا الذين هجم عليهم الأمن بالبارود والنار، ليساعدوهم ويفزعوا لهم، وحتى

الجمعة التي كانت لفك الحصار على درعا هي جمعة فزعة وأتى على رأسها حمزة خطيب، ومعنى

مفهوم الفزعة المادي يعني أخذ ربطة خبز وبندورة وخيارًا وبمعنى أنا آتي أفزع لكم بأقل ما لديّ من

إمكانية لألبّي احتياجاتكم الأساسية وهي الأكل والشرب، وعادة يكون هناك تاريخ لتلك القضية، وبمعنى

مثلًا أحدهم يقول: والله هذه العائلة في زمنها (قديمًا) وقفت معنا وقفة مشرّفة وبالتالي هناك دَين في

رقابنا يجب أن نؤدّيه إذا هي تضايقت، وما بالك إذا [كانت] القضية مشكلة تمسّ الجميع؟.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/12/17

الموضوع الرئیس

إرهاصات الثورة السوريةانطلاقة الثورة في درعا

كود الشهادة

SMI/OH/130-15/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

2011

updatedAt

2024/05/06

المنطقة الجغرافية

محافظة درعا-محافظة درعا

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

فرع الأمن السياسي في درعا

فرع الأمن السياسي في درعا

الشهادات المرتبطة