الاتفاق على مكان المظاهرة الأولى في سورية
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:20:33:01
لماذا تركنا النقاش وتحديد المكان لآخر يوم؟ رأينا ما الذي حصل في مظاهرات الحريقة (في دمشق) والتي كانت عفوية وتجمع فيها السوريون يومها في ساحة الحريقة، ونزل وزير الداخلية (سعيد سمور - المحرر) ليفضها، ورأينا الكلام والتهديد الذي حصل في يومها، وكيف هُدّد الموجودون، وكان الموضوع ليست مظاهرة، كان احتجاجًا على ضرب شرطي لصاحب سيارة، حيث ركن سيارته في مكان عام، وتجمهر الناس، ورأينا كيف كانت الشعارات، وكيف انتشر المؤيدون للنظام باللباس المدني، وكيف بدؤوا يهددون الناس، فتركنا النقاش بموضوع تحديد المكان إلى قبل ساعات من انطلاق المظاهرات تحسبًا من أن يكون النظام لديه علم مسبق بالمكان وإما أن يغلقه أو ينتشر فيه عناصر الأمن، ويمنعوننا من التظاهر.
ولا ننسى أنَّنا رأينا ما الذي حصل عندما تجمهر الناس عند باب السفارة الليبية، ورُفع في يومها شعار:"خاين اللي بيقتل شعبه" وكيف تعاملت أجهزة الأمن مع الناس الموجودين، وكيف هددوا، وكيف عناصر الأمن فرقوا المظاهرة، ولا ننسى أنَّ العالم (الأشخاص) السوريين حاولوا أن يتجمعوا على باب السفارة المصرية قبل يوم 15 وقمعهم النظام بشكل عنيف في يومها، ولم يجعل أحدًا يقترب من السفارة المصرية.
وفي نفس التوقيت كان هناك موضوع يُثار في تلك الأيام وهو موضوع اعتقال المدونة طل الملوحي، وكانت قضيتها في تلك الأيام قد لقيت تفاعلًا كبيرًا، والناس كانوا يأخذونها كنموذج من الذي سوف يحصل وهو الاعتقال التعسفى والاعتقال القمعي، وكيف النظام يتعامل مع السوريين فمجرد مدونة كانت تتكلم بالشأن العام، ولم تكن تتكلم بالشأن السياسي فاعتقلها النظام، فحتى في الشأن العام لم يكن مسموحًا، لذلك قررنا أن نترك النقاش حتى آخر يوم؛ لأن الثورة فعلًا لم يكن وراءها تيارات، ولم يكن وراءها دول أو منظمات أو أحزاب، كان السوريون الذين شاركوا في الصفحة هم أنفسهم السوريون الذين سيخرجون في المظاهرات، فلذلك نحن قلنا: نريد أن نتناقش قبل وفي أقصر وقت ممكن حتى نأخذ قرارًا، وقرر الموجودون أنَّنا إلى الساحات لن نذهب، من الصعب أن ننزل في الساحات وخصوصًا الساحات الرئيسية، ومن الممكن للنظام أن يغلق الساحات، ويمنعنا من الوصول للساحات؛ فلذلك قررنا أن يكون المكان عامًّا، ما فعلنا أننا شتتنا الأمن، وكنا نطرح عدة مواقع للتظاهر، ولكن كنا في نفس الوقت نركز على المكان المتفق عليه والذي هو سوق الحميدية وتحديدًا عند المسجد الأموي، والمكان مناسب فيه آلاف الزوار الذين يأتون إلى سوق الحميدية، وبإمكاننا أن نقوم بالمظاهرة، وبنفس الوقت نستطيع أن نتفرق في اللحظة التي نجد فيها خطرًا على المتظاهرين، وقررنا ألا نلبس شيئًا موحدًا أو نحمل لافتات موحدة لأنَّها [ستكون] التجربة الأولى؛ فلذلك يجب أن يكون الناس طبيعيين وبنفس الوقت إذا أرادوا [أن] ينسحبوا فإنهم ينسحبون.
موضوع العلم وموضوع النقاشات نهائيًّا..، والشعار الوحيد المطروح في يومها والكلمة المتداولة هي الحرية، ورفع علم غير العلم السوري الذي هو موجود ومرفوع لم يكن أحد يطرحه نهائيًّا، لذلك هناك أشخاص أحضروا معهم أعلامًا، وهناك أشخاص حملوا أعلامًا، ولكنه العلم السوري الذي كلنا نعرفه الأبيض والأسود والأحمر، وهذا العلم الذي حمله الناس عندما نزلوا وكان عددهم قليلًا (من كانوا يحملونه)، والشعارات كلها تطالب بالحرية ولا للفساد.
من حوالي يوم 7 أو 8 شهر آذار/ مارس بدأ التركيز على موضوع "هل ستنطق الثورة في سورية؟" وأصبح هناك نقاشات على الكثير من القنوات الإعلامية، وصارت هناك مشاركات لعدد كبير من السوريين على قنوات "البي بي سي" و"الجزيرة" وأصبح الناس يتصلون ويدعون السوريين للثورة، ويشجعون الناس على الثورة.
والتفاعل قبل 24 ساعة من انطلاق المظاهرة التي الكل يترقبها كان كبيرًا جدًا جدًا، وتضاعف حجم الصفحة عشرات المرات، وزاد عدد المشاركين بها، والنظام بدأ يشعر أنَّ هناك شيئًا قادمًا، ويجب أن يتدخل، وهنا بدأت جماعة النظام والذين هم أولاد المسؤولين، والجيش السوري الإلكتروني المعروف بتبعيته للنظام دخل بكل ثقله على الصفحة، وبدأ يهددنا، وأذكر أنَّه هناك بدأ الوعيد بالمجازر، وأنَّ "مجزرة حماة" كانت في مدينة، ولكننا سنرتكب مجزرة في كل مدينة وشارع وحي في سورية في حال خرجتم في المظاهرات، فكان هناك تهديد كبير ووعيد، والسوريون الحقيقيون الذين كانوا يشاركون وكانوا جاهزين للخروج في المظاهرات لم يبالوا بالتهديدات التي كانت تحدث، وكانوا معتقدين أنَّ الزمن لا يمكن أن يعود للوراء، والنموذج الذي أمامهم والوعود التي رأوها وحجم الدعم الأممي لموضوع الحريات كان قد أخذ صدًى كبيرًا عند السوريين، ويعرف السوريون أنَّ النظام كان متهمًا بالإرهاب فتوقع السوريون أنَّه عندما تخرج الثورة في سورية فإن المجتمع الدولي سيسارع لإزالة هذا النظام الذي صنفه بأنه إرهابي، ولذلك السوريون كانوا متفائلين كثيرًا بأن ثورة التغيير قادمة وستكون صعبة على السوريين؛ لأن النظام لن يتركها تمر بسهولة ومن المؤكد أنه سيكون هناك دعم دولي وحقوق إنسان، وتاريخ النظام الأسود سيكون حاضرًا عند الدول التي أصلًا تعلم كم ارتكب هذا النظام من مجازر.
الرقم الوحيد للتواصل كان رقم فداء (فداء السيد)، وكانت أغلب التواصلات (الصلات) والرسائل والاتصالات تأتي لفداء، وفي يوم 14 أغلب الذين كانوا يتواصلون معنا هم معارضون سوريون موجودون في الخارج من دون أن يكون لهم خلفية؛ مجرد أشخاص غير منتمين لأحزاب أو تيارات أو هيئات، والمتفاعلون في تلك الأيام مثل: نجاتي طيارة ومأمون الحمصي الذي عرض مقطع فيديو حث الناس فيه على التظاهر، فالمحاولات كلها كانت فردية، الدول والمعارضة الكلاسيكية المعروفة عند السوريين نهائيًّا لم يتم التواصل معنا، ولم يسألنا أحد: من أنتم؟ فلذلك كان العمل يتقدم سوريًا سوريًا بدون تدخل سواء كان دوليًا أو من تيارات أو أحزاب من الممكن أن تكون معارضة في يوم من الأيام للنظام، ولكن هناك أشخاصًا معارضين وموجودين ومعروفين في السابق وكانوا متفاعلين مع الصفحة، ولكنهم ينتظرون الحدث: هل سيقوم أم لا؟
أنا أقول: إنَّ التفاعل لأهالي حوران كان واضحًا جدًّا على صفحة "الثورة السورية"، وهناك أشخاص كشفوا عن أسمائهم، وهناك شخصيات تكلمت عما يحدث، والداخل السوري طنجرة (حُلة) ضغط مغلقة صعب الكلام عنه، ولكن الصفحة كانت متنفسًا، وبدأت تتسرب الأخبار أنَّ أطفال درعا أصبحوا معتقلين وهناك تهديد من قبل الأمن والأمن العسكري والسياسي، وبدأت تنتقل الأخبار، ولكن لم يكن هناك تواصل مع الصفحة بحيث يكون التركيز عليهم، ولكننا كنا نتفاعل مع الذي يحدث؛ لأن الغليان بدأ في الداخل السوري في 3 نقاط ذكرناها: تجمع الناس في الحريقة، والتجمع أمام السفارة الليبية، ومحاولة التجمع أمام السفارة المصرية وكلها قمعها النظام، ودخول شخصيات على الخط وهي شخصيات معارضة من الداخل والخارج، هذه هي السمة السائدة في تلك الأيام على الصفحة، والنقاشات كانت أكثر من حجم التعليمات، وكان حجم التعليقات والمشاركة بين السوريين أكبر بكثير من حجم النشر الذي كنا ننشره، ولم يكن لدينا مواد حقيقية كي ننشرها غير الأحداث التي تحدث أو التفاعلات التي كنا نستشعر بها التي تحدث في درعا أو دمشق وهذا ما يتناقش به السوريون.
السؤال الذي كان يُطرح وأكثر سؤال يأتي إلى الصفحة، والناس يتداولونه هو: محاولة كسب الثقة لهذه الصفحة؛ لأن حجم النظام كان يحكي عن مؤامرة وتدخل إسرائيلي وينسج في خيال الناس كيف أنّ كل ما يحدث في الدول العربية أو من الممكن أن يحدث في سورية هو عبارة عن مؤامرة تستهدف سورية، والسؤال الذين كان [يُطرح] أول ما يدخل الشخص ولا يكون متابعًا التعليقات، وحتى إننا في يوم من الأيام كل الشعب السوري سأل نفسه: هل هذه الصفحة وراءها دول أو صهيونية تحركها أو جهات تمولها؟ أو من كان المحرض لقيام هذه الثورة؟ كلنا نعرف أنَّ أكثر من حرَّض السوريين على خروج الثورة هو النظام نفسه وهو النظام الذي حرَّض وهو من سعى لتقوم الثورة، ولكن كان على ثقة [أن] حافظ الأسد مازال يحكم دمشق والرعب مازال موجودًا، والنظام لم يرَ ما يحدث، ولم يتابع كيف جرت أحداث الثورة المصرية وكيف انتفض الشعب، ولم يرَ أنَّ القذافي لا يقل عنه إجرامًا ولا يقل عنه..، وقبضته الأمنية لا تختلف عن قبضة النظام.
التفاعل الذي حدث كان هناك سقوط طيار سوري في ليبيا كان يقصف المدنيين، هذا بصراحة أشعل بداخل السوريين ألمًا كبيرًا أنَّه كيف تسقط طيارة كانت تقصف الشعب الليبي وكان يقودها طيار سوري مع الأسف؟! وهذا ترك بصمة أنَّه هل يمكن النظام السوري الذي يقصف ليبيا [أن] تخرج الطائرات في يوم من الأيام وتقصف دمشق أو حلب أو أو ...، السوريون لم يكونوا يرغبون بالرد على هذا السؤال نهائيًا، لا أحد كان يريد أن يفكر بهذه الطريقة، كنا نرغب بأن نفكر كيف يمكن أن نغير؟ وكيف يمكننا في البداية أن نشعل شرارة هذه الثورة؟ هذا أولًا وبعد ذلك نذهب إلى الأحداث، نحن كمجموعة النقاشات التي كانت تدور بين بعضنا كمسؤولين عن هذه الصفحة أو كمشرفين ننشر ونسبر رأي العالم والناس الموجودين ونرى ما الذي يتكلمون به، كان البعض منا لديه إحساس أنَّ هذا النظام سفاح لا يمكن أن يدع مظاهرات تخرج، وكان البعض يستخف من النشر الذي ننشره فهل من المعقول أن ننزل إلى المظاهرة ونأخذ معنا بطارية وعلبة سفن آب (مشروبات غازية)؟ وإذا ضربونا بـ[الغاز] المسيل للدموع [هل] نستعمل كمامة أم إن النظام سينزل فورًا وسيطلق النار؟ وقسم من الناس كانت تقول: مستحيل هذا الكلام [أن] يحدث في هذا العصر والزمن وفي عصر صفحات التواصل والذي رأيناه شجع الناس وخصوصًا حين خرج، وقال ذلك الرجل: بن علي هرب، كانت لحظة فارقة عند السوريين، كانوا يتمنون أن يسمعوا تلك الكلمة.
وكانوا يقولون هناك حالتان: إما بشار الأسد سيكون أكبر داعم لهذه الثورة؛ لأن كل الناس الموجودين لا أحد منهم مؤمن بإسقاط سورية، وكلنا كنا نريد الإصلاح والحرية والشعب السوري يعيش بكرامة وكانت أهداف الثورة هي الكرامة فقط.
مع تفاعل السوريين والكميات الكبيرة التي بدأت تدخل إلى الصفحة نحن كمجموعة ننشر على صفحة الثورة كان لدينا مجموعة حتى نتناقش: ما هي المواد التي يمكن نشرها؟ وما هي الأمور التي يمكن أن نبتعد عنها؟ وما هو الوضع حاليًا على الصفحة؟ وإلى أين يتجه مزاج الناس، على "الفيسبوك" نفسه كنا قد أنشأنا غرفة دردشة ثانية كان اسمها "الثورة السورية عاجل"، وكنا نضع فيها الأخبار عندما يكون لدينا عاجل أو حدث مهم لنلفت نظر بعضنا؛ لأنَّنا لسنا كلنا نكون في نفس التوقيت، فهناك من [يعمل في] الليل وهناك [من يعمل] في النهار، فهناك مجموعات متفرغة، وهناك أشخاص لديهم عمل، وهناك أشخاص يأتون في النهار، وهناك أشخاص يأتون بعد الظهر، وهناك أشخاص يأتون في الليل فنترك الملاحظات لبعضنا، وهذا صعب لأنه صار هناك عشرات آلاف التعليقات يوميًا وعشرات آلاف التهديدات يوميًّا، وعشرات محاولات الاختراق وخصوصًا التهديد المباشر بالقتل، هذه كانت أكبر هاجس عند الناس، والنظام بدأ يشعر أنَّه يجب أن يفعل شيئًا، ويجب أن يغلق الصفحة، ويجب أن نشكك بهذه الصفحة، والنظام يستخدم أسلوبه في المؤامرة والصهيونية والمعاداة لإسرائيل وهذه الشعارات التي عاش عليها لسنوات وأيام.
أنا لا أستطيع إعطاءك أسماء، وأقول لك: فلان أو فلانة كانت تنشر لأنَّني ليس لدي الصلاحية، فهناك أشخاص موجودون في الداخل لا يزالون، وهناك أشخاص اعتقلوا، وهناك أشخاص ماتوا، وهناك ناس موجودون في الأردن، وهناك ناس موجودون الآن في تركيا، وهناك ناس موجودون في مصر، أستطيع أن أعطِي أسماءهم الوهمية، ولكن لن يستفيد شيئًا.
بقيت مستيقظًا للساعة 04:00 فجرًا، وأنا أقول: [هل] يخرجون أم من المستحيل ذلك؟ وبقي النقاش لوجه الصبح (أول النهار) وقلنا: انتهى الأمر حُسِمت واتفقنا، لا تناقشوا في هذا الموضوع، خلص اتفقنا، وأغلقت الكومبيوتر (الحاسب) الساعة 04:30 صباحًا، وقلت: أريد أن أرتاح من حجم التفاعل والنقاش الذي كان قويًّا جدًا جدًا بصراحة، وآلاف الآراء كانت تُناقش، والعالم والناس كلهم منتظرون [ويقولون ]: هل صحيح أنه بعد أقل من 12 ساعة ستشتعل شرارة الثورة، كان حجم الوطنية كبيرًا للغاية.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2021/10/08
الموضوع الرئیس
البدايات الأولى للثورة السوريةالتعامل الأمني والعسكري لنظام الأسدكود الشهادة
SMI/OH/50-03/
أجرى المقابلة
عبد الرحمن الحاج
مكان المقابلة
الدوحة
التصنيف
مدني
المجال الزمني
03 / 2011
updatedAt
2024/12/16
المنطقة الجغرافية
محافظة دمشق-الحميديةمحافظة دمشق-مدينة دمشقشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
فرع الأمن العسكري في درعا 245
صفحة الثورة السورية ضد بشار الأسد - شبكة الثورة السورية
الجيش السوري الالكتروني - النظام
قناة الجزيرة
قناة ال BBC
فرع الأمن السياسي في درعا