الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

تشييع الشهداء الأوائل في درعا

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:26:53:16

نحن في يوم 19 آذار/ مارس [2011 - المحرر]، والحدث المُسيطِر هو تشييع الشهيدين محمود جوابرة

وحسام عياش، وكان هناك اثنان، قيل إنهما استشهدا، وتبين أنهما جرحى وكانا جرحى وبعد ذلك

استُشهد واحد منهما أو استشهدا معًا، وموضوع رستم [غزالة] والبلدية والوفد، سأتكلم عنهم تفصيلًا

والرسائل من المحافظ وفروع الأمن في المحافظة، أنَّ الدفن سيكون عائليًا وكل عائلة بعائلتها، لا نريد

تشييعًا ولا أحد يأتي وإذا فعلتم عكس ذلك ستقومون بتصعيد خطير ونحن جاهزون لهذا التصعيد،

واللغة تهديدية. 

والناس تنتظر هذا التشييع والحدث بفارغ الصبر، وكانت الخشية أن تحصل عمليات احتواء لهذا

الحراك دون تحقيق مطالب جوهرية بالموضوع. ومنذ الصباح الباكر كنا نتابع الشروط التي يضعها

النظام ونحاول أن نكيّف أنفسنا حتى لا نستمع لتلك الشروط، والناس في المحطة (درعا المحطة) تجهّز

نفسها لتذهب [إلى] المظاهرة لتشارك في التشييع، والناس في البلد يجهّزون الشهداء من أجل التشييع

وبعض الزملاء الذين ذهبوا باكرًا استطاعوا أن يصِلوا إلى درعا البلد، وفي ذلك الوقت لم يكن هناك

حديث عن صعوبة الوصول إلى الآن، فالمنطقة واحدة والشوارع مفتوحة وليس هناك شيء أبدًا. 

وانتظرنا ونحن نتابع الشروط التي يضعها النظام وانتظرنا حتى تجمّع عدد جيد في الشارع الرئيسي

الموجود أمام البلدية، من زاوية نادي الضباط ويمرّ من أمام البلدية والسرايا للزاوية الشرقية حتى يلفّ

من جانب [مركز] السيرياتيل، والعدد كان كل ساعة يزيد والأعداد إلى الآن ليست متجمهرة وعلى كل

زاوية عبارة عن عقود (مجموعات) خمسة سبعة ثمانية عشر [شخصًا] ونحن عارفون [أن] كلّهم

ينتظرون ونحن في 19 من شهر آذار/ مارس، وفي تلك اللحظة وأنا أتحدث عن نفسي شخصيًا لم

أستطع التوصل إلى خيوط التنظيم، وواضح أنَّ الذين خرجوا في [مسجد] الحمزة والعباس والمرة

الماضية تكلمنا عنهم ومنهم أحمد مسالمة وعلي مسالمة وأبو حسن زطيمة وزياد زطيمة، وهؤلاء

خرجوا في الصيحة الأولى ولكن كيف يحصل التنظيم؟ حقيقة لم يكن هناك تنظيم وهذه من سمات الهبّة

(الانتفاضة) الحورانية والتي صارت بعد ذلك ثورة محلية وبعد ذلك أصبحت ثورة على مستوى

سورية، وهي من ميّزات تلك الثورة، وبعدما اقتربنا من وقت التشييع وأنه يجب أن نذهب للمشاركة

بالتشييع، هنا الناس نزلت إلى الشارع والشباب لديهم اللافتات موجودة وهي تركّز على الحرية وشعار:

"لله سورية حرية وبس"، وصار لدينا شهداء ودخلت قيمة الشهادة حديثًا بالمطالب وتم كتابة [شعار]:

"الذي يقتل شعبه خائن" وهذا الموضوع مقصود لأنَّ الناس لم تكن تتوقع أن النظام يتعامل بتلك

الطريقة والوحشية مع المظاهرات، ثانيًا تثبيت مبدأ أننا صرنا أمام خونة وهذا جرّنا إلى المحاسبة،

وخرجت شعارات المحاسبة مجددًا ومن ثم ظهرت خلال التشييع النداءات التي تدعو إلى ثورة ضد

الظالم والعدوان [مثل]: "ثوري ثوري يا حوران ضد الظالم والعدوان"، و: "الله سورية حرية وبس"

"لا إله إلا الله والشهيد حبيب الله" و: "يا جنة افتحي أبوابك لتستقبلي فلانًا وفلانًا"، وهكذا مشينا من

هذا الشارع من أمام البلدية شرقًا ولم يعد أحد يقف على الزاوية إلا المترقّب، ونزلوا إلى الشارع وأذكر

نحن الذين نزلنا ونعرف بعضنا لا نتجاوز سبعة [أشخاص]، ومشينا ورأينا بعض الشباب الذين أعرفهم

ولست مُنسّقًا معهم، وأذكر [أنه] كان هناك شاب من [بلدة] الصورة أنا رأيته في المظاهرة وهناك شاب

من بيت المصري وكان يأتي بوالدته إلى العيادة ورأيته في المظاهرة وهذا الشاب [من] الصورة لا

يعمل في درعا، وهو أتى قصدًا من أجل هذا الموضوع، ومشينا ووصلنا ساحة السرايا ولم يكن هناك

شيء طالما نحن نسير.

حين تجمّعنا مع تقاطع شارع العيادة التي أنا فيها مع الشارع الموجود أمام البلدية ويصل إلى سيرياتيل

شرقًا وإلى زاوية نادي الضباط الدوار لمشفى الشفاء غربًا، وحين تجمّعنا هنا صراحة لم أكن متخيّلًا

أنَّه يوجد أحد سينجح في أن يقوم بمظاهرة، وحين صرنا في نصف الشارع، هذا حقيقةً شعور يسبقه

شعور واحد حين ذهبت إلى العُمرة وأول مرة أرى بيت الله الحرام، يوجد شعور غريب انسلّ في الجسد

كله، والشخص لا يستطيع أن يقف وركبتاه غير قادرتين أن تكون مبسوطتين، فعمليًا سوف تنثني وتقع،

وهذا الشعور فقط يسبق الشعور الذي شعرنا به حين أصبحنا في منتصف الشارع وصار يوجد مظاهرة

ويوجد ذهول ويوجد أحد يشارك أو لا، والناس كلها تقريبًا نزلت إلى نصف الشارع والذين جانب

الطريق كم واحد (شخصًا) وبقوا، وقسم منهم كان يلتقط الصور وحين مشينا كنا مرتبكين ومشينا بضعة

أمتار وبسعادة عارمة وأننا في الشارع نتظاهر ونتظاهر من أجل تشييع، ولكن المهم أننا نتظاهر

وهؤلاء الشهداء والدماء التي سقطت على الشوارع هذه لها ثمن كبير يجب أن نعطي لها قيمة، وثانيًا

نحن نتظاهر من أجل حقوق طبيعية نريدها، وكان الاتفاق بيننا أن الهتاف بيننا أننا سنهتف من أجل فقط

أمور محددة، الأول: الحرية،"لله سورية حرية وبس"، وأنا لو سألتني: ما هو أول هتاف قلته؟ فهو:

"الله سورية حرية وبس"، وبمعنى فقط، لا يوجد ديكتاتور، لا يوجد بشار الأسد، ولا حافظ الأسد ولا

الخالد، بل يوجد البائد، ولا يوجد حزب البعث ويوجد الله ويوجد سورية التي تجمعنا جميعًا، نريد

حريتنا وهذا حقنا الطبيعي ولا نسمح لأحد أن يدنّسه أو يقترب منه، وبعدها الحرية، وكان الشباب

يقولون:"حرية حرية"، وهذا الشعار الأول، والثاني لدينا شهداء ونهتف بهم فكان [الهتاف]: "لا إله إلا

الله والشهيد حبيب الله"، و:"للي بيقتل شعبو خاين" و: "م الشهداء ما بينباع"، ولأننا بدأنا نسمع عن

مطالب وهذا الدم ليس بالبيع، والقضية الثالثة أن نستصرخ البقية، وطبعًا في ذلك الوقت كان المقصود

بالبقية في الدرجة الأولى أن تهبّ كل حوران هبّة واحدة، وحتى في الهتاف الذي هتفوه الشباب في

الجامع العمري وبدون تنسيق ولم يكن هناك شيء بهذا الهتاف في الجامع العمري وذلك بعد أن أخرجوا

جنازة الشهيدين وكانوا يقولون: "فزعة فزعة" و: "قولوا الله قولوا الله هي حوران مو حيلّا" "قولوا

الله قولوا الله هي درعا مو حيلّا" (ليست شيئًا رخيصًا)، ثم تدريجيًا:"قولوا الله قولوا الله هي سورية مو

حيلّا"، و"ثوري ثوري يا حوران"، وبمعنى: أنجدونا يا [أهل] حوران، وبمعنى انطلقت الشرارة يا

حوران لا نجعلها تموت، وثم: "وري ثوري سورية". 

بمظاهرة التشييع وفي تلك المظاهرة كان أول مرة يُهتف بإسقاط النظام في المظاهرة، في أول خروجها

هتف قسم من المتظاهرين: "الشعب يريد إسقاط النظام"، وفورًا أتى أحد وضبطَ الإيقاع مجددًا وقال:

"الشعب يريد إسقاط المحافظ"، وبمعنى: نحن لا نريد أن نصل لذلك المستوى على الأقل مباشرةً،

والنظام السوري والدولة السورية لو تعاملوا بشكل سلمي ويطالبون بمطالب مشروعة ووقف أمام

المخطئين سواء المحافظ أو عاطف نجيب ووقف أمام الجرائم التي ارتكبها الأمن، الذين أطلقوا مباشرة

الرصاص الحي، كان كلنا حافظنا على سورية وعملنا الإصلاحات المطلوبة ووصلنا إلى الهدف الذي

نريده، ولكن النظام هذا لا يفهمه أبدًا. 

وأكملنا في تلك الشعارات: الحرية والشهادة والثورة، والموضوع صار ثورة ونحن ثورة مثل تونس

ومصر ولا نختلف عنهم بشيء، والموضوع ليس مطالب عادية، بل مطالب ثورية وهي كلها محقّة ولا

يستطيع أحد أن ينكرها علينا وحتى الدستور لهذا النظام المجرم يتكلم عن كثير منها، ومثال حق

التجمهر والتظاهر السلمي، ويوجد مادة [في الدستور - المحرر] أعتقد الـ 38 تتكلم عن هذا الموضوع،

وفي القانون نحن مسموح [لنا] المطالبة بالحرية والكرامة والديمقراطية وفي القانون.. مكتوب: لماذا لا

تطلقون سراح أطفالنا والمعتقلين؟ وبالقانون كل مطالبنا موجودة، ومشينا تلك الخصرة (المسافة)

الصغيرة، وبعد ذلك لفّينا (مررنا) من جانب السرايا، أما الوجهة وهي قبلتنا في تلك اللحظة إضافة إلى

قبلتنا الدينية المعروفة، هي الوصول إلى الجامع العمري وأن نشارك بالخط الثالث بالتشييع، ونحن

نمشي أنا والشباب وأمامنا صفّان ومرة نهتف إلى الأمام - وكانت أيامًا جميلة - ومرّة نهتف إلى الخلف

ونهتف على شكل حلقة على شكل دائرة، وأغلبهم من فتيان الـ 17 و19 و18 سنة يهبّون ونحن نهبّ

وراءهم، ونريد مشاركة من الجميع ولا نريد الهتافات [أن] تخرج عن النسق، ونريد أن يكون الحد

الأدنى تنظيمًا بمبادرات فردية ولم يكن هناك تنظيم وكان في تلك اللفّة (الجولة) نرى الأعداد معنا،

ورأينا الأعداد تزيد في كل لفّة (جولة) وكان مختلطًا من كل الفئات والشرائح. 

والشباب الذين أمامنا يقولون: هؤلاء أمن، وحين لففنا (استدرنا) ونظرنا رأينا خليّة من الأمن، اللون

لهم أسود -وقبّحهم الله- ويقفون على جانبي الطريق من هنا وهنا، ويوجد منهم أيضًا [عناصر] في

النصف، وهم عمليًا قد صنعوا حاجزًا بشريًا يسدّ [الطريق] ولم نصل إليه بعد، وبعيدون عنا، أعتقد إذا

كانت ذاكرتي تسعفني 150 مترًا، ونحن نمشي ونحن ننظر لهم في أيديهم هراوات ومعهم الواقي

الوجهي الذي يحملونه ومدجّجون بالسلاح، وفي نفس الوقت واحد من الشباب صاح: قال شوف (انظر)

يوجد أحد على السطح، وحين نظرنا أعتقد [أنه] كان هناك خزّان وأمر مرتفعة، وهي بناء أو خزّان

وعليها شخصان.

عدتُ إلى موضوع المظاهرات والشخص يحسّ [أنه] يوجد غصّة وشعور مختلف، وكانت الثورة في

تلك الأيام مختلفة في كل المعايير والناس خارجة من تلقاء نفسها، هذا واحد (أولًا)، وثانيًا تنظرين من

كل الطبقات فيها شباب فتوة وأطباء ومهندسون ومعلّمون ولديّ زبائن لي في العيادة ورأيتهم وأخذنا

نحيّي بعضنا في تلك المظاهرة، ولا تتخيّلي الشعور أنَّ تلك الدولة التي عشنا فيها على تمجيد وصنعوا

من أنفسهم آلهة، وكل شيء ثابت حولنا. ولي قصة سأستحضرها، في يوم من الأيام، أتى أحد أقاربي

من السعودية وهو مهندس مدني وهو أنهى كلّيته وسافر، وهو كان قد غادر البلد وسافر خمس سنوات

لم يأتِ، وكان الرجل يريد أن يعمل ويجني المال ويدفع البدل (بدل التجنيد الإجباري) ويجمع ثمنه

ويجمع قرشين يؤسس [بها] حياته بها، وأول ما أتى يتفاجأ بأنه ممنوع من السفر، فتبيّن أن عليه قضية

إدارية في القضاء الإداري وأنَّ الدولة لها عليه مصاري (نقودًا) ولماذا عليه مصاري؟ وهذا الرجل كان

دارسًا وأثناء الجامعة ملتزم مع الدولة بعد أن ينتهي من الدراسة [أن] يعمل مع الدولة لفترة وهو كان

مسافرًا قبل تلك الفترة، وفي تلك الأثناء رفعت عليه الدولة (دعوى) وهو حق للدولة وهو لا يعرف،

والمهمّ تعسّرت الدنيا بوجهه، ومرة من المرات قال -واستأجر بيتًا قريبًا على البيت الذي أسكن به،

وقال: الصبح متى خارج إلى المستشفى؟ قلت صباحًا [الساعة] 7:30 أو ثمانية، وقال: جيد، أنا أريد أن

أخرج معك إلى مديرية الخدمات الفنية وأريد أن أزور أصدقائي، وهذه الزيارة صارت بعد موضوع

سفره، وأتى بعد خمس سنوات ورجع ممنوعًا من السفر واتفق مع محامٍ ودفع المال وسافر ورجع بعد

فترة وقال: سأذهب أزورهم، وراح معي في السيارة وأنزلته أمام إدارة الخدمات الفنية وذهبت إلى

المشفى، و[بعد] دقائق اتصل بي وقال: دكتور مشان الله (لأجل الله) إذا كنت قريبًا مرّ لأذهب معك،

وقلت: أنا على طريق المشفى سأرجع لك، وأخذته وخبط باب السيارة خبطًا (أغلقه بعنف) حين صعد

وقال: يا زلمة (يا رجل) ما هذا؟ وقلت: خير؟ لم تدخل بعد وترى أصحابك القدامى، قال: لا لا أريد أن

أراهم في الخارج، وقال: كل العالم تطوّر وارتقى وتحضّر إلا نحن، ما زلنا على حالنا، وقلت: خير ما

الخبر؟ وقال: هذا البناء مثلما غادرتُه، وقال: دخلت وغرفة مراقب الدوام على اليمين مثلًا وفيها المدفأة

وعليها وسخ وسجائر وأول ما دخلت اللون الرمادي نفسه على الحيطان (الجدران) والتحفيرات

والتشطيبات نفسها والمدفأة وصحن السجائر نفسه، ويا دكتور أقسم بالله أصابني اكتئاب وتذكرت الفقر

وأيامه في الدولة وخرجت، ويا أخي تغيير الدِّهان هل يحتاج إلى عبقرية؟ والمدفأة مركّبة والدنيا

صيف، وهي مركّبة لتبقى دائمًا وصحن السجائر، وهذه الدولة ثابتة على الظلم والفساد والعبودية، والله

العظيم لا يشعر الناس بانتماء لتلك الدولة. 

وقصة أخرى [حصلت] في [عام] 2006، فتحت مركزًا طبّيًا اسمه مركز الرحمن، وفتحت عيادة فخمة

في درعا عيادة قلبية مجهّزة في درعا، وفيها [جهاز] إيكو دوبلر ملوّن من أحدث أنواع الأجهزة،

وجهاز هولتر واختبار جهد قلبي، أحدث أنواع الأجهزة، وجبت (أحضرت) عيادة كلفتني ما بين 8 و9

ملايين ليرة، وجهاز دوبلر الملون جهاز فرنسي وكان نازلًا جديدًا وهي أجهزة ضخمة، جهاز وطويل

على عربة وكانت تلك الشركة الفرنسية منزلة (أصدرت) جهاز إل سي دي وأنا أول مرة أراه وجديد

نازل على البلد، فجهاز دوبلر أنيق محترم وعربة قسمان أبيض وسماوي وأزرق والشاشة رقيقة، وبعد

ما نفحص المريض نسكرها (نغلقها) وأمر حضاري، وهذا الجهاز كان الفرنسيون يعرضونه بـ 3,2

مليون ليرة فذهبت، وأنا أعتبر نفسي شاطر (ماهر) بالمفاصلة والمكاسرة (محاولة تنزيل السعر)، أول

مرة وثاني مرة وأخذونا وقتها إذا ما خاب ظني إلى عيادة الدكتور عبد الملك كزبري في دمشق، وقالوا:

عرضنا الجهاز عند الدكتور عبد الملك ورأينا الجهاز وكان مرتّبًا وأنا في المُكاسرة (المُفاصلة) أخذته

بمليون و700 ألف، جزء منه شطارة (مهارة) وجزء منه لا، بل الشركة لديها رغبة أن ترسل جهازًا

رسولًا إلى المحافظة أول مرة، وعسى ولعل ترى المحافظة الجهاز ويشتري الأطباء ذلك الجهاز،

فكانت رغبة مشتركة والشركة تريد دعاية وأنا استفدت بأن أخذته بسعر خرافي وأخذته حتى بأقساط،

وبعد ذلك يأتي مدير المشفى وعملوا لجنة مشتريات ووضعوا اسمي رئيسها، وأنا لا أحب تلك الأمور

ولا أريدها والمشتريات دائمًا عليها إشارة استفهام (شكوك)، وقال: دكتور سمعت من الشباب أنك أتيت

بجهاز متطور وبسعر خيالي وقلنا نريد أن تستعمل خبرتك [في] المصلحة العامّة، وقلت إي (نعم) على

مضض، لست مرتاحًا، وصرنا نعمل دراسة لشراء ثلاثة أجهزة أيكو دوبلر ملوّن من تلك الشركة

للمشفى، وبعد جهد جهيد وأخذ وردّ تم شراء جهاز أو جهازين بسعر جيد، وأخبرنا الشباب في ذلك

المشفى الذي وضعنا الجهاز فيه أنَّ هذا الجهاز بحاجة عناية للاستخدام وأرجوكم في نهاية العمل

امسحوا الشاشة بالكحول وضعوه في مكانه، ولا تتركوا عليه أوساخًا، والشاشة أغلقها ربما شخص

يخبط بها ويكسرها. 

ورجعنا وبعد فترة طلب منا مدير المشفى أن تروا الأجهزة وتشيكوا عليها ورأيت الطبيب يمسك

البروب ويفحص المريضة ويضع رجله على الجهاز وأنا انزعجت وقلت: يا دكتور الجهاز جديد والله

حرام، وأنا جهازي فحصت عليه مرضى كثيرين ولا يزال جديدًا، وأنتم قد صبغتم اللون السماوي

أصبح مائلًا إلى الصفار من الدعسات، وتناقشت مع الطبيب. نحن ليس لدينا انتماء لا نشعر أنَّ الجهاز

لنا أو المشفى لنا الشارع لنا أو الكهرباء لنا والأطفال يمسكون النقيفة (المقلاع) ويضربون اللمبا

(الضوء) في الشارع، لأنَّنا ليس لدينا حرص على المشافي والدولة عاملتنا كمستعمر ومحتلّ، ولذلك

ليس لدينا حرص على الحفاظ على المشافي أو غيرها التي تقدمها لنا الدولة، هذا الانتماء لم يكن

موجودًا. 

وفي لحظة الثورة والمظاهرة شعرنا أنَّ كل هذا انكسر، واليوم سورية بالذات والمنطقة تعيش وتشمّ

هواءً جديدًا وهو هواء الحرية، وأن أقول للظالم: أنت ظالم، وللقاتل أنت قاتل، ولفرع الأمن: أنت لا

يحقّ لك أن تأتي إلي وترسل [عنصرك] إلى العيادة ويتحكم بخطابي عن الإيدز أو التدخين، وكلامي مع

المرضى، ودخل عيادتي وكم أدفع للدولة، وإذا أردت أن أشتري عقارًا، وإذا اجتمعت مع أربعة [أو]

خمسة [أشخاص] نحلّ مشكلة للبلد، تنزعج منها وتعتقلنا، وما (ليس) معقولًا تعتقل أطفالًا وإذا أتى واحد

(شخص) قال: أين ابني؟ تعتقله مع ابنه، صديقنا اعتُقل في 2007،

خطفوه من الشارع في 2011 في شهر حزيران/ يونيو طلع (خرج) من السجن في 16/ 6 بهذا العفو

الذي أخرجه المجرم عن سجناء صيدنايا في بداية الثورة. 

وهذا الشعور لا يخالطه شعور، الفرح مع التحدّي والإرادة وألم الشهداء ومع استنفار واستصراخ

الآخرين، وهذا الشعور الممزوج ولّد في الجسد شيئًا غريبًا ولم يعُد لي نفس أن أدخل العيادة وقاطعنا

العيادات، وزوجتي ذلك اليوم أسألها أقول لها: ذكّريني في بداية الثورة ما حصل [من] أحداث ممكن

الإنسان يقف عليها، وقالت: أنا لا أعرف شيئًا أذكر [أنك] تخرج الصبح ولا ترجع إلا في الليل، ولا

أعمل غداءً ولا عشاء لأنك لا تأكل في البيت، فقط كنت أسألك: نصر ماذا هناك؟ وتقول لي: لا شيء

الوضع مكركب (متوتّر) وسمعت أنا الأخبار من الآخرين، أنت لم تعُد تداوم في العيادة ولم تعد تأتي

إلى البيت وهذه هي الحقيقة وصار لدينا شيء أهمّ من بيوتنا وعياداتنا ومن الراحة، وأحيانًا أروح إلى

الجامع وحتى الجامع لم أذهب إليه ومشغولون، صار هناك حدث وهذا الحدث نعشقه، وهذه الثورة لا

تعطي مالًا كنت أنت تعطي المال، وهل من أحد يدفع المال ويفرح؟! هي الثورة والثورة هي الشيء

الوحيد الذي تدفع فيه مالًا وتفرح، والذي يذهب إلى المطعم يدفع مصاري (نقودًا) ويأكل أكلة طيبة

(لذيذة) ثم يحسب كم دفع، وفي الثورة لم نكن نحسب وكنا دائمًا [ندفع]، وهي سبيل للبذل وليس للأخذ. 

ونزلنا تلك النزلة (المظاهرة) بهذا الشعور ومشينا تلك اللفّة (المظاهرة) ورأينا الأمن وبدأ يصيح علينا

ويتكلم كلامًا بذيئًا: يا كلاب ويا حشرات والذي سيقترب سنقتله، وصياح (صراخ) ومسبّات (شتائم)

و[يصفنا بـ] الحشرات، و[يقول:] ارجعوا وممنوع تعدّوا (تكملون) وتفوتوا (تدخلون) وارجعوا أفضل

لكم، والشباب ونحن لم نردّ والشباب الذين يمشون أمامنا أكثر شجاعة منا، يمكن الإنسان حين يكون

طبيبًا قد لا يميل إلى المواجهات وكان يريد أن يحكي معهم: لماذا تمنعنا؟ ولكن لم يسمح لنا، حكوا

(تكلّموا) هذا الكلمات، ونحن نمشي والشباب أمامنا ونحن خلفهم بدؤوا بإطلاق النار ويرمون القنابل

المسيلة للدموع، وأذكر أنا أول مرة في حياتي نشمّ كحولًا أثناء العمليات في القسطرة وهي مزعجة،

ولكن أول مرة القنابل المسيلة للدموع أتت في حضن طبيب جانبي واختنقنا ورجعنا إلى الوراء

واستجمعنا قوانا من جديد وراح أثر الغاز، وحاولنا مرة ثانية ولم ننجح، ورموا ثلاث قنابل وحصل

إطلاق نار أضعاف مضاعفة وعرفنا [أن] إمكانية التجاوز غير متاحة.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2022/01/03

الموضوع الرئیس

التعامل الأمني والعسكري لنظام الأسدالحراك السلمي في درعا

كود الشهادة

SMI/OH/130-19/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

2007-2011

updatedAt

2024/07/11

المنطقة الجغرافية

محافظة درعا-محافظة درعامحافظة درعا-مدينة درعا

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

سجن صيدنايا العسكري

سجن صيدنايا العسكري

الشهادات المرتبطة