الوضع العام في جرابلس قبل تحريرها ومقدمات تشكّل الفصائل
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:20:10:18
كما ذكرتُ بعد استشهاد أحمد كنج والتشييع الهائل من أغلب أبناء المنطقة والأهالي وحتى أشخاص من منبج و(ناحية) الشيوخ كلها شاركت في الجنازة، كانت رسالة واضحة للنظام أن الثورة متشبثة بالمنطقة ومحاولة الإجرام أو قتل المتظاهرين سوف تكون نتائجها سلبية.
التواجد العسكري للنظام في المنطقة يقتصر على الأفرع الأمنية بحكم أنها منطقة حدودية ولا يوجد هناك قطع عسكرية، فالأمن استشعر الخطر وبدأت الرسائل الواضحة أنه يمكن في أية لحظة أن ينفجر الوضع أمنيًا ومع ازدياد زخم المظاهرات انكفأ الأمن على نفسه يعني أصبحت المظاهرات حدثًا أسبوعيًا، والأمن لا يتدخل وانكفأ على نفسه، والأمور أصبحت واضحة للعيان، وتغيرت بشكل واضح الأمور وأصبحت الحالة الثورية هي الطاغية على حساب الحالة المؤيدة، والمؤيدون انكفؤوا لفظيًا (ظاهريًا) ولم يكن لهم أي نشاط باستثناء التقارير الأمنية، وأصبحت اليد العليا للمعارضين والثورة وموضوع المظاهرات أصبح النقاش فيه بشكل علني، والناس بدأوا يعبرون عن أنفسهم بشكل علني بعد سنوات من الظلم والكبت.
طوال تلك الفترة لم تبدأ ملامح العمل المسلح ولم يكن هناك عمل مسلح وهذا أكبر دليل على كل ادعاءات النظام عن الثورة السورية أن الثورة هي مجموعات إرهابية ومحاولات تشويه الثورة حتى صيف 2012، وأنا على المستوى الشخصي وأنا شاهد عيان وأنا جزء، لم تكن هناك قطعة سلاح واحدة ولم يتم يعني بعد استشهاد مجموعة من الشبان لم يكن هناك تفكير في عمل مسلح على الرغم من بداية تشكيل عمل مسلح في مناطق ثانية سورية، وطبعًا كما أصبح واضحًا لكل السوريين، والناس لم يلجأوا للسلاح إلا للدفاع عن نفسهم باتجاه حملات القتل العشوائية العبثية.
في جرابلس لم يكن هناك عمل مسلح واضح للعيان إلى صيف 2012.
بالتزامن مع الحراك الذي كان يدور في جرابلس كما ذكرت بدأت موجات النزوح من المناطق المشتعلة في باقي المناطق السورية، وأذكر بالتحديد كما ذكرت منطقة السيدة زينب أن فيها عددًا لا بأس به وأنا بالنسبة لقريتي أعتقد نصف القرية موجودين في السيدة زينب ونصف في القرية، بالإضافة إلى حلب وحمص ومتوزعين في مختلف المناطق السورية، وبدأت العائلات التي تشهد مناطقها عمليات عسكرية وأمنية ضخمة للنظام بالنزوح باتجاه القرية أو المنطقة بحكم أنها منطقة لم يكن فيها عمل مسلح، وإلى حد ما لم يكن هناك تواجد عسكري للنظام، والأمن انكفأ على نفسه وبدأت في تلك الفترة بداية تشكيل خلايا وأنا لا يمكن أن أقول إنها كتائب جيش حر، ولكن عبارة عن مجموعات صغيرة من الشبان الذين كان لهم مساهمات، وطبعًا خلال هذه الفترة بعض الشبان التحقوا بكتائب الجيش الحر في دمشق وحمص وريف حلب الشمالي وفي دير الزور، وهذه الخلايا بدأت تنشط وخاصة بعد عودة جزء كبير منهم إلى جرابلس وتشكيل نُوى لفصائل الجيش الحر، وهذا الكلام حتى نكون دقيقين من شهر آذار/ مارس أو نيسان/ أبريل 2012، بدأ يظهر كلام ولا نعرف من هم الشباب وأنا أعرف بحكم علاقتي القريبة أعرف بعض الأسماء ولكن لم يتم إخباري ببقية الشباب، وأنا أعرف المقربين مني، فكان الامر بمنتهى السرية وكانوا ملثمين خلال القيام بالعمليات، ولكن لم تكن الأمور على شكل تنظيم مسلح ولكن هذه الخلايا كانت مرتبطة كما ذكرت بكتائب الجيش الحر التي شد عودها في المناطق الثانية من سورية.
هنا أود أن أذكر مجموعة من الأمور.
مع اشتداد عود هذه التشكيلات أصبح هناك محاولات لإيصال رسالة لبعض المؤيدين أن أية محاولة للعبث بأمن واستقرار المنطقة ومحاولة أذية شبان الثورة سوف يكون العقاب جاهزًا وأذكر إحدى المحاولات لأحد الأشخاص، وأنا معلوماتي عن الرجل محدودة، ولكن كان هناك كلام أنه يرسل تقاريرَ أمنية للنظام وأنا شاهد عيان على هذه القصة ونحن كنا في صيف 2012، وفي الريف أغلب الناس ينامون على الأسطح نتيجة الحر في الصيف، وقبل ساعات الفجر الساعه 3:00 أو 4:00 صباحًا تم اقتحام منزله واقتياده مع إطلاق بعض العيارات النارية في الهواء، وطلبوا منه، وهم كان معهم سيارة ويتم اقتياده، وبدأ الترجي والسؤال ما هي تهمتي، فقالوا له: نحن لدينا معلومات أنك تكتب تقارير بالشبان المتظاهرين وهذا عبارة عن تنبيه، وقالوا سنطلق سراحك ولكن هذا عبارة عن تنبيه، وتأكيدًا على أنه وصلتك الرسالة بشكل واضح، وفي الأسبوع القادم ستكون أول المتظاهرين وتجلب علم الثورة وتكون أول المتظاهرين، وفعلًا في الجمعة اللاحقة كان هذا المتهم بكتابة التقارير الأمنية أول المتظاهرين ويرفع علم الثورة ويهتف للثورة، وهذه إحدى الطرائف التي كنت شاهد عيان عليها.
كانت هناك عمليات محدودة يعني كان يوجد مفرزة للجيش الشعبي على جسر جرابلس عين العرب أو جرابلس الشيوخ، وهم عبارة عن عساكر جيش شعبي، وتم تهديدهم أننا نريد سلاحكم، وطبعًا كان السلاح محدودًا جدًا، وتم اعتقالهم وأخذ سلاحهم وإطلاق سراحهم ولم يتم الاعتداء عليهم أو حتى اعتقالهم، وهم يعرفون أنهم عبارة عن عساكر مغلوب على أمرهم.
بالتزامن مع فرض مواكبة الثورة من خلال الإضرابات كان واضحًا مساهمة هؤلاء الشبان في فرض إيقاع الثورة يعني مثلًا كان يتم توزيع المنشورات أنه في الأسبوع القادم يوجد إضراب، وكان الناس يلتزمون بهذا الموضوع، وتهديد الأمن لأية محاولة اقتراب من المتظاهرين أنه سوف يتم الرد عليهم، واستمرت هذه الفترة حتى شهر تموز.
أحد أهم القادة الميدانيين أو الشبان هو شاب يدعى سامي المصري، وهو خاض معارك وهو معروف وكان له مساهمات في دير الزور كما توجه في وقت لاحق إلى الريف الشمالي، وكان على تنسيق كامل مع فصائل الجيش الحر وبالتحديد مع مجموعات مارع التي بدأت تظهر وتنشط، وبالتحديد في بداية بزوغ نجم الشهيد عبد القادر الصالح كقائد ميداني أساسي في الريف الشمالي.
خلال هذه الفترة طُلب من المجموعات كما روى لي سامي عدم الإقدام على أي عمل عسكري مباشر وفتح جبهات كما كانت موجودة في الريف الشمالي والسبب أنه لم تكن الإمكانات العسكرية تسمح بفتح جبهة جديدة في الريف الشرقي لأن أية محاولة للقيام بعمل عسكري ستفتح كل الجبهات، وهذا ما حصل لاحقًا عندما فتحت جبهة جرابلس، فتحت جبهة منبج واشتعل كل الريف الشرقي دفعة واحدة، وطوال هذه المدة كما ذكرت من شهر نيسان/ أبريل حتى تموز/ يوليو كانت العمليات ضمن إطار منع أو تهديد أفرع الأمن من الاقتراب من المتظاهرين وتهديد الشبيحة من الاقتراب من المتظاهرين، وكانت فترة أنا برأيي كانت من أجمل الفترات والناس عبروا عن أنفسهم لأول مرة بعد 50 سنة من الكبت عبروا عن أنفسهم بشكل حقيقي، ولكن بدأت تظهر الفروقات على المستوى السياسي والتوجه الإسلامي في الحقيقة، بدأ من خلال الضخ الإعلامي، وواكب انطلاق الثورة السورية والدفع باتجاه أسلمة الثورة وطبعًا ريف جرابلس وكل ريف حلب عبارة عن مسلمين ونحن ولسنا من طوائف ثانية وليس عندنا مشكلة طائفية ولكن بدأت تظهر ملامح التكتلات وكانت الكتلة الإسلامية هي الكتلة المرجحة، وحتى جزء كبير من الشبان ذوو التوجه المدني بدأوا الانزياح أو الدخول ضمن هذه الحالة، وربما ليس عن قناعة ولكن هي عبارة عن موجة وهي الموجة الأكبر، وظهرت هنا فوارق واضحة وأنا أعتقد أنها كانت بداية تفسخ الكتلة الواحدة، وقبل تلك الفترة كان الموضوع يناقش على فكرة واحدة أنه مع الثورة أو ضد الثورة، ولكن في مراحل لاحقة بدأت الفوارق، وأنا ذكرت في بدايه الثورة أننا كنا نجتمع كلنا مع بعضنا ولكن هم أصبحت اجتماعاتهم خاصة واجتماعاتنا خاصة، وأنا أذكر بشكل أساسي عندما كان زملائي في البدايات محمد والدكتور هيثم، وهيثم كان يتردد بين الحالتين، وطبعًا بدأ التوجه باتجاه، وبدأ يبزغ نجم الشيخ أحمد وهو موقفه كان مع الثورة في البداية وأخوه شهيد؛ الشهيد أحمد الكنج ابن خالته أو ابن عمته، وهو له حظوة عند الناس وهو إمام الجامع الكبير، الشيخ أحمد هو إمام جامع جرابلس، وبدأت تتشكل هذه النواة وتلتف حول الشيخ أحمد ونحن لم يكن لدينا نواة تتشكل، وبالإضافة بدأ يتسرب الكثير من شبابنا وكوادرنا، وكانوا يميلون إليهم لأنهم الكتلة الأكبر ولم يكن يوجد فكرة للانشقاق، وفي النهاية نحن ثورة ولكن هم كان لديهم الموضوع أساسيًا يعني من يشبهونهم بالتوجه.
الموضوع عبارة عن نشاطات فردية من الشباب الصغار، والموضوع أصبح عفويًا ويوميًا وأسبوعيًا ولا يحتاج الأمر إلى تجهيز، وأنت تعرف أنه في يوم الجمعة يوجد مظاهرة، وإذا أنت علمت أو لم تعلم، والتصوير كان من الشبان من خلال الهواتف، والبث يعني لم يكن يوجد هذا التنسيق يعني لم يعد هناك حاجة لهذا التنسيق، والحقيقة بدأ التوجه أن المظاهرات كانت حدثًا يوميًا ولم تعد ترضي رغبة الثوار وخاصة مع بداية انطلاق العمليات العسكرية، وهذا أصبح لدى كل السوريين وبما فيها منطقة جرابلس أن هذا النظام لن يسقط إلا بالقوة والعمل العسكري.
كانوا منكفئين على أنفسهم ولا يتدخلون في المراحل الأخيرة نهائيًا ولا يستطيعون الاقتراب من أحد، يعني المنطقة قبل ثلاثة أشهر من تحريرها هي محررة فعليًا ولكن مع وجود الأفرع الأمنية يعني لم يكن يوجد محاولة اعتقال أو غيرها، يعني في إحدى المظاهرات كانت تتوجه باتجاه منطقة الدوائر الحكومية، ويذهبون ويهتفون أمامهم ويعودون وكانوا يطلبون منهم فقط الابتعاد، وفي الفترة الأخيرة لم يقتربوا من أحد أو يضربوا أحدًا، وكما ذكرت الأمن كان لديه معلومات حقيقية أن الناس بدأوا يتسلحون وأية محاولة للقيام بأي تصرف خاطئ سيدفعون الثمن، وهذا ما حصل في مرحلة لاحقة، وجرابلس وكل المنطقة الحدودية لم يكن هناك قطع عسكرية والجيش السوري أنهك في تلك الفترة وهو كان منتشرًا في كل المدن السورية ولا يوجد قطع عسكرية حقيقية في هذه المناطق، ومحاولة إرسال قوات عسكرية سيتم ضربها على الطرقات ولا يوجد إلا المفارز الأمنية، والمفارز الأمنية عندما تشتد المعارك سيدفعون الثمن وهم يدركون هذا الشيء، وكما ذكرت لديهم معلومات كافية أن الناس بدأوا يتسلحون وقد يكون لديهم معلومات أنه: إذا تمت مهاجمتكم فلا يوجد لدينا القدرة لنرسل لكم إمدادًا أو محاولة مساعدتكم، فانكفأوا على أنفسهم بشكل رهيب، ولكن يبدو ما حصل في مرحلة لاحقة في بداية حزيران أن ضابطًا في الشرطة ارتكب حماقة واعتقد أنه قادر أن يفعل شيئًا، ومجرد أن حاول إطلاق النار على أحد الشبان أرداه قتيلًا، واشتعلت المنطقة واشتعل ريف حلب الشرقي كله بعد أول رصاصة.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2020/11/11
الموضوع الرئیس
انتشار واستمرارية الثورةكود الشهادة
SMI/OH/11-04/
أجرى المقابلة
سامر الأحمد
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
3 - 7 / 2012
updatedAt
2024/11/14
المنطقة الجغرافية
محافظة حلب-مدينة جرابلسمحافظة ريف دمشق-السيدة زينبشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
الجيش السوري الحر
الجيش العربي السوري - نظام
الجيش الشعبي - نظام