الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

نظام الأسد وسياسة التجويع والترهيب وتكميم الأفواه

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:08:57:17

وأسباب الخوف كان الناس يخافون لهذه الدرجة حتى الإنسان يضطر أن يُنكر بأنه يُصلي، أو أذكر أحد أصدقائنا وأنا كنت في هذه الفترة (في فترة الثمانينات) طفلًا يافعًا يسمع القصص من هنا وهناك وتترسخ في ذاكرته، أن أحد الشباب في ريعان شبابه أوقفته المخابرات: أنت تُصلي؟ قال لهم: أحيانًا، - لتعرف كيف كان السوري يتعامل مع أجهزة الأمن - حسنًا هل تشرب؟ - وهو لا يُحافظ على صلاته بشكل دائم ولا يتناول الخمر- أنا والله إذا جلست مع رفاقي وكانوا يشربون أشرب معهم، يعني سيظهر لهم أنه إنسان غير ملتزم ليأخذوا صورة عنه: أنا شخص غير ملتزم حتى يظل سوقه جيدًا عندهم.

 حسنًا لنسأل سؤالًا مهمًا جدًا: ما هي الدوافع عند السوريين لكي يكونوا بهذا الشكل وهذا الخوف الشديد حتى لا يتجرأ أن يدخل إلى المسجد بشكل دائم، ومن أكبر الدوافع أو من أهم الأسباب التي عملت هذا الأمر عند السوريين هي مجزرة حماة وما تصرف به النظام مع كل معارض له، والشيء الذي حصل في حماة لا يتصوره عقل، ولم تكن هناك أجهزة إعلام تنقل ما حدث في حماة، أنا كنت شابًا في 1992 في البكالوريا(الثالث الثانوي) أعمل في منطقة اسمها مشتى الحلو في ميدان البناء خلال فترة الصيف، فكان بعض العمال من حماة وصارت علاقة جيدة بيني وبينهم وتبادل أحاديث و..، وفي يوم من الأيام صباحًا استيقظنا على صوت صياد أطلق النار على كلب، فهذا الكلب مثلما يقولون بالعامية: من حلاوة الروح صار يضرب هذا الجدار وهذا الجدار و- الحارة ضيقة جدًا من مكان سكننا - ملأها كلها بالدم، فهذا الشاب الحموي يقف ويشاهد - وهو أكبر مني بكثير- وقال لي: هل ترى هذه الحارة وكم فيها من الدماء؟ قلت: نعم، ولا أعرف بماذا سيتكلم؟ قال لي: نحن شوارع حماة هكذا كانت غير الدمار، هكذا كان الدم في الطرقات الدم ملأ الطرقات تمامًا وبيوت هُدمت فوق رؤوس ساكنيها عوائل بأكملها قُتلت، حافظ الأسد ربى الشعب السوري كله بحماة، فإذا تكلمت مصيرك في السجن والقتل، ولا يوجد إنسان يتجرأ ليسأل عنك بعد أن يأخذوك: أين ذهب هذا الشخص وما مصيره؟

 فهذا الخوف وهذه القبضة الأمنية وهذه المعاملة القاسية جدًا جدًا مع أي معارض ليس معارضًا فقط بل مع من يعترض ولو بشيء بسيط جدًا أو ينتقد بشيء بسيط، كان هذا سبب الخوف الشديد نحن نُريد العيش ولا نريد شيئًا فقط نريد أن نعيش، هكذا كان مبدأ المواطن السوري في ذلك الوقت . سنًا من ناحية النظام لماذا كان النظام يتبع سياسة التخويف؟ واضح أنه كي يرسخ حكمه مثلًا، لكن بنفس الوقت تخويف ولماذا لا تكون هناك راحة اقتصادية أو رخاء وليس التجويع الذي كان موجودًا؟ والسبب في ذلك والله أعلم أن النظام كان يقصد أن يتلهى الشعب ليس بلقمة العيش بل بالحصول ولو بعد جهد جهيد على لقمة العيش، كان يروض الناس ويربي الناس على مبدأ دبر حالك(تدبر أمرك) بأي شيء ولا تنشغل بشيء غير تدبير لقمة عيشك لتأكل، المهم تذهب على المؤسسة لتنتظر أربع ساعات وأنت بعد وقوف أربع أو خمس ساعات في المؤسسة مؤسسة تموينية مؤسسة استهلاكية تعود ومعك لتران أو ثلاثة من الزيت ويكون هذا همك، أنت هذا ما يكفيك ولا دخل لك ببقية الناس، والمواطن الذي هذا همه يستيقظ قبل صلاة الصبح ليبحث عن الحصول على ربطة الخبز وحين سمع بوجود أرز أو شاي أو زيت من المؤسسة أو سكر يذهب راكضًا لكي يسبق غيره للحصول عليها ويُزاحم حتى يصل إلى هذه الأشياء، والمواطن الذي تُلهيه هذه الأشياء هل سيفطن لانتقاد نظام الحكم أو الكلام بأي شيء عن نظام الحكم؟ هذه مسألة والمسألة الثانية مثلًا: المدرس على سبيل المثال حين تجوّعه ومدرس يجب أن يكون بهيئة احترام وتقدير ووقار مثلما كان المدرسون في الستينات والسبعينات تأتي أنت تُجوّعه وتُعطيه راتبًا بسيطًا جدًا لا يكفيه قولًا واحدًا أن يأكل وأن يشرب، فهذا المدرس حتمًا سيعمل عملًا ثانيًا بعد الظهر قد يكون في محل لبيع الخضار أو سائق أو عمل آخر، وهذا الأمر يُنقص من هيبته في عيون الطلاب ويؤدي فيما بعد إلى تدمير المؤسسة التعليمية وتدمير التعليم، وحتمًا حافظ الأسد كان يسعى لبلد مدمرة من هذه الناحية حتى يسهل عليه السيطرة عليها، فمن أسباب دمار مؤسسة التعليم أو من أسباب تخويف الناس أو تجويع الناس تدمير مؤسسة التعليم على سبيل المثال.

 النقطة الثانية: عندما ترى الجمركي ويكون راتبه قليلًا جدًا وأنت تُعينه مثلًا من محافظة حماة على سبيل المثال من إدلب [أو] اللاذقية وتعينه في درعا وراتبه لا يكفيه أجرة البيت، فهذا حتمًا سيسرق من الناس الذين يدخلون على الحدود قولًا واحدًا، فهذا من باب تشجيع الفساد، وللشرطي مثلًا هو من السويداء ويُعين في حلب وراتبه لا يكفيه ليس للمواصلات لا يكفي لأجرة بيته فهذا حتمًا سيتسلط على الناس. هذه سياسة التجويع التي اتبعها حافظ الأسد دمرت التعليم نشرت الفساد بكل أشكاله وبكل أطيافه في المجتمع السوري، ضمن أجهزة القضاء، القاضي كان أحيانًا مبالغ مضحكة جدًا يأخذها ككشف على بناء أو ما إلى هنالك، فالقاضي سيفسد وسيأخذ رشاوى والجمركي فاسد إلا من رحم ربي والشرطي كذلك الأمر والضابط، وكل هؤلاء الأشخاص كل هذه الفئات فسدت فدمر البلد تمامًا، دمر العدل، دمر التعليم والأمن وكل هذه الأشياء بتجويع الناس وتقليل الرواتب.

وسورية كان فيها أموال، كل الناس تعرف أن باسل الأسد عندما مات وجدوا في رصيده في إحدى الدول الأوروبية 14 أو 13 مليار دولار، ورفعت الأسد يعني هذا الأمر صار يعرفه القاصي والداني حين أخرجه حافظ الأسد لم يدع قرشًا بالبنك المركزي، أعطاه كل العملة الصعبة في البنك المركزي وذهب بها، والنفط الموجود في سورية الذي لم ينزل في الميزانية العامة، سورية كان فيها مال وكان فيها خيرات كثيرة جدًا جدًا جدًا، كل الناس يعرفون الخيرات الزراعية والثروات الموجودة في سورية، ومع ذلك كان المواطن جائعًا لماذا؟ الكل بات يعرف الآن لماذا جوع حافظ الأسد الناس بهذه الطريقة والناس لماذا كانوا خائفين؟ الناس كانوا خائفين من السياسة والقمع الأمني ليس الشديد بل العنيف جدًا الذي لم يعرف التاريخ له مثيل الذي مارسه حافظ الأسد، والناس يستغربون الآن كيف مثلًا تأتي طائرة لتقذف ببرميل (متفجر) على بناية وتُدمرها! هذا أمر عادي عند النظام، هذا أمر لا مثيل له بالقسوة وبالعنف وبالسادية كان يحصل في ثمانينات القرن الماضي عادي جدًا وهكذا فعلوا بحماة وحلب وجسر الشغور هكذا فعلوا هذه الأشياء التي فعلوها، والمساجين كيف كانوا يعاملونهم في تدمر، كل الناس يعرفون كيف كانوا يعاملون المساجين في تدمر، اقرأ رواية "القوقعة" حتى تسمع شيئًا بسيطًا مما كان يُعاني منه السجناء في تدمر، أنا حدثني كثير من السجناء الذين سُجنوا في تدمر وحديث يطول جدًا أسلوب القمع المتبع معهم.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/01/27

الموضوع الرئیس

أوضاع ما قبل الثورة

كود الشهادة

SMI/OH/113-02/

أجرى المقابلة

إبراهيم الفوال

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

أوضاع ما قبل الثورة

updatedAt

2024/09/25

المنطقة الجغرافية

عموم سورية-عموم سورية

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

الجيش العربي السوري - نظام

الجيش العربي السوري - نظام

سجن تدمر

سجن تدمر

الشهادات المرتبطة