الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

التيارات الإسلامية في سورية قبل الثورة

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:15:08:15

في كلية الشريعة كان العدد الأقل من الأجانب، كانت مدينة دمشق يدرس فيها عدد من الطلاب الأجانب من أكثر من 50 جنسية إفريقية وآسيوية خصوصًا وقليل من الطلاب الأوروبيين، لكن في كلية الشريعة كان العدد قليلًا إذ كان يميل الطلاب الأجانب للدراسة في المعاهد الداخلية التي تؤمّن السكن الداخلي والتي تؤمّن بعض المصاريف، خاصة أن هؤلاء الطلاب مثلًا الذين يأتون من إفريقيا حالتهم المادية لا تكون جيدة فكانوا يُسجّلون في معهد الفتح الإسلامي حيث هناك السكن الداخلي وهناك بعض الجمعيات الخيرية التي تتولى النفقات، لذلك كان معهد الفتح الإسلامي ومجمع أبو النور وبقية المدارس الدينية هي الأكثر استقبالًا للطلبة الأجانب، وكان هناك عندنا أصدقاء وطلاب أجانب مثلًا من الشيشان وداغستان ورأيت بعض الطلاب من الهند، لكن يعني هم كعدد ظاهرة محدودة في كلية الشريعة، وكان هناك شاب من إندونيسيا زميلي في كلية الشريعة وصحبته لمدة عامين، لكن هؤلاء يأتون كإيفاد حكومي أو كعمليات تبادل ثقافي كما يسمّى بين الجامعات لكن الطلبة الأجانب لم يكن لهم حضور في كلية الشريعة، بينما عندما تذهب إلى المعاهد والمدارس الدينية الداخلية تجد أعدادهم بما يقارب نصف الطلاب السوريين، وكانت هناك جمعيات خيرية تشرف على تعليمهم وتدريسهم في تلك المعاهد. في فترة التسعينات كانت هنا لم يكن هناك أي حياة سياسية فلم تكن هناك أحزاب سياسية في كلية الشريعة يعني كان يمكن الحديث عن تيارات فكرية بين السلفية وبين الصوفية ممكن هذا الحديث أو يعني أناس عندهم رأي في التشيّع أو غير ذلك أما كحالات سياسية فلم يكن هناك أي تنوّع سياسي فنحن لا نتكلم عن جامعة في الستينات أو الخمسينات نتكلم في التسعينات يعني عصر هيمنة الحزب الواحد والأمن الواحد وما يسمّى القائد المُفدّى في كل شيء، فلم يكن هناك صوت إلا لحزب البعث ونصر تيشوري (شخص علوي يشغل منصب "رئيس الدائرة" وهو منصب بدون صفة إدارية ولكن يعتبر وكيل الأجهزة الأمنية والمتصرف الفعلي في كلية الشريعة- المحرر) في كلية الشريعة، هذا كنشاط سياسي، لكن مثلًا كان طلاب كلية الشريعة يتعاطفون مع بعض الأحداث السياسية باعتبارهم.. لنضرب مثالًا عندما حدثت مظاهرة ضد السفارة الأمريكية أثناء ضرب الولايات المتحدة للعراق على ما أعتقد عام 1996 أو 1997 على زمن [الرئيس الأمريكي بيل] كلينتون قام طلاب كلية الشريعة والحقوق بمظاهرة وصلت إلى السفارة الأمريكية ويعني معروف الحدث تمّ اقتحام السفارة واستخدام القنابل المسيلة للدموع حينها، شارك طلاب الجامعة في هكذا أحداث لكن لم يكن هناك تيارات سياسية، كان هناك تيارات فكرية كان هناك تيار الحداثة العلماني مثلًا يقوده الدكتور الطيب التيزيني وهو أستاذ في كلية الفلسفة، يقابله تيار ديني محافظ رمزه الدكتور البوطي في كلية الشريعة، وكان هناك مثلًا تيار سلفي تدعمه المستشارية الثقافية السعودية بتوزيع الكتب والمناشير ولها طلاب مُقرّبون منها في كلية الشريعة وكان هناك مشايخ يتبنّون نوعًا ما الخط السلفي أو علم الحديث كالشيخ عبد القادر أرناؤوط له طلاب في كلية الشريعة وهكذا، لا نستطيع الكلام عن تيارات سياسية وإنما عن تيارات فكرية دينية. كان الجدل الديني شائعًا وكأنك تجلس في العصور العباسية بين معتزلة وخوارج وسلفية لكن لم يكن هناك تخندُق أو اصطفاف سياسي أو مُمنهَج من قبل الدولة والسلطات لدعم هذا الحراك أبدًا، كان النقاش دينيًا بحتًا نجده في حلقات البحث ونجده في أروقة الجامعة ونجده خصوصًا في المساجد يعني في المساجد أنت كالكلية للجميع لكن بعد الدوام هذا يذهب لشيخه السلفي وهذا يذهب لشيخه الصوفي وهنا تحدث بعض النقاشات لكن كانت تُدار ضمن المساكن الطلابية بطريقة نقاش علمي هادئ ولم تُسجّل هناك أي حوادث احتقان أو تخندق أو تسييس لموضوع تلك الخلافات. 

باعتبار كلية شريعة فالعلويون لا يسجّلون في كلية الشريعة فهي الكلية التي لا يوجد فيها ربما إلا المخبرون، يعني إذا أراد النظام أو الأمن السياسي أن يرسل مخبرًا فيطلب منه أن يسجّل في كلية الشريعة لكن أنا على حدّ علمي لم أرَ أي طالب علوي في كلية الشريعة، يعني علوي ظاهر، ربما علوي ومستتر كعنصر أمن يتقن مهمته ووظيفته يعني يمكن، لكن لم يكن هناك طالب يقول أنا علوي وبنفس الوقت يقول أنا طالب في كلية الشريعة، رأيت طالبة من الطائفة الإسماعيلية كانت تدرس وكانت تلتزم بالحجاب في أثناء الجامعة ولا تلتزم به بعد الجامعة يعني ربما هذه الطالبة لا تشكّل ظاهرة عامة، ورأيت مرّة طالبًا من طرطوس ويتكلم اللهجة العلوية وهو غير ملتزم ويدرس في كلية الشريعة لكن لا أعرف إن كان حقيقةً علويًا، يعني عصر استبداد لا تستطيع أن تسأل الرجل أنت سنّي أم علوي؟ لكن بالمقارنة بالجامعات والكليات الأخرى فالأمر واضح يعني في الجامعات والكليات الأخرى كان لهم نوادٍ و يسيطرون على العلاقات الإدارية والعامة والحفلات وكل شيء، أما في كلية الشريعة باعتبار ليسوا موجودين يعني هم لا يُسجّلون في كلية الشريعة لأنهم علويون يعني العلويون تعلم أن مذهبهم ودينهم دين باطني وخاص لا ينسجم مع مذهب أهل السنّة والجماعة في سورية، أما إذا خرجنا من حرم كلية الشريعة إلى الجامعة بشكل عام فالجامعة كانت لوحة من لوحات تطييف المجتمع السوري، لقد كان العلويون كما هم في الجيش كما هم في الأمن يحاولون السيطرة على كل مفاصل جامعة دمشق، يعني مثلًا المدينة الجامعية، كانت المدينة الجامعية تُعتبر ملكًا لبعض المتنفّذين العلويين حيث لا يستطيع أي طالب مهما تحقق من الشروط من بُعد السكن وفقر الحال ووثيقة فقر الحال والكلية التي تحتاج الدوام [فهو] يحتاج ورقة ثبوتية غير رسمية وهي الواسطة يعني يحتاج إما دكتورًا من الطائفة العلوية أو طالبًا من.. بل سأقول لك أنا نفسي حصلت على السكن الجامعي بشفاعة أحد أبناء دوبا يعني من آل دوبا واسمه محمد دوبا، كان يحجز جناحًا كاملًا في الوحدة السابعة رغم أن الوحدة السابعة كانت مخصصة لسكن الفتيات يعني كان يحجز الطابق الأول منها وهو وزبانيته يجلسون وكل أوراق وأرقام الغرف والوحدات بيدهم، يعني كان مثلًا عدة أجنحة في المدينة الجامعية بأمره هو الذي يقرّر من يسكن في هذه الغرف وهو الذي يقرر من لا يسكن، أنا نفسي وإخوتي سكنت في إحدى هذه الغرف بطلب منه، وكان هناك علاقة مع مدير الشركة من الطائفة العلوية صديق لأحد إخوتي فأرسل لنا أن اذهبوا إلى محمد دوبا وهو يؤمّن لكم السكن الجامعي وفعلًا ذهبنا إليه وأمّن لنا السكن الجامعي بالواسطة والمحسوبية، وهذا بشكل صريح جدًا وعليه قِس، كل السكن في الجامعة كان بالواسطة والمحسوبية، لذلك كان كثير من الطلاب يسكنون في أحياء العشوائيات في دمشق كحي القزازين وحيّ الطبّالة ودويلعة لأنه لا يستطيع الحصول على السكن الجامعي الذي كان محجوزًا للضباط وعناصر الأمن والمخابرات والطلاب وهم كلهم جهاز أمني يعني عندما نقول طالب يسكن في المدينة الجامعية فهو عنصر أمن بالتأكيد وعندما نقول دكتور فهو ضابط أمن حتى تعامله مع الطلبة كان تعاملًا أمنيًا وعلاقات أمنية فكان الضباط الأمنيّون يأتون إلى المدينة الجامعية ويرتكبون المنكرات ويسهرون السهرات متجاوزين كل أعراف الحرم الجامعي ولا يستطيع أحد أن ينبس ببنت شفة حول ماذا يفعلون فالدولة دولتهم والسلطة سلطتهم، وتجد الطائفية في حرم الجامعة أكثر ما تكون فيما يسمّى جامعة تشرين في اللاذقية حيث يدرس فيها أولاد الشبيحة، والشبيحة لم يكونوا بعد الثورة هم قبل الثورة موجودون يعني هم عصابات الخطف وتجارة المخدرات والتبغ والتهريب والابتزاز وشيخ المينا وشيخ الجبل، وهؤلاء أولادهم كلهم يدرسون في جامعة تشرين فالأساتذة الذين كانوا يدرّسون في جامعة تشرين -وعندي أخي الدكتور عبد العزيز منهم- كانوا يجدون هذه الممارسات الطائفية على أوضح صورها، يعني الطلاب يدخلون الجامعة ويدرسون وينجحون بدون دوام وكلّه تحت سطوة أن هذا ابن شخصية مسنود في الدولة أو مدعوم من الدولة أو محافظ في الدولة أو رئيس فرع أمن، وطبعًا أستاذ الجامعة وكادر الجامعة لا يستطيعون أن يقفوا بوجه هؤلاء على سطوتهم وقوّتهم، فقولًا واحدًا كانت تمرّ، وهذا واضح يعني عندما تجد خريج لغة عربية لا يتقن النحو والإعراب يعني هذا أخذ الجامعة بدون لا عناء ولا تعب. سأضرب لك مثالًا أنا في الجامعة توظفت في شركة المغازل والمناسج وكان مدير العمل للشركة -وهي شركة منتجة يعني فيها أموال- كان مدير العمل فيها مقرّبًا من شبيحة رفعت الأسد وتوظّف على أساس أنه مقرّب من آل الأسد يعني في هذه الشركة، وكان بين قوسين معه إجازة في التاريخ وهو من أجهل الناس في التاريخ يعني لا يعرف في التاريخ شيئًا وهو كان يدّعي دائمًا أنه معه إجازة في التاريخ وعندما كنت أدخل معه في نقاشات أو يزور إحدى الصالات يعني هو أجهل من أكبر أمّي في التاريخ، وهذا دليل على أن الشهادات في زمن البعث وخريجي جامعة تشرين خصوصًا أولاد الشبيحة والمسؤولون الأمنيون كانوا يأخذون على غير الكفاءة، هو لماذا يذهب إلى دمشق ويتكلف السفر وهو يستطيع أن يمارس طائفيته بأعلى صورها وهو جالس في مدينة اللاذقية؟ في دمشق لم أكن أعلم -لأني لست من الكادر التدريسي- إن كان هناك أساتذة يتعرضون لضغط طلاب أو ينجحون بالقوة أو بالواسطة أو المحسوبية أم لا، لأنه في كلية الشريعة لم يكن هذا موجودًا فيها باعتبار أنه لا يوجد طلاب علويون موجودون في الكلّية. أي طالب جامعي في سورية كان يعاني من صعوبات حقيقية لأن الدولة لم تكن تقدّم أي شيء، السكن بالمحسوبية والواسطة وهو سكن رديء جدًا 15 وحدة أو 20 وحدة سكنية في مدينة دمشق لمئات آلاف الطلاب والغرفة كان يسكن فيها 7 طلاب رغم أن معدل السكن [الطبيعي] فيها 3 طلاب، وهي مهترئة الجدران والحمّامات والمرافق والأثاث وكانت منهوبة بشكل كامل وكانت كل عمليات الترميم عمليات في الفساد وغسيل الأموال ونهب المال العام، والقاعات الدراسية من أسوأ ما يكون خصوصًا في كلية الشريعة وبعدها كلية الحقوق، هناك بعض الكليات الحديثة ككلية الطب والصيدلة التي أُسّست حديثًا يعني كان هناك شيء من المستوى الجيد، أما كلية الشريعة بالنسبة لنا وكلية الحقوق وبعض الكليات، الأبنية القديمة كانت في غاية السوء والمدينة الجامعية في غاية السوء، لم يكن يُقدَّم أي قرض ولا أي مصروف ولا أي راتب ولا أي مساعدة لأي طالب جامعي هو سيعتمد على ظروف أهله الشخصية في أولًا دفع إيجار السكن، يعني أنا مثلًا لم أستطع أن أسكن في السكن الجامعي كل فترة الدراسة، سكنت عامين أو ثلاثة وبقية الأعوام سكنت عند الناس في المنازل يجب أن تؤمّن السكن والمياه الصالحة للشرب في العشوائيات وتسدّد فاتورة الكهرباء وتكتب عقد الإيجار ويجب أن تشتري الكتب والملابس وتؤمّن المواصلات، يعني بصراحة لم تكن الدولة تقدّم أي مساعدة لأي طالب بل بالعكس، يعني ربما نستطيع أن نقول إن رسوم الجامعة ليست بالكبيرة أو المرتفعة لكن ظروف السكن في مدينة دمشق والحياة الاقتصادية كانت مُكلِفة خاصة لأسرة يعني يكون فيها.. فاضطررت إلى أن أتوظّف وأنا طالب جامعي دخلت إلى شركة المغازل والمناسج وعملت كمراقب للإنتاج لمدة عامين لأسدّد المصاريف الجامعية ومن ثم التحقت بالخدمة العسكرية.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2023/08/20

الموضوع الرئیس

النشاط السياسي قبل الثورة السورية

كود الشهادة

SMI/OH/215-04/

أجرى المقابلة

إدريس  النايف

مكان المقابلة

اعزاز

التصنيف

مدني

المجال الزمني

قبل الثورة

updatedAt

2024/04/26

المنطقة الجغرافية

عموم سورية-عموم سورية

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

جامعة دمشق

جامعة دمشق

جامعة تشرين

جامعة تشرين

الشهادات المرتبطة