الطائفية والفساد في جيش نظام الأسد -2
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:17:45:10
تخرجنا من كلية الدفاع الجوي طبعًا دورة الطالب الضابط كانت تسمى، طالب ضابط مجند يقضي ستة أشهر إما في كلية المدرعات أو الدفاع الجوي أو غيرها، تخرجنا من الدفاع الجوي بعد ستة أشهر برتبة ملازم ومجند، أخذنا الفرز، واتجهنا إلى مكان الخدمة الجديد، وكان ذلك حول مطار التيفور بين مدينة حمص ومدينة تدمر في منطقة وسيطة تسمى التيفور أي المحطة الرابعة، وهذه كانت سابقًا وتاريخيًا لأنابيب شركة النفط التابلاين يعني النقطة الرابعة للمراقبة، هناك مطار التيفور العسكري وتحيط به السرايا وكتائب للدفاع الجوي، أنا كنت في إحدى هذه الكتائب، أظن أن رقمها الكتيبة 96 وهي كتيبة فنية "فولجا" لصواريخ "الفولجا"، كنت هناك ضابط سرية المدفعية أو 14 ونصف كما يُسمى، ودخلت هذه الكتيبة وصلت إليها، قائد الكتيبة يسمى العقيد أكرم خضرة وهو مسلم سني وشخصيته قوية، وهناك أيضًا رئيس الأركان من مدينة كفرنبل، وهو أيضًا مسلم سني وبقية الضباط [يبلغون] 14 ضابطًا من الطائفة العلوية.
في الحقيقة كان الوضع يعني صورة مصغرة عما يسمى سورية الأسد، مثلًا: على مستوى التوجيه السياسي أو السياسي، جميع الضباط يعني بعثيون أسديون يرون في بشار الأسد أنه مكمل لسيرة والده حافظ الأسد وأنه حامي الحمى وبطل التشرينين ومن هذا الكلام والشعارات يعني اليومية التي كانوا يصخون بها أسماعنا مرتبط ذلك بفساد مريع عند هؤلاء الضباط، هؤلاء الضباط كانوا لا يتوانون أبدًا عن سرقة أي شيء [ابتداء] من لقمة الطعام من فم الجندي إلى ندوة الكتيبة التي كانت تسرق إلى المطبخ إلى المواد الجافة إلى مواد التعيينات إلى غرفة الأرزاق، يعني كانوا لا يتأبون عن سرقة أي شيء، مثلًا: هناك غرفة تسمى غرفة الأرزاق، يعني يُوضع فيها طعام الجنود من المواد الجافة، في الليل يُرسل ضابط الأمن فيأخذ من الغرفة، يُرسل ضابط المدفعية فيأخذ من الغرفة، يُرسل ضابط المشاة فيأخذ من الغرفة، كل ما يمكن أكله أو سرقته كانت تتم سرقته في الليل، ويسرقونه إلى سياراتهم لينقلوه في اليوم الثاني إلى أسرهم أو إلى البيع، يعني هذا عدا عن السرقة الممنهجة يعني عندما تسرق التعيينات قبل أن تصل إلى الكتيبة وتُباع إما في الأسواق أو للتجار.
ومن الطرائف أن نقول: إن الجندي عندما يذهب إلى الندوة وهي من المفترض أن تكون قطاعًا ربحيًا خاصًا، يعني يذهب فيجد التعيينات التي من حقه موجودة في الندوة فيقوم بشرائها، فالجنود كانوا يشترون الشاي والسكر والمعلبات والأرز ولوازم الطبخ من الندوة التي هي في الأساس لهم، يعني هذه المخصصات تُسرق وتباع للندوة ثم يشتريها هذا الجندي، كان في الكتيبة.. نحن كتيبة فنية، حيث يكون في الكتائب الفنية ما يسمى السائل المؤكسد أو الأكسجيني وتحقن به الصواريخ؛ لذلك كان يُعطى أي مقاتل في هذه الكتائب ما يسمى بالوجبة الغذائية لتقوية جسده حتى لا يصاب بمواد مسرطنة، فكان يحصل على بعض أكياس الحليب وبعض وجبات اللحوم والبيض، يعني كانت كمية جيدة، لكن لم يكن يصل إلى الجندي تقريبًا إلا في الرمق الأخير، يعني إذا قلنا مثلًا: يأتي مئة صندوق بيض فكان يصل منها مثلًا: ثلاثة صناديق لمجموع المقاتلين، كان يصل مثلًا: إذا قلنا 100 وجبة من اللحوم أو 100 صندوق من اللحوم كل صندوق يكفي لثلاثة أشخاص، وقوام الكتيبة تقريبًا ثلاثمئة مقاتل بين ضابط وعنصر، كان يصل ثلاثة أو أربعة صناديق إلى مجموع المقاتلين، وتسلم للمطبخ لتطبخ مع وجبات الطعام؛ حتى لا يشعر أحد يعني بكمية السرقة رغم أن قائد الكتيبة كان نزيهًا وشريفًا ولم يكن يسرق، وكان من المقيمين للصلاة والعبادات، وكان يقول لي: أمضيت مع هؤلاء الضباط -يقصد العلويون- أكثر من 15 عامًا في الكتيبة لم يصلّ أمامي واحد منهم وقتًا واحدًا، وكان يخاف منهم خوفًا كبيرًا أن يشوا به إلى المخابرات الجوية على أنه ضابط أو من الإخوان المسلمين أو معارضة من هذا الكلام المعروف، فكان هذا الضابط يصلي سرًا حتى جئت أنا فصار يصلي أمامي لأنه وثق بي.
بالنسبة للأمور الدينية الضباط علويون يعني ليس فيهم لا دين ولا خلق ولا يصلون ولا يلتزمون وألسنتهم(كلامهم) في غاية البذاءة والكفر، وهناك شتم للذات الإلهية؛ لكني كنت أتعمد الصلاة أمامهم عمدًا يعني بقصد التمايز الثقافي أو الديني أو ربما الإغاظة أحيانًا، أو أنا في غرفتي وهم جالسون في غرفتي فلم أكن أقتنع بأنه يجب علي أن أترك الصلاة من أجلهم أو أخرج من الغرفة من أجلهم، بل وصل حد التحدي الثقافي بيننا إلى الغناء، يعني هم كانوا يضعون الأغاني الساحلية للمطرب علي الديك وحسين الديك إغاظة لي، وأنا كنت أضع الأغاني الخالدة كأم كلثوم وعبد الحليم حافظ وسعدون جابر وإلياس خضر وكاظم الساهر تحديًا لهم. حاول هؤلاء الضباط مضايقتي كثيرًا، لكن لم يكن هناك أي سبب ملموس للمضايقة غير أني أصلي ومحافظ على الواجبات والشعائر الدينية، فلم أكن أغيب لأني لا آخذ الإجازات وسكني في غرفة العمليات، وأنا أقوم بالاجتماعات الصباحية والمسائية والتفقد، يعني أنا أنهض بواجب العمل عنهم، وهم بعد أن يفرغوا من سرقاتهم يذهبون ويبيتون في حمص أو في غيرها، ويرتادون- الكثير منهم يعود في اليوم الثاني يتحدث- بعض الملاهي أو النوادي الليلية.
على صعيد الإفساد أو على صعيد الإذلال كان هؤلاء الضباط يعاملون الجنود بمنتهى الإذلال والعنصرية وكأنهم عبيد بل وأقل من العبيد خاصة أن الجنود كلهم من السنة، يعني لم أجد هناك عسكريًا واحدًا في تلك الكتيبة ينتمي إلى الطائفة العلوية كلهم سنة من الدراويش والفقراء وغالبيتهم أيضًا من المناطق الصحراوية ومن أبناء العشائر، يعني كان الضباط يعاملونهم بغاية القسوة والإذلال هذا لمن يبقى في الكتيبة لأنه لا يستطيع أن يدفع المال لمعلمه حتى يحصل على الإجازة أو يفيّش (يُعفى بشكل غير رسمي من الجيش) كما يقال، بينما العساكر المرفهون يعني أبناء المدن كانوا مباشرة يأتون في رأس الشهر يقدمون المعلوم يعني المبلغ مع الهدايا ثم يأخذون الإجازة، ويتحمل عبء الدوام العناصر الدراويش أو الفقراء أبناء الطبقات الفقيرة الذين لا يستطيعون أن يدفعوا ثمن غيابهم أو حتى إجازاتهم المقررة، يعني إجازاتهم المقررة لم يكونوا.. مثلًا: كل جندي يحق له كل شهر مغادرة 48 ساعة أو 72 ساعة، إذا كان كل شهرين فيحق له 4 أو5 أيام، فأحيانًا يبقى 6 أشهر ولا يحصل على إجازته الدورية، يعني بالكاد يستطيع أن ينزل إلى مدينة تدمر ليشتري بعض الألبسة ويعود، وهذا مرهون بتقديمه هدية أيضًا لمعلمه غاية في الإفساد والفساد والحقد على العناصر والجنود، يعني يستحيل أن تشهد في مناظر هؤلاء الضباط أي سمة من السمات[التي توحي] بأن هؤلاء المقاتلين والجنود هم أبناء شعبهم ووطنهم وأنهم حراس بلدهم ووطنهم، إنما كانوا يتعاملون معهم كعبيد بل وأقل من العبيد، يعني مثال: كلمة يا حيوان هذه الكلمة الوحيدة وهي ألطف كلمة إذا أراد الضابط أن يخاطب هذا الجندي، لم أسمع من هؤلاء الضباط الفاسدين وتعقبت أخبارهم بعد الربيع العربي كلهم في صف النظام المجرم قولًا واحدًا، لم أسمع من أي ضابط منهم أي كلمة لعنصر أو مقاتل باسمه إلا يا حيوان يا حمار، يا حيوان يا حمار هذه ألطف الألفاظ إذا لم يهتك عرضه ويشتم أمه ووالده ووالدته بل ودينه وربه، يعني أمضيت سنة ونصف بصراحة سمعت كمًا من الكفر والسباب والشتائم من هؤلاء الضباط طبعًا للجنود لم أسمعه في حياتي، وهذا من أحد أسباب حنقي وغبني (حقدي) على تشكيلة هذا الجيش وطائفيته وفساده، فهو جيش الفساد والإفساد والسرقة والنهب والظلم والعنصرية والطائفية بل والتعفيش، حتى إنهم كانوا يسرقون المستلزمات من القطاعات العسكرية مثلًا: السلاح، أحيانًا يأتي ضابط إلى قطعة عسكرية أو أداة عسكرية ليس فيها شيء (سليمة) فينزلها إلى ورشة التصليح إلى رحبة التصريح حتى يسرق منها ويعيدها وفيها قطع بالية أو مناظير قديمة أو عفا عليها الزمن يعني إلى هذه الدرجة، أحيانًا مثلًا: سيارة تكون مخصصة لنقل التعيينات أو الذخيرة أو المشاريع العسكرية وهي جديدة، تنزل هذه السيارة إلى الرحبة فتعود من الرحبة بدون البطارية بدون الأثاث فيها بدون المقاعد يعني تُعفش ثم تعود إلى الكتيبة.
لأضرب مثالًا على هذا الفساد والإفساد العريض: مرة كنا في مشروع من مشاريع الرمي يوم ناري دفاع جوي، ستشارك به كل الوسائط 14 ونصف، مدفع 23، مدفع 57، دبابات الشيلكا، صواريخ "الكوبرا" و"الإيجلا" و"ستريلا"، الصواريخ المحمولة على الكتف وهذه مدى 3 كم، والمشروع مشترك بين عدة ألوية في الدفاع الجوي في صحراء تدمر في صحراء المشاريع العسكرية، وحضر حينها رئيس أركان لا أعرف اسمه التركماني أو الشهابي، لا أعلم ماذا كان اسمه في تلك الآونة قد خرجت من اللواء حوالي 70 عربة يعني لتشارك بالمشروع، وصل أرض المشروع 40 يعني بقيت 30 عربة على الطريق، وهذا مشروع تكتيكي مخطط له مسبقًا، يعني يجب أن تكون العربات كلها في غاية الجهوزية والجاهزية، يعني خرجت 70 عربة فوصلت إلى المشروع 40 عربة، بقي 30 عربة حتى إن بعض الجنود عادوا مشيًا، يعني عادوا مشيًا من المشروع حيث لم تتوفر عربات لنقلهم إلى ثكناتهم، وفي ذلك المشروع لم تقم الكتائب والسراي بإصابة أي هدف، حتى إن رئيس الأركان في حينها وجه بعض الملاحظات بأن المشروع يعني مقبول، ولكنه دون المستوى المطلوب على اعتبار أن المستوى الذي حضر هو رئيس الأركان للجيش السوري، الحقيقة بالمجمل ومن الفرز الأولي يفرز أبناء الطائفة العلوية 90 أو 95% إلى الحرس الجمهوري، بعد الحرس الجمهوري تأتي القوات الخاصة وهي أيضًا تشكيل طائفي، بعد القوات الخاصة تأتي الفرقة الرابعة من بقي من أبناء الطائفة العلوية لم يتطوع في الجيش أو المخابرات، ولم يُفرز إلى الحرس الجمهوري أو القوات الخاصة أو الفرقة الرابعة يُفرز إلى الإدارات في دمشق وحمص إلى الإدارات العسكرية، يعني إدارة شؤون الضباط، إدارة المدرعات، إدارة الدفاع الجوي، إدارة كذا، ولا يفرزون إلى القطعات العسكرية، ويُتعمد إرسال أبناء السنة حتى يتم أولًا: إبعادهم عن المدن الأمر، ثانيًا: ممارسة الإذلال الممنهج عليهم، الأمر الثالث: تحصيل الأرزاق منهم، فالبيوت البلاستيكية في الساحل السوري يعمل بها العساكر السنة، بعض المشاريع الزراعية أو زراعة التبغ في الساحل السوري كل هذه من الجنود يعني يأتي الضابط إلى الكتيبة يأخذ 10أو 15 عسكريًا إلى قطاف موسمه في الساحل السوري، وهذا الجندي يعني يرى في الذهاب إلى بيت معلمه أو بستانه أو عائلته أو أسرته نوعًا من الخلاص من جحيم الخدمة العسكرية، فالشعار الذي كان مرفوعًا لأي جندي سوري: "عسكرية دبر راسك" يعني هذه [الخدمة] العسكرية كانت بالنسبة لسورية هي فقرة من فقرات جهنم، فكان يقضيها في بستان تفاح ولو كان لا يستفيد منها على الصعيد الشخصي بشيء إلا أنه يريحه من عناء الخدمة العسكرية.
فالعلويون على نسبتهم السكانية إن لم يكن ضابطًا فهو عنصر مخابرات، إن لم يكن عنصر المخابرات فهو في الحرس الجمهوري، إن لم يكن في الحرس الجمهوري فهو في وحدات الخاصة أو الفرقة الرابعة؛ لذلك القليل جدًا جدًا جدًا من يذهب إلى القطعات العسكرية خصوصًا في الدفاع الجوي الذي لا يُخشى منه حركة مناورة برية، يعني كان النظام يصنف الكتائب العسكرية حسب خطورة المناورة، مثلًا: سلاح المدرعات بالنسبة له سلاح خطير لأنه يستطيع المناورة، سلاح الطيران سلاح خطير يستطيع المناورة والانقضاض الجوي، أما سلاح الدفاع الجوي السلاح المدفعية نوعًا ما، سلاح القطعات البعيدة عن مدينة دمشق أو حلب يعني القصور الجمهورية لم يكن النظام يعيرها اهتمامًا لأنها لا تستطيع قيادة مناورات عسكرية، يعني المحتوى كان هناك ضابط توجيه سياسي في كل كتيبة وكل لواء، وهناك مسؤول في كل تشكيل أو وحدة عسكرية للتوجيه السياسي من أجل توجيه سياسي ومنهج حزب البعث نفسه، يعني منهج وأقوال حافظ الأسد وأقوال بشار الأسد ومنجزات الحركة التصحيحية وحرب تشرين التحريرية الأولى والحركة التصحيحية، وهذا هو المنهاج، لكن ضابط التوجيه السياسي الذي عندنا في الكتيبة لم يكن يعطي أي محاضرات؛ لأنه كان لا يداوم، يعني كان يكتفي بالسرقة يسرق المواد الجافة والإغاثية ثم يهرب، لم يكن يعطي أي محاضرات لأنه كان مشغولًا بالسرقة، لكن كمستوى ومنهاج يعني أضرب لك مثالًا على ذلك: عندما قامت إحدى المناظرات يعني مناظرة بين كتيبة وكتيبة بين الضباط المجندين والضباط المجندين أنا شاركت فيها عن أقوال حافظ الأسد يعني المناظرة كلها تدور حول: ماذا قال حافظ الأسد عن العراق؟ وماذا قال حافظ الأسد عن الأردن؟ وماذا قال حافظ الأسد عن التنمية؟ وماذا قال حافظ الأسد عن الرياضة؟ هذا وبالحرف يعني تحفيظ وبصم يعني وكأنه -لا سمح الله أو حاشاه- هو القرآن الكريم ويجب أن تحفظ أقواله، كنا مرتاحين يعني من في الكتيبة من دروس التوجيه السياسي لأن الموجه السياسي فيه لص كان يسرق المواد ويهرب من الكتيبة.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2023/08/22
الموضوع الرئیس
التركيبة الطائفيةكود الشهادة
SMI/OH/215-07/
أجرى المقابلة
إدريس النايف
مكان المقابلة
اعزاز
التصنيف
مدني
المجال الزمني
2001-2003
updatedAt
2024/04/26
المنطقة الجغرافية
محافظة حمص-ريف حمص الشرقيشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
الحرس الجمهوري
الجيش العربي السوري - نظام
مطار التيفور (T4) العسكري - مطار طياس العسكري