تشكيل الائتلاف الوطني واختيار معاذ الخطيب رئيسًا له
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:22:06:11
عندما بدأت الجلسات تُعقد تباعًا على مدار النهار كاملًا وأتذكّر أنني طلبت وقتها من الإخوة ألا نتّجه إلى البهو العام حين نخرج من القاعة، بسبب وجود عدد كبير من الصحفيين ووسائل الإعلام لأننا من المحتمل ألا نصل لاتفاق ولا نريد أن نظهر كثيرًا أمام العيون لأننا قد نعود إلى مواقعنا بالداخل، حتى إن وزير الخارجية [القطري] خالد العطية قال إنهم سيفتحون لنا بابًا [خاصًّا] بحيث نخرج منه دون أن نمرّ بمكان وجود الصحافة، لأن الصحفيين وقتها كانوا يمسكون بأي أحد يخرج ليأخذوا منه تصريحًا، وبالفعل نحن لم نعطِ أي تصريح لأي جهة ولم نقف أمام الكاميرا هناك، وأنا أتحدث على الصعيد الشخصي وأيضًا بعض الشباب كنا نرى أننا على الأرجح سنصل لطريق مسدود، والسبب هو أن المجلس الوطني كان يعتبر أننا جئنا نحمل فكرة أوراق مسبقة لأمريكا أو لأي دولة أخرى، يعني يعتبرنا بيادق وضعونا في الخط، وهذه إشكالية كبيرة يعني هم لم يحاولوا أن يتعرّفوا أكثر على الشباب القادمين واعتبرهم فقط واجهة ويحملون ورقة قدّمتها أمريكا أو مشروعًا قدمته الدول وهم جاؤوا لينفّذوه، وهذا الكلام كان كارثيًا وغير صحيح لكن نحن كلنا نعلم أنه قضيتنا تحتاج إلى تواصلات بالدول للوصول إلى حلّ ولولا ذلك لكنا وجدنا الحل ضمن الأراضي السورية ولم نخرج لكن اليوم أصبحت القضية تحتاج إلى دعم دول أو أن تكون دول وسيطة مثل كل المشاكل التي تحصل بالعالم، فكانت هذه هي أول مشكلة أنه لا ثقة بين الطرفين، والشيء الثاني أيضا ظهر هو أن المجلس الوطني نفسه هو عبارة عن كتل وتمثيل، وهذه المشكلة ظهرت بالكواليس حول الأشخاص الذين سينتقلون من المجلس الوطني للجسم الجديد، ومن سيأتي إذا صار هالجسم الجديد، وكان هناك أشخاص في المجلس لم يعودوا يظهرون وأشخاص أتوا من خارج المجلس وحضروا الاجتماعات وطُلب منهم ألا يحضروا لأن المجلس الوطني لم يرشّحهم، ولم يكن هناك اتفاق على أن الجسم الجديد لن يأخذ سوى جزء بسيط من المجلس الوطني، وهذا سبّب رفضًا لأنه كانت هناك منافسة على التواجد دائمًا بأي جسم جديد وهذه بصراحة رأيناها لاحقًا مع هيئة التفاوض ومع اللجنة الدستورية يعني دائمًا هذا التنافس -مع كل أسف- يكون جزء منه بالتفاوض أو الرفض، إذًا كانت هناك مشكلة، المشكلة الثانية أن هذا الجسم الذي نحن ذاهبون إذا كان يشبه الأول فليس له داعٍ بصراحة، فكان هو تغيير الآلية وهي أن يكون هناك سلطة تنفيذية أو حكومة، ولو تركوا الحكومة تعمل مثلما كنا نتصوّر أو يتصوّر كل السوريين أنه سيكون لدينا حكومة مثلما صار بليبيا فهي ستجعل كل الباقين عبارة عن برلمان وبالتالي لا يعود لهم أهمية ولا لتواجدهم على الساحة السياسية والأضواء، وأنا أعتقد أن هذا أثبتت الأيام أن جزءًا منه كان صحيحًا، فرفضُهم لوجود حكومة ليس لأن هذه الحكومة ستكون أقل وطنية وأنها ستفاوض [النظام]، لا هذا غير صحيح لأن السوريين يعني إما مع نظام وإما مع الثورة ولا يجوز أن نتّهم الناس بهذه الطريقة، وهذا ما سبّب صراحةً نقاشات جانبية كبيرة بيننا وبينهم قد تصل إلى المهاترات في بعض الأحيان، وكانت النقاشات قاسية جدًا بيننا وبينهم أنه: أنتم إلى أين ذاهبون؟ ومن أنتم؟ وما ثقافتكم السياسية؟ حقيقة ونحن [أيضًا نقول:] من أنتم؟، وهذه كانت أحد الأمراض السيئة وهي عدم ثقتنا ببعض وأنا لا ألوم طرفًا محددًا لأن الجميع كان لا يثق بالجميع وهذه المشكلة أخّرت الاتفاق على إنتاج حكومة، وعدم الاتفاق على الحكومة كان كارثة مع أن ذلك من المبادئ الأساسية للائتلاف، صحيح أن النظام الداخلي للائتلاف وُضع على عجل لكن مسألة الحكومة كانت أساسية وكانت من الأوراق التي ناقشناها سابقًا مع الأستاذ رياض سيف وتشير تمامًا إلى تشكيل حكومة هي تدير كل الملفات، وبعد ذلك صار إبعاد ملف الحكومة وبعدها أزالوا وزارة الخارجية من الحكومة نهائيًا وصارت العلاقات الخارجية كلها بيد الإئتلاف، وهذا كان برأيي من الأشياء التي أضعفت دور الائتلاف أو أضعفت حتى نتائج هذا التشكيل الجديد.
مبادرة رياض سيف كانت قائمة على وثائق القاهرة، فنحن عندما صار هناك مفاوضات معه اعتبرناها غير ملزمة وهذا كان أساسيًا، هذا أولًا، ثانيًا نحن كي نعطي الثقة بين بعضنا صارت المكاشفة أنه أنتم لماذا تخافون من أننا سنفاوض النظام؟ نحن لا يمكن أن نفاوض النظام، وطُرحت حينها فكرة أنه لا يمكن لأي شخص من الائتلاف عضوًا في الحكومة التي ستتشكّل حتى لا تظنّوا أنه يعني نحن جئنا نصنع حكومة ونجلس فيها، لكن الحقيقة أنه بعد ذلك قصّوا الحكومة وقصّوا مهامّها ومنعوها من أن تكون فاعلة، جعلوها عبارة عن إدارة ولم يعد هناك داعٍ أن نسمّيها حكومة، يعني صغّروا مستواها وهذه أخطاء كان المفروض أنها لا تمرّ إلا بعد أن نأخذ الموافقة على الحكومة والمجلس العسكري ومجلس القضاء لكن الضغوط الموجودة أثّرت من كل الدول العربية التي كانت موجودة والأطراف الدبلوماسية حتى إننا قاربنا بالأفكار بحيث لا نتّفق على البنود إلا بالحروف الأولى على ميثاق يُوزّع ثم نعود للاجتماع [للموافقة عليها]، حتى صار اتفاق على أنه من يكون رئيس الائتلاف ومن يكون الأمين العام وكان صراحةً عندنا تحفظ أنه إذا أصبح رئيس الائتلاف من المجلس الوطني فنحن معترضون، وكانت الفكرة المطروحة هي التفاوض مع النظام على تسليم السلطة وليس تقاسم السلطة، فالدولة التي تخسر الحرب تجلس مع الطرف الثاني حتى تسلّمه السلطة، فكان المبدأ أنه لا حوار إلا إذا وافق على الحكم الانتقالي الذي لا يضم بشار الأسد، هكذا كان تقريبًا الجو العام الذي كل الأطراف تقريبًا وافقت عليه أننا لا نجلس مع النظام إلا عندما يسلّم السلطة ويوافق على حكم وهيئة حكم انتقالي، الكل الموجودين كانوا تقريبًا - وهذا الذي قرّب قليلًا من وجهات النظر- مُصرّين على أن تكون هيئة حكم انتقالي بدون بشار الأسد لم يذكر أحد من الموجودين وجود بشار الأسد أبدًا، بالعكس هذا كان عليه شبه اتفاق كامل مع جميع الأطراف الموجودة.
الحقيقة نحن اجتمعنا مع الأستاذ رياض سيف عندما شرح المبادرة وقال إنه سيذهب ليشرحها للمجلس الوطني، المجلس الوطني حينها كان في مكان آخر بالدوحة ينتخب رئيسًا له الأستاذ جورج صبرا، يعني هم كانوا بحالتهم العادية فهو (رياض سيف) جاء يطرح أنكم إذا وافقتم نذهب ونطرح [القضية عليهم]، وأنا سألته: هل مبادرة الأستاذ رياض سيف تعني أن رياض سيف سيكون رئيسًا للكتلة؟ فقال: لا، ليس شرطًا يعني، أنا سمعتها منه وأرويها للتاريخ، وقال إنه ليس واردًا أن أطرح مباردة وطنية وأكون رئيسًا لها، أنا سمعتها منه شخصيًا، وهذا أعطانا اطمئنانًا أن نكمل وأنا أعرف رياض سيف من دمشق يعني رجل له باع بالمعارضة قديمًا ضد النظام، لكن بعد المشاورات التي حصلت مع المجلس الوطني بصراحة أنه من سيكون رئيس الائتلاف -كان اسمها المبادرة الوطنية وبعدها صار الاسم الائتلاف الوطني لقوى الثورة- أن الرئيس سيكون من كتلة المجالس المحلية، وكان الاجتماع ضيقًا وفيه عدة وزراء خارجية منهم القطري والإماراتي، وكان خالد العطية وقتها وزير الدولة للشؤون الخارجية [القطرية] قلنا له: نحن نريد يعني إذا كان معاذ الخطيب عن المجالس المحلية أو هو قال، يعني حتى أنا كنت وجلال خانجي عن ريف دمشق فقال: اختاروا أحدًا منكم أنا بدمشق فكان الشيخ معاذ أقدر لأن له كاريزما وهو من دمشق وله معرفة واسعة وله جمهور أوسع منا أنا والدكتور جلال خانجي، وأتذكّر أن الحديث ذهب بهذا الاتجاه.
وقتها طرح خالد العطية أنه ما رأيكم أن يكون مصطفى الصباغ أمينًا عامًا؟ وقلنا إننا مع هذا التوجّه، الحقيقة أن الشيخ معاذ كان رافضًا تمامًا حتى إنه بكى وقال: يا شباب أنا لست بحجم هذه المهمة، كان رافضًا يعني بعكس ما قيل ونحن جلسنا نقنعه أنه: يا شيخ هذا لا يجوز وأنت الأقدر بيننا وإذا رفضت فلن نعتب على أحد بعد الآن لأنك أنت تحقّق إجماعًا أكثر من أي شخص من المجالس المحلية، فكان هناك يعني حوار شديد معه حتى إننا خرجنا أنا هو نلتقي بمجموعة من المشايخ كان بينهم الشيخ أسامة [الرفاعي] والشيخ كريّم [راجح] والشيخ علي الصابوني، وكان أيضًا عندهم تحفّظ إنه نحن إلى أين نحن ذاهبون وستشكّلون حكومة علمانية وما أهدافها، فيعني الحقيقة بعد نقاش لم يطُل كثيرًا وقلنا إننا نحن نريد أن ندير البلد وأنتم تكونون بمثابة المراقب لعملنا بحيث إذا رأيتم أخطاء نتراجع عنها أو نستقيل، فحصلت الموافقة من الإخوة المشايخ ووافق الشيخ معاذ، لكن ظهرت مشكلة وهي أن أهله في دمشق ولم يخبر أحدًا منهم وكان الخوف من أن يعتقل النظام أحدًا من أهله، حتى إن الخارجية القطرية دعت للاجتماع في الساعة 12:00 ظهرًا واضطُررنا أن نؤجل الاجتماع عدة ساعات للمساء، طبعًا نحن كان شرطنا أنه إذا ترشّح معاذ يكون مرشحًا وحيدًا فلا يوجد أحد يترشح معه من أجل ألا يحصل اختراق بالتصويت، وفعلًا الشيخ معاذ كان مرشحًا وحيدًا، ومع كل أسف حصل لغط كبير بعد هذه الانتخابات من بعض الإخوة الذين اتهموا كل المجالس المحلية بأنها مع أمريكا و مع أطراف ثانية، والصراحة أن سبب ذلك هو عدم المعرفة ونحن نذكّر بعضهم من باب المزاح ببعض الكلمات القاسية جدًا التي كانوا يقولونها لنا واليوم أصبحوا أصحابي، أقول لهم: ألا تتذكرون حين قلتم لنا.. فيقولون: أنت لا تنسى، الحقيقة أن هذا كان دليلًا على عدم معرفة الآخر والسرعة باتهامه، وهذه كانت مشكلة.
فتأجل الاجتماع إلى أن استطاع بعض أقرباء الشيخ معاذ الخروج من دمشق، ربما منهم أخته أخرجوها وقطعت الحدود إلى أن تمّ الإعلان بالصور ربما بعد العصر الساعة 5 أو 6 مساءً لم أعُد أتذكر التوقيت فتمّ إعلان المجلس الوطني (القصد هو الائتلاف الوطني - المحرر) وجئنا ووقّعنا جميعًا على الوثيقة التي أودعت بالجامعة العربية، كانت مهمة صراحةً يعني الإعلان كان فيه حضور واسع دولي وعربي وأُودعت هذه الوثيقة في الجامعة العربية وكنا متفائلين صراحة أننا سنُدعَم دوليًا وعربيًا وسنستطيع أن نكون سلطة بديلة عن النظام في دمشق.
كان الردّ والتفاعل في الداخل [السوري] إيجابيًا جدًا مع الائتلاف ومع الشيخ معاذ بالذات، حتى إن خطابه كان يتابعه كل السوريين من كل الأطراف فكان رئيس الائتلاف عندما يتحدث كل الناس تنتظر وتسمع وليس مثل اليوم أصبحنا في هذه الفترة للأسف لا أحد يتابع. وفي تلك الفترة كان أحد أقربائي بالسجن وقال لي: أنت لا تتصوّر المساجين كم تفاءلوا وارتفعت معنوياتهم عندما تحدّث رئيس الائتلاف عن إطلاق سراح المساجين وصار يطالب بذلك ويكررها كثيرًا، قول إنهم أحسّوا بأن الفرج قريب ولم يعُد السجن يهمّهم، فالحقيقة أنه كان هناك تفاؤل كبير أنه سيحدث تغيير مهم في سورية.
كان اتفاقنا مع الخارجية [القطرية] أنها ستدعم المجالس قبل تشكيل الائتلاف، عندما ذهبنا إلى الاجتماع أكثر الأعضاء يعني..، كنا في البداية لا نذهب جميعًا إنما مجموعة فقط من المجالس نقابل خالد العطية، ليس شرطًا أن نذهب 11 أو 12 شخصًا إنما مجموعة قليلة وعلى الأرجح يكونون معروفين مثل محمد قداح وجلال خانجي وجواد أبو حطب وعبد الإله فهد ومصطفى نواف وعدنان رحمون ورياض الحسن، يعني هؤلاء كانوا أكثر الذين يحضرون أو يحضر منهم على الأقل 3 أو 4 أشخاص، لكن بعد ذلك ذهبنا [ للاجتماع مع وزير الخارجية القطري] مجموعة كبيرة يعني 12 شخصًا تقريبًا وكانت معنا ريما فليحان، وصار الطرح حول توزيع الدعم المالي أنه سيصلكم في هذا الاجتماع لكن الحقيقة أنه كان الاتفاق على دعم المجالس المحلية قبل [الإعلان عن الائتلاف] يعني حتى لو فشل ذلك كنا نحن ذاهبون [إلى تلقّي هذا الدعم] فجاءت وطرحتها في حينها ريما فليحان بالهيئة العامة ونحنا صار أمامنا الكلام علنًا أنه سوف يتم دعم المجالس المحلية وحصل بسبب ذلك لغط أنه لماذا فقط كتلة المجالس المحلية؟ وحصل وقتها أخذ وردّ بالجلسة، الشيء الثاني الذي حصل أنه ليس عندنا نظام داخلي، النظام الداخلي كان بدائيًا نوعًا ما ويحتاج إلى عمل ويوجد كثيرون اعترضوا عليه حول دور الرئيس ودور الأمين العام ولا يوجد هيئة سياسية أصلًا، كان دور الأمين العام أهم من دور الرئيس في تلك الفترة، ونواب الرئيس ليس لهم أي دور، وحتى اليوم بالائتلاف ليس لهم دور تقريبًا، والذي زاد الطين بلّة في اليوم التالي أن الشيخ معاذ ركب الطيارة وذهب للجامعة العربية وأدار الجلسة نوابه السيدة سهير [الأتاسي] والأستاذ رياض [سيف] لأنه في وقتها أخذه وزير الخارجية [القطري] بطيارته إلى القاهرة ليجتمعوا بالجامعة العربية، وكان يوجد ضعف في هذه الجلسة الثانية وبرأيي صار فيها مناكفات كثيرة ولم تُنجز شيئًا في أن نذهب إلى القاهرة ونكمل الاجتماعات بالقاهرة، ربما بعد أسبوع أتصوّر كان الاتفاق أن نذهب إلى القاهرة، هذه أكثر ثلاثة أشياء وهي المجالس والنظام الداخلي وصلاحيات وأدوار رئاسة الائتلاف والأمانة العامة.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2021/09/28
الموضوع الرئیس
الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضةكود الشهادة
SMI/OH/80-27/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
الباب
التصنيف
سياسي
المجال الزمني
تشرين الثاني/ نوفمبر 2012
updatedAt
2024/11/14
المنطقة الجغرافية
عموم سورية-عموم سوريةشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية
المجلس الوطني السوري
جامعة الدول العربية / الجامعة العربية
وزارة الخارجية القطرية