ازدياد الفساد في المؤسسات الحكومية في فترة حكم بشار الأسد
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:21:00:12
عندما مات حافظ الأسد واستلم محله بشار الأسد طبعا استلم بشار الأسد بمسرحية وقتها حاول بعض أعضاء مجلس الشعب الاعتراض على تسليم ابنه، لكن قمعوهم داخل مجلس الشعب، استلم بمسرحية وعدلوا الدستور وصار بشار الأسد رئيسًا.
في البداية أُشيع بين الناس مجموعة من الشائعات تقول: بشار الأسد دكتور وبالمشرط سيقضي على الفساد والفاسدين، وصار رعب بين جماعة الموظفين الفاسدين وحصل أمر غريب توقفت الرشاوى حتى كانت الرشاوى في ذلك الوقت شيئًا معهودًا، ومن المستحيل دائرة حكومية بدون رشوة، أو مثلا سيارتك وأنت في الطريق بدون رشوة، حتى كنا نقول عبارة: "إرشي بتمشي" توقفوا عن أخذ الرشوة وأخذوا احتياطاتهم، بعد ذلك شيئًا فشيئًا صارت تظهر الحقائق وإعادة الناس إلى سابق عهدها وزيادة، من كان يأخذ 50 عملها 100 ومن كان مستحيًا صار يطلب علنًا، وعادت الأمور أسوء مما كانت واكتشف الناس أن التغيير كان فقط في صورة الشخص، لكن المنظومة الفاسدة بقيت كما هي واستشرت أكثر وزادت أكثر كون هذا الشخص الذي جاء شخص ضعيف ليس لديه خبرة الطاغية الذي كان قبله والده، فصارت الأمور أسوء مما كانت حصلت بعض الانفراجات مع استلام بشار الأسد للحكم مثلًا زيادة الرواتب تحسنت الرواتب بشكل واضح، أُتيح للناس استخدام وسائل التواصل توسعت شبكة الجوال فصار هنالك انفراج في هذا الخصوص، وهذا الكلام أُشيع وقتها أو انتشر بين الناس أنهم تركوا له هذه الأمور لبشار الأسد حتى يُلمع صورته أمام الناس، وأنه جاء ليخفف عنهم القيود التي وضعها أبوه، فصار انفراج في هذه النواحي.
بالمقابل إزدادت القبضة الأمنية وازداد الفساد أضعافًا مضاعفة كما أسلفنا، الجانب التعليمي الأمور السيئة صارت أسوء والناس اكتشفت هذا الفساد ليس عليه حساب وهذا الفساد استمر من القمة إلى القاعدة، فازداد الأمر سوءًا ازداد الازدحام في الصفوف المدرسية صارت الواسطة في التعيينات والرشاوي في التعيينات علنًا، كان هناك مفاتيح وأشخاص صاروا معروفين ومن أراد أن يتعين في مدينة حلب يجب أن يدفع مبلغًا لينتقل.
هذه الأمور أدت إلى تفاقم مشكلات التعليم بالمقابل ازدادت القبضة الأمنية على المدارس، صار التدخل من قبل الشرطة التدخل كان موجودًا سابقًا لكنه ازداد أكثر..
أنا حصلت معي حادثة كنت موجهًا تربويًا في الأتارب وزرت مدرسة بنين الأتارب، عندما دخلت المدرسة وأنا مشرف عليها دخلت بصفتي موجهًا للمدرسة وجدت المفرزة الأمنية - الأمن السياسي على ما أعتقد لأنه كانت أكثر من مفرزة أمنية - جالسين في الإدارة والمعلمون والمعلمات يدخلون عليهم واحدًا واحدًا ويحققون معهم، استنكرت الأمر كيف تدخل معلمة وأنتم اثنين مساعدين من السياسية، دخلت وسألتهم: هل معكم مذكرة لدخول المدرسة والتحقيق؟ فُوجئوا بسؤالي! وسألوني: من أنت؟ عرفتهم بنفسي أنني موجه المدرسة وحضرت زيارة على المدرسة، أين تعمل؟ في المجمع التربوي، فقالوا لي: نحن ليس لدينا شيء اسمه مذكرة قضائية أو مذكرة تفتيش، نحن يصلنا التقرير نحضر للتحقيق، ولسنا بحاجة أوراق رسمية أو مذكرة حتى ندخل على المدرسة، ثانيًا أنت نفسك عليك تقرير سيأتيك الدور لنحقق معك في المجمع، هذا الأمر كان تهديدًا واضحًا، لأنهم بالأصل لا يعرفوني وسألوني من إنت وأين تعمل؟ غادرت المدرسة ولكن الحمد لله ما جاؤوني فيما بعد لكن أرسلوا لمشرف المجمع، قالوا له: عندك الموجه فلان دعه يلتزم بنفسه ولا يتدخل فيما لا يعنيه، هذه الحادثة حصلت معي شخصيًا، وحوادث أخرى كثيرة حصلت مع آخرين.
في الواقع لم أعرف السبب، ولما يُحققون مع شخص لا يذكرون له السبب يطرحون عليه مجموعة من الأسئلة، أسئلة عامة ويُريدون من ورائها هدفًا معينًا، كان لديهم خبرة واسعة في قضايا التحقيق والنواحي الأمنية، والمعلمون لا يعرفون ما هو التقرير وما هو السبب، وأنا بطبيعة الحال حين سألتهم عن الأوراق القضائية، ردوا علي بغلظة وبتهديد، ولم يكن هناك مجال أبدًا أن نسألهم عن التقرير، بكل بساطة هذه القضايا أمنية لا يمكن السؤال عنها بكل بساطة ويُجيبوه، بالتأكيد لن يكون جواب، وبالنسبة للمعلمين والمعلمات لا يعرفون ما هو التقرير وما يعني، والأسئلة هل تُركز على شيء معين، لا، وليس بإمكان أحد أن يعرف، لأنه لا يحق لأحد أن يسألهم عن سبب مجيئهم، وأنا حين سألتهم عن المذكرة كما يحصل في الدول المتقدمة من حق أي شخص أن يرى الأمر القضائي أو المذكرة بحقه و يطلبها من الشخص الذي يسأل عنه، لكن في دولة العصابات هذا أمر غير موجود دولة العصابات العنصر الأمني يفعل ما يُريد من الناس لا يحق لأحد أن يسأله، كانوا يستغلون هذا الأمر في تحقيق مآربهم الشخصية والسمسرة وفي كثير من القضايا، مثلًا يغتصبون أراضي صاحبها مسافر، وأنا أعرف شخصًا كان عنصرًا في السياسية كان يعمل سائق الكثير من الأراضي حولها إلى اسمه وباعها، وصار صاحب أموال وأملاك و لا يتجرأ أحد أن يحكي معه، شخص آخر أعرفه كان يعمل في تجاوز دَور الهاتف، كان هذا كلام في أيام حافظ الأسد ولو رجعنا خطوة للوراء كان الشخص يُسجل على الهاتف ليحصل عليه تخيل هاتف أرضي مثلًا سجل دور ممكن يكون الدور بعد عشر سنين لتحصل على هاتف أرضي كان المشروع من قطر أو من دولة خليجية الكويت يمكن، مشروع من 100000 خط هاتفي وصار الناس يُقدمون عليه، فكان دور جماعة الأمن أن يأخذوا رشاوى من الناس ليتجاوزوا الدور، أنت لك دور قديم ما في مشكلة تدفع الرسوم كانت 200 ليرة تدفع 5000 تتجاوز الدور، فكانوا يعملون بهذه القضايا، ولا يتجرأ أحد ان يسألهم لأن أي موظف يعترض عليهم سيدفع الثمن يُلفقون له تهمة ويعملون له دولاب، وبدون تهمة أي شخص يأخذوه على الفرع و كلمة دولاب معروفة يضعونه على البساط الخشبي يرفعون رجليه ويضربونه بالكرباج على رجليه، كانوا دولة عصابات ومافيات.
في مدرسة أورم الكبرى كانت معلمتين عندهم تسيب شديد وتسيب من ناحية الدوام ومن الناحية الأخلاقية في الوقت نفسه، ومدير المدرسة كان حريصًا على دوام مدرسته وعلى أخلاقيات الأطفال في المدرسة، تحدث معهم فنصحنه ببساطة قالوا له: علاقتنا مع الموجه التربوي علاقة طيبة و لا تتدخل في الموضوع، لأنك لن تُؤثر علينا، والموجه التربوي الذي يقصدوه هو محمود مشارقة أخوه لزهير مشارقة معاون حافظ الأسد وكان عنده مزرعة في المنطقة وكان يُتهم بالدعارة وموضوعات لا أخلاقية، فالمعلمتين لما يتغيبن يزعمن أنهن كانوا عنده في المزرعة، في المحصلة المدير تحمس كثيرًا وقرر رفع كتاب فيهن، فقلن له: أنت الذي سيتضرر وليس نحن، بعد مدة جاء نقل المدير واستمرت الآنسات في التسيب في المدرسة والممارسات اللا أخلاقية والذهاب والعودة للمزرعة، كان السؤال: كيف يُعين الموجه التربوي؟ قبل 2007 كان حتى يصير موجهًا تربويًا يجب أن يكون قبلها إما أمين شعبة حزب أو عضو قيادة في شعبة الحزب، طبعا معلم صار يعمل في شعبة الحزب عضو قيادة شعبة أو أمين شعبة ثم بعد ذلك انتهى عمله في شعبة الحزب فماذا يحصل؟ يُعينوه موجهًا تربويًا، ويكون ليس له علاقة غالبًا ليس الجميع لكن غالبًا بكون ليس له علاقة بالجوانب التربوية ليس لديه قدرات تربوية تُأهله ليكمن موجهًا تربويًا، مثلًا يحمل شهادة صف خاص أو معهد إعداد المعلمين، فيما بعد عملوا مسابقة للموجهين التربويين وصار الموجهين التربويين من ضمن أصحاب الاختصاصات، ووقتها قدمت على المسابقة وصرت موجهًا تربويًا.
قبل تلك المسابقة قبل 2007 كان التعيين عن طريق شعبة الحزب، هؤلاء عادة من الناس المدعومين بقوة لا يُداوم، يعمل ما يُريد و لا أحد يتجرأ يحكي معه، لأنه أساسًا قبل أن يصير موجهًا ًا في الحزب ومستمر أكيد في علاقاته مع الحزب، فكان موضوع التوجيه التربوي موضوع فيه باب كبير من أبواب الفساد، وعلى سبيل المثال الموجه التربوي مسؤول عن 150 معلم تقريبًا ولا يمكن أن يزور 150 معلمًا فلا يُتعب نفسه بالزيارة، كانت مجموعة موجهين وهذا الكلام في كل المجمعات التربوية حين يزورون مدرسة كانوا يخبرون المدير غدًا الزيارة عندك، المدير يُجهز الغداء في بيته يمرون على المدرسة يشربون الشاي وبعد ذلك الغداء عند المدير كان النظام يشير بهذا الشكل، لم يكن هناك شيء اسمه تدريب تربوي وتطوير تربوي، هذه القضايا كلها بعيدة كل البعد، كان عملهم يتلخص في أن يُعين إما بالواسطة أو بالرشوة والمحسوبيات وما أشبه ذلك، ودائمًا يبدأ الفساد من القمة ثم ينتشر وصولًا إلى القاعدة.
كان التركيز على فئة المعلمين فيما يتعلق بالانتساب للحزب، عندما يكون طالبًا في الثانوية تبدأ العروض للانتساب للحزب يختارون بعض الطلاب في المعاهد ويكون نوع من التضييق على الأشخاص الغير منتسبين للحزب وبالتالي معظم المعلمين ينتسبون لحزب البعث من أجل الخلاص من قصة التضييق، ثم بعد ذلك لما تصير الانتخابات للشعب الحزبية كثير من المعلمين بحكم أن عددهم كبير كان بعضهم ينجح كأعضاء شعب الحزب، وحين انتهاء عمله في شعبة الحزب يصير موجهًا تربويًا، المؤهل الوحيد لديه أنه كان معلمًا والمزايا والمعايير كان في شعبة الحزب فقط، ليس مطلوبًا منه أصلًا أن يكون لديه تأهيل تربوي معين أو خبرات معينة في التعليم إطلاقًا، المهم أنه عضو قيادة شعبة، وقبلها بالتأكيد حتى يكون عضو قيادة شعبة يكون قبلها مثلًا مسؤولًا في حلقة أو فرقة حزبية أو مسؤول فرقة، وهو في الأساس لم يدخل على التعليم وليس لديه خبرة تربوية أصلًا، صار لأنه مسؤول في الحزب، وهذا جعل قبضة الحزب أقوى على المعلمين لأنهم يعرفون أنه يعرف عنهم كل شيء كان مسؤولًا عنهم في الفرقة الحزبية وصار في التوجيه التربوي، ولذلك كان غالبيتهم معهم صف خاص الصف الخاص هو معهد إعداء المعلمين درس سنتين ولا يحمل شهادة جامعية خريج معهد، ويُفترض الموجه التربوي يكون خريجًا جامعيًا، وهذا الأمر فيما بعد بدأ تطبيقه في 2007 أما قبل ذلك المؤهلات وعدد كبير منهم الكل تقريبًا كانوا بهذا الشكل يُوظفون، فينطبق هذا الفساد على المعلمين والإداريين والمدارس.
أذكر موجهًا تربويًا توفي منذ فترة قريبة -رحمه الله- هذا الرجل كانت إحدى المعلمات تُريد أن تنتقل -معينة في عين العرب- على منطقة كفر كرمين، جاء على بيته في المساء فوجد حرامات من النوع الفاخر في البيت، سأل: من أين؟ قالوا له: المعلمة فلانة بعثتهم، فاتصل بها، وقال: تعالوا خذوا أشياءكم، لأنني لا أعمل بهذه الطريقة، هذا الرجل له وضع خاص جدًا وصل لمرحلة صار موجهًا تربويًا، نحن عندما نتحدث لا نُعمم هنا لا بد من وجود أشخاص يخافون الله، وأشخاص وصلوا بطريقة من الإختراق غير المقصود، لكن موجودين هؤلاء الأشخاص حتى لا نعمم ونقول: كل الموجهين التربويين في ذلك الوقت كانوا فاسدين كلهم موظفين كانوا فاسدين، لا الأمة لا تخلو من خير، يوجد أناس عندهم خير وكانوا يرفضون الرشاوى، ولكن في الوقت نفسه لا يستطيعون تغيير الواقع بالتأكيد، هو استطاع أن يمنع نفسه لكنه جزء من المنظومة ما استطاع أن يُغير الواقع، ولا يمكن أن يُغير الواقع، لأن المنظومة كلها هكذا، وإن كان هناك بعض الأشخاص الجيدين هنا وهناك، هذا الأمر موجود حتى بين الشرطة أعرف شرطيًا مساعد جمد في مكان لأنه لا يرتشي، فرغم رواتب الشرطة الزهيدة بشكل لا يُصدق كونه يُعين على الثانوية ومقصود هذا الأمر لذاته، فرواتبهم زهيدة والرجل لا يرتشي ووضعه المادي مهلهل لأبعد الحدود، وضعوه في أحد الدواوين كاتبًا بحيث لا يُؤثر على باقي المجموعة، لأن المجموعة كلها مرتشية وفيها شخص لا يقبل الرشوة يكشفهم، فسبحان الله هؤلاء موجودون بطبيعة الحال ومعروفون بالنسبة للناس ومعروفة أخلاقهم، لكن المنظومة كلها فاسدة مع الأسف، وهذا الأمر ينطبق على التعليم وينطبق على باقي دوائر الدولة في تلك المرحلة.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2023/12/02
الموضوع الرئیس
الفساد في مؤسسات نظام الأسدكود الشهادة
SMI/OH/234-05/
أجرى المقابلة
خليل الدالاتي
مكان المقابلة
اعزاز
التصنيف
مدني
المجال الزمني
قبل الثورة
updatedAt
2024/04/25
المنطقة الجغرافية
عموم سورية-عموم سوريةشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
حزب البعث العربي الاشتراكي