الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

إرهاصات الثورة والفساد في مؤسسات نظام الأسد

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:26:06:05

طبعًا الوضع في سورية مثل ما حكينا عنه أنه هو وضع محتقن بشكل كبير جدًّا حقيقة، وهذا الحكي ليس فقط من 2009 [أو] 2010 فحتى من قبل الـ 2000 يعني كان هناك ضغط وهناك احتقان لكن القبضة الأمنية الموجودة في سورية هي التي كانت تضغط على الوضع مثل ما حكينا، وحتى موضوع التواصل الاجتماعي عن طريق النت والإنترنت كذلك كانت مضغوطة ومضبوطة ضبطًا كاملًا فلا أحد يستطيع يعني أن يحكي.

 حتى إنكم تذكرون أنه كان هناك بعض الأشخاص يقولون: لم نكن نجرؤ أن نفتح فمنا إلا عند طبيب الأسنان! يعني لا يجرؤ أن يقول: لا، ولا يجرؤ أن يقول: لماذا؟ بسبب القبضة الأمنية التي كانت موجودة من أيام الثمانينات، واستمرت إلى الـ 2008- 2009 وفي فترة الـ 2008 - 2009 بعد أن تولى بشار الأسد سدة الحكم وبدأ يحكم هو، وزوجته المصانة -[انتقم] الله عز وجل [منها] يصطفل فيها السيدة أسماء-، وهي بدأت تظهر بشكلها الواضح تمامًا وانتشر [نفوذها] وحاولت أن تضع يدها على كثير من قضايا الدولة والأمة والسياسة في البلد، وكذا بدأ هناك تفكير أن يفرغوا دمشق من عاصمتها؛ يعني يسحبون العاصمة من دمشق وينقلونها باتجاه مناطق ثانية في سورية، [وهذه] الخطة هي خطة ممنهجة وخطة شيعية لمحاربة الأمويين إذا رحنا في هذا الاتجاه بشكل واضح تمامًا؛ يعني دمشق هي عاصمة الأمويين من أيام مروان بن عبد الملك يعني منذ أن بدأ بتأسيس الخلافة الأموية وهي كانت العاصمة لها هي دمشق العاصمة دمشق وانتقلت العاصمة الإسلامية إلى بغداد فترة و رجعت إلى دمشق، وبقيت وجودها [العاصمة] في دمشق، فلها يعني تاريخ عريق جدًّا في سورية كمدينة دمشق وكعاصمة للخلافة الأموية.

 بدأت أسماء الأسد تفكر بأن تنقل العاصمة من دمشق باتجاه حمص، لذلك بدأوا بفكرة تجزيء العاصمة، فالعاصمة الدبلوماسية والسياسية تكون دمشق، والعاصمة الاقتصادية تكون حلب إرضاء لحلب، والعاصمة السياحية تكون في حمص، حسنًا لماذا ليست في اللاذقية؟ قال لا، لأن حمص هي من المفترض أنها مركز المنطقة الوسطى، والحقيقة ليست كذلك، والحقيقة هي تفريغ دمشق وسحب السياسة أو سحب العاصمة من دمشق ووضعها في حمص، وكانت تُجَهز حمص قبل الثورة لإنشاء أو لجعل العاصمة في حمص، وفي منطقة حمص لذلك كانت هي –نستطيع أن نسميها- أولى الأفكار التي تحاول أن تكون هي سببًا من أسباب اندلاع الثورة، إذًا تفريغ دمشق سياسيًّا واقتصاديًّا وسياحيًّا، وتشتيتها بهذا الاتجاه وبهذا المنطق.

 أيضًا مثلًا صاروا يركزون على جعل [حمص مركزًا للتعليم] فمثلًا بالنسبة للتربية والتعليم أنشؤوا مركز المتميزين في حمص، فهذا أيضًا مؤشر آخر لعملية تفريغ دمشق من الحكم أو من السياسة وأن تكون هي عاصمة سورية، ومركز المتميزين في حمص أُنشأ في الـ 2008 أظن أو 2009 وهذا المركز هو الذي [كان] ظاهرًا لأخذ الطلاب المتميزين في كل مادة؛ يعني عندي أنا متميز في مادة الرياضيات يسحبونه باتجاه هذا المركز، والمتميز في مادة العلوم والمتميز في الكيمياء والمتميز في الفيزياء والمتميز في المواد الأدبية، فكانوا يجهزون المركز لهؤلاء الناس.

 طبعًا نحن بحكم برنامجنا -دمج التكنولوجيا في التعليم- كان لنا وجود لأنهم هم يريدون أن يعلموه بطرائق حديثة، فأحدث طرق في ذلك الوقت هو هذا البرنامج نفسه لأنه قد تبنى الطرائق التعليمية الحديثة، لكن عندما دخلنا المركز ولاحظنا أن الموضوع أبعد من ذلك، فالموضوع أخطر من ذلك بكثير، وتجميع المتميزين في حمص وتفريغ دمشق من الظاهرة هذه، بحجة أن حمص هي المنطقة الوسطى في سورية، لا، الموضوع هو إبعاد الجانب الثقافي حتى عن مدينة دمشق وجعله في حمص، فهذا كان أمل أسماء الأسد وأمل بشار الأسد وأمل آل الأخرس أن تنتقل العاصمة من دمشق وتوضع في حمص؛ فالبدايات في السياحة لكن النهايات حتى السلطة السياسية والسلطة الدبلوماسية تكون في حمص وليست في دمشق وتفريغها تاريخيًّا، طبعًا هذه كانت أولى [الخطوات] يعني السياسيون بدأوا ينظرون هذه النظرة وخاصة المعارضين، فهناك معارضون [يقولون:] أنت ماذا تفعل؟ أنت تفرغ دمشق معنى ذلك أن لك هدف بعيد المنال.

 أيضًا من أسباب الثورة والاحتقان الذي كان حاصلًا بين الشعب، والاحتقان يعني أن الشخص كان يُضغط بشكل غير طبيعي، وموضوع الفساد المنتشر كان، يعني أنك إذا أردت أن تُوظف في الدولة، يجب أن تدفع مبلغًا كبيرًا حتى تُعين، وكانت التعيينات لا تؤخذ على الكفاءات يعني وصلت إلى مرحلة لم يبق [التوظيف على الكفاءات]، فأنا من الممكن أن أدفع مثلًا 25 ألفًا لآخذ وظيفة، وإذا لم أدفع 25 ألفًا لن أحصل على وظيفة، وكلمة 25 ألفًا في تلك الأيام يعني الدولار كان حقه 40 - 45 ليرة يعني كان مبلغًا [كبيرًا]، وأنت كموظف لا تحصله.

 أذكر أنني بنيت بيتًا عندي في المخالفات بالنسبة لدوما في الـ 2000، فجاءني شرطي يريد قرشين (رشوة) لأجل أن يغلق [الضبط] يعني لكي لا يهد البناء لأنه في منطقة مخالفات، المهم وقتها دار حديث بيني وبينه -من حديث إلى حديث- قال لي: أنا دافع 15 ألف [ليرة] سورية لكي آتي إلى دوما لأنهم يقولون لنا بأن دوما هي مثل دبي وجماعتها يدفعون نقودًا كثيرة، ويسيرون أمورهم بالنقود، فأنا دفعت نقودًا وجئت إلى دوما لكي أحصلهم، يا رجل إلى الآن ما دفعت -صار لي 3 سنين- وإلى الآن لم أحصل المبلغ الذي دفعته، فتلاحظ من خلال الكلام أن الفساد واضح بشكل كبير جدًّا، [وانتشرت] الرشى فأنت إذا لك أخ سوف يُسجن أو ابن سوف يُسجن تدفع 10 آلاف فيخرج من السجن، وإن شاء الله (حتى لو) كان مرتكبًا أكبر جريمة أكبر جريمة، فالقضاة الموجودون في القضاء وظيفتهم فقط هي تمشية أمور الناس الفاسدة فهذه وظيفتهم، [وهم] موضوعون في محاكم معينة.

 ومرة حكى لي أحد المحامين قال لي: نعرف القاضي الفلاني يريد مبلغًا معينًا أنا أعرفه [فهو] يروح إلى صاحب العلاقة ويقول له: أخي [هل] تدفع مبلغًا مثلًا 10 آلاف أو 5 آلاف حتى أسيّر لك القضية، فيقول له: أنا صدقًا ليس لي علاقة بالموضوع، لكن فلانًا يريده، فكانوا مفاتيح لهؤلاء القضاة فيدفع الـ 25 [أو] 30 ألفًا يدفعهم فيخرج براءة، وصاحب العلاقة الثانية أو الخصم الثاني يمكن أن يُوضع في السجن، وقد يكون الحق مع ذلك الذي وُضع في السجن! أو أنه يُضَيع الموضوع؛ خلص يا أخي مالك أنت ولك مال أو ليس لك مال ومِن هذا الموضوع، فكانت المشكلات كبيرة جدًّا حقيقة والمحاكم الاقتصادية التي فُتحت أنه أنت إن وُجد معك 10 دولار يحولوك إلى المحكمة الاقتصادية، وتاجر ثان 100 ألف دولار يُعثر عليها في حقيبته ولا يُحاكم، ولماذا لا يُحاكم؟ لأن المحكمة الاقتصادية وجدت لموضوع دفع الأموال.

 من قصص الموضوع الفساد: أحد الشباب كان معنا في الجامعة وكان يخدم في الجيش وفي نفس الوقت موظف في وزارة المالية بمديرية المال في التل، هذا الشاب زميل لنا ولن أذكر اسمه حفاظًا عليه هذا الشاب كان قد استنفد سنوات الرسوب في الجامعة فلم يبق أمامه إلا أن يذهب إلى الجيش، ولماذا استنفدها؟ بسبب أنه يشتغل موظفًا في وزارة المالية -في مديرية المال- وكان مقربًا كثيرًا من مدير المال، يعني له مكانته، فكان يدفع نصف الراتب الذي يأخذه لمدير المال مقابل أن يغطي عليه والنصف الثاني يعيش عليه، وبنفس الوقت كان يروح إلى الجيش [وهو] دافع تفييش(رشوة يقدمها العسكري المجند للمسؤول عنه كي لا يحضر إلى قطعته العسكرية التي فرز إليها) بالنسبة للجيش هو كان برتبة رقيب، دافع التفييش فيحضر الاجتماع الصباحي ويخرج ويجيء إلى مديرية المال، ولا أحد يعرف أنه يخدم في الجيش أبدًا، فنحن رفاقه المقربون لا نعرف أنه يخدم في الجيش، فنحن نعرف أنه يدبر أموره ويُؤجل ويدفع نقودًا ويتأجل هذا الذي كان يعني فهذا كله فساد هذا كله فساد، والمهم في يوم من الأيام وشى عليه رفاقه [عندما] اختلف هو وواحد من أصحابه فكتب فيه تقريرًا جلب أجله (كاد أن يودي بحياته) فأخذوه إلى الجيش ووضعوه في السجن فقال له [الضابط] عند بداية دخوله: لا تقل لي لا دخل لك، وأنت السبب في البوسنة والهرسك -كانت وقتها معارك البوسنة والهرسك-، وأنت سبب الحالة الاقتصادية في التاريخ وفي العالم كله، وأنت السبب ولا تقل لي لا دخل لك، فأنت السبب، وأنت أخذت منصبًا غير منصبك وأخدت وظيفتين وأنت لا يحق لك، فلذلك أنت الآن سوف تُحاسب قال لي: المهم أنهم وضعوه في الزنزانة -في القاووش (كلمة تركية بمعنى السجن)- مع رفاقه الاقتصاديين وكذا، قال لي: عندما كنا قاعدين دخل علينا واحد مشكلته اقتصادية وسوف يُحكم اقتصاديًّا 7 سنين لماذا؟ لأنه مهرب 1000 قداحة -ولاعات الغاز الموجودين في السوق قد هربهم- كيف هربتهم يا أبا الشباب؟ 1000 وحدة تستطيع أن تضعهم في كيس من النايلون (نوع من البلاستيك) يعني هم يوضعون في كيس من النايلون، قال له: وضعتهم في كيس من النايلون وأدخلتهم؛ يعني خرج من لبنان ودخل إلى سورية، لماذا؟ لأنه في سورية سعر القداحة تقريبًا يمكن 10 ليرات كانت القداحة، وفي لبنان سعرها ليرتان ونصف، فماذا قال له صاحب المتجر -السوبر ماركت-؟ قال له: أحضر 1000 قداحة وأنا آخذها منك بـ 5 وأنت تربح ليرتين ونصف في كل قداحة، فحسبها الرجل أنها توفي معه (تدر عليه أرباحًا)، فكلهم 1000 قداحة يعني [يتسعون] بكيس من النايلون وأضعهم معي في السيارة ولن يراهم أحد، وأثناء تفتيشهم للسيارة، -كان قادمًا من لبنان إلى سورية- قال له: ماذا يوجد معك؟ معه بسكويت ومعه كذا، وقال له: ماذا معك أيضًا؟ قال له: قداحات، قال: ماذا؟ قال: قداحات، فقال: أين هم؟ قال: انظر لهم، فقال له: انزل، فأخذه إلى رئيس الدورية، وقال له: سيدي هذا قد أحضر قداحات، فقال له: العمى في قلبك (شتمه) قداحات! وهل أحد يهرب قداحات! فضربوه وحجزوا القداحات وحولوه إلى المحكمة الاقتصادية وراح إلى السجن، لماذا؟ 1000 قداحة، وكم سعرهم يعني كم سيوفر بسببهم؟ يعني سيوفر ليرتين ونصف، يعني 2500 ليرة، يعني كم دولار؟ فالأمر أنت لا تتصور سبب خطورته، حسنًا والسوق الممتلئ بالقداحات من أين تأتي هذه؟ هي تجيء بتهريب من فلان وفلان من جماعتهم، لأنك أنت عندك 1 مليون قداحة في اليوم تُصرف احسبها كم عائلة موجودين؟ كل عائلة سوف تحتاج قداحة، فتستهلك قداحتين في الجمعة، ومعنى ذلك أن هؤلاء القداحات ستنخفض قيمتهم في السوق، فإذا فُتح باب التهريب لأكثر من شخص غير جماعتهم فبالتالي سوف يُكسرون (يخسرون) في السوق ولن يستطيعوا أن يجمعوا [الأموال الطائلة] يعني واحدهم يجمع في اليوم 1 مليون ليرة سورية، وأنت على 2000 ليرة حاكموك! قال له: نعم 2000 ليرة حاكموني لأنه هو كسر الباب لأنهم إذا تركوا الباب مفتوحًا بهذه الطريقة للتهريب لأي شخص، فلن يبق عندهم عملية تهريب، وحقيقة يعني كان وقتها قال لي وكان قد خرج من السجن؛ دفع نقودًا فخرج من السجن: صاحب القداحات لم يخرج بعد!

 إذًا أنت تستشعر مدى الفساد الذي كان موجودًا في الدولة ناهيك لكن مثل ما حكينا عن موضوع السيرتيل وموضوع mtn (شركتان مشغلتان للهواتف المحمولة) كان بيد من كانتا؟ بيد مخلوف، ورياض شاليش وهو ابن عمة بشار الأسد وماذا كانت وظيفته؟ هذا رياض شاليش كان ضابطًا في الجيش، وأبو علي ذو الهمة أخوه هؤلاء عسكريون، وفي القانون الدولي ممنوع أن يعمل العسكري أي عمل غير العسكرة؛ يعني أنت ضابط في الجيش تبقى في الجيش وليس لك علاقة لا بالتجارة ولا لك علاقة بالصناعة وليس لك علاقة بأي أحد، وهذا قانون، وهم كانوا على العكس فلا توجد عملية تعهد أو بناء مدن أو ضواح، وضواحي الأسد التي كانت مشهورة حول دمشق وحول مراكز المدن كلها، فمَن كان يبنيها؟ رياض شاليش، فالضواحي لرياض شاليش، والطرقات مَن كان يستلمها؟ ذو الهمة أبو علي -ذو الهمة شاليش- هذا الذي كان يستلمها، وارجع إلى السجلات الدولة ولن تجد لهم اسمًا، فباسم مَن إذًا؟ كانت بأسماء أشخاص يعملون تحت يدهم، فالشخص يتعب ويفنى ويخسر ويربح، ورياض شاليش يأخذ الربح الصافي إلى جيبه.

هذا الفساد الذي هو أحد أسباب اندلاع الثورة، فأنت لم تكن تستطيع أن تقول لرياض شاليش لماذا كنت تفعل هكذا، ولن تستطيع أن تقول لآل مخلوف لماذا فقط أنتم الموجودون في سيرتيل و mtn؟ ولماذا لا تسمحون لشركة منافسة [أخرى؟ فذلك] ممنوع، وثانيًا القاضي في الاقتصاد ممنوع أن يستلم الدعوى إلا القاضي فلان فقط هو الذي سيستلم الدعوى الاقتصادية والمحاكم الاقتصادية لفلان، وهكذا كانت أمور الدولة وأمور البلد، فكنت أنت إذا أردت أن تسير أمورك، كانت موجودة عبارة ارش لتمشي وعندما ترشي ستمشي (ستصل إلى ما تريد) وإذا لم ترش لن تمشي، حتى لو كانت أوراقك صحيحة 100%، وأنتم تعرفون كان مباشرة أنت شرطي السير يصفر لك فتكون قد وضعت له في الميكانيك (أوراق السيارة) 5 ليرات، و[بعدها لم تعد] توفي (تكفيهم) الـ 5 يريدون الـ 25 والـ 50 والـ 100  فتضعها ضمن الميكانيك (أوراق السيارة) وتعطيه إياها فكان يسحب الـ25 ويقول لك: امش واذهب، وبعده في الدورية الـ 2 يوجد عندها 50 ثانية والدورية التي بعدها أيضًا هناك 50 ثانية، وهكذا كانت الأمور حتى لو كانت سيارتك نظامية 100% إذا لم يكن هناك 25 في الميكانيك لن تمشي.

 أذكر في قصة من القصص عندما كنا صغارًا، وأخي –رحمه الله- كان عنده سيارة مكسور عليها سنوات بالترسيم، وهي لفلاح أخذها منه وكان يشتغل عليها ويريد أن يحضر له خضارًا من الأرض الزراعية إلى سوق الهال، كنا نمشي في الغوطة بين البساتين لكي لا نخرج إلى دمشق لأنه السيارة مخالفة يعني سوف تُحجز السيارة وسوف يُسجن السائق ويذهب كذا، والمهم أننا وصلنا إلى حاجز طيار (مفاجئ) في منطقة حرستا القنطرة، فصفر له وتوقف، وأمسك كمشة (ملء اليد) من البزر مصري وأعطاها لأخي، وقال له: هذه لكي تتسلى بها على الطريق، وقال له: أعطني الأوراق، فعرف أخي يعني بالتأكيد [سيعاقَب] يعني لا توجد أوراق ولا يوجد فيها شيء والميكانيك عليه كسر وكذا، فوضع له بالشهادة مع الميكانيك 25 ليرة، فنظر إليه وقال له: لا تكفي، وفي ذلك الوقت أخذ منه 250 ليرة حتى سمح له أن يمرر الحِمل فنزل به إلى السوق ورجع، فقال لي: أنا ماذا استفدت؟ يعني كل [أجرة] النهار دفعتها، فلا الفلاح [يرضى أن] يؤجر يعني يساوي سيارته ولا أنا أستطيع أن أشتغل بدون هذه السيارة، لذلك يعني كانت الرشى وقصد بشكل لا يُصدق، ونقول لك أن السوريين علموا الرشوة بالأردن، نعم علموها في الأردن فصارت رشاهم مثل داء انتشر يعني.

 هذا سبب الفساد الدولة وفساد الأمة وفساد السلطة الحاكمة أنك أنت لا تُسير أمورك إلا عن طريق الفساد، هذه كانت هي أحد الأسباب التي جعلتك تنفجر وتقوم الثورة فيها [في سورية].

 أيضًا من الأسباب التي كانت موجودة مثلًا وحملوها لعلي سعد هي المحجبات، فكان عنده قانون أنه لا توجد أية معلمة ملثمة -نسميها ملثمة أو مفيمة-؛ يعني المعلمة التي تضع على وجهها منديلًا أو المعلمة التي تضع نقابًا ممنوع أن تدخل إلى المدرسة، وممنوع مديرة مدرسة ألا تصافح الأستاذ فيجب عليها أن تسلم على الأستاذ صباحًا ومساء، وإذا مدت يدها والأستاذ لم يسلم عليها فالاثنان الأستاذ والمديرة يطيران؛ يذهبان من مكانهما (يُعفيان من الوظيفة)،  فكان كثير من الأساتذة يُحرجون من عملية مصافحة المرأة ومشكلاتها لذلك ماذا كان يفعل؟ أصدر قرارًا أية منقبة لا تخلع النقاب عن وجهها تُنقل من وزارة التربية إلى وزارة الإدارة المحلية، ليضعها في البلديات، أو أن تستقيل استقالة، والاستقالة كثيرًا سيُسَر منها، لماذا؟ لأنه سيجلب بديلًا عنها من جماعتهم وكانت جماعتهم -العلويون- نحكيها بكل أريحية وبصراحة أن نصاب المدرس 20 ساعة وهذا النصاب النظامي، وإذا كان عندك ساعات زيادة سوف تأخذها إضافية لأجل أن تكمل إي يعني تعلم للطلاب لأنك أنت تعرف إذا لم تأخذ [حصصًا] إضافية سوف يبقى الطلاب بدون تعليم، [فيقول في نفسه:] لا سآخذهم إضافي وأعلم، وكانت نسبة معينة على [الحصص] الإضافية -12 ساعة- وفوق الـ 12 ساعة الإضافية لا يحسبون لك إياها، فيحسبون لك فقط 12 ساعة وأنت مضطر يعني أهل بلدك ماذا ستفعل، وخاصة في القرى يكون هناك نقص مدرسين فيأتي أستاذ اختصاصي يأخذهم إضافيًّا عنده حتى لو كانوا فوق 12 ساعة ويحاسبونه على 12 ساعة، وأيضًا هذه حالة من حالات الفساد.

 وتأتي للموظفين العلويين والمعلمات العلويات أو الأساتذة العلويين كم نصابهم نصف نصاب، يعني أنا الصف المدرسة فيها 20 ساعة لمادة علم الأحياء يأخذها 2 -كل واحد 10 ساعات-، هذا في حال إذا كان يريد أن يدرس، أما إذا كان من جماعة الأسرة الحاكمة أو المقربين من الأسرة الحاكمة فلا داعي أن يذهب إلى المدرسة فلا داعي أن يذهب، فيستلم راتبه ويرجع يعني جماعة خير بيك، في الـ2003 عملت الوزارة تثبيت وكلاء -دورة لتثبيت وكلاء- وأنا كنت مدرسًا في هذه الدورة كمادة علم أحياء والمهم هناك وحدة اسمها حنان خير بيك وإلى الآن أذكر اسمها بالشكل الصريح، وأين هي حنان خير بيك، قال: لا تأتي، ولماذا لا تأتي إلى الدورة؟ قال: لا أعرف قلت له: خلاص سجلها غيابًا، وأنا يعني ليس لي علاقة الآن يعني لم أكن مشرف الدورة أنا حتى يعني أدقق كثيرًا ولكن من باب الاستفسار يعني نذكر اسمها فهي طالبة عندي يعني أضع اسمها وإلى جانبه حرف الغين وتُرفع غيابًا عاديًّا، وفي أيام الامتحانات المفروض إذا غابت 4 جلسات عن الدورة ألا تحضر [الامتحانات] فهذه تُعتبر مفصولة ولن تحضر [تقدم الامتحانات] لأنها لم تلتزم، فيوم الامتحانات جاءت لتقدم الامتحان -امتحان تثبيت الوكلاء-، وكيف جاءت هذه، وهي تُعتبر مفصولة؟ [فقالوا لي:] دبرها (اجعلها تقدم الامتحان) فهي [من عائلة] خير بيك [فقلت:] أهلًا وسهلًا، ومَن هؤلاء جماعة خير بيك؟ بالله فنحن لم نكن نعرفهم وإذ بهم من أقرباء الأسرة الحاكمة وهؤلاء من جماعة القصر الجمهوري، [فقلت لها:] أنا مدير مدرسة ولن تدخلي فقالت: سأدخل غصبًا عنك ولا دخل لك، والمهم راحت نصف ساعة ورجعت، فاتصلوا به من التربية: دع فلانة تقدم الامتحان فالمدير شاط -شاط عقله- (غضب) يعني فهمت أنا، يعني أنا هل أنا مهرج أمامكم أم رجل كرسي (لا يؤخذ برأيي) أم ماذا؟ يعني طالبة لم تحضر، كيف ستدخل وتقدم امتحان؟ [فقالوا له:] نعم ستدخل لتقدم امتحان [فقال لهم: إنه امتحان] تثبيت وكلاء! والله [وماذا يعني أنها] جاءت، وما شاء الله عمرها كبير، حسنًا كيف تثبيت وكلاء وعمرها كبير؟ فلم تكن يعني أنت تتوقع الذي يصير، والمهم سوف تدخل إلى الامتحانات وأنا كنت مراقبًا للامتحان، ففتحت كتاب ووضعته على المقعد فصادرت لها الكتاب فخربت الدنيا كيف تأخذ الكتاب؟؟ [فقلت لهم] ثاني يوم: يا جماعة الذي أراد أن يغش فليغش هكذا لأنهم قاموا بإهانتنا في الإدارة وأنك كيف تأخذ منها الكتاب؟ فالذي أراد أن يغش فليغش لكن لا يجعلني أرى الراشيتا (ورقة يكتب عليها الطلاب المطلوب في الامتحان ليغشوا منها)، ولا يريني الكتاب، لكن لماذا؟ وأنا في العادة لا أسمح، فلماذا سمحت لهم الآن؟ لأنه جاء الضغط من فوق (من السلطة) أنه دع فلانة تغش، فلماذا فلانة تغش والباقي نحاسبهم، لا، فلتهن [دعهم كلهم يغشون، بما أن الوضع خرب] كلن سوا ساويهن وهن خربانة خربانة معن يعني أنا أعرف أن هؤلاء الأساتذة هم فاشلون بالأصل وأنهم لن  يكونوا مدرسين في المدارس، سوف يكونون في عمل إداري يعني أكثر من عمل إداري لن يقدروا أن يمارسوا فلن يستطيعوا أن يدرسوا، المهم حنان خير بيك نجحت وتثبتت كوكيلة وراحت إلى قريتها وقعدت في بيتها ولم تدرس، فكثير منهم كان ينقل نفوسه إلى ريف دمشق من أجل التعيين، وبعد أن يداوم أسبوعًا أو شهرًا زمن يرجع إلى اللاذقية، وترى اللاذقية نسبة الدارسين فيها نسبة عظمى هي وطرطوس وعندهم فائض بالمدرسين ونصابهم نصف نصاب أو أقل من نصف النصاب، بينما في دير الزور والحسكة والقامشلي وإدلب وحلب وريف دمشق ودرعا عندنا عجز بالمدرسين، فهذا من أحد أسباب الانفجار التي حصل؛ أن فلانًا مميز عن فلان.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2023/11/25

الموضوع الرئیس

الفساد في مؤسسات نظام الأسدالتعليم قبل الثورة

كود الشهادة

SMI/OH/214-11/

أجرى المقابلة

خليل الدالاتي

مكان المقابلة

اعزاز

التصنيف

مدني

المجال الزمني

قبل الثورة

updatedAt

2024/04/22

المنطقة الجغرافية

عموم سورية-عموم سورية

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

الجيش العربي السوري - نظام

الجيش العربي السوري - نظام

وزارة التربية - النظام

وزارة التربية - النظام

وزارة المالية - نظام

وزارة المالية - نظام

شركة سيريتل

شركة سيريتل

شركة ام تي ان سوريا  (MTN)

شركة ام تي ان سوريا (MTN)

الشهادات المرتبطة