الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

التجهيزات في انتظار انطلاق شرارة الثورة السورية

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:16:36:05

مع بداية شهر آذار/ مارس، بدأنا نفكر جدياً بأن هناك حراكاً يجب أن ينطلق، ولكن أين؟ ومتى؟ وبدأت التفاصيل تتعلق بتحديد الزمان والمكان المناسبين فعلاً؛ لإطلاق حراك احتجاجي. كنا نفكر أنا والأصدقاء الذين أعتبرهم مجموعة -وأنا أحدهم- في جزئيات تتعلق بكيفية توثيق أي حراك، وكيف يمكن أن نجعله محمياً من بطش النظام؟ كنا دائماً نقول: يجب أن يكون أي حراك في وسط شعبي كبير: إما في سوق، أو في احتفال كبير، أو في ملعب لإحدى المباريات. كنا نفكر أن نكون محميين قدر الإمكان بالناس، بمعنى أن الناس تحمينا من بطش الشرطة وقوات الأمن. وكنا نفكر أيضاً بأن هذا الحراك يجب أن يكون على مرأى أكبر عدد ممكن من الناس؛ حتى يقوم هذا الوسط بنشاط إعلامي لنا من دون أن نطلب منه ذلك. بمعنى أنك عندما تقوم بمظاهرة في سوق فكل من في السوق سيتحدث مع أقاربه ومعارفه عن هذه المظاهرة، وكأنك قمت بعمل إعلامي من دون أن تطلب من الناس ذلك.

النقطة الأخرى، كيف نوثق هذا النشاط؟ كانت أجهزة الاتصال في ذلك الوقت (الهاتف المحمول) دقتها رديئة، ومعظمنا لا يمتلك أجهزة جيدة على هذا الصعيد، ومن الصعب جداً على أي شخص منا أن يحمل كاميرا، ويصور نشاطاً؛ لأن قوات الأمن حتماً ستتعامل معه بشكل حاسم. وخطر في بالنا الكاميرات السرية، وتواصلت في ذلك الوقت مع الدكتور أيهم حداد، وهو صديق تعرفت عليه من خلال" الفيسبوك"، وهو طبيب مقيم في أمريكا. وسألته: هل يوجد إمكانية أن يؤمن لنا كاميرات سرية؟ وفعلاً، الرجل استجاب بسرعة، وأرسل عدداً من الكاميرات السرية إلى لبنان، وذهب الناشط والشاعر عمر سليمان عن طريق أحد معارفه (تاجر أحذية في حمص)، واستطعنا تهريب أقلام تصوير، تحمل كاميرا سرية، وأدخلناهم من لبنان إلى حمص. وطبعاً، وصلوا متأخرين بعد المظاهرة الأولى التي انطلقت في الخامس عشر من آذار/ مارس. ولكن لاحقاً. استطعنا أن نستخدمهم بشكل جيد وإيجابي، بالإضافة إلى أن أخي كان مقيماً في لبنان (محمد علي إدلبي) وهو أيضاً استطاع تأمين العشرات من الكاميرات، كانت متنوعة الأشكال، مع قبعات، ونظارات، وميداليات يوجد فيها كاميرات سرية، ووصلوا في ذلك الوقت، في عشرين آذار/ مارس تقريباً على ما أعتقد، ووزعناها فيما بعد، بمعنى أن هذا التحضير كان للمظاهرات. بصراحة، نحن بدأنا التحضير للمظاهرات، ولا نعرف متى ستنطلق، أو أنها هل ستنطلق أم لا؟

دار الكثير من النقاشات حول: متى هذه المظاهرات؟ وأين؟ وكل شيء كان يثير نقاشاً، وأحد أسباب عدم الاتفاق أننا لا نعرف بعضنا بشكل كامل، والثقة ليست موجودة دائماً بيننا كناشطين، وبصرف النظر عن التحليل لهذه الخلافات، ولكن هذه الخلافات كانت موجودة حول متى...؟

صفحة الثورة السورية تحدثت عن 15 آذار، وكان يدور بيننا نقاش حول تاريخين: التاريخ الأول طرحه النشطاء الكرد، أصدقاؤنا الكرد كانوا يريدون أن يكون الحراك في 12 آذار/ مارس؛ ليتزامن مع ذكرى انتفاضة الكرد في القامشلي في عام 2004، والتي أتت في 12 آذار/ مارس في ذلك الوقت. ومعظم الناشطين الذين كانت لهم ارتباطات بأحزاب معارضة سورية قديمة فضلوا يوم 16 آذار/ مارس؛ على اعتبار أنه يوم المعتقل، وكانت المعارضة السورية، وبشكل تقليدي سنوي، تعتصم أمام مبنى أمن الدولة بأعداد قليلة جداً، وتطالب بالإفراج عن المعتقلين السياسيين في سورية، وهذا النشاط كان نخبوياً بالكامل، ولم يكن جماهيرياً على الإطلاق. بينما في عام 2011، كان يوجد إصرار من قبل المعارضة السورية على دعوة أسر المعتقلين في سجون النظام لحضور هذا الاعتصام في 16 آذار/ مارس عام 2011، ونقل مكان الاعتصام من أمام مبنى أمن الدولة إلى وزارة الداخلية، في ساحة المرجة، وأنا أحد الأشخاص الذين لم أكن أتمنى أن يكون هناك نشاط ثوري بالتزامن مع يوم المعتقل، وكنت أعتقد أن حضور أسر المعتقلين للاعتصام، وحضورنا نحن كناشطين [أمر] كبير في هذا الاعتصام، وسيعرض هؤلاء العائلات، وهذه الأسر لخطر الاعتقال. في حين أنه كان من الممكن أن يمر يوم الاعتصام من دون مخاطر كبيرة، فيما لو لم نشارك فيه كمعارضة بأعداد كبيرة. وهذا أحد الأسباب التي جعلتني لا أحضر هذا اليوم، وحضره الكثيرون، وكان يوماً في غاية الأهمية. يوم الاعتصام سنعود له لاحقاً.

كانت النقاشات حول: متى يكون الإعلان عن انطلاق الثورة السورية؟ وجدنا أنه كي لا نفرق (نبعثر) الجهود، وحتى لا يكون هناك أكثر من قرار، و [وحيث أنّا] وجدنا حضوراً شعبياً كبيراً على صفحة الثورة السورية؛ فقلنا: ربما يكون هذا الحضور الشعبي مسانداً لنا فيما لو جعلنا من هذا اليوم الذي حددته صفحة الثورة السورية ضد بشار الأسد، وهو اليوم 15 آذار/ مارس عام 2011، فيما لو اعتمدنا هذا اليوم، ربما نستطيع أن تكون صفوفنا أكثر التحاماً مع الناس الذين علموا بهذا التاريخ.

المجموعة التي كنت من ضمنها (من الناشطين)، اعتمدنا الخروج في يوم 15 آذار، واتفقنا على هذا اليوم، وقلنا: سنعتمد نفس التاريخ الذي قررته صفحة الثورة السورية. وأثار المكان [المقترح لانطلاق المظاهرة) جلبة وفوضى في الحقيقة. صفحة الثورة السورية كانت تتحدث عن الساحة [المتواجد فيها] تمثال صلاح الدين (مدخل سوق الحميدية في دمشق)، ودار نقاش حول هذه المسألة، وقلنا: إننا تضامنًا مع الناشطين الكرد على اعتبار أن صلاح الدين الأيوبي يمثل رمزاً عند الأخوة الكرد. ووافقنا على هذا المكان (مدخل سوق الحميدية عند تمثال صلاح الدين الأيوبي). ولاحقاً، جرى نقاش، يبدو أن الأخوة الكرد ترددوا في المشاركة، في مظاهرة 15 آذار/ مارس، وسمعت بشكل مباشر منهم: أن قيادات المعارضة الكردية (الأحزاب الكرية) لن تشارك في مظاهرة، في يوم 15 آذار/ مارس، أو بالأحرى ستنطلق بمظاهرة مسائية في 15 آذار/ مارس في ساحة الأمويين، فيما لو خرجت المظاهرة الأساسية بمشاركة كل المعارضة السورية، أو بزخم كبير من المعارضة السورية ظهيرة يوم الثلاثاء، في يوم 15 آذار/ مارس. بمعنى أنهم ربطوا خروجهم أو مشاركتهم بمشاركة كل أحزاب المعارضة السورية العربية في المظاهرة الأولى. وبكل الأحوال، هم لم يحضروا، والذي أتذكره جيداً: أنه في المظاهرة الأولى، في يوم 15 آذار/ مارس، في سوق الحميدية، لم يتواجدوا، مع الأسف، ولم يأتوا.

نحن اتفقنا على أن يكون الانطلاق من عند تمثال صلاح الدين، كما ذكرت [سابقاً] تضامناً مع الأخوة الكرد، وانتهت النقاشات حول أن هذا المكان في دمشق، ويجب أن يكون هناك حراك مواز في ساحة سعدالله الجابري، في نفس الوقت، في يوم الثلاثاء، في 15 آذار، بعد صلاة الظهر مباشرة في مدينة حلب. اتفقنا على أن يكون هناك حراك بنفس الوقت في المكانين: دمشق، وحلب. ومجموعة حلب كان يتواصل معها مجموعة الناشطين الذين كانوا موجودين في حلب كان يتواصل معها الناشط محمد علوش بشكل مباشر. وأعتقد أن اعتقال محمد علوش صبيحة أو ليلة يوم 14 آذار/ مارس، واعتقال المجموعة التي كانت من الناشطين في حلب، ساهمت في انفضاض مظاهرة سعدالله الجابري.

في التحضيرات أيضاً لمظاهرة يوم 15 آذار/ مارس، كان يوجد اتفاق مع مجموعة من الناشطين: على أن يكون هناك بعض المؤشرات على أن هناك فعلاً استعداداً عند الناشطين للانخراط في العمل الثوري. واتفقنا على عدة أنشطة، والأنشطة جميعها تم تحديدها ليلة 12 – 13 آذار/ مارس، مع نهاية يوم 12 آذار، وبداية يوم 13 آذار، تنطلق عدة تحركات في عدة مناطق بشكل متزامن. وفعلاً، حدث هذا النشاط في ثلاثة مدن على الأقل، وأشعل ناشطون في مدينة دمشق إطارات على أسطح المنازل، في حي ركن الدين، والنشاط له رمزية أيضاً، بمعنى أن النار بحد ذاتها كان لها رمزية عند بعض أخوتنا الكرد الذين كانوا موجودين في ذلك النشاط، وتم تصوير مقطع فيديو، وأتذكر تفاصيله حتى الآن، كان عنوانه: "دمشق تعلن ولاءها للثورة". وكانت صورة الموسيقى التصويرية التي كانت خلفية لإشعال النار أغنية فيروز: "شام يا ذا السيف". ونشرت صفحة الثورة السورية فوراً مقطع الفيديو، وأحدث تفاعلاً كبيراً جداً، فهناك فعلاً استعداد لنشاط ثوري قادم.

في مدينة حمص، التقينا في منزل الناشط سهف عبد الرحمن، كنا مجموعة من الأشخاص، وصنعنا بالونات كتبنا عليها حرية فقط. وأطلقناها في حي الزهراء، في مدينة حمص، ويوجد شباب أحدهم الآن معتقل مع الأسف، وهم من حزب العمل الشيوعي، صعدوا على مبنى الإدارة المركزية لجامعة البعث، على طريق الشام، في حمص، وكتبوا عبارات: "سوريا حرة". على ما أظن.

وفي بانياس أيضاً، كان هناك نشاط، وكان نشاطاً في غاية التميز، في ذلك الوقت، كتب أنس الشغري مع شخصين آخرين من الناشطين على جسر بانياس، على الطريق الدولي:" إجاك الدور يا دكتور" ومع إشراقة الشمس، كانت الكتابة واضحة جداً للسيارات التي كانت تعبر الطريق الدولي، وهي بالمئات، وشكلت هذه الكتابة التي كتبت على الجسر صدمة كبيرة، واستدعى النظام قوات الأمن، وتم قطع الطريق، وتحويله في اتجاه طريق فرعي، يدخل ضمن المدينة، وأتت ورشات من الإسكان العسكري، إلى أن قاموا بطلاء الكتابة الكبيرة، وكانت واضحة جداً. ولا أعلم كيف كتبها الشباب بطريقة بارزة وواضحة جداً. وكنت أمتلك صورةً أو فيديو صغيراً لهذا الجسر أثناء الكتابة عليه، ولكن مع الأسف فقدته أثناء تنقلي من مدينة حمص، وخروجي باتجاه لبنان.

بعد هذه التحضيرات التي كانت ليوم 15 [آذار/ مارس]، في ليلة 14 [آذار/ مارس] بالتحديد، اعتقلت قوات الأمن مجموعة من الناشطين، منهم مسؤول المجموعة الذي كان على تواصل بين ناشطي حمص وناشطي حلب، وهو الناشط محمد علوش، تم اعتقاله الساعة 10 تقريباً من مقهى" إنترنت"، في حي الزهراء، في حمص. ومع اعتقاله انقطع التواصل بيننا وبين مجموعة من الناس الذين كان يصلنا بهم؛ فكل شخص فينا كان مرتبطاً مع مجموعة، ولا نعرف بعضنا جميعاً، وليست كل مجموعة تعرف الأخرى، مسؤولو المجموعات فقط هم الذين يعرفون بعضهم

كنا على تواصل مع قيادة إعلان دمشق في مدينة حمص، مثل: الأستاذ عبد الحفيظ الحافظ، ومحمد محفوظ، ومجموعة كبيرة من المعارضين، ولا أعتقد أن جميعهم سيكونون مسرورين إذا أعلنا الآن عن أسمائهم، مع الأسف، وكانت سهير موجودة معنا عبر مجموعات على"فيسبوك"، وأنشأت إحدى المجموعات في منتصف شباط تقريباً، وهدفها اجتماعي، ولكنه سياسي في العمق، وهو الاعتراض على نهب رامي مخلوف لمقدرات الشعب السوري.

في العودة إلى ليلة 14-15 آذار/ مارس، كانت لدينا مخاوف من أن المجموعات التي كنا في الأصل اتفقنا معها أن تنزل، وبعد الاعتقالات التي حدثت، يوجد أشخاص ترددوا في النزول، ويوجد مجموعة أعرفها، فيها اثنان من أصدقائي موجودان في حماة، وهناك شباب كانوا موجودين في السلمية، وشباب في معضمية الشام، ترددوا بعد الاعتقالات التي حدثت لمحمد علوش في حمص ولشخصين آخرين، وللمجموعة التي كانت موجودة في حلب. ترددوا بالنزول معنا يوم 15 آذار/ مارس.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2019/07/29

الموضوع الرئیس

إرهاصات الثورة السورية

كود الشهادة

SMI/OH/4-05/

أجرى المقابلة

سامر الأحمد

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

آذار 2011

updatedAt

2024/08/14

المنطقة الجغرافية

محافظة حمص-مدينة حمصمحافظة طرطوس-منطقة بانياسمحافظة دمشق-الحميديةمحافظة حلب-ساحة سعد الله الجابري

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

الشهادات المرتبطة