الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

اقتحام الرمل الجنوبي في اللاذقية والهروب إلى تركيا

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:12:08:23

قلت لأبو علي[رزق]: إن الجماعة أعطونا(عرضوا علينا) مبلغًا كبيرًا، وأستطيع اليوم أن أحضر لك 200 مليون ليرة سورية، ويمكننا أن نشتري بهم كل سلاح لبنان، وقلت له: دعنا نضحك عليهم (نخدعهم)، ونوقف المظاهرات لمدة أسبوع، وخلال هذه الفترة تتسلحون، وبعدها تقاومون على راحتك (كما تشاؤون) فقال: والله، لن آخذ ليرة واحدة، وغير مقبول أبدًا. وقلت له: دعنا نأخذ المال، وأنا أهرب، وأنتم قاوموا؛ لأنكم ستموتون في كل الأحوال. وقال لي: يا مرحبًا بالشهادة. وطبعًا، هذا الشخص لم يكن إسلاميًا، وهو من عوام الناس، وقال: لن آخذ منهم ليرة واحدة، وهذا الموقف حصل معي مع أبو علي- فك الله أسره- وهذا الموقف لا أنساه.

خرجت من "الرمل"، وجاءني اتصال من دكتور اجتمعت معه سابقًا في منتدى "آزارو"، وهو طبيب من عائلة خير بك محترم جدًا، وأعتقد أنه متزوج من امرأة سنية، اتصل بي هو وشخص ثانٍ لا أعرفه، وقال: يا شيخ، هل يمكننا الاجتماع في "مطعم سمكمك" على "الكورنيش". فقلت له: نعم. وذهبت في الساعة الفلانية، وأنا لا اعرف ماذا يجري، فأخرج دفتر الشيكات، وقال: يسلم عليك العماد آصف شوكت، وقال: سوف أعطيك "الشيك" الأول. فقلت له: انتظر، أنا حتى الآن لم اجتمع مع أهل "الرمل"، واليوم سوف أجتمع معهم، وسأخبرك، وقلت له: سلم لي على سيادة العماد كثيرًا، وخرجت من الجلسة، وكسرت خطوط هاتفي، وودعت الأهل، وعرفت أن ورقتي حُرقت، وودعت الأهل، وهربت إلى بلدة "سلمى"، وكان عندي منزل في "سلمى"، ولكنني لم أنم فيه؛ لأنهم سوف يعرفون أنني في "سلمى"، ونمت في منزل أصدقائنا، وصرت أتنقل، وهنا لحق بي الحاج أبو نديم قهوجي، وخرجت مع زوجتي وأولادي وأبي نديم وزوجته، وعشنا في منزل في "سلمى" تقريبًا 15 يومًا. وفي "سلمى" في ذلك الوقت...، و"سلمى" هي مدينة اصطياف، يعني أهل اللاذقية يذهبون إليها في الصيف، ومنازلها فارغة في الشتاء، وفي ذلك الوقت، كان الناس لا يذهبون إلى الاصطياف؛ لأن هناك ثورة وحربًا، فكان أهل حماة وإدلب عندنا، نزحوا إلى سلمى، فعملنا كمجلس محلي، بدأنا نتصل مع الشباب في الداخل حتى يرسلوا لنا المواد الغذائية، ونحن نقوم بتوزيعها في "سلمى" (أنا وأبو نديم)، هو بسيارته، وأنا بسيارتي، وأصبحنا نطوف على كل منازل "سلمى"، ونوزع الطعام، وهنا بدأنا نلتقي بمسلحي الجبل الذين بدؤوا يخرجون إلى جبل الأكراد، التقينا معهم، واجتمعنا معهم، وقلنا لهم: أين أنتم؟ وقالوا: نحن موجودون في المغارات.

بقيت في "سلمى" 15 أو 20 يومًا تقريبًا، واشتد مرض والدي، وقررت أن أذهب إليه، وتكلمت مع شخص يعمل على الخط (يعمل بنقل الركاب)، أخذني إلى اللاذقية، وكانت سيارة "سوزوكي" تهريب، وأعتقد أن اسمه ماجد حكيم أبو عدنان، و كان يقوم بنقل الأغراض على الخط، وأخذني إلى اللاذقية، واختبأت في منزل أهلي؛ لأن الوالد كان على فراش الموت- رحمه الله- وهو مات بمرض السرطان، ومنزل أهلي في "الطابيات"، في أعلى بناء في اللاذقية، و"الرمل [الجنوبي]" أمامي، وحضرت معركة "الرمل" كاملة من الشرفة (وقعت معركة الرمل الجنوبي في 14 آب/ أغسطس 2011)، وصرنا نساعد بإسعاف الجرحى؛ لأن مستشفى "الطابيات" تحت منزل أهلي، نزلت إلى مستشفى "الطابيات"، وبدأت بالمساعدة، وحضرت معركة الرمل، وصورتها بكاميرتي، ورأيت البوارج البحرية والقصف الذي كان يأتي من ثكنة اليهودية، وهي ثكنه قريبة، كان يأتي إلى "الرمل"، والاقتحامات بالدبابات والجيش، وكأنها معركة، وأنا لم أرَ مثلها في حياتي، يعني حتى المعارك التي رأيتها في الجبل لم تكن مثل هذه المعركة. وفعلًا، النظام دخل بطريقة وحشية، والشباب استطاعوا المقاومة أقل من يوم، ولكن بعدها اختبأوا في المنازل، وأصبحت المقاومة فردية، وكان هناك استبسال من أشخاص قُتلوا، وقاوموا حتى قتلوا، ولكن في اليوم الثاني احتلوا كل الرمل تقريبًا، وبقيت فقط بعض المنازل، وفي اليوم الثالث، فتح الشباب حاجز عين التمرة (سيطروا عليه)، واستطاعوا الخروج منه.

في اليوم الثاني، بدأ الشباب يتحدثون معنا، ويطلبون منا المسامحة، وقالوا: نحن محاصرون في منزل، سامحونا، وسيأتون، ويعتقلوننا، ونحن لا يوجد عندنا طعام، ولم يبق عندنا ذخيرة، وحتى شحن الهواتف سينفذ. وقالوا: سامحونا، يوجد في هذا المنزل 10 وفي ذاك 20 وفي آخر 30، ونحن سوف نموت؛ لأننا محاصرين تمامًا، والجيش دخل إلى المنازل، ولكن -سبحان الله- بقدرة قادر واستبسال الشباب فتحوا حاجزًا اسمه عين التمرة، وهذا الحاجز سمح لهم بالمرور إلى أحياء المدينة، وبدؤوا يختبئون في المنازل، وكل شخص لديه قريب ينام عنده أو صديق ينام عنده. في ذلك الوقت كان عندنا منزل، وضعنا فيه الكثير من الشباب الذين خرجوا من "الرمل"، واختبأوا فيه لفترة من الفترات حتى هربوا إلى تركيا.

بعد مجزرة واقتحام الرمل، قررت الهروب إلى تركيا؛ لأنني أصبحت مطلوبًا بشكل واضح، وعندي أصدقاء، قالوا لي: أنت على القائمة السوداء، وكانت هناك قائمة سوداء وقائمه بيضاء، وفي القائمة البيضاء يمكنك رؤية اسمك من خلال الهجرة والجوازات، والقائمة السوداء موجودة عند كل حاجز، فيفتح الورقة، ويرى الاسم، وقد رُتبت الأسماء حسب الأبجدية، وهذه لا يطلع عليها أحد إلا الأمن، وحتى الهجرة والجوازات لا تعرف بها.

انتهت بهذه العجالة قصة مدينة اللاذقية مع الثورة، وبقي فيها أشخاص أنا أعرف أنهم حتى هذا اليوم يختبئون في المنازل، ولم يستطيعوا الهروب إلى تركيا، أو لا يمكنهم الهروب، ويجب عليهم البقاء مع أهلهم، يعني أسماؤهم مطلوبة، ولكنه يخرج من المنزل مساء، أو يخرج حتى يشتري بعض المأكولات ويعود، وهم حتى الآن يختبئون في منازلهم، ولا يعملون، ولا يفعلون شيئًا، وأنا أعرف العديد من الأسماء، ولا أستطيع أن أذكرها.

أذكر مصطفى عترو أخو الشيخ محمد عترو، وبالمناسبة، الشيخ محمد عترو استشهد 3 من إخوته في الثورة، واعتقل والده 14 سنة على أيام "الإخوان"(في الثمانينيات)، وأخوه الثاني اعتقل ثم خرج، والأخ الأخير هرب إلى تركيا، والأخ الكبير للشيخ محمد عترو اسمه مصطفى كان يأخذ أشخاصًا بسيارته، ويجعلهم يرتدون نقاب إمرأة، وهم أشخاص مطلوبون. وفي إحدى المرات، أوقفوهم، وكشفوا عن وجوههم فوجدوا أنهم شباب، فاعتقلوه، وقتل في السجن رحمه الله.

في الحقيقة، كان أصعب شيء بالنسبة لي هو الخروج من اللاذقية، ولولا ضغط الأهل وضغط المعارضة في إسطنبول؛ لأنني شاركت معهم في مؤتمر الإنقاذ بطريقة معينة، وربما أذكرها في نشاطي السياسي، والشباب في إسطنبول قالوا لي: يا شيخ خالد، يجب عليك الخروج. وكان لديهم علاقات مع الهجرة والجوازات، ويبدو أنهم عرفوا أن اسمي أصبح ضمن المطلوبين، وقلت لهم: أنا أريد الخروج بشكل نظامي، وأريد أن أختم جوازي، ولا أريد الخروج عن طريق التهريب مع أننا نحن من قام بتهريب الشيخ أنس عيروط، يعني مجموعتنا هي التي قامت بتهريب الشيخ أنس عيروط عن طريق جبل التركمان حتى وصل إلى تركيا. وأنس عيروط خرج قبلي تقريبًا ب 20 يومًا، وقالوا لي: سنقوم بإخراجك مثل أنس عيروط. فرفضت، وقلت لهم: أنا أريد الخروج بشكل نظامي، وأريد أن أختم جوازي، فاخترعت طريقة لوحدي، ونجحت، حيث خرجت أنا ووالدتي وأخي وصديقي الشيخ حسن هنيدي، وحسن هنيدي كان تاجرًا وهو معروف على الخط من معبر كسب، وهو يذهب، ويأتي في كل أسبوع مرة.

وأوصلني أخي ووالدتي إلى المعبر، وقلت لهم: اركنوا السيارة بحيث تكون باتجاه كسب، ودع السيارة مستعدة وفي وضع التشغيل. ونزلت أنا والشيخ حسن إلى المعبر، وأنا كنت أذهب كثيرًا إلى تركيا من أجل التجارة، وكانت العادة أن نضع في الجواز 50 ليرة سورية للموظف، وهذا الأمر معروف، وفي هذه المرة وضعت 500 ليره سورية داخل جواز السفر، وقلت له: أنت ضع 50 ليرة سورية، ولا تضع 500 ليرة سورية مثل العادة، ونحن كنا معتادين أن نضع جواز السفر على الشباك، ونقف بعيدًا، وقلت لحسن: اتصل معي، واترك الخط مفتوحًا، وإذا قام الموظف برمي الجوازات بعد ختمهم فهذا يعني أن الأمور جيدة، وإذا قام بمناداة اسم خالد كمال، وإذا رأيت أن هناك حركة غير طبيعية، أبلغني حتى أهرب، وطبعًا نحن لم ندخل مع بعضنا، وأنا دخلت قبله، وهو دخل بعدي، على أساس أنه ليست هناك علاقة بيننا، وخرجت مباشرة، والمعبر فيه قسم الجمارك والتفتيش، يوجد هنغاران، وقلت لهم: لقد نسيت الحقيبة في السيارة، هل يمكنني الذهاب لإحضارها والعودة. فقال: طبعًا. فذهبت إلى السيارة، وجلست في السيارة، وقلت لأخي: استعد حتى ندخل إلى كسب، وأنا أعرف أنني إذا دخلت إلى كسب فإنهم لا يستطيعون اعتقالي، ويمكنني بعدها الهروب بطريقة غير نظامية [إلى تركيا]. وفعلًا، الموظف عندما رأى الـ 500 ليرة لم يفتح القائمة السوداء ولا القائمة البيضاء، وختم جواز سفري وجواز الشيخ حسن ورماهما مختومين، وقال لي الشيخ حسن: تعال مباشرةً. وجئت، وأخذت جواز سفري، ودخلت إلى تركيا، وكان بانتظاري أحد أصدقائي من أعضاء المجلس المحلي، وهو الآن للأسف تغيرت سمعته، بعد أن أعطاني الجوازات، خرجت أنا والشيخ حسن، وكان التاريخ 31 آب/ أغسطس 2011، ومن الظريف أن الشيخ حسن دخل إلى تركيا معي، وقال لي: أنا سأرجع. ونحن كانت عندنا المغامرة والجرأة بشكل غريب، وقلت له: يا مجنون، على الأقل ابق ليوم واحد؛ لأنهم قد يشعرون. فعاد، وسأله الموظف في المعبر السوري: ما الذي أعادك؟ فقال: لقد اتصلوا بي، وأبلغوني أن عمي توفي -رحمه الله- فاضطررت أن أرجع، ورجع مع أخي ووالدتي.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/12/08

الموضوع الرئیس

الحراك العسكري في مدينة اللاذقية

كود الشهادة

SMI/OH/60-21/

أجرى المقابلة

يوسف الموسى

مكان المقابلة

أنطاكيا

التصنيف

مدني

المجال الزمني

آب 2011

updatedAt

2024/08/14

المنطقة الجغرافية

محافظة اللاذقية-مدينة اللاذقيةمحافظة اللاذقية-كسبمحافظة اللاذقية-الطابياتمحافظة اللاذقية-الرمل الجنوبيمحافظة اللاذقية-سلمى

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

الشهادات المرتبطة