الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

الظهور الأول للسلاح في مدينة داريا و مجزرة "السبت الأسود" في شباط/فبراير 2012

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:12:20:24

 أذكر أنه عندما قُبض على [ المقدم ] حسين هرموش- رحمه الله إن كان حيًا أو ميتًا- في شهر (أيلول/ سبتمبر) عندما استعادوه ، كنت في المهاجرين عند الحلاق، كانوا يجروا مقابلة معه على التلفزيون السوري، وبرأيي المقابلة لم تكن سيئة -بحسب ما أذكرها- يعني أجبروه على الكلام في أشياء، ولكن يوجد أشياء بقي [محافظ عليها- لم يبح بها] آجره الله.

لم تكن الانشقاقات قد بدأت بعد، أذكر مثلًا: في الرستن كان يوجد مشهد عن مجموعة من الضباط المنشقين يقفون على مصطبة (منصة) عالية، ويلقون خطابًا على الناس، وأذكر في تلبيسة مثلًا: كان عندنا رفاق يدرسون الطب، كانوا يذهبون بشكل سري ليومين أو ثلاثة، يجرون عمليات ويقدمون المساعدة الطبية ثم يعودون، وهذا الكلام في شهر (آب/ أغسطس) و (أيلول/ سبتمبر) وربما (تشرين الأول/ أكتوبر) 2011، ففي غير مناطق كان هذا الأمر موجودًا (الانشقاقات والاتجاه نحو التسلح) لكنه تأخر في داريا، وأظن أن تنسيقية اللجان كان لها دور في تأجيل هذا التوجه.

والأمر الثاني أنه بعد اعتقال [استشهاد] غياث كانت لحظة فارقة بالنسبة للكثيرين؛ فأصبح الكثير من شباب داريا وحتى من رفاق غياث يقولون: إذا كان غياث سلميًا وفعل الأمن به هكذا ومات تحت التعذيب! فأصبح بالنسبة لهم الاعتقال مرفوضًا ليس بخيار، فإذا كان الشخص سيعتقل ويكون مصيره مثل غياث؛ فلا يريد ذلك، وبالتالي لم يعد هناك طريقة أخرى، فإما أن يخرج خارج البلد، أو سوف يجد طريقة حتى يدافع عن نفسه.

وبدأت تنتشر (التسلح) بالتدرّج، وفي الأصل يوجد أشخاص لديهم منطلق ديني في الموضوع (القتال) وأن الثورة في الأصل لن تنجح بشكل سلمي، والبعض منهم وهم شباب؛ وبالتالي اندفاعهم أسهل نحو العنف، والبعض منهم عددهم جيد هم منشقون في الأصل، فماذا سوف يفعل؟ لا يستطيع أن يجلس في منزله، وليس لديه خيار إلا أن يتسلح، فتدريجيًا بدأ الأمر يزداد، ففي نهاية عام 2011 كان هناك مجموعات ولكنها ليست مجموعات فاعلة، لم تقم بعمليات -بحسب اطلاعي- ولكن بعضهم كان يشتري السلاح، ومنهم من يذهب مرة في الأسبوع أو عدة مرات ليتدرب في مزرعة أو ما شابه. 

في آخر 2011 وبداية 2012، بدأت تتجول سيارات الجيش الحر، سيارة يوجد داخلها 4 أو 5 أشخاص ملثمين يحملون السلاح ويتجولون، بعض الناس يقولون: الله محيي الجيش الحر، والبعض يعترض و[يقول]: إنكم بهذا الشكل سوف تستفزون الجيش ضدنا، وأبرز ظهور رسمي [للجيش الحر] كان في شهر (شباط/ فبراير) 2012.

كان هناك خلاف ضمن تنسيقية داريا بخصوص التعامل مع الجيش الحر، والتعامل مع السلاح، وكان يوجد آراء مختلفة جدًا، ولكن يوجد خطان أساسيان، خط يرفض بالمطلق، ويوجد خط يرى أنه من الأفضل أن نكون موجودين وننسق أفضل من أن نترك المجال، ولم يكن يوجد أحد مع التسليح، ولكن كان يوجد خط [يتبناه] بشكل أساسي أسامة نصار ونبيل شربجي بالنسبة لهما الموضوع مرفوض بالمطلق، ويوجد خط ثان [أتبناه] أنا وأشخاص آخرون -لا أريد أن أذكر أسماءهم- يرون أن الأمور كلها تمشي في هذا الاتجاه، وأنت يجب أن تنسق، وعمليًا 70%أو 80% [من عناصر] الجيش الحر هم من رفاقنا الذين كنا نخرج معهم في المظاهرات معًا، ويدنا بيدهم وهم اختاروا [ذلك الطريق]، لا أريد أن أقول إنه كانت تجري نقاشات حادة، ولكن كان يحصل خلاف كبير في الرأي، ولكن حتى وقتها لم يكن يوجد شيء ملموس، لايوجد خطوة ملموسة حتى نقوم بها أو لا نقوم بها، ولكن كان هذان الرأيان واضحين ضمن التنسيقية.

كان(أصحاب خط عسكرة الثورة) ينتقدوننا لأننا نقول: جنود النظام، يقولون لنا: لماذا لا كلاب الأسد؟ وهذا الأمر في موضوع اللجان، خاصة أن هناك من كان لديه خبرة إعلامية سابقة؛ واعتمدنا شيئًا اسمه "سياسة تحريرية" ولم يكن هذا المفهوم موجودًا عند البقية، حتى أننا فيما بعد عانينا قليلًا في المجلس (المجلس المحلي لداريا) ولكن أنت تستخدم كلمات أقرب للحيادية، ولكن نستخدم كلمة" نظام" ولا نقول: الحكومة السورية، وعلى هذا المستوى يكون هناك انتقاد، ولكننا فيما بيننا متفقون ويوجد خط متفق عليه، ولكن فكرة التنسيق مع الشباب المسلحين إلى أين يمكن أن نصل بها؟ وخاصة أننا جميعًا في الأشهر الأولى كان (السلاح) يمثل لنا ذلك خطًا أحمرًا، إذا انتقلت إلى ثورة مسلحة.. لم نكن نقول أننا سوف نترك، ولكن كنا نقول أن هذا خط أحمر لا نريد تجاوزه، والحقيقة أنا شخصيًا كان عندي توجه سلمي في البداية، وليس عندي رفض مطلق لاستخدام السلاح، ولكن لم أكن أتخيل أنني سأشارك لاحقًا في اجتماع في المجلس (المجلس المحلي لداريا) وضمنه بنود عسكرية.

ولكن كنت بالمجمل أحاول أن أتخذ القرار الأنسب في تلك اللحظة، وأنت تتعامل مع قرارات أغلبها صعبة، ولا يوجد لديك خيارات كثيرة مريحة، خيار الانسحاب دائمًا موجودًا، ولكن خيار الاستمرار في النشاط، وترك أثر بطريقة تنسجم تمامًا مع طريقة تفكيرك، هذا (الخيار) غالبًا لم يكن موجودًا، حتى لو كنت ضمن المجال السلمي كان يحصل خلافات، ولكن أحببت أن أسجل هذا الموضوع؛ لأن الأمر كان مثار نقاش واختلاف في الرأي، ولو أنني في المجمل وفي النهاية، كنت سعيدًا؛ لأنه يوجد اختلافات ضمن الدائرة، قد تكون جوهرية، ولكن في النهاية استطاعت الدائرة أن تحافظ على انسجامها وتماسكها وتفاهمها، ولو أنه مع الوقت بدأ كل شخص يأخذ خيارات مختلفة.

وهذا الشيء ساعدنا على الاستمرار في العمل لاحقًا، فموضوع إدارة الخلاف هو شيء جوهري، ومع الأسف الكثير من المجاميع الثورية أو الأجسام الثورية، لاحقًا لم تكن هذه الثقافة موجودة لديها؛ وبالتالي كان من الممكن أن يتفكك جسم أو كيان ما، سواء في مرحلة مبكرة أو بعد أن يكون له رصيد، بسبب خلاف شخصي، أو خلاف على أمور قد تكون جوهرية، ولكن أحيانًا كثيرة تكون ثانوية.

في شهر شباط/ فبراير 2012، حاصر الجيش أكثر من مسجد في داريا في يوم الجمعة، لا أعرف إذا كان يوجد سبب معين في ذلك اليوم بالذات، ولكن أحد المساجد التي تمت محاصرتها اسمه: مسجد الصادق الأمين، واعتقل الجيش عددًا كبيرًا من المصلين فيه بشكل شبه عشوائي، وبنفس الوقت أخذ يتجول في البلد، ويطلق النار، وقتل في وقتها 6 أشخاص في ذلك اليوم في أماكن مختلفة، وقتها قرروا إقامة تشييع في اليوم التالي، حينها أنا كنت موجودًا في دمشق ولم أكن موجودًا في داريا، وكنت منذ فترة طويلة لم آت إلى داريا.

في يوم الجمعة مساءً، علمت من خلال نبيل وغيره بأن "الجيش الحر" يريد حماية التشييع، في العادة وإلى حد كبير، كانت التنسيقية هي التي ترتب أمورًا كهذه (من أي مسجد سيخرج التشيع) فهم يريدون اختيار الجامع الفلاني؛ لأنه بعيد عن البلد(ولايهجم عليه الأمن). 

فأنا بالنسبة لي [هنا] تغيرت المرحلة كثيرًا: ماذا يعني أن تحمي المظاهرة؟ وأنت لا تستطيع أن تفعل شيئًا عبر" الإنترنت"، وحاول نبيل أن يتكلم يعرف البعض منهم (الجيش الحر)، فقالوا له: إن الأمر مدروس.

في اليوم الثاني حصل التشييع صباحًا، وعندما وصلوا إلى البلدية -أنا لم أكن موجودًا ولكن هذا الذي سمعته- كان يوجد أكثر من شخص معه سلاح، لاأعرف إذا كان أحدهم يحمل قاذف" آر بي جي"، حينها كان هناك أشخاص معهم "آر بي جي" في البلد (داريا المدينة) ولكن في التشييع لاأعلم إذا كان موجود، والذي حصل أنه جاءت مدرعة أو أكثر من مطار المزة - مطار المزة قريب جدًا من داريا- في وقتها كانوا متجمعين عند التربة (المقبرة) وحصل إطلاق نار، لاأعرف إذا قام أحد من الجيش الحر بالرد -لست متأكدًا- ولكن الفكرة أن الناس تفرقوا، وعمليًا الجيش الحر الموجود لا يستطيع أن يصد شيئًا، والجيش انتشر بشكل أكبر، وأصبح يطلق النار بشكل عشوائي، وأظن أنه قتل 30 أو 33 شخصًا في يوم السبت، فعمليًا كان تشييعًا لستة أشخاص، فأصبح عدد القتلى أكبر؛ ومن هذا أسميناه " السبت الأسود"، ولا أذكر إذا كان التاريخ في 22 شباط [الرابع من شهر شباط/ فبراير - المحرر]، ولكنه حتمًا في شهر شباط/ فبراير.

في وقتها كان [حمل السلاح] مثار جدل، بعضهم هاجم الجيش الحر، وأشخاص يقولون ليس له دخل، وأنا لم أكن موجودًا ولا أستطيع أن أجزم، أن هل وجود الشباب المسلحين في المظاهرة استدعى النظام أن يقتحم ويصعد أكثر أم لا؟ فقد يكون ذلك وهو احتمال وارد جدًا، ويحتمل ألا يكون للأمر علاقة، قد يكون هناك نية عند النظام بالأصل.

ولكن فكرة حماية التشييع لم تكن منطقية أبدًا، وحتى أنه يوجد ملاحظة للتسجيل، أن فكرة حماية المظاهرات كانت حجة أكثر من أنها كانت حقيقة واقعية؛ ففي بعض الحالات كانت منطقية، أو أنني لا أريد أن أقول أنها "منطقية" ولكن في داريا كانوا يتظاهرون في منطقة زراعية بعيدة، ويقف شخص أو شخصان معهما مسدس يقفان في بداية الشارع قبل بكيلو متر من بداية المظاهرة، فإذا قصد فعلًا يمكنه أن يواجه الدورية ويؤخرها قبل أن تصل (إلى المظاهرة) أو ينبهنا.

بعد السبت الأسود كان هناك صدمة، وقتل عدد كبير وأغلب الذين قتلوا إما مشيعين، أو أشخاصًا أمام منازلهم، فقد قنص[الأمن] الناس أمام منازلهم، أعرف شخصًا (جارنا) كان يشاهد التشييع أمام منزله؛ فتم قنصه وقتل، فكان هذا الأمر صدمة، وبالنسبة لي بصراحة جعلني أتخذ قرارًا، فيما قبل ذلك كان الموضوع (يحتمل النقاش) التنسيق وعدمه، حينها كان بالنسبة لي لا يوجد حل إلا أن ننسق مع بعض؛ الثورة تمشي على الجميع، وتتجه نحو هذا الاتجاه، فأنت إما أن تقف جانبًا (لا تشارك في الثورة) أو يجب عليك أن تحصل على دور، وتحاول قدر الإمكان أن تضبط الموضوع (حمل السلاح) من خلال تدخلك، على أثرها طلبت أن يعقد اجتماع مع بعض قادة الجيش الحر في داريا؛ لأنني كنت منقطعًا لفترة، وكان من المفترض أن نفكر بطريقة مناسبة للتنسيق.

في الفترة الأولى كان يوجد كتلة سلمية لها وزنها في الحراك السلمي، ولكن مع الوقت بدأت تتقلص مساحة الحراك السلمي؛ بسبب القمع وشدة التدخل الأمني، وتزيد مساحة الحراك المسلح؛ بحكم الواقع وبحكم أسباب مختلفة، الفكرة أنه أولًا أنت يجب أن تحافظ على مساحة الحراك السلمي، وثانيًا أنت قد يكون لديك القدرة على ضبط الحراك المسلح، بمعنى التخفيف على الأقل- إذا لم تستطع منع- ممارسات غير منضبطة، مثل موضوع الانتقام من العواينية (الواشيين للنظام) أو مثلًا في داريا [ظهر] شيء اسمه "كواع" الكوع (أنبوب معدني قصير منحن بدرجة 90) المستخدم في التمديدات الصحية يضعون في داخله مادة متفجرة، ويلقونه فينفجر، فأصبح الكثير من الأشخاص يقومون بتصنيعها، بخبرة أو بدون خبرة، ويوجد أكثر من شخص أصيب أو خسر أصابعه (أثناء تجهيز المتفجرات)، فتدخلنا يمكن أن يضبط الممارسة، فالتيار كان ماضٍ، ولكنك تحاول قدر الإمكان أن ترشده، هذا كان التصور الذي كان في بالي وبال بعض أصدقائي الذين شاركوا في هذا الموضوع.

لم يكن الأمر مجابهة أبدًا، ولكن من مبدأ إقرار بأنه أمر واقع، أنت لست قادرًا على منعه، ولكن يمكن أن تضبطه، لكن بعض الشباب الآخرين يقولون: إنهم ليسوا معترفين بشرعيته في الأصل، أنا لم أكن في طرفهم، كان هناك محاولة التحسين من الداخل، ولكن من الداخل [لا يعني أنك] جيش حر، ولكن أنت على اتصال مباشر. 

وفي المرة القادمة سوف أتكلم كيف حصلت اجتماعات ولقاءات دورية، وسوف أتكلم عن تقييمي للموضوع، هو استمر التنسيق عدة أشهر، وفيما بعد، عمليًا كان يوجد جوانب إيجابية على المدى الطويل، لكن على المدى القصير لم تكن النتائج ناجحة.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/08/27

الموضوع الرئیس

الحراك في داريا

كود الشهادة

SMI/OH/34-17/

أجرى المقابلة

إبراهيم الفوال

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

شباط 2012

updatedAt

2024/03/16

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-مدينة داريا

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

الجيش السوري الحر

الجيش السوري الحر

المجلس المحلي لمدينة داريا

المجلس المحلي لمدينة داريا

تنسيقية داريا - لجان التنسيق المحلية

تنسيقية داريا - لجان التنسيق المحلية

الشهادات المرتبطة