بعد الحادثة [ اعتصام ليلة القدر في 27 آب 2011] كان النظام يحاول الوصول إلى المؤثرين في الحراك في دمشق، ولم يستطع الوصول والإمساك بخيوط الناس الموجودين على الأرض المعروفين ويتحركون، لكن شك ببعض الأسماء واستطاع الوصول لها ووضعها في السجن وإخفاءها، ويحاول من خلالها التفاوض من أجل وقف الحراك، ومنهم الله يرحمه فيصل الشامي، وهو أحد هؤلاء الأشخاص والذي عمليًّا أصبح المنسقَ العام للمجلس الأعلى لقيادة الثورة في دمشق. وعندما اعتقل بعد شهر رمضان مباشرة، لم يكن النظام يعرف أنه في مجلس قيادة الثورة أو على رأس مجلس قيادة الثورة، ولكنه يعرف أنه أساسي في الحراك، وبنفس الوقت كان النظام يحاول التفاوض مع الشيخ أسامة [الرفاعي] من أجل محاولة إيقاف الحراك، والشيخ أسامة (أحاول أن أتذكَّر) كان خطابه جيدًا، ويقول: أنا لا أملك الحراك على الأرض ولا أستطيع، وأنتم عليكم القيام بأمور من جهتكم حتى تتوقف الناس.

المشيخة الدمشقية -وخاصة جماعة زيد- كان لديهم مشكلة أزلية في الثمانينيات أنهم أُقحِموا في الحراك الذي صار في الثمانينيات أو في العمل الذي حصل في الثمانينيات أو إذا سميناها ثورة فتكون ثورة الثمانينيات؛ لأن قواعدهم وشبابهم ذهبوا إلى الطليعة المقاتلة في دمشق، وكان لديهم بطولات ضد النظام - وأنا أسميها بطولات بكل جرأة وبكل صراحة- وتورطت الجماعة بشيء لا تريده وهربت إلى الخارج، وبعض شيوخ الجماعة طلِب منهم الخروج وبعض منهم هربوا؛ يعني: بعض شيوخ الجماعة طلب منهم النظام: تفضَّلوا..اخرجوا خارج البلد/ سورية، وبعضهم هربوا، فلما صار تسوية مع جماعة زيد في عام 1994 تقريبًا مع حافظ الأسد من أجل العودة قالوا: نحن نعود فقط كعلم ودعوة وعمل لهما وعدم التدخل في السياسة أبدًا، والعودة إلى المساجد والقيام بعلم شرعي ولا نتدخل بالنظام أبدًا، وهذا كان هو الاتفاق، ولما بدأت الثورة كانت مشكلة المشيخة الدمشقية ومشكلة جماعة زيد بذاتها، وهؤلاء كان لديهم هاجس الثمانينيات الذي عاشوه ويخافون من تكراره، وكانوا دائمًا يقعون في هذه المحاكمة، ويخافون على طلابهم، ويخافون على العمل أن يتورط في هذه العملية، والقبيسيات نفس التفكير، وكانوا متراوحين بين أنهن خائفات أن يحصل فيهن مثل الثمانينيات، وبين أنهم أنهن يوجد انخراط وتحالف بينهم وبين النظام من خلال أسماء الأخرس، ومن خلال أم أسماء التي هي قبيسية أو علاقتها مع القبيسيات، أو من خلال العمل (الاقتصادي) القبيسي؛ يعني: كان يوجد منظومة عمل (اقتصادي) قبيسية–زيداوي، وجماعة زيد كانوا مرتبطين بعمل أيضًا، وهذا البزنس كان في تحالفات مع البرجوازية الدمشقية المتحالفة مع النظام في هذا الوقت ونساؤهم قبيسيات وأولادهم يحضرون الدروس في مسجد الرفاعي.

إذا كانوا من طبقة تنظيم كفرسوسة أو بدرجة أقل في مساجد زيد، وهذه الحالة كانت تعيش هذا الرعب، وهي جماعات دينية نشأت، وكانت تعيش قبل أحداث الثمانينيات وأكلت نصيبها من موضوع الثمانينيات، وانتكبت في الثمانينات.

جماعة كفتارو كانت خارج تصنيف الحراك الثوري تمامًا، لم تتعرض لشيء أساسًا. بالعكس كانت تتعامل بآليات كفتارو في الثمانينيات فكان خطابها مهادنًا وهي تستجر التي يسمونها دائمًا "حكمة شيخنا" تستجرها حتى تقول: إنه يجب أن نتعامل بهذا الشكل مع النظام بحكمة وليس بانكفاء، وبحكمة مع النظام ومسايرته.

وفي المحصلة الجميع يريد المسايرة وقسم يريد المسايرة حتى لا يصبح ضحية مثل الثمانينيات وقسم يريد المسايرة مثل كفتارو حتى يكون له فرصة من أجل الاستمرار كما استطاع كفتارو الاستمرار عندما اعتقلوا الجميع في الثمانينيات، والكل كان محكوم بعقدة الثمانينيات، والجميع كان لديه قياسات غير صحيحة، وأن الثمانينيات لم تكن حراكًا اجتماعيًّا، وهو تحرك مجموعة دينية أو مجموعة حركية ضد النظام أو مجموعة حزبية ضد النظام، بينما أنت هنا تتحدث عن حراك مجتمعي متجذر وعميق ومتجاوز للمناطق، وحتى أحيانًا للطوائف وأصلًا متجاوز السياسة، وهو مختلف، فهذا الشيء جعل مواقف المشيخة الدمشقية باردة وباهتة من الحراك و مترددة.