وصول حافظ الأسد إلى السلطة وإحكام قبضته الأمنية
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:15:41:22
بالنسبة لتاريخ حافظ الأسد، كله تاريخ مليء بالخيانة، [سواء] كان على مستوى الشخص أو على مستوى العائلة من أبيه وجده إلى عائلته بشكل خاص، وهذا الأمر أعتقد [أنه] ليس خفيًّا، وصار مكشوفًا بالكامل كيف كانت علاقتهم مع فرنسا، وكيف كان والده سليمان وعلي الأسد جواسيس لدى الفرنسيين، وكان لهم الفضل في تغيير اسمه من الوحش إلى الأسد، ومن النصيرية إلى العلوية لهذا الطائفة وما كان لها من دور قذر في التجسس على الناس، وكتابة التقارير الكيدية والإيقاع بهم، فالتاريخ مليء، لكن حين دخل إلى سلك الجيش أيضًا بتدبير من الفرنسيين آنذاك، وترقيته مع غيره من الضباط النصيريين واعتلائه إلى رتب رفيعة، وكان ما كان أن وصل إلى وزارة الدفاع، وأصبح وزير الدفاع في عام 1967، وكان هنا سقوط القنيطرة وبيان الـ66 الذي أُذيع على الفضائيات آنذاك، وكان سقوطًا مدويًّا، وكان آنذاك حافظ الأسد وزير الدفاع، وكان المسؤول عن جبهة القنيطرة مع العدو الإسرائيلي اللواء أحمد سويداني، وهو كان لواء من نوى ولكن كان يساري الاتجاه، وتابعًا لصلاح جديد المنافس لحافظ الأسد آنذاك، والمنوط في قضية ترتيبات العسكر اللواء أحمد سويداني.
ويتفاجأ أحمد سويداني في الساعة 09:30 -من يوم سقوط الجولان من 6 إلى 10 الشهر عام 1967- بهذا البيان أنها سقطت! علمًا أنَّ العساكر مازالوا موجودين، والأمور على ما يُرام، فطالب حين حصل هذا الأمر وأمر بالانسحاب التكتيكي، وخرجت القوات بعدما هربت القادات من أرض المعركة آنذاك في القنيطرة، ولدينا من الشهادات الحية الكثيرة وهي مكتوبة ومسجلة في الكتب، وما بقي أمام الجنود إلَّا أن يهربوا من أرض المعركة ومنهم من مات على الطريق، ومنهم من استهدفتهم الطائرات بعد فترة بسيطة حين تأخروا بالخروج وبقي بعضهم حتى وصل إلى دمشق وهو يمشي 3 أيام على الطريق مشيًا على الأقدام، ومات منهم الكثير آنذاك.
وهنا أحمد السويداني طالب بإعادة التحقيق في هذه الحادثة، واعتقال حافظ الأسد على بيانه بتهمة الخيانة العظمى، إلا أنَّه لم يستجب له وأعاد الطلب ثانية، وظنَّ أنَّ حزب البعث سيقف وراءه سدًّا منيعًا داعمًا له ومعاقبًا لحافظ الأسد، فطلب مرة ثانية لهذا الأمر بمعاقبة أو محاكمة حافظ الأسد بتهمة الخيانة العظمى، أو قبول استقالتي من هذا الأمر، وفعلًا بعد شهر من هذا الأمر تم قبول استقالة اللواء أحمد سويداني وتحويله إلى رئيس نادي رياضة في نفس الكلية، وترفع حافظ الأسد ليكون هو المسؤول العسكري! وللرئاسة آنذاك وبالتالي بعد فترة بسيطة وأشهر معدودة تقدَّم حافظ الأسد بمذكرة اعتقال للسويداني والأتاسي و5 أو 6 ضباط كانوا محسوبين عليه، وأمر باعتقالهم بتهمة التخطيط لانقلاب عسكري، وزجهم في السجون جميعًا، وتمت تصفيتهم في السجون، وللحديث بقية في هذا الأمر، ولها تفاصيل كثيرة جدًّا، والمهم استطاع أن يصفي هؤلاء الخصوم الذين كانوا معه جنبًا إلى جنب.
بداية تشكيل هذه الجبهة لتصفية خصومه بدأت من عام الـ 59 أو 60 حين الانفصال عن الوحدة مع مصر، وكانوا قد شكلوا ما يسمى باللجنة العسكرية وكانوا 5 ضباط؛ 3 علويين محمد عمران وحافظ الأسد وصلاح جديد من أقحاح العلويين والنصيريين، و2 من الإسماعيليين والـ5 هؤلاء كان منوطة بهم عمليات التصفية والتمحيص لضباط الجيش السوري كله على أساس الفرز الطائفي أو الأمر العقائدي وكانت بداية تشكيل الحزب والدولة على أساس حزبي؛ حزب البعث العربي الاشتراكي بالتوافق مع الحزب القومي الذي كان يرأسه صلاح جديد والبيطار وعفلق وحافظ الأسد ومحمد عمران، وتلك الثلة الخبيثة التي كانت تتآمر على هذا الشعب، وكان آنذاك باسم حزب البعث العربي الاشتراكي، وتم الانتهاء من هؤلاء الذين تكلمنا عنهم؛ أحمد سويداني وغيره من الضباط ونور الدين الأتاسي كان رئيسًا أيضًا معهم زُجَّ في السجن، ووضعوا فترة من الفترات أمين الحافظ كواجهة سنية، ولكن كانوا يأخذون القرارات، وكانت القرارات الرئيسية آنذاك بيد صلاح جديد، والذي كان يقوم بتصفية الضباط السنة وتسريحهم بالمئات، وكان الأمر متاحًا له لأنَّه كان صاحب الكلمة الواحدة، وحين اشتد عوده وحصلت حادثة لا أذكرها ولكن كانت نقطة بداية لحافظ الأسد حتى يتخلص من صلاح جديد لأنَّه بدا أنَّه المنافس الأوحد أمامه، بعد أن تخلص من محمد عمران الذي وكَّله بمهمة خارجية وقضى اغتيالًا، ويقال غالبًا أنَّه من دبر عملية الاغتيال له، وأصبح أمامه صلاح جديد، وتخلص منه في استغلال حادثة معينة؛ أعتقد كانت اغتيال غسان المالكي والذي كان محسوبًا عليهم، وطبعًا اتهم بذلك الحزب القومي وبالتالي تم إنهاء الحزب القومي.
وهنا كان حافظ الأسد يعمل في دراية كاملة أولًا باسم حزب البعث والآن بالطائفة النصيرية، وأخذت الأمور منحًى جديدًا بعد ما عمل الانقلاب الثاني في عام 1970 بعد ما أسماه الحركة التصحيحية آنذاك، وهي تصحيح لكل ما سبق، والخلاص من الناصريين واليساريين والخلاص من كل شيء، وأُخذ على أنَّه الإمام العادل وقام بالخطابات الدينية والتقرب من الناس ونشر العدل، والتوظيف وخاصة من المشايخ حتى يستقطب أصواتهم ويستعطف قلوبهم، ولكن في نفس الوقت كان يعمل على قضية تفعيل الدراسات الأمنية في كل المجالات، وخاصة الضباط في الجيش، ووضع يده على كل شيء وخاصة التعليم -كما أسلفت في الحلقة الماضية- والجيش، ولكن الجيش ركز عليه بشكل كبير جدًّا، حتى [إنه] وضع المئات بل الآلاف من الضباط تحت الدراسات الأمنية من أجل إقصائهم عن متابعة الرتب العسكرية، وحتى الطوائف الثانية وهو لم يستهدف السنة لوحدهم آنذاك وإنما استهدف بداية عمله على مراحل؛ المرحلة الأولى: كان استهدافه للضباط الذين ممكن أن يقوموا بانقلاب ضده وبالتالي أن ينافسوه، وإن كانوا من العلويين أو الدروز أو الإسماعيليين، وبالتالي أقصى كثيرًا منهم بالاغتيال أو الاعتقال أو السجون، وبعدها من الضباط السنة أيضًا سرَّح الكثير منهم إما بالاعتقال أو السجن أو ممن لا يوالونه ولا يعطونه الولاء بحسب الدراسات الأمنية أيضًا قام بإقصائهم.
وبالتالي وضع الجيش كله بيده، وكان له تصريح واضح وأنا سمعته من عبد الحليم خدام حين أرسلت له عن هذا التصريح أنَّه صحيح قال: الجيش والتعليم بيدي، وأي يدٍ امتدت إليهما فسأقطعها، وهذا ما قام به من تطهير -كما يقال التطهير العنصري والطائفي- للجيش حتى يكون في قبضته، وبنفس الوقت مكَّن طائفته والقيادات الموجودة لديه من النفوذ في الجيش، كرفعت الأسد الذي تسلَّم ووصل إلى نائبه (نائب رئيس الجمهورية) وشكل الحرس الجمهوري وسرايا الدفاع والصراع، وهكذا أصبحت الكلمة الأولى والأخيرة لرفعت الأسد.
ومن يتذكر تلك الأيام من 1980 إلى 1984 عاشت سورية حقبة سوداء مظلمة من الاستبداد والظلم والإرهاب والقمع على يد رفعت الأسد، لأنَّه كان صاحب الكلمة وعلي دوبا وعلي حيدر وكل هؤلاء المجرمين وعلي حبيب وكلهم مكنهم من مفاصل الدولة العسكرية والأمنية، وتحولت سورية إلى دولة بوليسية (قمعية) لا يستطيع أحد أن يتكلم أو يقوم بأية حركة أو يتنفس إلا عبر المخابرات أو إلا بدفع الأموال، وكل تلك الأمور كانت عبارة عن صناعة دولة بوليسية طائفية تعمل لصالح عائلة الأسد ولصالحهم بالذات كعائلة، وطبعًا كان لديه جميل الأسد كصوت مشيخي للتواصل مع الآخرين من السنة بعد ما أسس جمعية المرتضى في بستان الباشا في جبلة، وكان لها بعض المراكز وكان يقوم ببعض النشاطات الدينية على أنَّه من المذهب الجعفري، وينشر المذهب الجعفري وهكذا أشاعوا بين الناس، وكان لهم نشاطات كبيرة جدًّا، وخاصة أنَّ جميل الأسد أخذ هذا المنحى، وكان يأخذ [في] كل سنة المئات إلى الحج على حساب تلك الجمعية من أجل التقارب بين الأديان، وبنى المساجد في القرى العلوية علمًا أنَّها كانت للمظهر لا أكثر، وكان لهم أهداف لهذا الأمر وكان لهم من المراكز الكثير، ولكن الحمد لله أنَّ الله لم يتم الأمر لهم، وهم عملوا بذكاء، واتخذ (حافظ الأسد) من حزب البعث مظلة وحجابًا لطائفيته وبناء دولته النصيرية بإقصاء كل الضباط الذين يمكن أن ينافسوه ويناوئوه على الحكم، أو لا يعطوه الولاء فانتهى منهم.
أيضًا على التعليم بنفس المبدأ وبكلام الشارع في اللسان الديني عبر جميل، والأمور القمعية التي مورست بكل أساليبها من رفعت الأسد، وبالتالي أصبح الشعب السوري في تلك الفترة ما بين فكي كماشة أو لنقول في فم الأسد ما بين أسنانه أو ما بين فكيه المفتوحين يقضمهم متى يشاء، ويقتل من يريد ويعتقل من يريد، وبالتالي هنا بدأت الاعتقالات بشكل كبير جدًّا، ومُلئت الأفرع الأمنية والتي هي 17 فرعًا بالتحديد، ولكن السجون كانت كثيرة جدًّا ومملوءة بشكل كبير جدًّا وبشكل ممنهج على تصفية شباب الإخوان المسلمين بالدرجة الأولى، وهذا جواب ما تكلمت به عن خيانة هذا المجرم.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2022/11/08
الموضوع الرئیس
أوضاع ما قبل الثورةكود الشهادة
SMI/OH/159-03/
أجرى المقابلة
خليل الدالاتي
مكان المقابلة
اعزاز
التصنيف
مدني
المجال الزمني
قبل الثورة
updatedAt
2024/08/09
المنطقة الجغرافية
عموم سورية-عموم سوريةشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
جماعة الإخوان المسلمين (سورية)
الحرس الجمهوري
حزب البعث العربي الاشتراكي
سرايا الصراع
سرايا الدفاع