في (حزيران/ يونيو) 2012، دعت جامعة الدول العربية المجلس الوطني السوري وبقية أطراف المعارضة: هيئة التنسيق الوطنية والمجلس الوطني الكردي، وعدد من الشخصيات الثقافية والسياسية السورية إلى لقاء في القاهرة (انعقد مؤتمر القاهرة في 2-3 تموز/ يوليو 2012 - المحرر)، والذي كان أكبر تجمّع للمعارضة حتى هذا الوقت وإلى الآن، وكانت الفائدة الكبرى منه أنَّه أنتج وثائق، واستطاع السوريون على الرغم من التباينات التي كانت موجودة بينهم وحتى الخلافات أن ينتجوا وثيقة سياسية تعبر عن رؤيتهم ورؤية الشعب السوري لسورية القادمة وإصرارهم على التغيير. وأعتقد أنَّ وثائق القاهرة في عُرف جميع أطراف المعارضة مازالت حتى الآن تحمل بريقها، وبين الحين والآخر حين تحصل خلافات حول الاختلافات نقول: عودوا إلى اتفاق القاهرة حيث جرى التأسيس للتوافقات السورية. ولكن بعد هذا اللقاء لم يتمّ البناء عليه؛ لأنَّه من جهة أولى جرى تكليف لجنة للمتابعة، وشكّ المجلس الوطني وأطراف الثورة في أهداف هذه اللجنة، فمؤتمر القاهرة لم يستطع أن يشوّه الخط السياسي للثورة أو أن ينال منه [فكان التخوّف أن] تأتي هذه اللجنة بنشاطاتها وتفعل ذلك. وثانيًا- المجلس الوطني الكردي في آخر ساعات المؤتمر قام للأسف بموقف اعتراضي بشكل مفاجئ رغم مشاركته في كل فعاليات المؤتمر ونشاطاته، مما أدى إلى تعطيل العلاقة التي كان من الممكن أن تنتج عن مؤتمر القاهرة. 

نحن توصلنا إلى شيء اتفقنا عليه، وبيان جنيف كان مرفوضًا ولم يُناقش ولم يُوضع للتداول، ولو وضعته هيئة التنسيق كنا اختلفنا عليه في الوثائق، ولكننا لم نختلف بدليل إن الوثائق وقّعناها وخرجت بشكل صحيح، ولكن الجامعة العربية في التزاماتها... وكان الأخضر الإبراهيمي ممثل الجامعة وممثل الأمم المتحدة، ويريد كي يبدأ مشروعه موافقة مبدئية على بيان جنيف، ولم تكن هناك قدرة في ذلك الوقت أن يُقدم، وبعد أن جاء الائتلاف قُدمت هذه العملية، واستأنف الإبراهيمي [مشروعه]. 

كان لدينا مستند للعملية السياسية وكان عبارة عن نقطة واحدة في ذلك الوقت، بينما بيان جنيف يفتح مشروعًا سياسيًا للمشاركة مع النظام، وقوى الثورة السورية التي تتقدم على الأرض والانشقاقات التي تملأ الأمكنة والتأييد الدولي الذي يعطينا أملًا -فيما بعد عرفنا أنَّه زائف- ولذلك [قلنا أننا] لن نقبل مشاركة النظام في أي مشروع سياسي، وفيما بعد جرى قبوله والاستناد عليه من قبل جميع الأطراف، وهذه هي العملية. 

بالنسبة للمجلس الوطني السوري لم تتوقف المحاولات من أجل إدخال معارضين عليه، أو من أجل حرفه عن الخط السياسي. وبعد انتهاء مؤتمر القاهرة وتواضع النتائج التنظيمية التي خرج بها، عرضت جامعة الدول العربية ومن قبل السيد ناصر القدوة شخصيًا أن يديروا عملية إدخال عدد من الممثلين السوريون الذين لديهم حيثية سياسية إلى المجلس الوطني؛ لتوسيع قاعدته التمثيلية أملًا بأنَّ يسد المجلس هذه الثغرة التي دائمًا يحاولون أن يدخلوا من خلالها في المجتمع الدولي. وافق المجلس الوطني، وفعلًا جامعة الدول العربية استضافت وفد المجلس الوطني، وكنت أحد أعضاء ذلك الوفد، لحوار مع بعض الشخصيات السورية، مثل: عمار القربي وعبد الرزاق عيد، وعماد الدين رشيد، ونواف البشير، وعدد آخر. تحاورنا في جلسات لمدة أسبوعين في جنيف، والواقع أننا لم نتوصل لنتائج لدرجة أنَّ نواف البشير لا يقبل إلَّا أن يكون مكوِّنًا مثل مكونات "إعلان دمشق" و"الإخوان المسلمين"، ومن بإمكانه أن يقبل ذلك؟ وعبد الرزاق عيد حين قدم حيثيته، وقلنا له: ما هي حيثيتك السياسية حتى تكون مكوَّنًا؟ والمكوِّن يعني [له الحقّ بأن يكون لديه] عضو في المكتب التنفيذي وأربعة في الأمانة العامة وثمانية في الهيئة العامة، وقال: لدي هناك 4 آلاف شخص على "الفيسبوك" هم أصدقائي، وكان شيئَا بالنسبة للمجلس الوطني غير مقبول على الإطلاق. وفشل هذا المسعى من قبل جامعة الدول العربية في أن يخترق صفوف المجلس الوطني لأشخاص بغير استحقاق، لكن الضغوط واستمرارها جعل المجلس الوطني نفسه يبحث هذا الأمر، ويفكر جديًا في توسعة خاصة به.