الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

سورية قبل حافظ الأسد والعلاقة مع الفصائل الفلسطينية وتاريخ آل غليون في حمص

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00;26;54;07

أنا حصلت على شهادة البكالوريا (الثالث الثانوي) في سورية وبعد ذلك حصلت على دبلوم التربية بعدها وأتيت في السبعينات وبداية السبعينات إلى فرنسا وحصلت على الدكتوراه في علم الاجتماع السياسي مع أستاذ كان مهماً في تلك الأيام نيكولاس بولانزاس، وبعد ذلك فكرت في العودة إلى سورية لأنَّني قادم ليس من أجل الاستقرار في فرنسا، ولكن من أجل التعلم والعودة إلى البلد. وعدت إلى سورية في عام 1974.

نحن وُلِدنا في تلك الأيام في تلك الفترة في الستينات وفي المراهقة في الـ 12 والـ 13 سنة كان لدينا اطلاع على جو تحرري في سورية وفي العالم العربي كله، وكان لدينا تأثُّر في الإيديولوجيات القومية والماركسية بشكل أساسي وأصبح لجيلنا طموح أن يتعلم أكثر من أجل أن يقوم بثورة اجتماعية في البلد وليس من أجل أن يأخذ شهادة ويعلم في الجامعة وهذا جوهر القضية ونحن ذهبنا على هذا الأساس. 

لأنَّ الوضع متأخر ومثل شباب تلك المرحلة كان هناك شعور أنَّ هناك أزمة كبيرة والبلد يتخبط ووحدة (بين مصر وسورية) وخروج من الوحدة وتيارات تتضارب ببعضها، ونحن كنا بين التيارات التي تعتقد أنَّ هناك مشكلة في البلد ونحن الآن نتكلم من بعد، ولكن في تلك الفترة نحن شباب لا نقارن ولم نفكر لماذا نغير، و[كان] واضحًا أنَّ هناك تأخر ولسنا على طريق التقدم والحضارة والمدنية فكنا شباباً مندفعاً نحو التغيير في بلد محكوم من عسكريين ومتخلفين ولا يعرفون [كيف] يديرون البلد، وهذا الانطباع هو تفسيري للوضع الذي كان ولم أكن أفكر في تلك الفترة بتلك الطريقة، ولكن كان لدي شعور أنَّنا يجب أن نكون جيل التغيير، والتغيير هو سمة الثقافة العربية من قرن، من وقت خروج العثمانيين كان هناك هدف لتكوين أمة عربية أو سورية، والمهم هو تكوين مجتمع حديث، والاهتمام في الشأن العام هو تعبير عن رفضنا للشروط الاجتماعية والسياسية في بلدنا فيجب أن نكون الجيل الذي يدفع نحو التغيير.

والإيديولوجيات التي تأثرنا بها ليست لأنَّها مقنعة لنا وخاصة الماركسية ولكن انجذابنا للماركسية سببه هو الرغبة في التغيير وهذه النقطة الجوهرية الجذابة للماركسية وليس في سورية فقط، بل في العالم كله، هي الطابع الجذري للتغيير الذي تعرضه نظرية ماركس، والتغيير معناه انقلاب ليس في الفكر والمظاهر والسياسة، بل في الوضع الاجتماعي، وهو انقلاب في الثقافة والاجتماع والأيديولوجيا، والشباب في المرحلة الفكرية الصغيرة يشعرون أنَّ السلاح الوحيد للتغيير هو الماركسية وهذا هو الدافع للتغيير لدي، وأنا في الحقيقة لم يكن لدي رغبة، وأنا أتكلَّم ضمن مجموعة والناس الذين كانوا حولي لم يكن لدي هدف أن أخرج وأدرس، وكنت أفكر أن أخرج وأدرس فلسفة، ولكن إذا كان هناك إمكانية أن نقوم بثورة في الداخل والثورة أهم من الدراسة وليس العكس فالمهم هي الثورة. وفي تلك الأيام كانت الثورة الفلسطينية في أوجها وهنا أذكر ميشيل كيلو وأنا تعرَّفت عليه في عام 1968 وكان عائداً من ألمانيا وكان قد درس الصحافة وفي أوساط لم أذكرها في أي لحظة ولكن تعرفت [عليه] بسرعة وكان له شهر وهو تعرف عليَّ وكنت أنا أكتب مقالات في مجلة دراسات عربية، ورأيته شاباً أكبر مني قليلاً ولكنه فهيم جداً ولطيف، وكان ذلك قبل أن يُحبس ويتم الإساءة له، وكان كريم النفس والأخلاق وبقي كذلك، وأنا انتهيت من الدبلوم وكنا نلتقي دائماً وكنا متفاهمين في كل شيء وكان له من تراث العائلة علاقة في الشيوعية وأصبح هو في الحزب الشيوعي أو اقترب منه وكان ماركسياً حقيقياً ومتبنياً بشكل جدي وأصبحنا نعمل مع بعض ونشتغل مع بعض لفترة طويلة قبل خروجي إلى فرنسا.

 نحن تفاهمنا مع بعضنا وحاولنا أن نشكل شيئاً وكنا نلتقي أشخاصاً كثيرين وأنا كنت قادماً جديداً إلى دمشق وكنا نقابل سعد الله ونوس دوماً وأديب خضور وكان هو صحافي وكان نذير نبعة وكنا مجموعة نلتقي، ولكن الذين يعملون مع بعضهم كنت أنا وميشيل كيلو، وشكلنا فريق العمل الاشتراكي وفكرنا أن نقوم بنواة وأنا وهو كتبنا دراستين ونشرناها في مجلة "الحرية" التي أصدرتها الجبهة الديمقراطية وكان لنا علاقات كشباب ماركسيين ناشطين في الفضاء العام، وكان يأتي إلينا أناس آخرين من الجبهة الديمقراطية والحركات الفلسطينية. وقررنا أنا وميشيل بعد أن أنهيت الدبلوم أنَّه الأفضل أن أنهي دراستي في أوروبا ومن أجل أن أتعلم أكثر وأكون ثورياً أكثر، أو أن أعمل مع الفلسطينيين لأنَّ الفلسطينيين كانوا في المقدمة، الدينامو المحرك للسياسة العربية، وقمت أنا وميشيل وقمنا بجولة قرابة 10 أيام في الأردن والتقينا كل المنظمات الفلسطينية: الجبهة الشعبية والديمقراطية وكل الجبهات التي كانت موجودة، والتقينا أبا عمار (ياسر عرفات) ورأيناهم كلُّهم وعدنا بانطباع وأنا بشكل أساسي وكان الانطباع متبادلاً وأنا كتبت بعد ذلك أنَّ الثورة الفلسطينية ثورة عظيمة ونحن معها ولكن ليست هي طليعة الثورة العربية، والفلسطينيون لديهم قضية كبيرة وكلمة الثورة العربية مستخدمة من [قبل] ياسين الحافظ ومطاع الصفدي والجيل القديم فكانت الكلمة مستخدمة. وبعد الزيارة التي قمنا بها مع المنظمات بقيت المنظمات هناك تتواصل معنا، ونايف حواتمة حين اجتمعنا معه أنا وميشيل لمَّح لنا أنَّهم ليس لديهم مشكلة إذا رأوا شباباً مثقفين وفاهمين أن يكونوا في اللجنة المركزية أو كذا وخرجنا ونحن نضحك، ولكن كان هذا الجو وكان يُنظر لنا أنَّنا مثقفون سوريون نشيطون ومرشحون لعمل دور في تلك الأيام. 

أول شيء أنا رأيت أن الفلسطينيين ليسوا على مستوى أن يقودوا الثورة العربية وزرنا المعسكرات، كان الديمقراطيون واضعين صورة ماركس وكذا وقلنا لهم: ما الهدف؟ ولماذا تضعون هذه؟ فاستنتجت أنا أنَّ الثورة العربية بحاجة لشيء آخر ولن نضع جهودنا، وبدون طبعاً أن نتركهم وفي نفس السنة أخرجنا مجلة "الثورة الفلسطينية" كنت أنا وميشيل وأنيس الخطيب وهو مسؤول فلسطيني في [حركة] فتح وأديب خضور ونذير نبعة، وكان قسم كبير من الفلسطينيين غير منخرطين في القضية وكنا نحاول أن نجد مكاناً نوفر فيه ثقافتنا وجهودنا، طالعنا الثورة الفلسطينية الأولى، وبعد فترة بدأنا بالكتابة، أنا كتبت مقالاً أنَّ البندقية لا تكفي ويجب أن يكون هناك خط سياسي واضح وهاجمونا و[حركة] فتح طبعاً ليست فقط أبو عمار، هي كل الناس التي في عمرنا ويريدون دوراً، فمنعونا باختصار وغيروا رئيس التحرير ووضعوا ناجي علوش- رحمه الله- وكان أحد الشخصيات الثقافية والسياسية البارزة، ووضعوه رئيس تحرير للمجلة وفرضوا علينا المراقبة وأنَّ أي مقال نكتبه يجب أن يمر عليه ويراقبه. وبدأنا نشعر مع أنَّنا كنا قد تقدمنا بطلبات للانتساب إلى [حركة] فتح وقالوا: لا، لا نريد سوريين ولا نريد الاصطدام مع سورية، وكنا في قلب فتح فأصبحت تراقب مقالاتنا وأنا أرسلت مقالاً ولم ينشروه، فاعتبرت أنَّ القصة انتهت. وبقي ميشيل في دمشق وكان على تواصل معهم والفريق الذي كان ممسكاً زمام المجلة تغيَّر قليلاً شيئاً فشيئاً وبمجيء ناجي علوش تغير الجو ولم تعد مجلتنا، وهذا أمر، والأمر الآخر اكتشفت حين ذهبت إلى الأغوار والأرض المحتلة ورأيت الثورة الفلسطينية شعرت أنَّهم غير ناضجين ليكونوا في طليعة الثورة العربية. وثالثاً- كان واضحاً أنَّ حافظ الأسد سيأخذ السلطة وكانت وراءه المخابرات العسكرية التي بدأت تعمل فأنا خطر على ذهني وإلى الآن أذكر الجملة: أفضل أن أذهب وأكمل دراستي وأوسع معرفتي وليس من أجل الشهادة من أن أمضي العشر سنوات في السجن ونحن قادمون لحكم فاشي لعشر سنوات. وهذا تحليلي في تلك الفترة وكنت أرى كيف حافظ الأسد وجماعته يتصرفون وكيف حافظ الأسد يضع يده على السلطة وكانت تلك المرحلة في 1968 و 1970، وحافظ الأسد بدأ الانقلاب في 1969 على زملائه، وكانت القصة في سورية هي لحظة الصراع بين حافظ الأسد وصلاح جديد ومحاولة أصدقاء حافظ إزاحته وعدم قدرتهم على ذلك وهي لحظة تحضير للانقلاب لحافظ الأسد التي سموها الحركة التصحيحية، وكنا نعيش في هذا الجو ونحن كنا وأنا كنت ضد صلاح جديد وضد حزب البعث كله وكان هناك مقالتان في جريدة الحرية وفرضنا فكرة أنَّه يجب أن يكون هناك حريات رغم ماركسيتنا، وكتبت في دراسات عربية عن الديمقراطية في تلك الأيام، ففكرت أنا لوحدي ولم أشاور أحداً أنَّه إمَّا أن أكمل دراستي أفضل من الدراسة في الخارج وأمضي هذه السنوات العشر القادمة من أن أمضيهم في السجن، وكنت متوقعاً أنَّه لا أحد يستطيع أن يعمل دون أن يدخل في السجن.

 وأنا كنت أرى أنَّ السجون ستُفتح لكل الشباب الذين مثلنا والذين يريدون حرية ويريدون أن يغيروا، وكان هذا فرعًا فاشيًا من [حزب] البعث وهذا كان تصوري وخرجت قبل أن يستلم [الأسد] السلطة، ولكنه كان مستلماً السلطة عملياً وهو كان مستلماً الحكم ومحاصراً في رئاسة الأركان ويستقبل سفراء وناساً وكان واضح أنَّه ماضٍ لاستلام الحكم، وبعقلية مخابراتية صرفة وهنا قررت الخروج إلى الخارج. وما هو الذي جعلني وأنا ابن عائلة وطنية للغاية وهذا مهم للغاية للمستقبل وأنا لديَّ أمي نشواتية وقائمين في الثورة كلهم وذهب لي أربع أخوال في الثورة السورية ضد الفرنسين وكل قصصنا في العائلة عن خالي نظير وستي نظيرة التي حُكِمت إعداماً من [قبل] الفرنسيين وهربت إلى تركيا وبقيت 20 سنة قبل أن تعود، وهم يهربونها اختطفوا الحاكم الفرنسي لحمص وأخذوه رهينة حتى تهرب إلى تركيا. والقصص العائلية كانت مربوطة بالشأن العام وهو جزء من تاريخي الشخصي ووالدي كان أمِّياً وإنساناً عامياً وكان في حزب الشعب ولا أعلم طبيعة علاقته مع حزب الشعب وكان لدينا ونحن صغار والآن ذهب البيت وكان داراً قديمة وكان قريباً من البيت العربي وكان حزب الشعب يأتون مثل الأتاسي وكانوا يقيمون في الحي محاضرات ولقاءات ومهرجانات في بيت والدي في تلك الأيام كنت أرى كيف الناس يأتون وكنا صغاراً في الخمس سنين والسبع سنين وهذا له علاقة كيف تكونت علاقتي في السياسة وكان منزلنا ملتقى وحين يريدون أن يقوموا بشيء يأتون لأنَّه كان لدينا دار كبيرة .. 

أخوتي كلهم في نفس التيار، ولكن لم يكملوا للآخر، ولكنهم معي وهذه اللحظات التي شكلت الوعي السياسي وكنا من نفس الثقافة والاتجاه التحرري والتقدمي وبعد ذلك تغيرت الأحوال، وكل شخص أخذ طريقاً مختلفاً ليس كلهم وتغيرت الملامح ولكن بقي آل غليون مندمجين مع المعارضة، وفي الثورة العائلة الكبيرة ذهب منها فوق الـ40-50 شخصاً وهؤلاء في الثورة الأخيرة لأنَّهم كلهم معارضون ويعتبر عند النظام آل غليون يعني معارضون وهم ضد النظام، وكان لدينا منزول ومضافة بيت غليون التي كان وراءها والدي وهو يمولها وأيضاً كان الناس يأتون ويزورونا، السياسيون والمثقفون، وأخذت صورة عنه حين قام معتز الخطيب بفيلم وأخذته إلى هناك وصور في المضافة، فكلها عوامل تدفع [الشخص لـ] أن يكون اجتماعياً. 

حمص أعتقد أنَّها كانت مركز نشاط للأحزاب المختلفة، فيها الحزب الشيوعي الذي كان قوياً لأنَّ الأرثوذوكس كانوا كثيرين وهم أقرب للحزب الشيوعي، وخرج منها شخصيات في الحياة السياسية السورية معروفون وكثيرون منهم جمال [الأتاسي]، وحمص بلد في مركز سورية وفي نفس الوقت هناك ثقافة في المدينة هي ثقافة الاعتدال والتنوع وكانت بارزة كثيراً. وفي حمص الفترة التي أنا عشتها لا أحد يسأل عن دين الآخر ولا أحد يخطر على باله إذا كان فلان مسلمًا أو مسيحيًا أو كذا، ووالدتي كانت صديقتها المهمة مسيحية تأتي تقرأ لنا فنجان القهوة وكانت معروفة مسيحية، ولكن لا أحد يرى أنَّ هناك شيئاً يميز ثقافياً أو اجتماعياً أو كذا، فالعلاقات في حمص متسامحة ومتنوعة والناس مائلون للاعتدال بالرغم من أنَّ الطقس الطبيعي غير معتدل ودائماً هناك ريح قوية بحمص وهناك تبسُّط في الفكر والحياة ولا يوجد تعقيد. ولأنَّها مدينة في الوسط ومحاطة بالأرياف وهناك فلاحون كثيرون فهي كانت بعكس حلب ودمشق المدينتان الكبيرتان في سورية، لم يكن هناك خبث ولا أحد يضحك على أحد، ورأيت في دمشق، وحلب أعرفها أقل، وفي دمشق يوجد اللعب والغش "البندقة " باللغة السورية وهناك الوجهين وهناك شيء معقد وهذه الثقافة الأكثر تعقيداً.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2022/02/22

الموضوع الرئیس

الحياة السياسية في سورية قبيل حافظ الأسد

كود الشهادة

SMI/OH/91-01/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

باريس

التصنيف

سياسي

المجال الزمني

قبل الثورة

updatedAt

2024/12/03

المنطقة الجغرافية

محافظة حمص-محافظة حمصعموم سورية-عموم سوريةمحافظة دمشق-مدينة دمشق

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

حزب البعث العربي الاشتراكي

حزب البعث العربي الاشتراكي

الحزب الشيوعي السوري

الحزب الشيوعي السوري

حركة فتح

حركة فتح

الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

الشهادات المرتبطة