الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

الحراك الأول في مدينة داريا ومظاهرات "الجمعة العظيمة"

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:24:39:05

إذا أردنا الحديث عن الحراك الثوري في مدينة داريا يجب الحديث أولًا عن بداية الحراك والنشاط الذي حصل قبل الحراك.

الذي يميز تاريخ الثورة السورية ثلاثة تواريخ: تاريخ 15 آذار/ مارس 2011، وتاريخ 18 آذار/ مارس 2011، وتاريخ 25 آذار/ مارس 2011 وطبعًا هذا كله مكمل لبعضه، وكل المدن شاركت في الثورة السورية وأبرز المدن هي مدينة درعا وداريا ودوما، وحتى بعض المناطق كلها شاركت في الثورة السورية، ولكن كل منطقة تتميز عن منطقة أخرى بكسر حاجز الخوف الموجود ضمن هذه المنطقة.

في مدينة داريا نحن تكلمنا عن التوجهات الموجودة في داريا قبل الثورة، وعن الوضع الاجتماعي الموجود ضمن مدينة داريا، وطبعًا بدأ الشعور أنه سوف يبدأ عندنا شيء بعد أن حصل في مصر وليبيا الناس استبشروا الخير، حيث أن نظام مبارك سقط خلال 15 يومًا فقط، وهو معروف بأنه نظام إجرامي وقمعي واستبدادي مثل [نظام] بشار الأسد. واستبشر الناس أنه يجب أن يحصل عندنا شيء. وأنا في بداية المظاهرات في مصر كنت أجلس في جلسة مع الشيخ نبيل (الأحمر) وهو ذكر أن عدوى الحرية هي عدوى حسنة وسوف تنتقل إلينا وسوف تنتقل إلى البلاد العربية. ولكن يجب أن يكون لدينا إعداد ونحن على هذا الوضع لا يوجد عندنا إعداد ويجب أن يكون هناك تنسيق وإعداد، وكان الشرف للشباب الذين خرجوا في تاريخ 15 آذار/ مارس 2011 في دمشق، وأنا كنت مستعدًا للخروج في المظاهرة ولكن الظروف لم تتيسر، وحتى الآن يحزّ هذا الأمر في نفسي لأنني لم أشارك مع الشباب الذين خرجوا وهذا كان أول كسر لحاجز الخوف.

فيما يخص مظاهرات 15 آذار/ مارس 2011 في دمشق طبيعة الشباب الذين شاركوا في حراك عام 2003 بقي عندهم تواصل مع باقي المناطق وأصبح لهم صدىً، وأي شخص يريد التنسيق كمعارضة ضد النظام قبل الثورة كان يخطر على باله شباب داريا عام 2003 يجب أن يراهم ويقوم بالتنسيق معهم. ومظاهرة 15 آذار/ مارس 2011 أنا لا أعرف من الذي قام بتنسيقها كرأس، ولكن تم التنسيق مع شباب داريا جماعة الأستاذ عبد الأكرم (عبد الأكرم السقا)، وعن طريقهم نحن عرفنا أنه سوف تحصل مظاهرة، وكان أخي محمود معهم ضمن جماعة الأستاذ عبد الأكرم وكانت نيتنا نحن الشباب للخروج في المظاهرة، ولكن لم تسمح لنا الظروف فربما لم يُكسر حاجز الخوف عندنا، وكان يوجد ظروف أخرى ولم نستطع المشاركة في هذه المظاهرة، وبعد 15 آذار/ مارس 2011 خرجت مظاهرات درعا وحصل ضرب الأطفال وتعذيبهم، وهنا كان يجب أن يحصل شيء اسمه "نصرة لدرعا" في كل مناطق سورية.

أنا قبل الثورة كنت أعاني من النظام وأنا خدمت (الخدمة العسكرية) في عام 2008 في الفرقة 15 القوات الخاصة وكنت في سرية تأديب. الفرقة في صلخد (مدينة في محافظة السويداء) وأجريت دورة صاعقة، أي أني جربت النظام وعاينت عن كثب العذاب الذي يلحقه بنا. حتى أنه في إحدى الدورات انتحر أحد الشباب ولم يستطع الصبر على العذاب، وهو من حمص كان يدرس في معهد التمريض، كان برتبة رقيب أول ونحن استيقظنا في الصباح وقد أطلق النار على نفسه لأنه لا يستطيع الصبر على الشيء الذي كنا نذوقه. وأنا كنت أعاني من جانب معين ويوجد أشخاص كانوا يعانون في التعليم والوظائف، وكل الشباب وكل أهالي داريا كانوا محتقنين من النظام وجاهزين لهذا الأمر، ولكن يحتاجون إلى الشعرة التي تقصم ظهر البعير لتنطلق بداية الثورة.

طبعًا كل شخص كان له جماعة سواء كانوا أصدقاء جامع أو جامعة، وكل شخص كان ينسق مع الشباب من جماعته فالنجارين كان لديهم مجموعة خاصة بهم، والمزارعين لديهم مجموعة خاصة بهم ولقاءات خاصة بهم، وطلاب المساجد القدامى والجدد لديهم مجموعات خاصة. ولذلك أنا أصف أول مظاهرة في مدينة داريا أنها من كل بستان زهرة، ومن لم يشارك في المظاهرة ولم ينزل إلى الشارع كان مؤيدًا للمظاهرة. على العكس كان أكبر موقف مشرف لنا عندما بدأ الأهالي يرمون علينا الورود والأرز، وأنا أعتبر نسبة المشاركين في مظاهرة داريا الأولى هي 70% فمن لم يشارك في النزول شارك بالدعاء ومن لم يشارك بالدعاء شارك بإرسال ابنه أو كان قلبه معنا وهو مؤيد لهذا الشيء، و30% المتبقون هم مؤيدون للنظام ومزروعون داخل مدينة داريا.

التنسيق في البداية وأنا أتكلم عن المجموعة التي كنت فيها، ذهبنا وجلسنا مع الشيخ نبيل (نبيل الأحمر) وقلنا له: يوجد نية لأجل الخروج في مظاهرة غدًا في تاريخ 25 آذار/ مارس في يوم الخميس. كان هذا الحديث قبل المظاهرة بيوم واحد، قلنا له يوجد نية للخروج في مظاهرة نصرة لأهل درعا، ونحن كطلاب في المساجد كان يجب علينا استفتاء شيخنا، هل هذا الشيء يجوز أم لا يجوز؟ علمًا أنه في يوم الأربعاء قبل يوم سمعنا أن الدكتور سعيد البوطي يقول لا يمكن الخروج في المظاهرات، وكان يدعو الناس للالتزام في منازلهم وعدم الخروج في المظاهرات. وعلى العكس كان الشيخ نبيل ضد رأي الدكتور البوطي وشجع على هذا الأمر، وقال: يجب وواجب علينا جميعًا الخروج في المظاهرة، ولكن يجب أن يكون هناك تنسيق. وقلنا له: كيف هي آلية التنسيق فقال: يجب الاجتماع مع باقي المساجد والخروج جميعكم كطلاب مساجد بروح واحدة، ولا يمكن أن تخرجوا ولا يخرج طلاب الجامع الآخر. 

ونحن اجتمعنا في منزله بعد صلاة الفجر في يوم الجمعة وتم التواصل مع كل المساجد، طبعًا نحن لم يكن لنا الأسبقية في دفعهم للخروج، ولكن شباب كل مسجد ضمن المسجد كانوا مستعدين لهذا اليوم ومستعدين لهذه الساعة، والتنسيق هو فقط من أجل توحيد الجهود والتفاؤل أنه ليس فقط نحن من سوف يخرج وإنما سوف يخرج غيرنا. اجتمعنا مع طلاب من جامع المصطفى وجامع حزقيل وباقي المساجد، من كل مسجد طالب ونسقنا في المجموعة أننا غدًا سوف نخرج في المكان المحدد، والمكان المحدد تلقائيًا مسجد العباس، الناس تختاره لأنه مميز وهو قريب من ساحة شريدي ساحة الحرية لاحقًا، وهي بعيدة عن مداخل داريا وإذا أراد رتل للنظام الدخول حتى يصل إلى المظاهرة فنحن سوف نعرف وكان قلب مدينة داريا هو مسجد العباس وتم التنسيق بيننا وبين الطرف الثاني جماعة الأستاذ عبد الأكرم عن طريق أبو عاصم -رحمه الله- عمر الشربجي، وكان أخوه نبيل الشربجي -أيضًا استشهد في المعتقل- من ضمن جماعة الأستاذ عبد الأكرم، ونحن جمعنا جهودنا من أجل الخروج في المظاهرة والشيخ نبيل بدوره يتواصل مع كل خطباء المساجد بعد صلاة الفجر، وقال إن الشباب سوف يخرجون في مظاهرة ويجب علينا دعمهم وإذا حصل شيء يجب أن نكون معهم، ويوجد خطباء مساجد استجابوا مباشرة وأيدوا هذا الخروج ويوجد خطباء مساجد رفضوا بشكل كامل وكان جوابهم للشيخ نبيل: ألم تسمع ما قاله الدكتور البوطي؟! وهو قدوتنا وهو قد أعطانا الفتوى بعدم الخروج ولا يجب علينا الخروج.

نحن اجتمعنا وصلينا في مسجد العباس وطبعًا كانت كل المجموعات كما ذكرت في البداية مستعدة للخروج في المظاهرة وخرجنا كمجموعات بعد صلاة الجمعة، وتوقفنا أمام مسجد العباس والأهالي بدؤوا ينظرون إلينا الكبار في العمر والذين عانوا في الثمانينات بمعنى أنه ماذا ستفعلون؟ لفلفوا الموضوع، حتى أن أحد الرجال الكبار في العمر بدأ يصرخ علينا ويقول ماذا تفعلون؟ هل تريدون فعل شيء؟ لا تخربوا بيوتكم بأيديكم ألم تسمعوا ماذا قال الدكتور سعيد؟ أي لا يمكنكم الخروج.

 ونحن اجتمعنا وكل المجموعات كانت تنظر إلى بعضها، نحن مستعدون ونحتاج إلى من يحرك الجو حتى تشتعل المظاهرة، وطبعًا بعض الشباب شاب من عائلة شركس وباقي الشباب المشاركين فيها، كان أول هتاف في مدينة داريا "يا درعا نحن معاكي للموت" و"ما في خوف، ما في خوف، بدنا نشيلك يا مخلوف" (رامي مخلوف) ونحن لم نكن نقترب بعد من بشار الأسد وكنا نهتف ضد المحافظ، ورامي مخلوف، و"الشعب يريد إصلاح النظام" ولم يكن إسقاط النظام في بداية الهتافات. وبعد "الجمعة العظيمة" أصبحنا نهتف بإسقاط النظام، علمًا أن باقي المناطق من أول مظاهرة هتفت بإسقاط النظام، ولكن نحن نداري الوضع والشباب الذين كانوا معنا في الحراك لديهم خبرة أكثر منا، الذين شاركوا في عام 2003 وكان توجيه هذه الشعارات عن طريقهم والفضل لهم في اختيار هذه الشعارات. نحن الشباب بشكل عام الذي حركَنا في أول مظاهرة هو الفطرة، هو الشيء الذي عانيت منه من النظام، والشيء الثاني هو العاطفة فأهالي درعا لا يبعدون عنك سوى ساعة من الزمن ونحن وصلنا ما حصل لهم. وانطلقت أولى الهتافات في مدينة داريا بعد صلاة الجمعة ووقفنا حوالي نصف ساعة أمام المسجد كنا نهتف حتى نرى ردّات الفعل. وأنت هنا بتاريخ 15 آذار/ مارس 2011 أنت تنتقل من حياة إلى أخرى وتنسى ماضيك، وأنت الآن بدأت حياة جديدة وأنت خرجت وأنت تتوقع أسوأ النتائج وتتأمل أفضل النتائج، تتوقع أن النظام سوف يأتي ويعتقلك ويقتلك، وكما حصل مع الذين قبلنا تتوقع أفضل النتائج أنه خلال مظاهرة أو مظاهرتين سوف يسقط النظام ويأتي نظام جديد يحكم الدولة ويصبح لديك حرية وعدالة انتقالية ونحن وضعنا الخيارين أمامنا.

طبعًا الشيخ نبيل كان كل نصف ساعة يتصل بي ويطمئن على الشباب ويسأل عن الوضع وعن المظاهرة وأنا أقول له الحمد لله العدد أصبح كذا، والحمد لله الهتافات أصبحت كذا، وبعد أن سارت المظاهرة نصف ساعة مشينا باتجاه شارع الثورة وبدأ العدد يزداد، العدد يزداد كمشاركين داخل المظاهرة ومن الأهالي الذين يخرجون على الشرفات ويحيوننا ويرمون علينا الأرز والورود، نحن نحمد الله أننا كنا مشاركين في هذا الموقف لأنه فعلًا شيء مشرف، وعندما نذكره تتحرك عندنا المشاعر. رحم الله من استشهد فنصف الذين شاركوا في الحراك الأول نصفهم استشهد ونصفهم اعتقل وباقي عدة أشخاص لا يزالون على قيد الحياة، وهذا يدفعنا لاستذكار هذه الأمور وتأريخها لأنه من واجبنا، يوجد منهم أشخاص استشهدوا وأشخاص لديهم أطفال وهؤلاء الأطفال ينتظرون من يتحدث عن والدهم وهذا الشخص الذي شارك في الثورة. لذلك من خلال سردي للمعلومات سوف أتطرق وأذكر بعض الشخصيات.

نحن مشينا باتجاه شارع الثورة والعدد في البداية أمام جامع العباس كان حوالي 50 شخصًا، وبعد أن سارت المظاهرة بدأ العدد يزداد وأنا كنت أتوقع في آخر المظاهرة ولا أذكر العدد ولكن 300 أو 500 عدد الشباب الذين شاركوا في المظاهرة الأولى عندما وصلنا إلى شارع الثورة. طبعًا يوجد لدينا عائلات مؤيدة للنظام مثل عائلة العزب وهي معروفة في مدينة داريا، وعائلة موفق العزب والتابعون لها ولكن ليس جميع العائلة مؤيدة ويوجد أشخاص من عائلة العزب شاركوا في الثورة واستشهدوا معنا على الجبهات، ولكن الفئة الحاكمة في عائلة العزب كانت مؤيدة للنظام. ويوجد جزء من عائلة الحو أيضًا منخرطون مع النظام، وجميعهم كانوا ضمن المركز الثقافي والشعبة الحزبية (التابعة لحزب البعث) للمركز الثقافي في مدينة داريا، وهؤلاء مباشرة جمعوا أنفسهم وخرجوا في مسيرة مؤيدة وحملوا صور المغضوب بشار الأسد، وأخذوا يحيونه ونحن تواجهنا معهم في شارع الثورة، وطبعًا كان هنا أول اصطدام مباشر بيننا وبينهم، وبدأنا نضرب بعضنا بعلب الماء وهم ابتعدوا ونحن ابتعدنا، هم ذهبوا إلى اليمين باتجاه شارع الثورة ونحن ذهبنا باتجاه قلب داريا.

طبعًا المظاهرة سارت بشكل جيد واستمرت حوالي ساعتين وكان يوجد بث مباشر على قناة الجزيرة، خرجت على قناة الجزيرة أيقونة خاصة بمدينة داريا وانتهت المظاهرة الأولى وعندما انتهينا من المظاهرة ومن شدة الفرحة التي نحن فيها عدنا واجتمعنا كطلاب مساجد من مسجد واحد، وذهبنا إلى منزل الشيخ نبيل وبشرناه بما حصل معنا وتكلمنا بما حصل بالتفصيل وأنا حتى الآن أتذكر أنه نزلت الدمعة من عينه أي هذا هو الذي يجب أن يحصل. وحتى أذكر أن الكبار في العمر في مدينة داريا عندما كانوا يروننا نمشي ونهتف وقد كُسِر حاجز الخوف كان يوجد منهم أشخاص يبكون لأن لنا 40 سنة لا نستطيع القيام بهذا الموقف، وأنتم قمتم به كشباب عمركم في العشرينات واستطعتم كسر حاجز الخوف ونحن صار لنا 40 سنة من أيام حافظ الأسد وقد اعتقل زينة الشباب عندنا في الثمانينات ولم نستطيع تحريك ساكن. ومنهم من أُعدم وهُجّر وأُبعد ولم نستطع تحريك ساكن وأنتم حركتم الساكن، وهؤلاء الكبار في العمر كانوا بركتنا ونحن بدون الكبار في العمر نحن لا شيء وعندما نرى دمعتهم وتوجههم وتأييدهم هذا أعطانا الدافع أنه يجب علينا الإكمال وأصبح علينا واجب الإكمال في الشيء الذي مشينا به.

المظاهرة كانت على فطرتها الحسنة بكل معنى الكلمة، حتى الخلافات الفكرية في أول مظاهرة كانت مبعدة أي أن جماعة جامع المصطفى مع جماعة جامع أنس ومع جماعة الأستاذ عبد الأكرم جميعهم ملتحمون ويحملون بعضهم على الأكتاف والنجارون والفلاحون وأبناء كل المصالح (المِهَن) شاركوا في المظاهرة، وكانت فعلًا على الفطرة ولا يوجد أي خلاف بين الشباب ولا يوجد أي شيء ولا يوجد توجس بين بعضنا البعض، وهذه هي المظاهرة الأولى وكان لي الشرف في المشاركة فيها بفضل الله سبحانه وتعالى.

المظاهرة الثانية كانت بعد أسبوع والتجهيزات الأولية كانت نفس التجهيزات بغض النظر عن الشباب الذين خرجوا فيها، ولكن كان يوجد تجهيز لافتات معينة عن مدينة درعا و"الشعب يريد إصلاح النظام" وهذه الأمور أي أنه كان هناك تنظيم أكثر، ولكن في المقابل حسب النظام حساب المظاهرة الثانية بالخروج، ونحن استعددنا بعد صلاة الفجر مثل العادة وأننا سوف نخرج اليوم في مظاهرة ومكانها سوف يكون جامع أنس وجامع العباس أي سوف ننطلق من مكانين إلى المظاهرة، ومسجد أنس بعيد قليلًا عن مداخل داريا لأنه يقع في حارة الشاميات، ونحن جهزنا أنفسنا للمظاهرة وأثناء ذهابنا إلى صلاة الجمعة وجدنا الباصات (الحافلات) أمام المساجد باصات الشبيحة الخضراء ولم يكن يوجد سلاح في وقتها وكانوا يحملون العصي والهراوات وكانوا مستعدين لقمع المظاهرة، وهنا خاف الشيخ نبيل علينا وقال: اليوم لا يخرج أحد اليوم عطلة، والشيء الموجود عند الشباب لم يستجب حتى للأستاذ نبيل.

ضمن مسجد أنس اكتشفنا الموجودين داخل المسجد من المخبرين والناس القادمين من الخارج لقمع المظاهرة، وفي مسجد أنس كان الشيخ نبيل عوّد الناس أنه بعد انتهاء خطبة الجمعة ويقول أقم الصلاة وعندما يصل إلى "قد قامت الصلاة" يجب على الناس الوقوف [للصلاة] وهذا الأمر من السنة أن يبقى الناس جالسين وعندما يقول "قد قامت الصلاة" يقوم الناس، في هذه الجمعة بعد أن انتهى الأستاذ نبيل من الخطبة وقال "أقم الصلاة" وقف الغرباء في مدينة داريا توقف تقريبا 30 شخصًا كانوا يجلسون ضمن الجامع، منهم من يرى ماذا يتحدث الشيخ ومنهم من يراقب الشباب الموجودين، وطبعًا كل هذه القبضة الأمنية التي كانت داخل مدينة داريا كانت حوالي 35 باصًا ممتلئاً بالعساكر والشبيحة الذين يوجد معهم العصي والهراوات للضرب. 

بعد انتهاء خطبة الجمعة انطلقت المظاهرة من مسجد أنس وانطلقت مظاهرة من مسجد العباس وهناك أشخاص كانوا مستعدين في مسجد مصعب، وعندما انطلقت المظاهرة هجم الشبيحة على المظاهرة وبدؤوا يضربون بالعصي والهراوات وطبعًا يوجد شباب أُصيبوا إصابات خفيفة، وبعدها سارت المظاهرة وتفرقت ولم تستطيع الاجتماع وبعدها اجتمعت المظاهرة في شارع الثورة بحدود نصف ساعة أو أكثر، أي أنها استطاعت أخذ مركز لها وترديد بعض الهتافات وانتهت المظاهرة بشكل كامل لأنه لا يوجد القدرة على الاستمرار أكثر. ومع كل هذه القبضة الأمنية خرجت المظاهرة وكان يوجد بث وكُتب على قناة الجزيرة مظاهرة في مدينة داريا، حتى أنه تم تصوير الجيش عندما كان يضرب المتظاهرين أي الشبيحة الذين كانوا يرتدون الثياب المدنية وهذا بالنسبة للمظاهرة الثانية.

 اعتقل بعض الأشخاص والاعتقالات كانت في البداية ساعتين أو ثلاث ساعات وأكثر مدة اعتقال كانت ثلاثة أيام ويخرج، وبعدها تطورت فترة الاعتقال بعد "الجمعة العظيمة" وأصبحت أسبوعًا وبعدها أصبحت ثلاثة أشهر وبعدها يختفي المعتقل ولا يُعرف متى يخرج. هذا بالنسبة للمظاهرة الثانية وعلى إثرها أصبحت الوجوه معروفة من يخرج في المظاهرة ويقود الشعارات ومن يهتف ومن يقول لفلان توقف هنا وأيضًا مما يميز مظاهرات داريا الأولى والثانية أن التخريب كان ممنوعًا وحتى لو كانت صورة موجودة على المركز الثقافي أو صورة أمام البلدية أو أمام المخفر لبشار الأسد لا يتم إزالة هذه الصورة، لأننا أخذنا العهد على أنفسنا وطبعًا هذا توجيه من بعض الشباب داخل المظاهرة أن التخريب ممنوع، ونحن خرجنا ولدينا هدف معين وهو الهتاف بهتافات معينة ونمشي على هذا الأساس والحمد لله لم يحصل أي تخريب وحتى الاشتباك الذي حصل مع المؤيدين كان عبر علب الماء ولم يحصل أكثر من ذلك. وبعدها مشينا بعد أن انتهت المظاهرة حصل تنسيق الشباب يتبادلون الحديث: رأيت أنك مهتم بالأمر ما رأيك أن يحصل تواصل؟ أعطني رقم هاتفك وخذ رقم هاتفي، وأصبح يوجد تنسيق أولي بين الشباب المتظاهرين لأنه إذا أردنا الخروج في مظاهرة يوجد من يتكلف في هذا الأمر وعلينا الاتفاق على الشعارات التي سوف تخرج، هذا كان بداية التنسيق اعتبارًا من المظاهرة الثانية.

في المظاهرة الأولى كان التنسيق على مستوى فردي أو جماعات معينة والتنسيق الثاني في المظاهرة كان تنسيق أفضل.

بعد أن انتهت المظاهرة الثانية حصلت جلسات بين الشباب، وكان يوجد عندنا صلة تواصل بيننا وبين جماعة الأستاذ عبد الأكرم وأبو عاصم -رحمه الله- عمر الشربجي وكان يخبرنا بما سوف يحصل والتجهيزات المعينة وطبعًا مستقبلًا حصلت اجتماعات فيزيائية بيننا وبينهم.

المظاهرة الثالثة التي هي "الجمعة العظيمة" (22 نيسان/ أبريل 2011- المحرر) والجمعة العظيمة كانت عظيمة بكل معنى الكلمة لأنه حصل تنسيق قبل المظاهرة، وأنه سوف يحصل خروج من جميع المساجد وجلسنا عند الشيخ نبيل في المنزل مثل العادة للتنسيق للمظاهرة، والشيخ نبيل قال سوف أتكلم بشكل علني اليوم في الخطبة وقلنا له لا يمكن أن تتكلم وحدك ويجب على كل خطباء المساجد أن يتحدثوا بنفس الأمر. طبعًا حصل تواصل تقريبا 10 خطباء وعدوه أن يقولوا في الخطبة كلمة الحق كما يقال، والذي تحدث بطريقة غير مباشرة شخصان ولم يتحدث أحد غيرهم وخرج الأستاذ نبيل في وقتها وهو مطمئن أنه يوجد خطباء مساجد سوف يتكلمون، وأنا سوف أتحدث بدوري وأنا متفق معهم، ولكن وهو قادم إلى مسجد أنس أوقفه حاجز للجيش وقام بتفتيش السيارة وهو كان يسكن في المعضمية وكان مسجد أنس في داريا، ووصل إلى المسجد والشيخ نبيل كان معروفًا بغضبه، فعندما يغضب من أمر معين يحمر وجهه ودخل إلى المسجد وكان وجهه أحمرًا ونحن قلنا أن الخطبة اليوم سوف تكون حاميةً كثيرًا. وبدأ الخطبة وقال: أثناء قدومي إلى المسجد أحسست بأنني قادم من مستوطنة إسرائيلية ولست في مدينة سورية. وسبحان الله أثناء الخطبة سقط المطر في الجمعة العظيمة قال الشيخ نبيل: هذه بشارة من رب العالمين وما نزول الغيث إلا رسالة من رب العالمين أني معكم فاثبتوا. وهنا توقف المصلون أثناء الخطبة وبدؤوا يكبرون "الله أكبر" وقال لهم الشيخ: اهدؤوا، في المسجد عليكم احترام حرمة المسجد ولا يمكن أن يكون هناك فوضى داخل المسجد وكل الأشخاص الموجودون داخل مسجد أنس بعد خطبة الجمعة خرجوا في مظاهرة، المدنيون وشباب التنسيقيات الذين خرجوا في المظاهرة الأولى. 

مظاهرة "الجمعة العظيمة" كان يميزها أن العدد وصل فيها إلى حدود 15 ألف شخص وهذا العدد ليس قليلًا، والجيش كان مستعدًا وكان عندهم سيارات وباصات لقمع المظاهرات، ولكنّ توزع المظاهرات التي خرجت أمام مسجد أنس وأمام مسجد العباس وأمام مسجد المنبر وأمام مسجد مصعب بن عمير، وكل مسجد كان النظام يخصص له فئة لقمع هذه المظاهرة وبعد خروج المظاهرة حصل تواصل أنه علينا الاجتماع جميعًا في شارع الثورة ونحن الذين خرجنا من أمام مسجد أنس اشتبكنا مع الجيش أمام المخفر وفي البداية كانوا يطلقون علينا الغاز المسيل للدموع، وكانت هذه أول مرة وكان يوجد مؤازرة من أهالي داريا، وكانوا يحضرون لنا الكولا والبصل لإزالة الغاز المسيل للدموع. وبعدها بدأ النظام يستخدم الرصاص المطاطي ويوجد شباب بجانبي أصيبوا بالرصاص المطاطي، عندما تصيب تجعل المكان أزرقًا، وبعدها بدأ يستخدم الرصاص الحي وهنا أصبح يوجد جرحى وشهداء وسقط شهيد من عائلة الشعار وشهيد من عائلة الخولاني وشهيد من عائلة محمود.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2020/12/18

الموضوع الرئیس

التعامل الأمني والعسكري لنظام الأسدالحراك في داريا

كود الشهادة

SMI/OH/7-02/

أجرى المقابلة

سامر الأحمد

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

3-4/2011

updatedAt

2024/06/24

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-مدينة داريا

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

الجيش العربي السوري - نظام

الجيش العربي السوري - نظام

قناة الجزيرة

قناة الجزيرة

حزب البعث العربي الاشتراكي

حزب البعث العربي الاشتراكي

الفرقة 15 قوات خاصة - النظام

الفرقة 15 قوات خاصة - النظام

الشهادات المرتبطة