الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

مجازر النظام وبداية الحراك العسكري وتشكيل كتيبة الفاروق

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:19:58:17

في يوم 8 أيار/ مايو [2011] كما تحدثنا سابقًا بدأ جيش بشار الأسد باقتحام حي بابا عمرو وقام بعمليات تفتيش واعتقال، وانتقل بعدها إلى حي السلطانية المجاور لحي بابا عمرو من الجهة الجنوبية الغربية وصولًا إلى حي جوبر الكبير والذي يمتد على مسافة بضعة كيلومترات، وقام هنا بقتل عدة أشخاص بينهم مثقال النويعم -رحمه الله- الذي كان عائدًا إلى منزله على دراجته النارية، حيث قام جيش بشار الأسد باستهدافه وقام أيضًا في هذه المنطقة بأعمال تفتيش واعتقال، ثم خرج إلى خارج تحويلة حمص وصولًا إلى قرية تل الشور ومحيطها، وفي قرية تل الشور قام بقتل امرأة مسنة من آل النادر وقام بقتل شاب يدعى محمد الجمّال وقام أيضًا بقتل شخص من أبناء قرية قطينة المجاورة، وهو مسيحي كان يستقل سيارته الخاصة لنقل مادة البطاطا إلى سوق الهال وقام بقتله عند الجسر تمامًا (جسر تل الشور عند التحويلة) وقام بعدة عمليات اعتقال وتفتيش أيضًا في تل الشور وصولًا إلى غرب قرية تل الشور؛ قريتي المشاهدة وزيتي البحرة، وأذكر يومها أن الأمن العسكري في حمص قام باستدعاء أحد إخوة محمد الجمّال نسأل الله أن يحتسبهم جميعًا شهداء، ووقّعه على ضبط أن من قام بقتل أخيه هو والده باعتباره مجرم، والملفت للنظر بأن والد محمد الجمال قد توفي قبل ولادته أصلًا، وهذا الأمر يعطيك فكرة عن عقلية هذا النظام المجرم وآلية تفكيره ومدى قدرته على الاستيعاب.

ما حدث من يوم 8 أيار/ مايو 2011 إلى يوم 12 أيار/ مايو 2011 في المنطقة الممتدة من بابا عمرو إلى السلطانية ثم جوبر ثم تل الشور وصولًا إلى قريتي المشاهدة وزيتي البحرة كان عملًا هجوميًا من جانب جيش بشار الأسد، ولم يكن هناك أية ردة فعل من أي ثائر على ما جرى، ولم يكن هناك إطلاق أي طلقة نار إلا ما جرى في محطة كفر عايا نفسها من خلاف بين ضباط الجيش وعناصر الأمن وإطلاق النار بينهما ثم هروب العميد المسؤول عن قوات الجيش إلى مقتله في قرية مسكنة الواقعة شرق طريق حمص- دمشق.

بعد هذا الهجوم المروِّع من جيش بشار الأسد قام بنصب عدة حواجز في المنطقة، في بابا عمرو وحدها نصب ما يقارب 12 حاجزًا وصولًا إلى السلطانية وجوبر وإلى تل الشور وإلى مختلف أنحاء المنطقة وقام بتقطيعها، وهذا الأمر لم يمنع الناس الذين خرجوا من بابا عمرو خوفًا من هجوم جيش بشار الأسد أن يعودوا إلى بابا عمرو، وبالفعل عاد الناس وعادت الناس إلى المظاهرات وإلى إحياء هذه الظاهرة من جديد رغم وجود حواجز جيش بشار الأسد التي بدأت هي بإطلاق النار على المتظاهرين وبدأت بتقييد حركتهم واستهدافهم عبر القناصات وعبر الرشاشات.

ما جرى في حمص من مجازر ارتكبها شبيحة النظام وأجهزته الأمنية أو جيشه واقتحامه للمناطق وللأحياء والقرى واعتقال الناس أوجد ردة فعل عند الأهالي من ضرورة وجود السلاح بأي شكل من الأشكال ليردع أجهزة الأمن عن أبنائهم ومنعًا وتقييدًا لحركة الأجهزة الأمنية بالدخول إلى الأحياء وإحداث اعتقالات عشوائية، ومنعًا للكثير من المآسي التي يمكن أن تنجم ومنها استهداف المظاهرات نفسها. وبالفعل بدأت في حمص تظهر بعض المجموعات المسلحة في عدة أحياء منها وعدة قرى، بداية كان الأمر مما توفر من سلاح في بعض البيوت ومن المعلوم لدى الجميع أن بيوت أبناء حمص كغيرها من أبناء السوريين لابد أن يتواجد في قسم منها بعض الأسلحة، وقد يكون منها للصيد مثل الجفت أو البمبكشن أو بندقية الصيد العادية، ومنها ما قد يكون أكبر من ذلك بقليل كبندقية الكلاشنكوف أو بعض المسدسات الخاصة التي يقتنيها بعض الأشخاص، وهذه الأسلحة تواجدت للأمانة بعد سلسلة من جرائم النظام وأفاعيله القبيحة والمجرمة، وتواجدت في أيدي بعض المجموعات المتبعثرة المنتشرة في عدة أحياء من حمص، وصولًا إلى اقتحام بابا عمرو ومن ثم اقتحام تلكلخ وتلبيسة وعدة مناطق أخرى كان لابد أن تتعزز هذه القناعة عند بعض الشباب بوجوب رد شيء من الأذى عن أهلهم، فكان الأمر كالتالي أن وُجدت هذه المجموعات المسلحة في تلك الأحياء للدفاع عن أهاليها لرد الأذى عن أهلها وعن أعراضهم وعن أملاكهم، وليس من المعقول أن يسمحوا للشبيحة أو أجهزة الأمن بالدخول إلى الأحياء واعتقال أي فتاة أو أي شاب أو أي مسن أو أي امرأة بدون أي مقاومة تذكر. 

فوجدت هذه المجموعات بأعداد بسيطة قد تتراوح بين 15 و20 و30 شخصًا كحد أقصى في تلك الأحياء، وهذه الظاهرة ومع وجودها لابد من تنظيمها فاندفع بعض الشباب لتنظيم هذه الظاهرة وكنت أنا أحد أولئك الأشخاص من منطلق أنه يجب أن لا نترك هذه الحالة حالة مبعثرة وعشوائية ولابد من إحداث حالة من التنسيق بأدنى الحالات بينها، فتم التواصل مع هذه المجموعات على اختلاف مناحيها في مناطقها وأحيائها المختلفة. وفي هذه الأثناء كانت آلة النظام المجرم ما تزال مستمرة، واقتحم جيش الأسد حمص القديمة وأحدث فيها ترويعًا كبيرًا، قوبل بردة فعل من الثوار الذين حملوا السلاح على مدار بضعة أيام، كما حدث في تلكلخ سابقًا، وهذا الأمر أدى في نهايته إلى خروج هذه المجموعات من حمص المدينة إلى بعض الضواحي والقرى مما سهل جمعها وكان قرار جمعها قرارًا ضروريًا ملحًا لابد منه، وتم جمع الجميع أو التواصل مع الجميع بمختلف المناطق من غرب حمص إلى شرق حمص ومن شمالها إلى جنوبها ومن ضمنها مدينة حمص، فتمت الدعوة إلى عقد اجتماع في منطقة القصير في بساتينها في أحد المقرات التي يتواجد فيها الأخ العزيز الغالي عبد الرحمن العتر (أبو محمد) وهو رجل خريج جامعي ومن الذين انضووا في الثورة بوقت مبكر وفي مهدها الأول، وكان له أثرًا كبيرًا جدًا في إذكاء روح الثورة في منطقته عمومًا وفي حمص بشكل عام.

تم التواصل مع بعض المجموعات المسلحة المنتشرة في أحياء حمص وقراها، وقامت كل مجموعة بانتداب شخص ممثل لها، وفي هذه الأثناء حدثت المعركة في حمص القديمة، واضطرت المجموعات في مدينة حمص للخروج مما سهّل أيضّا حضور ممثليها أو قادتها لهذا الاجتماع.

حضر هذا الاجتماع مجموعة من الإخوة مدنيين ثوريين وعسكريين ثوريين وكان من أبناء منطقة القصير الأخ عبد الرحمن العتر أبو محمد والملازم أول معن الكنج -رحمه الله- والأخ عبد الجواد جمول وآخرين وكان من منطقة البويضة أحمد بكار (أبو جعفر) ويرافقه عبد الله بكار بن محمود الملقب "بابن الدرزية" ومن بابا عمرو حضر مهند العمر وأحمد دعبول وعن المدينة حضر محمد معاذ الأسعد (أبو أسعد) وحضر عبيدة جنيدي وعن منطقة ريف حمص الغربي حضر الأخ نادر أسعد -رحمه الله- وعن منطقه الرستن حضر الأخ عدنان الظاهر وأخ آخر أعتقد أنه أبو إسماعيل وعن منطقة الرستن حضر الملازم أول عبد الرزاق طلاس ووالده ومعه أخوان آخران وحضر من منطقه شرقي حمص الأخ برهان أبو دوما وبعض الأخوة الآخرين الذين قد لا تسعفني الذاكرة الآن لاستذكارهم، ولكن هذه بشكل عام لمحة عن الأخوة الذين حضروا من مختلف المناطق، وكان اجتماعنا في منطقة القصير في البساتين في موقع يعود لأخينا عبد الرحمن العتر أبو محمد في تاريخ 29 حزيران/ يونيو 2011 وتم الاتفاق في هذا الاجتماع على إيجاد وحدة تنسيق متكاملة بين الإخوة جميعًا على اختلاف مناطقهم، وتوحيد الدعم رغم أنه كان حتى هذا الوقت دعمًا ذاتيًا من أبناء محافظة حمص وخاصة من أبناء مدينتها من التجار ومن رجالات الصناعة والأعيان، وتم الاتفاق على أن نتحرك بقرار عسكري وسياسي واحد وتم الاتفاق على أن يكون هناك منسق لهذا العمل وأن يسمى هذه الظاهرة باسم "كتيبة" على أن يترك تسميتها لي وللأخ عبد الرحمن العتر فيما بعد، وأنا أحببت في الحقيقة أن يكون الأخ عبد الرزاق طلاس منسقًا لهذا العمل وقائدًا له باعتباره أول من انشق عن نظام الأسد وجزاه الله عنا خير الجزاء، فقد كان ممن سنوا سنة حسنة بانشقاقهم عن نظام الأسد، إلا إن بعض الأخوة المتواجدين رفضوا الأمر لأسباب لا تبتعد كثيرًا عن الحالة الأدبية لأنه نحن لا نعرف الأخ عبد الرزاق وهو صغير بالعمر فلتكن أنت يا أستاذ أسامة يا أبو سايح في هذا الموقع وبعدها لا يمنع أن نغير أو يحصل أي شيء آخر، وتم التوافق على هذا الأمر بكل ود وكل هدوء وبوجود أخينا عبد الرزاق والآخرين جميعًا، وانطلقنا باتجاه هذا الأمر وبعد 10 أيام من هذا الاجتماع اجتمعت أنا والأخ عبد الرحمن العتر واتفقنا على تسميتها "كتيبة الفاروق" على أن يكون لها سرايا في كافة المناطق، وبالفعل وبعد هذا الاتفاق قمت بالتواصل مع مجموع الإخوة القادة المعنيين بتلك المجاميع وإعلامهم بأنهم سرايا في مناطقهم وأن المجموع العام كتيبة وأن اسمها "كتيبة الفاروق".

أريد أن أنوه لأمر في غاية الأهمية: بعض القراء يناقش مسألة تاريخية في ضوء واقعنا الحادث الآن، وهذا أمر فيه من الخطأ الشيء الكبير، بعض القراء يحاكم رجالات في التاريخ في منظور عصرنا الحالي وهذا أمر فيه خطأ كبير وتجنٍ على رجالات التاريخ وعلى التاريخ نفسه، ومن يريد أن يحاكم شخصية تاريخية محاكمة عقلية ذهنية ثقافية أيًا كانت هذه المحاكمة؛ يجب أن يحاكمها في الظروف الزمانية والمكانية موضوعيًا وشكليًا في نفس الزمان الذي وجدت فيه، والبعض يتساءل الآن لماذا سميتموها كتيبة الفاروق، أنتم أول من سمى كتيبة إسلامية، ولكن في بداية عام 2011 لم يكن هناك شيء اسمه كتيبة إسلامية ولم يكن هناك تمايز ولم تكن هذه الحالة المشؤومة الموجودة الآن قد وُلدت أو وُجدت في ثورتنا أو زُجّت ثورتنا فيها، وفي العام 2011 لم نكن إلا حالة شعبية كما سنبقى حتى الآن إلا إنه في العام 2011 في الحقيقة وعندما اجتمعت مع الأخ عبد الرحمن العتر وتناقشنا بالأمر كنا مدركين أننا لا نقاتل النظام السوري فحسب وإنما نقاتل حتى إيران التي بدأت بزج جيوشها ومجموعاتها وعصاباتها في المسألة السورية وفي الأزمة السورية انتقامًا لنظام الأسد وتثبيتًا لموقفه، وفي الحقيقة مما يحفّز العمل ومما يشجع العمل أن دولة كِسرى سقطت في زمن الفاروق رضوان الله عليه، فلا يمنع الآن أن هناك دولة لكسرى سوف تقوم من جديد وأن يكون مسمى "الفاروق" ممن سيساهمون في كسر هذا القرن وهذه الشوكة، وعلى هذا الأساس وبكل بساطة تم تسميتها كتيبة الفاروق وليس لبعد إسلامي ولا لبعد أيديولوجي ولا لبعد راديكالي ولا تحت أي حالة حزبية.

اجتماعنا كان في منطقة القصير في 29 حزيران/ يونيو وتسميتها بكتيبة الفاروق كان في يوم 10 تموز/ يوليو 2011 وعلى ما أذكر بأنه أول تصوير فيديو كان في مشفى الحكمة لأحد القادة مصابًا كان تحت مسمى "كتيبة الفاروق" بتاريخ 15 تموز/ يوليو 2011.

في البداية بالنسبة لي كأسامة جنيدي كانت إحدى المهام المناطة بي هو التواصل مع المجاميع الموجودة في المناطق، وذلك لعدة أسباب منها إحداث مشاورات وتعميق التواصل وإيصال الدعم والبحث عن آليات ذلك، فكان لابد لي من الحركة في المحيط العام لمدينة حمص وكنت لا أزال حتى هذه اللحظة غير معروف وغير مطلوب للنظام السوري، واستمرت هذه الحالة حتى نهاية شهر آب/ أغسطس من العام 2011، وطُلبت للنظام السوري بشكل شخصي وباسمي الصريح فلم أعد قادرًا على الحركة كالسابق.

ضرورة الحركة من الزارة إلى الحصن إلى تلكلخ إلى الرستن إلى تلبيسة إلى شرق حمص إلى القصير إلى أحياء حمص المختلفة، تجبرك المرور على الحواجز، فكنت خلال هذه الفترة القصيرة جدًا التي لا تتعدى الشهرين أمر على حواجز، ومن الطبيعي أن أنتحل صفة أخرى أمام الآخرين الذين لا يعرفونني، والقيادة في السرية مثلًا في الزارة أو تلبيسة يعرفونني كاسم حقيقي وكأبو السايح، وأما العناصر المقاتلون الآخرون والقادة الآخرون فيعرفونني باسم أبو جاسم، وأستثني من هذا الأمر أبناء منطقتي في بابا عمرو وصولًا إلى تل الشور إلى ريف القصير، وهم بالأصل يعرفونني قبل الثورة وبعد الثورة باسمي الحقيقي، فموضوع انتحال اسم أبي فلان هي حالة مؤقتة لم تستمر أكثر من شهرين على ما أذكر وبأماكن بعيدة عن منطقتي وخارج قيادة المجموعة في هذه المنطقة، يعني قيادة العمل في تلبيسة تعرف أن اسمي أسامة جنيدي أبو سايح وأنني محام، وتعرف والدي وتعرف أهلي إلا إنه لا داعي إذا جلسنا في اجتماع فيه عشرة أشخاص أو 15 شخصًا أن يقال أن هذا فلان ابن فلان ومن عائلة فلان وإنما أبو جاسم، وهذا كان عليه معظم العرف بداية الثورة، وخاصة أنني أنتقل على الحواجز لمدة شهرين وهذا الأمر كان ضروريًا بهذا القدر، وفي نهاية شهر آب/ أغسطس وصلني الخبر من الأجهزة الأمنية أنك أصبحت مطلوبًا فهنا لم يعد مبررًا لأي شيء من هذا الكلام، فكنت باسمي الطبيعي وحتى الآن.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2020/10/27

الموضوع الرئیس

الحراك العسكري في حمص

كود الشهادة

SMI/OH/97-04/

أجرى المقابلة

منهل باريش

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

عسكري

المجال الزمني

4-8/2011

updatedAt

2024/07/23

المنطقة الجغرافية

محافظة حمص-منطقة القصيرمحافظة حمص-بابا عمرومحافظة حمص-محافظة حمصمحافظة حمص-كفر عايامحافظة حمص-تل الشورمحافظة حمص-جوبر

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

كتائب الفاروق

كتائب الفاروق

الجيش العربي السوري - نظام

الجيش العربي السوري - نظام

فرع الأمن العسكري في حمص 261

فرع الأمن العسكري في حمص 261

الشهادات المرتبطة