الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

وفاة حافظ الأسد والخدمة الإلزامية

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:26:40:24

معظم الناس الذين كان الإعلام الموجه الوحيد لهم كان يقدس حسن نصر الله ويظهره أنَّه يقاتل إسرائيل والوحيد الذي وقف ضد إسرائيل، والدول العربية كلها عميلة ما عدا سورية أو الدول التي علاقاتها جيدة مع سورية، وكانوا يظهرون لنا أن كل شيء غير سورية وحسن نصر الله والدول التي مع سورية هي خائنة وعميلة لإسرائيل، ومن ضمن هذه الشخصيات حسن نصر الله، وكانت أسهمه مرتفعة في تلك الفترة جدًا وحين تأتي سيرته بين طلاب الجامعة يقولون هذا المقاوم والممانع والذي يقاتل إسرائيل، وإذا قال فعل وهذا الشعار المنتشر في تلك الفترة أنه "إذا قال فعل"، وإذا قال أنا سوف أخطف جنودًا فسوف يخطف، وهكذا كانت الثقافة المنتشرة لدى الطلاب، وأذكر أحد النقاشات في الجامعة وذكرت أمام بعض الطلاب وتكلمت كلامًا سلبيًا عنه، أنه لا يستطيع أن يفعل شيئًا لوحده إذا لم يكن يوجد كذا، وحاولت أن ألمح فكان يوجد رد جدًا عنيفًا من أحد الأشخاص، وقال ماذا تقول وهذا هو الشخص الوحيد الذي يقاتل. وكان الناس يتطوعون مع حزب الله والناس لم تكن تفكر بالطائفية أبدًا وأنهم شيعة، والذي يذهب كان يذهب بدافع الدفاع عن الوطن وقتال إسرائيل، وكانوا ينضمون لحزب الله كثيرًا، ومنهم من مدينة الباب انضموا إلى الحزب، ومنهم أشخاص ماتوا واستشهدوا أثناء قتال إسرائيل وأحضروهم لنا وهم شهداء فيما بعد خلال تلك الفترة، وطبعًا هو أحد الشخصيات التي لمّعها النظام لأهداف معينة عرفناها فيما بعد، إنَّه مرتبط مع إيران وارتباط النظام مع إيران وطبعًا الحكم الطائفي الموجود وعلاقة الطائفة الواحدة بينهم، وبعض الشخصيات كانوا يظهرون أنَّها شخصيات بيضاء وشخصيات سوداء، ومثلا ياسر عرفات كانت النظرة من المسؤولين أنه عميل وهو باع القضية وعميل لإسرائيل، وبالعكس عرفنا بعدها أنه ناضل باتجاه معين واستطاع أن يحقق شيئًا معينًا للشعب الفلسطيني بغض النظر عن قبولنا أو عدم قبولنا لعمله، ولكنه في النهاية كان رجلًا فلسطينيًا وقاوم الاحتلال بالطريقة التي يقدر عليها، ولكننا كنا موجهين إعلاميًا ضده وحتى أن مصطفى طلاس كان لديه مقطع فيديو ويقول عن ياسر عرفات إنه الراقصة التي تتمايل ويشتمه بكلام بذيء، وهكذا النظام كان يوجه الشعب والإعلام، وعندما وجه الإعلام والشعب كان خلال الاجتماعات الحزبية والشعب الحزبية (التابعة لحزب البعث) والفرق الحزبية بكل أطياف الشعب ابتداء من الطالب الذي لديه اجتماع لطالب شبيبة الثورة وطالب الطلائع وطالب الثانوي الذي لديه اجتماعات حزبية إلى مؤسسات الدولة التي فيها الموظفون في الاجتماعات الحزبية كان يتوجه نفس التوجه، والطريقة يمارسونها لإقناع الشعب السوري أنَّ هذا الشخص خائن وهذا الشخص مميز ومقاتل ومناضل وممانع.

في فترة وفاة حافظ الأسد كنا نقدم امتحانات في السنة الثانية في الجامعة، وقدمنا فقط أسبوع امتحانات وكان لدينا أسبوع آخر وكنا نجلس في بيت أحد أصدقائنا في جمعية الزهراء وندرس هناك، وكنا تقريبًا خمسة طلاب، وكان أهله مسافرين ونحن جالسون في البيت، وحين أتانا خبر موت حافظ الأسد وهو كان ميتًا سابقًا ولكنهم كانوا يخفون هذا الشيء، ونحن كطلاب فرحنا بموته لأنَّه تأجلت الامتحانات، وكان يوجد مواد لم ندرسها جيدًا وتأجلت الامتحانات، وفي وقتها احتفلنا بموته وبدأنا نلعب "الشدة" (ورق اللعب) لأنَّه سيكون لدينا مجال لمدة أسبوع للدراسة، فبدأنا نلعب "الشدة" وطبعًا الشباب الذين كانوا موجودين وكلنا من نوعية معينة ويوجد ثقة بين بعضنا وكنا نتكلم أنَّنا انتهينا منه وسيكون في جهنم وهذا الكلام الذي نقوله بين بعضنا.

حين وفاة حافظ الأسد إعلاميًا وطبعًا حداد 40 يومًا مثل وفاة ابنه سابقًا في الـ 1994 في وفاة باسل أقاموا حدادًا والناس بدأت تذهب مشيًا إلى القرداحة إلى قبره، وهنا نفس الكلام تنكست الأعلام السورية والتلفزيون الوحيد الذي كان موجودًا بدأ يبكي المذيع مروان شيخو، وأذكر هو الذي نقل خبر الوفاة في يومها، والناس كلها بدأت تبكي ومنهم يبكي حقيقة ومنهم تمثيل ومنهم مفروض عليه أن يبكي، وإذا لم أظهر ولائي وبكائي على قائد الأمة كلها فهذه مشكلة، والناس كانت تتظاهر بالحزن أكثر أمام الآخرين، وفتحت دور العزاء في الشعب الحزبية وشوارع حلب وفي كل الأماكن ومؤسسات الدولة تعطلت، وحالات حزن كبيرة صوروها أنها عمت الشعب السوري، وبدأ الناس يذهبون مشيًا إلى القرداحة عند دفن حافظ الأسد وحتى الأفراح مُنعت لمدة 40 يومًا وكان الذي يريد أن يقيم عرسًا كانت مشكلة أمنية، ولم يستطيع أحد أن يقول أنا أريد أن أتزوج في تلك الفترة أو أقيم فرحًا أو عرسًا.

في فترة انتقال السلطة من حافظ الأسد إلى بشار وطبعًا الشعارات كانت سابقًا بعد أن مات باسل في عام 1994 بدأت تخرج شعارات جديدة في سورية، وهي كانت بحسب ما أتذكر "باسل البطل وبشار الأمل" وهذا الشعار خرج بالتأكيد من الأفرع الأمنية، وكانوا يعلموننا هذه الشعارات حين كنا في مرحلة الدراسة الثانوية، والكل يقول "بشار هو الأمل" ومنذ تلك الأيام كانوا يجهزونه حتى يستلم الرئاسة في سورية منذ وفاة أخيه، وطبعًا سبب الوفاة مشبوه وهي صراعات داخل أسرة الأسد والطائفة العلوية بشكل أكبر، ومنذ ذلك الوقت يروجون لشعار أن بشار هو الأمل، وطبعًا استدعوه من بريطانيا وأصبح يظهر على الإعلام أكثر واستلم الجمعية المعلوماتية في تلك الفترة في سورية وأدخل الكومبيوتر أنَّه هو الذي أدخله إلى سورية إلى الجامعات، وفتح فرع معلوماتية في جامعة حلب في تلك الفترة وبدأوا يعطونه أهمية إعلامية كبيرة، وبدأوا يصورونه عندما يذهب في زيارات إلى قطعات الجيش، يعني كانوا يهيئونه لمرحلة مقبلة.

وأذكر أحد الأشخاص من بلدة قباسين رووا كيف استدعاه فرع الأمن وسُجِن لشهرين أو ثلاثة، وتعرض للكثير من الضرب وهي تعتبر طرفة، والرجل كان حين مات حافظ الأسد واستلم بشار الأسد السلطة بطريقة مهزلة في مجلس الشعب وغيّر مجلس الشعب الدستور خلال ثلاث دقائق ليناسب عمر بشار الأسد، وهو يجب أن يكون متزوجًا فكتبوا عقد زواجه بتاريخ قديم، وفصلوا الدستور على مقاسه ولم يكونوا متوقعين أن يموت حافظ الأسد في فترة قريبة، وقالوا أصيب بالسرطان وفجأة أتى موت حافظ الأسد وقاموا بتغييرات سريعة في مجلس الشعب ومباشرة أقر مجلس الشعب يعني هو السلطة التشريعية في سورية، ومباشرة أقره وهو أقره لأن كل أعضائه بعثيون ورئيس مجلس الشعب ونائبه واللجنة المسؤولة عن مجلس الشعب المختصة كلهم سيكونون بعثيين وكلهم من القيادة القطرية لحزب البعث، ومباشرة الدستور جاهز وليس أحد لديه جرأة أن يعترض، وأذكر أن الذي اعترض فيما بعد أعتقد أنه الموصلي (منذر موصلي- المحرر)، وحصلت مشاكل كثيرة له فيما بعد، والنهفة (المفارقة) الموجودة أنه بعد استلام بشار الأسد السلطة كان المفروض عليك اليوم أن تبجل القائد الجديد وتثني عليه وتتكلم عن إنجازاته -وهي لا شيء لا يوجد إنجازات بعد، ولكن أنت يجب أن تتكلم بالإنجازات- وذكر لنا شهود عيان كانوا موجودين أن أحد الأشخاص بدأ يمدح بشار ويقول: بشار الأسد جيد وسورية تغيرت -وهو لم يستلم السلطة إلا منذ أربعة أشهر- وكان يقول: الآن شبعنا الخبز على زمن بشار الأسد، وطبعًا الأمن اعتبرها بطريقة غير مباشرة أنه أنت كنت جائعًا على زمن حافظ الأسد والآن شبعت الخبز على زمن بشار الأسد، فتم اعتقاله وأعتقد أنه سجن لمدة أربعة أشهر، فحتى هذا الشخص الذي يمدح القائد الجديد لم يتخلص من الفترة السابقة فترة حافظ الأسد.

عن معسكرات التدريب الجامعي نحن كنا نذهب إلى معسكرات التدريب الجامعي لأنها كانت تُحسم من [مدة] الخدمة الإلزامية التي كانت لسنتين ونصف في ذلك الوقت، وكنا نجري معسكرات التدريب الجامعي وطبعًا في كل معسكر يخصمون لك شهرًا من التدريب الجامعي، وأقصى معسكر هو حتى ستة أشهر، يعني من لديه تدريب جامعي كامل سوف يخدم لمدة سنتين بينما الذي لا يوجد لديه فإنه يخدم لمدة سنتين ونصف، ومن لديه ثلاثة أشهر ونصف فانه يخدم سنتين وثلاثة أشهر، وطبعًا أنا أجريت ثلاثة معسكرات، وخدمت الخدمة الإلزامية لمدة سنتين وثلاثة أشهر في تلك الفترة، وطبعًا معسكرات التدريب الجامعي هي نوع من الحياة العسكرية، ولكن بشكل مبسط والتوجيه السياسي موجود بشكل يومي وزرع فكر القائد وفكر قيادة حزب البعث والمجتمع والدولة موجودة، وأذكر في تلك الفترة أنه جاء إلينا وحضر أحد اللقاءات مع طلاب التدريب الجامعي مصطفى طلاس، وهو جاء وحضر هذه المحاضرة وكانت المحاضرة عن حافظ الأسد، وأعتقد أنه كان قد مضى على وفاته شهران أو ثلاثة، فكان الكلام كله عن حافظ الأسد وبطولات حافظ الأسد وكيف حافظ الأسد وحّد سورية وكيف أنجز الجامعات ولا يتم أي بناء في سورية إلا ويكون قد بناه حافظ الأسد ولا يوجد أي مؤسسة إلا وتكون من إنجاز حافظ الأسد وأي مشروع تنموي في سورية فهم يربطونه بحافظ الأسد وبدأ يتحدث كثيرًا عن هذا الموضوع، وطبعًا الطلاب وكل ما ذكر اسم حافظ الأسد يهتفون ويصيحون "بالروح بالدم نفديك يا بشار" وتترحم على حافظ الأسد و"حافظ الأسد هو رمز الأمة العربية"، هكذا كنا نقول في تلك الفترة و"بالروح بالدم نفديك يا بشار" وطبعا هذه هي الشعارات الجديدة التي أصبحت موجودة في تلك الفترة.

في حياة معسكرات التدريب الجامعي لم يكن يوجد تطرق كبير للموضوع السياسي، وأذكر في إحدى الجلسات كنا نجلس تحت الشمس والذي يلقي المحاضرة يجلس تحت المظلة ويتحدث عن حافظ الأسد عن بداية تأسيس حزب البعث، وكيف مر على بائع خضار أو بائع تفاح، وقال له يا ابني أنت شخص جيد وسوف تفعل شيئًا لهذه الأمة يعني هم كانوا يزرعون بنا قصصًا خيالية عن بطولات حافظ الأسد إنه قبل أن يصبح في حزب البعث يعني كانوا يظهرون لنا أنه كان إنسانًا معصومًا وبطلًا في تلك الفترة ونحن كنا كطلاب نضحك من الخلف في الصفوف الخلفية ونشتم حافظ الأسد وبشار الأسد وأنه بسببهم نحن جالسون تحت الشمس ونستمع إلى هذه الأكاذيب من قبل المحاضر، وكنا مضطرين أن نصفق وهكذا كانت مجمل الحياة الجامعية.

ثكنة هنانو يمكن أن نعتبر أن أي مواطن سوري يريد أن يلتحق بالخدمة العسكرية من محافظة حلب من المفترض أن يذهب إلى ثكنة هنانو حتى يأخذ ورقة مباشرة الخدمة، وبعدها يتم فرزه إلى القطعة العسكرية المناسبة له بحسب اختصاصه وقدراته البدنية والتعليمية، وطبعًا نحن كنا صف ضباط ولنا سحب لوحدنا، وصف الضباط يتم سحبهم في وقت معين والمجندون في وقت معين والضباط في وقت معين، فالتحقنا بثكنة هنانو حتى نستلم، وطبعًا نحن نستلم دفتر الخدمة قبل عام من الالتحاق بالخدمة الإلزامية وبحكم أننا كنا ندرس فكان لدينا تأجيل عسكري، وعندما التحقنا بثكنة هنانو وطبعًا المفروض أن يكون الفرز في ثكنة هنانو يكون فرز العناصر هو بمعيارين، أولًا المعيار البدني وقدرتك البدنية على الخدمة في القطعة التي سوف يتم فرزك إليها مع مراعاة الكفاءة التعليمية التي حصلت عليها أو الشهادة التعليمية التي حصلت عليها، وطبعًا نحن درسنا في المعهد الهندسي ومن المفترض أن يكون اختصاصنا مثلًا التدشيم والهندسة، يعني شيء يتبع للهندسة في النهاية، وطبعًا الفرز لم يكن هكذا، والفرز كان في النهاية بحسب الواسطة التي لديك ويفرزونك إلى الطبية أو ثكنة تكون فيها الخدمة مريحة بغض النظر عن أي شيء ثان، وأنت من الممكن أن تكون مريضًا ومصابًا بالديسك أو أمراض أخرى فلا يقبلونها منك إذا لم تدفع رشوة، وطبعًا الفرز يتم بشكل عشوائي إلا الأشخاص الذين دفعوا المال يتم فرزهم على مدارس وكليات فيها الخدمة جيدة، وأما الفرق القتالية فيفرز إليها الأشخاص الذين ليس لديهم وساطات، وطبعًا أنا كنت من الأشخاص الذين ليس لديهم واسطة ولا يوجد عندي إمكانية ولا يوجد عندي قناعة لأدفع مبلغًا ماليًا حتى يتم فرزي إلى مكان جيد أو مريح، فتم فرزي هناك إلى الفرقة الأولى، وطبعًا جلسنا يومين أو ثلاثة في ثكنة هنانو ثم تم فرزنا إلى الفرقة الأولى في مدينة دمشق في الكسوة، ومن وقتها بدأت الخدمة الإلزامية في الفرقة الأولى.

 التحقت بالخدمة الإلزامية في 5 شباط/ فبراير 2001، وبعد أن تم فرزنا من ثكنة هنانو في حلب أخذونا بالقطار إلى مدينة دمشق، وعلى الطريق كل الأشخاص المفروزين إلى قطع معينة يتم إنزالهم على الطريق سواء في حمص أو على طريق دمشق في النبك أو حولها، وكلما تصل مجموعة مفروزة يتم إنزالها في مكان معين قريبة من قطعتها العسكرية، وطبعًا نحن كنا في دمشق ونزلنا في القدم ومن القدم جاءت سيارة عسكرية زيل فنادوا على الأشخاص المفروزين إلى الفرقة الأولى حتى نركب في السيارة، وطبعًا ينادون علينا "يا حيوانات هيا اركبوا السيارة"، وركبنا في السيارة وكنا في شهر شباط/ فبراير وكان الطقس باردًا جدًا وفي ريف دمشق كان الطقس باردًا بحكم وجود الجبال حول محافظة دمشق، وأخذونا إلى القطعة العسكرية إلى مركز تجميع الأغرار، وهذا المركز يجتمع فيه الأغرار ثم بعدها يفرزونك إلى القطعة العسكرية التابعة للفرقة التي تم فرزك إليها، ويوجد لها عدة قطعات عسكرية، وهم ينتظرون فترة التجمع لأن فترة سحب صف الضباط هي لفتره معينة وليست يومًا واحدًا، وحتى يجتمع الناس من كل المحافظات، وكل محافظة ترسل الأشخاص الذين تم فرزهم إلى الفرقة الأولى والعدد المطلوب لها وأتذكر أنه كان عددنا تقريبًا 400 صف ضابط، وكان اسمه مركز تجمع الأغرار في منطقة "الحرجلة" وطبعًا هنا تمارس الحياة العسكرية وتخرج درس رياضة صباحية، وطبعًا لا يوجد دروس لأنه لم يتم فرزنا بعد إلى أي اختصاص، وفقط كنا نخرج رياضة بالإضافة إلى العقوبات البدنية، وطبعًا العقوبات البدنية هي ذل، والمواطن السوري يتمنى أن تكون الحياة العسكرية أو الخدمة الإلزامية يتمنى أن تكون فترة تدريب جسدي له وفكري، ولا يتمناها أن تكون فترة ذل، ولكن النظام السوري كان يتقصد إذلال المواطنين في فترة الخدمة الإلزامية، وطبعًا ذل كبير وإهانات كبيرة جدًا خلال الخدمة الإلزامية، وتصل أحيانًا إلى درجة الموت، وطبعًا هذا الشيء الذي سمعناه هناك وأنا لم أر الموت بعيني ولكن سمعناه من خلال الروايات هناك مع العساكر القديمين، وأذكر حتى الآن أنه كان يوجد هناك شخص اسمه النقيب أمين وهو كان ضابطًا معيّنًا في المركز، وكان مدير المركز برتبة مقدم في تلك الفترة، وكان قائد الفرقة هو اللواء فجر إبراهيم العيسى وهو استلم الفرقة حديثًا وكان يحاول أن يجري فيها نظامًا معينًا وطبعًا أي ضابط يستلم أي قطعة عسكرية فإنه يحاول مباشرة أن يظهر أنه نظامي وأنه مع حق العسكري، والعسكري يجب أن يكون مميزًا ويحصل على حقوقه وطبعًا فجر إبراهيم العيسى حاليًا أصبح أحد قادة الفيالق، وأتذكر أنني رأيت اسمه في أول الثورة وهو من الأشخاص الذين يمارسون القمع ضد الشعب السوري والقتل ورأيت أسماء ضباط آخرين أعرفهم في تلك الفترة أيضًا موجودة أسماؤهم ضمن قوائم العقوبات الأمريكية أو غيرها.

نحن صباحًا كنا نفطر وأثناء الطعام كنا نتعرض للذل، ونحن من المفترض أن يقدموا لنا ثلاث وجبات كعسكري يؤدي الخدمة الإلزامية ولديك جهد بدني كبير، ومن المفترض أن تكون نوعية الطعام تكفيك مقابل الجهد الذي تبذله، ولكن على العكس تمامًا كانت كمية الطعام التي تقدم لنا لا تكفي لطفل صغير، بالإضافة إلى النوعية السيئة الرديئة، التي كانت تقدم لنا وطبعًا لم نكن نصل إلى مكان الطعام إلا زحفًا وبالشورت وعراة وبذل معين ويرشقون علينا الماء حتى نصل إلى مكان الطعام، يعني أنت تصل إلى مرحلة لا تستطيع فيها أكل الطعام، وبعدها كنا نأكل غصبًا بسبب الجوع وعلى الغداء والعشاء نفس الشيء كمية الطعام قليلة والنوعية سيئة.

المهاجع التي كنا ننام فيها كانت الفرشات فيها عفونة (رطوبة) وفيها ألف مرض ناقل للعسكري، وأصابنا الجرب فيما بعد، وفي أحد المرات هذا النقيب الذي ذكرته النقيب أمين، وهو كان عمله التسلية بالعساكر الموجودين، وطبعًا يتسلى بالعقوبة ونحن كنا نتمنى أن يخرجنا ويدربنا ولا يوجد أية مشكلة لدينا، ولكنها كانت فقط فترة عقاب، وفي إحدى المرات وكان الطقس باردًا جدًا والجبال حولنا عليها ثلج، ومهاجعنا لا يوجد فيها نوافذ وكنا نرتدي اللباس الميداني اللباس الذي وزعوه لنا في القطعة وطبعًا اللباس لا يوافقك لأنهم قد يقدمون لك لباسًا ليس على مقاسك ويكون صغيرًا أو كبيرًا وأنت مضطر أن ترتديه، وكنا نرتدي كل اللباس ونتغطى بالبطانيات العفنة التي يوجد فيها القمل والأمراض ولكننا مضطرون أن نتغطى بسبب شدة البرد، ورغم ذلك نشعر بالبرد في النهاية.

بعد العشاء نذهب إلى النوم ونتغطى بسبب البرد، وقد نتحدث ونتعارف على بعضنا، يعني نتكلم بأي موضوع معين مثلًا من أين أنت؟ أنا من كذا، ومباشرة أرسل النقيب عسكريًا حتى يستدعينا وأنه على كل الدورات الاجتماع عند النقيب بالشورت فخلعنا ثيابنا وذهبنا إلى أمام مكتبه الموجود على تلة صغيرة، وطبعًا المنطقة كلها جبلية ومكتبه عبارة عن غرفة وداخلها التدفئة تعمل، وأذكر حتى الآن أنه كان يستمع إلى أغنية لأم كلثوم، وخرج بعد نصف ساعة بعد أن اجتمعت الدورة فبدأ يصرخ "منبطحًا..واقفًا" لمعاقبتنا، وبجانب مكتبه يوجد مكان لتصريف المياه المتسخة، وتفاجأنا أنه يوجد هناك أربعة أو خمسة أشخاص كان يعاقبهم بالماء طوال هذه الفترة من الساعة 9:00 تقريبًا حتى الساعة 12:30 وهؤلاء العساكر المعاقبون بدأوا يغلطون بالكلام ويشتمون ويكفرون، ثم خرج النقيب واستدعاهم فاكتشفنا أنه كان يعاقبهم لأنهم كانوا يتحدثون عنه، وهو وصله علم أنهم كانوا يتحدثون عنه، والشاهد أنه نحن كنا نقف هنا كل هذه الفترة وأجسادنا بدأت ترتجف من البرد، وطبعًا نحن خرجنا من الحياة المدنية، ونحن لم نتعود على هذا الشيء مباشرة، فأمرنا جميعًا أن نجتمع أمام حفرة الماء، وإذ الحفرة يوجد فيها قرابة شبرين من الماء المتسخ، يعني مياه قذرة وكلها أمراض، فقمنا بالاصطفاف أول صف ستة عساكر، وهكذا خلفنا، وأمرنا أن نغطس في هذا الماء وقال للعساكر الذين كان يعاقبهم إن أي شخص لا يغطس جيدًا يجب أن تقف فوقه وتغرقه بالماء، وهو هنا بدأ يعاقبنا وبدأ ينزل الأشخاص إلى الماء بشكل مستلقٍ وكنا نحاول أن نرفع رأسنا إلى الأعلى بشكل كبير حتى لا تغمرنا الماء، وطبعا الماء متسخة وقذرة، والرائحة كريهة جدًا، وأذكر أن هذا كان الساعة 12:30 ليلًا ثم ذهبنا بعدها إلى خزانات الماء التي كانت شبه متجمدة واضطررنا للاستحمام فيها، ثم نذهب إلى المهاجع. ويوجد أشخاص لم يستطيعوا الاستحمام ومباشرة ارتدوا ثيابهم وناموا، وطبعًا نصف العساكر استحموا والنصف لم يستحم أو بنسب متفاوتة، وبعد عدة أيام ونحن كنا حليقي الشعر تمامًا وبعد عدة أيام اجتمع معنا قائد الدورة في الساحة بعد العصر وبدأ يسأل عن مشاكلنا فقال له أحد التلاميذ يا سيدي أنا أريد الذهاب إلى الطبية فقال له خيرًا يا ابني تعال إلي، فقال له إن شعري يتساقط ويوجد مشكلة فنظر إليه وقال له: يا ابني أنت عندك مرض جلدي؟ فقال لا أعرف ولكن فجأة حصل الأمر معي ثم قال أحد الأشخاص وأنا أيضًا نفس الأمر يا سيدي وهكذا الشخص الثالث والرابع والسادس وإذ معظم [أفراد] الدورة مصابون بهذا الشيء، فسألهم ماذا حصل معكم وهذا يعتبر وباء وكارثة، وأنت اليوم لديك 400 عسكري صف ضابط يصابون بهكذا مرض وبائي؟ فقال له أحد الأشخاص يا سيدي إن النقيب أمين عاقبنا بالجاموقة (وهي المياه المتسخة) والعسا كر لم يستحموا بسبب البرد وهذا ما أصابنا، وهو مباشرة أمر بتشغيل الحمامات حتى يغتسل العساكر ثم أرسل خلف طبيب الطبية وأمره أن يعالج كل العساكر، ومنع النقيب من جمع الدورة مرة ثانية، وطبعًا هذا النقيب نحن سمعنا من العساكر القدامى أنه مات ثلاثة عساكر نتيجة التعذيب الذي مارسه عليهم، وهو من المفترض أن يكون برتبة مقدم ولكن تم تكسيره رتبتين لأنه مات عناصر على يده أثناء الخدمة الإلزامية بسبب معاقبتهم، وأذكر أن أحد الأشخاص قال إنه عاقب أحد الأشخاص من بعد العشاء حتى اليوم الثاني صباحًا بين الثلج والمطر والبرد الشديد فمات في اليوم الثاني، وهذه هي الممارسات التي كان يتم ممارستها في الجيش وطبعًا أذكر أنه جاء قائد الفرقة (فجر ابراهيم العيسى) والتقى معنا، وهو استلم القيادة حديثًا وذكرت أن الضابط الذي يستلم حديثًا يحاول أن يظهر أنه تهمه مصلحة العساكر وطلباتهم، وأحد الطلبات التي طلبتها منه قلت له أنا عندي رمل في الكلاوي ويوجد أمور لا أستطيع تأديتها، وطبعًا سجّل هذا الأمر وهو في النهاية تسجيل شكلي، والمدعوم أيضًا يتم فرزه إلى مكان جيد والخدمة تكون فيه سهلة.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/03/01

الموضوع الرئیس

المؤسسات العسكرية في نظام الأسد

كود الشهادة

SMI/OH/77-03/

أجرى المقابلة

بدر طالب

مكان المقابلة

الباب

التصنيف

مدني

المجال الزمني

2000

updatedAt

2024/07/20

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-ناحية الكسوةمحافظة حلب-جامعة حلبمحافظة حلب-مدينة حلبمحافظة حلب-مدينة الباب

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

حزب الله اللبناني

حزب الله اللبناني

حزب البعث العربي الاشتراكي

حزب البعث العربي الاشتراكي

مجلس الشعب - نظام

مجلس الشعب - نظام

منظمة طلائع البعث

منظمة طلائع البعث

اتحاد شبيبة الثورة - النظام

اتحاد شبيبة الثورة - النظام

القيادة القطرية لحزب البعث

القيادة القطرية لحزب البعث

اللواء 61 مشاة - الفرقة الأولى - نظام

اللواء 61 مشاة - الفرقة الأولى - نظام

ثكنة هنانو

ثكنة هنانو

الشهادات المرتبطة