النشاط الحقوقي أمام القضاء
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:16:25:13
تم استدعاء باسل إلى فرع أمن الدولة الفرع الخارجي وبدأوا يسألون عني وهم يعرفون أننا على علاقة، وتحدثوا بطريقة جدًا مسيئة، وباسل عرف بأنني أصبحت مطلوبة؛ فأخبرني بهذا الشيء وكان في وقتها يجب أن أخرج من منزل أهلي فتحدث مع الدكتور إبراهيم البش وهو صديق والدي يعني حتى يكون الموضوع مقبولًا بعض الشيء عند والدي، فاضُطر وقتها وجاء مع صهري والدكتور إبراهيم جاؤوا الساعة الـ 1:00 ليلًا إلينا إلى البيت، ولكن والدي تركنا لوحدنا لأنه حديث خاص، وأنا رفضت الخروج وبنفس الوقت قلت لهم حتى الغد حتى أمهد لوالدتي وأجمع أغراضي، فقلت لوالدتي: يجب أن أترك البيت عدة أيام وأنا سأخرج ويأتي الدكتور إبراهيم ويخبر والدي، فخرجت وبعدها جاء باسل مساء وأخذ أغراضي وبعد أن ذهب باسل وهو طمأن والدتي أنني في مكان آمن.
وبعد عدة أيام ذهبت إلى المكتب -إلى باسل- وكان يوجد مظاهرة "الكنزات البيضاء" في عرنوس جميعنا سوف نرتدي كنزات بيضاء وننزل إلى المظاهرة، ولم يكن لدينا أية كنزة بيضاء أنا وباسل لأننا أساسًا تركنا منازلنا ولا يوجد لدينا الكثير من الأغراض، وكانت حماتي أيضًا في المكتب ويوجد الكثير من الأشخاص يقومون بأعمال وكنا سنذهب مع فارس الحلو إلى مزرعة يوجد فيها مسبح؛ يعني اخترعنا كذبة وذهبنا إلى الصالحية ووقفنا في المظاهرة بدون قمصان بيضاء، واستمرت 5 دقائق وتم فضها ولم يحصل لأحد شيء في ذلك الوقت.
مشينا أنا وباسل في الليل وقال لي: ألا تريدين الحديث بالموضوع؟ فقلت له: هيا تحدث وهذا بتاريخ 23 تموز/ يوليو يعني نحن على علاقة منذ 25 يومًا، فقال لي: أنا أريد أن أكمل حياتي معك وأريد أن أكوّن عائلة معك هل تتزوجيني؟ فأمسكت يده وضغطت عليها فقط، وفي اليوم الثاني قال: يجب أن نخبر والدتك، فقلت له: كيف نخبرها ونحن مطلوبَين وملاحقَين.
وكان في وقتها باسل يقول لعل الثورة ستنتهي ويسقط النظام بعد عدة شهور ونذهب إلى سنغافورة.
في شهر رمضان كنا دائما نسهر ونحس على الناس كيف يتسحرون ويصلون، وكنا ننام الساعة الـ 6:00 صباحًا وتخرج مظاهرة طيارة وعددهم لا يتجاوز 20 شخصًا بين حارات وبساتين الرازي ويقولون: "الشعب يريد إسقاط النظام" وأنا قلبي ينبض بسرعة وأفرح كثيرًا، فأنظر إليه بمعنى هيا، ويقولون هذه المقولة التي تستفزني، وفي هذه الأوقات يكون دم الشخص حاميًا (متحمسًا وسريع الغضب) وتأثيرها إيجابيًّا أن "اللي ما بيشارك ما فيه ناموس" فقلت له: يقولون علينا ما فينا ناموس (كرامة) وطبعًا خلال 5 دقائق ينتهي كل شيء وبدأ يخرج صوت إطلاق الرصاص.
أموت إذا لم أنزل وماذا عن المعتقلين ويجب أن أذهب إلى السجن فذهبت إلى القصر العدلي فأوقفني شخص وقال لي: أنا أريد توكيلك في بهو القصر العدلي فقلت له: من أنت؟ ومن أين تعرفني؟ فقال: أنا مواطن ولا أعرفك، وأنا رأيتك وأريد توكيلك فقلت له: وماذا فعلت؟ فقال: أنا خرجت مظاهرات فقلت له: ولا تعرفني! فقلت له: أنا آسفة، ولكن واضح أنك من الأمن ومنطقيًّا يجب أن يكون جوابي بأنني لا أُوكل عن أشخاص يخرجون في مظاهرات ولكن أنت تعرف أن هذا هو عملي وواضح أنك من الأمن وهو جدًّا توتر وصُدم لأنني جدًا صريحة.
بعد عدة أيام أصبح الناس يكثرون فدخلت إلى ديوان المحامي العام حتى أرى مَن يوجد من الموقوفين فقالوا: وهنا انتهى الدوام وقالوا: إن قاضي النيابة يطلبك وباسل كان موجودًا ويقف في الخارج، فدخلت ثم دخل موظف شبيح أعرفه بأنه شبيح وهو أدخلني وبقي موجودًا وقال لي: أنت ماذا تفعلين يا أستاذة؟ فقال للموظف: اخرج لقد وصلت إلي وأنا أعرف كيف أتصرف معها فخرج الموظف وأغلق الباب، فقال لي: ارتاحي يا أستاذة ولكن أنا هكذا تحدثت أمامه، والحقيقة الذي تفعلينه هو شيء عظيم وجبار وأنا أهنئك وأريد أن أقول لك يجب أن تجدي طريقة أخرى لأن نقابتك ستورطك؛ يعني إذا اكتفوا بالشطب فقط فسيكون هذا جيدًا ولكن بدأ يكتب الكثير من التقارير بك والنقابة نفسها تكتبها.
واسم القاضي الأول هو بسام ولا أريد أن أذكر اسمه الثاني وأنا كنت جدًّا معجبة به وهذا القاضي كان شابًّا صغيرًا وهو كان صيته بأنه أجمل قاض في القصر العدلي وهو جدا جميل وهو شاب صغير وهو من عمري فتشكرته، وسلمت عليه وخرجت وقلت لباسل: كذا وكذا حصل ويجب أن أجد طريقة أخرى لأنه لم يعد بإمكاني أن أدخل وأعرض نفسي بهذا الشكل أمام الناس، لأنه يوجد شيء عندنا وهو أنه لا يمكنك الترويج لنفسك لأنها زلة مسلكية بطريقة أنه مرحبًا أنا المحامية الفلانية وأنا جئت حتى أساعدكم وأنا لم أكن آخذ المال بالمقابل ولم يكن يوجد تمويل.
وكنت في كل أول شهر آخذ المال من أمي ورفاقها وأذهب إليها إلى العمل وآخذ المال منها ومن رفاقها وأخوالي ووالدي ورفاقه يعني من أهلنا وكنت أجمع المال حتى أدفع قيمة الوكالات وحتى أتذكر لأنني كنت أتحدث دائمًا على الهاتف وفي إحدى المرات جاءت الفاتورة 6 آلاف ليرة ولم يمكنني دفعها.
حصل شيء جدًّا غريب وفي هذه الأثناء خرج أنور البني من السجن وتعرفت عليه بشكل شخصي وأنور كان موقوفًا منذ عام 2006 وسُجن 5 سنوات وانتهى حكمه.
أيضًا كان يتم تحويل أشخاص إلى القضاء العسكري وأنا في فترة كان عندي ملف من 27 موقوفًا في القضاء العسكري فأصبح أغلب عملي في القضاء العسكري، وهنا بدأنا نُنظم أكثر كمحامين وكان برهان صقار بدأ يحضر معنا وعصام زغلول -هو مختف حاليًّا- يعني بعد الاعتصام الذي قمنا به على باب القصر العدلي جمعنا أنفسنا وتعرفنا على بعضنا وأصبح دائمًا يوجد مجموعة متواجدة وأنا بكل الأحوال عندي 27 موقوفًا ولن أتركهم فاتصل معي خليل معتوق وقال لي: إنه يوجد عندي موكل عند قاضي الفرد وفي القضاء العسكري يوجد قاضي تحقيق ويوجد قاض فرد وجنايات عسكرية، واليوم هو استجوابه وأنا مشغول في القصر العدلي يعني يوجد الكثير من الاستجوابات ولا يمكنني الحضور ولا أريد أن يرتبك المدرب وإذا يوجد مجال للمساعدة فقلت له: أنا جاهزة وأنا عندي 27 موقوفًا فجاء دور موكله ولأنه قاض فرد وليس جنايات فيمكن أن يحضر شخص واحد فقال لي حسان في وقتها: احضري أنت وأنا أخاف أن أتوتر لأنني أول مرة أحضر استجوابًا لوحدي وسأتوتر.
فأخذت إنابة ودخلت وأبرزتها للقاضي وأعتقد كان هو قاضي الفرد الرابع والكاتب هو من القرداحة وأحضروا الموقوف والموقوف يجلس أمام القاضي على كرسي وأنا أجلس على كنبة على جنب وهو كان يرتدي شحاطة ويحرك قدمه والقاضي ينظر إلي وأنا كنت أشير له ولكنه لا يرد، فقال له: نعم يا بني أنت متهم بتاريخ 29 آذار/ مارس 2011 في الحجر الأسود أنت قمت بتحطيم النصب التذكاري للقائد الراحل الخالد حافظ الأسد فقال له: نعم ولكن من المفترض أن ينكر كل شيء أمام القاضي، فقال: لماذا يا بني حطمت النصب التذكاري؟ فقال: لأسباب اقتصادية واجتماعية فقال: وما هي الأسباب الاقتصادية والاجتماعية؟ فقال: أزمة السكن والبطالة وقال: بعد أن حطمت النصب التذكاري هل انحلت؟ فقال: أنا لم أحطمه كله وإنما حطمت فقط أذنه فقال القاضي: ولماذا حطمت أذنه فقط؟ فقال: لأنهم جاؤوا وأخذوني ولم أستطع تحطيمه كله.
والقاضي ينظر إلي وأنا مُنابة ولست موكلة وقال لي: علميه ماذا يجب أن يتحدث وأنا أقول له: لا تقل ذلك وأنكر وهو يقول: ولكنني حطمت أذنه ثم قال للقاضي: لا تتعبني وقل لي كم تريد ثمن أذنه؟ والكاتب كاد أن ينجلط وهو من القرداحة، وأنا بدأت اضحك ثم أخرجوه من الاستجواب واتصلت مع خليل وقلت له: كذا وكذا فعل، وخليل بدأ يضحك وأنا بدأت أضحك كثيرًا على الهاتف، وسألني: ما هو الحل الآن؟ فقلت له: الحل أن نقول بأنه مجنون، فقال: سوف أرى الطبيب الشرعي حتى يجري له فحصًا ونحضر ورقة أنه مجنون وبعد عدة أيام أحضرنا ورقة أنه مجنون وأُخلي سبيله وبعد يومين ذهبت إلى القضاء العسكري فوجدت أمه وأباه فسألتهم: ماذا يحصل؟ ألم يخرج! فقالوا: إنه في يوم إبلاغه بإخلاء سبيله تحمس وهتف في السجن: "الشعب يريد إسقاط النظام" فعاد إلى السجن وحُرك عليه ادعاء ثان، كانوا كلهم متظاهرين وقد أُطلق سراحهم جميعًا وكان عددهم 27 شخصًا في ملف واحد.
أولًا لم يكن قانون التظاهر واضحًا ولا أحد كان يقدم رخصة للمظاهرة وغالبًا لا يكون هناك تظاهر يعني الجرم [المتهم به] ليس "تظاهرًا وإنما يكون "إضعاف الشعور القومي" أو "إثارة النعرات الطائفية" و"إيهان نفسية الأمة" أو "تظاهر غير سلمي" ونحن في الدفاع نستند إلى [فقدان الدليل] أين هي الأدلة على السلاح؟ وأين الأدلة على الشعارات التي كانت تثير النعرات الطائفية؟ يعني هذه الأشياء نرتكز عليها وأنه يوجد حقوق يطالبون بها وهذا مُصان في الدستور السوري ومُصان في أصول المحاكمات الجزائية السورية وهذه هي الأدلة التي بالعادة نستند إليها وطبعًا توجد أشياء تحركت أكثر ويوجد أشخاص كانوا في الواقع قد فعلوا أشياء أكثر يعني يوجد قتل، وأنا كانت عندي دعوى قتل خلال الأحداث لأنه يوجد حادثة قتل شرطي حصلت في مظاهرة.
هم يرفقونها بالمحاكمة ويوجد أشخاص لا يتعرضون لمحاكمة ويخرجون من الفرع أو حتى الآن مختفون، ولكن أحيانًا يرفقونها بالمحاكمة وهنا لا يوجد مشكلة إذا الشخص تظاهر وهم فورًا استعجلوا وأقروا قانون التظاهر في 21 نيسان/ أبريل وأصبحوا يريدون الاستناد إليه ويقولون: لم يأخذ رخصة مظاهرة يعني حتى لو أنه لم يأخذ رخصة مظاهرة فكم سوف يتم سجنه؟ وبعدها وجدوا بأن القصة غير مفيدة بعد سنة فشكلوا محكمة الإرهاب وأصبح لم يعد يوجد "تظاهر" و"إضعاف شعور قومي" وأصبح كله "إرهابًا" أصبحت كل التهم "إرهاب".
أبو مرشد (محمود المدلل) هو من أهم الشخصيات التي مرت في حياتي وأنا برأيي أن أبا مرشد يجب أن يكون رئيس سورية، يعني أخفوا عبد العزيز الخير ولو كان يوجد أبو مرشد لكان هو يصلح لأن يكون رئيس سورية وأنا لم أر شخصًا مثقفًا ومتوازنًا وموضوعيًّا ويعرف ما يريد وهادئًا وصامدًا ويعني أنه لا يشتكي؛ يعني قد نكون جميعًا صامدين، ولكن على الأقل قد نلعن الساعة التي حصل فيها هكذا أو كرهنا حياتنا أو تعبنا ولكنه ليس كذلك وأنا أعرفه جيدًا.
هو كان صديق والدي من قياديي حرستا وأعرفه من المظاهرات التي كنا نخرجها، وهو الشخص الذي يهتف هو يصعد على الأكتاف ويهتف، كانوا يقولون له: عليك إنزال وزنك لأن الذين يحملونك يتعبون، وكان صوته قويًّا فكان هو أكثر شخص يهتف وأيضًا طريقته تشعل [حماس] الناس وهو في الثورة كان من الأوائل وبعدها أصبح مطلوبًا، وأنا خبأته أعتقد في شهر أيلول/ سبتمبر وأنا أخذته وخبأته في منزل رفاقي في الصناعة وهو -أبو مرشد- له وهرة (حضور طاغ) يعني الناس تهابه وأنا أمون عليه وأنا بالنسبة له كبرت بالنسبة إليه وأصبحت أخبئه، وكان يوجد صديق مشترك دكتور وهو في السعودية فأصبح يطمئن عليه من خلالي فقلت له: أنا وضعته في مكان آمن، فيقول: أنت وضعتيه؟!
خلال هذه الأحداث أعيد اعتقال صديق والدي أحمد معتوق الذي تمت ملاحقته واعتقاله مع والدي في الثمانينات أو التسعينات وأيضًا حولوه إلى القضاء العسكري وزرته في السجن والشرطة كانوا يتضايقون جدًّا لأنني كل الذين كنت أزورهم في السجن كنت أقبلهم والأكبر قليلًا بالعمر اسمهم "عمو" ولا يقولون لي: أستاذة وإنما يقولون: نورا والشرطة ينزعجون وخلال أشهر أصبح لقبي في السجن "محامية المعارضة" وكان واضحًا ذلك من طبيعة علاقتي بالناس.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2021/08/19
الموضوع الرئیس
النشاط الحقوقيكود الشهادة
SMI/OH/123-11/
أجرى المقابلة
إبراهيم الفوال
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
تموز/ يوليو - آب/ أغسطس 2011
updatedAt
2024/04/25
المنطقة الجغرافية
محافظة دمشق-عرنوسمحافظة دمشق-مدينة دمشقشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
إدارة المخابرات العامة / أمن الدولة
نقابة المحامين في دمشق
القصر العدلي في دمشق
محكمة الإرهاب