الجيش والتضييق على الحريات الدينية بروح الطائفية
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:26:17:15
هناك استدراك مهم على الكلام السابق أنني قضيت فترة تدريس عندما انتقلت إلى مدينة دمشق كانت ضمن مدرسة معروفة جدًا في دمشق هي مدرسة التجهيز الأولى تسميتها السابقة أو مدرسة جودة الهاشمي، وهذه المدرسة معروفة أنها تضم عددًا كبير جدًا من أولاد المسؤولين والتجار والذوات ومن لهم شأن في مدينة دمشق وما حولها.
طبعًا كانت هناك ملاحظات مهمة جدًا من خلال التعامل مع المدرسة وشبيهاتها من المدارس، وبنفس الوقت كنت أُدرس في المدرسة الأمينية الموجودة في شارع محسن الأمين في دمشق وتُشابهها في الوضع هذا، ونحن بشكل عام كانت الميزة الأساسية لأولاد الكبار في البلد هو الفساد باستخدام سلطة أهلهم، مثلًا: ولد أبوه مساعد بالمخابرات الجوية أو مساعد في القصر الجمهوري معه شيء طبيعي مثلًا: سيارة تبقى معه ويتحكم فيها كما يشاء ربما من دوامه وهو ولد من المدرسة يذهب على بيروت ليتسوق ويرجع أو مجموعة شباب أو بنات يذهبون للتنزه في بيروت ويرجعون، ومعروف كانت بيروت هي موطن للسوريين ويفعلون ما يشاؤون فيها، حتى أن أحد الأولاد كان أبوه قائد القوات العسكرية الموجودة من بيت زيدان، وكان عندهم لؤم بالتعاون مع المرافقين وبإظهار للسلطة الفارغة، وأنهم أولاد لا أصل لهم نهائيًا لأن ابن الأصل لا يفعل هذه الأشياء، وهذا الولد ما كان في أجهزة موبايل كانت أجهزة تُغني عن ذلك لا أذكر اسمه فهو دائمًا على اللاسلكي يطنطن للسائق حتى يزعجه.
الشهادة لله كان عندي ولدان في مدرسة جودة الهاشمي مروا علي هم أولاد آصف شوكت من زوجته الأولى، فأنا لا أعرفهم أنهم أولاد آصف شوكت لأنهم كانوا من أشد الناس التزامًا، كانوا ملتزمين ليس عندهم تصرفات لا أخلاقية لا يسمح لهم أبوهم لتظل السيارة معهم كانت تُحضرهم وتذهب، وهناك بعض المسؤولين كانوا بهذا الشكل، وقلت لك: عدد كبير جدًا من أولاد المسؤولين حتى أحيانًا تسمع من طلاب الثانوية عن تشكيل وزاري تسمع منهم أسماء للوزراء الجدد أسماء، وهذا معروف في سورية كان في شهر كانون الثاني/ يناير وشهر تموز/ يوليو ترقيات عسكرية وتسريح ومناصب جديدة، فكنت تسمع منهم في الدورة القادمة سيخرج فلان وفلان و فلان سيستلم، فتسمع منهم هذه الأخبار.
وهذان الولدان هم من زوجته الأولى وجدهم ليس حافظ الأسد لأن أولاد بشرى كانوا صغارًا في ذلك الوقت، فهذان الولدان عندهم التزام شديد جدًا بكل شيء بالأدب وبالأخلاق وبالعلم بكل هذه الأمور، ولو كان الأب فاسدًا وهو من أزلام النظام أو من أركانه، وهناك بعض المسؤولين ولكنهم قلة قليلة جدًا كانوا يُلزمون أولادهم بهذه الأشياء كي لا يكونوا فاشلين.
هذا الولد حتمًا وعلى مزاجه ولد فاشل، مما أذكر كان عندهم التزام شديد لأن أباهم يخاف عليهم من أن يضيعوا مستقبلًا أو في فترة ثانية أود أن أتكلم عنها وهي فترة الخدمة العسكرية، كثرٌ من يحكون عن الجيش السوري الجيش العربي السوري وكيف كان حال الجيش، ناس تمدح و ناس تذم، وأي إنسان عنده واحد بالمئة من الوعي وخدم الخدمة العسكرية في سورية يُدرك تمامًا أننا ليس عندنا جيش عربي سوري دعنا من الثورة ومن قبل الثورة كلام قديم جدًا، نحن ليس عندنا شيء في سورية اسمه جيش عربي سوري إطلاقًا، وأي إنسان يقول غير هذا الكلام فهو كذاب كذاب، بل جيش طائفي بامتياز وأكبر دليل وليس فقط الطائفة هي المسيطرة التمييز بكل شيء لصالح الطائفة بكل شيء.
الضباط من الطوائف الأخرى حتى لا يغضب عليهم كانوا يًجارون اللهجة العلوية بكلامهم حتى أبناء الريف أبناء المحيط بدمشق لا يقولون حرف القاف، و[قله وقلك] يُغير لهجته حتى أنا منكم وفيكم ولست غريبًا حتى لا يغضب عليهم وليس لينالوا حظوة، ومن يؤيد الحظوة سيفعل أشياء أخرى وأهمها الخبث والخيانة وليس النفاق بل الخيانة ما استطاع حتى يصل إلى مرتبة جيدة.
الجيش كان ممنوع فيه الصلاة وأي إنسان يقول غير هذا الكلام فهو كذاب، يقول لك: كان شخص يصلي. ربما في بعض القطع في المنشآت التعليمية، مثلًا أنا خدمت في منشآت تعليمية فترة دورة فمن الممكن أنك إذا صليت تجاوزًا لا أحد يحكي معك ربما في بعض الإدارات، أما أن تخدم بقطعة عسكرية ويرونك وأنت تصلي، لن يقول لك: لماذا تصلي؟ ولكن إكرامًا لهذه الصلاة التي صليتها سترى الويل من المحيطين بك الذين هم أكبر رتبة عسكرية منك، أنا خدمت ملازمًا مجندًا، ولمست هذه الأشياء واقعًا ومشاهدة ومعايشة وليس قيل عن قال أو سماع، لا شاهدت هذه الأشياء بأم عيني.
موضوع الظلم الموجود ظلم أو قهر ما بعده قهر، وموضوع الكفر يستحيل أن تستيقظ على غير الكفر وسب الذات الإلهية وسب الدين، ومنذ خروجي على فكرة من سورية لم أعد أسمعه إلا ما ندر ويندر أن أسمع هذه الكلمة، كانت هذه الكلمة في الجيش السوري مثل التسبيح والتحميد، ومن الاستيقاظ تسمع ناسًا يكفرون بأي شيء كفر عند المزاح وعند الغضب وعند الرواق(لحظات السعادة) بكل الأعداد دائمًا استخدام الكفر والتفنن به، كان شيئًا- يا لطيف- مرعبًا الظلم الموجود.
أنا أذكر أنني خدمت في الفرقة الأولى في اللواء ستة وسبعين مدرع موجود في منطقة الحرجلة وكل الناس تعرفه، وكان في الأيام التي خدمت بها الخدمة الإلزامية قائد اللواء نور الدين لا أتذكر اسمه (نور الدين نقار - الشاهد) صار فيما بعد قائد قوات الحرس الجمهوري، فإحدى الكتائب هي كتيبة المشاة تحديدًا كان قد استلمها عقيد اسمه زهير الأسد فهذه الكتيبة خلال خدمتي العسكرية انتحر فيها اثنان من البسط(الفرح) ومن الانشراح ومن السرور ومن الراحة ومن حفظ الكرامة الذي كان في هذه الكتيبة، عسكريين اثنين انتحرا وُمنع أي إنسان أن يتكلم وأظن ذكرت القصص سابقًا كنت أنا وملازم أول خلال دورة تكتيكية كنا نمشي في الجبل بمفردنا نجري دورة للضباط كل شهر يعملون هذه الدورة للذي هو في رتبة ملازم أول ونقيب اسمها دورة قائد كتيبة، فأذكر كنت أسأله وأقرب واحد علينا كان يقترب منا خمسين مترًا لا أحد سيسمعنا فخاف وغضب ولا تسألني وتركني وذهب، فكان هناك تنبيه بأنه ممنوع أي إنسان أن يتجرأ ويتحدث بهذا الموضوع منعًا باتًا، يعني إياك ثم إياك أن تُفكر ولو تفكيرًا بهذه القصة (قصة هذا الشخص الذي انتحر)، انتحر أول شخص وانتحر الثاني حتى أذكر المشكلة ولدي مشكلة بالأسماء لا أذكر الأسماء، فحتى ملازم من منطقة مصياف ملازم مجند يخدم في الكتيبة كتيبة زهير الأسد، وفي يوم من الأيام وجدوه يُشطب جسمه ويحاول أن ينتحر استطاعوا إنقاذه في اللحظات الأخيرة على باب غرفته، فمن شدة الظلم الذي كان في الخدمة العسكرية ويجوز هذا اللواء كان فيه ظلم أكثر من غيره، وربما إنسان خدم بمنطقة تكون أكثر راحة، أما الظلم الذي شاهدته ظلم ما بعده ظلم ولا يوجد شيء اسمه عدل أو إيمان، والعسكري محارب في طعامه وهذا الكلام معروف لكن أشخاصًا قد يقولون: كنا نعيش. وأين كنت تعيش؟! العسكري محارب في طعامه ولا يصله شيء، الأكل المخصص فعلًا يكفي العسكري لكن لا يصلك شيء، يقول لك: هناك فساد وأشخاص فاسدون، أصلًا حافظ الأسد ولو خلطت الأمور ببعضها لكنها نقطة مهمة جدَا، حافظ الأسد أسس لبلاد فاسدة، وهو إنسان خبيث ، وليس عنده شيء غير الخبث والكذب حتى يصل، سأستطرد وأخرج عن الموضوع لأتكلم عن الشخصية، حافظ الأسد كان يقول: غنوا مع الأطفال العبوا معهم علموهم وتعلموا منهم، إني أرى في الرياضة حياة، الثقافة هي الحاجة العليا للبشرية ومن هذا الكلام، وهذا الكلام هل يعقل أن يكون بهذه المواصفات؟! قولًا واحدًا حافظ الأسد حوله مجموعة كبيرة من المستشارين على مستوى عال جدًا ويكتبون الخطابات وأظن بعد الثورة أن بعضهم صرح بأنه كان يكتب خطابات حافظ الأسد وكلماته ويُراجعها، وهو شخص عنده من الصبر ومن الثبات حتى يصل لغايته، ولكن بنفس الوقت هو إنسان أسس بأي بلد في العالم أناسًا ينافقون للسلطان، أما هو إنسان أسس... لا تصل إلا بالنفاق بكل شيء بكل شيء أبدًا في حياتك لا تصل إلا بالنفاق.
فكان الموجود في الخدمة العسكرية يتجلى في هذا الأمر بكل نواحيه، والمساعد المسلم يسرق يا أخي المساعد المسلم يسرق نعم لكن هناك ضابط أكبر منه موجود يأخذ ويعطي، ولا أحد يُحاسبه والرأس الكبير يعرف أن من تحته يسرق ومن تحته يسرق وكلهم يسرقون، أنا أذكر وهذه المشاهدات كثيرة جدًا، لكن سأذكر لك قصة واحدة في يوم من الأيام الباردة جدًا كنا بمنطقة جبلية وبرد شديد يوم إداري يعني يوم العطلة، فنحن مناوبون قبل يوم، وجئت صباحًا وأنا ضابط مناوب خلال مبيت الكتيبة ينزل ضباط الكتيبة والمتطوعون ويظل ضابط واحد فقط في الكتيبة متطوع أو مجند هو يكون مسؤولًا عن البقية الموجودين المقيمين في الكتيبة ومعظم الكتيبة، فاليوم برد شديد جدًا، فقلت لقائد الكتيبة وكان من القرى المحيطة بمدينة حمص ومعروف من أي فئة، فقلت له: ليس لدينا مازوت، أربعة مهاجع وغرفتي نحتاج عشرين لترًا من المازوت، سأتكلم مع قائد اللواء اليوم وأحكي لك مع المعلم و و ... حكى حاضر سيدي و ...، ثم قال: خذ عشرين لترًا من المازوت، فبعث سائقه وملأ المازوت ووضعه في السيارة ونزل هو مع شخص آخر ركب معه وذهبوا إلى البيت وأخذ المازوت معه وتركنا في البرد الشديد، وهذا الشيء غير مستغرب ونحن شتمناه.
لكن هذا الأمر غير مستغرب والكل يعرف الكل يسرق من الكبير للصغير الكل يسرق والكل يأخذ، وأنا حين عملت عملًا جدًا فيه تهور حتى أمنت مازوتًا للعساكر كي لا يموتوا من البرد وليس ليتمتعوا بالدفء وبالجلوس قرب المدفأة حتى لا يموتوا بالبرد، فهو عادي مثل بعضها عنده(الأمور كلها سواء) سرقت مازوت أعرف أحد الأصدقاء خزن عنده للأيام العسيرة عشرين لتر مازوت فأخذتها من عنده وعندما جاء من إجازته وعلم وانزعج كثيرًا، وكان إنسانًا محترمًا وانشق ولا أعرف هل استشهد أم بقي على قيد الحياة فيما بعد؟ فأخبرته بما حصل، وتخيل أنه أخوك، فقال: ما ذنبي أنا ، قلت له: تخيل أخاك هنا ويبرد هل ترضى، قال: لا أرضى، قلت له: يعني هل أنت راض لأني أخذته؟ قال: الله يسامحك، فصفح عني وقتها.
أنا تأخرت عن الخدمة العسكرية التحقت في 2001 كان عندي ولدان، وكنت قد درست فترة أربع أو خمس سنوات وأنهيت في 2003 كان بشار مستلمًا منذ فترة قليلة والنفاق لبشار صباح مساء وعندما جاء شخص قريب من عائلة خالة بشار إلى اللواء احتفلوا احتفالًا ليس بعده احتفال، والنفاق هو الأساس في كل التصرفات في الخدمة الإلزامية، جيش شعاره الكفر والسوري يعرف معنى الكفر يعني التلفظ بالكفر بشكل دائم التلفظ بالكفر هو شعار الجيش العربي السوري إذا صح أن نُسميه الجيش العربي السوري، والظلم و لا يوجد شيء اسمه عدل إطلاقًا ولو حتى غرام عدل لا ترى غير الظلم هو السائد جيش طائفي بامتياز، وأكثر من ثمانين بالمئة من ضباطه هم من الطائفة الصغيرة جدًا في سورية والبقية من بقية الفئات ما كنت ترى ضابطًا كرديًا مثلًا، هناك فئات كثيرة ليس منها ضباط في الجيش السوري، جيش والعياذ بالله كان قد خربه حافظ الأسد بطريقة سيئة.
حتى إنني أذكر أحد كبار الضباط المتنفذين في مدينة قارة وبالاسم اللواء محمود الشقة معروف وكان مستلمًا مخابرات الجنوب فرع سعسع وفيما بعد مدير مدرسة مخابرات ميسلون ثم مدير إدارة الهندسة أو إدارة المهندسين، فهذا الرجل معروف ومشهور كان عنده خيانة عظمى حتى سلمه حافظ الأسد هذا المكان يعني هو استبسل لآخر درجة حتى يصل لهذا المكان خان خيانة كبيرة، وكان سببًا في دمار عدد كبير من الضباط حتى وصل لهذه المرتبة، وهذا الضابط يوم استلم وهذه معلومة للتاريخ حتى تعرف قيمة الضابط السني والخائن أو هو متمتع بأبشع صفات الخيانة، طبعًا هذا الرجل أنا أعرفه عن قرب معرفة قريبة جدًا جدًا، فاللواء مدير إدارة الهندسة أو المهندسين وعندنا إدارتان فما أذكر أي واحدة والمهم مدير إدارة الهندسة كان في سورية عندما استلم الإدارة أراد أن يظهر بمظهر القوي يعني أبو علي، فصار يسحب الآليات الموجودة عند المسؤولين عند المتنفذين، فسحب "تركس" مجنزرة كبيرة سحبها من عند نقيب أو رائد في منطقة ما علوي، فهذا الرائد دخل لعنده على المكتب أيام حكم حافظ الأسد، واحتدم النقاش بينهم فضربه النقيب يضرب لواء ضربه بكعب المسدس على رأسه وغاب عن الوعي، وحافظ الأسد أرسله على فرنسا ليتعالج، هذه قيمة الضابط السني في الجيش العربي السوري، وهذا كضابط مخلص في خيانته التي بلغت أعمق درجات القذارة، ومع ذلك كان هذا نصيبه ومكافأته، وعندما انتهوا منه خلعوه من قدمهم كما يُخلع الحذاء البالي القديم المتعفن، فهذا باختصار شديد وضع الجيش العربي السوري الذي هو جيش طائفي بامتياز وليس له علاقة بسورية نهائيًا، جيش أُعد وجُهز لحماية هذه العصابة، ولهذا السبب أنا كنت متخوفًا وقت بدأت الثورة من رد الفعل عند الجيش وعند أجهزة الأمن.
متأكد عندما أديت الخدمة العسكرية وسؤالك ممتاز أو أكثر من رائع ذكرتني بأمر مهم الشعار، وأنا مدرس فأنت ستعطي درسًا ويكون لديك هدف لتصل له في النهاية وهناك قيمة أخلاقية فتتكون عند الطالب وحصلت عليها نتيجة إعطاء الدرس، عندما تضع ابنك بتجربة فتريد أن يخرج ابنك متحليًا بصفة معينة، وحين تذهب إلى الخدمة العسكرية يُقصد منك أنك تخرج بشخصية ثانية تمامًا يكون شعارك في الحياة عسكري دبر حالك(تدبر أمورك بنفسك) ومئة عين تبكي ولا عين أمي تبكي، وتكرس عندك الأنانية بأبشع صورها، و إذا ما ركضت وأكلت لن يصح لك تأكل ولا تقدم أحدًا عنك.
وهذا الكلام أنا لمسته بأم عيني ندما ما ذهبت إلى هذا اللواء كنت أخدم في الكتيبة 396 تحديدًا، فأول ما ذهبت على هذا اللواء 76 في الفرقة الأولى موجود بمنطقة الحرجلي، وكانت أيام رمضان على ما أذكر فقالوا لي: أنت ستناوب مع ضابط قديم فترة حتى تتعلم أصول المناوبة ثم تُناوب لوحدك، فكنت أسمع شكاوى كثيرة وكيف الجيش يُفسد الإنسان، كنت أسمع شكاوى كثيرة من العساكر نحن لا يكفينا الأكل و...، أنا في ذلك الوقت عمري 26 أو 27 سنة بأوج الحماس وتستحضرك إذا توليت مسؤولية وسيدنا عمر بن الخطاب والعدل، فقلت: عندما أناوب سأجعلهم يشبعون الأكل، فأول يوم ناوبت جاء رقيب وهو عسكري عادي رقيب متطوع، وهم يعملون على إفساد الانسان وينجحون في إفساد الكثيرين، فهذا العسكري عفوًا هو إجباري قال: أنا أخرج نيابة عنك. قلت له:" ماشي الله يرضى عليك يعني كذا والطعام هيك إلى آخره" قال: حتمًا فوزع الأكل، وأنا أكلي لا يكون في الكتيبة أكلي يكون في نادي الضباط، وليس لي أكل في الكتيبة ونحن في شهر رمضان ولا يوجد نشاطات بعد الظهر، فنمت قبل الفطور وقلت: أستيقظ قبل الفطور فيكون قد جهز الأكل فأستيقظ وأفطر والدنيا شتوية(في فصل الشتاء) ، فاستيقظت قبل الفطور شاهدت أكل النادي جانبًا جاء عسكري وضعه وذهب، غسلت وجهي ورجعت وجدت ثلاثة سطول (أوعية كبيرة من المعدن القديم)، ففتحتها وجدت فيها اللحم والدجاج والفواكه وأطعمة للسحور سطل فروج مسلوق سطل ثان فيه فواكه بطريقة بعيدة عن أي لباقة والسطل الثالث للسحور، ما هذا؟ فأنا فطرت واتصلت على غرفة المناوبين العريف أو الرقيب المناوب قلت له: تعال عندي قلت له: ما هذا الأكل؟ قال: والله أنا لم أحب أن أزعجك وضعته لك، قلت له: أنا ليس لدي أكل بالكتيبة، قال: "ما في مشكلة ولو" يعني يتفضل علي، قلت له: من أين لك هذا؟ يعني أنا ليس لي طعام في الكتيبة، قال: عادة نحن نعطي للضابط المناوب، ومن قال لك هذه العادة وبأي حق، وإذا أنت أعطيتني هذا فكم أخذت أنت، وبعد التفتيش والتدقيق اتضح أنه أخذ أكثر بثلاث مرات له ولمن حوله والناس كلهم جائعون، فجمعت الطعام، قال: هذا حقك كضابط مناوب، قلت له: أنا ليس لي في الكتيبة أنا أكلي تحت في النادي.
هناك عدة أشياء تجعلني أستهجن وجود هذا الطعام أول شيء وأنا ليس لي أكل، وجاءني طعام جيد من النادي وأحسن من أكل الكتيبة ومن كل النواحي، ولماذا تصورت بهذا الشكل، قال: هذا حقك وكل الضباط يأخذون، فأنا بعد التدقيق والبحث والتفتيش كشفت أنه سرق أكثر من ذلك بكثير من الذي أعطاني إياه.
جمعت كل هذه الأشياء ووزعتها على المهاجع وصرت من يومها أي مرة أُناوب لا أقبل غير أن أوزع الطعام بيدي، وفعلًا صار الأكل الحمد لله رب العالمين يكفي، وأذهب على الاستلام والتسليم وبهذا توقفت السرقة، وهنا لن يُدقق عليك والله تُطبق ولا تُطبق الأمر هم كبار عليه، ولا تهمهم هذه السرقة أن يسرق ضابط أو غيره فروجًا أو فروجين شغلة فاضية.
أنت تفضلت بسؤال هذا الرقيب كيف صار مثلًا: كان يستلم المطعم عسكري بسيط جدًا من أبسط ما يكون، فأنا مرة تأخرت على التوزيع فجئت ووزعته نظرت وجدت في الأكل مشكلة على الطاولة والعساكر يتشاجرون معه قلل أو أكثر، أذكر اسمه لكن لن أكر أذكر اسمه هو إنسان بسيط وطيب، و من مبدأ عسكري "دبر حالك" فحتمًا حين يرجع لعند أهله ومن أجل ألا تجوع خذ وكذا، فالتفتيش بسيط، وهو إنسان بسيط لا يعرف أن يسرق حتى، وكان بلو كبير(وعاء) يوضع فيه الأكل فرفعت فوجدت أربعة أو خمسة فراريج كبيرة، لا حول ولا قوة إلا بالله، لن تستطيع أكلها وإذا بذلت أقصى ما في وسعك ستأكل واحدة إذا استطعت، فلماذا تأخذ خمسة.
فعلًا الجيش كان ينجح بنسبة كبيرة في إفساد الناس وترسيخ مبدأ الأنانية ومبدأ عسكري "دبر حالك"، وكان هذا الكلام وهذه الأخلاق قولًا واحدًا تستمر لما بعد الجيش، يا جماعة الخير والله وقت إفساد حافظ الأسد للدولة شعبًا ومؤسسات وعلى مستوى المجتمع والأفراد والمؤسسات يعني إفساد ممنهج وإفساد خبيث جدًا، ونجح في قسم كبير منه كيف يُعامل الأغنياء وأن مصلحتهم مرتبطة بالنظام فهم دائمًا موالون له بكل ما أوتوا من قوة ويدفعون للكبير والصغير، والضعفاء مرتبطون بالنظام ليأكلوا ويشربوا فهم موالون له بكل ما أوتوا من قوة، وهذا الكلام يُفسر لماذا قسم من الشعب السوري لم يقم بثورة ضد بيت الأسد أو خرج بالمظاهرات مع أنه يكرههم إما خوفًا أو لأنه دُجن بهذه الطريقة.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2021/02/10
الموضوع الرئیس
الفساد في مؤسسات نظام الأسدالتركيبة الطائفيةالتضييق على الحريات الدينيةكود الشهادة
SMI/OH/113-08/
أجرى المقابلة
إبراهيم الفوال
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
أوضاع ما قبل الثورة
updatedAt
2024/09/25
المنطقة الجغرافية
عموم سورية-عموم سوريةشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
الحرس الجمهوري
الجيش العربي السوري - نظام
ثانوية جودت الهاشمي
فرع سعسع / فرع مخابرات القنيطرة في المخابرات العسكرية 220