الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

السيرة الذاتية والاعتقال بسبب منتدى ربيع دمشق ولقاء الأسد

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:19:54:22

السلام عليكم ورحمة الله أنا الدكتور الصيدلي مأمون السيد عيسى من إدلب، تولد حلب 1964، انتقلت إلى إدلب مع عائلتي عندما توفي والدي في عام 1970، احتضنني جدي وأخوالي وكانوا لي بمثابة الآباء، ولكن مع الأسف فقد فقدت الآباء الـ 3 دفعة واحدة في الثمانينات عندما قُتل الصيدلي علاء في حادثة تدمر، وعندما سُجن الدكتور عز الدين والأستاذ أسامة في سجن تدمر 15 عامًا.

 أنا منذ صغري رُبيت في عائلة تكره البعث، وأذكر عندما كنت في الصف الثالث أعطتني المعلمة وسامًا، وقالت: إنه هدية لي لأنني كنت متفوقًا، لكن عندما أخذت الوسام إلى البيت، نظروا إلى الوسام فوجدوا صورة حافظ الأسد عليه، قالوا لي: هذا الوسام اخلعه، فهذا الرجل لا نحبه ولا يحبنا، فعرفت حينها أن هذا النظام هو عدو لنا، وترسخت العداوة في قلبنا لهذا النظام منذ أن كنت صغيرًا، وعندما جاءت الثمانينات كانت العائلة التي أنتمي إليها -عائلة السيد عيسى- عائلة مستهدفة اعتُقل منها العشرات وقُتل منها عدد من الشباب.

 كان التنكيل يشمل العائلة بأكملها، وكانت كلمة سيد عيسى عندما تقف على حاجز هي بمثابة تهمة لك، فكانت وكحال العديد من الأسر التي انتفضت في وجه الأسد، وأذكر يعني أنه كان عليك دائمًا أن تراجع فروع الأمن وتُسأل عن أقرباء لك، وكان جواز السفر لا يُعطى لمن لديه أقرباء (معارضون)، وكان على الحواجز دائمًا يُدقق على هويتهم، وعندما دخلت إلى المدينة الجامعية تم رفض قبولي في المدينة الجامعية، وعندها قمت بعمل (بإدخال) واسطة ومع ذلك تم رفض في المرة الأولى والثانية والثالثة، ولكن كانت الواسطة قوية واستطعت وقتها أن أدخل المدينة الجامعية.

 في تلك الأثناء لاحظت يعني أن هذا الأمر سوف يتبعك حتى لو لم تمارس؛ يعني هذه السمة التي وُسمت علينا حتى لو أنك لم تمارس أي نشاط تجاه الدولة، يعني أنا عندما تخرجت وذهبت إلى الخدمة العسكرية، يومًا ما يستدعيني ضابط الأمن ويقول لي: يريدونك في فرع الضباط في دمشق، وكانت أول مرة أدخل فرع المخابرات فيها، وكان الموقف صعبًا جدًّا، وجلست مع العديدين، أول يوم وثاني يوم دون أن يقابلك أحد وإنما تجلس مع الفراغ، ومع القلق [ويكون هو] صديقك، وعندما قابلني الضابط قال لي: اكتب سيرة حياتك فكتبت سيرة حياتي، ولكن يعني لم تكن هناك تهمة مباشرة، قال لي: أنت لم تدخل في حزب البعث ولماذا أنت كنت انعزاليًّا؟ فهنا خطرت على بالي فكرة وقلت له: أنا كنت مهتمًّا بالفن وبالرسم، وقد عملت معرض رسم مع أصدقائي في الكلية، ويبدو أن الرجل أراد أن يساعدني فقال لي: مزق ما كتبته في أول مرة وأعد كتابته مرة ثانية، ولكن ركز على هذه الناحية، وفعلًا توسعت في هذه الناحية ويبدو أنها كانت المنقذة لي، وكان بالإمكان أن ألتحق بأخوالي في سجن تدمر وقتها، وربما أذهب ولا أعود! وهذه كانت المحطة لي ثم قال لي: انتهت مهمتك واذهب إلى قطعتك، فذهبت إلى المشفى العسكري، وكانت هي التجربة الأولى لي مع المخابرات.

 في الثمانينات هناك مشاهد لا أنساها، أتذكر عمي أبا مالك وهو ذو صحة جيدة، كيف كان مطمشًا (معصوب العينين) وكيف كانوا يدفعونه إلى سيارة عسكرية، وأتذكر الدبابات أمام بيتنا وأتذكر الجيش حينما جاء إلى البيت إلى البناء الذي فيه بيتنا، وكيف كان يفتش بعنف، وكيف صفع ابن خالتي فقال له ابن خالتي: أنا حزبي، قال له: عليك وعلى حزب البعث (شتمه)، هذه المشاهد كلها بقيت في ذاكرتي، والخوف بقي في ذاكرتنا إلى فترة طويلة.

 كانت التجربة الثانية التي مررت بها قصتي مع ربيع دمشق، وأنا كان لي حاجة فقد كنت وكيل شركة قطاع عام وهي شركة أدوية، وكان هناك إشكال مع الشركة، فأردت أن أشاهد عضو مجلس الشعب -السيد رياض سيف-، وأن أحكي له عله يساعد في حل المشكلة فاتصلت بسكرتير (أمين السر) السيد رياض، قال لي: بإمكانك أن تشاهده في المنتدى، فقلت: ما هذا المنتدى؟ قال: حينما تذهب تعرف ما هو المنتدى، فأرسل لي دعوة بالفاكس، وذكر لي العنوان، فذهبت إلى العنوان وكان في صحنايا (مدينة في ريف دمشق) أذكر [أن بيته كان] مقابل نادي الفروسية، فوصلت عند المغرب وسألته على بيته، ودخلت إلى بيته، ولم يكن البيت فيه أثاث، كان مجرد قاعات وفيها كراس بيض، وهناك طاولة -منصة- يجلس عليها 3 أشخاص.

 جلست أستمع وأنا جاءتني الصدمة، ماذا يقولون هؤلاء؟ ناس تتكلم عن الحرية وتتكلم عن البترول المسروق! وتتكلم عن القمع وتتكلم عن التعذيب في السجون! أنا يعني لم أعهد أحدًا في سورية طوال حياتي أحد يتكلم بهذه اللهجة وفي دمشق وعلى الملأ! فهذا كان أمرًا غريبًا، وهذه الجلسة أذكر منها أنه كان فيها عارف دليلة ومعارض -يمكن أنه من آل بني كما أذكر- وأنا لم أتكلم بأي شيء، فجاءني فضول أن أحضر الجلسة الثانية، فجئت في الجلسة الثانية ونفس الحديث أيضًا، فقابلت رياض سيف وقلت له عن مشكلتي، هنا أنا يعني أردت أن أستفسر عن هذا الموضوع فسألت صديقًا لي -كان لي صديق اسمه الدكتور جميل عويد، تُوفي- وكان يعني معنا في تاميكو ووكيل لنفس الشركة -شركة الأدوية-، وقلت له: يا دكتور ماذا؟ قال لي: إياك أن تقترب! هؤلاء سوف يكون مصيرهم الاعتقال -كل من رأيت في هذه القاعة-، فلا يمكن أن تتم هكذا حوارات في سورية.

 وأنا ذهبت إلى إدلب يومًا، وقلت لأصدقائي: أنتم في عالم آخر، انظروا في دمشق ماذا يحدث، يتم التكلم عن النظام بشكل علني، ويتم التكلم عن البترول المسروق والقمع والتعذيب، ونحن في مدينة ليس لنا علاقة بما يحدث في سورية، فاستغرب الأصدقاء الذين تكلمت لهم عن هذا الأمر، لكنه كان هو ربيع دمشق، هذا الربيع مع الأسف لم يستغرق أكثر من 7 أشهر، وفي شهر تموز/ يوليو 2001، أُغلقت المنتديات وتم اعتقال الموجودين، وربما لو أنني أعلنت اسمي وتكلمت وقتها وشاركت بالنقاشات لكان مصيري مع الذين تم اعتقالهم حينها؛ رياض سيف والدكتور كمال اللبواني والعديد من تجمع دمشق، كانت هذه التجربة السياسية الأولى التي تعرضت لها في عام 2001، أنا يعني كان لدي توجه فكري في السنوات التي قبلها، أنه ممكن أن نقدر ننهض بهذا المجتمع عن طريق العمل الخيري، فأسست أول جمعية خيرية -جمعية البر في إدلب-، وكنت مديرًا لها، ثم أسست جمعية ثانية وهي جمعية رفع المستوى الصحي، وكنت أعتقد أنه بإمكاننا أن نغير المجتمع عن طريق العمل الخيري والتبرع، لأنه لم يكن لدينا يعني أي مجال للعمل السياسي، ولم يكن لدينا مجال ليس للعمل السياسي فقط بل لم يكن لدينا مجال للفظ كلمة السياسة، وكان هناك مقولة دائمًا تُقال: الجدران لها آذان، كانت الناس هناك تخشى أن تتكلم في شيء سياسي أمام أبنائها، لأنها تخشى أن ابنها قد يقول لرفاقه: سمعت أبي أو أمي يتكلمان بهذا الحديث وتكون هذه هي القاضية و يذهب إلى غياهب السجون.

 2011: تجرع السوريون كؤوس الظلم والقهر على مدى سنوات طويلة منذ استلام حزب البعث عام 1963، فمنذ 1963 لم يجد السوريون يومًا فيه يتنشقون عبير الحرية، ومنذ أن استلم حزب البعث لم يكن إلا القمع والظلم والسجون، وتراكم هذا الأمر لدى السوريين، وتراكم القهر وتراكم الظلم في أعماقهم والخوف.

 لكن مع بدايات 2011 أو حتى إنه مع نهاية الـ2010، نهاية 2010 [حين] قامت الثورة التونسية -الثورة التونسية كانت في 17/ كانون الأول/ ديسمبر2010م، تفاجأنا بعدها بأنها جاءت الثورة المصرية في شهر كانون الثاني/ يناير 2011 ثم الثورة الليبية في شهر شباط/ فبراير 2011، ثم الثورة اليمنية أيضًا في شهر كانون الثاني/ يناير/ 2011، فـ 4 ثورات تُقام خلال يعني حوالي شهرين كان هذا حدثًا مفاجئًا للجميع، وكنا نراقب التلفاز ونراقب قناة "الجزيرة" التي تتكلم عن هذه الثورات، وقناة "الجزيرة" كان لها دور كبير في دعم الثورات، وهذا ما لاحظناه، إلى أن قامت مظاهرة الحريقة، ومظاهرة الحريقة أيضًا يبدو في شهر شباط/ فبراير -كما أظن- من ثم بعدها قامت الثورة في درعا، قامت الثورة في درعا في شهر آذار/ مارس.

في 10 نيسان/ أبريل في 9، تم استلام الطلب مني مع مجموعة من أهالي البلد، وقالوا: لدينا مقابلة مع بشار الأسد، وفعلًا يعني لاحظت أنه كان موجودًا أطباء وموجود مشايخ وموجود عدد من شخصيات البلد في هذه [المجموعة]، فأخذونا في باصات (حافلات) إلى قصر على طريق دمر (مدينة قرب دمشق)، وهو قصر كبير هذا القصر، فدخلنا إلى قاعة كبيرة، وبدأ يتكلم الموجودون، حينها يعني 10/ نيسان/ أبريل لم تكن المظاهرات قامت في إدلب، فالمظاهرة في إدلب قامت في 20 نيسان/ أبريل -المظاهرة الأولى-، ونحن قبلها بـ10 أيام كنا في لقاء مع بشار الأسد، وهذا اللقاء يعني نحن لم يكن مفهوم الثورة ناضجًا لدينا، فحينما طلب مني أن أتكلم، قلت لبشار الأسد: أنتم ظلمتم إدلب، إدلب تم استبعاد الطرق الرئيسية عن إدلب وتم عزل إدلب، وتم منع الجامعات، ولم تُقم بها جامعات، ولم تُقم بها فعاليات اقتصادية، وغيري تكلم عن المعتقلين وكذا، يعني لم يكن مفهوم الثورة ناضجًا عندنا يعني حتى نفتح حديث الحرية ونطالب [بحقوق] الشعب السوري لم تكن مظاهرة يعني حتى [قد خرجت] في إدلب، ولكن حينما تكلمت في هذا المجال، اعتبر العديد أنني يعني تجاوزت الخطوط الحمر، وما يلفت النظر في الاجتماع أنه كان هناك عضو مجلس شعب معنا في الوفد، من آل قطيني من خان شيخون أو [كان] تاجرًا، ولم يكن عضو مجلس شعب، كان تاجر، فعندما جاءت سيرة المظاهرات قال: يا سيدي الرئيس اضرب بيد من حديد على المتظاهرين، لكننا تفاجأنا أن بشار الأسد قال له: لماذا تقول هكذا؟! هؤلاء المتظاهرون أولادي، كان يقول أولادي وكان إلى يومها قد قتل 150 شخصًا في درعا وهم أولادي! هنا فكيف يكونون أولاده وقد قتل 150 شخصًا! ولكن بشار الأسد شخصيته كاذبة، ويعرف الذين قابلوه من سياسيين ومن وسائل الإعلام دائمًا كانت مقابلاته مليئة بالكذب، يعني حتى قبل الثورات يعني قبل أن تقع، يعني قبل أن تصل إلى سورية، هو قال: أن هذه الأنظمة يجب أن تتغير، -يتكلم عن الأنظمة التي قامت بها الثورات-، قال بشار الأسد عنها في إحدى التصريحات: إن هذه الأنظمة يجب أن تتغير وهذه رياح تغيير يعني، وعندما يقابل مثلًا الصحفيين فأحد الصحفيين قال له: أنا لم أورث الحكم، أنا الناس جاءت إلى البرلمان وعملت تظاهرات ومن ثم طالبت بي، وبناء عليها مجلس الشعب رشحني، [فهو] يكذب كثيرًا، ويعني كان شيئًا طبيعيًّا أن يقول: إن هؤلاء أولادي، على المتظاهرين.

 اللقاء كان يعني مثل ما قلت لك حُكي به عن طلبات حول المعتقلين وحول كذا والأكثرية كانت صامتة، يعني لأن الخوف كان ما زال عند الكثيرين، هذه كانت المقابلة مع بشار الأسد.

نتكلم الآن عن الثورة والمظاهرات في إدلب، المظاهرة الأولى في إدلب في شهر آذار/ مارس 2011 لم أكن حاضرًا فيها، والمظاهرة الثانية كما أذكر، كانت قد خرجت من جامعة الروضة وكنت أصلي الجمعة وقتها في جامع الروضة، فخرجت مظاهرة وكانت تهتف ضد الأسد، وفي هذه المظاهرة مشيت على الرصيف جانب المظاهرة، فعندما تبقى على الرصيف، يعني أنت نصف مشارك، يعني بمعنى لو جاء الأمن سوف تخرج خارج الرصيف إلى اليسار، وتقول إنني أتفرج وكنت مارًّا في الرصيف وبنفس الوقت أنت تمشي مع المظاهرة، لأنه لم أستطع في [تلك] المظاهرة أن أنزل معهم، فقد كان لدي مخزون هائل من الخوف، وتكلمت في فقرات سابقة عن عائلتي وكيف تم التنكيل بها وعن لحظات الخوف الكثيرة التي عشناها، فهذه تترسخ في أعماق الإنسان ولا يستطيع أن يتخلص منها، لكن في المظاهرة التي بعدها كنت أمشي على الرصيف ولكنني نزلت من الرصيف إلى الشارع وأكملت مع المتظاهرين، ولا أزال أكمل مع مسيرة الثورة السورية وسوف أبقى بإذن الله حتى أموت أكمل هذه المسيرة.

 هناك سؤال لماذا استمرت الثورة السورية؟ يعني رغم كل تاريخ القمع والمجازر، فهناك تاريخ مجازر كبيرة من مجزرة تل الزعتر إلى مجزرة حماة إلى مجزرة الجسر لماذا يعني كيف الناس خرجت؟ أتوقع أن الناس التي خرجت في التظاهر شجعها أولًا كما حكينا أن 4 ثورات ربيع عربي خلال شهرين هذا هو الموضوع الأول، والموضوع الثاني إذا لاحظنا أنه كان هناك اهتمام إعلامي كبير بالثورة وكانت تُنقل المظاهرات بعدة أمكنة، فبالتالي هذا يشجع الناس على التظاهر، والموضوع الثالث أنه كان هناك دعم عربي ودولي للتظاهر يعني للثورة السورية، يعني في البداية مبادرة جامعة الدول العربية -المبادرة الأولى والمبادرة الثانية-، كانت جامعة الدول العربية التي تمثل الدول العربية قد وقفت مع السوريين في ثورتهم، وهذا الأمر سوف نتكلم عليه بالتفصيل عندما نتكلم عن المراقبين -جلسة المراقبين العرب-.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2022/10/31

الموضوع الرئیس

سيرة ذاتية

كود الشهادة

SMI/OH/191-01/

أجرى المقابلة

يوسف الموسى

مكان المقابلة

أنطاكيا

التصنيف

مدني

المجال الزمني

قبل الثورة- 2011

updatedAt

2024/08/09

المنطقة الجغرافية

محافظة إدلب-مدينة إدلبمحافظة إدلب-محافظة إدلبمحافظة دمشق-مدينة دمشق

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

جامعة الدول العربية / الجامعة العربية

جامعة الدول العربية / الجامعة العربية

قناة الجزيرة

قناة الجزيرة

حزب البعث العربي الاشتراكي

حزب البعث العربي الاشتراكي

سجن تدمر

سجن تدمر

الشهادات المرتبطة