المد الشيعي يثير حفيظة علماء السنة في سورية
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:17:21:11
درست الفرع الأدبي في معرة النعمان بثانوية أبي العلاء المعري، وتقدّمت على المفاضلات المعروفة ودخلت كلية الشريعة في جامعة دمشق، طبعًا كلية الشريعة حينها كانت هي الوحيدة في سورية بمدينة دمشق ولم تكن افتُتحت بعدُ في مدينة حلب التي هي أقرب جغرافيًّا لإدلب. ذهبت إلى دمشق والحقيقة كانت كلية الشريعة كلية ذات منهج رصين يعني منهج علمي رصين وقوي جدًا وكانت تُنافس في مناهجها كبرى جامعات العالم الإسلامي وكان أساتذتها على مستوى عالٍ من المكانة العلمية بغضّ النظر عن مواقفهم السياسية كالدكتور محمد سعيد رمضان البوطي رئيس قسم العقيدة والأديان، والدكتور وهبة الزحيلي رئيس قسم الفقه وأصوله، والدكتور نور الدين عتر رئيس قسم الحديث وعلومه، والدكتور مصطفى البغا رئيس قسم التفسير وعلومه، وعدد من الدكاترة، وأيضًا كان هناك الدكتور عماد الدين رشيد من الجيل الشاب وبدأ نشاطه أو نجمه يلمع في كلية الشريعة، الحقيقة تلقّينا كمًّا جيّدًا من المعرفة الشرعية والقانونية في كلية الشريعة، طبعًا أريد أن أدقّق على تدخل النظام، النظام كان يضيّق على كلية الشريعة يعني مثلًا من حيث المبنى كان أسوأ المباني هو مبني كلية الشريعة فهو ثكنة عسكرية قديمة تعود لزمن الاحتلال الفرنسي وتم تحويلها لجامعة دمشق وفوقها كلية الحقوق، وكلية الحقوق صحيح أنها في نفس الثكنة لكن مثلًا كان فيها عشرات القاعات والمكاتب والمدرجات أما كلية الشريعة فكانت أربع قاعات فقط يعني السنة الأولى في قاعة والسنة الثانية في قاعة والسنة الثالثة في قاعة والسنة الرابعة في قاعة، يعني حتى طلاب الماجستير أو من نريد أن يراجع أستاذه لا يوجد فترة أو مكان للجلوس أو جلسات ما يسمّى بالعملي وحلقات البحث إلا في الدوام المسائي في إحدى هذه القاعات، ومكاتب الأساتذة يعني كان كل دكتورين أو ثلاثة في غرفة صغيرة واحدة، حتى مياه الشرب يعني وهذا التضييق كله كان مقصودًا على كلية الشريعة هكذا كان يتكلم الطلاب فيما بينهم أن هذا النظام نظام بعثي ونظام مُعادٍ للدين ولا يريد لكلية الشريعة أن تتميز بشيء وفعلًا هذا ما نراه، يعني تصوّر أن الكلية لم يكن فيها مورد ماء للشرب حتى قام أحد المُحسنين بشراء سبيل ماء كهربائي ووضعه في الجامعة، وكان تدخّل النظام واضحًا من خلال رئيس دائرة الشؤون الإدارية ويسمّى نصر تيشوري وهذا نصر تيشوري هو من الساحل السوري وهو تقريبًا ضابط مخابرات موظف في كلية الشريعة فكان عمله الأساسي كتابة التقارير ومراقبة الأنشطة وبحجة الاجتماعات الحزبية كان يجنّد العملاء والخلايا، طبعًا الخلايا كانت فقط لكتابة التقارير ولم يكن هناك مثلًا أعمال أمنية في الكلية لكن الجميع ينظر إليه على أنه ضابط مخابرات وكانت كلمته تسري في الكلية وقراراته تسري بالكلية نتيجة الدعم الذي يحظى به وهو الجانب الأمني هو مدعوم من المخابرات. بالنسبة للمحاضرات مدى الحرية الفكرية في المحاضرات كما ذكرنا سابقًا يعني كان هناك صراحة في مقاومة المدّ الشيعي والفكر الشيعي ونقد للمذهب الشيعي وهذا موجود في المناهج وعلى لسان الأساتذة لكن كانت الكلية تُدعى أحيانًا إلى مؤتمرات علمية تعقدها المستشارية الإيرانية أو معارض الكتاب تشارك فيها الكلية ربما -أو هكذا كنا نفهم- على سبيل المجاملة لم يكن هناك شيء من التعاون الحقيقي أو التعاون الثقافي، لم يكن هناك تعاون حقيقي كانت عبارة عن بروتوكولات ومجاملات وزيارات للمعارض وحضور بعض الندوات بألفاظ عامة، أنا حضرت مثلًا دُعيت كلية الشريعة في يوم إلى ندوة تسمّى ندوة الأدب المقاوم يعني شعراء المقاومة ويقصدون بالمقاومة جنوب لبنان، وفي هذه الندوة حضر وزير الدفاع السوري السابق مصطفى طلاس وحضر [حسن] نصر الله أمين حزب الله وحضر محمد رعد أمين المكتب السياسي وحضر رجال شيعة وشعراء لبنانيون مسيحيون ومسلمون وشيعة وسنّة وشعراء سوريون، يعني مثل هكذا بعنوان الأدب المقاوم لكن كان من خلاله يتم تظهير وترميز شخصية حسن نصر الله وأنه زعيم المقاومة في المنطقة وأيضًا كانت تدعو المستشارية الإيرانية على هامش معارض الكتب إلى محاضرات يحضرها أمثال علي التسخيري أو أحمد جنتي أو رجال الدين المشهورين في إيران يحضرون أو في مكتبة الأسد مثلًا، أما في كلية الشريعة فلا أذكر أنه تم عقد أي مؤتمر أو ندوة حضرها الشيعة يعني لم تتبنّ كلية الشريعة دعوة لأي مؤتمر أو نشاط على زمن وجودي وهو منذ عام 1994 لعام 2000 لم أرَ أي مؤتمر أو ندوة حضرها الشيعة، كان هناك أستاذ شيعي يعطي محاضرات في اللغة العربية وليس مادة شرعية يسمى نبيل حلوبي من لبنان ويسكن دمشق وهو شاعر وأديب وكان يعطي بعض المحاضرات في اللغة العربية لكن يحضر بلباسه الشيعي يعني بالعمامة والعباءة الشيعية، ومن الجدير بالذكر أيضًا من حيث كلية الشريعة كان لها موقع وسيط بين المدارس الإسلامية في يعني مثلاً كان مجمع أبو النور الإسلامي محسوبًا على السلطة وعلى مؤسسة الإفتاء، وكانت مدرسة الميدان أو مدرسة الشيخ عبد الكريم الرفاعي [مثل] أسامة الرفاعي وسارية الرفاعي ومؤسسة زيد بن ثابت والشيخ كريّم راجح والشيخ صادق حبنكة تسمّى مدرسة الميدان وهي محسوبة على المعارضة باعتبار أنها تنتسب إلى الشيخ حسن حبنّكة الميداني المُعارض لنظام البعث في الستينات والسبعينات، وكانت كلية الشريعة على مسافة وسيطة بين المدارس المحسوبة على السلطة والمدارس المحسوبة على المعارضة، وأيضًا هي منطقة وسيطة كمذاهب فكرية يعني كانت لا تتخذ خطًا سلفيًا واضحًا وهناك أساتذة سلفيون فيها كالدكتور مصطفى الخن -رحمه الله تعالى- والدكتور عماد الدين رشيد أحيانًا يُحسب على هذا الخط، وكان أيضًا بين التيار الصوفي وكان الدكتور البوطي أحد رموز هذا التيار، لكن يعني بالمجمل نستطيع أن نقول إن مناهج كلية الشريعة وأساتذة كلية الشريعة ما قبل الربيع العربي كانت تمثّل خط اعتدال سياسي وفكري وثقافي وسيط في المجتمع السوري.
على فترة وجودي في الجامعة كان منهاج الجامعة كما قلنا قويًا ورصينًا وهو مُقارَن يعني يدرس المذهب الشافعي والحنفي والمالكي والحنبلي ويستشهد أحيانًا ببعض شروح أو كتب الإمامية الشيعية وابن حزم الظاهري يعني على سبيل المقارنة، وهو منهاج مُعدّ أيضًا ليهيّئ قاضيًا شرعيًا وليس فقط مدرّسًا لمادة التربية الإسلامية فكان هناك مادة الفقه الدستوري وكان هناك الفقه الدستوري والإداري وكان هناك موجز عن القانون الدولي وكان هناك التشريع الجزائي المقارن وهناك 13 مادة من كلّية الحقوق تُدرّس في كلية الشريعة وهناك 9 أو 13 مادة من كلية الشريعة تُدرّس في كلية الحقوق وكان الأساتذة في كلية الشريعة يدرّسون في كلية الحقوق والأساتذة من كلية الحقوق يدرّسون بعض المحاضرات في كلية الشريعة فكان المنهاج حقوقيًا شرعيًا يمثّل تيار اعتدال كما قلنا في الوسط الثقافي والإسلام السوري كما يقال أو الإسلام الذي يسمّونه الإسلام الشامي أي هو ليس خطًّا سلفيًا واضحًا وليس خطًا صوفيًا فاقعًا كان يمثّل حالة وسيطة بين هذه المذاهب. والحقيقة كان للدكتور البوطي رمزيته في كلية الشريعة وحيث إنه كان هو الوحيد الذي يَظهر على شاشات الإعلام في درس الأربعاء المعروف وهنا ازدهرت في تلك الفترة حركة التأليف للدكاترة، يعني الدكتور البوطي ألّف عديد من كتبه [مثل] كتاب مشهور يسمى "السلفية مرحلة زمنية مباركة وليست مذهبًا إسلاميًا" وألّف أيضًا كتاب "كبرى اليقينيات الكونية" و"من أجل الحضارة الإنسانية" و"تعليقات على كتاب المُنقِذ من الضلال"، بينما ألّف الدكتور وهبة الزحيلي الكتاب الجامع في التفسير ويسمّى "التفسير المنير" وكتاب "الفقه الإسلامي وأصوله" وهو أصبح مرجعًا لجميع طلاب الشريعة ليس في سورية فقط بل في سورية وعمّان والإمارات وقطر وحتى في السعودية وكان المرجع الأساسي لطلاب كلية الشريعة في كراتشي وباكستان والبنجاب لأنه جمع جميع أقوال المذاهب وجميع نقولاتها وترجيحاتها وأدلّتها في موسوعة عصرية واحدة مكتوبة بلغة منهجية، بينما اشتُهر الدكتور نور الدين عتر بعلم الحديث. من الأحداث التي يمكن أن نسمّيها في هذه المرحلة يعني حاولت مدرسة أبو النور أو مجمع أبو النور الإسلامي التقارب من كلية شريعة وعقدت بعض المؤتمرات العلمية التي حضرها أساتذة من كلية الشريعة وأساتذة من مجمع أبو النور الإسلامي. في عهدي على كلية الشريعة يعني بدأ أمثال الدكتور عماد الدين رشيد والدكتور حسان قاري وبعض الأساتذة النشاط في مدينة دمشق وخارج مدينة دمشق والأرياف عن طريق طلابهم، يعني هؤلاء الطلاب عندما يذهبون إلى قراهم بالصيف كانوا ينسّقون بعض الأنشطة، وأنا هنا تقريبًا تركت كلية الشريعة والتزمت في وظيفة في شركة صناعية مراقبًا لخطوط الإنتاج نتيجة الظروف المالية يعني الحاجة للمصروف الجامعي، لكن في هذه السنة الأخيرة بدأ الدكتور عماد الدين رشيد يعني ينشط في الأرياف أذكر أنه ذهب إلى قرية جرجناز قريتي وأعطى هناك بعض المحاضرات عن دور الشباب في صناعة النهضة والتغيير، هذا النشاط ومقاومة المدّ الشيعي وأيضًا شاركوا في دراسة عن المدّ الشيعي في سورية لأحد المجلّات الأوروبية أظنّ أنها اسمها مجلة الراصد فعندما شاركوا في هذا البحث يبدو أن المخابرات السورية قامت بتوقيفهم، وفعلًا تم توقيف سبعة أساتذة أظنّ أنهم خمسة دكاترة وأختان من الدكاترة -لا أذكر الأسماء- خرج أمر بتوقيفهم عن الدوام من الشؤون الإدارية وأعتقد أنه تمّ اعتقال الدكتور عماد الدين رشيد لمدة أسبوع في ذلك الوقت، ثم تدخّل الدكتور وهبة الزحيلي، والدكتور وهبة الزحيلي معروف أنه كان ضد المدّ الشيعي بالمُطلق يعني حتى إنه حضر مؤتمرًا في قطر برعاية كلية الشريعة في قطر الدكتورة عائشة المنّاعي وحضر علي التسخيري وحضر محمد علي الصابوني وكبار رجال السنّة والشيعة حضروا في ذلك المؤتمر فعبّر أحمد حسون ( واضح أنه يقصد وهبة الزحيلي- المحرر) بكل صراحة عن غضبه من المدّ الشيعي في سورية وقال إنه في مدينة تل أبيض والرقة يتمّ شراء الذمم وبالمساعدات الإغاثية لتشييع الناس وهناك قرى في دير الزور والرقة وفعلًا هذه القرى يعني بدأ بعضها يتشيّع، و[في الرقة] ضريح عمار بن ياسر ومن هذا القبيل، حتى إن أحمد [بدر الدين] حسون حينها اعترض على كلام وهبة الزحيلي في المؤتمر، طبعًا أحمد حسون معروف أنه من كبار داعمي المدّ الشيعي في سورية وخطب على منابر مساجد حلب منتقدًا دور الأمويين ومعاوية بن أبي سفيان ومهللًا ومُرحّبًا بالمدّ الشيعي في المنطقة، فكان هناك صراع خفيّ بين السياسيين مثل أحمد الحسون ونوعًا ما دائرة الإفتاء التي تعتمد المجاملات مع الشيعة وليس مساعدتهم في المد، وبين تيار رافض للمدّ الشيعي حتى الدكتور البوطي كان من الرافضين للمد الشيعي لكن الدكتور وهبة الزحيلي كان أصرح في ذلك. هل هناك مواد في كلية الشريعة ومنهاجها مخصصة لمحاربة المد الشيعي؟ لم يكن ذلك فدراسة الشيعة موجودة فقط في كتاب العقيدة والفكر المعاصر حوالي 15 إلى 20 صفحة: من هم الشيعة؟ وكيف نشؤوا؟ وما هي كتبهم؟ وما هي مدارسهم؟ فقط، فليس هناك محور أساسي في منهاج كلية الشريعة للرد على الفكر والمدّ الشيعي في سورية، طبعًا كانت وزارة التعليم والتربية في النظام السوري في سورية سابقًا لم تكن تعترف بأي شهادة شرعية إلا بشهادة كلية الشريعة فمثلًا الذي يدرس في الشعبانية أو الخسرويّة أو معهد الإمام النووي في معرة النعمان أو التكية في حماة أو حتى مدرسة مجمع أبو النور فيحتاج أن يذهب إلى الأزهر فإذا درس في جامعة الأزهر لأنه شهادة هذه المعاهد لم تكن مقبولة في كلية الشريعة إلا أن تكون ثانوية شرعية يعني إذا كانت ثانوية الشرعية وهي مكافئة للفرع أدبي علمي شرعي هذا يدخل كلية شريعة أما إذا كانت الثانوية ليست مسجّلة في سلك وزارة التربية السورية فيحتاج طالب الشريعة أن يذهب إلى مصر ليدرس في جامعة الأزهر وفي السنة الرابعة يقدّم ما يسمّى بالبكالوريا الأزهرية، البكالوريا الأزهرية شهادة معادلة مع الشهادة السورية حتى يحق له التقديم على المفاضلات التي يتقدّم إليها طالب كلية الشريعة، الحقيقة بسبب أن أعداد طلاب هذه المعاهد كبير يعني في حوران كان هناك معهد وفي دمشق عدة معاهد [مثل] الزهراء، والتهذيب والتعليم، ومعاهد أبو النور، وفي حمص معهد خالد بن الوليد وفي حماة معهد التكية وفي معرة النعمان معهد الإمام النووي، وهذه المعاهد أنتجت أعدادًا كبيرة، ورفِض تعديل شهادتهم وقبولهم في كلية الشريعة أو في جامعات الفرع الأدبي هو أحد أسباب نقمة العاملين في الحقل الديني على النظام السوري لذلك بعد الربيع العربي نتفاجأ أن النظام السوري قام بمعادلة شهادة مجمع أبو النور ومجمع الفتح الإسلامي ومعهد التهذيب والتعليم وبعض المعاهد الشرعية في سورية كإجراءات لامتصاص الغضب في بداية الربيع العربي، وهذا دليل على أنه كان هناك نقمة عند الدارسين للعلوم الشرعية على عدم تعديل شهاداتهم.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2023/08/20
الموضوع الرئیس
المشروع الإيراني ونشر المذهب الشيعيكود الشهادة
SMI/OH/215-03/
أجرى المقابلة
إدريس النايف
مكان المقابلة
اعزاز
التصنيف
مدني
المجال الزمني
1994/01/01
updatedAt
2024/04/26
المنطقة الجغرافية
محافظة إدلب-جرجنازعموم سورية-عموم سوريةشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
جامعة دمشق