الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

الحراك الكردي قبل الثورة، وإفشال محاولات التوافق

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:59:20

بالنسبة للمواقف الغربية بعد الانتفاضة [الكردية] (في 12 آذار/ مارس 2004– المحرر)، وأتصور ليس بعد الانتفاضة فقط، وإنما بعد الدخول الأمريكي إلى العراق وإسقاط نظام صدام حسين (في 9 نيسان/ أبريل 2003 – المحرر)، وكان واضحًا التعاون الذي حدث بين النظام السوري نظام بشار الأسد وبين النظام الإيراني في سبيل زعزعة الاستقرار في العراق. فالطرفان هناك طرف اعتمد على قواعد حزب البعث وبعض الجماعات المتطرفة الجهادية السنية إذا صحَّ التعبير، وبالنسبة للجانب الإيراني فقد ركّز على القوى التي تحولت فيما بعد إلى ميليشيات، والآن هي جزء من الحشد الشعبي [العراقي]، وطبعًا الأمريكان كانوا مستوعبين هذه المسألة، والمواقف الغربية بشكل عام كانت تراقب الوضع، ولكن لم يكن هناك شيء يلوح في الأفق يشير إلى أنه سيكون هناك تغير نوعي بالنسبة للمواقف الدولية.

عندما حصلت انتفاضة القامشلي في آذار/ مارس 2004 حصل حينها اهتمام خاص بالنسبة للموضوع الكردي، فسابقًا لم يكونوا يعطون أهمية للموضوع الكردي في سورية، وذلك من قبل الجميع، سواءٌ من قبل المعارضة السورية أو من قبل الأطراف الكردستانية، خاصةً في كردستان العراق وفي تركيا وغيرها، وحتى من جانب الدول الأوروبية، فتشعر أنَّ المسألة غير مؤثرة. ولكن الذي حصل بعد انتفاضة القامشلي، والحجم الذي ظهرت به، والتجاوب الذي امتدّ من عفرين إلى القامشلي وإلى حلب وإلى دمشق، أي كل الأماكن التي كان الأكراد يتواجدون فيها، وكذلك في أوروبا وفي معظم دول العالم أو الدول الأوروبية، وحتى في أمريكا وغيرها، حيث بدأت المظاهرات والاحتجاجات أمام السفارات السورية، وتلك الظاهرة لم تكن معروفة، فبالنسبة للمعارضة السورية لم تكن قادرة على أن تحشد أشخاصًا كهؤلاء أو تنظم؛ لأن صفوفها أو أوضاعها كانت أوضاعًا خاصة، والشخص يقدّرها.

والآن في الوقت الحالي وفي الكثير من المرات كان هناك لوم على أنَّ المعارضة لم تتجاوب مع الانتفاضة الكردية، ولم يقفوا بجانبنا، وأنا ناقشت هذا الموضوع كثيرًا مع القيادات الكردية بأنَّ الشخص يجب أن يفهم الوضع، فإذا كنت أريد أن أفهم شخصًا معينًا أو جهة معينة يجب أن أضع نفسي في مكانه، وأرى ما هو وضعه وما هو وجعه، فما كان ليتأثر لو كان في هذا الموقع. ولكن مع ذلك هناك بعض النخب لو كان لها أصوات ومواقف واضحة لكانت أثرت في ذلك الوقت، وكنا استفدنا منها في إطار الثورة السورية؛ لأن الحجة أو العذر الذي كانت بعض الأطراف الكردية تقدمه، والتي كانت في الأصل لا تريد أن تتحول إلى جزء من الثورة السورية، هي أنَّنا أيام انتفاضة القامشلي كنا وحدنا، ولم يقف أحد إلى جانبنا، هذه مسألة أخرى. 

 

وفي البداية لم يكن هناك هذا التواصل المطلوب، والتفاعل بين الحركة الكردية وبين المعارضة السورية كان ضعيفًا جدًا، وبعد ذلك بدأ يتطور تدريجيًا، فالوفد (وفد المعارضة السورية – المحرر) الذي توجه إلى القامشلي وقام بلقاءات، وحتى إنه التقى مع بخيتان [إثر انتفاضة القامشلي] (محمد سعيد بخيتان مدير مكتب الأمن القومي في القيادة القطرية لحزب البعث – المحرر) -أنا على اطلاع على هذه المسألة- أثّر كثيرًا، ولكنني أتصور أنَّ المطلوب كان أكثر من ذلك. وموقف رياض الترك، خاصةً حين خرج إلى أوروبا، لم يحاول أن يستوعب إلى أي درجة القضية الكردية هي مهمة بالنسبة للقضية الوطنية السورية، وإلى أي درجة الاضطهاد المفروض على الأكراد في سورية كان يؤذي الأكراد ويدفعهم باتجاه الاحتجاجات، أو بمعنى القيام بنوع من الانتفاضة بطريقة من الطرق.

 

بخصوص المواقف الغربية صار هناك اهتمام، وأذكر أنه في ذلك الوقت حصلت دعوة وشاركت بها بنفسي في وزارة الخارجية البريطانية، وكانوا يريدون أن يسمعوا عن وضع المعارضة السورية، وعن الوضع في لبنان حتى بالنسبة لحزب الله وبالنسبة للموقف الكردي في سورية وتطورات القضية هناك، ومعنى ذلك أنه كان هناك اهتمام. وفي الدانمارك أتصور كانت هناك ندوة دُعينا إليها في البرلمان الدنماركي، وكذلك في البرلمان النرويجي مثلًا، وشاركت في كليهما. وهنا في فرنسا مثلًا حدث لقاء في الجمعية الوطنية الفرنسية، وحصلت تواصلات أيضًا، فكنا نشعر أنه صار هناك اهتمام بالموضوع الكردي، وأنَّه صار هناك انتباه بأن هناك قضية، ومعنى ذلك أن لها تأثيرًا ولها امتداداتها، والأمور تطورت إلى ما بعد الفترة التي حصل فيها اغتيال [رفيق] الحريري في لبنان (اغتيل رفيق الحريري في 14 شباط/ فبراير 2005 – المحرر). طبعًا مع اغتيال الحريري الأوضاع أخذت منحى آخر، وصارت المسألة واضحة أنَّ النظام السوري لا يريد أن يكون هناك رمز وطني سنّي يتم التوافق عليه في لبنان؛ لأنَّه كان يخطط لمسألة أخرى، وسياسة التخلص من الرموز كانت سياسة عامة لدى النظام، وحتى في الوسط الكردي إذا بحثنا في اغتيال معشوق الخزنوي مثلًا.

ومعشوق الخزنوي نفسه كان في زيارة إلى أوروبا، وجاء إلى ألمانيا، وجاء إلى السويد، والتقينا معًا في السويد، وتناقشنا في الأوضاع، وحتى إننا شاركنا في بعض النشاطات معًا. بالنسبة للشيخ معشوق الخزنوي، فإنه من عائلة الخزنوي المعروفة، وهم لهم طريقة صوفية نقشبندية، ولهم تأثير ليس بين الأكراد فقط وإنما بين العرب أيضًا، ولهم امتدادات حتى في تركيا، بمعنى أن لهم تأثيرًا محددًا.

 واستطاع النظام لفترة أن يحيّد هذه العائلة وهذه الأسرة، وكان تحييدها مثلًا: في أحداث الثمانينيات حيث لم يتخذوا أي موقف، وأذكر أن والد الشيخ معشوق الخزنوي -رحمه الله- وهو الشيخ عز الدين الخزنوي جاء إلى عامودا، وقام بزيارات لكل المناطق، وفي عامودا أذكر كلمته في الجامع الكبير، وكان ذلك في فترة الثمانينيات [حيث قال]: "نحن أهل دين وطريقة، وليس لنا علاقة بالسياسة ولا نتدخل بهذه المواقف"، وطبعًا هذا الموقف كان لصالح النظام بطريقة من الطرق. 

 

 الشيخ معشوق حتى في البدايات عندما كان في المنطقة، هو بطريقة ما تمرد على العائلة، تمرد عليها حتى في خُطَبه، فاستخدم لغة جديدة وتوجهات جديدة، وذلك قبل الانتفاضة الكردية في القامشلي، إلى درجة أنَّ المثقفين الأكراد والأطباء والمهندسين وغيرهم، حتى ممن لم يكن يصلي منهم كان يتوجه إلى الجامع الذي يخطب فيه الشيخ معشوق في يوم الجمعة ليستمعوا لآرائه، وكانت ملامح خطابه بأنَّ هناك ظلمًا ويجب علينا أن نواجه هذا الظلم، وألا نقبل بهذا الظلم. وطبعًا في الوقت ذاته كان لديه نَفَس، وهنا تناقشنا أيضًا على الصعيد الوطني، أنَّه لا بد من أن يكون هناك تواصل، وفي البيئة الكردية أكثر شيء كان يأخذ الطابع القومي الكردي غير الانعزالي، والاتجاه -إذا أصح التعبير- التواصلي مع بقية شرائح المجتمع السوري. وحتى إنه كانت له صلات مع المسيحيين، وكانت علاقاته جيدة، وليست فقط في الوسط المسلم، وأذكر أنه حين جاء إلى السويد وزارنا في أوبسالا، قمنا معًا بزيارة الكنيسة السويدية الأساسية "دومشيركا" وهي المقر الأساسي للكنيسة؛ لأن الكنيسة الرئيسية في السويد مقرها أوبسالا وليس استوكهولم، وحتى إنه أشعل شمعة هناك، وتوجد صور توثق هذه المسألة، وتلك بالنسبة لرجل دين بمقامه، وخاصة في الوسط السوري أو الكردي، كانت ظاهرة غير مألوفة. 

 

   ****  [كان ذلك] في العام 2004، أي أنه جاء بعد الانتفاضة وفي الصيف، ولكنني لا أذكر التاريخ بالضبط. طبعًا حينها في أوروبا، وفي أول الأمر لم يكن لدينا علم، ولكن بعد ذلك اطلعنا على الموضوع، على ما يبدو أنه التقى مع قيادة الإخوان المسلمين، وحدث لقاء بينهم، وأتصور أن اللقاء قد حصل في بلجيكا، طبعًا لم يكن لدي أي خبر بالنسبة للقاء، ولكنني علمت أن اللقاء قد حصل، وبعد ذلك سمعت من الأستاذ علي صدر الدين البيانوني كيف حصل اللقاء بينهم، وعلى أثر عودته إلى سورية اختُطف (اختُطف واغتيل الشيخ معشوق الخزنوي في دمشق في 10 أيار/ مايو 2005 – المحرر).

بالنسبة للدول حين تهتم بـالشيخ معشوق الخزنوي، فإن ذلك أولًا لأنه شخصية دينية اعتبارية لها وزنها، وليس ذلك على صعيد الساحة الكردية فقط، وإنما أيضًا في الساحة السورية العامة، وحتى إن له علاقات عربية في الوسط العربي وفي تركيا وفي أوروبا، وعندما ذهب إليها حدثت أيضًا لقاءات. والشباب الكردي بشكل عام أذكر أنهم، وحتى بالنسبة للمثقفين وقسم من الذين كانوا محسوبين على اليسار، فإن نتيجة ترهل الأحزاب الكردية وضعفها وخطابها غير الواضح، فإنهم لذلك كانوا يعولون كثيرًا على الشيخ معشوق الخزنوي إلى درجة أن بعض الأحزاب صارت تتخذ بعض المواقف ضده؛ لأنها كانت ترى فيه تهديدًا، بمعنى أنَّه سيتقدم على حساب شعبيتها وجماهيريتها.

 

 وطبعًا في موضوع الانتفاضة (انتفاضة القامشلي – المحرر)، هو ساندها بكل قوة إلى درجة أنَّ خطاباته كانت خطابات نارية، وأذكر بعد استشهاد فرهاد وهو أحد الضحايا في الانتفاضة حيث عذبوه وقُتل (فرهاد محمد قُتل تحت التعذيب في 8 نيسان/ أبريل 2004 – المحرر)، وحينها ألقى [الخزنوي] خطابًا قال فيه "إننا كلنا مسؤولون عن قتله بسكوتنا وتقاعسنا" (أُلقي الخطاب في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد فرهاد محمد – المحرر). طبعًا هذا الخطاب التحريضي لم يكن يتسامح معه النظام، ولا يقبله بأي شكل من الأشكال، وحينها كانت الساحة السورية راكدة، ولم تكن بتلك الحيوية التي نراها الآن، فالآن ربما نسمع هذه الخطابات، ولكن في عامَي 2004 و2005 لم تكن هذه المسألة موجودة. 

 نظرة [الخزنوي] للنظام أتصوَّر أنها في فترة من الفترات (...)، هو كان يعمل مع محمد حبش في لجنة، لا أعرف اسم الجمعية أو المؤسسة التي كانا فيها، ربما كانت "الوقف السني" أو شيء من هذا القبيل، وهذه النقطة بالنسبة للشيخ معشوق كانت نقطة ضعف؛ فهذه في نهاية المطاف جمعية أو لجنة لها علاقة مع النظام مباشرة أو غير مباشرة. ولكن بتصوري الشيخ معشوق في خطاباته التي كنت أتابعها ومن خلال حديثي معه حين جاء إلى السويد، كان متجاوزًا هذه المسألة لدرجة أن موقفه كان موقفًا متشددًا، و [كان يقول:] "إنَّنا لن نقبل بهذا الظلم". طبعًا حينها لغة "إسقاط النظام" لم تكن واردة، ولم تكن أي جهة من الجهات تطرح ذلك، وخاصة كرديًا؛ لأن الأحزاب الكردية بشكل عام والقوى الكردية أسميها "أحزابًا مطلبية"، فقد كانت تطالب ببعض الحقوق الكردية ورفع الظلم، أما مسألة تغيير الحكم وإسقاط النظام فهذه المسألة لم تكن لتدخل ضمن برامجها لأنها أكبر من طاقتها بكثير. والقوى الثانية لم تكن (...)، لكن الإخوان [المسلمين] كان لهم موقف من النظام، ولكن حتى الإخوان في فترات لاحقة لم يصلوا إلى درجة إسقاط النظام، وحدثت مفاوضات بينهم وبين النظام في فترة من الفترات (صادق مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين في سورية على قرار قيادته بتعليق الأنشطة المعارضة في آب/ أغسطس 2009 – المحرر).  

 

 طبعًا بعد اغتياله - وكنا حينها كما ذكرنا قد أنشأنا مجلس الكرد السوريين في السويد (تأسس المجلس في العام 2004 – المحرر) - بعد اغتياله أصبح هناك اختلاف وتباين بين الأحزاب الكردية؛ فقسم اصطفّ مع قضية الشيخ معشوق وحاول دعمها، وقسم آخر قال إنه ليس لهم علاقة (المقصود أن النظام ليس له علاقة بالاغتيال – المحرر)، وعلى ما يبدو كانوا خائفين من النظام وهذا واضح، وبالتالي أخذوا مواقف متباينة. وضمن هذا الإطار، كانت لدينا إرهاصات ربيع دمشق وإعلان دمشق، وأي حزب سيذهب مع من سيكون؟ وماذا ستكون المطالب؟

وحينها تقدمنا بمبادرة، أتصوَّر أن ذلك كان في العام 2005، كمجلس للكرد السوريين في السويد، والمبادرة كانت سرية ولم نعلن عنها بشكل علني، ولكننا تواصلنا مع كافة الأحزاب الكردية الموجودة في سورية، وكانت لي علاقات مع الجميع، وبين فترة وأخرى كنت أتواصل معهم ولو أنني كنت خارج الإطار الحزبي، ولكنني أعرفهم واحدًا واحدًا. تواصلنا معهم، وتواصلنا مع السويديين على أساس أنّنا باسم مجلس الكرد السوريين نريد أن نعقد لقاءً بين القيادات الكردية التي تملك الصلاحيات، أو تكون من أصحاب القرار مباشرة، والغاية الأساسية أننا نريد أن نتوافق على المطالب الكردية في سورية؛ لأن توقعاتي كانت حينها، وكنت أقول ذلك دائمًا في الندوات وفي لقاءاتنا، إنَّ التغيير قادم في سورية عاجلًا أم آجلًا؛ لذلك علينا أن نكون مستعدين، وذلك اختصارًا للوقت والجهد، وحتى نكون جزءًا من هذا التغيير. 

 

 حصلنا على الموافقات، وحضّرنا كل شيء، ولكن على ما يبدو أنَّه في نهاية المطاف هناك بعض الأشخاص الذين عرقلوا ذلك، وهذا كان تفسيري، فالنظام لا يريد أن يعلن صراحةً بأنَّه "ضد" لأننا لم نسأله عن رأيه أصلًا، ولكنه من خلال بعض عناصره وبعض المواقف والقيادات أفشل اللقاء علمًا أنَّنا كنا قد قطعنا شوطًا كبيرًا في هذا الاتجاه. والذي عزز تلك القناعة لدي بأنَّ المسألة كانت مع النظام، أننا منذ بداية الثورة السورية، حتى لو تجاوزنا الإطار الزمني قليلًا، ونحن نتابع الموقف، ومع بداية المظاهرات شعرنا بأنَّ هناك قلقًا وعدم انسجام في الموقف الكردي، وأن الأحزاب كردية كل حزب في اتجاه. وكانت لدينا معلومات بأن النظام سيعتمد على حزب العمال الكردستاني مجددًا بعد أن أخرجه من الساحة السورية، أو بمعنى آخر بعد أن وضع له حدودًا بعد اتفاقية أضنة التي كانت مع تركيا عام 1999، وذلك بعد إخراج أوجلان من سورية. فحزب العمال الذي أسس حينها حزب الاتحاد الديمقراطي كواجهة سورية لعمله، لم يكن له ذلك الوجود القوي في سورية بعد أن تخلَّى عنه النظام، ولكن معلوماتنا في بداية الثورة [تقول] إن النظام سيعتمد على هذا الحزب ويدخله مرة أخرى ليسيطر على الساحة الكردية في سورية. 

 استباقًا لهذا الموقف من جهتي، حيث كنت حينها رئيس مجلس الكرد السوريين، تقدمت بمبادرة، والمبادرة كانت على الشكل التالي: إنَّنا نرى أنَّ الموقف الكردي في الداخل صعب، ولو أنه كان لي تواصل مع الجميع، حتى مع المرحوم عبد الحميد درويش ومع عبد الحكيم بشار ومعهم كلهم، وحزبنا اليساري الذي تحدثت عنه وكنت عضوًا فيه كان قد تحول إلى حزب آخر اسمه حزب آزادي، وآزادي بعد ذلك انقسم إلى قسمين. تواصلت مع الجميع، مع الأحزاب الكبيرة والصغيرة، بشكل يوضح أنَّ التغيير القادم هو تغيير عام، ولا يخصّ الأكراد، والأكراد هم أكثر من تضرروا من هذا النظام؛ لذلك وبطبيعة الحال يجب أن نكون جزءًا من هذه الثورة، ولكن في المناطق الكردية علينا أن نكون حريصين، فالعبء لن يكون على عاتق الأكراد؛ لأنَّ النظام سيستخدم حينها التهم، وسيكون عنيفًا، لذلك يجب أن تكون الانتفاضة أو المظاهرات بالتفاعل مع العرب ومع السريان ومع الجميع، وهذا الذي حصل. 

 لقد حاولنا من خلال الأحزاب الكردية، واكتشفنا أنَّ موقفها متردد في البدايات، حيث بقوا لفترة طويلة [يصرّحون] أنَّ النظام استبدادي والمعارضة شوفينية، وهكذا كانت الطروحات والتصريحات والكتابات للكثيرين، وإذا عدنا إلى "النت" فإننا سنعرف ذلك. وأول بيان رسمي كردي داعم للثورة السورية بشكل واضح كان بيان مجلس الكرد السوريين في السويد (صدر البيان في 15 نيسان/ أبريل 2011 – المحرر)، وهذا معروف أيضًا، وشاركنا حينها في المظاهرات، فالجالية السورية كانت تنظم بعض المظاهرات، ونحن ذهبنا إلى هناك وشاركنا، وفي أحد الأيام نحن نظمنا مظاهرة، ودعونا الكرد باسم مجلس الكرد السوريين إلى مظاهرة لدعم الثورة السورية.

وبعد ذلك خرجتُ بهذه المبادرة، وفيها قلنا إننا غير قادرين على توحيد مواقف الأحزاب الكردية في الداخل، وكان ذلك صعبًا على ما يبدو، فلديهم حساباتهم وهم خائفون من النظام، لذلك نحن نريد أن نعقد لقاءً للكرد السوريين الموجودين خارج سورية. وكانت لدي اتصالات، وكنا نقوم ببعض الندوات، فقلنا: سنجمعهم من أستراليا لأمريكا للخليج وفي كل مكان في الدول الأوربية، وهدفنا أن نتوافق على المطالب، فنحن نريد أن ننضم للثورة السورية، ولكن ما هي المطالب الكردية حتى تكون الأمور واضحة وحتى لا نضيع الجهد؟ وطبعًا حدث اللقاء، واجتمعنا، وشكلنا لجنة تحضيرية في السويد، وشكلناها من مجلس الكرد السوريين ومن ثلاثة أحزاب كردية، شاركت على أساس أن لها ممثلين من بينهم كان كاميران حاجو وسعد الدين ملا وشخص آخر كان موجودًا، وكذلك بعض المستقلين الذين أحضرناهم، وكان هناك حينها عضو في البرلمان السويدي وهو اسماعيل كامل، حيث أحضرناه كشخصية اعتبارية، وهناك عمر شيخ موس وكان أكاديميًا معروفًا وله علاقات وهو من مؤسسي الاتحاد الوطني الكردستاني ولو كان سوريًا، وكان موجودًا في اللجنة التحضيرية، وكذلك بعض المستقلين من ممثلي التنسيقيات والشباب.

ولكن مع الأسف أفشلوا اللجنة التحضيرية، أفشلتها بعض الأحزاب الكردية التي كانت تحت تأثير حزب العمال الكردستاني، بحجة "إننا لم نكن جميعنا ممثَّلين"، وأحضروا بعض المحسوبين على حزب العمال الكردستاني في الاجتماع الثاني الذي لم أحضره، وعند ذلك فهمت أنَّ النظام له تأثير على بعض الأحزاب الكردية، ويريد أن يُفشل أي توافق كردي مساند للثورة السورية. 

 

 بعد هذا الموقف تحدثت معهم بصراحة، [وقلت:] "إننا نريد أن نتفاعل مع الثورة السورية بشكل جماعي، ولكن طالما أن هذا هو توجهكم فإن كل طرف عليه أن يتفق أو يتوافق على الموقف الذي يراه صحيحًا". وأذكر أنه حينها حدث لقاء للشباب الكرد السوريين في السويد، فهناك مجموعة من الشباب قاموا بمبادرة من أوروبا ومن الذين كانوا متواجدين، ونظّموا لقاءً في البرلمان السويدي. وحينها دُعيت لإلقاء كلمة أمام الاجتماع، طبعًا لم أكن من المبادرين له، فالشباب هم أنفسهم الذين نظموه، ولكنهم دعوني على أساس أن ألقي كلمة، وفي كلمتي تحدثت بصراحة، وهذا الكلام الذي كنت أقوله منذ تقريبًا آب/ أغسطس 2011، وقلت: "إن الثورة السورية قادمة وستستمر، ولكن من الواضح أنَّ الموقف الكردي غير موحد تجاه هذه الثورة، وهذا شيء طبيعي، فأنا أتصور أن الكتل الموجودة وكل المكونات السورية لم يكن موقفها موحدًا، فالسنّة لم يكن موقفهم موحدًا، وبالنسبة للعلويين كذلك لم يكن موقفهم موحدًا، وكذلك المسيحيون والدروز، بمعنى أن هناك أشخاصًا مع النظام وهناك أشخاص ضد النظام، وهناك أشخاص بين بين. ولكن أملي - وهكذا قلت لهم - بأن تباين المواقف لا يؤدي إلى حرب داخلية كردية كردية. بمعنى أن نفهم في نهاية المطاف أنَّ مواقفنا غير موحدة، وعلينا أن نحترم بعضنا، أو على الأقل أن نتعايش مع بعضنا؛ لأنَّنا مختلفون بالنسبة لهذا لموضوع". وهذا بالنسبة للبدايات.  

 

الإطار العام [للمطالب الكردية] كان على أساس أنَّ القضية الكردية هي جزء من القضية الوطنية السورية العامة، وكان يعتمد أيضًا على فكرة الاعتراف الدستوري بالوجود الكردي في سورية إلى جانب الحقوق المتعارف عليها، وهي الحقوق الإدارية والثقافية والاجتماعية، بمعنى إيقاف العمل بمشاريع التمييز العنصري: مثل مشروع الحزام ومشروع الإحصاء ومشروع التعريب، وفتح المجال مثلًا في البعثات الدراسية الداخلية والخارجية أمام الطلبة الكرد؛ لأنهم كانوا محرومين منها، وكذلك فتح كليات الشرطة والجيش أمام الشباب الكرد، وكل تلك المسائل التي كانت مستبعدة، وأيضًا الاهتمام بالمناطق الكردية وتنميتها؛ لأنها مناطق مهملة ومهمشة إلى أبعد الحدود، ليس هذا فقط، بل هي مناطق مخصصة للنهب من قبل الأمنيين والمسؤولين المعنيين، دون أية محاسبة. كان ذلك هو الإطار العام تقريبًا.

ولكن الذي حدث أنَّنا كنا قد عقدنا اجتماعًا وتقدّمنا بهذه الوثيقة، ولكن هناك قسم، وخاصةً من الذين كانوا في الأصل لا يريدون أن نصل إلى شيء من هذا القبيل أو إلى نوع من التوافق مع المعارضة السورية، تحججوا [قائلين:] "إن هذه الوثيقة تحاولون أن تفرضوها علينا، بينما نحن نريد أن نعقد اجتماعًا، وبعد ذلك نتناول تلك المسائل". وبعد ذلك أفشلوا اللقاء، وحصل لقاء آخر كما تحدثت، ولكنني لم أحضر الاجتماع، أظن في ذلك الوقت كان لدي موعد، وفي الوقت ذاته كان لدي انطباع بأنَّنا لن نصل إلى شيء، وأن الذي يُفشل جهود التفاهم والتوافق ضمن الصف الكردي في الداخل السوري سيُفشلها في الخارج؛ لأنَّه يعرف أنَّ هناك تأثيرًا لهذه الخطوة. وفعلاً تمكنوا من إفشال هذه المسألة. 

 

في ذلك الوقت كنا نطرح هذا الموضوع (موضوع اللامركزية الإدارية – المحرر) ضمن إطار الحقوق الإدارية، ولكننا لم نكن نريد أن نحدد هذا الموضوع؛ لأنَّنا سنتناقش وبعد ذلك نتوافق، هذه هي الفكرة. وفكرة الفيدرالية لم تكن مطروحة، هي طُرحت قبل الثورة، وأتصور أن اللامركزية الإدارية أو اللامركزية الموسعة هي أكثر شيء يمكن التفكير به. ولكن بعد ذلك عندما جاءت فكرة الفيدرالية، وبعض الأشخاص طرحوا موضوع حق تقرير المصير، كان هذا بتقديرنا نوعًا من رفع السقف، فالبعض منهم، وأنا تكلمت معهم بصراحة، وحتى إننا تكلمنا في كردستان العراق في أول لقاء بيننا وبين الرئيس مسعود البرزاني حيث كان وفد المجلس الوطني السوري برئاسة الدكتور برهان غليون (كانت زيارة الوفد في كانون الثاني/ يناير 2012 – المحرر)، وحينها قلت إنَّ بعض الأحزاب الكردية عندنا تحاول تطبيق تجربة كردستان العراق بصورة أوتوماتيكية في الواقع السوري، وهي غير معقولة، سواءٌ من جهة المساحة الجغرافية أو الحجم البشري أو التنظيمات السياسية وأهمية القضية. وهو وافق، بمعنى حتى الرئيس مسعود قال: "أوافقك، وهذه الطريقة الميكانيكية في تطبيق النسخة العراقية في سورية غير معقولة". ولكن هناك الكثيرين بنوا على هذه المسألة في سبيل أن يُفشلوا أي لقاء كردي سوري ضمن إطار مشروع سياسي، وحزب العمال [الكردستاني] حين جاء كان أيضًا يركز على هذه المسألة، ويقول: "نحن قادمون من أجل الخصوصية الكردية، ونريد أن نحافظ على الخصوصية الكردية وعلى مناطقنا"، وكانت هناك شعارات يرفعها في البداية، ولكنه بعد ذلك غيّر (...)، فهو قادم بمهمة وظيفية محددة، وكان واضحًا منذ البداية. 

 

[عودة للحديث عن إعلان دمشق]، إعلان دمشق بالنسبة لي كان خطوة متقدمة كثيرًا، وحتى في اتصالاتي، فأنا لم أكن في موقع تنظيمي سياسي، ولكن لي علاقات مع الجميع ونتواصل، كنت أشجع على هذا الاتجاه من خلال لقاءاتي مع القيادات الكردية. 

 بالنسبة للإخوان [المسلمين]، أول لقاء حدث بيني وبين الإخوان، وكانت هناك أحزاب كردية موجودة أيضًا، كان ذلك في لندن عام 2004، أظن بعد الانتفاضة (انتفاضة القامشلي – المحرر)، وحينها لم يكن الإخوان فقط، وإنما كان هناك سوريون من بينهم بعض البعثيين المعارضين للنظام، وكان هناك هيثم مناع، وكانت هناك بعض الشخصيات، لم أعد أذكر التفاصيل. حدث اللقاء، ولكن هناك لقاء خاص حدث بيني وبين علي صدر الدين البيانوني، وكان لقاءً وديًا، وكان في ذهني حتى من موقعي كباحث ومهتم بالشأن السوري أن أطرح عليه بعض الأسئلة بخصوص حماة وحلب، وماذا حدث، وكذلك بخصوص التفاوض بينهم وبين النظام، وأظن أن الرجل أجاب على أسئلتي بصدق.

وبالنسبة لعلي صدر الدين البيانوني رأيت أنه حريص على الموضوع السوري بشكل عام، والموضوع الوطني، وشخصيته كانت كاريزماتية، فأظن أنه أثّر، ومن هنا يأتي كيف كان استعدادهم للتعامل مع إعلان دمشق. طبعًا هم كانوا قد قاموا بمراجعات في تلك الفترة (أعلن الإخوان المسلمون في الخارج "ميثاق شرف وطني للعمل السياسي" في أيار 2001، يتمسكون فيه بالحوار والعمل الديمقراطي ويؤكدون على نبذ العنف - المحرر)، وضمنًا المسألة الكردية كانوا مهتمين بها، وهذا حقق نوعًا من الانفتاح. ولكن كرديًا كان هناك تحفظ من ناحية الأحزاب الكردية، إلى درجة أنهم حين تحدثوا قائلين: "إنَّنا سنُخرج بيانًا باللقاء، وأنَّه حصل هذا اللقاء بين الإخوان المسلمين والأحزاب الكردية"، سألوني: "ما رأيك بالنسبة للبيان؟"، وأذكر أن علي صدر الدين البيانوني أعطاني البيان حينها، وقال: "ما رأيك به؟"، قرأت البيان، وفي الكلمة الأولى كان قد كتب: "يا أبناء الشعب العربي السوري"، فأعدت له البيان، وقلت له: "هذا البيان لا يعنيني"، قال: لماذا؟ قلت له: "لقد كتبت: يا أبناء الشعب العربي السوري، اكتب يا أبناء الشعب السوري، فالمصطلح حينها يشملنا كلنا، أو أن تكتب: يا أبناء الشعب السوري المسلم، وعندها أيضًا سأوافق، ولكن المسيحي سيأخذ على خاطره. برأيي، وفي المنطق يوجد لدينا مصطلحان هما الماصدق والتضمن، وكلما قللنا دائرة التضمن والخصوصيات تتسع دائرة الماصدق، فإذا قلنا: الشعب السوري، فهذا المصطلح ينطبق على كل السوريين، وأما إذا قلنا: الشعب العربي السوري، فمعنى ذلك أنه ينطبق فقط على العرب السوريين، وإذا قلنا الشعب العربي السوري المسلم، فمعنى ذلك أننا تركنا المسيحيين خارجًا". وبعد ذلك في لقاء آخر، قال: "والله هناك بعض المسائل أحدنا لا يفكر بها، وأنا منذ اليوم الذي نبهتني فيه إلى الموضوع لم أعد أكتب أي بيان إلَّا وأقول فيه: يا أبناء الشعب السوري".

لذلك حسب قناعتي التواصل والتفاهم والحوار يوصل إلى الكثير من التفاهمات المشتركة، والمشكلة بالنسبة للسوريين بشكل عام أننا كنا نبني أحكامنا دون أن نلتقي، بينما لو التقينا أتصور أن هناك الكثير من المسائل (...)، وحتى هؤلاء الذين نسميهم متشددين ومتطرفين وكذا (...)، فالذي ليس لديه مشروع خارجي أو مشروع عابر للحدود، والذي ينطلق من المصلحة الوطنية السورية، فإنه في نهاية المطاف هناك إمكانية للتفاهم معه.

طبعًا الذي فهمته أنَّه حصل توافق، وأظن أنه كان هناك لقاء، وفي إحدى المرات سمعتها من أبو أيهم - ميشيل كيلو أنه كان هناك لقاء قد حدث مع الإخوان، ربما كان بين البيانوني وبين ميشيل في مكان ما في المغرب، وسمعتها من الطرفين، وعلى أثرها صارت هناك فكرة أنهم سينضمون إلى إعلان دمشق. بالنسبة للتفاصيل على اعتبار أنني كنت في الخارج، ولم أكن ضمن إعلان دمشق، حصل حينها تواصل، وكان من المفروض أنني سأحضر الاجتماعات في الخارج، ولكنني اعتذرت؛ لأنني دائمًا كنت أشعر في شخصيتي أنَّ هناك صراعًا بين شخصيتين: السياسي والأكاديمي، وقلت إنني عملت كثيرًا في السياسة ومنذ أن كان عمري 14 سنة تقريبًا، والآن وصلت لمرحلة (...)، وهناك بعض الخلافات والتباينات، فإنني أريد أن أركز على الجانب الأكاديمي.

وفي وقتها كنت قد بدأت في جامعة أوبسالا بعد أن درست موضوع الأسطورة في بلاد الرافدين، ودرست الموضوع من موقع فلسفي، وكنت قد درست التاريخ، وعندما ذهبت إلى أوبسالا اكتشفت أنه في أوبسالا لديهم قسم للآشوريات في الجامعة، فانتسبت لهذا القسم وصرت أدرس، وتعلمت قواعد اللغة السومرية، والكتابة بالمسمارية والأكادية والبابلية، وقانون حمورابي مثلًا درسناه في البابلية وملحمة عشتار وغيرها. فصرت أركز على هذا الجانب، ولكن الهم السياسي السوري على اعتبار أن هناك وضعًا غير طبيعي نعيشه، كنت أهتم به من باب الواجب وليس من باب المهنة؛ لذلك ابتعدت عن التفاصيل، وكنت أكتب، وأشارك في بعض المؤتمرات والندوات، ولكن ليس من موقع سياسي فاعل. 

 

بالنسبة للإخوان [المسلمين] ومفاوضاتهم مع النظام، بتصوري ومن خلال لقاءاتي مع البيانوني كشخصية تعرفت عليها في العام 2004، وبعد ذلك استمرت اللقاءات، وبين فترة وأخرى كنا نلتقي ونتحاور، هو شخصية واقعية، وهو يفهم المعادلات الإقليمية والدولية، وفي سورية في نهاية المطاف هم كانوا مع فكرة أن تكون هناك تفاهمات مع النظام، ولكن على أساس فكرة الإصلاح والتغيير. ولكن حسب الذي فهمته منه، ومن خلال المفاوضات التي قاموا بها، توصلوا إلى قناعة أنَّ النظام يلعب وليس لديه استعداد للمفاوضات أو للوصول إلى حلول صريحة، وطبعًا حافظ الأسد على ما يبدو كان براغماتيًا بشكل كبير، وكان يعطي انطباعًا إنه لديه رغبة بالتفاهم وتجاوز الصفحة، ولكنه من ناحية أخرى كان يريد أن يفرض رأيه على الجميع، فالنظام كان فارضًا رأيه على الأحزاب الأخرى في الجبهة الوطنية التقدمية، بينما الأحزاب الكردية لم تكن بالنسبة له تمثل خطرًا؛ لأنَّها لا تطالب بالتغيير. الإخوان كانوا هم المشكلة بالنسبة له، وبين فترة وأخرى كان يطرح بعض المبادرات على أساس الوصول إلى تفاهم، ولكنهم لا يصلون لشيء. 

 بالنسبة للأحزاب الكردية أتصور أن هناك عدة مسائل، أول مسألة هي أن معظمها أحزاب يسارية بتوجهاتها، وحتى الذي كان غير ملتزم بالماركسية مباشرةً كان لديه هذا التوجه اليساري. والمجتمع الكردي كي نفهمه قليلًا، هو مجتمع متدين، ولكنه لا يميل إلى الإسلام السياسي، وهذا الجزء يجب أن نفهمه جيدًا. والمجتمع الكردي باعتبار أنه مجتمع متدين، ومعظم الثورات الكردية التي قامت، سواءٌ في تركيا أو في العراق، فإن الذين قاموا بها كانوا رجال دين طالبوا بالحقوق القومية الكردية، وبالتالي المسألة القومية لها وزن أكثر من المسألة الدينية في المجتمع الكردي. وبالنسبة للتدين، كلهم متدينون ويصومون ويصلون، ولكن باعتدال، وبالنسبة لقضية أننا نريد أن ننتسب لجماعة الإخوان المسلمين والإسلام السياسي وكذا، فإن ذلك غير ممكن في الساحة الكردية؛ لذلك لم يكن للإخوان شعبية كبيرة، وحتى العلاقة مع الإخوان لم يكونوا يرون أن فيها فائدة، وخاصة أنَّ مواقف الإخوان مثلًا، كان أحيانًا هناك بعض المواقف القومية والمغازلة للعلاقة مع صدام حسين، وكل تلك المسائل كانت بعيدة، وربما أيضًا العلاقة مع النظام، فقد كانوا يتخوفون من النظام، وكان لذلك أيضًا تأثير. 

 في ذلك اللقاء الذي حدث، طلب البيانوني حينها قائلًا: "ما رأيكم أن نعلن البيان، ونقول إن هذا الاجتماع قد حدث بين الإخوان المسلمين وبين الأحزاب الكردية الموجودة وبعض الشخصيات المستقلة؟"، وأعتقد أنَّني كنت المستقل الوحيد بينهم، بينما الباقي هم ممثلو أحزاب كردية، وسألني: "ما رأيك؟"، فقلت له: "بالنسبة لي ليس لدي أي مانع، إذا أردتم أن تعلنوا فأعلنوا الذي توافقنا عليه". الأحزاب الكردية رفضت أن تعلن، ولكن بعد ذلك قسمٌ منهم أعلنوا، وكان حزب الوحدة (حزب الوحدة الديمقراطي الكردي – المحرر) قد انقسم إلى قسمين: قسم منهم أعلنوا، والطرف الثاني أعلن أيضًا وذكر اسمي مباشرةً. وبعد ذلك عاتبتهم قائلًا: "أنتم بشكل رسمي لم تعلنوا عن الاجتماع وعن التوافقات، ولكن بعد ذلك وفي إطار المنافسة الحزبية كل طرف سرّب، وبعد ذلك أصدرتم البيانات، ولو كنتم قد توافقتم على الإعلان حينها لكنا أخرجنا البيان بطريقة يكون له فيها وقع وطني أفضل، وحتى كرديًا يكون لصالحكم بصورة أفضل. هذا هو الوضع الذي حصل.

 

بخصوص إعلان دمشق، أولًا يجب أن نعود إلى خطوة زيارة القامشلي [بعد الانتفاضة] والوفد والتواصل والمشاركة في الاعتصامات التي كانت تحدث، وفي قضية الدفاع عن المعتقلين السياسيين في المعتقلات، وهناك الكثير من المحامين السوريين العرب الذين وقفوا إلى جانب الأكراد ودافعوا عنهم في القضايا، فهذا قرَّب بينهم، وأنَّنا لسنا أعداء في نهاية المطاف، وهناك إمكانية لنتلاقى. 

 

ضمن الأحزاب العربية أو في الساحة العربية حدث أيضًا نوع من إعادة الحسابات وإعادة ترتيب الأفكار بأنَّ الأكراد ليسوا كما يُقال: "انفصاليون"، وفي نهاية المطاف هم جزء من النسيج المجتمعي السوري، ويمكن أن نتوافق.

وهنا اتخذوا بعض الخطوات، وهناك قسم من الأحزاب الكردية التي انضمت لإعلان دمشق (أُطلق إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي في مؤتمر صحفي في 16 تشرين الأول/ أكتوبر 2005 – المحرر)، ولكن كانت هناك حساسية حزبية ضمن الأحزاب الكردية، وقسم منها بقي خارج إطار التفاهم، وعلى ما يبدو أنه ضمن إعلان دمشق أو ضمن ربيع دمشق قبل ذلك أيضًا كانت هناك حساسيات بين بعض الشخصيات وفي بعض المواقف، ولم يؤدّ ذلك إلى استمرارية إعلان دمشق كما انطلق أو إلى تطويره بحيث تنضمّ إليه بعض القوى الأخرى أيضًا؛ لذلك حين تشكل إطار هيئة التنسيق لاحقًا فإن قسمًا من الأحزاب الكردية ذهب إلى هيئة التنسيق (أُعلن عن تشكيل هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي في 30 حزيران/ يونيو 2011 – المحرر). 

 

أنا ناقشتهم في هذا الموضوع عدة مرات، وقلت لهم: "لماذا لم تنضموا [إلى إعلان دمشق]؟"، وحينها أتصور -الآن لم أعد أذكر التفاصيل- أن بعض الناس كانوا يتحدثون عن إعلان حلب وأنه سيكون هناك إعلان آخر، وعلى أساس أن موقفهم بخصوص الموضوع الكردي سيكون أفضل، ولكنني لم يكن لدي اطلاع على هذه التفاصيل بالضبط ولماذا حصل ذلك. وأتصور أن جزءًا أساسيًا هو الحساسيات الحزبية، ولا أعرف إذا كان للنظام دور من خلال تأثيره على بعض القيادات الكردية؛ لأن هذه المسألة كانت واضحة أيضًا.

وهنا أذكر حادثة عندما كان هناك تلفزيون بردى إذا كنتم تذكرونه، في العام 2009؛ لأنهم حينها أجروا معي مقابلة في برنامج "نحو التغيير" في البث التجريبي، وهذه المقابلة أعادوها تقريبًا 20 يومًا، وفي اليوم الواحد مرتين وثلاثة، ولا أعرف إذا كنتم قد تابعتم الحلقة أم لا، وسألوني حينها عن التغيير وكيف هو التغيير في سورية؟ فقلت لهم: "التغيير لا يمكن أن يكون إلَّا بالشباب، فالتغيير بمئتي متقاعد لا يصلح، والثورة التي ستأتي لسورية يجب أن تكون بالشباب ومن أجل الشباب"، وتحدثت بهذا الاتجاه. طبعًا هذه المقابلة على ما يبدو أعطت أصداءها، وفي وقتها زارنا أحد القياديين حيث كنا معًا في الحزب اليساري الكردي، وكان أكبر مني، وكان منذ زمن في القيادة، وجاء إلى السويد، وتواصل معي، ومازحته قائلًا: "إذا كنت قد أتيت كي أعمل في العمل الحزبي، فإنني قد تركته منذ زمن، وقررت ألا أعود. ولكن إذا كان بناءً على الصداقة القديمة (...)"، فقال: "أنت تعرف كم أحبك وأقدرك، ولا يوجد غير الود"، وكانت بالفعل علاقة صداقة. جاء وتحدثنا في عدة موضوعات، وكان لقاء (...)، ووضعنا في صورة الأمر، وأذكر من كلامه إنه قال: "أنت حين خرجت من البلد المصيبة لم تكن كبيرة، والآن المصيبة لدينا في الأحزاب الكردية، ففي كل مكتب سياسي يوجد شخص أو اثنان مرتبطان مع الأمن". وقال: "نحن في حزبنا يوجد اثنان"، هكذا كان يحدثني، وأنا أيضًا كنت أشك باثنين، [وأضاف]: "إذن أين سأذهب وأنا الآن عمري 73 سنة؟"، بمعنى أنه يجب أن نستمر.

وهكذا كان الواقع؛ لذلك غير مستبعد أن تكون بعض الشخصيات كهذه، كانوا أحيانًا يؤثرون ويعملون كي لا ينضمّ هذا الحزب لإطار معارض لا توافق عليه السلطة. ونحن لمسنا هذا الشيء من خلال الأمثلة التي أتيت بها، وفي بداية الثورة عندما انطلقت الثورة والمظاهرات رأينا أن بعض الأشخاص كانوا على الهامش وليس لهم علاقة بأي شيء، ولكن على ما يبدو جاءتهم الأوامر والتعليمات، ففجأة قاموا بأدوار وتوحشوا - كرديًا - في سبيل التشكيك في الثورة وكانوا ضد الثورة. وأتصور أنه في كل الأماكن هناك نماذج من هذا النوع مع الأسف.  

عبد الحليم خدام شخصية كانت لها بصماتها بالنسبة للنظام في سورية، فقد كان معه منذ البدايات، واحتل مواقع حساسة ومهمة، وأخذ الملف اللبناني، وتقريبًا كان هو الحاكم في لبنان مع غازي كنعان في فترة من الفترات. أثار انشقاقه الكثير من الاهتمام والانتباه (أعلن خدام انشقاقه عن نظام الأسد في كانون الأول/ ديسمبر 2005 – المحرر)، ولكنني أذكر مع بعض الأصدقاء بينما كنا نتناقش أنني قلت له: "المشكلة في عبد الحليم خدام، إضافةً لملفات الفساد ومواقفه ودوره في تثبيت بشار الأسد هو ومصطفى طلاس معًا، فهذه المسائل بالنسبة للسوريين لا تُنسى، ولا يمكن للشخص بهذه السهولة تجاوزها، المشكلة التي عانى منها عبد الحليم خدام أنَّه كان قد ترك النظام ويريد أن يكون رئيسًا للمعارضة السورية، وهذه هي الإشكالية"، فأذكر أنه في نقاش مع بعض الأصدقاء [قلنا]: "إنَّنا في وضع ونتيجة ضعف المعارضة، فإن أي شخص سيخرج من جانب النظام ويريد أن يأتي، سيتعامل على أساس أنه سيتحول إلى رئيس للمعارضة". 

 

 الوضع في العراق كان مغايرًا، وأذكر أنه في العراق في نفس الفترة أو قبلها، حين انشق وفيق السامرائي الذي كان رئيس المخابرات العراقية، وهناك بعض الضباط الآخرين الذين انشقوا أيضًا، هؤلاء حين جاؤوا إلى المعارضة العراقية وعلى اعتبار أن المعارضة قوية وضعوهم ضمن حجمهم الطبيعي، وأن له (المقصود السامرائي) دورًا ووظيفة في مكان ما، فلم يتحول إلى رئيس للمعارضة. بينما عبد الحليم خدام تصرف على هذا الأساس، وحين جاء إلى جبهة الخلاص، وخاصة مع الإخوان [المسلمين] كما أذكر، الذي فهمته أن الإخوان كانوا معوّلين عليه كثيرًا على أساس أن لديه معلومات ومواقف، وربما كانوا يعوّلون على بعض المواقف العربية والخليجية التي ستؤيد عبد الحليم خدام، ولكن تبيَّن أنَّ الأمور لم تكن بتلك الحالة الوردية التي كانوا يتصورونها، ولم يتغير شيء. 

 من بين الاتصالات أذكر أن صديقًا مرة هاتفني في صباح يوم من الأيام، وفوجئت، وكنت أعرفه معرفة عابرة، وبعد ذلك تعرفنا على بعضنا بشكل أكبر، اتصل بي، وقلت له: "خيرًا؟"، فقال: "أنا البارحة كنت عند عبد الحليم، وأنا أكلمك من باريس"، وهو كان مقيمًا في ألمانيا ولا يزال مقيمًا في ألمانيا، فقلت له: "ما القصة؟"، قال: "هو سألني عنك، وقال: هل تعرف عبد الباسط سيدا؟ قلت له: نعم أعرفه، فقال: ما رأيك به؟ قلت له: هو من المثقفين الأكراد السوريين، بمعنى أن له دورًا، فقال: حاول أن تتصل به وتقول له على لساني إنني أريد أن أراه". وحين قال ذلك قلت له: "أنا بالنسبة لي ليس لدي شيء لأقوله لعبد الحليم خدام، ولست حزبًا سياسيًا أو (...)، فقال: "يا دكتور، بيني وبينك، وأنا أحاول أن أنصحك ولو كانت لديك خبرة وتجربة، الكل يريدون أن يلتقوا، سواءٌ كانوا من الأحزاب الكردية أو غيرها، وسواءٌ كان ذلك بصورة سرية أو علنية، فإن الجميع سيلتقون مع عبد الحليم خدام. وبرأيي إذا التقيت به، وقدمت الصورة بموضوعية وأنت لك مصداقية، فإن الوضع سيكون أفضل". قلت له: "على كل حال سنرى"، وكنت أنوي ألا أتواصل معه.

وبعد يومين أو ثلاثة تواصل معي شخص آخر من الدنمارك، وقال: "أنا فلان الفلاني، وأبو جمال يسلم عليك، والذي هو عبد الحليم خدام"، وأعطاني رقم هاتف دون أن أطلب، وقال: "هذا رقم هاتفه إذا كنت تريد الاتصال به". وقد كنت مقررًا ألا أتصل؛ لأنني لا أرى أنَّ هناك شيئًا مشتركًا. وبعد 3 أو 4 أيام وأنا في المنزل اتصل بي شخص، وكان يتكلَّم بلهجة ساحلية واضحة، ولم أعرف الصوت في البداية، فقال: "أبو جمال يسلم عليك"، وإذ به هو نفسه من كان يتكلم على الهاتف ومن هاتف البيت أيضًا، وكان على ما يبدو قد أخذه من بعض [الأصدقاء، وأضاف:] "أنا أحب أن ألتقي بك". وحين رأيت الموقف بهذا الشكل، تحدثت معه بكل وضوح وصراحة، بمعنى أنني حملته المسؤولية، وتناقشنا، وبعد ذلك انتقلنا للموضوع الكردي وموضوع النظام كيف كان.  

 

 كان [خدام] يميز بين فترة حافظ الأسد وبشار الأسد على أساس أنه هناك خلاف كبير؛ فـ[بالنسبة له] حافظ الأسد كان يحافظ على التوازنات الإقليمية والدولية. وبالتالي لم أشعر أنّ لديه استعدادًا لإدانة حافظ الأسد، ولكن بالنسبة لبشار بمعنى أنه يلعب وكذلك ما فعله في لبنان، وحين أتينا على الموضوع الكردي، قال: "بشرفي - هكذا قال- ثلاثة أرباع الذين كتبوا برنامج حزب البعث أميون وجهلة، العمى (تبًا لهم) الحدود التي وضعوها للوطن العربي جعلوا العرب ضمنها أقلية، فقد وضعوا الأكراد والأمازيغ وجنوب السودان"، فرأيت أن لديه استعدادًا لمناقشة الموضوع، ولكنني لم أعده بشيء ولم نلتقِ بشيء. 

وبعد ذلك حدث تواصل بيني وبين علي صدر الدين البيانوني، وذلك بعد اللقاء الذي كنا قد التقيناه، فقد التقينا لقاءين مع الإخوان [المسلمين]: قبل موضوع عبد الحليم خدام، أي لقاء مع المعارضة السورية التي كان فيها هيثم مناع ومجموعة من الأشخاص الآخرين، واللقاء الثاني الذي كان مع الأحزاب الكردية وأنا كنت موجودًا أيضًا. وبين كل فترة وأخرى كان هناك تواصل، وكانوا يتابعون الموضوع الكردي، ولكن في موضوع عبد الحليم خدام كان رأيه أنَّ "لدى خدام معلومات واتصالات، فلنحاول أن نستفيد من هذا الموضوع". 

وفي الساحة صحيح أنه كان هناك إعلان دمشق، ولكن لم يكن له هذا الوزن الكبير، أو أن المعارضة السورية لم تكن قادرة على أن تقوم باختراقات في الموازين، أو هكذا كان إحساسي على ما يبدو.  

وقبل أن يكون هناك مشروع جبهة الخلاص، وجهوا دعوة لحزبين كرديين حسب ما أذكر، ووجهوا دعوة لي على أساس أن أشارك بلقائهم أيضًا، وحدث حينها لقاء بيني وبين الحزبين مع قيادتهما، وتحدثنا في الموضوع، وقلت لهم: "إذا كنا ذاهبين للاتفاق مع عبد الحليم خدام أو لننضم للجبهة؛ فإننا وطنيًا سنخسر كثيرًا، وهناك أشخاص كثيرون سيلوموننا، وحتى في الموقف الكردي. ولكن إذا كانوا يريدون أن يأخذوا موقفًا واضحًا وصريحًا من الموضوع الكردي وضمن الإطار الوطني السوري، بمعنى أن يكونوا على استعداد للتفاعل مع الآخرين، فمن الممكن للشخص أن يناقش الموضوع". واتفقنا حينها، وكتبنا ما يشبه الرسالة عن تصورنا للموضوع، وكيف يجب أن يكون الوضع، وذلك في الموضوع الكردي وفي الموضوع السوري، ولكن التركيز كان على الموضوع الكردي أكثر. 

كان هناك حزب كردي من بين المدعوين يريد أن يحضر دون أن يعلن عن نفسه، وأنا كنت ضد هذا الاتجاه، فإذا كنا سنحضر علينا أن نظهر شخصيتنا الفعلية، لماذا نخبئ أنفسنا؟! ولم أوافق على هذا الطلب. وبعد ذلك توافقنا على النص، والنص أنا الذي كتبته حينها، وأرسلنا لهم النص بأن هذا هو تصورنا، وحتى نحضر فإننا نحب أن تلتزموا بتلك المسألة، وهم لم يوافقوا، وبعد ذلك سمعت أنَّ عبد الحليم كان يتحدث [قائلًا:] "وكأنَّنا خسرنا الحرب العالمية والطرف المنتصر يريد أن يفرض شروطه"، كان كلامه بهذا المعنى. ولم نوافق على الطلب، وأنا شخصيًا لم ألتقِ به. 

الإخوان المسلمين كانوا حينها في إعلان دمشق، وعندما قاموا بتلك الخطوة الانفرادية - إذا صح التعبير - وذهبوا إلى جبهة الخلاص، تأثّرت مصداقيتهم كثيرًا، وأثّرت على موضوع إعلان دمشق وعلى إمكانية أن تأخذ المعارضة منحى أكبر. ولو أن عبد الحليم خدام في وقتها - نعود هنا لقصة أنَّه قادم ويريد أن يكون زعيمًا للمعارضة - لو أنه جاء ووضع إمكانياته وقدراته تحت تصرف المعارضة وتحت تصرف إعلان دمشق، فأتصوَّر أن الموقف سيكون أفضل بكثير، وربما كنا تجاوزنا الكثير من العثرات والإخفاقات التي حصلت. 

 

[عندما عقد إعلان دمشق مؤتمره لمجلسه الوطني في 1 كانون الأول/ ديسمبر 2007 -المحرر]، صار هناك تواصل، وأنا في وقتها كنت أسافر أحيانًا إلى لندن، وأشارك في ندوتين أو ثلاث أو في برنامج [لقناة] المستقلة الذي كان يديره محيي الدين اللاذقاني، وحتى تلفزيون بردى أتصور أنني أيضًا شاركت به أكثر من مرة، وكان هناك أسامة المنجد وأنس العبدة كانا يعملان معًا حينها. ودُعيت مرة من قبل أحد الأطراف، والله لم أعد أذكر، طرف كردي أو من المحسوبين على إعلان دمشق، وكان من المفروض أن أشارك في اجتماع من اجتماعاتهم في بلجيكا أظن، ربما هناك حدث الاجتماع؛ فاعتذرت على أساس أنّنَي لست حزبيًا، ولا أريد أن أنضم، ولكنني مع هذا التوجه. وعبّرت عن رأيي بصراحة، وحتى عندما صار هناك معتقلون من جانبهم كتبت بهذا الاتجاه، وقلت: "يجب أن نتضامن"، ولم أكن بعيدًا عن هذا الجو، ولكن بالنسبة للانضمام لإعلان دمشق فإنني لم أنضم أبدًا. 

 

[بعد تجميد الإخوان المسلمين معارضتهم للنظام خلال الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2009] أتصور حينها أنه دار حديث بيننا، وأتصوَّر أن الإخوان لديهم مسألة يأخذونها بعين الاعتبار: الموقف أو العلاقة مع الأطراف الإخوانية أو الإسلامية بطريقة من الطرق، وبعد ذلك الموضوع الوطني أو القومي إذا صح التعبير، فإنهم أيضًا يأخذونه بعين الاعتبار، وموضوع غزة ربما جاء من هذين الاعتبارَين. وبذلك أولًا: يكسبون [حركة] حماس وعلاقتهم مع حماس، وربما يكون ذلك أيضًا نوعًا من عدم إعطائهم فرصة للنظام تجعله يستغل هذا الموضوع [قائلًا:] "إنَّنا في الوقت الذي نواجه فيه إسرائيل، غيرنا مثلًا يعمل في المعارضة". وفي الناحيتين أنا لم أكن مع هذا الموقف، فبإمكان الشخص أن يبين موقفه دون أن نجمد العمل في منظمات المعارضة أو في العمل المعارض، ولكن التفصيلات الأخرى لم يكن لدي اطلاع في الحقيقة عليها.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2022/03/24

الموضوع الرئیس

الحراك الكردي في سورية

كود الشهادة

SMI/OH/88-01/

رقم المقطع

01

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

باريس

التصنيف

سياسي

المجال الزمني

2004-2011

المنطقة الجغرافية

محافظة الحسكة-مدينة القامشلي

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)

حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)

حزب العمال الكردستاني

حزب العمال الكردستاني

المجلس الوطني السوري

المجلس الوطني السوري

وزارة الخارجية البريطانية

وزارة الخارجية البريطانية

إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي

إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي

هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي

هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي

حزب الوحدة الديمقراطي الكردي  - يكيتي – محي الدين شيخ آلي

حزب الوحدة الديمقراطي الكردي - يكيتي – محي الدين شيخ آلي

حزب الله اللبناني

حزب الله اللبناني

الحشد الشعبي

الحشد الشعبي

جبهة الخلاص الوطني السوري

جبهة الخلاص الوطني السوري

حزب البعث العربي الاشتراكي

حزب البعث العربي الاشتراكي

الشهادات المرتبطة