اللقاء مع يوسف أبو رومية وتهديد رستم غزالة له
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:13:07:14
في هذه الأثناء، في اليوم التالي، ذهبنا وفداً من مدينة الحراك وعلى رأسهم الشيخ وجيه القداح المعتقل منذ عام 2011، ذهبنا مسافة 70 كم، وكانت هناك حواجز أمنية وعسكرية، وقطعنا هذه الحواجز مساءً، ووصلنا إلى بيته [بيت يوسف أبو رومية]، وصلينا المغرب، ودخلنا إلى البيت، وأنا عرّفته عن نفسي، وقلت له: أنا منيف مثقال القداح. وهو يعرف والدي، ووالده يعرف والدي؛ لأنهم كانوا يتدخلون في القضايا الاجتماعية وحلّ النزاعات وقضايا الدم، وكان بيت الرجل 24 ساعة مفتوحًا... وعندما يأتي من دوامه (عمله) إلى بيته تجد أن المضافة فيها عشرات الأشخاص ينتظرون، والرجل يقوم بالواجب، ويضيّف القهوة المرة والشاي والغداء، و[يقدم] الغداء إذا حضر الغداء والعشاء إذا حضر العشاء، فكان الشخص يقدّم من جيبه في سبيل أن يحلّ أي نزاع أو خلاف، ولا تحصل مشاكل بين أهالي المتنازعين أو المتخاصمين، سواء كانت هناك مشكلة عادية أو مشكلة دم، وهذه هي طبيعته (الكرم والطيبة والجود)، فمضافة أبي رومية معروفة، وأعتقد أن طول مضافته 60 متراً ومخدّمة بكافة أنواع الخدمات، حتى إذا جاء ضيف من خارج... فإن هناك حماماً ومغسلة وكل شيء كامل ومكمل.
عند أذان المغرب في اليوم الثاني، في 17 أو 18 نيسان تقريباً، قررنا زيارته والاطمئنان عليه؛ حتى نعرف ماذا حصل معه في الزيارة؛ لأنه كان ضمن الوفد، ونحن اعتقدنا أن يوسف أبا رومية (أبو محمد) موجود، وعندما دخلنا وسلمنا عليه وجلسنا، وهو بالتأكيد كان سعيداً جداً؛ لأننا شعرنا أنه كان تحت الإقامة الجبرية، وهو تفاجأ كيف قطعنا مسافة 60 أو 70 كم من أجل زيارته، وكانت بالنسبة له فرحة كبيرة، وكان أولاده بجانبه وبعض الشخصيات من أبناء البلد، وعرّفنا عن أنفسنا، وقام بواجب الضيافة المعروف، وهو القهوة المرة والشاي، ولم يقصّر الرجل، وفرح كثيراً، واطمأن عنا واطمأننّا عنه، وسألنا: ما هي أخباركم؟ وبعد حديث نصف ساعة من السؤال عن الحال والصحة والأمور الاجتماعية، سألته: يا أبا محمد، هل كنت ضمن الوفد الذي قابل بشار الأسد؟ ولكننا تفاجأنا أنه قال: أنا لم أذهب. فقلت له: ولكن اسمك موجود. فقال: هذا شخص ثان. لأن هذه العشيرة عشيرة السعدي معروفة في حوران، ولها امتداد وجذور كبيرة، وقال: هذا شخص ثان، يبدو أنه من كفر شمس. وأنا تفاجأت، و[قلت له:] نحن زرناك حتى نعرف ماذا حصل مع الوفد الذي زار بشار الأسد، ونريد أن نعرف ما هي النتيجة. وطبعاً، في هذه الأثناء قال: أنا عندما تحدثت في مجلس الشعب لم يكن هناك صدى أو تجاوب للكلمة، وكنا ننتظر قدوم بشار الأسد، وأن يخبرني (يتصل بي) ويأتي إلى محافظة درعا، ويعتذر. و[كان قد] طلب من رئاسة المجلس نقل هذه الرسالة إلى مقام الرئاسة، ولكن لم يتمّ هذا الأمر، وحُذفت كلمة الشيخ يوسف أبو رومية (أبو محمد)، ويحقّ له أن يُقال عنه: "شيخ الأحرار" كما يُقال. حُذفت الكلمة، ولم تُنقل كلمته، وقال بعد ذلك كما يُقال باللهجة الحورانية: "القاتل هو الذي يجب أن يكلّف وجاهة حتى يصلح، ومن الخطأ أن يذهب أولياء الدم إلى القاتل، وهذا خطأ كبير ارتكبته هذه اللجنة بذهابها [إلى بشار الأسد]". فقلت له: ولكنه رئيس! فقال: نحن أرسلنا رسائل، والرسائل وصلت، والدنيا كلها أصبحت تعرف، وأصبح واجباً عليه أن يأتي إلى محافظة درعا، ويعتذر؛ حتى تنتهي القضية. ولكنه -كما سمعت منه- رفض الذهاب مع الوفد، وأخبر الشيخ أحمد الصياصنة، وقال له: لا داعي لأن تذهب وأنا لن أذهب. وهو رفض الذهاب لحضور الاجتماع مع الوفد، وهنا كان هناك ردّ فعل من أجهزة الأمن الموجودة في سورية واستياء من الكلمة التي نُشرت على المحطات الإعلامية، وأصبح هناك استياء كبير جداً؛ لأن هذا نافى كلام بشار الأسد فيما بعد بوجود المندسين وأشخاص من خارج سورية وقتلة ومجرمين من أبناء حوران والمتظاهرين، وقال: إن الأمن هو الذي يقتل، ويذبح، وأعطى رسالة وشهادة [تكون] وثيقة للتاريخ.
طبعاً، الفروع الأمنية... كما قال لي أبو رومية: إنه تلقى عدة تهديدات بناءً على الكلمة التي ألقاها في مجلس الشعب، وكانت أبرز هذه التهديدات من رستم غزالة الذي هو من محافظة درعا أيضاً، وقال: اتصل بي رستم غزالة، وهددني. وطبعاً امتنع أبو رومية عن الرد، وكان في ذلك اليوم مريضاً، وفي الأصل، كان لديه مرض مزمن ولديه مشاكل صحية في الأمعاء. وقال: عندي عملية، ولكن مجيئكم أنساني الألم والوجع. وفي هذه اللحظة، أخرج من جيبه هويته الشخصية، وقال: هذه ستبقى معك من أجل الذكرى. وأنا انتبهت على المواليد وكان من مواليد 1936، وقال: هذه الهوية تبقى معك. فقلت له: لا، أنت تبقى في قلوبنا وحاضر في وجداننا، وبما أن هناك شخصيات في حوران أمثالك فنحن نقتدي بها. وهو طلب منا الاستمرار بالمظاهرات وعدم العودة إلى الوراء، وقال: أنا أعرف هذا النظام من عشرات السنين، هو نظام مجرم وقاتل. وقال حرفياً: "إن حوران طالما فيها رجال فلا يحرث الأرض إلا عجولها"، وهذه كانت عبارته المشهورة، يعني بما أنه يوجد أشخاص في حوران يخرجون ضد الظلم فإنا لن نخاف على حوران مهما حصل من قتل، وهو كان يتوقع أن تحصل في الأيام المقبلة مجازر ودماء، والرجل كانت لديه هذه الحكمة، والله أعطاه الفطنة في حلّ القضايا أو استدراك و استشعار ما يحدث في الأيام المقبلة. وفعلاً، أبرز ما سمعنا منه هو الاستمرار في الثورة وعدم الرجوع إلى الخلف، وأن الأجهزة الأمنية هي أجهزة قتل وتدمير. وأنا سألته: لماذا وجودك في مجلس الشعب؟ فقال: أصلاً أنا كان وجودي في مجلس الشعب من الناحية المادية فيه خسارة، ولكن من الناحية الاجتماعية كنت أحصل على منافع كثيرة للناس والأهالي من التدخّل لدى فروع الأمن أو المحافظين، أي المسؤولين إذا كان هناك من له شكاية أو قضية، مثلاً: وزارة الدفاع أخذت أرضاً لشخص وقطعة عسكرية، ولا يستطيع الحصول على حقه، فكان يتدخّل ويدفع من جيبه في سبيل استرداد بعض الحقوق للناس، وهذه كانت الغاية. وهو كان يعرف أن مجلس الشعب هو مجلس مقيّد ومسيطَر عليه، والشعب لا يمثّل فيه أي شيء، والأجهزة الأمنية هي المسيطرة، وما يأتي من القصر الجمهوري أو اللجان الأمنية هو ما يتمّ تداوله، وكلنا يعرف ما حدث عندما تمّ تغيير الدستور خلال 5 دقائق، وهذه حادثة معروفة للتاريخ كما يُقال، و كانت وصمة عار على جبين كل سوري حر عندما تمّ تبديل الدستور أو تغيير الدستور بلحظات، ومن هنا كان يجب أن تبدأ الثورة الحقيقية للشعب السوري.
يعني [رستم غزالة] هدّده، وقال له: أنت يجب قطع لسانك، وأنت تطاولت على مقام الرئاسة، وكيف تتجرأ وتطلب من بشار الأسد أن يعتذر من هؤلاء الصعاليك أو هؤلاء المتظاهرين الخونة؟! وكانت رسالة تهديد واضحة وصريحة، و[قال له أيضاً]: بشار الأسد له فضل عليك؛ لأنك ممثل في مجلس الشعب منذ أكثر من 30 سنة. يعني ضربوه منية (يمنّون عليه) تمثيله في مجلس الشعب، وكلنا نعرف ما هو مجلس الشعب. تلك كانت أبرز الرسائل كما سمعت منه، رسالة تهديد من رستم غزالة، وطبعاً، يوسف أبو رومية لم يتأثر؛ لأنه منذ أن تكلم في مجلس الشعب عرف أنها آخر رسالة، وكان ينتظر في أي لحظة أن يتمّ اغتياله أو التعرض للاعتقال؛ لأن النظام لا يوجد عنده...، لذلك هذه كانت أبرز الرسائل التي دارت (أُرسلت)، وعدم حضور يوسف أبي رومية ومشاركته وامتناعه، وقيل فيما بعد حتى النظام بعد الكلمة رفض أن يكون يوسف أبو رومية ضمن الوفد؛ لأنه تطاول على مقام الرئاسة. وهذه أبرز المعطيات والإشارات من زيارة الوفد.
كلنا يعرف ماذا قال بشار الأسد للوفد [بخصوص] محاسبة القتلة، ورفع قانون الطوارئ، وإقالة المحافظ، والتعديلات الدستورية وما شابه ذلك، يعني أعطى وعوداً، ولكن هذه الوعود... وكل الوعود وخطابه -قبل الوعود- الذي خطبه في 30 آذار 2011، ونحن في مدينة الحراك بعد الخطاب خرجنا في مظاهرة ضد الخطاب، وذهبنا إلى مدينة درعا حتى نستنكر الخطاب الذي لم يكن فيه الحد الأدنى من حقوق الناس وطلبات الناس.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2019/11/29
الموضوع الرئیس
الحراك السلمي في درعاكود الشهادة
SMI/OH/96-32/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي ، أحمد أبازيد
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
نيسان 2011
updatedAt
2024/07/11
المنطقة الجغرافية
محافظة درعا-محافظة درعامحافظة درعا-الحراكشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
مجلس الشعب - نظام
وزارة الدفاع - النظام