أحداث اعتصام الداخلية بدمشق في 16 آذار 2011
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:09:10:14
قبل 15 آذار كان يوجد فكرة تطرحها سهير [الأتاسي] معي وقالت لي: ما رأيك أن نعمل على شيء وأن نقوم باعتصام لأهالي المعتقلين؛ اعتصام نسائي من أخوات وزوجات وأمهات المعتقلين ويأتين ويعتصمن؛ يعني: الربيع العربي أعطانا سقفًا عاليًا وأصبح لدينا "طحشة ماكنة" [جرأة كبيرة]، ويجتمعن في مكان مفتوح في شارع مثلًا أبو رمانة أو عند جسر الجامعة الذي يسمونه جسر الرئيس، يجتمعن ليلًا ونهارًا؛ يعني: اعتصام مفتوح فقط من أجل الكشف عن مصير أبنائهم، ونحن طرحنا الفكرة وناقشناها كثيرًا ووجدنا أنها فكرة صعبة والنظام سوف يبطش بها.
أتذكر أنه كان يوجد فكرة بعدها أن يحدث شيء قبل اعتصام الداخلية بثلاثة أيام، كان يوجد شيء سيحصل نواحي البريد في دمشق، وأتذكر في ذلك الوقت أنه خرجت إشاعة أن أسماء [الأسد] نازلة، وأصبح هناك جلبة في هذه المنطقة حتى لا يحصل شيء، يعني حصلت جلبة أمنية، وقيل أن أسماء [الأسد] قد نزلت واجتمعت مع موظفين، وأنا لا أتذكر الحيثية، ولكن حصلت جلبة أمنية في المنطقة كلها، ولم يحدث شيئاً. وتمّ الاتفاق على اعتصام الداخلية، وكانت الخطة في اعتصام الداخلية أن أهالي الموقوفين والمعتقلين يقدّمون عريضة إلى وزير الداخلية للكشف عن مصير أبنائهم وإطلاق سراح المعتقلين الذين محكومياتهم كبيرة، وإذا فشل الموضوع أو تمّ قمعه فإننا نتحرك ونرجع نعتصم عند ساحة المرجة (بعد الداخلية التي تقع على بُعد مسافة قليلة باتجاه ساحة الأمويين)، وأيضًا إذا تمّ قمع الاعتصام فإننا نذهب إلى القصر العدلي إلى شارع النصر.
وأتذكر في يومها أن الشباب بالكاد استطاعوا رفع [اللافتات] أمام [وزارة] الداخلية وتمّ قمعهم مباشرة. قُمِعنا وقسم تعرّض للضرب، وأنا مباشرة انسحبت باتجاه الساحة، وكنت أرى البقية يتمّ اعتقالهم وأنا لم يقتربوا مني، وانسحبت إلى الساحة، وبدأت الأمور تتصاعد. وطبعًا في ذلك الوقت كان يوجد أشخاص يرفعون صور معتقليهم ويتمّ ضربهم، وبعد ذلك جاء الشبيحة مباشرة وصاروا يهتفون لبشار الأسد في الساحة، ونحن في تلك اللحظة توقفنا، وأنا أتذكر الكثير من الأشخاص المودجودين والذين كانوا موجودين معنا في الإعلان [إعلان دمشق]؛ واعتُقلت في يومها سهير، واعتٌقل أسامة نصار ويحيى [شربجي] وبشر سعيِّد، ويوجد أسماء كثيرة اعتُقلت، وأنا استطعت النجاة، وذهبت إلى القصر العدلي وأثناء ذهابي رأيت رفاقي ولكن لم أسلّم عليهم، وأكملت طريقي إلى القصر العدلي، وعند القصر العدلي أيضًا رأيت الأمن يحاول اعتقال بنتين كانتا معنا، وأنا في ذلك الوقت كانت بنيتي قوية وذهبت إليهم بطريقة، وقلت لهم: لماذا تعتقلونهم؟ وتكلمت بلهجة ساحلية، فقالوا: يا سيدي سرقوا هاتف زميلنا. فقلت لهم: لا يجب عليكم ضربهما واعتقالهما بهذه الطريقة، بل يمكن أخذهما إلى المخفر. وفي هذا الوقت جاء رئيسهم وقال لي: تفضل معنا، وهو عرف أنني أكذب. وفي تلك الفترة جعلوا من المحلات الموجودة مراكز اعتقال، وكانوا يقومون بجمع الناس؛ لأنه لا يوجد لديهم باصات كافية لأجل أخذ الناس إلى الأفرع، وكانوا يجمعون الناس في المحلات، وتأتي السيارة وأحيانًا تأتي تكسي، وأحيانًا سيارة الاعتقال نفسها، ويقومون بشحن الناس. فقال لي: تفضل معنا إلى المحل. وقلت له: لا. وطبعًا الشركة التي كنت أعمل فيها كان لديها محلات في تلك المنطقة، فقلت له: لا، سوف أذهب إلى محلنا، وأنا عملي هناك، وبالفعل وضعوني في المحل، [وكنت قد قلت لنفسي ذلك] حتى يعرف أهلي أين أنا وماذا حصل معي.
قبلها بيوم، كان 15 آذار، جميعنا رأينا الدعوة، وكانت الفكرة أن ينزل كل أربعة أو خمس أشخاص، حتى لو نزلوا فرادى، وإذا سمعت صوتًا أو هتافًا تنضمّ له وتكبر المظاهرة، وأتذكر أننا نزلنا أنا وصديقي -خرج من الغوطة حديثاً (2018)- أغيد الطباع، وبدأنا نمشي في سوق الحميدية، ولم نجد شيئاً، فذهبنا إلى الحريقة واتصل بنا شخص صديقنا، وقال: إن المظاهرة خرجت في سوق الحميدية، وعدنا إلى سوق الحميدية. فقيل لنا إنه قد خرجت [مظاهرة] في سوق الحميدية ومظاهرة في الحريقة، فعدنا إلى الحريقة ولم يكن هناك شيئاً. رجعنا إلى منازلنا، وفي يومها أنا لم أذهب إلى العمل، وكانت قناة "أورينت" تبثّ صور مظاهرة الحريقة والاعتقالات. وفي هذا الوقت أيضًا تمّ اعتقال بنت عمي التي شاركت في المظاهرة، وأيضًا مروة الغميان وتمّ اعتقالهم في الحميدية، وطبعًا الناس في السوق كان تجاوبهم سيِّئاً في كثير من الأحيان، حيث إنه إحدى الصبايا دخلت إلى محل وقالت له [لصاحب المحل]: "الله يوفقك دعني عندك أنا كنت في المظاهرة"، فطردها. وكان الناس حينها موقفهم جدًّا سيء من الثورة.
في المساء أرسل لي أحد الشباب الصِّغار رسالة، وأنه يوجد مظاهرة سوف تتحرك من الميدان إلى باب مصلى إلى السويقة إلى باب الصغير إلى سوق الحميدية إلى الجامع الأموي، يعني مظاهرة مسائية بتاريخ 15 آذار، وأنا اتصلت بأغيد [الطباع]، واتصلت مع شاب آخر -فرج الله عنه-، والشاب الذي أرسل لي الرسالة، وقلت له: نحن الأربعة سوف نشارك. وركبنا في سيارة صديقنا وذهبنا إلى الجامع الأموي؛ لأنه من المفروض أن تكون المظاهرة قد وصلت إلى هناك، وكانت إشاعة هذه المظاهرة، ووجدنا هناك ثكنة عسكرية أمنية على باب الجامع الأموي الرئيسي، فقررنا الذهاب والجلوس في النوفرة.
فاتني أن أقول أنه في بدايات الربيع العربي أصبح الكثير من الشباب السوري يكتشفون قصص أقلام الكاميرات ونظارة الكاميرات وقبعات الكاميرات ويوصون عليها من دبي، وأنا أحضرت كميات كبيرة منها، ووزعتها على الشباب، وفي هذا اليوم كان معي واحدة، وفي يوم 5 شباط التي فشلت أيضاً كان عندي قلم كاميرا.
فذهبنا وجلسنا في قهوة النوفرة وكنا ننتظر أن يحصل شيء، ومقهى النوفرة أيضًا كان عبارة عن كتيبة أمنية، وأتذكر في يومها جلست مع شابين، وحتى نحمي أنفسنا أنا كنت أتقن اللهجة الساحلية، وبدأت أتحدث باللهجة الساحلية مع الشيف حتى أظْهِر أنني مع الشباب، وكنت أتحدث مع الشاب الثاني بلهجة ساحلية جيدة وكان يبدو أننا عناصر من العناصر الموجودين، وبعدها خرجنا. وفي يومها صديقي قال لي: أعطني القلم ودَعْهُ معي، فأنا لدي شعور أنه سيصيبك شيئاً ما في الغد.
وفعلًا في اليوم الثاني أنا ذكرت القصة وأدخلوني إلى المحل، وجاء ضابط مقدَّم من الجنائية، وقلت له: أنا أدافع عن البنتين، وأنا ليس لي علاقة بالشيء الذي حصل. وقال لي: أنت تدافع عن اثنتين من الخونة للسيد الرئيس، وهذا الشيء يحمّلك مسؤولية، ونحن سوف نعتقلك، وأخذوني بسيارة تكسي إلى الجنائية، وسجّلوا بياناتي ثم أخذوني إلى الأمن السياسي وبقيت هناك لمدة شهر.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2019/02/18
الموضوع الرئیس
النشاط قبل الثورةكود الشهادة
SMI/OH/131-05/
أجرى المقابلة
منهل باريش
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
آذار 2011
updatedAt
2024/05/06
المنطقة الجغرافية
محافظة دمشق-الجامع الأمويمحافظة دمشق-الحميديةمحافظة دمشق-المرجةمحافظة دمشق-مدينة دمشقشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي
وزارة الداخلية - النظام
قناة أورينت / المشرق
فرع الأمن السياسي في دمشق
القصر العدلي في دمشق