وبعدها خرجت [من المعتقل]، وكانت بالتأكيد الثورة قد بدأت، وبالتأكيد خرجنا بحماس أكبر حتى ننخرط بالحراك، وفي هذا الوقت في غيابي حصلت مظاهرة كبيرة في جامع الرفاعي، وخرج فيها أعداد كبيرة وشارك فيها الكثير من الناس، وطبعًا حصلت مظاهرة الجامع الأموي، وحصلت مظاهرة ثانية في الجامع الأموي، وحصلت مظاهرة في ساحة المرجة ، كل هذا في الشهر الذي غبته. طبعًا كلها موجودة وموثقة على اليوتيوب، ولما خرجت كنت أريد الانخراط وهنا بدأت فكرة "التنسيقيات"، وأنا اجتمعت مع بعض الشباب عندي في حي المهاجرين -وأنا ابن حي المهاجرين، وحتى منزلي قريب من القصر الجمهوري- وقلت للشباب: يجب أن نفعل شيء في المهاجرين، وعلينا تأسيس تنسيقية.

واتفقنا على تشكيل تنسيقية المهاجرين، وشكّلناها في الشهر الخامس (أيار)، بعد أن خرجت من المعتقل بـ 15 يومًا مع مجموعة من الشباب، وبداية الأنشطة التي قمنا بها أننا جهزنا لافتة كبيرة وضعناها على جسر عريق يربط بين حيَّين في المهاجرين على سفح قاسيون، وهو جسر الشطة، وكتبنا على اللافتة: "كوم حجار ولا هالجار" ونقصد بشار الأسد، وذيًلناها باسم تنسيقية المهاجرين. وهنا الأمن استنفر، ونحن لما فعلنا هذا الأمر كنا نظن أننا قد قمنا بعملية استشهادية بسبب كثرة خوفنا، وكان التصوير الساعة 5 صباحاً، وكان يوجد شخصان يراقبان وأربعة أشخاص ينفذون ويقومون بتعليق اللافتة الكبيرة، وجاء الأمن مباشرة، وكان هناك شخص تحت الجسر يقوم بالتصوير، وجاء الأمن مباشرة وطوّق الموضوع وأزال [اللافتة]، ونحن كنا قد هربنا.

وبعدها بدأنا -كتنسيقية- بأعمال وأنشطة سلمية؛ يعني: كل أسبوع يكون لدينا نشاط، وبنفس الوقت بدأت تخرج فكرة "اتحاد التنسيقيات"، واتحاد التنسيقيات بشكل أساسي نشأ في دمشق؛ يعني من شباب برزة والبرامكة والمهاجرين، وسهير الأتاسي بشكل أساسي. اشتغلنا على هذا الموضوع، وسهير في هذا الوقت توارت، وأنا ساعدتها في التواري وغيري، ولكنني بشكل أساسي أنا ساعدتها في أكثر من مكان لأجل الاختباء فيه، وهي اختبأت بشكل أساسي في المهاجرين. ومن وقتها المهاجرين -بما أنها كانت منطقة القصر الجمهوري- فنحن كنا حريصين أن لا يحصل فيها تصعيد أمني، ولا يكون فيها حتى التفكير بالسلاح بغض النظر عن موقف حمل السلاح من عدمه، لا يجب التفكير بالمهاجرين لأنها منطقة آمنة نسبيًّا ومستقرة نسبيًّا، وكان يوجد عدة نقاط طبية في المهاجرين، وكان يوجد عدة ملاجئ أو مخابئ للشباب الملاحقين، ونحن كان عندنا شباب داريا: يحيى وأسامة وغيرهم من الشباب كانوا مختبئين عندنا في المهاجرين في عدة منازل، وسهير اختبأت عندنا، وأنا لا أذكر بقية الشباب، وكنا نستأجر الكثير من المنازل في المهاجرين ونضطر لإحضار هويات شباب مسافرين حتى نقوم بكتابة عقد الإيجار عليها. وكان هذا هو نشاطنا، وكان عندنا نشاطات أسبوعية، ولا نستطيع الخروج بأكثر من مظاهرة طيارة؛ لأن الضغط الأمني في الحي كان شديدًا جدًّا، بالإضافة للرصد الأمني في كل المنطقة.

كان تواجدنا بشكل جُمَعي من شباب دمشق جميعهم كان لديهم مشاركة مركزية في حي الميدان: في مظاهرات حي الميدان في جامع الحسن، والكل كان يشارك بأنشطة خلال الأسبوع، وبعدها يذهب إلى الميدان في يوم الجمعة، وإذا كان يوجد ترتيب [لمظاهرة] في مسجد الرفاعي كانوا يذهبون إلى مسجد الرفاعي، وإذا يوجد ترتيب [لمظاهرة] في جوامع مناطقهم فعندها لا نذهب إلى الميدان، وإنما نذهب ونشارك عندنا [في مناطقنا]، وأحيانًا تفشل، ويكون هناك تطويق أمني ولا يتمّ الخروج بمظاهرة. وفي إحدى المرات أردنا الخروج من مسجد الشمسية في المهاجرين ولكنها فشلت؛ لأن الأمن كان موجودًا وكان يعرف وقد وصله خبر لا أعرف من أين. ومثلًا في المزة في مسجد المزة أمام كازية سعد هناك خرجنا في مظاهرة ونجحت وهكذا. ودائمًا كانت الحالة الافتراضية أن نكون إما في الدقاق أو في الحسن في الميدان، وإذا كان لدينا نشاط ثانٍ، يعني: مثلًا أحيانًا في كفرسوسة البلد في جامع كفرسوسة الكبير أو في الجامع الثاني أعتقد كان اسمه خزيمة يكون هناك يوجد تظاهر، وإذا لا يوجد تظاهر كنا نذهب إلى الميدان أو أحيانًا إلى الرفاعي. وهذا بشكل عام، ولكن خلف ذلك كان يوجد أنشطة أخرى مرتبطة بموضوع تمويل الحراك المدني، وإغاثة الناس التي بدأت في مناطق أخرى يحصل عليها تصعيد عسكري أكثر من الأمني.