التنوع الطائفي في حمص ودور حافظ الأسد في إنهاء الأحزاب المعارضة
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:23:02:14
في حمص لا يوجد خبث ولا يوجد بالعامية "بندقة" ومن أجل ذلك ينعتون الحماصنة بالسذاجة، وحمص فيها رخص كثيراً لأنَّ فيها فلاحين كثيراً وهي "أم الفقير" [كما] كانوا يقولون، وهناك جمهور كبير يأتي، بدوي وقروي، والعالم التجار كانوا يتعاملون معهم ببساطة، وأنا حياتي في حمص من ناحية الطوائف صحيح هناك أمر يستحق التفكير، أنا أصدقائي الأعزاء كلهم علويون ولم يكونوا كثيرين في حمص وقسم منهم يأتي من الخارج ويدرس في حمص، وكانت علاقاتي وصديقي اسمه خضر وهو شاعر وكان أحمد إسكندر ،وأغلب أصدقائي في عمري من حمص كانوا علويين، والعلويون لماذا كانوا أصدقائي ليس لأنَّني ليس لدي علاقة مع الآخرين، العلويون مثل أي أقليَّة، الشباب عندهم حين يصبح لديهم فرصة يصبحون أكثر ديناميكية ليتعلموا وهم أقل محافظةً من المسلمين العاديين الذين يميلون إلى أن يكونوا بعقلهم محافظين وأقرب إلى التدين والتدين هو جزء من ثقافتهم اليومية، أما العلويون القادمون من الخارج ولم يكونوا كثيراً مندمجين في المجتمع ولديهم نفس الثقافة وذهنهم منفتح أكثر للجديد والثقافة والشعر والأدب وهم الأكثر انفتاحاً نحو الشعر والأدب وكل شخص مثلنا يكون مثقفاً مسلماً، ولكن لم نكن نعامل أنفسنا كمسلمين، ولكن من جذور مسلمة وماضٍ في الثقافة والنقد والتغيير [وبالتالي] نرى أرضاَ مشتركة أكثر مع العلويين والمسيحيين، والمسيحيون كانوا مثلنا لم يكونوا مثل العلويين: قسم محافظ ومثل المسلمين في ثقافتهم، ولكن العلويين لديهم يقظة أكثر وهم يريدون أن يأخذوا مكانهم وهم أقرب للريف ومهمشين.
هم مثل كل أهل الريف يشعرون بالتمييز، وليس معي أنا فأنا صديق ولكن يمكن أنَّ الأهل يضعون في رأسهم أنَّهم كانوا مثلاً يعملون أحياء خاصة بهم وهي أحياء شعبية مثل كل المهاجرين الريفيين، وأنا أعتقد أنَّ الحساسيات زادت وبقي في حمص الجو الثقافي لا يوجد تمييز وأعتقد إلى الآن، والثورة أحدثت شرخاً كبيراً وهذا موضوع طبيعي فهي وضعت المسلمين والعلويين أمام تحد (يا قاتل يا مقتول) ولم يعد هناك حساب عقلاني، ولكن على العموم على مستوى المثقفين لم يكن هناك تمييز ولكن على مستوى الجماعات بدأ التمييز مع شعور الناس أكثر فأكثر أنَّ السلطة تميل لصالح طائفة (وهذا خرج فكرة عدس وما عدس) وأنَّ الأقليات هم الحاكمون وهذا من الـ 1965 أو 1966 [حيث] كان هناك توجه إلى تفضيل العلويين على غيرهم في الوظائف وهذا خلق رد فعل عند السنة ورد فعل عند العلويين فيما بعد واستثمر الأسد في هذا وهو مكان الاستثمار الرئيسي للأسد وهو في أن يرهن طائفة ويحولها لخزان كوادر مخلصة وتابعة بدون أي اعتراض.
هذا ممكن كان هناك من قرنين لا أحد يعلم أنا أعلم أنَّ هناك قصة للمسيحيين وكان هناك اضطهاد للأقليات من قبل أي إمبراطورية لا تحب أن يتميز أحد ولكن لا تقتله لأنَّهم يقبلون التميز وهي مثل بطن (معدة) يضع كل شيء في قلبه والذي يتمرد عليه يقتله ولا يقبلون التمرد، ولكن يقبلون التنوع والإمبراطورية العثمانية فيها مسيحيين وأرمن وعرب وشركس وترك وإلخ، وضمتهم كلهم لبعض، ولكن يؤثر عليهم الخضوع للسلطة أو التمرد عليها.
أتيت إلى فرنسا وهنا كوَّنت فريقاً معارضاً عملياً وأنا معارض عملياً من البيئة ومن الستينات ولم أكن مع [حزب] البعث وكنت أعتقد أنَّ البعث وإلى الآن دُعِم خارجياً من أجل مواجهة [جمال] عبد الناصر وكي يقوِّض الفكرة العربية التي كان عبد الناصر رمزها، وليس معنى ذلك أنَّ عبد الناصر كان على حق هذا أمر آخر، ولكن كان هناك قوة صاعدة في المنطقة وتدعو لمشروع توحيدي والغربيون خائفون أن تخرج من يدهم منطقة الشرق الأوسط وكان لديهم هدف في خلق نزاع داخل الحركة القومية، ودعم البعث وسلطة البعث كانت لتقويض الناصريين وقوضوا الناصريين، والبعث هم الذين لعبوا في الـ 1967 وزجوا عبد الناصر في الحرب ونجح البعثيون في تقويض الحركة القومية العربية في عهد عبد الناصر إلى اليوم وجعلوا من العروبة شيئاً مكروهاً وشيء العرب نفسهم أصبحوا يتبرؤون من عروبتهم بسبب الإساءات التي قامت بها النظم البعثية التي قتلت كل قادتها البعثيين وأصبحت سلطات عسكرية ونظماً عسكرية.
حافظ الأسد خدع أشخاصاً كثيرين وأنا أذكر تلك المرحلة وكانت أنا بدايتي في فرنسا وكنت أتابع باستمرار والخطاب الذي قام فيه الأسد في البداية وهو في فترة صناعة حكمه وانقلابه كان خطاباً ديمقراطياً ووطنيًا [قائلًا] "سنغلق المزة (سجن المزة)" ومن يومها اتهم الفريق الثاني الذي انقلب عليه أنَّهم الطائفيون والاستبداديون، وانفتح الأسد الأب وأظهر انفتاحاً على المعارضة وشعروا أنهم سينقذون بلدهم من كارثة والبلد ذهب من يد السياسيين ومن الـ 65 و 66 تبين أنَّ البلد بعيد جداً عن سيطرة أي شيء سياسي والأسد حاول أن يؤمن بذلك والناس كانوا تقدميين يقبلون أن يتعاملوا مع نظم ديمقراطية شعبية وقبلوا أن يقوموا بجبهة تقدمية (الجبهة الوطنية التقدمية) بمن فيهم جمال الأتاسي وحتى الحزب الشيوعي وإلى آخره.
والناس التي مازال عندها نفس معارض ولم يكونوا مقتنعين أن يشاركوا في السلطة وفكرتهم أنَّه يجب أن يكون تغيير في البلد وحزب البعث غير مقبول كما هو يجب أن يكون هناك تغيير اصطدمت الأحزاب السياسية المعارضة الجدية مثل الحزب الشيوعي والمكتب السياسي والاتحاد الاشتراكي و[جمال] الأتاسي بأنَّ حافظ الأسد يضحك عليهم وهو يقدم لهم جبهة فارغة من السلطة فقط واجهة، والدليل منعهم من العمل في أوساط الطلاب، والجيش واحتكر لنفسه السلطة فانسحب جمال الأتاسي والاتحاد الاشتراكي في تلك الأيام والحزب الشيوعي، وبقيت الأحزاب التي أصبحت حاشية للنظام. والجبهة التقدمية خلال الثورة لم نسمع بها وهي مثل حزب البعث اختفت وأقصد أنَّ مفهوم الخطأ ولكن الذي كان صادقاً في موقفه السياسي انسحب من الجبهة، ولكن الذي فعله حافظ الأسد بتلك الطريقة استطاع أن يقسم الأحزاب فالشيوعيون قسم بقي وقسم خرج والاتحاد الاشتراكي خرج كلياً من الجبهة وهذا الوضع كان مفهوماً في تلك الفترة، ولكن بعد ذلك بعد الـ 1973 والسيطرة المطلقة لحافظ الأسد على السلطة لم يعد هناك أي معنى لتحالف الجبهة وكلمة الجبهة هي مهزلة وهي منافع للناس الذين يريدون أن يستفيدوا قليلاً وهكذا فهمها حافظ الأسد [أنه] "أنا أضع لهم وظائف ووزير وسيارات" وهم لعبوا لعبة تسيء لهم كثيراً وهذا بعد ذلك أصبح مهزلة ولم يعد هناك اتحاد.
الذين بقوا مع حافظ الأسد سياسياً انتهوا، وبقي الحزب الشيوعي وبكداش، ولكن أصبح الناس ينظرون لهم أنَّهم منتفعون والأحزاب التي بقيت معارضة وهم الاتحاد الاشتراكي والمكتب السياسي هما الحزبان الرئيسيان، والذين بقوا على خط معارض بين متطرف ومعتدل، ولكن على خط معارض وغير قابلين بالصيغة التي فرضها النظام وإدارة البلد وانشقوا بين بعض.
سُجن بعد فترة ودخل رياض الترك لفترة طويلة وتوفَّي جمال الأتاسي في الـ 2000 ولحد هنا لم يكن هناك انقسام وبعد أن خرج رياض كان يحترم جمال ولم يكن لديه معه مشكلة ولم يكن بادياً أنَّ هناك تنافساً كبيراً على القيادة وكانت ملاحظات رياض من حديثي معه على جماعته الذين كانوا يأتون لرؤيتي خلال سجنه وأنا في حمص يزوروني في السر وهما عبد الله هوشة ومازن عدي وكانوا أكثر من مرة قد أتوا وزاروني وكانوا يعيشون في [الحياة] السرية ويبدلون من منزل إلى منزل وكنت مقدراً كفاحهم وصمودهم في تلك الفترة، وكان لديه شعور رياض [الترك] أنَّ هؤلاء كسبهم جمال الأتاسي وأصبحوا من جماعة جمال الأتاسي وهم تعاونوا معه وعملوا معه وكنت أقول له: ليس لديهم حل آخر والذي فعلوه ليس له خيار ثان.
خلال وجود جمال لم يكن يقولها وحين وُجِد حسن عبد العظيم وحسن سقفه منخفض بالنسبة للنظام وهذا أعطى لرياض ذريعة [قائلاً]: نحن غير الاتحاد الاشتراكي وخط الاتحاد الاشتراكي ضعيف للغاية وهؤلاء يعملون مع السلطة، والأصل هو انتقاد رياض لجماعته نفسه عبد الله [الهوشة] ومازن [عدي] لأنَّه اعتقد أنَّ هؤلاء باعوا استقلال الحزب للاتحاد الاشتراكي وكان همه استرجاع الحزب من جمال الأتاسي وهو يركّبه (يعيد تشكيله) كحزب مستقل. وأنا ناقشت ودعاني جمال الأتاسي قبل خروجي إلى سورية مرتين وعملنا ولم يكن يشعر إطلاقاً جمال الأتاسي وأنا كتبت عنه أموراً جيدة وهو لم يكن يعطي بالاً بأنَّ هؤلاء أصلهم شيوعي وما إلى ذلك ولكن رياض كان يعتبر أنَّ جمال أغراهم أو جذبهم وحولهم وأصبحوا من جماعته وأصبح سقفهم أخف وأخفض من سقفه وهو يعتبر أنَّ جمال بهذا المعنى صحيح، ولكن كان يعتبر أنَّ موقفه أخفض كثيراً من موقفه وكان رياض الترك كان يريد أن يثبت أنَّه الراديكالي الوحيد في المعارضة السورية وأنَّ البقية كلهم على هامش النظام وأنَّ جمال لم يقم بشيء ضد النظام. ويمكن في بداية الخلاف أو الشعور في الاختلاف أولاً في قيادة جمال وبعد ذلك بقيادة حسن عبد العظيم. هم بعد أن سُجِنوا وكان هناك صدام مع الحركة (حركة الإخوان المسلمين) في الثمانينات رياض الترك وقف إلى حد كبير مع التمرد الذي حصل في حلب وحماة والذي انتهى بالمذبحة في آذار 1982 وكان اسمها باسم الثورة الإسلامية والإخوان المسلمين، وكان حدثًا كبيرًا مرَّ علينا ولم يكن هناك نقاش كثير. ورياض الترك كان موقفه داعماَ للحركة وهذه بصرف النظر عنها هي حركة للمعارضة ضد النظام ومضمونها ليس إسلامياً بل سببها الديكتاتورية أما جمال الأتاسي أخذ موقفاً أقرب للنظام وأنَّنا لا نتحالف ولا نتقرب من هؤلاء، وتمسَّك بأنَّه من القوى العلمانية التي قرَّبته أكثر من النظام، ومن هنا نشأ الشرخ بين المكتب السياسي وبين الاتحاد الاشتراكي بعد أن كانوا متفقين حين خرجوا من الجبهة الوطنية لحافظ الأسد في الـ 73 أو 71 لا أذكر وتحتاج لتدقيق هنا … فلذلك كانوا مع بعض ولكن الموقف من الحركة الإسلامية وأحداث الـ 82 أشعرهم أنهم بعيدون عن بعض ومن أجل ذلك كانوا يتهمون جماعتهم أنَّهم نزلوا لسقف جمال يعني نزلوا لأنَّهم لم يبقوا على خط القطيعة مع جمال الذي وقف مع اعتقالهم [حسب اعتقادهم] فهو أدان حركة الـ 82 وأدان الذين دعموها الذين هم رياض الترك فكان هناك قطيعة سياسية بين الاثنين ورياض الترك كان يرى جماعة حزب الاتحاد الاشتراكي المقابلة أقل راديكالية في مقاومتهم للنظام ومستعدين أن يلعبوا معه مثلما حصل في حماة بينما هو بقي على خط واحد أنَّ هذا النظام سيئ وديكتاتوري وفاشي وكل عمل ضدَّه نحن معه.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2022/02/22
الموضوع الرئیس
النشاط السياسي قبل الثورة السوريةكود الشهادة
SMI/OH/91-02/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
باريس
التصنيف
سياسي
المجال الزمني
قبل الثورة
updatedAt
2024/04/18
المنطقة الجغرافية
عموم سورية-عموم سوريةمحافظة حمص-مدينة حمصشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
جماعة الإخوان المسلمين (سورية)
حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي في سورية
حزب البعث العربي الاشتراكي
الحزب الشيوعي السوري
الجبهة الوطنية التقدمية
الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي
الحزب الشيوعي السوري - بكداش
سجن المزة العسكري