المشهد العسكري بداية الثورة ومحاولات غليون تشكيل جيش عسكري موحد
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:27:26:13
كان ذلك (الانشقاقات) شيئاً مهماً للغاية لصالح الثورة، وكنت أراه تهديداً للنظام القائم، وهو جزء من تفكك النظام القائم، وكنا نشجعه. وبالمناسبة، [حسين] هرموش كان يتصل بي هاتفياً، وكنت أتصل به، ويسألني، ويأخذ بعض النصائح، وتكلم عن ذلك على التلفاز، وقالوا له: مع من كنت تتصل؟ قال: كنت أتصل ببرهان غليون. وسألوه: عن ماذا كنتم تتكلمون؟ فأجاب: كان يطمئن عن صحتي، وتكلَّم كلاماً…
وأما كيف تحدث معي؟ فقد كنت أعرف شخصاً من أقاربه، تكلَّم معي، وقال لي: "هذا المجنون يريد أن يدخل على سورية" بمعنى: أنَّه مغامر، وسيدخل إلى سورية، وهو واضع روحه على كفه، وأريدك أن تتكلَّم معه. ولم يكن هناك (لم يؤسس بعد) مجلس وطني، وكان اسمي معروفاً بصفتي حكيماً أو مثقفاً. وقال: أريدك أن تتكلَّم معه من أجل تهدئته قليلاً. فتكلمت معه، وكان هو يريد أن يدخل، أو يقوم بعملية، وناقشته، واطمأننت عليه، واطمأن هو، وقلت له: ابق، وانتبه لنفسك، ولا نريد أن نخسرك، ولا نريدك أن تضحي بنفسك، والموضوع مازال غير واضح. وقد تكلَّمت معه مرتين أو ثلاثة؛ لأطمئن عليه، وتابعته من أجل ألا نخسره، ولم أكن أراهن عليه، ولا أعتقد أنَّ لديه خططاً، ربما ضخموا الأمر فيما بعد؛ لأنه شخص شريف ونزيه وفدائي، ولديه منطق فدائي، ولكن على الصعيد السياسي، لا أعتقد أنَّ لديه شيئاً، وكان لديه رؤية: أنّنيَ ضد هذا النظام، وسنحارب ضدَّه.
لا أعلم أنَّ هناك سياسيين كانوا على تواصل مع العسكريين، وتقديري أنَّ الناس القريبين من هيئة التنسيق كانوا واعين لأهمية وخطورة التطورات العسكرية، وهذا من خلال كلامك الذي قلتيه يدل على أنهم لا يعرفون الموضوع كثيراً، كانوا يظنون أنَّ هناك جيشاً حراً منظماً.
والذي حدث هو: أنه بسبب غياب قيادة سياسية، لا تريد أن تنتظر ستة أشهر، بقيت التظاهرات سلمية ستة أشهر، ولكن خارج المنظر هناك قوى بدأت تسلح نفسها من الشهر الثاني [للثورة]، وخاصة الإسلاميين، نسي الناس أن السلاح لم يدخل حين خرج الهرموش، ولكن الهرموش هو فرع من فروع السلاح، وهؤلاء المنشقون العسكريون الذين حرفتهم الجيش خرجوا مسلحين، وبقوا ضباطاً منشقين، وإذا بقيت ولدي رغبة في الكفاح سأحمل السلاح، وسأحارب بالسلاح. وهذا ما فعله الهرموش، وهذا الذي فعله رياض الأسعد فيما بعد. ولكن على هامش كل ذلك، خرج شباب من الشباب المتظاهرين، بحثوا عن أسلحة بسيطة لديهم من أجل أن يدافعوا عن مظاهراتهم؛ من أجل أن يضربوا الشبيحة، وهذه بقيت مستخدمة شهراً ونصف من أجل أن يحافظوا على استمرارية المظاهرات؛ لأن الشبيحة كان هدفهم منع التظاهرات، وكان كل ذلك [عملاً] فدائياً، ولم يكن ذلك خيار السلاح، ولكن بسبب غياب القيادة؛ اجتهد كل شخص في كيفية الحفاظ على النشاط لديه، والذي هو نشاط شرعي، وأنا أؤمن بأنه شرعي، بمعنى: نحن شباب نقاتل من أجل الحرية، [فهل ندعهم] يقتلون شبابنا بدون ثمن؟ فمن القادر على أن يقف في وجه شيء كهذا؟ ومن القادر على أن يقول للشباب: لماذا تدافعون عن أنفسكم؟ وهذه عقدة مشكلة السلاح، هذه نقطة، وهناك نقطة أخرى وهي: هناك شخص اسمه أمجد البيطار، وهو شيخ، بدأ من الشهر الثاني (للثورة) يكوِّن في حمص كتائب الفاروق، وأخذ مساعدات من بعض الدول من أجل تشكيل كتائب من الشهر الثاني، حتى يعرف الناس أن السياسيين لم يكونوا قد اجتمعوا بعد، ولم ننتهِ من الكلام معهم، وكنا نقول لهم: أسرعوا قبل أن تفلت الأمور من أيدينا، بمعنى: كل شخص يفعل ما يريد. وأتى المجلس الوطني، وقلت قبل ذلك: إنها كانت عملية إنقاذ قبل الموت؛ لأن الأمور كانت قد أفلتت، و[قطعت] أشواطاً، كان هناك مائة ألف مسلح بين المعارضين في الساحة على الأقل، ولا أحد يعرف من هو قائدهم، ومن يسلحهم، ومن يمولهم، وهؤلاء يعملون لوحدهم. وكيف تفلت الأمور؟ تفلت الأمور عندما لا يكون هناك إدارة مركزية تنسق، وتجمع، وتعرف حتى المعلومات، وهذه المعلومات التي جمعناها فيما بعد.
إذاً بدأنا بشباب الثورة، من كان لديه بارودة صيد قديمة أخرجها لتخويف الشبيحة، وكان هناك أشخاص مهووسون بالمعارضة المسلحة أصلاً، وهذه ليست المرة الأولى التي تدخل فيها المعارضة المسلحة إلى سورية؛ فنحن عشناها في الثمانينات، وحتى عشناها قبل ذلك. وبدؤوا يشكلون فصائلاً، ولا نعلم إذا كان قسم منهم وراءه المخابرات، وهم من دفعوه، ولم يعد أحد قادراً على ضبط الوضع، يجب أن يتم تحقيق في المستقبل حول كيفية بناء أول كتيبة. فخرج هؤلاء، ثم بدأ الإخوان المسلمون يتسلحون-أمجد بيطار لم يكن من الإخوان المسلمين، كان له تيار آخر- وهم كانوا ينظمون، ويحضرون للمستقبل، وهم لن يتصلوا بي أو بغيري، ويخبرونني ماذا كانوا يفعلون. حتى أنه كان هناك فصائل تكوَّنت في بعض القرى: أولاد عائلة واحدة وأسرة واحدة، أعلنوا أنفسهم كتائباً، ولم يسمع بهم أحد، وذهبوا يشحذون أموالاً ليقاتلوا، وكل يوم كان هناك كتيبة، وفي فترة من الفترات، أصبح لدينا ألفا كتيبة.
طالما لا يوجد قيادة منظمة، وتتابع، ولديها مصداقية، ويأتي الناس إليها يقولون لها: نحن نريد أن نشكل كتيبة، حتى القيادة ليكون معترفاً بها وشرعية؛ فلن تتجول بين القرى، وترى أين تتشكل الكتائب، يجب أن يكون لها مصداقية وتأييد؛ حتى إذا فعل الناس شيئاً لا يفعلونه لوحدهم، بل يقومون به بالتوافق مع القيادة.
فبقيت الثورة سبعة أشهر بلا قيادة سياسية، وهي في حالة حرب حقيقية (دبابات وأسلحة ثقيلة). ومن يتصور أنّ هذا الشعب الذي يتعرض للدمار من قبل جيش لا يخرج منه أشخاص يقولون: كفى، ويحملون السلاح، ومن سيراقبهم؟ ومن قادر على أن يعرف أين خرجوا؟ وبأي مكان، وتحت أي ظرف؟ فتفجَّر السلاح؛ لأنَّ هناك عنف، وقسم منه كان مدفوعاً من النظام، والنظام كان يريد أن يجعلها مسلحة، ليس المجلس الوطني، وليست المعارضة، والنظام حين دعم الاتحاد الديمقراطي الكردي وبشكل مكشوف، وإطلاق سراح المعتقلين (المعتقلين الإسلاميين) بعد شهرين، هؤلاء المعتقلون أصلاً كانوا يعملون في السلاح طوال حياتهم، لا يحتاجون إلَّا لأسبوع واحد ليشكلوا كتيبة، وهم أصبحوا قادة الفصائل الكبرى فيما بعد، مثلاً: الحموي، والجولاني، كل هؤلاء كانوا مسجونين في [سجن] صيدنايا.
فالمشكلة كانت: أن السلاح لا يمكن لأحد أن يضبطه في البداية إلَّا إذا تكوَّن إطار سياسي شرعي واضح، وتم القيام بخطة للسيطرة على السلاح، ومنع تشتت السلاح. وليس بعد ستة أشهر، فبعد ست أشهر حاولنا، وفشلنا، وأكبر هم لدي كان هو وضع السلاح تحت السلطة السياسية؛ ومن أجل ذلك عينت عميداً متقاعداً اسمه: هاشم عقيل من أجل أن يضبط السلاح. جاء العميد، وقال لي: يجب أن تقوم بتدخل دولي. وقلت له: يا أخي، نحن جئنا بك حتى تجد لنا طريقة نضبط السلاح بها، وتشتت السلاح. وأقصد أنا أنّهَ بدون إطار كان يجب أن نتوقع أنَّ السلاح سيذهب إلى كل مكان، ولم يكن النقاش بالنسبة لي: هل نسلح الثورة أم لا نسلحها؟ ولكن كان التحدي: كيف يجب أن أوحد السلاح؟ وكيف ألغي الفصائلية؟ وكيف أضع السلاح تحت قيادة؟ أعرف إلى أين أوجهها، وليس قيادة فيها إخوان، وفيها جهاديون، وفيها تكفيريون، وفيها سلفيون وعوائل وأسر، أقاموا فقط ليستفيدوا. وهذا التحدي الذي لم يفهموه. وعندما استلمت (ترأست) المجلس الوطني كان السلاح منتشراً بشكل هائل، وكانت دول كثيرة قد بدأت تدعم على المكشوف (بشكل معلن) تقريباً. حاولنا في البداية، حيث كان لدي عدة مشاريع نفذتها، وكلها أفشلتها المعارضة بشكل أساسي وليس الآخرون. في المشروع الأول، ذهبت في الشهر الأول الذي استلمت فيه المجلس، وكان الموضوع يشغلني بشدة، ليس لأنهم كانوا يستخدمون السلاح، بل لأنَّ النتيجة ستكون كارثية إذا لم أعرف: كيف يستخدمون السلاح؟ وأين يُستخدم؟ ولأي أهداف يُستخدم؟ فذهبت، وسألت في إسطنبول، فقال لي أصدقاء: أنَّ هناك لواءً مصرياً متقاعداً، وهو مدير شركة لشخص عربي، وطلبت مقابلته، وأحضرته، وطرحت عليه السؤال؛ لأنني أريد شخصاً عسكرياً، وشرحت له المشكلة، وقلت له: نحن لدينا تشتت. قال لي: لن تستطيع أن توحدهم، انتهى الموضوع، وكل شخص أخذ مكانه، من يستطيع أن يوحدهم؟! فقلت له: ما هي الطريقة؟ بصفتك ضابطاً، وكان خبيراً فعلاً. قال لي: أنا أعطيك حلاً وحيداً: يجب على المجلس الوطني أن يشكل فصيلاً أو كتيبة أو جيشاً، ويعطيه رواتب، ويكون تحت إشرافه ألف أو ألفا شخص تقريباً، وهذا يشجع كل الناس الذين ليس لديهم موارد؛ حتى ينتسبوا له من قلب هذه الكتائب الصغيرة التي ترتزق، وسيصبحون فيما بعد أمراء حرب، وثانياً: أنت تستطيع أن تمركز هذه القوات من خلال قوة تنظمها أنت، وتجذب كل الناس الذين لم يعد لديهم موارد؛ فينضموا إليك، وتصبح أنت القوة التي تفرض رأيها، وتنظم كل هذه القوة. وطرحت المشروع على المجلس، منهم من عارض (أحمد رمضان وغيره)، وبعد ذلك فهمت لماذا رفضوا، وأنا لست عبقرياً [لأعرف] أجواءهم السياسية، وأنا لا أعرفهم جيداً في الأصل، ظننتهم صادقين جميعاً، فتبين لي أنهم ينظمون قواتهم العسكرية بالخفاء، كيف يقبلون بمشروع توحيد القوى العسكرية، وهم لديهم هيئة حماية المدنيين وغيرها، وغيرهم لديه كذلك. وكان لديهم تصور بأنَّ برهان شخص علماني، وهؤلاء معظمهم من الذين دخلوا بالسلاح، [لسان حالهم يقول]: كيف أسلم رقبتي لشخص مثله، ومن الممكن أن يشرِّع أحد منهم ويقول: هل يجوز أن يستلم السلطة شخص علماني، والعلماني منهم بالنسبة له يعني: أنه كافر-بالنسبة لبعضهم على الأقل- فلم يستجب أحد للمشروع الذي آمنت به، والذي قاله لي اللواء كان صحيحاً، هذه هي الطريقة الوحيدة حتى لا تذهب الأمور بمائة طريق.
قلنا نقوم بتشكيل لواء مؤلف من ألف شخص، ونأتي بفصائل نوحدهم، ونشكله منهم. ثم اقترحت اقتراحاً ثانياً، ولكن لم ينجح، والاقتراح الأول تجاوزه الوقت، والدول يجب أن تكون قد تدخلت به.
وفكرت أن أجمع الضباط المنشقين، وكنت ذهبت إلى الضباط أكثر من مرة، كنت أزورهم في معسكر الضباط المنشقين دائماً، وأشجعهم على أن يدخلوا، وعلى عكس الذي أتيتِ به، كنت أذهب إليهم، وأقول لهم: أنتم خلقتم للحرب، كيف تتركون شباباً صغاراً ومدنيين لا يعرفون استخدام السلاح؟! وأنتم جالسون هنا في المخيمات، وهذه مهنتكم.
هذا كان أول استلامي للمجلس، وكنت أنبههم، وأقول لهم: يجب أن تنزلوا، وفي آخر المجلس، حاولت القيام باجتماع بين قادة الفصائل الكبرى، وبين الضباط الكبار، واتفقنا أن ينزل الضباط المنشقون مع الكتائب. وكانت المشكلة: أنَّ قادة الفصائل المدنيين لا يقبلون أن يعطوا قيادتهم لأحد، بمعنى: نحن نقاتل منذ ستة أشهر أو شهرين أو ثلاثة، من هذا المنشق؟ وكيف أعرف أنه ليس من المخابرات؟ فهذه كانت مشكلة كبيرة. وفي نفس الوقت، أولئك العسكر يقولون لك: كيف أعمل تحت قيادة شخص بلا رتبة؟! وأنا عسكري برتبة ضابط مقدم أو ملازم، كيف أعمل تحت قيادة شخص نجار؟! وهكذا كانت الأمور.
ووجدنا صيغة، وفكرت بصيغة، ولم يكن أحد يهتم بالموضوع، أقنعت الضباط، وقلت لهم: أنتم تدخلون مستشارين؛ حتى لا يأمركم أحد بشيء، وحين يخوضون معركة يجب أن تضعوا لهم الشروط العسكرية. وخلال فترة صغيرة يكتشفون أهميتكم، وتصبحون في القيادة، ونريد أن نقوم بالتفاف على التناقض. وقلنا لأولئك المدنيين: إذا أتى إليكم شخص عسكري تخففون من الضحايا، وتنجحون في عملياتكم، وقليلاً قليلاً يستلم الضباط الفصائل فيما بعد، والضباط في الأصل لديهم معرفة بالنظام والانضباط والمراتب والتنظيم، وكانت هذه هي المراهنة.
ومن أجل هذا الشيء اتصلت باللواء محمد حاج علي- ليريني الذين ينتقدون: ما هي المبادرات التي قام بها الآخرون من أجل هذا الموضوع- وكان منشقاً منذ عشرة أيام تقريباً (تاريخ الإنشقاق 2 آب/ أغسطس 2012 – المحرر)، ولم نكن نعرف بعضنا قبل ذلك، اتصلت به هاتفياً، وكان في الأردن، قلت له: لواء- وأنا كنت رئيس مجلس- أريدك أن تأتي في أسرع وقت، بدون أي مقدمات، ويجب أن تأتي، فقال لي: ليحجزوا لي بطاقة، وسأكون عندك غداً، وخلال يومين كان عندي، واتفقنا على هذه الخطة التي كنت أتكلَّم عنها، وذهبت معه، وزرنا من جديد كل مخيمات المنشقين من العسكريين السوريين، وكوَّن الشخص فكرة، وهو ليس مجهول الهوية، كلهم يعرفونه، وذهب إليه الضباط، وكان رئيس كلية الدفاع الوطني. فشكَّل هيئة أركان مؤلفة من ثمانية أو تسعة ضباط كبار كلهم عمداء، والذين كانوا أعلى رتبة في كل سلاح: سلاح المدفعية والجو وكذا، وكان يعمل بشكل مهني.
وقلنا للسيد رياض الأسعد أن يأتي، وأخذ رياض الأسعد موقفاً سلبياً؛ لأنَّ العسكريين سيأخذون منه القيادة، ومشكلة رياض أنَّه كان يريد أن يحافظ على المقعد، وكل الأزمات السياسية كانت بسبب عدم وجود تداول للسلطة: فأنا إذا جاءت رتبة أعلى مني وهذا لواء، ورياض كان عقيداً، فمعنى ذلك أنني أصبحت في الخارج. وكان رياض مستلماً المالية والقيادة. كان رياض الأسعد مستلماً إعلان رئيس الجيش الحر، ولكن الجيش الحر هو فصائل مستقلة، وهو كان يجمع الدعم، ويعطيه لتلك الفصائل، ويعتبر أنَّ ولاءهم له، وكلهم 150 فصيلاً، وكل فصيل يعمل لوحده، بمعنى ليس لها طابعاً عسكرياً، وليس جيشاً بالمعنى الحقيقي، رغم قيادتهم لمعارك، وتحريرهم أراض، ولكن كان هدفنا تمركز السلطة العسكرية؛ حتى لا تفلت الأمور.
فأنشأنا هيئة الأركان، وقمنا بالمؤتمر، وكنا على تواصل مع رياض الأسعد، ورفض رياض الأسعد المشروع. وبعد ذلك، قمنا بدعوته إلى الاجتماع الأخير، ولم يأتِ، والوالي في كلس هو الذي أقنع رياض الأسعد بأن يأتي، وأتى الوالي معه. وأول ما تكلَّم رحبنا به، ورحَّب به اللواء محمد حاج علي، وكان لديه كل المعلومات. ولكن صدم جميع الضباط، وكان الموجودون هناك عشرون ضابطاً برتب أعلى منه، وقال رياض الأسعد: أنا لم آتِ من أجلكم، ولكن أتيت من أجل الوالي. شيء [مثل هذا] يجعلك تبكي، لماذا من أجل الوالي؟! هناك قضية، وهؤلاء المنشقون ليسوا خصوماً، وهم لم يأتوا ليلعبوا، هم يريدون أن يعملوا في القضية، وكدنا نموت حتى جمعناهم. ولكن هو كان محتكراً كل شيء، لا يريد أحداً-لا يعرف السوريون لماذا نحن نتكلم عن ذلك- هذا الكلام له دلالة، وإذا لم نعرف أن نتشارك مع بعض فلن نتقدم، وكل شخص يريد أن يحتكر القرار والنفوذ والسلطة؛ و[بالتالي بهذه الطريقة] لا يتشكل مجتمع أو جيش أو حزب أو تجمع حزبي. وإذا لم يكن هناك طريقة لتقاسم السلطة، وتداولها، وتوزيعها على الناس، [أو بمعنى آخر]: القائد اليوم قد لا يكون قائداً غداً، هناك تداول، وأنا اليوم رئيس الجيش الحر، وغداً يأتي شخص أعلى مني فأعطيه رئاسة الجيش، ولكن هذا لا يعني أنني مت أو انتهيت. ربما غداً أصبح رئيساً، وقد أبدع في عملي، وآخذ موقعاً. وهذه المحاولة أيضاً قاموا بإفشالها: بعد أن قمنا باجتماع واسع للمنشقين الذين يفترض أن يكونوا هم الجيش الحر، وكان الوالي موجوداً، والأتراك مبدئياً ليس لديهم مشكلة، ولو كان لديهم مشكلة لم يكن الوالي سيقنع رياض الأسعد بأن يحضر الاجتماع.
وقررنا مباشرةً مؤتمراً بعد أسبوع، وأنَّ هؤلاء الضباط الذين جمعناهم سنجمعهم مع قادة الفصائل الكبرى داخل سورية، والذين اسمهم الجيش الحر، وحددنا موعداً، وكان في أنطاليا، وفي يوم الموعد، أنا واللواء محمد الحاج علي ذهبنا في الساعة الثامنة صباحاً، وانتظرنا حتى الساعة الثانية ثم الثالثة ثم الرابعة، ولم يأتِ أحد. وكنا ننتظر قادة الفصائل، وكان هو والضباط معنا، ولكن كنا نريد أن نجمع من أجل أن نتشاور: كيف نتعاون؟ لا أحد يعمل لوحده، وأنا ليس لي علاقة بالموضوع، أنا سلطة سياسية تحاول أن تنظم الموضوع. وإلى ما بعد الظهر، ونحن جالسون، نتساءل ما الموضوع؟ ثم أتانا شخصان يقولان بأنه جاءتهم مكالمة أخبروا من خلالها: أنه من يذهب ويحضر مؤتمر برهان غليون ومحمد حاج علي لن تأتيه بعد ذلك مساعدات أو أسلحة أو ذخيرة. وفي اليوم التالي، أتى تهديد مجهول [المصدر] للواء أيضاً. المهم أننا بقينا حتى الساعة السادسة، أتانا شخصان، وشرحا لنا: أنَّ هناك أشخاصاً هددوهم، ولهذا السبب لم يأت الباقون. وعدنا خائبين إلى إسطنبول، ولم نستطع تحقيق شيء.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2022/02/25
الموضوع الرئیس
التجاذبات في الساحة العسكريةكود الشهادة
SMI/OH/91-11/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
باريس
التصنيف
عسكري
المجال الزمني
2011
updatedAt
2024/12/03
المنطقة الجغرافية
عموم سورية-عموم سوريةشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
مخيم الضباط السوريين في تركيا
الجيش العربي السوري - نظام
جماعة الإخوان المسلمين (سورية)
هيئة حماية المدنيين
المجلس الوطني السوري
هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي
كتائب الفاروق
سجن صيدنايا العسكري
حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)