الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

النشاط السياسي قبل الثورة والاعتقال بتهمة تأليب الأمة

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:22:03:05

حقيقة في مرحلة ما أخذ النظام قرار أنَّ محاكمات السياسيين والصحفيين وأصحاب الرأي –وهذا جزء من الإصلاحات- لم يعد يحاكمهم في محكمة أمن الدولة العليا وأصبح يحاكمهم - وأيضًا هذا جزء من الضغوطات- في محاكمة الجزاء العادية، فكنا نذهب إلى الجلسات وكان يذهب الدبلوماسيون وبالنسبة لنا على الأقل كمؤسسة هذا الذي بدأ يكسر الحاجز مع الدبلوماسيين، وأصبحنا نذهب إلى جلسات المحاكمة ويكونون موجودين وأحياناً يكونون موجودين قبلنا وهذا بدأ يخلق احتكاكًا بيننا، وكان هناك احتكاك مع المراكز الثقافية مثل مسرحية قام بها تامر العوام رحمه الله كان اسمها "إلى المترجم" عملناها سوية وعرضها في المركز الثقافي الدنيماركي، وبالنسبة لنا المركز الثقافي الفرنسي مثلًا كان هناك تواصلات وفي 2010 كنا نخرج مجلة اسمها "النادي الإعلامي" وترجمها وترجم المركز الثقافي الفرنسي الأعداد الأربعة الأولى إلى اللغة الفرنسية، وكان وائل سواح كصديق شخصي ويعمل مع السفارة الأمريكية وأصبح من خلاله المركز الثقافي الأمريكي عمل عدة نشاطات، والبريطاني والفرنسي والأمريكي كان لديهم منح لتعلم اللغة وكنا نرسل من كوادرنا، وبالنسبة لنا كان هذا حد التواصل، وهذا الحد في المركز وكمازن فعلًا كان هذا حده، ولم يكن حقيقة وليس لدي حالة تطهرية أو تخوين للناس التي تجتمع أو تتكلم في قضايا سياسية وبالنسبة لي هذا مفهوم وهو جزء من واجب السياسي الذي يقوم به بالمطلق، ولكن لا أرى أنَّني سياسي أو المركز حزب سياسي فكنا نراعي هذا الموضوع، ودائمًا العين (التركيز) على أنه إلى أي قدر يمكن أن نكون فاعلين محليًا، وفي مستوى آخر "لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان" كان لديها فرع في الخارج، فكان لديها علاقات مع المنظمات الدولية لحقوق الإنسان والشبكة الأورومتوسطية وأنا أعرفهم شخصيًا لتلك المؤسسات، وهيومن رايتس ووتش مكتب بيروت كان نديم حوري وكنا بتواصل دائم، وكانت الإمنستي أتوا إلى سورية أكثر من مرة، واللجنة الدولية للحقوقيين وأتت بعثات تحضر محاكمات لمحامين كانوا زملاءنا ومرة من المرات أخذتهم إلى الخارجية السورية بلا موعد، وطلبت منهم وكان مدير البرامج للمينا شاب صديقي ممتاز ورائع اسمه سعيد بن عربية تعرفت عليه من خلال إدريس اليازمي عبر الفيدرالية، ومرة من المرات أظن في وقتها كان مهند الحسني في السجن وعملوا هذه المهمة وكان هناك قاض من قضاة المحكمة العليا الهندية وقاض تونسي وقاضي فرنسي أتوا إلى سورية ليس بشكل رسمي، أذكر عملنا مواعيد من أجل أن نقابل ونتكلم في قضية مهند أو باقي الأشياء، وكان ملهم الحسني هو الدينامو وكان يتحرَّك بطريقة عظيمة في ذلك الوقت، فقلت: ملهم لنذهب إلى نقابة المحامين، ولدينا موعد مع السيد رئيس فرع دمشق، وذهبنا أنا وملهم وطرقنا الباب ومرحبا أستاذ، فقال لي: أهلاً وقلت عندك ضيوف لو سمحت تفضلوا وادخلوا وقلنا لنذهب إلى الخارجية ودخلنا من المبنى الأساسي وقلنا للسكرتيرة: هنا رئيس المحكمة الدستورية العليا الهندية والأستاذ سعيد بن عربية في جنيف ويريدون أن يقابلوا السيد الوزير، وهي ارتبكت وقالت: هل هناك موعد؟ وقلت لها: لا وقتهم ضيق أتوا وغداً سيسافرون، فهي شعرت بشيء غير طبيعي، وبعد قليل أتى مدير شؤون المنظمات الدولية وهو عبد اللطيف الدباغ انشق بعد ذلك، وكان نازلًا وأخذوا اسمي وأتى إليَّ مباشرة وقال لي: حضرتك مازن درويش، قلت: نعم، قال: ماذا هنالك؟ فقلت: السيد رئيس المحكمة الدستورية العليا الهندي وهذا وهذا (عرَّفته بالحضور) لديهم رغبة أن يقابلوا وزير الخارجية، قال: بخصوص ماذا؟

قلت: بخصوص اعتقال المحامين زميلنا مهند الحسني وقضية كذا، قال: حسنًا ولكن ليس بتلك الطريقة يأتي الناس، يقدمون طلبًا ويأخذون موعدًا، وتوجه إليهم وتكلَّم معهم بالإنجليزية بشكل لبق وللأسف لا يوجد مواعيد وممكن أن نرتب موعدًا، وطبعًا تكلَّموا بالموضوع وطبعاً أكيد لم يستقبلونا وكان ذلك في مكتب الاستقبال، وبينما نحن خارجون قال لي: مازن درويش الشيء الذي تقوم به غير جيد.

[قلت له:] أنا رأيتهم أمام مكتب النقابة (نقابة المحامين)، وسألوني عن وزارة الخارجية، فظننت أن لديهم موعدًا، وبظنّي أنني أقوم بعمل جيد للبلد أنه من المعيب رئيس محكمة دستورية عليا وهو من الهند وأعرف العلاقات جيدة بيننا وبين الهند، نظر إلي بمعنى هل تتغابى؟ وأنا أقول: أتيت بهم أوصلهم وظننت من العيب أنهم جماعة ضيوف البلد وظننت لديهم موعد، معقول ليس لديهم موعد؟! هل هناك من يأتي لوزارة الخارجية دون موعد!

[جوابهم حين تتم المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين]

كانوا يتكلمون العبارات النمطية التي نعرفها: القضاء المستقل وسيادة القانون وعدم التدخل، وأنَّه لا يا أستاذ أتريدنا أن نتدخل في القضاء؟! وكان وقتها حبيب صالح في السجن للمرة الثانية أو الثالثة في السجن وقالوا لي ذلك، فشعرت نفسي أنَّي عدو القضاء وعدو الله، وكنت أنا أظن مع طارق حوكان ويمكن كان مهند محوَّلًا إلى محكمة الجنايات الأولى ورئيس محكمة الجنايات الأولى كان يتعامل معنا باحترام وكان الأستاذ البكري أظنه كان، فدخلنا إليه وقال: أهلاً يا أساتذة وقلنا: فوراً من أجل حبيب صالح، وقال: البارحة حُوِّل من أمن الدولة إلينا وأرسلوا حكمه معه لثلاث سنوات، والآن لا تذهبوا فتعملون لجنة دفاع عن المعتقلين وكذا، هو جاء ومعه حكمه ثلاث سنوات، وهنا لم يكن رئيس المحكمة حتى قام بجلسة الاستجواب الإداري ما كانوا قد رأوه بعد أو سمعوه، لحبيب وقتها، وفعلًا جلسات ومحاكمة وبالآخر تم حكمه ثلاث سنوات، والرجل كان بمعنى في الحالة السورية لا شيء بالمجان، كل شيء له ثمنه وفي الحالة السورية لا يوجد شيء بدون ثمن. 

كان كثيرون يعملون، هناك خليل معتوق وهو أستاذي والشخصية السهلة الممتنعة الهادئ جدًا والذي هو سيف في موضوع الدفاع عن المعتقلين وحقيقة كان الأبرز في ذلك الوقت، وفي الـ 2006 قام بتأسيس المركز السوري للدراسات القانونية، وكثيرون منهم مثلًا مهند الحسني قبل اعتقاله وكان أنور البني وطارق خوكان وناظم حمادة عبد الرزاق زريق كثيرون كانوا، وقد لا يكون الشخص منصفًا عند تذكر الأسماء، وكانوا كثيرين من يعملون في هذا الموضوع كنا نتعرض لمنع سفر وفصل من النقابة والاستدعاءات المتكررة والاعتقالات والإحالة إلى المحاكم والتضييق بكل الطرق وإغلاق المكاتب، في 2008 مثلًا كنت أنا أعمل على مشروع العدالة الانتقالية وكنت أحاول أن أستفيد من تجربتي في لجنة الإنصاف والمصالحة المغربية، أحاول أن أطبق الآلية نفسها، وكنت أرى الكثير من المقاربات، يعني محمد السادس بن الحسن الثاني هناك انتهاكات حصلت في فترة الحسن الثاني، وجاء الملك الشاب الجديد الذي هو كان طفلًا وليس جزءًا من تلك الانتهاكات ولا يمكن أن يتحمل مسؤوليتها أخلاقيًا، وأنشأ هيئة الإنصاف والمصالحة، الدم كان باردًا وكل هذه التفاصيل رأى أنها فعلًا، وعمل تعديلات في الدستور أتى باليوسفي أخرجه من السجن ليصبح رئيس وزراء، وإدريس بن شكري خرج من السجن أيضًا على منتدى العدالة الانتقالية، ثم رئيس لجنة الإنصاف والمصالحة، وإدريس اليازمي أيضًا من المنفى إلى لجنة الإنصاف والمصالحة، وكانت هذه أنا أتصور تجربة مهمة جدًا وكنت متفائلًا بها كثيرًا حقيقة، وحاولت أن أنقلها إلى سورية وهي مقاربة قريبة في السبعينات والثمانينات، والرئيس بين قوسين ملك وورث المملكة عن أبيه وهو صغير وغير متورط في الدم بالمعنى الكامل، وكنا في تلك الفترة "فيه البركة" (لم يقصر) يقوم بسجل حافل في الاعتقالات والانتهاكات ولكن ليس على مستوى ما جرى في الثمانينات ومجازر حماة مثلًا، فكنت أرى هنالك فرصة في ذلك الخصوص وتكلَّمت مع مصطفى المقداد وهو كان صديقًا مقربًا رغم كل خلافاتنا وكنا نلتقي في قهوة الروضة وكان مدير تحرير جريدة الثورة وكان نائب رئيس اتحاد الصحفيين، وكنا دومًا نجلس في الروضة على طاولة يسمونها: طاولة الاستقواء بالخارج، وكان هناك أكثر من محامٍ قريبين وهم مع النظام نعم ولكن ليست الحالة العدائية، منهم الذي أصبح بعد ذلك وزير إعلام عمران الزعبي وكان على طاولة الثوابت الوطنية ونحن على طاولة الاستقواء بالخارج، ونمر نحن مرحبا يا أساتذة وهم أهلاً وهم يقولون: في وجهك إلى طاولة الاستقواء بالخارج، فكنا نتبادل هذا المزاح، وكان في صدر مقهى الروضة نصعد درجتين وهم يجلسون تحت، وكنا نقول: أنتم تبقون تحت ونحن فوق نحن طاولة الاستقواء بالخارج وأنتم مهما فعلتم تظلون تحت، وكان هناك هذا المزاح بغض النظر، ومرة أتكلَّم مع مصطفى المقداد وقال لي هذا الشيء مهم وليس سهلًا ولكن يستحق وإذا لديك ورقة لو تعطيني إيَّاها، فقلت: أعطيك إياها، وهو فكرته كان يريد نشره في المركز، وبعد ذلك أتاني وقال: "كان لدينا انتخابات اتحاد الصحفيين والسيد الرئيس يجتمع مع المجلس التنفيذي كل مرة بعد الانتخابات فكنا في القصر (الجمهوري) ويقول [الرئيس] إنَّ إحدى مشاكله مع المجلس القديم – والذي هم نفسهم ما كان هناك تغيير- أنَّهم ليس لديهم أفكار جديدة، فقلت له: هناك سيدي الرئيس أفكار جديدة وهناك شخص اسمه كذا كذا" وأنا قلت له: لا وفقك الله لم تقل لي أنك ستفعل ذلك بالورق، كنت أخبرني لألملم اوراقي وأتخذ إجراءاتي للهرب "يخرب بيتك" وأمنت على أهلي وكذا، وقال: أعطيته الورقة وأعجبته الفكرة وكلفني أن أتابع الموضوع، والأمر بين مصدق وغير مصدق، وطبعًا الحصيلة النهائية كنت أنا معتقلًا وأُحاكم أمام محكمة الجنايات العسكرية بتهمة تأليب عناصر الأمة والدعوة إلى تسليح السوريين والاقتتال الداخلي، وكان بعدها بفترة الرفيق بخيتان (محمد سعيد بخيتان) يريد أن يراك بخصوص هذا الموضوع وبتكليف من السيد الرئيس، وكنت أتكلَّم مع الشباب هل ممكن أن يحدث هذا الشيء والأمور تسير بشكل جدي، هل هذا حقيقي وكذا؟، وكانت تقديراتنا أن نحاول أن نرى ما الوضع وذهبت وسألني سؤالًا وحيدًا بما أنَّ هناك تعويضات والبيوت التي صودرت وجزء من المشروع: هذه القصة كم ستكلفنا؟ فأنا هنا ارتبكت وأنا أحاول أنَّني كيف أكون مقنعًا وكيف أعرض المسألة وأعطي نماذج من المغرب وأنا لدي خبرة جيدة بالمغرب، سنتان بهذا الخصوص، وأحاول أن أفكر وأتكتك سياسياً وأصوِّرها بطريقة جيدة، وإن كان هناك مخاوف، وفعلاً علقت عند فكرة أذكر أن واحدة من هواجسي وتحدثت مع الشباب وقتها قضية الاعتراف، كيف النظام أو بشار الأسد سيعترف أنَّ حافظ الأسد ارتكب مجازر، وكيف سنحل هذه المسألة وهنا بهذا المستوى بهذا المحل.

فقال لي: أهلًا، قلت: أهلًا، قال: أرسل لنا مصطفى الورق وهذا الأمر كم سيكلف؟ كم يجب علينا أن ندفع من المال يعني؟

فأنا نظرت، أين الاعتراف وهذه المسائل، ارتبكت ونظرت إلى مصطفى ورأيته رجل الثلج ولا أي تعبير، ونظرت إليه أن تكلَّم بأي شيء قل كلمة اكسر الجليد، ولم يكن لديه أي تعبير ونظرت إليه أن ادخل في جانب آخر ساعدني بأي شيء (لنخرج من هذه الفكرة)، فقلت له: ليس هذا الموضوع وإذا المسألة مسألة التكاليف ممكن أن نجد حلولًا وهناك مؤسسات دولية وحملات وطنية وصندوق وطني لجبر الضرر، وشعرت أنَّني آخذ راتبه للرجل ولم أكن مجهزًا نفسي لهذا السؤال، مرحبًا أهلًا كم تكلفنا هذه القصة!! أي قصة هناك إعادة بناء المجتمع السوري وعدالة انتقالية، هذه القصة وكم تكلفنا و"توفّي ولا توفي" (وكأننا نتفاوض على بضاعة).

وبعدها لم تمر فترة ووجدت نفسي أُسحَب إلى قضاء محاكمة الجنايات العسكرية الأولى بتهمة تأليب عناصر الأمة والحض على الاقتتال الداخلي بين السوريين والدعوة لتسليح السوريين عناصر الأمة.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2022/02/17

الموضوع الرئیس

النشاط السياسي قبل الثورة السورية

كود الشهادة

SMI/OH/90-11/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

باريس

التصنيف

مدني

المجال الزمني

قبل الثورة

updatedAt

2024/04/18

المنطقة الجغرافية

محافظة دمشق-مدينة دمشق

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

السفارة الأمريكية في دمشق

السفارة الأمريكية في دمشق

لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سورية

لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سورية

هيومن رايتس ووتش

هيومن رايتس ووتش

محكمة أمن الدولة العليا

محكمة أمن الدولة العليا

نقابة المحامين في دمشق

نقابة المحامين في دمشق

وزارة خارجية النظام

وزارة خارجية النظام

الشهادات المرتبطة