الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

رئاسة برهان غليون للمجلس الوطني، تحالفات ولقاءات رسمية

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:38:47

كان تواصلنا مع الجاليات، حيث لديها إمكانيات كبيرة، وكان الناس يقدّمون أنفسهم، فهناك حالة اعتزاز بالانتماء السوري وحالة فخر، الناس من كل الاختصاصات كانوا يتواصلون ويأتون ويقدمون خدماتهم من دون مقابل، ولكننا لم نتفرغ لهذه المسألة، وكأننا بناءً على القراءة الخاطئة [اعتبرنا] أنَّ الأمور محسومة، والمسألة لن تأخذ وقتًا. و[بسبب] هذه القراءة الخاطئة خرجنا بفكرة انتخاب رئيس المجلس لمدة 3 أشهر، وأتصور أن ذلك كان خطأ أيضًا؛ لأنك في مرحلة الثورة لست في حالة طبيعية لتتصرف وكأنك برلمان و[تشكّل] الكتل والتحالفات، فلا يمكنك القيام بمثل هذه المسائل، إنما يجب أن تستمر في الثورة حتى تنهي الموضوع، ثم تنتقل إلى المرحلة التالية: مرحلة الديمقراطية أو البرلمان.

 في النظام الداخلي كان ذلك موجودًا، وأذكر في الجلسات الأساسية التي كنا نشارك فيها في الصيغة الأولى للمجلس، وليس في الصيغة الثانية، أي في اللجنة التحضيرية، أيضًا كانت هذه الفكرة موجودة، وبتصوري أنهم كانوا واقعين تحت تأثير تجربة مجلس الحكم العراقي والتجربة الليبية، وهناك بعض الناس [اعتبروا] أنها نوع من الديمقراطية، وأننا سنقدم نموذجًا للعالم أننا نغير. أذكر أنه كان عندي لقاء في السويد مع ممثلي الدول الاسكندنافية ودول الشمال، ودول الشمال تعني أن فنلندا أيضًا معهم، أمَّا الدول الاسكندنافية فهي النرويج والسويد وآيسلندا والدانمارك، قال الفنلندي بتواضع: "أنا سأطرح عليك -هو قول مأثور لديهم- سؤالًا أحمق"، بهذا المعنى، فقلت له: "إذا كنت ستطرح سؤالًا أحمق، ستأخذ جوابًا أحمق أيضًا، فلا يوجد سؤال أحمق. أنت تسأل وأنا سأجيب"، فضحك وقال: حسنًا، نحن نذهب لنلتقي مع رئيس المجلس، ويطلب منا بعض الأمور، ونحن نتوافق ونأخذ موافقة حكوماتنا ونرتب أوراقنا، ونذهب إلى إسطنبول فإذا برئيس آخر هناك، فلماذا تفعلون ذلك؟!"، ضحكت وأنا نفسي لم أكن مقتنعًا بهذه المسألة، وقلت: "حتى نؤكد أنَّنا ديمقراطيون"، فقال: "ولكن الديمقراطية لدينا 4 سنوات، فلماذا الـ 4 أشهر و3 أشهر؟!". وهذا أيضًا من التخريجات التي حدثت وسبّبت إشكالات.

الدكتور برهان [غليون] حين كان في المرحلة الأولى، هو نفسه لم يكن مقتنعًا، وطُرِح هذا [الأمر] في مؤتمر تونس (مؤتمر المجلس الوطني واجتماع الهيئة العامة له في تونس في 16 كانون الأول/ ديسمبر 2011 – المحرر)، فهناك بعض الناس اقترحوا أن نجعل النظام الداخلي على أساس كل سنة (المقصود ولاية رئيس المجلس – المحرر)، وليس كل 3 أشهر، وكان هناك اعتراض شديد من قبل الموجودين. المشكلة هي أننا كنا في وضع يرى فيه الكل أنَّ من حقه أن يتدخل، وهو من حقه طبعًا، ولكن هناك أصول؛ لأنَّ العمل في الظرف الذي كنا نحن فيه لا يتمّ بطريقة برلمانية، وخاصةً أن [أعضاء] البرلمان ليسوا قادمين ليمثلوا أحزابًا أو مجموعات لها هوية سياسية وتوجه معين، إنما هم أشخاص لا تعرفهم ولا تعرف تاريخهم، ولا تعرف إذا كانت هناك اختراقات أو لا، وليس لديك جهاز أمني، وليس لديك جهاز معلومات، وليس لديك أي شيء. ونحن كنا قادمين من فلسفة أنَّ كل شخص ترك النظام مهما كان موقعه ومهما فعل، عفا الله عما مضى، وهذه أيضًا غير مقبولة.

ولذلك حين كنت أعيد حساباتي، وبعد أن رأينا تلك التجربة، ورأينا ماذا حصل، [وجدت] أنَّ الفكرة التي طُرحت في لقاء الدوحة على أساس 15 شخصًا نتوافق عليهم، ونحن متأكدون منهم ومن النواة الصلبة، ربما كانت أفضل، والذي طرحها هو الدكتور عزمي [بشارة]. وأنا تحدثت مع الدكتور عزمي، وكان هناك بعض الأصدقاء الآخرين، وقلت له: "أنا أعترف بأن رأيك كان أكثر صوابًا".

كانت المظاهرات تخرج في كل مكان، وكان هناك اعتداء من قبل النظام على المعتصمين، وحالات الانشقاق تحدث يوميًا، فهناك ضباط ينشقون، وهناك حالة تفاعل. وبالنسبة للموقف الدولي بقينا 6 أو 7 أشهر لا توجد حركة، وذهبنا إلى القاهرة، وكنا في الدوحة، وذلك في المرحلة الأولى للمجلس، ولكن بعد أن تشكل في صيغته الثانية، وحين جاء الدكتور برهان وتبلور الموقف، عندها صار هناك اهتمام دولي بالموضوع. وأذكر أن أول لقاء بعد أن عُقد اجتماع الأمانة العامة وتحدد فيه المكتب التنفيذي، أول لقاء قابلنا فيه الدكتور أحمد داوود أوغلو (استقبل أوغلو وفد المجلس الوطني السوري برئاسة غليون في 13 تشرين الثاني/ نوفمبر 2011 – المحرر)، وكان حينها وزير خارجية تركيا بصورة رسمية.

بعد ذلك سافرنا إلى ليبيا (حدثت زيارة المجلس الوطني السوري لليبيا في 19 تشرين الأول/ أكتوبر 2011 – المحرر)، والتقينا بأعضاء المجلس الوطني الانتقالي ومصطفى عبد الجليل على اعتبار أنَّ ليبيا لها وضع خاص، فهم منتصرون. ومن هناك قسم سافر إلى الجامعة العربية والتقوا مع الأمين العام للجامعة العربية أيضًا للمرة الأولى، وأنا فضّلت على اعتبار أنني عملت في ليبيا 3 سنوات، وهناك عاطفة خاصة تجاه ليبيا والشعب الليبي، حين خيروني: "هل ستكون مع الوفد الذي سيتوجه إلى القاهرة أم ستبقى في ليبيا؟"، وكان هناك لقاء مع بعض الثوار الليبيين، وقلت: "أنا أفضّل أن أنام الليلة في طرابلس"، وفي اليوم الثاني التقينا.

ومن بين الطرائف التي أذكرها أننا حين ذهبنا إلى منطقة من المناطق، وهم أيضًا لم يكونوا منظمين، وكانوا قد دخلوا العسكرة وهم لا يعرفون شيئًا، وحينها كنا نحن نطالب بالسلمية، وعندما كنا في السيارة كان هناك الليبي الذي سيأخذنا، وواضح أنَّه مسؤول، فالتفت هكذا وقال: "عفوًا دكتور، أنتم في سورية أليس عندكم سلاح ولا شني؟"، قلت له: "خيرًا؟"، قال: "ماذا يعني سلمية سلمية. إنكم لن تصلوا إلى شيء بالسلمية، وهذا النظام سيصفيكم واحدًا واحدًا، وفي نهاية المطاف يجب أن تدافعوا عن أنفسكم". وحتى مصطفى عبد الجليل حين التقينا به قال: "نحن مستعدون أن ندعم الثورة السورية ماليًا وسياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا"، ولكننا حينها لم نكن من أنصار العسكرة على أساس أن نقطة قوتنا في السلمية.

 عندما جاؤوا كي يستقبلونا كانوا قد أحضروا العلمين: العلم السوري (الأحمر – المحرر) والعلم الأخضر، وسألونا: "أي علم نرفعه؟!"، ونحن كنا نرفع العلم السوري وهو العلم "الحالي" الذي يستخدمه النظام، ولم نكن قد اعتمدنا علم الثورة بعد. حتى لا نقوم بإشكالات اخترنا العلم الأحمر؛ لأنه لم يكن هناك قرار بتغييره، وكان هو المعتمد. 

عندما تشكل المجلس في صيغته الثانية أخذ بعدًا دوليًا أكبر، بينما في البدايات ليس موضوع المجلس فقط، بل كل الثورة السورية لم يكن الموقف الدولي [تجاهها] فعالًا. وبعد شهر تشرين الأول/ أكتوبر صار الاهتمام أكبر، ولكن قبل ذلك كنا نتحرك ونبحث كيف سنحرك الموقف الدولي. وأذكر في زيارة من الزيارات إلى القاهرة التقينا مع عمرو موسى (الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية – المحرر)، وحاولنا أن نستفيد من خبرتهم، وكيف من الممكن أن يساعدونا، وكيف بإمكاننا أن نتحرك، كما التقينا ببعض القوى الثورية المصرية في ميدان التحرير، حتى إني زرت ميدان التحرير، وفجأة طلبوني إلى المنصة حتى أقدم لهم كلمة، وكانت حينها الحالات عفوية، وكنا قد شكلنا المجلس.

في المرحلة الأولى حدثت إشكالات بالنسبة لمسألة الـ 3 أشهر (مدة ولاية رئاسة المجلس الوطني – المحرر) بخصوص الدكتور برهان - وهذا الأمر تحدثت عنه - لأنهم في تونس عندما طرحوا الموضوع، وقالوا: "لنجعل المدة سنة"، ولم أعد أذكر من الذي طرح [الفكرة]، ربما وليد البني أو كاترين التلي. وصارت ضجة عنيفة واحتجاج إلى درجة -طبعًا كان الدكتور برهان يدير الجلسة الأولى، وكانت الجلسة عاصفة، فيها أكثر من 200 شخص- انهار فيها الدكتور برهان، ولم يستطع إكمال الجلسة. حين أوقفنا الجلسة، وكنا نريد أن ننتقل إلى الجلسة الثانية لمناقشة الموقف السياسي، الكثير من الإخوة طلبوا مني أن أدير تلك الجلسة، [وقالوا]: "أنت بالك طويل، ومن الممكن أن تستمع". أدرت الجلسة، أيضًا كان أمرًا صعبًا، لكنني تمكنت من ذلك، واستمرت تقريبًا 3 ساعات أو 4 ساعات، وكان هيثم المالح موجودًا، وكان قد انضم إلى المكتب التنفيذي، ففي البدايات هناك قسم لم يكن موجودًا، ولكن بعد ذلك انضمّ، مثلًا رياض سيف – أبو جواد انضم إلى المكتب التنفيذي.

ناقشنا موضوع النظام الداخلي، وأنا على اعتبار أنني اعتمدت الآن على الذاكرة، أظن أنه في النظام الداخلي كان مكتوبًا: "انتخاب رئيس المجلس لمدة 3 أشهر فقط"، بمعنى أنها دورة واحدة لمدة 3 أشهر، أي أنَّ برهان إذا أنهى الـ 3 أشهر يجب أن يأتي شخص آخر بعده. ودارت النقاشات، وأنا قدّمت الحل بأننا نضع الدورة 3 أشهر، ولكن لا نحددها بمرة واحدة فقط، الأمر الذي يعطينا قابلية بأنَّ ننتخب كل 3 أشهر، ولكن يمكننا أن ننتخب الشخص نفسه، فلا يكون عليه "فيتو". وكان هذا حلًا وسطًا؛ لأنَّه كان هناك قسم، خاصةً في إعلان دمشق، كانوا متشددين في هذه الناحية، بمعنى أن نجعل المسألة تداولية، وأننا توافقنا على التداولي. جماعة الإخوان [المسلمين] كانوا يميلون إلى استمرار برهان، وحتى إنني أذكر أننا كنا مرة في قطر، والتقينا مع رئيس الوزراء، وكان حينها وزير الخارجية أيضًا، الشيخ حمد بن جاسم، وقال: "موضوع كل 3 أشهر، هذه المسألة وهذا الجانب الديمقراطي فلتتركوه الآن"، والمقصود: دعوا الدكتور برهان يستمر، ونمضي بذلك.

 طبعًا حينها دار نقاش، وكان اجتماع المكتب التنفيذي في الدوحة (انعقد الاجتماع في 10 شباط/ فبراير 2012 – المحرر)، وضغطوا كثيرًا باتجاه أن يترك برهان، وأنَّ يستلم [الرئاسة] شخص آخر. فاقترحت وقلت: "ما رأيكم أن نقترح الدكتورة بسمة [قضماني] لتكون رئيسة المجلس، على اعتبار أنها أولًا امرأة، وهي دمشقية ومعروفة، وعلاقاتها الدولية جيدة وتجيد اللغات". تقريبًا كل الكتل وافقوا، ولكن الإخوان [المسلمين] لم يوافقوا، وكانوا متمسكين ببرهان، ومن باب أنها ثورة و"أنتم ترون ما هو طابع الثورة"، بمعنى أنه إسلامي، فكيف لهم أن يقبلوا بقيادة امرأة؟! هذا غير معقول. وطبعًا قالوا ذلك بلطف، ولم نتفق على ذلك، فمشينا ببرهان (بمعنى اتفقنا على استمرار برهان في الرئاسة - المحرر)، وكان الانتخاب نوعًا من التوافق عليه.

الذي أذكره أن العلاقة بالقوى الثورية كانت جيدة، يعني العلاقة مع لجان التنسيق أو التنسيقيات الأساسية كانت موجودة من خلال ممثليها ومن خلال دعمها، فقد قدموا لها دعمًا جيدًا، وأذكر أن الدكتور برهان قدم لهم في البداية لكل مجموعة حوالي 100 ألف دولار، وذلك من خلال نشاطاتهم وتغطية اتصالاتهم، فالعلاقة كانت جيدة جدًا.

في الثورة بحد ذاتها كانوا يضغطون حينها لتشكيل قيادة سياسية، هم يقومون بالمظاهرات، ولكن هذا العمل إذا لم يُؤطر ويُستثمر سياسيًا ويتحول إلى نوع من الحملة والعلاقات الدولية في سبيل تأييد الثورة، فالناس في نهاية المطاف ستتعب من القمع والاعتقال، بينما يجب أن يعطي [هذا الحراك] نتيجة ومردودًا. ولكن النقاشات التي كانت تحدث أحيانًا، وهذه المشكلة عانينا منها كثيرًا، أن كل شخص يتصل بالداخل يقول: "أنا لي علاقة مع الداخل"، بحيث أصبح الداخل بمثابة قميص عثمان، ففي نهاية المطاف يجب أن تكون لديك مجموعة تخطط وتفكر بشكل استراتيجي، أما قضية أن أي شيء يُقال في الداخل يجب أن ينعكس على القرارات السياسية! أحيانًا عليك أن تفهم اللعبة السياسية واللوحة السياسية، وأين ينبغي عليك أن تشد، وأين عليك أن تُرخي، وكيف ستتحرك، أظن أن هذه المسألة كانت ضائعة، فأحياًنا تكون هناك نزعة نسميها "النزعة الشعبوية"، بمعنى أنه حتى أكسب تأييدًا يجب أن أجامل بعض الشعارات والمسائل، ولو أنَّي أعرف أنَّها لا تمثل الموقف الصحيح.

 هناك أهداف أساسية بالنسبة للثورة، مثل: القطع مع النظام، ومسألة الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وهذا جيد، ولكن في بعض المسائل يجب أن تعطي مجالًا للمناورة السياسية وللعلاقات السياسية؛ لأنك في نهاية المطاف أنت تخاطب الدول، والدول لها مصالح وتوجهات، فهي ليست جمعيات خيرية في نهاية المطاف. [بالنسبة] للحوار مع النظام، وفي هذه المرحلة كنا قد وصلنا [للقناعة التي تقول:] إنَّه ليس بيننا وبين النظام أي شيء نتفاوض عليه إلَّا التفاوض على آلية وتوقيت الرحيل، هكذا كان موقفنا.

المبالغ التي كانت تأتي إلى المجلس في فترة الدكتور برهان وفي فترتي (المقصود فترة رئاسة الشاهد للمجلس – المحرر)، لم تكن مخصصة لرواتب أعضاء المكتب التنفيذي أو رئيس المجلس، أي بصورة رسمية وحتى عملية لم يكن هناك أحد من المكتب التنفيذي أو رئيس المجلس يأخذ راتبًا من المجلس، إنما كل الأموال التي تأتي كانت تذهب إلى الإغاثة. وحينها أهلنا في حمص، ونتيجة القصف وهمجية النظام، كان لديهم جرحى وأشخاص يتركون بيوتهم ويذهبون إلى دمشق، فكنا نتواصل مع لجان في سبيل تأمين المعالجة وتأمين الإقامة، وهذه [المبالغ] كانت تُؤخذ من أموال الإغاثة التي تأتي. وأحيانًا كنا نسمع أنَّ هناك ملايين [قد وصلتنا]، ليس لهذه الدرجة، وكل شيء أتى في مرحلة برهان غليون -حتى نكون واضحين- كان 15 مليون دولار، وهنا إذا كنت ستضع الحالة السورية كلها، ماذا ستغطي؟!

 خلال فترة الدكتور برهان التي استمرت تقريبًا 6 أو 7 أشهر، سلَّم مكتب الإغاثة للإخوان المسلمين، وهذه ملاحظة كانت تُسجل على برهان، وحتى يرضي إعلان دمشق أيضًا أعطاهم المكتب المالي. وهناك قسم كبير قالوا: "حين تسلم الإخوان مكتب الإغاثة، ومن خلال هذه الإغاثة يمكن أن يوزعوها للقريبين منهم، فتُستخدم كوسيلة للضغط"، ولكننا لم نكن نفكر بهذه الطريقة، إنما على أساس أننا نريد أن نوصل الإغاثة للمحتاجين، ولا نفرق بين الناس، ولكن هذه المسألة صارت تُسجل [على برهان]، عندما أخذ إعلان دمشق المكتب المالي، فإن المكتب المالي وظيفته الأساسية أن يسجل الأمور المالية، لا أن يوزع المبالغ، ولكنه أحيانًا كان يوزع المبالغ، ويتصرف ببعض المبالغ، طبعًا بقيود، وبمعنى أنه إذا كان هناك أشخاص قريبون منهم فمن الممكن أن يتساهلوا معهم أكثر، والإخوان نفس الشيء. بالنسبة للأكراد حتى يراضونهم أيضًا [أعطوهم] مكتبًا، وأنا حينها كلفوني بمكتب حقوق الإنسان، وهذه مسألة أيضًا أُخذت على برهان غليون.

 عندما جئنا إلى اجتماع روما في إيطاليا (انعقد الاجتماع في 12 أيار/ مايو 2012 – المحرر)، وعقدنا هناك أيضًا جلسة للمكتب التنفيذي، كان أعضاء إعلان دمشق متوافقين، وأحضروا جورج صبرة حينها، وكان قادمًا [من سورية] على أساس أن يدخل الأمانة العامة، وبعد ذلك صار عضوًا في المكتب التنفيذي، وعلى أساس باسم المسيحيين أتصور أنهم أحضروه، ونوع من التخريجة القانونية، وفي المقابل دخل أيضًا نذير الحكيم، بمعنى أنها واحدة بواحدة، وكأنَّ هذه كتل كبرى، وأحيانًا تشعر بهذه المسألة، لكننا كنا لا نتوقف عندها كثيرًا كي لا نحدث خلافًا حول الموضوع.

 وأيضًا حينها تمسكوا ببرهان غليون ليكون هو المرشح [لرئاسة المجلس]، وترشح أيضًا جورج صبرة، ولم ينجح حسب الأصوات. وبعد ذلك صارت مسألة الإشكالية التي ضغطوا بها على برهان، وأنا سمعت - ولا أعرف مدى مصداقية هذه المسألة - بأنَّ لجان التنسيق المحلية تواصلوا مع برهان، وأجبروه على الاستقالة. وقبل ذلك إذا كنتم تذكرون أيضًا اللقاء الذي حصل بين الدكتور برهان وهيثم مناع في القاهرة، وعلى أساس [الوصول إلى] توافقات مع هيئة التنسيق (توصّلوا إلى اتفاق وُقّع في 30 كانون الأول/ ديسمبر 2011 – المحرر)، ونحن لم نكن بصورة الوضع بالضبط إلى أين وصل، وبعد ذلك هيثم مناع سرّب المحضر الذي توافقوا عليه. ونحن بعد ذلك علمنا باللقاء، وتفاصيل اللقاء لم نكن نعرفها، ولا أذكر أنَّ لدينا في المكتب التنفيذي قرارًا بأنَّ يلتقي به، وإذا كان قد أخبر الأشخاص الآخرين فأنا لا أذكر ذلك.

عندما سرَّبوا محضر اللقاء، حدثت ضجة، سواءٌ ضمن المكتب التنفيذي أو خارجه، وبعد موضوع هيثم مناع طلبوا إقالة الدكتور برهان، واتُخذ قرار في المكتب التنفيذي، وحتى الإخوان [المسلمون] وافقوا على إقالته نتيجة تسريب محضر التوافق الذي حصل، وحتى إنهم كلفوا لجنة مؤلفة من 3 أشخاص كي نبلّغه بقرار الإقالة، وكان في اللجنة أحمد رمضان وعبد الأحد اسطيفو والثالث هو أنا. كان الاعتراض الأساسي بأنَّ هذا التوافق [قد تمّ] مع هيئة التنسيق، وكان التوجه بأن هيئة التنسيق موقفها رمادي غير واضح، وأنها قريبة من النظام، ولكن بشعارات مختلفة، وليست مع الجيش الحر، وكانت تتهمنا بأنَّنا طلاب التدخل الخارجي والعمل المسلح، وكانت هذه الخلافات موجودة. وأتصور أنه كانت هناك خلافات ربما قبل ذلك، وهي خلافات أعمق بينها وبين إعلان دمشق، وكان هناك نوع من الحساسية، تلك هي قناعتي، ولا أعرف ربما هناك بعض الأشخاص الآخرين الذين كانوا في الداخل مطلعون أكثر، ولكن المهم أن هذه المسألة قد حصلت.

حين ذهبنا لنبلغه، وعندما رأيت الدكتور برهان وجلسته - على اعتبار أن هذه شهادة للتاريخ - شعرت بأنَّه قد بُلّغ بالقرار؛ لأن عبد الأحد [اسطيفو] كان موجودًا قبلنا، حتى إنه قال بصراحة: "تحدثوا معه، أنا أخبرته". برهان كان مكتئبًا كثيرًا، وكان قد وضع يده على رأسه، وأحمد رمضان عندما جاء صار يبرر ويقول: "دكتور، أنت تعرف الوضع"، وكان يريد أن يمهد؛ كي لا يأخذ [الدكتور برهان] على خاطره كثيرًا (يحزن). أنا حينها، والله لم آخذ رأي أحد، قلت لهم: "هل تعرفون؟ صحيح أنني قادم لأنقل القرار، ولكنني غير مقتنع به. الآن هيثم مناع سرّب بعض المعلومات، فيكون رد فعلنا أن نقيل رئيسنا؟ على الأقل لنترك لأنفسنا مساحة شهر؛ حتى لا يكون [القرار] خبط لزق (بشكل فجّ)، فهو أصدر البيان من هنا، وكردة فعل نحن أجبرنا الدكتور برهان على الاستقالة". أثنى الدكتور برهان حينها على موقفي هذا، [وقال]: "هذا هو الموقف الصحيح، وليس مثل الذي تفعلونه"، وأنا تواصلت مع الكتل كلها؛ مع إعلان دمشق ومع الإخوان [المسلمين]، وعدنا إلى المكتب التنفيذي، وبيّنت لهم موقفي، وأنه برأيي أن نعطي لأنفسنا شهرًا، ووافقوا على هذا الشهر.

وبعد ذلك طال الوضع قليلًا، واستمر لأكثر من شهر، حتى إن بعض الإخوة كانوا خائفين أن يصبح هذا الشهر بمثابة حجة أو فتوى شرعية للتمديد له مرة أخرى، وكأنَّه ليس هناك بديل، والوضع لم يكن مريحًا. بعد ذلك سمعت أن لجان التنسيق [المحلية] قد تواصلوا مع الدكتور برهان، وأجبروه على الاستقالة، [وقالوا له]: "إذا لم تقدم استقالتك [حفاظًا على] التداول؛ لأننا لا نريد تكرار تجربة النظام، [سوف نخرج بمظاهرات ضدك - المحرر]"، المهم أن الدكتور برهان قدم استقالته (وذلك في 24 أيار/ مايو 2012 – المحرر)، واستمر بالعمل ريثما يكون هناك البديل.

[بالنسبة] لاجتماع روما، ذهبنا إلى روما في العام 2012 (عُقد اجتماع الأمانة العامة للمجلس الوطني في روما في 12 أيار/ مايو 2012 - المحرر)، طبعًا المشكلة التي حدثت مع الأسف مسألة انتخاب الرئيس لكل 3 أشهر. ربما سبق وتحدثنا أنها ليست عملية في الثورات، ولكنها كانت من نتائج القراءة الخاطئة بأنَّ الثورة لن تطول، وبعد شهر أو شهرين ستنتهي المسائل وتُحسم؛ لذلك أخذنا نموذج مجلس الحكم العراقي الذي كان يتبدّل شهريًا، ولكن في العراق الوضع كان مختلفًا، فالنظام كان ساقطًا، والأمريكان موجودون، وكل شهر هناك شخص في رئاسة الحكم مثل نظام مجلس الأمن. بينما بالنسبة لسورية لم يكن واضحًا أنَّ النظام سيسقط، ولكن بسبب القراءة المستعجلة والحماس، الكل كان تصورهم وكأنَّ النظام انتهى. والآن بعض الأصدقاء الدبلوماسيون الأوروبيون القدامى الذين تركوا، قسمٌ منهم باتوا يقولون: "نحن أيضًا كنا في صورة أن النظام سيذهب".

 في نهاية المطاف جئنا [إلى روما]، وبدأ النقاش، وقبل ذلك كان قد حصل تمديد للدكتور برهان [غليون] في الدوحة (في 10 شباط/ فبراير 2012 – المحرر)، وكانت هناك حساسيات بين أعضاء المجلس، ففي نفس الاجتماع جاء نجيب غضبان ووائل ميرزا، وصار وائل يروّج أنَّ القطريين أو الأتراك موافقون على نجيب غضبان [رئيسًا للمجلس]، وكان ذلك نوعًا من الرسالة إلى الحضور. ولكن حين حصل الجد، فإن جورج [صبرة] هو الذي ترشح مقابل برهان، ونتيجة الأصوات فاز برهان، فالإخوان [المسلمون] كانوا واضحين أنهم باتجاه برهان وربما غيرهم أيضًا.

 

وجهة نظري، والآن إذا تحدثنا بمفهوم رجعي، فإن رأيي لو كان برهان قد استمر ربما كان أفضل، والسبب الأول أنه وجه توافق عليه السوريون، وهي مرحلة ثورة، وقضية أن نبدأ منذ الآن [بمحاصصات] الكتل فإننا لن نصل، ونحن لسنا في وضع مستقل. ولكن المشكلة أن برهان نفسه، ولا نريد أن ننتقده زيادة عن اللزوم، لم يثبت هذه الحنكة والخبرة السياسية، فهو نظريّ أكثر من كونه عمليًا، وذلك بالنسبة لمواقفه وتصريحاته، وفي أكثر من تصريح، وحتى في الموضوع الكردي مثلًا إذا كنتم تتذكرون، فإنه في بعض التصريحات أحدث ضجة هائلة، وبعد ذلك اعتذر. وفي مرة من المرات قال لي نبراس الفاضل إنه حتى بخصوص موقفه بالنسبة لإيران، هناك بعض التصريحات التي أثارت [بلبلة]، ثم أراد أن يتراجع عنها. أعتقد أنه كانت لديه قلة تجربة سياسية بصريح العبارة، فهو لم يمارس العمل السياسي الحزبي التنظيمي حسب ما أعلم، وأما [قوله "إنني] كنت قريبًا في فترة من الفترات من منظمة التحرير [الفلسطينية]، وأجريت لقاءات هنا وهناك"، هذا لا يشبه أن تنخرط مع الناس، وتذهب إلى الأرياف، وتعقد الاجتماعات وتلتقي وتستمع. ميشيل [كيلو] من هذه الناحية كان لديه جانب يجعله قادرًا على أن يتفاعل مع كل الشرائح المجتمعية، أما برهان فإن هذه المسألة كانت غير موجودة لديه. 

 

بالنسبة للاستقالة (استقالة برهان غليون)، عندما حصلت عملية التمديد أصبح هناك تشنج ومناكفات في المكتب التنفيذي بين إعلان دمشق وبين برهان، ولكنها لم تصل إلى الدرجة التي يخاف الشخص منها؛ لأنه في المكتب التنفيذي في كثير من المرات كانت تحصل خلافات، وخاصة بين إعلان دمشق وبين الإخوان [المسلمين]، [صحيحٌ] أنهم متحالفون، ولكن في بعض المرات كانت تحدث خلافات بينهم، وفي الكثير من الأحيان كنت أتدخل. كان أساس الخلافات يتعلق بالجهات التي يدعمونها؛ لأنهم (أي الإخوان المسلمين) أخذوا مكتب الإغاثة، وهذه من النقاط التي تُسجل على برهان، حيث سلّمهم مكتب الإغاثة، وحتى يوازن هذه المسألة سلّم المكتب المالي لإعلان دمشق. والإغاثة في الثورة كانت مهمة جدًا؛ وهناك الكثير من الاتهامات التي جاءت، وأنا لا أعرف مدى مصداقيتها، ونحن لم نكن نشكك بأحد في هذا الوقت، ولكن من الممكن للشخص أن يوجه [الدعم] باتجاهات تتناسب معه ويصبح بذلك مؤثّرًا، فالأموال أصبحت عندهم، وبرهان هو الذي فعل ذلك، وبرأيي لو أنه سلم الإغاثة لشخص تقني حرفي، أو مكتب متخصص ليس تابعًا لإحدى الجهات السياسية، ربما كان أفضل.

 

بقناعتي، والآن تتبين لي الصورة، فحينها لم نكن بصورة الوضع، إن السياسيين المعارضين السوريين الذين كانوا في الداخل ليس بينهم خلافات سياسية وتوجهات فكرية فقط، وإنما هناك أيضًا خلافات شخصية، مثلًا بين هيئة التنسيق وإعلان دمشق وبين شخصياتهم، بمعنى أن هناك نوعًا من الكيمياء الشخصية التي لا تنسجم، وطبعًا هم عندما خرجوا حملوا معهم هذه الخلافات إلى الخارج أيضًا. ولكن بالنسبة لبرهان غليون عندما أصبح رئيس المجلس، بتصوري وأنا عشت تلك المرحلة والأجواء منذ البدايات، أنه لم يكن فقط مطلب الإخوان [المسلمون] أو إعلان دمشق، وإنما كانت حالة سورية عامة، فكان هناك توافق عام على الدكتور برهان غليون.

برهان أيضًا كان يتصرف أحيانًا، كما سبق وذكرت بخصوص الحنكة السياسية، كان يتصرف كأنه رئيس مطلق الصلاحيات، وذلك أيضًا لا يجوز في الحالة التي كنا فيها، فلدينا مكتب تنفيذي وهناك مجموعة، وعلينا أن نتشاور ونتحاور حتى نُنجح هذه الحالة. لم نصل إلى مرحلة يكون فيها الرئيس معزولًا عن القيادة والشعب، لم نصل إلى هذه الحالة كثيرًا، ولكن في بعض السلوكيات كانت تبرز [تلك الحالة]، وأحيانًا في بعض اللقاءات. وفي إحدى المرات، بالنسبة لخُطَبه، كان سيلقي رسالة إلى السوريين ونحن لا نعرف ما هو مضمونها، فعلى الأقل استشرنا بالموضوع، وقُلْ: "نريد أن نركز على هذه المسائل، تعال يا عبد الباسط، في الموضوع الكردي فرضًا ماذا نطرح؟ وإعلان دمشق ما رأيك؟ نريد أن نطرح كذا"، وهذه [الأمور] تحدث، فإذا قرأنا مذكرات رؤساء الأمريكان، نجد أن أي خطاب أمريكي يلقيه أحدهم، كان يأخذ آراء المستشارين ورأي وزارة الخارجية ووزارة الدفاع بخصوص المسائل التي يجب التركيز عليها.

هذه النزعة ساعدت، وربما كانت هناك حساسيات في البداية، ولكن [هذه النزعة] ساعدت في تشكيل التراكمات والمزيد من التوترات. هناك بعض الأخطاء، ولكن هذه الأخطاء إذا أردت أن تصنفها هل هي أخطاء شنيعة؟ أقول: "لا، هي أخطاء ضمن إطار معين وسلوكية معينة مفهومة يمكن للشخص تجاوزها، وبتصوري هذه المسألة، وخاصة مسألة التداولية، لو أننا لم نقع في هذا الإشكال لكان أفضل، ولكننا مع الأسف واجهنا هذه المسألة.

 

بالنسبة لموضوع الإغاثة، صحيحٌ أنه لم تكن هناك أموال، ولكن كان هناك توقّع بأنَّ الأموال ستأتي، وكان هناك توقع بالنسبة لـ [دعم] الدول بعد الاعتراف [بالمجلس الوطني]، وبتصوري أن مسألة الإغاثة لا يُفترض [أن يستلمها] الإخوان المسلمون، وهذا خطأ. 

حتى أكون صريحًا على اعتبار أنها شهادة، فأنا لم أتابع هذا الموضوع، ولكنني لا أتصور أنَّه قُدمت تقارير شافية وافية حتى يطلع الشخص ويعرف كيف وُزّعت الأموال. وهنا أذكر مثالًا بخصوص التنسيقيات الكبرى التي شاركت في الثورة السورية: في المجلس الوطني صرف لهم برهان [غليون] 100 ألف [دولار] للتنسيقيات، وبعد ذلك جاءت لجان التنسيق المحلية وتنسيقيات أخرى، وكانوا يطلبون 100 ألف أخرى. أنا لست محاسبًا ولست مختصًا، ولكن أعرف من خلال عملنا مع السويديين، فإذا أردت أن آخذ منحة، وأذكر أنني في إحدى المرات أخذت منحة من اتحاد الكتاب السويديين، وذهبت وشاركت بها في مؤتمر، وبعد أن عدت قدمت لهم كيف صرفت تلك الأموال، بمعنى كم دفعت للفندق، وكم دفعت من أجل حجز الطائرة، وفي هذه المسألة هم لا يحاسبونك على القرش، ولكن الشخص يعطي تصورًا. طلبت من لجان التنسيق المحلية [هذا الأمر]، وقلت لهم: "حسنًا، هذه الـ 100 ألف التي أخذتموها كيف صرفتموها؟ يجب أن تقدموا تقريرًا"، ولم يأتوا بشيء، فقلت لهم: "طالما أنكم لم تحضروا [التقرير]، فلن أعطيكم شيئًا"؛ لأنني أريد أن أتأكد كيف صُرف المبلغ.

بالنسبة للإخوان [المسلمين] لا أتذكر أنَّه قُدم تقرير، ولا أعرف إذا كان قد قُدم، ولكنني لا أتذكر، وذلك ليس من باب الاتهام فربما قدموا، وبإمكان أي شخص أن يعود إلى الأرشيف؛ لذلك لا أستطيع الحكم كيف كانوا يصرفون. ولكن كان واضحًا بين الناس أنَّ الإغاثة من خلال الإخوان؛ ولذلك إذا أراد الشخص أن يذهب [لطلب الدعم]، فعليه أن يذهب إلى الإخوان، وهذه [المسألة] أعطت نوعًا ما رسائل أعتقد أنها ليست إيجابية ولا لصالح الثورة بالنسبة للسوريين.  

 

[بالنسبة] لاستقالة برهان، حصلت ضجة ضمن هذه المناكفات التي كانت تحدث بينه وبين إعلان دمشق، وربما بينه وبين المجلس الوطني، وسبق وتحدثت أنه طُرح مشروع إقالة الدكتور برهان، فالمكتب التنفيذي كله توافق بمن فيهم الإخوان [المسلمين] على إقالته، وهذه سبق وتحدثت عنها بشكل مفصل. أما الاستقالة فقد كانت نوعًا من التراكمات، لذلك أعلن برهان استقالته. وبعد ذلك حصلت لقاءات بين الكتل، وأنا لم أكن في تلك اللقاءات، ولم يستشرني أحد، وبعد أن توافق عليّ الكل، علمت أنه دارت نقاشات وحلول وسطية. التوافق الذي حصل أنهم في نهاية المطاف سيتوافقون على عبد الباسط سيدا، فهكذا كان التوجه.

الذي تحدث معي حينها أعتقد أنه عبد الأحد [اسطيفو] وأحمد رمضان، وهما اللذان نقلا [الخبر]؛ لأننا نحن الثلاثة عادةً بالنسبة لتبليغ الرسائل كنا نتعاون مع بعضنا. بلّغني عبد الأحد وأحمد رمضان بأنَّ "هناك توافق عليك، فما رأيك؟"، قلت: "حسنًا، أريد أن أستشير". وبعد ذلك حصل هذا التوافق .. واستشرت بعض الأصدقاء، وراجعت السلبيات والإيجابيات وكيف سيكون الوقع، والكثير من الناس كانوا خائفين. وفي إحدى المرات [قال لي] الرئيس سعد الحريري: "[حينما سمعت] أنهم اختاروا عبد الباسط سيدا وهو كردي، [قلت: مهمته صعبة]، ولكن بعد أن سمعنا خطابك أثناء الإعلان (إعلان الرئاسة – المحرر)، وجدت أنك قد تجاوزت الامتحان"، فالوضع كان حساسًا. 

 

كانت [رئاسة المجلس الوطني] عبئًا ثقيلًا، ولكن في الوقت ذاته هناك مسؤولية تجاه الثورة. وبالنسبة لي عندما خرجت من البلد، وذهبت للعمل في ليبيا، و[بالنسبة] لأوضاعي في البلد كانت لدي أملاك زراعية ومحل تجاري، ومع ذلك تركت كل شيء، وتركت أهلي في سبيل الموقف السياسي؛ لأنَّني لم أتنازل سياسيًا. وعندما خرجت كنت أريد أن أتعايش، بمعنى أنه لا يوجد لدي عمل [فالجهات الأمنية] لم تكن توافق على تعييني في سورية، علمًا بأنَّ اللجنة الأكاديمية كانت موافقة على عملي في الجامعة، ولكن الأمن لم يوافق. [قلت في نفسي] "حسنًا، لا أريد أن أعمل، ولكن أريد فقط أن أذهب وآتي إلى البلد"، ولكن مع ذلك حين رأيت أنني ممنوع من البلد فلم أتنازل أيضًا، و[طريق] التنازل كان واضحًا جدًا، حيث يذهب الشخص إلى السفارة من أجل تسوية وضعه، ولكنني لم أفعل ذلك نهائيًا، ولم آخذ جواز السفر السوري، وهذه أول مرة أقولها: منذ اليوم الذي خرجت فيه سلّمت الجواز السوري لدائرة اللجوء السويدية، ومنذ ذلك اليوم لم أزر السفارة السورية، ولم آخذ جواز السفر السوري. حاولت أن أزور البلد بجواز سفري السويدي، على اعتبار أنني أصبحت لاجئًا سياسيًا، وبعد 4 سنوات أصبحت مواطنًا سويديًا، فحاولت أن أزور سورية مرة عن طريق المجموعات التي كانوا يدفعون لها (للحكومة السورية – الشاهد) بعض الأموال الإضافية كنوع من الضمانة الأمنية، وهناك أشخاص كانوا يجعلون من هذا الموضوع "بزنس"، فمهما كان عليك وإذا كنت مطلوبًا للخدمة العسكرية أو عليك أي حكم، بإمكانك أن تذهب شهرًا وتعود، فقدمت عن طريق تلك المجموعات، ولكنهم لم يوافقوا على طلبي. 

 

أعضاء التنسيقيات [الكردية] كانوا فرحين لأبعد الحدود؛ [لأنني أصبحت رئيس المجلس الوطني]، وكذلك الكتلة التي كانت معنا من التنسيقيات. أما الأحزاب الكردية فعلى الصعيد الشخصي تقريبًا تواصل معظمهم، وكان هناك نوع من التهاني، ولكن على الصعيد العملي ربما بالنسبة لهم كانوا يرون أن الموقع كان من المفترض أن يكون فيه واحد منهم، أي تلك الحالة التنافسية، فلم يعبروا عن الزخم الذي كان الشخص يتوقعه. ولكن بشكل عام في الساحة الكردية كان هناك ارتياح، أما بالنسبة للـ "PYD" فإنهم كانوا ضد الخط على الدوام.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2022/03/25

الموضوع الرئیس

الحراك الكردي في سوريةالحراك السياسي في بداية الثورة

كود الشهادة

SMI/OH/88-05/

رقم المقطع

05

أجرى المقابلة

إبراهيم الفوال

مكان المقابلة

باريس

التصنيف

سياسي

المجال الزمني

2011-2012

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي

إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي

المجلس الوطني السوري

المجلس الوطني السوري

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)

حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)

هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي

هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي

لجان التنسيق المحلية في سوريا

لجان التنسيق المحلية في سوريا

الشهادات المرتبطة