دخول الجربا إلى المجلس الوطني والدعم العربي للفصائل العسكرية
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:29:20:19
هذه الكتلة اختراع من المكتب التنفيذي ومن أحمد رمضان أنه يجب أن يكون هناك كتلة للرئيس، وأنا لم آخذها، ولم أعتبرها، ولم أهتم بها، ولم أجتمع معها. أشخاص وضعوا أنفسهم بالاسم فقط أنهم مع برهان غليون، واعتبرتها محاولة لتقليص نفوذي، وليست محاولة لدعمي، وكي يحولوني من رئيس إلى زعيم كتلة، وهي عبارة عن تكتيك خبيث؛ لتقليص ورمي أشخاص من الذين لا يريدونهم؛ ليضعوهم في الكتلة. وأنا لم أجمعها، ولم أهتم بها، ولم أعترف بها. كيف أقوم بكتلة مكونة من أشخاص.....،
أشخاص قالوا: إنَّهم من كتلة برهان غليون، ولم تعمل، ولم يكن لها دور أو أي شيء آخر. وهم أعلنوا الاسم، وهم يريدون أن يتقربوا من الرئيس؛ ليأخذوا مراكزاً، وظنوا أنَّهم سيستفيدون منها.
أحمد الجربا طوال حياتي لم أعرف كيف جاء، ومن أحضره، وكيف أصبح [عضواً]. وأنا في المجلس دخلنا إلى المكتب التنفيذي، كيف أصبح عضواً؟ لا أعلم.
في الحقيقة، لم أكن أدقق في الأعضاء، وحصل عراك في الاجتماع الأخير، وكتبتها في الكتاب، وكان الإخوان [المسلمين] قد أقاموا -لا أعلم إذا كنت قد ذكرتها قبل ذلك- بنفس الوقت الذي كنا مجتمعين به لتشكيل المجلس الوطني ما يسمى: "طاولة ثانية". وبعد ذلك علمت عن الموضوع، بعد أن حصلت الأزمة والمشكلة. وحين حصل الاتفاق في المجلس الوطني كانوا واضعين على الطاولة الثانية ملهم دروبي. جاء ملهم، وقال لهم: تشكَّل مجلس وطني، وكانوا قد دعوا 200 شخص، يريدون أن يتركوهم في الطريق، ويذهبوا. وهناك أشخاص مسافرون، ربما دفعوا لهم ثمن البطاقات، ولكن هم أيضاً جاؤوا ليشكلوا مجلساً وطنياً، وكان الإخوان قد قالوا: إذا فشل تشكيل المجلس لأنه كان هناك صراع مع جماعة الـ "74" نعلن عن مجلس من أولئك، وحين تشكل مجلسنا، ويهمهم أن يكون في المجلس "إعلان دمشق"، وكان المفروض أن تكون هيئة التنسيق وأنا، فرموا أولئك في الطريق، وقرر المسؤول عن تنظيم المؤتمر المغادرة، وذهب- انظري إلى الأعمال الصبيانية- وأولئك (الـ 200 شخص) قرروا مغادرة المكان -طبعاً هم بنفس المدينة، وفي فندق على بعد كيلو متر- وذهبوا، وقاموا بمظاهرة، ونحن جالسون للاجتماع، قالوا لي: هذه مظاهرة ضدك، وكنا لم نتفق بعد على الرئيس من سيكون. ورأيتهم في المظاهرة، وكانوا يشتمونني، وهذه البداية الأولى واللحظة الأولى، ولم نخرج من طاولة التوقيع.
هل كان وراءها أحد أم لا؟ لا أعرف. ولكن خلعوا الباب، ودخلوا. في البداية، أوقفهم أمن الفندق، وبعد ذلك دخلوا، كنا نجلس بغرفة كهذه. قالوا لي: قم يا دكتور، يجب أن تحل المسألة، وكانوا غاضبين بشكل جدي، وقالوا: هل من المعقول أنَّكم دعوتمونا لنشكل مجلساً؟ فنحن سرقنا المجلس منهم؛ لأنهم جاؤوا ليشكلوا مجلساً. فأنا وقفت، ولم أعرف كيف أتصرف، وقفت، فقاموا بدفعي، وقلت لجماعة المجلس: يا إخوان، اشرحوا لي فقط، ما هو الموضوع؟ وأصبحوا يصرخون، وأنا لا أعرف ماهي القصة أبداً، لم يقولوا لي إن هؤلاء يعترضون عليك. ولكن لم أكن أعلم أن هناك طاولة ثانية وثالثة. ولا أذكر من شرح لي فيما بعد، فقال لي بشكل سريع: هؤلاء هذه قصتهم، فقلت لهم: يا إخوان، كل شيء يتم حلَّه. وبعد ذلك، خرج شخص منهم، وهم يتعاملون مع بداوة (عشائر الإخوان) وقال لي: نحن نعرفك، وأنت من طي. فقلت: نحن نعرف أهلكم، فهل تفعلون بنا هكذا؟! ففتحت حوار معه، وبمجرد أن تكلَّم باسم طي والعشائر استغليت الفرصة، فقلت لهم: كل شيء يتم حله بالتفاهم، ولن تخرجوا إلَّا وأنتم راضون، ودعونا نكمل العمل، وحسابكم عندنا، ولن يكون أي مشكلة أبداً. وبقينا ربع ساعة نراضيهم، وهذا الذي حصل.
قمنا بمراضاتهم، وقلت لهم: خذوها مني (أعاهدكم)، ستكونون ممثلين، وهم أتوا بكم. وبعد ذلك، عدنا إلى الاجتماع، وقلت لهم: ما هذا يا إخوان؟ ما هذه القصة؟ فقالوا لي: كذا كذا. وحضر هذا اللقاء -لم نكن قد خرجنا من الفندق- [ملهم] الدروبي، وقال: نحن عملنا لهم كذا، وأنتم تركتموني، وأنا ماذا أفعل بهم؟ وهؤلاء كلهم أصحابنا، وأشخاص يشتموننا. وكنت قد وعدتهم أنني من المؤكد سأضعهم؛ فاتفقنا على أنَّ الأشخاص الذين يستحقون منهم ندخلهم كأعضاء، وليس في المكتب التنفيذي، ونأخذ منهم خمسة عشر عضواً. وقليلاً قليلاً بدؤوا يفاوضون بأن هذا فلان.... وقال الدروبي: أنتم وضعتموني في موقف محرج، ولا أدري ماذا أيضاً. نحن اتفقنا على 60 عضواً كحد أعلى، منذ ذلك اليوم، بدأ الصراع على العضوية.
وحتى يرضى الإخوان، كان هناك الذين يسمونهم: "حلفاؤنا"، وكي لا يخسروا حلفاءهم، ولكن هؤلاء القادمين ليسوا إخواناً، كلهم عشائر، لأن الأحزاب عندنا، وهم جمعوا أفراداً وصداقات. وبعد ذلك اتفقنا أن ندخل-وبصعوبة- 30شخصاً، ومن دخل منهم [لا نعرف]، من سيراقب من دخل منهم؟ هؤلاء أحضرهم الإخوان، وأنا لا أعرف من أحضروا، أقصد "الطاولة الثانية"، وبعد ذلك [بدؤوا يقولون]: نريد أن نحضر هذا، ونريد أن نحضر هذا؛ لأن هذا مهم، وذاك مهم أيضاً.
أي اختراقات هذه؟ كله كان مخترقاً. سألني صحفي في إحدى المرات: ألا تعتقد أنه يوجد اختراقات؟ قلت: إذا كان لدي في المجلس 50 شخصاً فقط يعملون كمخابرات سيكون حظي كبيراً. ما هي الاختراقات؟ نحن ليس عملنا عملاً سرياً على كل حال، ولم تكن مأخوذة بعين الاعتبار، والذي تكلَّم به حمد [بن جاسم] لم يكن له معنى كبير، هل المقصود بالاختراقات النظام؟ أنا متأكد أنه في قلب الثورة، ولا يوجد مكان في الثورة إلَّا وفيه 100 ضابط مخابرات. برأيي الذي قاله حمد كان يقصد من خلاله ألا يقول: أغبياء، فقال: مخترقين. وهو يقصد بأغبياء: أنهم لا يعرفون التعامل بالسياسة. ولكن نحن مخترقون طبعاً، وإلى اليوم نحن مخترقون، وربما داخل المكتب التنفيذي هناك اختراق، أنا لست متأكداً، ولا أستطيع أن أشكك بأي شخص في المجلس، من الصعب أن يكون [فاروق] طيفور، ومن الصعب أن يكون جورج [صبرة]، ولكن في قلب العضوية ألا يوجد أشخاص من النظام أو غيره؟ طبعاً، يوجد للنظام وغيره، وما أدراني بذلك.
المهم أننا انتقلنا من 60 عضواً، وصرنا 90، وخرج جماعة الـ"74" قالوا: اختل التوازن، نحن لا نقبل، وهناك جماعة يتكلمون علينا، ونحن كنا في الـ"74"، فعادوا للتفاوض أيضاً، من أجل أن يعودوا، ويضعوا نفس العدد، وعادوا وفاوضوا.
بعد ذلك علمت أنَّه (أحمد الجربا) مكلَّف بأن يوزع على الفصائل أيضاً، ولكن لا أعرف كيف دخل إلى المجلس [الوطني]، هل دخل مع الإخوان [المسلمين]؟ هل دخل مع الإعلان (إعلان دمشق)؟ ربما مع الإعلان لأنه كان قريباً من" الإعلان"، وهناك من يقول: في كتلة برهان. أين كتلة برهان؟! وهل لدي حزب؟ ليس عندي أي أحد أو حتى صديق أو قريب.
بذهني أنَّ العلاقة كانت مع رياض سيف، واضح جداً في ذهني أن وجوده كان مرتبطاً برياض سيف، ورياض سيف كان صديقاً له. ولكن كيف دخل؟ لا أعرف. كيف أدخله رياض؟ هل كان في البداية؟ لا أعرف.
نحن استغربنا، واحتججنا على ترشيحهم؛ حيث قالوا: نريد [أن نضع أحمد الجربا]. وأنا فسرتها في ذلك اليوم: أنَّه كان ممثلاً للسعودية في الحساب [حساب البنك الخاص بالمجلس الوطني)؛ لأنَّ الحساب كان واحداً، حساب الخليج كله كان في يد القطريين، ليس حساباً لنا، وإنما للقطريين. حساب للدعم الخليجي. فخطر على بالي أن يكون هو مثل المشرف من طرف السعودية على الموضوع، وفسرتها بهذا الشكل، وربما أصبحت صحيحة؛ لأن السعوديين فيما بعد كلفوه بتوزيع المساعدات العسكرية، هذا صار مؤكداً فيما بعد، من دون أن يكون عضواً كما كانوا يقولون؛ حيث سمعت أنَّه [عضو] مكتب تنفيذي. وهو لم يكن في الأمانة العامة، وكان عضواً عادياً.
وحين أتى رياض [سيف] كان مقرَّباً من رياض، وبرأيي أنه كان هناك علاقة بين قدوم أحمد، وتسليمه توزيع الذخيرة على ما أظن-ليس السلاح- و[سعد] الحريري. والسعوديون كانوا يتعاملون مع الحريري، وكلفوا الحريري غالباً-وهذا ما أثارني- أن يكون مشرفاً على المساعدات للفصائل.
لا، التقوا بي فيما بعد، رأيتهم فيما بعد، أتى عقاب صقر، وكان يقول لي: أنَّه وزع هنا وهناك. ولكن كنت متحفَّظاً جداً في التعامل معه، وكنت متحفَّظاً في تعاملي مع الحريري، في موضوع العلاقة مع السعودية. انظري كيف يعمل العرب! وزير الخارجية (أمير سعودي) يتعامل معي مباشرةً، وبنفس الوقت يعطون الدعم العسكري، ويوكلّونه بمعنى: يكون وكيل أعمالهم شخص كالحريري. والحريري وكيل أعماله عقاب صقر. وهذه كلها شبكة لا يستطيع أحد ضبطها؛ لأنَّ المجلس ليس بيده فعل شيء. إذا وكلت السعودية هؤلاء ماذا أفعل معهم؟! هل أتشاجر معهم؟!
هو كان وسيطاً، والدعم كان يأتي مستحيل....، حتى الحريري لنفرض أنه كان يدعم أحرار الشام، أو لا أعرف من كان يدعم، ولكن أعرف أنَّه كان يدعم. وكان يحضرهم، ويجتمع مع زعماء الفصائل في الفندق، هذا الأمر لم يكن مخبأً، ولكن هل السعوديون يعلمون لمن يعطي أم أنهم لا يعلمون؟ لا نعلم؛ لأنَّه كان هناك مسؤول سعودي اسمه: سلمان بن سلطان في الأردن، وهو مسؤول الحريري وعقاب صقر، وطوال حياتي لم أره، أمضيت أربعة أشهر، وهؤلاء كانوا مستمرين من قبل.
هناك مليون خرق، فهل [ما فعله] العرعور كان قليلاً؟! وكذلك القطريون والسعوديون، وهل نحن نعلم من يوزع لمن، ومن هي الجمعيات التي توزع. وحاولنا أن نضبطهم من فوق، لا نستطيع أن نذهب لكل شخص، وهذه [العملية] بحاجة لمؤسسة تعمل، وبحاجة لجماعة متفاهمين في المجلس الوطني، ويعملون معاً، ويضعون أيديهم بأيد بعض، عندها يذهب الشخص ويحتج عند السعوديين. وكيف لي أن أعرف أنَّ [عقاب] صقر تابع للحريري، والحريري تابع لـ [سلمان بن] سلطان. هناك شبكات، وكنت أظن أن القطريين يجمعون الدعم، ويعطون. في الوقت نفسه هناك دعم مشترك، وفي الوقت نفسه كل دولة كانت تدعم كما يحلو لها. لا، لم يكن لدي تصور. وبعد ذلك هناك أشخاص قالوا لي: إنَّهم ذهبوا إلى العرعور فوجدوه مستأجراً ما يشبه القصر، والغرف مليئة بالأموال، والأموال توضع عنده بالأكوام، ماذا أفعل به؟
هم (الفصائل) صاروا ضدي. أولاً: السياسيون هيجوهم، [وأخبروهم]: أنَّني ضد السلاح، وثانياً: أنا سأوحدهم، وسأقربهم من المجلس [الوطني] ، وهم يريدون أن يكونوا مستقلين؛ لأنهم إذا اقتربوا من المجلس فلن تأتيهم الأموال مباشرة. وكل زعيم فصيلة يريد أن يصبح أميراً، ويأخذ الأموال لنفسه. وكان غير ممكن أن يتفاهموا على خطتي، ولم أتشاجر معهم من أجل ذلك، بل من أجل ما هو أقل من ذلك: اتفقت مع الضباط المنشقين أن يذهبوا إلى الفصائل ويساعدوهم. الفصائل كانوا يرفضون استقبال الضباط المنشقين. والضباط كانوا لا يقبلون العمل تحت يد أشخاص مدنيين، أخذوا دور القادة العسكريين، وهم جاهلون في الأعمال العسكرية. وحاولنا أن ننشئ صلة بينهم، وقلنا لهم: اذهبوا، وكونوا مستشارين، رويداً رويداً لعقلنة الصراع العسكري، ثم تستلمون القيادة، ونستطيع أن نوحد الفصائل معاً، وهذه [المحاولة] لم تصلح أيضاً.
فهمت فيما بعد، ولم يكن هناك أحد يتكلم أيضاً، ولا أعلم لماذا وصل سوء التفاهم إلى هذه الدرجة. ولم أكن أعرف أنه رياض [الترك]، وما يدريني أنه رياض، كنت أرى اللجان (لجان التنسيق المحلية) تتأفف، وممثلو الإعلان (إعلان دمشق) -مثل سمير [نشار] - غاضبون وعدوانيون ومعادون دائماً. وأخبرني شخص فيما بعد أخبرني القصة؛ فقلت له: رياض [الترك] صديقي، وليس شخصاً أريد أن أتعرَّف عليه. وقلت له: هل أستطيع أن أتكلَّم معه؟ ولم أتردَّد لحظة في أن أتحدث معه على الهاتف، أريد أن أحل الموضوع، أريد أن أعرف ماذا يريد، وما هو الموضوع؟ وبحسب ما عرفت: أصبح هو أكثر شخص معادٍ. ولترتيب الحديث الهاتفي استغرق الأمر عشرة أيام. تكلَّمت معه، وسلَّمت عليه كما يسلِّم الشخص على صديق قريب ومهم، هو هاجمني قائلاً: أنت تتصرف كـديكتاتور.. .. وما يشبه هذا الكلام. فقلت له: اهدأ قليلاً. أخبرني: ما هو الموضوع؟ وما سبب الغضب؟ وقال لي: لا ترد على أحد، وأنا أرسلت مذكرات. وفهمت في ذلك اليوم أنَّه يظن أنّ المذكرات التي يرسلها ليشارك وجهة نظره، وليس من أجل تطبيقها (بالضرورة). وهو يعتقد أنَّ المكتب التنفيذي يجب أن يطبق كل شيء، وكأن المكتب التنفيذي قطط ليس لها أي دور. فقلت له: اهدأ قليلاً، وليس ما تقوله صحيحاً.
والذي قيل لي فيما بعد: إنَّ سمير نشار كان يُرسِل له كل شيء، كان يرسل له تقريراً أسبوعياً، ويقوم بتعبئة رياض ترك بالتقارير، وعلاقة سمير بي لم تكن جيدة كثيراً؛ وبالتالي كان يترجم أموراً، ويؤول أموراً غير صحيحة، وهذا تفسيري [لما حصل].
كنت أحاول أن أتكلَّم معه بهدوء، وأحاول أن أفسِّر له: بأنَّ هناك حصل لديك سوء تفاهم، وهناك أشياء غير صحيحة، ولست ديكتاتوراً ولا أستجيب لأحد، وأشرح له ماذا نعمل، ولدينا أعمال كثيرة، ولسنا متفرغين، فأعطاني الهاتف، وقال لي: خذ تفاهم مع هذا. وأعطاني [الهاتف] لأتكلم مع علي العبد الله. وعلي العبد الله فعل الشيء نفسه، وأعاد نفس الكلام، وفيما بعد، كتب علي العبد الله مقالاً ضدي عنوانه: "المُفترى عليه"، وهذا قبل كتابي، حين كنت في المجلس، وقدمت استقالتي، أظهرني كمفتر على الناس، ولست أنا المفترى عليه. وصرخ عليَّ، وقال لي: أنت كذا وكذا. وقلت له: شكراً يا علي، فهمت الموضوع. وأغلقنا الهاتف.
والآخر قال لي: كنا نرسل لك مذكرات. يعني أنت تريد أن تحاسبني وأنت جالس في دمشق؛ ولا تعلم ما يحدث، وتقول لي: أرسلت مذكرات. بدلاً من أن تقول لي: ما تحليلك للوضع؟ هكذا يتكلم الناس، وما هو رأيك؟ وما هي المشاكل؟ وكيف سنحلها؟ ما هؤلاء السياسيون؟ لم أفهم. وأنا أقول له: ما هي المشكلة؟ لنعرف كيف نحلها. ولم أقل: سنتقاتل معك، لأننا لا نعمل من أجل قضايا شخصية، بل من أجل قضية كبيرة أكبر من الرد على مذكرة أو عدم الرد. المفروض أن تشرح لي، أنا لو كنت مكانهم أطلب من الشخص -حتى لو كنت غاضباً مني- أن يشرح لي موقفه، وأقول له: لماذا أنت تتصرف بهذا الشكل؟ أطلب منه أن يسمعني. كان هجوماً ساحقاً. وفهمت أنَّ قلوبهم مليئة، وكان كلامهم صادراً عن أشخاص قلوبهم ممتلئة، [لسان حالهم يقول]: ألم تفهم بعد من كلامنا أنَّك يجب أن تستقيل. لأنني قاومتهم في الحقيقة. ثم اكتشفت فيما بعد، كنت أظن أنني لا أريد أن أستقيل؛ حتى لا أترك الجمهور والشعب، ولا أحبطه. وهم يظنون أنَّي أعاندهم، وهم يقومون بمئة محاولة من أجل أن أستقيل [نتيجة] لضغطهم عليَّ، وأنا أتصرف وكأنني غير مكترث وغير سامع ولا أريد الرد.
كانوا يريدون أن يحضروا شخصاً آخر -هذا تحليلي- ولم يقولوا لي ذلك، وليتهم قالوا ذلك لي؛ فكنت شرحت لهم، وبرأيي الآن بعد التفكير والمراجعة أنهم كانوا يظنون أنَّني من يمنع التدخل الدولي فعلاً؛ وبالتالي إسقاط النظام، وأنا المسؤول عن بقاء النظام والضحايا، ومن أجل ذلك يجب أن يكونوا غاضبين مني كثيراً. [وبرأيهم] إذا قال برهان غليون: لا يوجد تدخل فيجب أن يستقيل؛ من أجل أن يأتوا بشخص آخر. وكانوا يفكرون بأن يحضروا جورج [صبرة]. وفعلاً، إذا راجعنا خطابات جورج نجد أن كلها دعوة [للتدخل]، وكثيراً ما يقول: نريد تدخلاً.
لا، لم يتكلموا معي، وبالنسبة لي طبعاً، صارت قطيعة. ونحن لم نكن نلعب، نحن دخلنا في معركة إما أن تكون فيها قاتلاً أو مقتولاً، ولا ينبغي أن يكون فيها أمزجة شخصية، وأنا صرت رئيساً، فمهما كان وضعهم العاطفي أو الشخصي معي فيجب أن يوضع جانباً بين السياسيين، هناك قضية، وأنا صرت مركزاً يعمل لقضية مشتركة، وإذا كانت القضية مشتركة كل الأشخاص الباقين-حتى لو كانوا يكرهونني- من المفروض أن يتكلموا معي، ويسمعوا رأيي، ونجد حلاً لاستمرار العمل. هم وضعوا في ذهنهم أنَّ هذا الشخص هو العقبة الرئيسية أمام إسقاط النظام؛ لأنَّه يمنع التدخل العسكري أو عدم طلب السلاح للجيش الحر، وكأنهم يجلسون في داخلي، ويعرفون بمن أجتمع؛ فصرت بالنسبة لهم العدو رقم واحد أكثر من النظام. وطبعاً، النظام معروف أنَّه عدو، ولكن أنا أعمل مع النظام بدون أن أعلم؛ لأنَّي أمنع إسقاط النظام. من الصعب أن يقولوا : إنني مع النظام، ولكن بالنسبة لهم أصبحت عقبة؛ فهم يريدون أن يزيلوا العقبة بأي ثمن.
لا، لم أرَ رياض الترك، ولا يمكن أن أراه؛ لأنَّ الشيء الذي قام به ليس صحيحاً، ويجب أن يعتذر للشعب، ويعتذر لي شخصياً. والمقالات التي كتبوها هي مقالات أضرت بالثورة، و[كنت] مترددًا [بخصوص الاستقالة] كي لا أحبط الناس؛ لأن التاريخ فيه فرص إذا قمنا باستغلالها نسير للأمام، أما إذا لم نعرف كيف نستغل الفرص فلن تعود هذه الفرص. وفرصة المجلس الوطني أن يأخذ نفوذاً، وأن يكون له أهمية عالمية، ويعطي للثورة صورة إيجابية. هذه فرصة لن تعود، وانسجمت عدة عناصر مع بعضها فصنعت منها فرصة. فالثورة كلها كانت لاتزال سلمية في البداية وديمقراطية وشعبية، أقصد أن الجمهور مدني، والإسلامية لم تكن بارزة كثيراً، وكذلك الفصائل الإسلامية غير بارزة، وبرهان غليون مثقف ديمقراطي يعيش في فرنسا، ويعمل في "السوربون"، كانت الصورة مطمئنة وإيجابية للثورة على الأقل. كنت أقول لهم: استخدموني، أنا ورقة يستفيد الناس منها؛ فتبينون أنَّ اتهامات الإسلامية وغير الإسلامية ليست صحيحة.
لأن النشطاء كانوا قد أصبحوا ضدي؛ لأنَّهم لديهم نفس الفكرة: دخل إلى أذهانهم أنَّ التدخل العسكري هو الحل الوحيد لرحيل الأسد، ودخل إلى أذهانهم أنَّني كنت ضد التدخل وضد تسليح الجيش الحر. وحاولنا مع رياض الأسعد أن نفرض عليه مجلساً عسكرياً غير شخصي؛ فصار ضدي، وصار يقول [أنني] ضد الجيش الحر. وقال في أحد اللقاءات وبشكل معلن: أنَّه كان يجب أن ينقلب على برهان غليون. وانزعج مني؛ لأنه كان يريد أن أجعله لواءً. وكنت منذ شهر واحد في المجلس الوطني، وسأجعل من نفسي أضحوكة العالم، ليس العالم الغربي فقط، وكل الناس سيقولون: صار يرفع إلى رتبة لواء، لا يوجد لديهم تقدير للأوضاع، والكل يظن أن رئيس المجلس يجب أن يخدم وجهة نظره، مثلما قلت من قبل: إنَّني جيش حر لو رفعتني للواء كنت حسمت الموضوع، وأي شخص يأتي بعدي سيخضع لي. وهل أنا ألعوبة بين يديك؟! وهل أنا مُحلِّل؟ (من يتزوج طليقة أحدهم شكلياً؛ ليستطيع الزوج السابق الزواج من طليقته مرة ثانية) كيف سأرفّعك إلى لواء؟ وتحت أي صفة سأرفّعك؟ هل يحق لي أن أقوم بترفيعك بصفتي رئيس مجلس وطني؟! وقلت له في ذلك اليوم: اجمعوا الضباط الكبار الموجودين، وقوموا بمجلس عسكري كامل، وقدموا اقتراحات، وعندما تقدموا لي اقتراحات فإننا سنعمل، وأكون قد بررت موقفي بمجلس عسكري مكون من منشقين (ضباط حقيقيين)، فأنا مدني، ولست عسكرياً لأرفع ضابطاً. ولكن هو يريد أن يبقى هو الرئيس، وهو القائد، وهو من يستلم المال، ولا يريد التنازل عن شيء، ويريد من المجلس أن يكرِّس انفصاله (عمله المستقل).
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2022/03/14
الموضوع الرئیس
المجلس الوطني السوريكود الشهادة
SMI/OH/91-17/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
باريس
التصنيف
سياسي
المجال الزمني
2011
updatedAt
2024/12/03
المنطقة الجغرافية
عموم سورية-عموم سوريةشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
جماعة الإخوان المسلمين (سورية)
المجلس الوطني السوري
إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي
مجموعة الـ74 - الكتلة الوطنية المؤسسة