تصميم بشار الأسد على الحل العسكري وقرار الانشقاق
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:08:46:43
في الحقيقة، بعدما حصل في حلب، وزاد القصف من الطيران، وكان هناك لقاء بيني وبين وبشار في قصر تشرين، وكنا نناقش تكليف المحافظين (تغيير المحافظين)، وقلت للرئيس بشار: إن الوضع في تأزم بشكل كبير جداً، ولا يمكن الاستمرار بهذا الشكل. ولم يكن يخطر في بالي أن النظام يمكن أن يستخدم الطيران، وحتى موضوع استخدام الدبابات وغيرها كان من أجل التخويف، وليس لضرب المدن، ولكنها أصبحت الآن تُستخدم بشكل كثيف، وتُستخَدم المدفعية، ويتمّ استخدام الطيران في آخر فترة، صحيح أنه لم يُستخدم الطيران النفاث في ذلك الوقت، ولكن كان يستخدم الطيران التدريبي، والقذائف تنزل على الناس. فكنت أقول له: إن الناس يموتون، وليس لهم ذنب. بمعنى إنك لا تضرب من يحمل البندقية، وإنما تضرب المدني والطفل والمرأة والشيخ والأسواق، ولا يمكن الاستمرار بهذا الشكل، والأمر بلغ مرحلة لا يمكن القبول بها. فقال لي: حسناً، يمكن استخدام وسائل أخرى، مثل: صواريخ "السكود"(صواريخ أرض-أرض) الموجودة منذ 40 سنة ولم يتمّ استخدامها، وإذا ضربنا عدة مدن وعدة أحياء؛ فالناس ترى قوة القتل والتدمير؛ فتسكت. وأنا بيني وبين نفسي قلت: إن هذا الرجل فقد عقله تماماً. فلذلك صمّمت، واتخذت القرار في ذلك التاريخ بأنني لن أبقى في سورية، ويجب أن أنشقّ مهما كانت النتائج ومهما كانت التكلفة.
في نهاية عام 2011، وبداية عام 2012، كان يوجد حالة عدم توازن واتّزان في الدولة، وكان هناك اضطراب. والتقيت بجماعة "حزب الله"، والتقيت بوزير الزراعة اللبناني وهو نظيري، وكان لدينا اجتماع في منظمة "أكساد "التي تتبع لجامعة الدول العربية ومقرّها دمشق، وكان وزير الزراعة السعودي موجوداً أيضاً، وكان هناك لقاء خاص بيني وبين الوزير اللبناني الذي هو يمثل "حزب الله"، وكان يتحدث معي حول ما يحدث [قائلاً]: إن الدم يجرّ الدم، وأسلوب المعالجة بهذا الشكل، نحن متخوفون منه كثيراً -هذا الكلام قبل نهاية عام 2011- وأنه يجب أن يكون هناك شيء آخر يتمّ التعامل معه غير هذا التعامل. وبعد فترة ليست طويلة، تلقيت اتصالاً من اللواء علي مملوك، وطلب مني أن نسلّمه منشآت تابعة لوزارة الزراعة في الديماس، وقال لي: إن هذه المنشآت مع معسكر الطلائع سيتمّ تسليمها لعناصر، ستدخل حتى تساعد الجيش، والعناصر لبنانية، وطبعاً، هم عناصر من "حزب الله"، ولم يتمّ الحديث على الهاتف بشكل صريح.
بالفعل، نحن لدينا منشآت هناك، وبما أن هذا الأمر صادر من الرئيس فتمّت الاستجابة، وتمّ تسليم هذه المنطقة لجماعة "حزب الله"، ونزلوا في منطقة الديماس، وهذه كانت أول مشاركة لعناصر حزب الله مع النظام؛ حيث كانت هناك انشقاقات كبيرة في الجيش، والانشقاقات حصلت [على مستوى] الأفراد (ضباط وصف ضباط ومجندين) وبأعداد كبيرة (بعشرات الألوف)، ولكن لم يكن هناك أي انشقاق بالنسبة لقطع عسكرية كاملة؛ وكان هذا نتيجة تخطيط حافظ الأسد، هذا عمل حافظ الأسد؛ حيث إنه بنى الجيش كجيش طائفي، وتمّ بناء الجيش والتراتبية العسكرية فيه بحيث لا تنشقّ أي قطعة عسكرية؛ لذلك من بداية الثورة إلى الآن لم تنشقّ أي قطعة عسكرية ولا حتى كتيبة.
كان انشقاق العميد مناف طلاس مؤثراً أيضاً؛ لأنه الصديق الشخصي لبشار ومن المقرّبين جداً بالنسبة له، وسبّب انشقاق مناف انزعاجاً شديداً لدى بشار، صحيح أن مناف في الأشهر القليلة قبل انشقاقه كان مجمّداً، ولكن كان له تأثير؛ لأنه من المقربين جداً من بشار الأسد، وهو ابن العماد مصطفى طلاس.
خلال عام 2011، وبداية عام 2012، كان هناك زيارات مكثّفة من المسؤولين الأتراك، وخاصة وزير الخارجية (أحمد داود أوغلو)، وزار سورية أكثر من مرة الشيخ حمد بن جاسم (وزير خارجية قطر ورئيس مجلس الوزراء)، وزارها أيضاً ولي العهد سمو الأمير تميم، وكانت تصلنا الأخبار بأنهم كانوا يعرضون على بشار [قائلين]: قم بإصلاح فقط، ونحن معك. حتى السعوديّين تواصلوا مع بشار الأسد (الملك عبد الله)، وطلبوا منه أن يقوم بالشيء الذي يرضي الشعب السوري، وأيّ شيء تريده فنحن جاهزون، والإخوة القطريّون تحدثوا معه بنفس الكلام أيضاً، واللجنة التي جاءت من جامعة الدول العربية تحدثت مع بشار بنفس الكلام أيضاً، ولكن -للأسف- كان يوجد تعنّت شديد.
ناقشنا في مجلس الوزراء مذكّرات قدّمها الأتراك حول موضوع الإصلاح الإداري والخدمي، ولكن سمعنا فيما بعد أنهم طلبوا من بشار الأسد أن يكون هناك إشراك للمعارضة السورية. وفي الحقيقة، ليس عندي اطّلاع دقيق على هذا الموضوع: بأنهم طلبوا ذلك فعلاً، وقال بشار: إنهم طلبوا منه أن يُدخِل الإخوان المسلمين إلى الحكومة، وليس لديّ اطّلاع على ذلك وبأنهم طلبوا منه هذا الطلب، فبشار قال هذا الكلام، وليس لديّ ما يؤكّد أن الأتراك طلبوا هذا الأمر أم لا، ولكن المذكرات التي قدّمها الأتراك للحكومة -أنا كنت موجوداً بصفتي وزير زراعة، واطّلعت على المذكرات- كانت تتضمّن موضوع الإصلاح الإداري والهيكلي للعمل الحكومي في سورية، ولكن كان الجواب حاسماً من بشار بالنسبة للجميع، ولم يكن يستمع لأحد على الإطلاق، و يرى أن هذه معركة، وأنه لابد من أن ينتصر فيها، وكنت أسمع من المحيطين ببشار -خاصة في لقاءاتي مع محمد مخلوف، والتقيت مع رامي مخلوف أيضاً، حيث زارني في المكتب- بأن حافظ الأسد جاء إلى الحكم على الدبابة؛ وبالتالي بشار يجب أن يثبت وجوده، ويثبت مقدرته؛ وبالتالي يعيد تثبيت الحكم بالحذاء العسكري؛ لذلك جعلوا من الحذاء العسكري شعاراً وتماثيلاً، وحتى أنهم وضعوا تمثالاً للحذاء العسكري في ساحة الأمويين، وأصبحوا يقبّلونه في اللاذقية، وهذا شيء مؤسف.
ولذلك هو بقي مصمماً ومستمراً بالحل العسكري حتى هذه اللحظة، بشار ليس رئيساً، بشار ملك، وورث بشار الحكم من والده من خلال عملية تنصيبه مكان والده (حافظ الأسد) في عام 2000؛ لذلك كانت وجهة نظرهم وكانوا مصمّمين على أن يثبت بشار وجوده من خلال السيطرة بالقوة العسكرية على سورية.
معلومات الشهادة
الموضوع الرئیس
التعامل الأمني والعسكري لنظام الأسدحكومة رياض حجابكود الشهادة
SMI/OH/128-14/
أجرى المقابلة
عبد الرحمن الحاج ، منهل باريش
مكان المقابلة
الدوحة
التصنيف
سياسي
المجال الزمني
2011-2012
updatedAt
2024/04/06
المنطقة الجغرافية
محافظة اللاذقية-محافظة اللاذقيةمحافظة دمشق-ساحة الأمويينمحافظة ريف دمشق-ناحية الديماسمحافظة حلب-محافظة حلبشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
جماعة الإخوان المسلمين (سورية)
حزب الله اللبناني
الجيش العربي السوري - نظام
جامعة الدول العربية / الجامعة العربية
رئاسة الوزراء - النظام
وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي - النظام
معسكر الطلائع