بعد تأسيس "كتائب الفاروق" كان لابد من تصدير بعض من الضباط (منحهم مواقع قيادية)، وهنا كثرت حركة الضباط المنشقين وكانت حركة إيجابية وخاصة عند الضباط صغيري العمر مع احترامي لجميع الرتب كبيرها وصغيرها، إلا إنه في الحقيقة من أصدق من أخلص للثورة وعمل في الثورة هم الضباط الصغار بالرتب: الملازم والملازم أول والنقيب.

نحن في "كتائب الفاروق" [من] الجيش الحر، ونعمل في مواجهة جيش نظام الأسد المتمرس، فكان لابد من تصدير الضباط، والحقيقة على امتداد المنطقة من القصير جنوبًا إلى الرستن شمالًا ومن تدمر شرقًا إلى المنطقة الغربية: تلكلخ والزارة والحصن غربًا كان لابد من تصدير الضباط، والأخ الملازم أول عبد الرزاق طلاس التزم معنا في منظومة العمل ما يقارب الشهر، وكان مسؤولًا عن الوضع في الرستن إلا إنه بعد انشقاق الرائد عبد الرحمن الحاج علي -رحمه الله وأسأل الله أن يتقبله من الشهداء- شكّل الإخوة في الرستن "لواء خالد بن الوليد" فكان عبد الرزاق منهم، وخرج عن "كتائب الفاروق" واستمر الحال على هذا المنوال حتى شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2011، وتواصلنا مع الأخ عبد الرزاق طلاس وطلبنا منه القدوم إلى [حي] بابا عمرو وبالفعل قدم الملازم أول عبد الرزاق طلاس إلى بابا عمرو وقاد كتيبة في بابا عمرو وكانت من الكتائب المنضبطة جدًا والتي لعبت دورًا لاحقًا كبيرًا جدًا في المعارك وصولًا إلى خروجنا من بابا عمرو. وكنا هنا نتعرض لهجوم عنيف للأسف من صفحات (صفحات الكترونية) يفترض أنها محسوبة على الثورة قطعت عنا الإعلام ولم تنشر لنا وأصبحت تتحدث بأمور سلبية وكأنها في محاولة اقتناص صيد، وذهب البعض إلى أنه من أنتم وتدّعون أنكم جيش حر وليس لديكم ضباط ويقودكم مدنيون وإلى ما هنالك، فتم الاتفاق بيننا على أن يكون عبد الرزاق طلاس كضابط ملازم أول قائدًا عسكريًا للفصيل. وفي هذه الأثناء كان عبد الرزاق في "الخالدية" وطبعًا الأخ عبد الرزاق من الذين أبلوا بلاء حسنًا في المعارك للأمانة، وعبد الرزاق بطل وطبعًا أنا رجل خاص ولي معايير خاصة، ويوجد على السوشيال ميديا الكثير من رموز الثورة شخصيًا لا أعتبرها رموز ثورة، قامت وضحّت وعملت مثلي وأكثر مني، ولكنها ليست رموز ثورة، ونحن كـ "فاروق" كفصيل لدينا رموز خاصة بالثورة منهم من توفي ومنهم لا يزال حيًا وعبد الرزاق أحدهم، فعبد الرزاق قدّم في بابا عمرو وقدم في الرستن وقدم في الخالدية وكان بطلًا ومغوارًا ومُقدِمًا.

تعيين عبد الرزاق في منصب القائد العسكري للفصيل لـ "كتائب الفاروق" أدى إلى حدوث خلاف بين قيادات الفصيل، وأرخى بظلاله هذا الخلاف في المدينة حيث رفض -رحمه الله- أبو أسعد محمد معاذ الأسعد تعيين عبد الرزاق طلاس قائدًا عسكريًا للفصيل، وكان نتيجة هذا الأمر أنه قرر الخروج إلى دمشق والعمل هناك، وخسرت حمص واحدًا من كبار فرسانها ومن عظام قاداتها ومن أرجل شبابها في المعارك إيذاء لجيش العدو جيش نظام الأسد، وأدى هذا الأمر إلى تداعي الفصيل في "الخالدية" وفي عموم مدينة حمص، وأدى هذا الأمر إلى حدوث عدة انشقاقات وأنا اضطررت للتدخل وإخراج أخينا الملازم أول عبد الرزاق طلاس من "الخالدية" إلى ريف حمص الشمالي، وباشر عمله هناك واستمر حتى حدوث الخلاف معه فخرج وشكّل "الفيلق الأول".

محمد معاذ الأسعد أبو أسعد في الحقيقة رجل من التاريخ، بيننا والرجل أقرب إلى أن يكون أسطورة في الانضباط والقتال وفي الإدارة والقيادة، وشكّل المجموعة في "الخالدية" وانطلق في العمل، ومن ثم كانت مع "كتائب الفاروق" منذ تأسيسها ومنذ اللحظة الأولى، واستمر في العمل حتى حصل الخلاف من أجل أخينا الملازم أول عبد الرزاق طلاس فآثر الخروج إلى دمشق، وبالفعل بعد أن وضعت الحرب شهرها الرابع المؤلمة في مدينة حمص أوزارها، وكانت حربًا من أعنف المعارك التي خاضها ثوارنا وأبطالنا في حمص وعلى عدة جبهات، قرر الخروج إلى دمشق فخرج إلى دمشق مع ثلة من القادة معه وصولًا إلى [حي] الميدان، وبعد فترة لا تزيد عن 20 يومًا على ما أذكر تم اكتشاف موقعهم ودوهموا بجيش كبير جدًا أدى هذا الأمر إلى حدوث معركة وقتل من جيش النظام الكثير وقتل من القادة الكثير وجرح محمد معاذ الأسعد وأُخذ إلى المشفى، ووصل خبر فيما بعد أنه توفي في السجن -رحمه الله- بسبب الغرغرينا. 

الحقيقة أن الأخ أبو أسعد يعتبر أن عبد الرزاق ليس أهلًا لهذا الموضوع ولا يجوز أن يستلم هذا المنصب، ولكن نحن في الحقيقة كنا مضطرين إلى هذا الأمر حتى نغطي على الكثير من الأمور، فعبد الرزاق ضابط ونحن فصيل عسكري منضوٍ تحت راية الجيش الحر وهذا الأمر لم يستطع أبو أسعد أخذه بالحسبان أو الاقتناع به ورفض رفضًا قطعيًا أن يكون عبد الرزاق طلاس في هذا الموقع، وهذا ما تم وانتهينا بإخراج أخينا عبد الرزاق طلاس إلى ريف حمص الشمالي إلى الرستن تحديدًا حيث أعاد هناك تشكيل "كتيبة الفاروق" من جديد.

عبد الرزاق طلاس شارك معنا في تأسيس "الفاروق" في الاجتماع التأسيسي وبقي معنا ما يقارب الشهر ثم اجتمع ضباط الرستن المنشقون وأسسوا فصيلًا خاصًا بهم اسمه "خالد بن الوليد" فكان عبد الرزاق من ضمنهم، واستمرينا بالعلاقة مع عبد الرزاق وحتى إننا استمرينا بدعمه هو والملازم أمجد الحميد -رحمه الله- وغيره من الضباط ولم نقطع العلاقة معهم، وحتى شهر تشرين الثاني/ نوفمبر تواصلنا مع عبد الرزاق وطلبنا منه القدوم إلى بابا عمرو فعاد وشهر تشرين الثاني/ نوفمبر وشهر كانون الأول/ ديسمبر من عام 2011 وشهر كانون الثاني/ يناير من العام 2012 وشهر شباط/ فبراير من العام 2012 قضاهم عبد الرزاق معنا في "بابا عمرو"، وبالانسحاب انسحب إلى "الوعر" ومنها إلى "الخالدية" وبقي هناك ما يقارب الشهرين ثم اضطررنا لإخراجه إلى منطقة ريف حمص الشمالي منطقة الرستن تحديدًا.

في الاجتماع التأسيسي الذي حدث في القصير في 29 حزيران/ يونيو 2011 قمنا بالتواصل مع المقدم حسين هرموش مباشرة، وسأل عن وجود ضباط بيننا وأُبلغ بالإجابة الصحيحة، وتواصل مع بعض الضباط المتواجدين معنا، وأبلغناه بأننا فصيل في حمص من "لواء الضباط الأحرار" في عموم سورية، ونحن في "كتائب الفاروق" كنا دائمًا مع تكامل التنظيم ومع البناء، حتى بعد اعتقاله وفقدان الاتصال معه وتشكيل منظومة ما يسمى باسم "الجيش الحر" تم التواصل مع رياض الأسعد وإبلاغه بأننا أحد مكونات الجيش الحر، وعندما تشكلت القيادة المشتركة في شهر أيار/ مايو على ما أذكر من عام 2012 كنا أحد الذين أسسوا هذه القيادة وصولًا إلى مؤتمر أنطاليا في شهر كانون الأول/ ديسمبر من العام 2012 كنا أحد مؤسسي الهيئة العامة للأركان ومجلسها العسكري، ومشاركين وبقوة في مؤتمر أنطاليا وفي أجهزة الأركان، وكنا في الكتائب دائمًا مع البناء وكان أحد أسباب الخلاف بيننا وبين اللواء سليم إدريس عندما اعتدى "أحرار الشام" و"جبهة النصرة" و"لواء التوحيد" آنذاك و"جيش الإسلام" على الأركان كنا نعتبر أن هذه المؤسسة مؤسسة لكل السوريين، للثورة ومؤسسة يجب دعمها وبناؤها والوصول فيها إلى مراتب عالية، وأن نخاطب الدول من خلالها وتخاطبنا الدول من خلالها، وحدث الخلاف لأن اللواء سليم إدريس خرج على الإعلام وصرح بأنه هو من طلب منهم أن يحموا مستودعات الأركان وينقلوها، وهذه ليست الحقيقة وهذا ليس ما جرى، وأنا أضرب هذا المثال لسبب ما هي وجهة نظرنا في الأركان وكيف نتعامل مع الأشخاص من خلال هذه الوجهة.

الكثيرون يسألون عن الدعم من أين حصلت "كتيبة الفاروق" أو "كتائب الفاروق" على دعمها، في البداية لم يكن هناك دعم وقام كل فرد من أبناء هذه الكتائب بدعم نفسه بما يتوفر لديه من قطعة سلاح أو خلافها ثم بدأ الأهالي بالدعم وصولًا إلى التجار والصناعيين والحقيقة أشكر كل من ساهم بدعمنا في "كتائب الفاروق" وجزاه الله عنا كل خير في الدنيا والآخرة، والدعم كان كبيرًا وكريمًا بحجم أهالي حمص مدينة وريفًا ولم يبخل علينا أبناء حمص بشيء، ووفروا لنا حتى المأكل والملبس وكانوا يقدمون مالهم حتى النساء خلعت حليها وأحضرته للثوار والمغتربون في الخارج من أبناء حمص أيضًا قدموا الشيء الكثير واستمر هذا الحال حتى قيام صندوق جدة الذي سيطر عليه الإخوان المسلمون ولم نستطع التحصيل منه إلا على دفعتَي دعم، ثم حصل الخلاف بيننا وبينهم بسبب رغبتهم بتسليح فصائل غير موجودة أصلًا، وحدث الخلاف وخرجنا، واستمرينا على ما نحن عليه حتى تشكيل القيادة المشتركة والتحصيل على دعم تسليحي وتذخيري وإغاثي وطبي منها، وأما ما سبق ذلك فهو من أهالي حمص الذين ساهموا معنا وبكل كرم بحفر الآبار وإعادة تهيئتها وتزويدها بالمولدات والوقود تحسبًا لقطع الماء عنا، والذين ساهموا معنا بوقت مبكر بإيجاد نقاط طبية خاصة بنا في كل أحياء حمص وأبعد من ذلك في غوطة الشام (دمشق) وفي منطقة القريتين وغيرها كثير جدًا مما فاض علينا في حمص، وساهموا معنا بالكثير من المال الذي من خلاله استطعنا شراء السلاح والذخيرة من بعض مهربي الأسلحة وكلها ذهبت في معارك مع جيش العدو المجرم جيش بشار الأسد.