الاتفاق بين برهان غليون وهيئة التنسيق الوطنية
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:14:10:24
عدنا، وبدأ تداول تبعات مؤتمر تونس، كان بين عودتنا وحتى مطلع العام قد بقي أقل من عشرة أيام، سمعنا أن الدكتور برهان غليون ذهب من باريس إلى القاهرة، وأعضاء المكتب التنفيذي لا يعرفون ذلك أيضاً. كان الأستاذ هيثم المالح في القاهرة، وهو مقيم في القاهرة، وأصبح عضو مكتب تنفيذي، والدكتور هيثم المالح كان من أنصار التوجه الإسلامي العربي؛ لذلك لم يأتِ بتقديري، كان يقيم في القاهرة فترات طويلة، ولا يأتي للإقامة في إسطنبول، وهذا الموقف امتد لاحقاً حتى بعد تأسيس الائتلاف. سمعنا أنه ذهب إلى القاهرة، وفيما بعد ترامت أخبار بأنه يجتمع مع هيثم المناع في القاهرة، وأن هناك اجتماعات تُعقد في القاهرة، ولكن يحضرها وليد البني وبعض الزملاء الذين كانوا مقيمين في القاهرة، ربما كان هيثم المالح، ولكننا لم نعرف شيئاً عن هيئة التنسيق، هيثم مناع-بشكل عام- لم يكن شخصية مرغوبة من قبل المجلس الوطني السوري؛ لأن له تصريحات ومواقف، وحتى هيئة التنسيق في تلك المرحلة كانت مواقفها السياسية غير مقبولة من قبل المجلس الوطني السوري، فهيئة التنسيق كلها كانت غير مقبولة بمواقفها السياسية.
تسرّبت المعلومات بأن الدكتور برهان أقام اتفاقاً سياسياً بين المجلس الوطني السوري وبين هيئة التنسيق الوطنية، بمعنى أنهما فريقان متقابلان، المجلس الوطني السوري كان ينظر إلى نفسه على أنه المظلة، وإذا جاءت هيئة التنسيق فإنها ستدخل، وتصبح أحد مكونات المجلس، لكنها ليست طرفاً مقابلاً للمجلس، وبذلك أصبحا طرفين متقابلين، وهذا سيكون في حال تم التوافق على العناوين السياسية (الموقف من النظام والموقف من الثورة).
بالنسبة للموقف من الثورة، هناك حادثة لا أعرف إذا كنت قد ذكرتها، ولكن يجب أن أكررها، وهي: أن الأستاذ حسن عبد العظيم عندما سقط الشهداء في دوما، فإن أهل دوما الذين لديهم قاعدة كبيرة للاتحاد الاشتراكي عندما ذهب إلى المسجد من أجل تقديم العزاء لهم فلم يقبل الأشخاص الموجودون في المسجد تعزية الأستاذ حسن عبد العظيم؛ لأنهم كانوا يعتبرون (أهل دوما) أن مواقف الاتحاد الاشتراكي وهيئة التنسيق مناقضة لروح الثورة وأهداف الثورة، وكانوا يرون أنه شخص مهادن للنظام، وهو يعيش في الشام، فهو ليس معارضاً متخفياً أو غادر سورية كما فعل قسم كبير من المعارضين.
هذا الاتفاق الذي تم التوقيع عليه أثار ردّ فعل قوي وعنيف جداً، ليس في أوساط الثوار في داخل سورية فقط، وإنما في أوساط المجلس الوطني السوري، كان التساؤل: لماذا يعمل الدكتور برهان من وراء ظهر المجلس والمكتب التنفيذي، ويتصرف من تلقاء نفسه، ولا يهتم لأمر أحد؟ الدكتور برهان عندما رأى هذه النقمة الشديدة، أذكر تماماً ذلك، حيث خرج على وسائل الإعلام، ونفى وجود اتفاق كهذا، وبنفس التوقيت- لأن الموضوع أصبح إشكالياً- خرج هيثم المناع على وسائل الإعلام، وقال: إن الاتفاق موجود، وأنا وضعت نسخة منه عند جامعة الدول العربية. وعندها صارت بلبلة؛ لأن الدكتور برهان يقول: أنا لم أوقع. وهيثم المناع يقول: تم التوقيع، وتم أخذ القرار ووضعه في جامعة الدول العربية.
لا أعرف إذا كان هناك اتصال هاتفي، لأن الدكتور برهان اتصل بي من باريس، وقال لي: يا أبا كرم، كيف سنتخلص من هذه الورطة؟ فقلت له: هل وقّعت أم لا؟ إذا لم توقّع لا توجد مشكلة، فأنت تعرف نفسك إذا كنت قد وقعت على وثيقة اتفاق أم لا، قال: وقعت، ولكن ليس على اتفاق، وإنما على مشروع مسودة. قلت له: مسودة! أنت تعرف كيف تخرج منها، وهيثم مناع يقول: إنه وضع الاتفاق في جامعة الدول العربية. هل يتم وضع مسودة في جامعة الدول العربية؟!
الأمر الثاني: إذا كان هيثم مناع -حتى لو عن خبث أو دهاء- قد وضع الاتفاق في جامعة الدول العربية فهذا يوحي بأن هناك نوعاً من الاطلاع والمعرفة لجامعة الدول العربية على هذا الاتفاق. وهذا يعود بنا إلى اتفاق الدوحة الذي حصل في أول أيلول، وتبين أن مبادرة جامعة الدول العربية التي سمت هيئة التنسيق كان الدكتور عزمي بشارة وراءها، والذي هو من نفس المدرسة التي ينتمي إليها الدكتور برهان غليون، ولديهما نفس التفكير، وهو الذي سمى هيئة التنسيق. إذاً هناك خيوط، والصورة بدأت تتوضح: بأن الدكتور برهان أراد أن يأخذ المجلس الوطني؛ حتى يصبح شريكاً لهيئة التنسيق التي رفضت مكونات المجلس الوطني؛ لأنه لم يدخل مع هيئة التنسيق بعد أن رفضت موضوع إسقاط النظام ورموزه، هذا يعني أن المجلس الوطني يريد أن يقدم تنازلات وإلا كيف سيوقع؟ ولو كانت هيئة التنسيق قبلت لكانت أعطت موقفاً سياسياً واضحاً وهو: إسقاط رموز النظام وإسقاط بشار الأسد.
ردود الأفعال كانت عنيفة جداً على الدكتور برهان من الوسط الثوري في داخل سورية، ومن قوى الثورة والمعارضة، وخاصة في المجلس الوطني السوري، وتسببت في استهلاك رصيد الدكتور برهان في تلك المرحلة كمثقف ومعارض وملتزم بأهداف الثورة، استهلكت قسماً كبيراً من رصيده. أما ردود الأفعال بالنسبة لأعضاء المكتب التنفيذي، وبعد أن اتضحت الأمور، وانكشفت: فقد خرجت أصوات، وكان هناك توجه حتى من الداخل السوري لإقالة الدكتور برهان غليون من موقعه كرئيس للمجلس الوطني السوري. استمرت هذه النقاشات؛ لأنه في أول الشهر ستنتهي ولاية الدكتور برهان غليون، وذكّرني الدكتور عبد الباسط بأنه قد تم تشكيل لجنة مكوّنة من ثلاثة أشخاص: الدكتور عبد الباسط، والأستاذ عبد الأحد، والأستاذ أحمد رمضان من أجل أن يذهبوا، ويطلبوا من الدكتور برهان غليون أن يستقيل بنفسه؛ حتى لا يقيله المجلس الوطني؛ لأن اتفاقه مع هيئة التنسيق سيدمر المجلس الوطني، وهذا غير مقبول نهائياً، فلا يمكن السكوت عنه. أظن بأن هذه النقطة بالذات يجب أن يُسأل عنها الدكتور عبد الباسط سيدا تحديداً.
مرت أيام، والنقاش لم ينتهِ بعد، كان هناك اجتماع للأمانة العامة من أجل انتخاب رئيس جديد. كان الرأي في ذلك الوقت والنقاش يتركزان حول سؤال هو: هل ستنتهي ولاية الدكتور برهان، ونغلق الموضوع، ويكون هناك توافق على رئيس جديد، وهذا يتلاءم مع الاتفاق على وثيقة تأسيس المجلس الوطني التي تنص على التداول في موقع الرئيس والولاية ستنتهي بعد ثلاثة أشهر، أم هل ستتم إقالته؟
قال لي الدكتور عبد الباسط: دخلنا إلى الدكتور برهان، وكان في حالة يُرثى لها، وكان الرجل منهاراً، وكان يصعب عليّ كثيراً وهو في موقعه ومكانته الثقافية أن نقول: أقلناه، أنا لا أقبل. فيجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن الدكتور عبد الباسط سيدا أكاديمي وكاتب ومثقف أيضاً، ولم يستطع أن يتقبل فكرة إقالة الدكتور برهان، [فكان رأيه]: لنقل له: انتهت ولايتك. من دون أن يكون هناك إقالة، ولم تبق إلا أيام قليلة فقط حتى تنتهي ولايته.
الدكتور برهان بعد ذلك، وبحسب ما سمعته، فأنا لم أكن في المقابلة، ولكن ربما سألت الدكتور عبد الباسط، فقال: إنه ارتاح، وقال: حسناً، بدون إقالة، وولايتي انتهت. كان هناك شيء يتم من خلف الكواليس بالتأكيد، ولكنني لم أكن على علم به. ربما يكون الشيء إقليمياً، وأنا أتكلم عن محور قطري تركي، يوجد شيء إقليمي؛ لأن الأستاذ فاروق طيفور جاء إلي، وقال لي: يا أبا كرم، انتهت ولاية الدكتور برهان، ولكن الأجواء والمناخات الموجودة نتيجة اتفاقه مع هيئة التنسيق توحي بأن المجلس هو الذي أقاله، والناس والرأي العام لن يفسروا ذلك بأن ولايته قد انتهت، وإنما سيفسرونه بأنه أقيل. [فقلت له]: يا أبا بشير، الاتفاق واضح والنص واضح، ونحن لا نريد إقالته، ولكن ولايته انتهت. والأصدقاء موجودون جميعاً. أعتقد أن هذا الموقف من الأستاذ فاروق طيفور فيه نصيحة إقليمية، ليس عندي معلومات، ولكن هذا سوف يُفسَّر لاحقاً، بمعنى أن "الإخوان المسلمين" لديهم رغبة في بقاء الدكتور برهان غليون رئيساً للمجلس الوطني السوري، وهذا سوف تؤكده حادثة لاحقة بعد فترة قصيرة جداً. حيث قال لي الأستاذ فاروق طيفور: دعنا نمدد له شهراً واحداً فقط؛ حتى تمضي هذه القصة، ونعود، ونتوافق على رئيس جديد. فقلت له: حسناً، أنا كممثل "لإعلان دمشق" لا يوجد لديّ مشكلة في التمديد لشهر واحد؛ لأننا في النهاية لا نريد إلحاق أي ضرر أو أذى بالدكتور برهان من حيث السمعة الوطنية، ليس لدينا هذا الهدف، ولكنه أوقع نفسه في مطبات كثيرة.
انعقدت الأمانة العامة، وانعقد المكتب التنفيذي، وتم الاتفاق على التمديد للدكتور برهان لشهر واحد فقط.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2020/11/02
الموضوع الرئیس
المجلس الوطني السوريكود الشهادة
SMI/OH/86-40/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
سياسي
المجال الزمني
شباط 2012
updatedAt
2024/06/04
شخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي في سورية
المجلس الوطني السوري
هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي
جامعة الدول العربية / الجامعة العربية