الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

موت حافظ الأسد وتوريث بشار الحكم والمشهد السياسي في تلك الفترة

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:25:05:17

كان جمال [الأتاسي] موافقاً أن نعمل وكان الجو مناسباً لأنَّ النظام كان مهترئ مع مرض رئيسه متضعضعاً، ورياض [الترك] كان في السجن وهو ليس لديه مشكلة وهو أول ما خرج تكلَّم بتصريحه الكبير "الديكتاتور مات" وهي كلمة السر لانطلاق روح المعارضة عند الناس وكان هو متحمساً وكنت على علاقة وثيقة معه في حمص وهو جار والبلد لا يمنع أن ينتقل الشخص إلى الآخر وينتقل ويتكلم، ودمشق كبيرة وصعبة وكنا نلتقي وننزل وكنت أذهب صيفاً إلى حمص من أجل أن أتعرف على الناس وأعمل معهم. 

بعد وفاة جمال [الأتاسي] لم يكن هناك في الاتحاد الاشتراكي شخصية بارزة ولم يكن حسن عبد العظيم قد عُرِف، فالشباب كان متعلقاً برياض، ورياض أول ما خرج كان نشيطاً وكان يريد إعادة بناء الحزب وكان يشعر بأنَّه زعيم المعارضة، والمثقفون التفوا حوله ولم يكن هناك شخص منافس له في تلك الفترة، إنَّما أنا كان موقفي من رياض الذي كان قريباً مني كثيراً وأنا قريب منه وأنا كنت أحبه وأفكِّر أن يكون له دور، ودوره الآن وهو دمث واجتماعي وكان قادراً، إنَّما شعوري كان أنَّه متعلق للغاية بالماضي وحَكَمه ماضيه كمناضل وهو دفع كثيراً، وهذا الأمر تبيَّن من قضيتين علاقته في الحزب أنا أذكر قلت له: إذا أردت أن تبني الحزب غير الاسم انتهت هذه الشيوعية. وقلت له: شكل حزب باسم الحزب الديمقراطي الاجتماعي، وأنا إلى الآن أقول: نحن بحاجة لحزب ديمقراطي اجتماعي.

 وقال: وهل أترك للبكداشيين (نسبة لخالد بكداش) اسم الحزب الذي قمت بتأسيسه منذ 14 سنة؟ فقلت له: هذا الموضوع لا يفيد، أنت إذا عملت اسماً جديداً ستنشئ أجيالاً جديدة وتربحها أكثر من هذا الاسم، وهذا الاسم انتهى وعاد مرة أخرى. وقال لي: الاتحاد السوفييتي انتهى؟ قلت: طبعاً انتهى والاشتراكية التي تؤمن بها بحاجة للتغيير والديمقراطية هي الأساس فكان يعيش.. كيف يترك الحزب؟ وكيف يترك الماركسية؟ وأنا ناضلت من أجل الشيوعية والماركسية؟ فقلت له: نحن يجب ألا نعبد إيديولوجية بل قضية ونريد أن نعمل من أجل قضية، فهو لم يكن يرى المستقبل وقلت له: انظر إلى الأمام والأجيال الجديدة ماذا تفكر وما تحتاج إليه؟ وكنتم تعملون أموراً صحيحة، ولكن الآن انتهى.

 والأمر الذي لم يعجبني وشعرت أنَّه لا يتقدم به وهو موضوع الدور الذي يلعبه وقلت له: أنت خارج من السجن وشخصية مركزية أولى وكل الناس متعلقة بك وترى بك شخصية مهمة، فقلت له: اترك موضوع رئاسة الحزب الشيوعي والمكتب [السياسي] أنت الآن رمزية وطنية اجعل الشباب يعيدون بناء الحزب واجعل من نفسك شخصية وطنية، وأنا برأيي أن نجهز لك مكتب إعلامي وتجلس في بيتك وتأتي عدة شخصيات إعلامية مهمة ويعملون لك من أجل أن تكون شخصية وطنية وأنا أقول لك كيف ذلك، مثلاً: هناك حدث في سورية فيتصل الإعلامي في قناة الجزيرة يقول: هناك المناضل رياض الترك يريد أن يعلق على الموضوع وكل حدث يحصل ذلك وبعد ذلك تصبح شخصية عربية وعالمية وتوحد حولك الرأي العام السوري وليس فقط شخصية شيوعية. 

وقال لي: معك حق، ولكن هذا المكتب الإعلامي لا أريده، فقلت له: لا يجوز أن تهتم بعمرك وتجربتك في التنظيم وتنسب عضواً موجوداً في الحسكة للحزب، وتسافر في المواصلات من أجل أن تنسب شخصاً للحزب، وأنت أكبر من هذه القيمة كثيراً وهو أيضاً لم يعرف أن يعمل بها. 

والنقطة الأخرى التي شعرت أنَّه لم يلبِّ تطلعات الناس له وجمهوره وليس الناس الآخرين وهو كان يريد أن يبقى رقيباً على الشباب المنتخبين في الحزب، وأنت قلت: إنَّني لست أميناً عاماً فاعمل بأمور أخرى ودعهم يعملون. وهو أصبح متابعاً كثيراً لشؤون الحزب حتى لم يبقَ من الحزب أحد، والحزب مؤسسة تحتاج شخصيات ورموزاً جديدة حتى تتقدم مع الأجيال الجديدة، وهو شخصية فذة وجريء وشجاع وذكي ولديه مواهب كثيرة رياض، ولكن تاريخه أعاقه، وتاريخه جيد وسمعته جيدة والمثقفون الذين التفوا حوله وكانوا يتباركون به بدل أن يشجعوه لفعل شيء آخر وكان (رياض) بحاجة أن ينقلب على نفسه ويتقدم إلى الأمام وهو أصبح متمسكاً في فكرة الحزب الذي هو مات أيضاً فهو لم يعرف أن يتحرر من تاريخه. 

كلنا توقعنا ذلك وكان حافظ الأسد يموت ببطء وكان الخوف أن يرثه ابنه وكان هذا الموضوع مسكون في ذهننا في تلك الفكرة، وكيف يكون الانتقال، بدلاً من الانتقال من ديكتاتورية حافظ إلى ديكتاتورية ابنه، فكيف سنستغل الفرصة لنغير هذا المسار لمسار آخر، ولم يكن يهمنا موته ولا شيء آخر ولكن الهم أنَّ هذه فرصة لبداية جديدة لمعارضة غير المعارضة القديمة وهي معارضة شعبية وقوية وذكية لتفعيل المثقفين في دائرة، وإلى الآن أعتقد أنَّ المثقفين لم يعرفوا أن يتحرروا مع الثورة لينطلقوا خارج الإطار الذي تعلموه.

 وكان شعوري أن الأنشط في الجو في سورية بعد قتل المجتمع المدني سياسياً وفكرياً هم المثقفون وكان على رأسهم السينمائيون وكان صديقي كثيراً عمر أميرالاي وهو دوماً يذهب إلى سورية وكان جماعة السينما بارزين في الموضوع وقاموا بمعركة مع النظام حول قصة استقلاليتهم قبل موت الأسد، وكنت أرى بهذه المجموعة المثقفة الصغيرة في سورية أنها من الممكن أن تكون نواة لعمل، ولم أكن أخطط، ولكن أنظاري موجهة إلى أشخاص أراهم الأكثر نشاطاً وكنت أتناقش مع عمر وكان نشيطاً جداً ويعرف بيروت وأفلامه كانت مهمة.

وفي يوم من الأيام وضمن نقاشاتنا وقبل أن يخرج بيان الـ 99 أتى لي بنص صغير فيه رفع حالة الطوارئ وأنَّ هناك شباباً يعملون للتوقيع على بيان إزالة العمل بقانون الطوارئ، فأنا قلت له: يا عمر معقول بعد ما مات الأسد نحن ننتظر موته لنفكر بطريقة أخرى؟ أنا برأيي أنَّ ابنه بعكس ما يتصوره الناس سيكون أسوأ منه وذلك لأنَّ الأب لديه خبرة ويعمل سياسة من بدايته ويعرف حداً أدنى من التقاليد السياسية وكان بعثياً وكان في حزب وخاض اشتباكات مع أصدقائه هذا الابن قادم ليس لديه خبرة وغير معروف وليس لديه شخصية، فاعتقادي وأنا كتبتها في يومها أنَّ أباه كان هو سيِّد الأجهزة وهو ركبها في يده وأتى بشباب من هنا وهناك وأنشأ الأجهزة وهو زعيمها وهي الدولة، بينما الوريث الأجهزة هي التي أتت به، الابن هو لعبة الأجهزة بينما حافظ هو الذي يلعب بالأجهزة، فهذا غير كفؤ ليأخذ أي مبادرة والناس التي تقول لأنَّه شاب هو الذي سيغير وأنه عاش في أوروبا كلها كذب وخداع [وهو] غير قادر على التغيير وقلت لهم في يومها وأتوا وقابلوني. 

وأنا أرى خطاب القسم [لبشار الأسد] قلت لعمر: هذا الرجل خارج من جديد ويعلم أنَّ الناس كلها تعرف أنَّه سلَّمه والده وهو لديه نقطة ضعف أنَّه سيبني لنفسه شرعية متميزة عن قصة الوراثة وشرعية والده، و[يريد القول:] أنا شخص مستحق الرئاسة ولست فقط ابن أبي.

فمن أجل ذلك قام بخطابه وقال: أنا مواطن، ولكن لن يستمر وهذه البداية فقط لينشئ لنفسه شرعية، ولنستفد من ذلك لأنَّ سلطته ليست راسخة لأنَّه مازال جديداً على العمل ويجب أن نرفع السقف لا لأننا سنحقق الديمقراطية غداً فقط، ولكن يجب أن نحدد السقف الذي سنناضل من تحته، ونبيَّن للجمهور ويعلم أين يجب عليه أن يتوجه، وقال لي: ماذا تقترح؟؟ فقلت: يجب أن نتكلم بعودة الحريات والحياة الديمقراطية، فقال لي: لن يقبلوا والشباب الموقعون على البيان كما يقول لي وهم أصدقاؤه أنَّهم لن يقبلوا غير هذا، قلت له: جرب، ولكن قصة رفع حالة الطوارئ بالنسبة لي لا تعني شيئًا، وليس بحاجة لقانون طوارئ إذا لم يكن هناك حريات لن يفيدنا بشيء ويجب أن نركز على إعادة الحريات العامة والحياة الديمقراطية ورفع حالة الطوارئ طبعاً كنتيجة لهؤلاء واقترحت عليه نصاً وليرَ إن كانوا سيقبلون به.

 وفي النهاية هو الذي قبلوا به، وخرجت يومها إشاعات أنَّ النص الأول كان قد أوحى به الأسد نفسه ليدفع المثقفين [للقول بـ] أنَّه قام بإنجاز، ومحتمل هذا الشيء أو النظام كان راض ليحصل بيان للمثقفين بإزالة حالة الطوارئ ويبيَّن أنَّه غير في الوضع وأنَّه عمل شيئاً جديداً، وأنه رجل جديد وعمل أعمالاً غير أعمال والده، بثمن بخس والمشكلة لم تكن في قوانين الطوارئ، ولكن في سلوك النظام وانعدام الحريات تجاه الشعب ككل.

والمهم أنهم قبلوا وانتشر البيان وأصبح له صدى، وأنا كانت نظريتي أنَّ الأسد خلال ستة أشهر سيستعيد كل شيء وسيصبح أسوأ من والده وسيصبح رهين الأجهزة وهي التي تحكم وهي التي تفترس البلد وستفترس الرئاسة وستكون كل شيء، الوالد كان عنصر ضبط للأجهزة بينما بشار سيلعبون به كما يريدون وهو الذي تبين لاحقاً أنه صحيح، فلذلك أنا تشجعت، ولا أعلم لماذا المثقفون لم يعملوا كلهم وأصبح هناك 99 توقيعاً وكان له صدى هائلاً وهو خطوة مهمة لإطلاق المعارضة، وأنا لم أكن ألتقِ ميشيل [كيلو] في هذه الفترة وهو مبتعد لأسباب ثانية، لماذا ميشيل طرح بيان الألف؟ وهل كان اسمه غير وارد؟ وأنا بالنسبة للأسماء لم تكن لي علاقة لأنَّني كنت في فرنسا أنا الذي تحدثت به هو النص فقط.

بيان الـ 99 كان مهماً وهو إعلان للشخصيات والمثقفين السوريين وعصر جديد للمعارضة في شيء لم تكن تستطيع الحديث به وأخرجنا بياناً ووقعنا عليه، وقلنا: نريد الحرية وبيان الألف ليس متراجعاً، ولكن حين يتكرر الشيء يفقد الشيء الأول شرعيته، مثل الآن أخرجنا وثيقة في القاهرة في مؤتمر المعارضة في العام 2012 وكانت وثيقة تطوير لما فعلناه في المجلس الوطني وكان هو العهد الوطني وبعد ذلك حسنَّاه في مؤتمر المعارضة وأصبح وثيقة اجتمعت عليها كل المعارضة السورية بكل أطيافها، وأصبح بعد ذلك كل مؤتمر للمعارضة فيه وثيقة جديدة مثل دولة لديها دستور وكلما أتى رئيس يغير دستور، وهذا لم يعد دستوراً والدستور فوق الأشخاص وهو مؤسس للمؤسسات، والوثيقة في بيان الـ 99 هو مؤسس لحالة الحريات في سورية لسنا بحاجة لتأسيس جديد، وإذا أردنا كل يوم حالة جديدة على مزاج الأشخاص لن يعد هناك وصول لمؤسسة ثابتة وباعتقادي [بيان] الألف أضر [ببيان] الـ 99. 

لم يكونوا متجاوبين بما فيها حزب المكتب السياسي رياض [الترك] وحسن [عبد العظيم] وكانوا يشعرون أنَّ هناك منافسة وينافسهم المثقفون، والمعارضة السياسية هي معارضة السياسيين، ولكن في أول حقبة بشار كان رهاني أنَّ الدينامو (المحرك) الذي يحرك العمل الوطني التحرري هم المثقفون، لأنَّ لديهم هوامش ولديهم قدرة على التعبير ولديهم هوامش حرية سواء كانوا فنانين أو سينمائيين أو مفكرين أو صحفيين، ولديهم هوامش حرية ولديهم إمكانية أنَّهم متفاهمون مع بعض ولديهم مصلحة في الحرية، ولهم مصلحة في توسيع هامش الحريات، وكنت أعتقد أنهم نواة لتحريك المشهد السياسي وممكن أن يحركوا الأحزاب وهم دينامو يحرك الأحزاب إلى الأمام.

 والأحزاب لم تتجاوب بشكل كبير إلا شخصيات معينة وشعرت في معنى اللحظة، والحزبيين بطيئو التفكير ويقيسون التحرك بمدى تطور البنية الحزبية، زاد لديهم أعضاء؟ أم لم يزد؟ أصبح لديهم نقاط؟ أم لم يصبح؟ أصبح لديهم مكاتب أم لا؟ ولا يرون الديناميكية وكيف يتحرك الجمهور مع الأفكار ولذلك كانوا بطيئين، وكذلك في الثورة كانوا بطيئين، لم يروا أنَّ شباباً صغاراً عملوا تنسيقيات في الثورة، وهؤلاء لم يكونوا عباقرة مثلهم ليس لديهم تنظيمات، ولكن هؤلاء كانوا لولباً ممكن أن يفيدهم وليسوا ضدهم ولكن فتح هؤلاء الشباب لهم الطريق. 

في السنوات القليلة قبل موت الأسد الأمن لم يكن يتكلم معي ولم يكن لدي نشاط سياسي وهم كانوا يعيشون لحظة أخيرة بعد مرض حافظ الأسد، وهم فتحوا باباً لي ولناس غيري في تلك الفترة لأنَّهم لا يعرفون ماذا سيحصل، فكانوا يراضون الناس الذين مثلي بشكل بسيط بدون انقطاع القمع، وبعد استلام بشار الأمن لمدة ستة أشهر لم يكن له مصلحة أن يظهر مخالبه ولكن كانت له مصلحة في مراعاة المثقفين ويظهر أنَّنا في مرحلة جديدة ومرحلة أفضل.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2022/02/22

الموضوع الرئیس

النشاط السياسي قبل الثورة السورية

كود الشهادة

SMI/OH/91-05/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

باريس

التصنيف

سياسي

المجال الزمني

قبل الثورة

updatedAt

2024/04/18

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

المجلس الوطني السوري

المجلس الوطني السوري

حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي في سورية

حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي في سورية

الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي

الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي

الشهادات المرتبطة