الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

الانفتاح السياسي ثم عودة التضييق والاعتقالات وإغلاق المنتديات السياسية

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:25:55:01

الأشهر الأولى من حكم بشار [الأسد] كان لديه شعور ألا يبطش مباشرة لأنَّه يبني لنفسه سمعة جديدة لا أن يشوهها، والمثقفون أصبحوا يفكرون بعد بيان 99 أنَّ هناك هامشاً للحركة مثل مياه كان لها سد هائل وبعد ذلك فُتِح السد، المياه أصبحت تتدفق بسرعة وأول ما حصلت المنتديات وأول منتدى بُني هو منتدى رياض سيف، ورياض قام بتشكيل منتدى وبعد ذلك عدة منتديات وأصبح في كل مكان منتديات حتى في القرى، وهي وسيلة تعبير للمعارضة والحياة السياسية وتمت دعوتي لمنتديات في أحياء ومدن وقرى.

 وأنا في مرة من المرات قبل أن أشارك في أي شيء ذهبت أنا إلى سورية في السنة الأولى في الـ 2001 صيفاً وكنت أراقب وبدأت المنتديات تتشكل ورياض سيف يعمل بذلك وأغلقوا المنتديات وخرج بعد شهرين قرار بإغلاق المنتديات، وبدأ النظام بتراجعه عن كل شيء و[عبد الحليم] الخدام خوَّن الجميع ولم يبقَ غير شهرين وأنا رياض سيف أصبح لي معه علاقة في السنوات الماضية وحسن عبد العظيم تعرفت عليه وتعرفت على كل الذين عملوا والمثقفين والاقتصاديين وميشيل [كيلو] كان يعمل لوحده مبتعداً قليلاً وكان هناك أشخاص آخرون فقلت لرياض سيف: لماذا أغلقت المنتدى؟ استغربت وكثير من الناس، قال لي: فرضوا علينا ووعدني خدّام أنَّهم سيشكلون قانوناً لتنظيم جمعيات ومنتديات.

وقلت له: أنت مصدق أنَّهم سيفعلون ذلك. قلت له: خرج شيء. قال لي: لم يخرج. فقلت : منذ متى؟ قال: من عدة شهور، فقلت له: كان يجب ألا تغلقوه لأنَّكم ظهرتم أنكم ضعفاء أمام السلطة. قال: ما كان علينا أن نفعل؟ قلت: اتركهم يأتوا ويغلقوه بالشمع الأحمر ويصبحون هم مسؤولون أما أنت تغلقه لوحدك. فيرد لي وهو كان منزعجاً وكان يشعر أنَّ المنتدى قد أعطاه وزناً كبيراً وأظهره كشخصية سياسية وهو كان متقدماً بسبب البيان الذي أخرجه، وكان يعمل في البرلمان بشكل صحيح وكان يريد أن يشكّل حزبًا، وقلت له: يجب ألا يتم إغلاقه. فيرد علي: أنا مستعد أن أفتحه إذا أتيت أنت وألقيت أول محاضرة فيه. وقلت له: قرر تفتحه وأنا أكون عندك، وقال لي: سأقوم بإعادة تشكيله.

فقلت له: سأذهب إلى باريس من أجل البرنامج الدراسي وأعود إليك وعملنا الندوة في 5 أيلول/ سبتمبر [2001]، وفعلاً بقيت فترة وأعطيت الطلاب البرنامج، وقطعت بطاقة وأول مرة أقوم بمعاملة على حسابي ودائماً يدفعون لي البطاقة، وأنا حجزت أربعة أو خمسة أيام وذهبت إلى حمص وبعد ذلك إلى دمشق، واتفقنا أنَّ الساعة السابعة نلتقي وكانت في 7 والنصف المحاضرة، وأنا كنت قد حضرت المحاضرة وكتبتها، وزرته في الساعة 6 في مكتبه جانب "السميراميس" وخرجنا مع بعضنا ورأينا الدرج كله مليء ومن غير الممكن أن نصعد، والحديقة مليئة والصالون الذي لديه مليء كلياً والناس ينظرون من الشرفات ولا يوجد شك أنَّه منظر استثنائي ولو صوَّر أحد كانت وثيقة مهمة.

ومن كثرة الناس وضعوا مكبرات صوت ليسمعوا الناس، وكان العدد تقريباً 800 شخص، وبالنسبة لسورية هذا يعتبر حدث، لأن مثل هذا المنتدى مثلاً استطاع جمع هكذا ناس فبعد سنة سيجمعون مليوناً، فالنظام توجَّس والنقاش الذي دار كان منقولاً للمخابرات والرئيس، وكان أهم تجمع حصل، ودخلنا في السابعة والنصف وقلت: يجب أن نبدأ فوراً من أجل أن نكسب الوقت وبدأنا، وأنا تكلمت 45 دقيقة تقريباً وقبل أن أتكلَّم قدمني بخمس دقائق وبعد تقديمي وقف شخص من القاعة وكان يحمل حقيبة فقال: دكتور نحن قادمون مع أغراض السجن فلا تخف من شيء وخذ حريتك، فكان المشهد مؤثراً فعلاً، بأنَّنا نريد أن نرفع السقف، وسنكسر حاجز الخوف وسنتكلم.

لم يكن في سورية جمهور باستثناء الجمهور الذي رأيته في جمعية الخريجين في حمص والذي هو جمهور مسكين ليس له في المعارضة، أما في المنتديات كانت مطالب للحرية وجمهور لديه شعور مختلف عن شعور ما قبل موت الأسد الكبير، كان الناس في عهده يعرفون حدود الكلام بما فيهم السياسيون، أما في المنتديات تصور الناس أنَّ اليوم سنكسر الباب مهما كان الثمن وهذه الكلمة التي قالها الشخص الذي أتى ومعه ثياب السجن.

والمنتديات هي أصلاً للتحدث وكل الناس تريد أن تقول رأيها وتشارك، وأصبحوا يقومون بمنتديات للمشاركة وأنَّنا سنصبح فاعلين، وبعد ذلك وهذه أول ملاحظة أخذت عقلي وأنا في الحقيقة حين رأيت حجم الجمهور وتركت الورقة وتكلمت والمفروض أنَّه مسجل، وبعد ساعة أو أقل بدأ النقاش وعلى الأقل قرابة ساعة سمعنا للناس والجمهور الموجود وخلال تلك الفترة وهذا الوقت هناك من عبَّر عن رأيه وتكلَّموا كلمتهم وأصبح هناك مداخلات وأصبح منتدى حقيقياً للكلام وليس للنقاش وليست محاضرة برهان غليون بل أكثر من محاضرة لمحاضرة وأظن الذين حضروها لا ينسونها وخلال تلك الفترة أصبح هناك ملاسنات واكتشفت أنَّ قرابة 60 شخصاً في المقاعد الأمامية مخابرات، وكنت حريصاً أن ينجح المنتدى لأنَّه كسر للقاعدة وهم أغلقوا المنتديات ونحن أتينا وفتحناها من أول وجديد وإذا حصل فيها هرج ومرج فهم جرونا للمعركة وخسرنا.

 وأنا اعتقدت واكتشفت أنَّ هناك ناساً يريدون أن يكسروا ويخربوا المكان، كلما تكلَّم شخص كلمة لا تعجبهم يقفون كلهم مع بعض، وأنا حين رأيت أنَّهم يستفزون من أجل معركة ليقولوا أنَّ السوريين لا تليق بهم الحرية ولا يليق بهم أن يعملوا بحرية وشعرت أنَّ لدي مهمة في إغلاق فمهم لكيلا يخربوا الجو، فقلت لهم: يا إخوان أنتم ناس تفهمون إذا بقيتم تقومون مع بعض خمسين شخصاً كلما تكلَّم أحد كلمة فالناس ستظن أنَّكم مخابرات. فهم تفاجؤوا وأنا هدفي أن أفاجئهم وأنتم تتصرفون كمخابرات وأنتم يجب أن تستروا أنفسكم، ولم يعرفوا كيف يتصرفون وكلما قام شخص قلت لهم: تكلموا واحداً واحداً، وهم لم يعودوا يعرفون كيف يتصرفون كمخابرات وهم قد أحضروا المخابرات ليشبحوا على الناس وأنا أقول لهم: أنتم لستم بلطجية وأنتم يجب على كل شخص أن يقول رأيه وهم إذا أرادوا تخريب الاجتماع يقومون مع بعض، وإذا قام شخص نتحمله.

كنت أنا دوري أن أعالج دور المخابرات لتخريب الجلسة، ولكن النقاش الذي حصل كان مذهلاً وبعد ذلك تكلمت قرابة ساعة ونصف وكان حواراً مذهلاً، وأعتقد أن رياض سيف محتفظ به، وختمته بدعوة الرئيس أن يأخذ المبادرة هو ويعلن مصالحة مع الشعب وإطلاق الحريات والتحضير لانتخابات جديدة ويكون هو وسيلة التحرير ورجل التغيير وأنا هدفي منها أنَّنا نبيَّن أنَّنا لسنا قادمين لنقاتل ومن أجل الحريات والذي يعمل الحريات لا يهمنا من يكون وأنا أعلم أنَّني أحاول أن أقترب من شيء صعب للغاية وأنا أعلم طبيعة النظام وكنا نحاول دغدغته ليخفف من هيجانه بأنَّكم ممكن أن تفعلوا شيئاً والناس كانوا فرحين ومأخوذين في اللعبة وأصبحت الساعة العاشرة قالوا لهم: لم يعد هناك باصات لمن يريد أن يذهب. فقال: نريد أن نكمل فقلت له: أريد أن أكمل. وتقريباً لم يذهب أحد وبقينا من الساعة العاشرة حتى الساعة 12 بين حوار ونقاش كان دقيقاً وعميقاً ومهماً وأنا نفسي لا أنساها وكانت أهم لقاء قمت به بحياتي سياسيًا وفكريًا وكل شيء.

 وبعد الساعة 12 قال لهم: لن نستطيع أن نكمل أكثر من ذلك يجب أن تذهبوا والناس جالسة كانت وفي النهاية ربع ساعة تم إخلاء الجو وبقي قرابة 20 شخصاً، مجلس الإدارة [في المنتدى] وعدة أشخاص لا أذكر أسماءهم منهم كمال اللبواني وفواز تللو والذين أصبحوا فيما بعد أعداء ولا أعلم لماذا.

وقال [رياض سيف]: لنذهب إلى العشاء، هو وأعضاء الهيئة الإدارية للمنتدى وكانوا فرحين كلهم وغاب عن ذهنهم أنَّهم ليسوا في نظام حر وأنَّ النظام لم يتغير وإذا حدثت هكذا ندوة ليس يعني أنَّ النظام قبل بقاعدة اللعب، وجلس عدة أشخاص يشتمون في النظام بشكل غير صحيح فقلت: يا إخوان لتكن ألفاظكم معتدلة قليلاً لا نريد أن نستفز نحن ونريد سلتنا بدون عنب، ولكن هم من إحساسهم بالنشوة وأصبحوا يفكرون ماذا سيفعلون بعد ذلك، وأنا شعوري كان في أنَّ كل كلمة يضعون عليها تنصتاً من أجل ذلك كنت أقول: خففوا من الحديث.

 وانفضَّ الاجتماع في الساعة الرابعة فجراً وأوصلني في سيارته رياض سيف إلى منزلي ونمنا، وفي اليوم التالي تم اعتقال المجلس الإداري: [كمال] اللبواني وفواز [تللو] وحبيب [عيسى] بعد ذلك اعتقل، وحملة الاعتقال بدأت بالتدريج واعتقلوا رياض سيف وبعد ذلك اعتقلوا رياض ترك.

 أنا سمعت الأخبار وكنت متوقِّعاً أن يأتوا ويعتقلونني وانتظرت وجلست في المنزل ولم أغير شيئاَ ومعروف أين أنا ورأيت بعد ذلك زوجة فواز على ما أظن، والتقيت أناس من عائلات الذين اعتقلوا وتفاهمنا ألا تخافوا لسنا مجرمين ولم نقم بشيء وكنا نقول ذلك من أجل الأهل. 

 بقي لي يومان من أجل أن أسافر ولم أحب أن أسافر مباشرةً وانتظرت، والناس كانوا يتكلمون في الموضوع وكُتب عنه وخرج إلى الصحافة، وأتى وقت السفر ووقت السفر ذهبت إلى المطار، وفي المطار كان لدي شعور أنَّ هذا الكلام الفصل إما أن يعيدوني أو يسمحوا لي بالخروج، مررت في المطار وكأنِّي مثل أي مسافر ثانٍ وشكلياً وهم واضح أنَّهم ينتظرون أن أسافر وخرجت ولم يحصل شيء، وأنا فسرتها أنَّه من الأفضل أن أخرج من أن يحبسوني في الداخل ويحصل كلام ضدهم من الفرنسيين والأكاديميين، فهو بذلك أفضل وهذا الهم ذهب من أمامنا وأنا أصلاً أتيت استثنائياً من أجل المحاضرة.

وبدأ التغيير في عودتي الثانية وعملت في المناسبة عدة ندوات سرية في تلك الفترة في حلب والسلمية وعدة مدن إنَّما بعدها دخلت إلى المطار بشكل طبيعي، إنَّما أوقفوني في المطار وأجلسوني قرابة الأربع ساعات وأنا كنت آتياً مع ابنتي الصغيرة وكان عمرها قرابة السنتين وأوقفوني أول مرة و[قالوا]: تفضل دكتور.

وقدمت جواز سفري الفرنسي ولم يعيدوه لي وقالوا لي: تفضل اجلس هنا. وفهمت أنا وقلت في بالي هو ثمن رخيص لما قمنا به أن يوقفوني، ولكن لا أكل ولا شرب ولا شيء، وأصبح لدي شعور أنَّهم لن يعتقلوني لأنَّ اسمي كان معروف عربياً ودولياً وأستاذ في جامعة السوربون يثير لهم مشاكل والأستاذ حين يعتقل يجب أن تعرف الجامعة والحكومة الفرنسية يجب أن تسألهم وما الجرم وما الوسيلة؟ وأنَّه قام بمحاضرة فما هي الجريمة التي فعلها فتثير لهم مشكلة، ولكنهم يريدون مني ألا أعود إلى سورية ومحاولة لإرغامي على ذلك.

وقالوا لي: يجب أن تمر على فرع المعلومات في المطار وأعطوني رسالة ومكتوب عليها رقم وقالوا لي: اذهب وراجع هذا المكتب، وأنا كنت منزعجاً من الانتظار وقلت له: أين هذا العنوان؟ فقال لي: أنت اذهب وابحث عنه. فقلت له: أنتم تعطونني رقماً ألا تعرفون أين العنوان وهم كانوا واضحين أنَّهم يراقبون المشهد بدون أن يشعروني، وإذا بضابط يمر وهو ذو رتبة عالية وسمع أنَّني أصرخ قليلاً فيقول لي: لا تقهر نفسك ليس الأمر صعباً اطلب من أي تكسي وقل له: أريد الفرع كذا وسيأخذك ولا تهتم للموضوع ولا تعمل مشكلة. 

هم لا يقولون: مخابرات، بل فرع رقم... ولا تعطوا العنوان، قال لي: اطلب أي تكسي (سيارة أجرة) في الشام ويعرف الفرع. وفعلاً نزلت إلى حمص وأخذت الرسالة معي ووضعت ابنتي عند أهلي.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2022/02/22

الموضوع الرئیس

النشاط السياسي قبل الثورة السورية

كود الشهادة

SMI/OH/91-06/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

باريس

التصنيف

سياسي

المجال الزمني

قبل الثورة

updatedAt

2024/04/18

المنطقة الجغرافية

عموم سورية-عموم سورية

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

 لجان إحياء المجتمع المدني

 لجان إحياء المجتمع المدني

منتدى الحوار الوطني

منتدى الحوار الوطني

الشهادات المرتبطة