دخول الجيش الحر إلى حي صلاح الدين واستشهاد أيهم العكيدي
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:22:02:13
في صلاح الدين المجموعات التي كانت موجودة: نحن كنا موجودين وكان اسم كتيبتنا "عمر المختار" التي شكلناها مع حسام الأطرش، عندما انفصلنا عنه أصبح اسمنا "كتيبة أبو أيوب الأنصاري" وكان عددنا تقريبًا 20 شابًا المكونين من أبناء عمي من قرية زيتان ومجموعة من زملاء الدراسة والأصدقاء الذين كانوا موجودين، يعني شباب حلب بقيادة أخي أيهم وهو كان قائد الكتيبة وكان تسليحنا يعتبر جدًا جيدًا بالنسبة لباقي الكتائب، وتقريبًا جميعًا كان معنا بنادق وكان لدينا رشاش بي كي سي وكان لدينا اثنان من قواذف الآر بي جي وكان عندنا رشاش 12.7 وكان عندنا مناظير ليلية [عددها] اثنان، وكنا من الكتائب المميزة في موضوع التسليح في ذلك الوقت كان يوجد الكثير من الكتائب تعتمد على أسلحة الصيد ولا يوجد لديها أكثر من أسلحة الصيد بينما نحن كان تسليحنا جدًا جيدًا لأنه نحن أتينا من الريف بينما هؤلاء الشباب هم من أبناء المدينة الذين حملوا السلاح في المدينة ولم يستطيعوا أن يكون لهم هذا التسليح الجيد.
كنا نحن وكان يوجد شباب من حي صلاح الدين وأذكر منهم أبو الصادق وأبو عباد الذي استشهد، وشاب كان اسمه أبو حسين منذر وكان معنا شخص لاحقًا في اللواء مجدمي أبو حسين بشمركة، وكان يوجد عدد من شباب صلاح الدين من حملة السلاح، وكان موجودًا أبو قتيبة وكان لقبه صقر أبو قتيبة مصطفى برو الذي أصبح لاحقًا قائدَ "تجمع فاستقم" ولكن في ذلك الوقت أصيب أبو قتيبة قبل أسبوع يعني في فترة بداية معركة حلب، هو أصيب في عينه يعني قبل معركة التحرير بأسبوع في صلاح الدين عندما حاول النظام الدخول إلى صلاح الدين وتصدى الشباب، في ذلك اليوم أصيب أبو قتيبة بطلقة في عينه وأنا لم أره في تلك الفترة ولم أتعرف عليه وأنا كنت أعرف اسمه ولكنني لم ألتق معه شخصيًا حتى ذلك التاريخ، وكان يوجد شباب نور الدين الزنكي وهم من مجموعات الريف القليلة التي دخلت حلب، وهم اختاروا صلاح الدين لأنه بالأصل..، ونحن نتكلم أن "لواء التوحيد" قرر دخول الإنذارات (حي الإنذارات)، وهو دخل الإنذارات لأنه في مدينة حلب موضوع الهجرات التي حصلت من الريف إلى المدينة كانت هجرات مناطقية، يعني أنا مثلًا ابن الريف الجنوبي ونحن كانت واجهتنا في حلب هي أحياء سيف الدولة وصلاح الدين، وحتى جماعة الريف الغربي كانت واجهتهم؛ يعني ابن الريف الغربي الذي يسكن في حلب كان يسكن إما في صلاح الدين أو في بستان القصر في القسم الغربي من المدينة، وجماعة الريف الشمالي مثل مارع وتل رفعت وبيانون كانت وجهتهم في حلب هي الإنذارات والشعار، يعني تنتهي في الشعار وبعد الشعار لا تجد أحدًا من مارع، وكانت منازلهم كلها في مساكن هنانو والشعار والإنذارات، وهذا أيضًا أحد الأسباب أنني عندما أدخل إلى صلاح الدين يكون هناك أهلي وناسي وأولاد عمتي وأبناء قريتي و"نور الدين الزنكي" هو من المجموعات التي عندما دخلت إلى حلب دخل إلى صلاح الدين، لأنه بالأصل في صلاح الدين يوجد عدد جيد من شباب عنجارة وقبتان الجبل وهي بالأصل عوائل تسكن في صلاح الدين، وأيضا عندما دخل توفيق شهاب الدين إلى صلاح الدين وأنا لا أذكر العدد الذي كان معه؛ يعني أعتقد دخل ومعه 50 مقاتلًا، ولكن عندما وصل إلى حلب أصبح معه 150 مقاتلًا تقريبًا وهو كان القوة الأكبر في صلاح الدين.
في تاريخ 4 أو 5 آب/ أغسطس 2012 بدأت معركة النظام، والنظام تمركز في الحمدانية في الحي الأول، وبدأ الزحف باتجاه حي صلاح الدين، ونحن عندما رأينا أن النظام قادم من الحمدانية تشكل خط الجبهة في شارع الـ 15 المقابل لحي الحمدانية، وأحد الشباب الذين أذكرهم الذي كان موجودًا اسمه أبو عبيدة الشياح، وهو كان من الشباب الذين كانوا معنا في بداية هذه المعارك وهو من الشخصيات التي أتذكرها.
معركة شارع الـ 15 كانت هي أول مواجهة مباشرة ما بين الجيش الحر في حلب أو ريفها مع النظام.
الأوتوستراد كان بالنسبة لنا خط دفاع مهمًا جدًا، يعني موضوع الأوتوستراد حصلت مقتلة للنظام وأوتوستراد الحمدانية كان عريضًا حوالي 40 مترًا ما عدا الوجائد، والستاد كان في الجهة الثانية، والهجوم بدأ من الحي الأول باتجاه أرض الصبار باتجاه صلاح الدين شارع الـ 15 ونحن كنا في بنايات صلاح الدين، والنظام انطلق من الحمدانية، حتى يصل عسكري النظام إلى أول بناية في صلاح الدين فإنه مجبر على أن يمر حوالي 70 إلى 80 مترًا بشكل مكشوف، وفي هذه المنطقة المكشوفة حصلت مقتلة كبيرة للنظام في ذلك الوقت وطبعًا كما نحن كان ينقصنا في الجيش الحر الخبرة أيضًا عناصر النظام كان ينقصهم الخبرة بحرب الشوارع، وهذه النقطة كنت دائمًا أقولها للشباب، أنه نحن في بداية التحرير كان يستشهد منا الكثير نتيجة الأخطاء وعدم الخبرة وكنا نقتل من النظام الكثير ولكن لاحقًا عندما أصبح يوجد جبهات وأصبحنا نعرف التعامل مع المباني وأصبحنا نعرف التعامل مع فتحات الطلاقيات ونستطيع خلق لأنفسنا ممرات من خلال البنايات بدون كشف أنفسنا على الشوارع أصبح صعبًا على النظام أن يقتل أحدًا منا، وفي المقابل أيضًا عناصر النظام اكتسبوا خبرة كبيرة في حرب المباني في معركة حلب وهذا الكلام واقع في النهاية.
في بداية المعركة النظام قُتل منه الكثير في هذه المعركة وأنا أذكر أنني في أحد المرات ذهبت لأجل الرباط هناك وكان منظر القتلى الموجودين على الأوتوستراد كان منظرًا مخيفًا يعني حتى في تلك اللحظة أنا فكرت بيني وبين نفسي وتساءلت أن هؤلاء العساكر المستلقين هنا على الأرض والنظام لا يستطيع سحبهم والذين نحن قتلناهم لأنهم يهجمون علينا وأنا كنت أشعر بشيء من الحزن على أهلهم وعلى أطفالهم ونسائهم، وأنه نحن لماذا النظام فرض علينا هذه المواجهة ولماذا فرضت علينا هذه الحرب، وكما ذكرت بالنسبة لي خيار التسليح لم يكن خيارًا وإنما مسار وأنا يجب علي الدخول به إذا كان يجب علي الاستمرار في الثورة، ودائمًا أفكر في هذه النقطة أنه نحن نقتل هؤلاء الناس ولكن هؤلاء الناس لهم عوائل ولديهم أناس يبكون عليهم وكما نحن عندنا شهداء وأناس يبكون علينا، وأنا كنت جدًا أدخل في هذا التساؤل وهل النظام يدرك حجم المأساة التي ستتولد بعد هذه الحرب، وهل يدرك بشار الأسد وعائلته أنهم ماذا فعلوا بهذا البلد بعد سنة أو عشر سنوات أو 20 سنة، إن هذا الذي أنا قتلته أو قتل أخي أو قتل ابن عمي أنا كيف يمكنني بعد عشر سنوات أو 20 سنة أن أتعايش معه، وأنا كنت كثيرًا أفكر في هذه النقطة وخصوصًا في ساعات الرباط التي لا يوجد فيها معارك، وأصلًا عندما يكون هناك معركة لا يوجد تفكير إلا عن كيفية النجاة وكيف تقتل أعداءك قبل أن يقتلوك.
نحن عندما دخلنا إلى حلب حاولنا الدخول بذخيرة جيدة، رغم أن شباب [حي] الإنذارات يعني لم يتم وصل الخط مع أحياء الشيخ سعيد والصالحين والمرجة [التي] لم تتحرر بعد، ولم يفتح الخط مع الريف الشمالي، ونحن كان لنا اليد العليا في حلب حتى نحن عندما كنا في حي صلاح الدين المحرر كنا في الليل نركب السيارات ونتجول في حلب، يعني عندما يأتي المغرب تصبح اليد العليا لنا وكان النظام يتقوقع في مقراته الأمنية، وكنا نحن الذين نتحرك في المدينة وكنا نقوم بعمليات في شارع النيل أو السبيل، وأذكر أن أخي أيهم ذهب مع أحد الشباب إلى ساحة سعد الله وعادوا عندما كنا في صلاح الدين، وأنا ذهبت إلى الفيض لزيارة شخص وعدت، وكنا نذهب إلى المارتيني لإحضار الفروج ونعود ولم يكن الخط مفتوحًا ولكن نحن كنا صاحبي اليد العليا والنظام لا يجرؤ على التحرك في حلب.
بدأت معركة صلاح الدين وكانت فعليًا أول مواجهة كبيرة بيننا وبين النظام عسكريًا، ولأول مرة يحصل أن النظام سوف يهجم على هذه المنطقة ونحن لا ننسحب، ونحن قررنا الدفاع عن هذه المنطقة وهذا الشيء كان لأول مرة نحن كجيش حر نخسر بهذا الحجم، وأنا كنت قبل هذه المعركة ثلاثة أو أربعة أشهر أحمل السلاح وخضت العديد من المعارك، وكانت معاركنا كلها عبارة عن حرب عصابات، وكان هدفنا واضح وثابت، ونحن المتحركون وكنا نذهب وندرس هدفنا وندرس أفضل مكان لضرب هدفنا منه ونضربه ثم نعود يعني كان عدد الشهداء وعدد الإصابات لا يذكر قبل هذه المرحلة و لكن في معركة صلاح الدين هذه أول مرة ندخل مواجهة مفتوحة ولأول مرة نرى الشهداء يتساقطون بهذا الكم.
أذكر أنه حصل تواصل بيني وبين رفعت خليل أبو النصر أن ألا تريد المجيء إلى حلب نحن أصبحنا في حلب، وكان كلامه في ذلك الوقت وأنا لم أناقشه كثيرًا وكان من الحماسة التي عندي لا أريد أن أسمع كلامه ولا أريد الاقتناع به، وكان يقول: أنتم أخطأتم في دخول حلب وحلب فعليًا يجب علينا دخولها من الشرق والخروج من الغرب أو ندخل إليها من الشمال ونخرج من الجنوب يعني خلال يوم واحد يجب تحرير حلب، ومدينة حلب يوجد فيها ثلاثة ملايين إنسان ويوجد فيها ملايين النازحين القادمين من حمص وإدلب، ونحن عندما نريد الدخول إلى حلب ونفتح فيها معركة فنحن سوف نقوم بتهجير هؤلاء الناس وهكذا كانت وجهة نظر رفعت خليل.
كانت الفكرة هي دخول صلاح الدين، وأصلًا صلاح الدين يوجد فيها مجموعات والنظام حاول قبل يومين الدخول إلى صلاح الدين ولم يستطع، ونحن كانت فكرتنا عندما كان جماعة الريف الشمالي يستعدون لدخول المدينة نحن ندخل وندعم مجموعات صلاح الدين وندافع عن صلاح الدين حتى يدخل جماعة الريف الشمالي ويصلوا الشعار بصلاح الدين، ونقوم بتحرير حلب يعني بعدها نحرر حلب.
بصراحة في ذلك الوقت لا يجب سؤالي عن الاستراتيجيات، يعني ما هي كانت استراتيجية قرارك والبعد الاستراتيجي لأنني لا أعرف، يعني أنا في ذلك الوقت وقبل هذه المعركة إذا كان أنا أو أيهم أو عبد القادر الصالح وإذا كان أكبر عنتر في هذه الثورة، يعني نحن جميعًا لا يوجد عندنا البعد الاستراتيجي في القرار ولا نعرف، يعني أنا قبل هذه المعركة كنت طالب جامعة وكان همي الخروج من منزلي إلى جامعة ويكون مصروفي في جيبي وأنتهي من الجامعة وأجلس في الكافتيريا وأسهر مع الشباب أصدقائي، ثم أعود إلى المنزل حتى أعود في اليوم الثاني إلى نفس الروتين، ولم يكن لدينا جميعًا كشعب سوري وأصلا نحن نعاني من هذه المشكلة، نحن كشعب سوري لم يكن عندنا قيادة وكان عندنا فقر في القيادات الاجتماعية التي تسير وتحرك الناس، يعني أنا أعتبر أن هذه هي أكبر مصائب الثورة السورية، أنه نحن أصلًا الحامل الأساسي للثورة الذي هو المجتمع، كان المجتمع جدًا ضعيفًا وجدًا مقسمًا وهذه النقطة أنا بحثت عنها كثيرًا وحاولت العودة فيها بالتاريخ إلى الوراء، وهذا الكلام بدأه حافظ الأسد وحتى قبل حافظ الأسد من أيام جمال عبد الناصر أي تغييب القيادات الاجتماعية في البلد، يعني نحن وصلنا إلى مرحلة في سورية، يعني من قبل أنا أريد أتكلم عن حلب التي أعرفها إذا تكلمت عن موضوع الزعامات الدينية كان يوجد فيها مشايخ معروفين ولهم كلمتهم ويوجد أسماء كبيرة، والنظام استبدل هؤلاء المشايخ بطبقة مشايخ جديدة مثل حسون وغيره، وكان يوجد في حلب طبقة التجار وعوائل معروفين منذ مئات السنين، وشيئًا فشيئًا هذه الطبقات أصبحت ضعيفة وخرجت طبقة تجار جديدة مثل الجربوع والديري وغيره، ونفس الأمر عشائريًا كان يوجد شيوخ عشائر لهم وزنهم في ريف حلب، وهؤلاء الشيوخ تم استبدالهم بشيوخ عشائر جدد.
طبقة القيادات الاجتماعية الجديدة التي هي بالأصل ليست قيادات اجتماعية، ونحن وصلنا إلى مرحلة في عام 2011 أن نظام بشار الأسد عندما قرر عقد اجتماع مع وجهاء مدينة حلب اجتمع مع زينو بري وغيره، وأنا كنت أضحك لأنه اجتمع مع زينو بري ولكن فعليًا زينو بري كان عضو برلمان عن مدينة حلب، يعني سواء أعجبنا هذا الأمر أم لم يعجبنا نحن وصلنا إلى واقع أن زينو وشعبان والجديع وفلان وغيرهم هم الواجهة الاجتماعية لحلب وهم أعضاء برلمان عن مدينة حلب، وفكرة استبدال النخب التي فعلها النظام السوري لم يستطع إحضار نخب، يعني النخب التي استبدلها لم يستبدلها بنخب ولكن استبدلها بأصاغر يعني استبدل أكابر القوم بأصاغر، والنخب الجديدة سببت انعكاسًا عند الشعب وأصبح الشعب لا يثق بنخبه يعني أصبحت أنا ابن عشيرة لا أنتمي للعشيرة لأنه شيخ العشيرة فلتان (غير متّزن) وأنا ابن الحي أصبحت لا أنتمي إلى مختار الحي لأن المختار هو مخبر للنظام، وأنا أصبحت كسنّي يعني الطائفة السنية لا أنتمي إلى طائفتي لأن مشايخي هم حسون وفلان وفلان، وفعليًا تدمر الانتماء الذي عندي وأنا وصلت إلى مرحلة كشاب سوري لا يوجد عندي انتماء وهذه هي المشكلة، موضوع أزمة النخب الموجودة في سورية جعلتنا نحن في كل قراراتنا عشوائيين، يعني إذا سألتني بعد عشر سنوات من الثورة السورية هل كان قرار دخول حلب هو القرار الصائب فأنا سوف أقول لك قطعًا لا، ودخول حلب في تلك المرحلة كان مصيبة.
نحن بالأصل كان يجب [علينا القيام بـ] حرب العصابات؛ وأنا ذكرت أنه كان التسليح ربما لم يكن الخيار الأفضل ولكنه كان مسارًا إجباريًا بالنسبة لنا، ولكن كان يجب على الأقل أن نستمر بحرب العصابات لمدة سنة أخرى، وهذه هي الفكرة التي عندي، لكانت النتيجة يمكن أن تكون أفضل بكثير يعني نحن لم نكن على قدر المواجهة وفي معركة صلاح الدين نحن خسرنا الكثير من الشهداء من النخب التي كانت الناس تتكلم عنها.
تقريبا بتاريخ 7 آب/ أغسطس 2012 النظام دخل إلى صلاح الدين وبدأ الاجتياح، وجماعة "نور الدين الزنكي" خسروا الكثير من الشباب واستشهد لهم الكثير من الشباب بعد صمود للأمانة كان أسطوريًا، وبعدها انسحبوا وهذه كانت أول مرة شخص يأخذ قرارًا أن يترك هذه المنطقة وينسحب منها، ومن يريد القتال فيها سوف يفنى وأنا لا يوجد عندي مصلحة، وهذا كان قرار توفيق شهاب الدين وربما قراره استراتيجيًا كان صحيحًا ولكن ثوريًا كان مصيبة، لأنه يوجد لديك أشخاص تتخلى عنهم، ونحن معركتنا بالأساس هي معركة قيم ومعركة ثورة ومعركة غيرة على بعضنا، وأنا إذا حسبتها استراتيجيًا وتخليت عن القيم فأنا أصلًا دمرت، وإذا حسبتها استراتيجيًا فأنا لا يجب علي الخروج بالثورة بالأصل لأنه لا يوجد عندي قدرة النظام، ونحن ثورتنا لا يتم حسبانها بالبعد الاستراتيجي، وثورتنا هي ثورة غيرة وكرامة وغيرة على بعضنا وليس أكثر من ذلك، وكان قراره صدمة لكل شخص موجود في صلاح الدين.
النظام اجتاح صلاح الدين ودخل من طرف جامع الخضر من عند الملعب ودخل من طرف شارع الـ 15 وبدأ الشباب يتراجعون حتى وصلنا إلى الدوار.
بتاريخ 8 آب/ أغسطس 2012 جاء والدي في زيارة إلينا وهذه أول مرة يدخل والدي إلى مدينة حلب بعد أن خرج منها مُهجَّرًا، ووصل في فترة العصر بتاريخ 7 آب/ أغسطس 2012، وهنا الطريق كان مفتوحًا وذهبنا أنا وأيهم وأحضرناه من المرجة، وجاء إلى مقرنا وسهر عندنا وكان مقرنا في مدرسة أحمد شنب، وسهرنا ورأى والدي الشباب وفي اليوم الثاني فجرًا بدأوا ينادون على أجهزة الاتصال اللاسلكي أن النظام دخل إلى صلاح الدين من عند الدوار ويوجد نقطة طبية محاصرة، وأنا هنا قمت بإيقاظ الشباب وقلت لأيهم استيقظ لأنه أنت قائد الكتيبة وأن الجيش يحاصر [النقطة الطبية] ويوجد ممرضات وهكذا كان الكلام على أجهزة الاتصال، ولاحقًا اتضح أن النقطة الطبية كانت فارغة ولكن الكلام كان على أجهزة الاتصال أنه يوجد نقطة طبية محاصرة، وأنا قمت بإيقاظ الشباب واستعدينا وخرجنا باتجاه دوار صلاح الدين، وفعلًا دخلنا لتمشيط [المكان] ووصلنا إلى نقطة معينة وهي عند النقطة الطبية، وقام أيهم بتوزيعنا وأرسل مجموعة على الدوشكا للتغطية من جهة وأرسل مجموعة ثانية للتغطية من جهة أخرى، وهو دخل مع أحد أبناء عمي أبو جمعة دخلوا باتجاه النقطة الطبية وكان كل شخص منهم على رصيف ووصلوا إلى النقطة الطبية ونحن هنا كنا مشتبكين مع النظام وأنا كنت في إحدى البنايات وكانت النقطة الطبية فارغة، وكانوا يريدون الانسحاب إلى الخلف أيهم وأبو جمعة، واثناء انسحابهم إلى الخلف أصيب أيهم بطلقة قناص في رأسه وكان واضحًا أنه استشهد بشكل مباشر وقمنا بالتغطية النارية وسحبنا أيهم وأخذناه إلى المستشفى وقالوا أنه استشهد، وأنا أخبرت والدي، وكان والدي موجودًا في حلب وفي ذلك اليوم عندما خرجنا من المقر صباحًا، أنا ذكرت أن هذه أول مرة يأتي والدي إلى حلب بعد أن خرج منها، ونحن عندما كنا نستعد ونرتدي الجعب وكنا نريد الخروج أنا نظرت إلى والدي ورأيته كيف ينظر إلينا وإلى الشباب، وأخذت أسأل نفسي ما هو شعور الأب وابناه الاثنان خارجان ولا يعرف إذا كانا سوف يعودان أم لا يعودان، وكان هذا السؤال يخطر على بالي طوال وجودي في المعركة، وعندما استشهد أيهم أخبرت والدي وقلت له: تعال إلى مستشفى الزرزور وجاء والدي إلى مشفى الزرزور وقلت له: يسلم الدين والإيمان، أيهم استشهد وأنا لم أستوعب، بالنسبة لي هذا كان أكثر تاريخ مفصلي في حياتي، وهذا التاريخ يفصل بين ملهم الإنسان الطبيعي بمشاعر وبين ملهم بدون مشاعر بعد هذا التاريخ.
أيهم رحمه الله هو أكبر فَقْدٍ عشته على الإطلاق، وهو أخي وهو أكبر مني بسنة واحدة وفي المدرسة دخلنا سوية وهو دخل إلى الصف الثاني وأنا دخلت إلى الصف الثاني ونحن سوية منذ الصف الثاني حتى البكالوريا، بعد البكالوريا هو دخل إلى فرع وأنا إلى فرع آخر وحتى في الجامعة كان أصدقائي في الجامعة يخبرونني أنهم يسهرون مع أيهم، يعني كنا في كل حركاتنا وذهابنا ومشاويرنا، يعني ذهبنا إلى المسجد سوية وافتعلنا المشاكل سوية وتعلمنا شرب السجائر سوية بكل حياتنا، وأنا أصلًا قبل هذا التاريخ لا أعرف العيش لوحدي وعندما استشهد أيهم كانت أول فكرة تخطر على بالي أنه كيف الشخص يعيش بدون أخ، وأنا معتاد أن يكون عندي أخ أكبر مني منذ أن كنت صغيرًا وهو أطول مني ب 20 سنتيمترًا وكان طوله 195 سنتيمتر، وأنا لا أعرف العيش لوحدي وأنا لا أعرف العيش بدون أيهم يمشي أمامي وأنا أمشي خلفه، أيهم يبدأ وأنا أفزع له، لا أعرف، وأنا دائمًا أقول للشباب من باب الضحك أنني كنت أظن أن أيهم دخل في مشكلة مع أهل الحارة [ففزعت له] لكن تبيّن أنه في مشكلة مع بيت الأسد وهكذا دخلت الثورة، وكان هذا اليوم أقسى يوم أعيشه وحتى في ذلك اليوم لا أذكر أنني بكيت مع أنه كان أخي وهو أغلى شيء عندي في الدنيا وأنا الذي دفنته بيدي، يعني بسبب الصدمة التي كنت أعيشها لم تسمح لي حتى أن أحزن عليه.
استشهد أيهم وأخذناه إلى القرية ودفناه هناك ونحن أخذناه من طريق المرجة إلى عسان إلى جسر عسان ودفناه في القرية، وجاء أهلي من تركيا جاءت والدتي وإخوتي وودعوه في زيتان ودفناه في زيتان، وبقينا تقريبًا خمسة أيام في زيتان ثم عدنا إلى حلب مرة ثانية.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2020/09/28
الموضوع الرئیس
الحراك العسكري في حلبكود الشهادة
SMI/OH/5-06/
أجرى المقابلة
سامر الأحمد
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
عسكري
المجال الزمني
آب/ أغسطس 2012
updatedAt
2024/08/12
المنطقة الجغرافية
محافظة حلب-صلاح الدينمحافظة حلب-مدينة حلبشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
لواء التوحيد - حلب
كتائب نور الدين الزنكي
الجيش السوري الحر
كتيبة أبو أيوب الأنصاري - لواء حلب الشهباء