الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

إعلان دمشق والقطع مع نظام الأسد، وانعطافة الموقف الدولي

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:19:06:20

تشكل إعلان دمشق على هذه الخلفية برأيي، وحقيقة إذا أردنا الرجوع لننظر إلى هذه المرحلة لم يطل كثيرًا إلى أن اكتشف الجميع أن السياسة الغربية تجاه سورية ليست بالحسم والسرعة التي كانوا هم يتوقعونها. 

وحقيقة هذا الموضوع لمسته عندما قمت بزيارة في العام 2006 مع مؤسسة ألمانية اسمها "فريدريش ناومان" لمجموعة من نشطاء حقوق الإنسان، وكنا التقينا منظمات ومؤسسات حقوقية أوربية.  

في باريس التقيت عددًا من الشخصيات السورية واللبنانية منهم: الأستاذ صبحي الحديدي، وأنا أذكر حينها أنهم قالوا: إن الموقف الفرنسي الحاد تجاه النظام والمتشدد والمتصلب من أجل محاسبته ومساءلته على جريمة اغتيال الحريري، هو موقف عند "جاك شيراك" ونخبة مجموعة من النخبة الحاكمة الفرنسية، ولكن توجد آراء متنوعة في المؤسسات الفرنسية، وكانت الآراء تقول: إن التجربة متعثرة في العراق هذا واحد، وثانيًا- توجد مصالح أمنية واسعة مع النظام. ثالثًا- لا أحد يتحمل حربًا أخرى في الشرق الأوسط يعني جملة أسباب تدفعهم ليقولوا: هذه وجهة النظر لا تأخذوها يا جماعة، إنها وجهة نظر فرنسية في أرجاء فرنسا وكل المؤسسات الفرنسية.  

بعد فترة نذكر عندما صار هناك تسريب لزيارة آصف شوكت لفرنسا وصولًا لـ 2007 عندما "كونداليزا رايس" أعطت تصريحها الشهير: "إننا نحن نريد النظام أن يغير سلوكه وليس تغيير النظام". وبالذات المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة المرحوم رفيق الحريري يتباطأ عملها وتغير "دتليف ميليس" وجاء "براميرتس" وبدأ تمييع المسألة، يعني من "ديتلف ميليس" الذي كان واضعًا يده على كل المسألة بدأنا نرى التمييع والبطء في الحركة وتصريحات دبلوماسية مختلفة وصولًا طبعًا وتتويج كل هذه الجهود أو هذا المسار كان عندما ذهب "جاك شيراك" من السلطة ونجح "ساركوزي" بالانتخابات، وبعدها جاء الى سورية، وتغير الأمر بشكل مطلق بعد مجيء "باراك أوباما" إلى سدة الرئاسة في الولايات المتحدة، فإذًا بهذا المسار ثلاث سنوات من 2005 إلى 2008 كانت هذه المحطات الأساسية التي حكمت الموقف الدولي باتجاه سورية. 

في العراق كان الحلف الموالي لإيران يمكّن من وضعه، وينسجون تفاهمات مع الولايات المتحدة أيضًا حول الوجود الأمريكي في العراق، واكتشفنا لاحقًا حتى مباحثات بين إيران وأمريكا كانت جارية باتجاه الإتفاق النووي وإلى آخره، وهي التي أخذت سنوات طويلة طبعًا حتى أُقر في الولاية الثانية لأوباما، لكن المعلومات التي توفرت عنها أن إرهاصات وبدايات الحوار بدأت في تلك الفترة. 

بالنسبة للمعارضة السورية، تشكل إعلان دمشق وصار المؤتمر الوطني الوحيد لإعلان دمشق صارت هناك حملة الاعتقالات وكان الأمل ما يزال موجودًا على أن الضغط الدولي سيتزايد على النظام ويأتي بنتيجة، فهكذا منحنى بياني كان بدأ صاعدًا ثم هبط.

أذكر مثلًا: الأستاذ رياض سيف زرته في بيته قبل يوم من اعتقاله، في شهر كانون [الثاني]/ يناير [2008 - المحرر] قبل اعتقاله الثاني، وكان الأمن يراقبون البيت حتى انتبهت إليهم رأيت أنهم يراقبون البيت وكانت معنوياته عالية في تلك المرحلة، وما يزال لديه أمل، الأستاذ رياض دومًا عنده تفاؤل، لكن للأسف الشديد اعتقل ومثلما تكلمت سابقًا تغير المشهد الدولي بهذا الاتجاه، وصار بعدها بيان جديد من إعلان دمشق أظن بـ2007 (2008 - المحرر) إذا ما خانتني الذاكرة، يحكي أننا نحن لم نكن قاصدين التغيير كنا قاصدين الإصلاح السياسي وإلى آخره، يعني تراجع خطوة إلى الوراء لحد اتضحت [فيه] الصورة، أنه لا، نحن لسنا في طور التغيير واستمر هذا الموضوع إلى أن سافرت إلى السعودية، وحكيت بعض المشاهدات سابقًا عن حواري مع الدكتور برهان غليون ووجهة نظري تجاه التحديات التي كان يواجهها النظام، وأنا برأيي كانت التحديات هيكلية في البلد موضوعية أكثر منها تحديات خارجية أو تحديات صراع مع المعارضة، لكن هيكلية في المجتمع السوري وفي الاقتصاد السوري وعدم قدرته على الاستجابة لاحتياجات الناس، تقلص القطاع العام بشكل كبير جدًا، التحول الاقتصادي الذي الناس يسمونه "لبرلة" وهو أبعد ما يكون عن الليبرالية، وإنما هو رؤوس الفساد وما فيها بدأت تعمل شركات خاصة وتسيطر على المفاصل الاقتصادية، وبالتالي كانت الطبقية في سورية تزداد، عجز الدولة عن الاستجابة كان واضحًا بأننا صرنا نرى مشاهد مثل نزوح من يوم الجفاف بسنة 2010 نزوح من منطقة الجزيرة في سورية، أعداد كبيرة من الناس لأنه يوجد جفاف في مناطقهم، رغم أنها هي منطقة محصورة بين دجلة والفرات المفروض أن يكون هناك مشاريع ري أُنجزت وكذا عبر سنوات طويلة تتغلب على مشكلة الجفاف بموسم الأمطار، لكن نزح هؤلاء الناس إلى محيط دمشق، وكانت توجد مجموعة من الأصدقاء والشباب يحاولون أن يعملوا معهم يحاولون مساعدتهم بشكل تطوعي فردي، لكن لا توجد مؤسسات دولة ترعاهم الأمم المتحدة ممنوع [أن] تتواصل معهم، الإعلام ممنوع [أن] يحكي معهم، فقط المخابرات هي تراقب هذا الوضع وتضبطه أمنيًا، هذا كان يعكس كيف هذا النظام يفكر النظام يفكر بهذه الطريقة يفكر أنه [حين] تخرج مشكلة نخبئها عن العيون نقمعها لا نعالجها ليس لديه إمكانيات المعالجة لأجل ذلك كانت وجهة نظري هذا البلد مشاكله ستنفجر يومًا ما وبوجه هذا النظام وبوحه الجميع. 

حقيقة المعارضة بفعل الضربات المتعاقبة التي تعرضت لها كانت أضعف من أن تأخذ المبادرة هذا واحد، ثانيًا- للأسف الشديد كان بتلك الفترة تركيز كبير على مسألة التحديات الخارجية التي من الممكن أن يواجهها النظام أكثر من التحديات الداخلية عند المعارضة، يوجد لدى بعض المثقفين بعض الباحثين وبعض المطلعين كانت المسألة واضحة يحذرون منها، لكن بالنسبة لهياكل المعارضة الرسمية بعدما فقدوا الأمل من أن يأتي الإصلاح من هذا النظام وتأتي التجارب وخبرات سابقة عولوا على عامل الضغط الخارجي، وبعدها عامل الضغط الخارجي تراجع، لكن بقي الرهان عليه باعتباره كان صعبًا على المعارضة تخيل أن تكون هناك ثورة شعبية مثلما شاهدنا في عام 2011 هذا الربيع العربي فاجأ الجميع. 

من جهة أخرى تعاني المعارضة السورية من مشكلة هيكلية مزمنة، مشكلة المأسسة والتطور التنظيمي زائد مشكلة انفتاح الأجيال الجديدة أن تكون هي جاذبة للأجيال الجديدة، هم نفس الوجوه والشخصيات الذين ومنذ أن كانوا شبابًا دخلوا بتجربة معينة وبقوا يسيرون فيها، يتحدّون هذا النظام، ودفعوا أثمانًا باهظة وإلى آخره، لكن هذه الأحزاب السياسية وهذه التجمعات السياسية للمعارضة لت تقدر أن تكون جذابة لأجيال جديدة، لأنها لا تتكلم لغتهم لا تتفاعل معهم منحصرة في هذه الأطر الضيقة التي هي معتادة [أن] تفكر فيها هذا ظرف ذاتي عفوًا، وفي ظرف موضوعي، ظرف القمع الذي لا يسمح بحرية تشكيل الأحزاب ولا بحرية التفاعل مع الناس، وبالتالي حتى الأجيال الجديدة ترى أمنيًا أنا أمنيًا لا أقدر [أن] أقترب من هذه المسألة، أنا عندي مستقبل لديّ أشياء في الحياة أخاف عليها، وشاهدنا الأجيال التي سبقتنا كيف دفعت تضحيات قاسية دون أن يكون هناك نتيجة، مسألة الجدوى كانت تطرح نفسها عند جيلنا، وأن هذا الجيل يمتلك أدوات مختلفة، جيل ابن عصره، وجيل اليوم يعبر عن نفسه بوسائل التواصل الاجتماعي ليس جيلًا مؤدلجًا، إما قوميًا أو يساريًا أو إسلاميًا، يرى الدنيا بعيون جديدة يحاول [أن] يقول: إننا نريد حقوقًا ومواطنة وكرامة وإلى آخره، ليست ضمن قوالب أيديولوجية مغلقة، هذه هي المشكلة الجيلية كانت قائمة، وبالتالي عندما يكون هناك هكذا مبادرات مجتمعية الوجوه التقليدية للمعارضة تبقى بعيدة عنها لجملة الأسباب ستكون بعيدة عنها. 

كان من الوجوه -رحمه الله- الشهيد باسل شحادة كان ناشطًا في تلك المرحلة، كان الصحفي عامر مطر، خاصة أنني أتكلم عن الحملة التي كان للتضامن مع أهالي الجزيرة الذين نزحوا إلى محيط دمشق، كان هناك الصحفي عمر الأسعد، زينة ارحيّم، وكان يوجد آخرون، ربما اليوم مبتعدون قليلًا عن المشهد لا يفضلون أن نذكر أسماءهم، هذه الوجوه التي برزت، أيضًا أنا هذه الدوائر التي كنت محتكًا بها، لكن كان أيضًا توجد دوائر أخرى مثل: داريا وشباب داريا وهي بحاجة إلى تغطية ودراسة، لكن طبعًا تلك التجربة تعرضت لقمع قاس، الشباب مجرد أن خرجوا يعملون اعتصامات سلمية ضد حرب العراق، بعدها عملوا حملة نظافة للشارع تم اعتقالهم ومنهم [من] قعد (جلس) سنوات لا بأس بها بالسجن، أولئك الشباب تبع (أبناء) داريا هم أيضًا من تيار إسلامي تنويري وهنا من تيار ليبرالي ديمقراطي.

لكن في الحالتين نرى أن الكل ابتعد عن السياسة المباشرة والتفاعل مع علاقة سورية بالخارج وعلاقة النظام بالقوى الخارجية وابتعد عن الأيديولوجيات المغلقة وراح يطبق الكلام الذي حكى به في سنة 2000 عن المجتمع المدني والانخراط مع المجتمع وإعادة السياسة للمجتمع وإعادة الشأن العام للمجتمع بشكل عملي، حتى ولو كان غير منظم أو مرتبط بشكل تنظيمي مع حركة 2011 مع دعوات 2011، لكن كنا نرى أن الجيل الجديد صارت لديه أدوات مختلفة مقاربة مختلفة للأمور وطروحات مختلفة لما يجب أن تكون العناوين التي تشتغل على أساسها حركة معارضة وفي الحالتين تم القمع. 

الواعي الوحيد كان بشكل [جيد] لكامل المشهد لكامل الصورة هو النظام، فهو كان مدركًا لمكامن الخطر، وأينما خرج مكمنًا للخطر يذهب لينقض فورًا ويقمع ولا يسمح فيه بعدها. 

عن الأمانة السورية للتنمية أيضًا طالما نحن نحلل قليلًا تلك الفترة، عبر الأمانة السورية للتنمية عبر بعض الفعاليات مثل: مهرجان دمشق عاصمة الثقافة العربية، مثل: مهرجان حلب عاصمة الثقافية الإسلامية، كان يحاول النظام أيضًا أن يبرز وجهًا جديدًا، وهنا أسماء الأسد كانت تلعب دور هذا الوجه الجديد الذي يحكي بفكرة التنمية تنمية الريف ويطرح شيئًا جديدًا على المجتمع السوري خارج أطر حزب البعث، لم نعد نحكي بشبيبة الثورة، ولا عدنا نحكي نحن بطلائع البعث، ولا نحكي بالحزب والجبهة الوطنية التقدمية، انتهى هذه المظاهر انتهت بالتدرج بدءًا من عام 2000 والآن شيء جديد يتقدم، وكانوا يحاولون أن يحتووا بعض الأصوات من الأجيال الشابة التي هي أيضًا عندها وجهة نظر نقدية تجاه الأوضاع القائمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتي أحبت أن ترى انفتاحًا في هذا البلد على أفق جديد. 

لا أعتقد أنهم حققوا نجاحًا كبيرًا، أولًا- هذه مسألة لا يمكن أن تتحقق بدون أن يكون إصلاحًا سياسيًا جديًا. ثانيًا- هذه المسألة تأخذ زمنًا، بتصوري نجحوا بأنه يوجد بعض الشباب والصبايا الذين انخرطوا بهذه الأعمال طوروا بعض المهارات وعندما خرجت الثورة بـ 2011 رأيناهم في الثورة شاهدنا كثيرًا منهم بالثورة انضموا لهذه الثورة. 

أيضًا حتى مثلًا: شركة "سيرياتيل" والقطاع الخاص الذي كان يمتلك قسم كبير منه رامي مخلوف وآخرون صاروا يطرحون على المجتمع السوري أيضًا حتى نمط جديد من البزنس (الأعمال) نمط جديد من الاقتصاد نمط جديد من الشركات الخاصة ثقافة جديدة، لم نعد نحن بثقافة القطاع العام ولا عندنا بثقافة القطاع الخاص بالثمانينات والتسعينات التقليدي الذي هو صغير والذي هو متأخر كثيرًا عن القطاع الخاص الذي في دول الخليج أو في لبنان أو في أوروبا أو إلى آخره، كانت تدخل مفاهيم جديدة فأعتقد أن جيلنا كان يتشكل [لديه] وعي بتلك المرحلة عند البعض منا حول ماذا يعني انفتاح سورية والمجتمع السوري على أفكار جديدة عبر السبل المختلفة؟ كل واحد فينا ربما سار فيها، بعضنا سار عبر سبل الالتحاق بالمعارضة التقليدية البعض سار عبر سبل المحاولة من الداخل، الجوانب الإيجابية التي يطرحها النظام أن يذهب ويلتحق فيها يرى ربما توجد فرصة للتغير، مع بدء الثورة، أنا أعتقد أننا انحزنا للثورة، كان الكل قد وصل لنفس الاستنتاج أن هذا النظام لا يُصلِح ولا يصلَح وأن الانفجار قادم، وبالتالي لما بدأت 15 آذار/ مارس 2011 الثورة كنا نرى أننا الآن نحن أمام فصل جديد من تاريخ سورية فصل ترجع فيه السياسة للمجتمع، المجتمع ليس ميتًا المجتمع حي، المجتمع رغم من أنه بين 1963 و 2011 نحن نحكي عن قرابة نصف قرن من حكم شمولي لحزب البعث العربي الاشتراكي أن الشعب ليس بعثيًا، لا، الناس ليسوا بعثيين، الناس عندهم شيء آخر عندهم أفكار أخرى وطروحات أخرى تريد أن تطرحها، هذا كان المفصل الأساسي متأثرًا بالربيع العربي، طبعًا لأن الربيع العربي في تونس ومصر قال للسورين: إنه نعم ممكن أن تنجح هذا هو، أنه نعم نحن جربنا ونجحنا.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2020/07/15

الموضوع الرئیس

النشاط السياسي قبل الثورة السورية

كود الشهادة

SMI/OH/51-12/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

التصنيف

سياسي

المجال الزمني

2003-2011

updatedAt

2024/08/12

المنطقة الجغرافية

عموم سورية-عموم سورية

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

الأمم المتحدة

الأمم المتحدة

إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي

إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي

حزب البعث العربي الاشتراكي

حزب البعث العربي الاشتراكي

الأمانة السورية للتنمية

الأمانة السورية للتنمية

الشهادات المرتبطة