مؤسسات حقوق الإنسان ومعاناتها مع الأجهزة الأمنية
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:24:36:09
أنا أقول ولا فخر عندما تحدثت في مسألة حقوق الإنسان لم يتحدث بها أحد قبلي، وهذا كان في 1978 مع انبثاق حركة النقابات في فرع دمشق لنقابة المحامين، أسسنا فرعًا لحقوق الإنسان برئاسة المرحوم رشاد برمدا، رشاد برمدا كان وزير دفاع عدة مرات كان وزير تربية عدة مرات وزير داخلية عدة مرات، واعتقل معنا أول 1980 كنا بزنزانة واحدة، وباعتباري منذ زمن أتعاطى في مسألة حقوق الإنسان ولي أحاديث فيها كنت منخرطًا مع الهيئة والتي يرأسها رشاد برمدا، واستمرينا في هذا العمل من 1978 حتى اعتقالي المرحلة كلها كانت مخاضًا كبيرًا مخاض النقابات.
عندما كنت في السجن أختلفت مع الدكتور فايز فواز الرجل صديق، والناس تختلف أمر طبيعي تقاطعنا، رؤية صار خلاف مثلما الناس تختلف مع بعضها، وظروف السجن ظروف استثنائية وخاصة ليس كل الناس تستوعبها، والدكتور فايز ضيق الصدر مع الناس باعتباره طبيب المفروض يكون الطبيب أوسع صدرًا مع الاستيعاب لكنه كان ضيق الصدر.
في مطلع 2001 زارني سليم خير بيك مهندس معروف كنا معًا في السجن لما كان فايز فواز في السجن، ونقل لي تحيات الدكتور فايز وقال: الدكتور فايز يُحبك ويحترمك وسيزورك، هل عندك مانع؟ قلت: لا مشكلة عفا الله عما مضى، فجاء الرجل وتحدثنا و فتحنا قلوبنا لبعض، و بعد فترة انبثقت فكرة تأسيس جمعية حقوق الإنسان، فبدأنا الاتصالات كان فيها سليم خير بيك وفايز فواز ونجيب ددم المحامي الحلبي من الاتحاد الاشتراكي وبعض الزملاء المحامين مهند الحسني وأنور البني مجموعة أشخاص مختلفين، فاجتمعنا و كلفنا أحد الزملاء نسيت اسمه من دوما ليأخذ الملف ويتابع و يستكمل الإشهار ويذهب إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.
فأنا في تلك الفترة صار علي هجوم من قبل أجهزة الأمن وغادرت البلد، ولما رجعت وجدتهم لم يقدموا الإشهار، فسألتهم، قالوا: أخذوا الأوراق إلى الشؤون الاجتماعية والعمل فرفضوا استلامها، قلت لهم بسيطة ضعوها بمغلف وأرسلوها بالبريد المضمون يستلمها عادي حل المسألة سهل، وهذا ما كان فعلًا، وضعوه في مغلف وبعثوه في البريد المضمون استلموه في ديوان الوزارة أمر طبيعي نسوا أن يضعوا في الملف رسم التسجيل عبارة عن 50 ليرة سورية أو نحوه مبلغ صغير.
كانت عندي في ذلك الوقت رزان زيتونة متدربة في المكتب، رزان أتى معها الأستاذ مروان حصري زميلنا محامي ومعه خالها من آل الحموي الاسم الأول نسيته هذا من بعث العراق وكان محكومًا بالإعدام ثم خُفض حكمه وقضى أظن نحو 20 سنة في تدمر (سجن تدمر)، جاؤوا و أحضروا رزان معهم، وترجوني لأقبلها متدربة في مكتبي، أنا بصريح العبارة رزان من حيث المبدأ متحررة أكثر من اللازم بالنسبة لبيئتنا نحن كمسلمين دمشقيين، دمشق بالطابع العام للمجتمع الدمشقي محافظ ليس منفتحًا كثيرًا، فأنا قلت له: أهلًا وسهلًا قبلتها، وعاكسوها في نقابة المحامين ستة أشهر أخروا لها التسجيل كانوا رافضين مبدأ أن تتدرب عندي في المكتب، كان هناك صراع بيني وبين نقابة المحامين حول مسائل عديدة وإنهاء السلوك النقابي، قبلت و بدأت متدربة عندي، فلما أسسنا الجمعية اقترحت عليها لتنضم للجمعية ثم رشحتها لمجلس الإدارة فكانت معنا وهي محامية متدربة كانت معنا في مجلس الإدارة، أمضت رزان في مكتبي خمس سنوات مدة سنتين التدريب المهني على المحاماة ثم قدمت امتحان في نقابة المحامين وانتقلت إلى جدول الأساتذة، فصارت أستاذة، لكن استمرت عندي في المكتب كناشطة حقوقية تدربت على مبدأ حقوق الإنسان.
بالمناسبة حين أسسنا الجمعية، الجمعية ليس عندها مكتب إذا استأجروا مكتبًا لن يُؤجرهم أحد لأنها غير مرخصة وحقوق إنسان تُخيف الناس تخاف من التعامل في هذا الموضوع، فأنا استضفت الجمعية في مكتبي أصبح مكتبي في الحلبوني هو مقر جمعية حقوق الإنسان لدي في الجمعية كل وسائل التواصل الاجتماعي إنترنت فاكس ثلاث خطوط هواتف، وعندما وثقت برزان سلمتها مفاتيح المكتب ولم يكن لدي دوام مسائي وحين أُنهي عملي أذهب إلى البيت و لا أرجع لثاني يوم وهي تبقى في المكتب، لما كانت تأتي في الصباح تستلم مباشرة تجلس على طاولة الكمبيوتر تبدأ التواصل من أجل مسائل حقوق الإنسان وأحيانًا تنسى نفسها بدون طعام، فزوجتي التي كانت سكرتيرتي اعتبارًا من 2001 كنت أوصيها انتبهي على رزان أكلها وبقيت تُحضر لها الشاي والقهوة أو تُحضر لها سندويشة سواء كان في الصباح أو إذا تأخرت بعد الظهر، عادة أتناول الفطور في المكتبة الساعة 9:00 تفطر معي، فبقيت عندي خمس سنوات ثم أوفدناها خارج سورية لحضور مؤتمرات وندوات، ومن هذه الندوات ذهبت لتونس، في تونس الأستاذ عبد الله فأوصلتها بسيارتي للمطار، في اليوم الثاني اتصلت برئيس المنظمة في تونس قلت له: جاءت لعندك رزان زيتونة متدربة عندي في المكتب لكن ستعتبرها هيثم المالح، قال لي: حاضر بعيوني، واستقبلها استقبالًا حسن واستضافها في بيته عرفها على أسرته.
كانت منظمة لحقوق الإنسان منظمة دولية محترمة برأسها عبد الله نسيت كنيته عبد الله يساري شيوعي، استضافوها أظن بضعة أيام حضور الدورات التدريبية في تونس، ثم رجعت إلى دمشق، فأنا بذلت جهد وعناية خاصة عاملتها مثل أولادي كان عمرها 22سنة حين حضرت لعندي مثل أحفادي من حيث العمر، أما في الخبرة هي صفر لم يكن عندها شيء.
اعتقل مرة من المرات أكثم نعيسة كان ينتمي إلى جمعية حقوق إنسان عبارة عن دعاية فقط غير فاعلة، فاعتقل أكثم نعيسة، جاء لعندي طاقم العمل زاروني في المكتب، وقالوا: اعتقل أكثم نعيسة، قلت: ماذا فعلتم؟ قال: عملنا بيان، بيان فقط، لا يجوز يجب أن تبعثوا رسالة للجهة اللي اعتقلته أي جهة مخابرات، ابعثوا رسالة لوزير الداخلية حددوا موعدًا زوروا وزير الداخلية، قالوا: نحن لا نفعل ذلك، ولمَ؟ جمعية حقوق الإنسان أو هيئات حقوق الإنسان تقف على مسافة متساوية ما بين السلطة وما بين الشعب نحن لسنا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء، نحن نعمل من أجل إعلاء فكرة حقوق الإنسان، لذلك يجب أن تفعلوا اللازم، ابعثوا رسالة لامنستي إنتر ناشيونال (منظمة العفو الدولية) اشرحوا الموضوع اطلبوا تحركًا سريعًا، عبارة عن عمل دعائي إعلامي.
عملوا لي وكالة لأكثم نعيسة وضعوا اسمي في الوكالة عنه، وفي يوم جلسة الاستجواب طلبت من رزان أن تذهب على القصر العدلي لتتابع قضايانا في المحاكم وقلت لها: أنا ذاهب لأحضر جلسة استجواب أكثم نعيسة، قالت: أنا سأذهب لحضور استجواب أكثم نعيسة رفضت الذهاب إلى القصر العدلي لمتابعة قضايا الموكلين، وهي في المكتب كانت في غرفة السكرتارية وبين غرفتي وبينها جدار فقط وباب، أنا أدخل إلى غرفتي من باب غرفة السكرتارية.
جاء علي العبد الله وقف معها تكلم معها وسلم علي مجرد سلام مع العلم كنت وكيله عنده قضية في مجلس الدولة وأنا وكيله فيها، أخذ رزان وذهب، وأنا ذهبت إلى محكمة أمن الدولة فوجدت رزان هناك، حضرت جلسة استجواب أكثم نعيسة ومن هناك إلى القصر العادي تابعت قضايا المكتب ثم رجعت إلى مكتبي.
بعد الظهر جاءت قلت لها: يا رزان هذا العمل الذي تقومين به أهم من قضايا المكتب أهم من عمل المكتب؟، سكتت ولم تُجاوب، عمل المكتب أهم أعطني الملفات التي أعطيتك إياها، وهذا حقي أنا أمين على قضايا الموكلين لا يجوز أن أُفرط فيها، غضبت ثم ذهبت دون أي كلمة، غابت بضعة أيام ثم عادت للمكتب وكان عندي الدكتور فايز فواز وحين رآها تركنا لنتكلم، استأذن وذهب.
أعدت عليها نفس الأسئلة وقلت لها: هل ستستمرين بعمل المحاماة أم عندك توجه آخر؟ أيضا هذه المرة انزعجت و غابت عن المكتب قرابة أسبوع و نحن لدينا عمل، فاتصلت بها وقلت لها: أحضري لي كلمة السر والأشياء التي نحتاجها في متابعة عملنا لأن لدي إنترنت وكل المسائل فيه وله كلمة سر ليفتح، قالت: عندما يكون اجتماع مجلس إدارة أحضر، رفضت إحضار ما طلبت منها علمًا المكتب ملكي وكل ما في المكتب سواء إنترنت أو هواتف أو فاكس كله ملكي، وأنا أستضيف الجمعية استضافة.
بعد أيام صار الاجتماع جاءت وقدمت ورقة نالت مني وتكلمت عني بشيء غير صحيح وهذا شأنها، بعد ذلك ذهبت إلى مكتب السكرتاريا أخذت بعض الأشياء والعناوين أخبرتني سكرتيرتي بذلك، ثم بلغني أنها دارت على مصادر المعلومات الذين نأخذ منهم معلومات حول الأحداث التي تحدث في سورية لنعمل بيانات، ذهبت لعندهم وقالت: أنا تركت الجمعية وإذا كان لي عندكم شيء أرسلوه لي.
فتحت مكتبًا هي ورضوان زيادة، ورضوان زيادة كان بالجمعية وكان عنده توجه ليكون رئيس الجمعية ولا يُريد أن أكون أنا رئيس الجمعية، كذلك كان المحامي محمد رعدون معنا في الجمعية وهو أيضًا وضع عيونه على الرئاسة، خرجوا في اليوم الثاني على الإعلام ليُعرفوا أنهم شخصيات مهمة في البلد.
محمد رعدون لم يصبح سافر إلى القاهرة وقابل محمد فائق الأمين العام لجمعية حقوق الإنسان العربية في مصر وأخبره أنهم سيقيمون فرعًا للجمعية في سورية، قال له: إذا كانت السلطة موافقة ليس عندي مشكلة، وبالفعل أُقيم فرع للجمعية العربية لحقوق الإنسان في دمشق أو في سورية.
بعد فترة بضعة أشهر اعتقل محمد رعدون، غاب فترة في المعتقل ثم أُفرج عنه، لما أفرج عنه أغلق لبيته عليه ولم يعد يخرج من البيت، ماذا فعلوا به؟ لا أعلم، واعتزل العمل نهائيًا والجمعية أخذها بعض الأشخاص الآخرين عملوا عليها ثم مهند الحسني كذلك ترك الجمعية وأسس جمعية سواسية، واختلف مع الدكتور عمار القربي الذي جاء من حلب ليترأس الجمعية.
يوجد أكتر من شخص مع الأسف الشديد كانوا يتعاونون مع المخابرات، كانوا يقولون لي في فروع الأمن فلان عميلنا، المحامون والقضاة مختلفون، مع الأسف الشديد الإنسان لما يسترخص نفسه يفعل كل شيء.
أرسلنا الأوراق لوزارة الشؤون والعمل و قانونيًا إذا مر 60 يوم ولم تُجاوب الوزارة يُعتبر الترخيص قائمًا مر 64 يوم، وبعد 64 يوم بعثت لنا الوزارة الجواب بالرفض، فزرت الوزيرة شخصيًا أنا وسليم خير بك كانت وزيرةً كان استقبالها جيدًا بالنسبة لنا، وقالت: اصبروا ونحن سنساعدكم، قدمت لها تظلمًا على القرار السابق، هذا التظلم يفتح أمامنا 60 يوم ثانية مهلة، لكن الرفض بقي فأقمت في مجلس الدولة دعوى ضد وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وطالبت باعتبارنا مرخصين قضاءً بهذه الصيغة، نحن صرنا اسم لجمعية تحت الترخيص طالما نحن ذهبنا إلى المحكمة وأقمنا دعوة وملفنا في الوزارة فليس عندنا مشكلة، لكن الجمعية استطاعت أن تعمل مع وجود هذا الجو المخابراتي أو الجو القمعي الموجود في سورية.
بالنسبة لنا عملنا تواصلًا مع عديد من الأشخاص الذين كانوا بالسجون ممن كان لهم نشاط ضمن مدنهم ضمن قراهم ليتابعوا الانحرافات والانتهاكات ويخبرونا عنها ونحن نعمل بيانات، تقريبًا كل يوم يصدر بيانًا كنا نعمل بيانات والجمعية عملت تقارير ظل ضد تقارير السلطة بنظام مجلس حقوق الإنسان في جنيف، الدول المنتسبة للمجلس عليها أن تقدم كحد أدنى تقريرين سنويًا عن حالة حقوق الإنسان في دولها، فعملت عملًا معاكسًا قدمت إلى مجلس حقوق الإنسان تقرير ظل دحضت فيه المعلومات التي بعثها النظام في التقرير الذي أرسله للمجلس.
هذا العمل لم يقم به شخص بكل سورية وأنا أفتخر أنني كنت أعمل وكأن السلطة غير موجودة، هناك مسألة غريبة دخل علي شخص لا أعرفه عرفت فيما بعد أنه كردي قال لي: اعتقلني الأمن من بيتي وضعوا لي عصائب على عيوني وأخذوني ولا أعرف إلى أين؟ بقي فترة معتقلًا بعد فترة أحضروا له أوراق وقع عليها ولا يعرف على ماذا وقع، ثم قالوا له: إنس أن لك بيتًا في المزة في الفيلات الشرقية، وإذا أردت العفش تعال وخذه، هذه صورة تصوري واحد محامي جاءه شخص وقال له هذا الكلام ،لا يعرف من اعتقله وأي فرع لا يعرف، قلت له: اعمل لي وكالة، ثم بعثت برقية لوزير الداخلية وبرقية لرئيس الشعبة السياسية هذا الذي انتحر (غازي كنعان) وقلت له: صار مع الموكل كذا كذا أطالبكم بحل الموضوع وديًا وهذا كلام فيه تهديد واضح، بعد أسبوع أو أكثر جاء الموكل إلى المكتب قال: يا أستاذ هيثم البرقية نفعت رئيس الشعبة السياسية أرسل لي رسالة لأقابله اليوم، قلت له: تقابله و لا تتكلم بغير موضوع بيتك، قابله و بعد عشر أو خمسة عشر يومًا رجع لبيته، تابعت ملفه تبين التالي: أخذوا توقيعه على عقد بيع البيت أقاموا دعوى في المحكمة أنه مجهول محل الإقامة بلغوه بالصحف أخدوا حكم بنقل ملكية البيت منه لهم ثم باعوا البيت لشخص آخر بعقد آخر وعملوا نفس المشكلة.
دخلت المحكمة أبطلت له الأحكام السابقة كلها وأعدت له البيت، و القليل من يدخل مثل هذه المتاهات، وهذا البيت كان يسكنه عبد الله أوجلان حين أحضره حافظ الأسد لعبد الله أوجلان إلى سورية كان في المزة الفيلات الشرقية عبد الله أوجلان يشغل هذا البيت، فالأمن قالوا إذا كان لعبد الله أوجلان هذا اسمه عيرة نُريد البيت نحن أولى بالبيت "جحي أولى بلحم ثوره"، فأنا رجعت له البيت تصوري بعد سنة أو أكثر من سنة يطرق علي باب المكتب فتحت الباب فوجدته أمامي مربط عيونه قال لي: يا أستاذ هيثم دق الباب فتحت أطلقوا عليه الرصاص بعينه وذهبت إلى المجلس الدولي مع الأسف اعتقلت بعد ذلك ولا أعرف ماذا حصل وفي المرحلة الثانية عملت لأرجع له بيته.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2021/04/08
الموضوع الرئیس
النشاط السياسي قبل الثورة السوريةالنشاط الحقوقيكود الشهادة
SMI/OH/92-07/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
سياسي
المجال الزمني
2001 - 2006
updatedAt
2024/04/14
المنطقة الجغرافية
محافظة دمشق-مدينة دمشقشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل - النظام
نقابة المحامين في دمشق
القصر العدلي في دمشق
مؤسسة هيثم المالح للدفاع عن المدافعين عن حقوق الإنسان في سورية