النشاط الحقوقي والسياسي في بداية حكم بشار الأسد
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:17:56:08
لجان الدفاع عن الحياة الديمقراطية وحقوق الإنسان تأسست في الـ 89، وحقيقة بهذه الصيغة المباشرة كمنظمة حقوق إنسان قد تكون الأولى في سورية، ولكن عملت بشكل سري بمنطق الأحزاب السرية في تلك الفترة، وخلال عامين في الـ 91 الصف الأول تحديدًا؛ نزار نيوف وأكثم نعيسة ومجموعة كبيرة من الصف الأول تم اعتقالهم وحُوكموا وكانت الأحكام 10 سنوات وبهذا الشكل … وقسم منهم خرج، وجديع نوفل أبو سلام من الأسماء التي كانت في التأسيس من الـ **** 89، وكان طبعًا قسم منهم قد خرج من السجن، وفورًا أكثم ومجموعة وجديع نوفل ومجموعة أخرى أعادوا إطلاق اللجان في شهر أيلول/ سبتمبر 2000.
وحقيقة لم يكن فقط قرار اللجان، ولكن أظن أنه كان قرار كل الأطراف السورية في نقل مستوى العمل من العمل السري إلى العلني، وأظن أن هذه كانت واحدة من أهم الخطوات التي حدثت بعد موت حافظ الأسد، وانتقل العمل إلى العمل العلني والذي يعرف سورية يعرف أنَّها خطوة جبارة وشجاعة وليست تفصيلًا عابرًا.
واللجان كمؤسسة حقوق إنسان بدأت عملها في وحقيقة في المرحلة الأولى كان لدينا هاجسان الأول: هو الانتشار وكنا نعمل بشكل سريع وأحيانًا متسرع وأحيانًا فعلًا أكثر مما يحتمل لنضم كوادر من كل سورية، وكان لدينا هاجس لنكون موجودين.
كنا نصل إلى الناس فنبدأ في دوائرنا حقيقة ومعارفنا الشخصيين، والناس الذين بدأوا يظهرون بعد موت حافظ الأسد، وبدأنا نتعامل مع الإنترنت، وكان أيضًا الدكتور غياث نعيسة ومجموعة من الأشخاص الذين كانوا في فرنسا خارج سورية والدكتور غياث من المؤسسين للجان، وكان وأيضًا ساعد وجودهم في الخارج لديهم بأمور تقنية، موقع [موقع إلكتروني] والتواصل مع الخارج المنظمات الدولية.
واللجان في الـ 89 والـ 91 وبعد أن تم ضرب الصف الأول الموجود داخل سورية، نشطت خارج سورية، وهيثم مناع كان من المؤسسين وبعد الـ 91 هرب إلى فرنسا، وعمل الشباب شيئًا اسمه فرع الخارج للجان الدفاع وظلوا ينشطون وكانت المنظمة عضوًا في الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، فلديها مداخل على الحركة الحقوقية العالمية، وهذا فعلياً حقيقة ساعد كثيرًا بأنَّ اللجان كانت في الخارج شبه موجودة بشكل أو بآخر وصلاتها وعلاقاتها موجودة، فربطها مرة أخرى في الحركة الحقوقية الدولية لم يستغرق وقتًا نهائيًّا، على العكس كانت المسألة عكسية فكان هناك علاقات وفرع في الخارج ولكن لم يكن هناك قبل شهر أيلول/ سبتمبر كوادر في الداخل، فكانت مسألة اللجان عكسية كثيرًا وكان قضيتنا هاجسنا الأساسي في الدرجة الأولى أن نعود ونقول أنَّ لجان الدفاع ليست مؤسسة خارج سورية، فنحن لجان الدفاع، وهو وكان هذا جزءًا من الهاجس وجزءًا من إثبات الوجود والمشروعية.
ونحن موجودين والمسألة الأخرى كيف يمكننا أن نتعامل مع هذا الانفتاح، وكيف يمكننا أن نتعامل مع رغبة الإصلاح والاعتراف بالآخر.
أذكر تمامًا في مرحلة ما خلال العامين الأولين من عمر اللجان كان لدينا أكثر من 600 عضو في اللجان وكان هذا عبئًا، وتحول في مرحلة ما -العدد الكبير من الأعضاء- بشكل أو بآخر إلى عبء، وبأي معنًى [هو] عبء؟ نحن ليس لدينا الإمكانات لنتواصل مع هذا الكم من الناس ولندرب وهذه فالفكرة جديدة بشكل كبير في سورية، وصحيح أن اللجان أو فكرة حقوق الإنسان واللجان لها كان لهم جانب تاريخي ولكن الفكرة في سورية جديدة علينا حتى على الحقوقيين وحتى على أو المحامين، وفكرة حقوق الإنسان فكرة جديدة لم تكن أبدًا موجودة، ولم ندرس حتى الإعلان العالمي أو تاريخ حركة حقوق الإنسان وأنا خريج حقوق ولم أدرسهم! واختصاصي قانون دولي عام ومع ذلك لم نمر عليهم، فنحن ليست لدينا إمكانية لتأهيل كوادر ولتدريب الناس لم يكن هناك تدريس للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكان هناك محاولة والذي كنا نقوله نشر ثقافة حقوق الإنسان وهذه من الأمور الرئيسية المهمات الأساسية التي كنا نتكلم عنها في سورية.
وفي هذه الفترة أيضًا كان هناك حازم نهار وحسيب عبد الرحمن وطارق حوكان وأذكر كثيرًا من الأصدقاء والزملاء فعلًا في مرحلة ما؛ سلوى زكزك ومزن مرشد ودانيال السعود ونضال درويش وخضر عبد الكريم، وكان فعلًا هناك مجموعة كبيرة وخضر عبد الكريم وكان هناك مجموعة موجودون في كل مناطق سورية وفي كل المحافظات والدكتور أحمد طارق الكردي في السلمية وكثيرون، وتركي علم الدين كان في أمن الدولة، وكان يقول: لا يوجد شيئ قذر في البلد إلا خرج من عندكم [يقصد لجان حقوق الإنسان].
حقيقة الموضوع معقد للغاية، وفي تلك الفترة أنا واحد من هؤلاء الجيل الجديد وواحد من هؤلاء الشباب، والذي لم يكن لدي عزوف نهائيًّا يعني بهذا المعنى، ولكن أيضًا أنا ابن البيئة وإذا عدت ورأيت من هم الكوادر الأساسية الذين في شهر أيلول/ سبتمبر 2000 وفي المراحل الأولى من اللجان كان الغالبية العظمى إما معتقلين سابقين أو عائلات المعتقلين السابقين، فحقيقة كان هناك شباب من نفس الدائرة تلك، ومن ناحية ثانية أنَّ هذا هو الأسهل والأكثر أمانًا بالنسبة لنا، ولنتساءل نحن كم طرقنا أبوابًا لشباب جدد الذين هم ليسوا أولاد هذه البيئة؟ فنحن لم نطرق أبوابهم كثيرًا ونحن ذهبنا إلى الأسهل والأسرع، وأنا أقول رأيي بشكل عام، وحين أرى الجيل الجديد ومعتصم السيوفي أبوه وأبي كانوا في حزب البعث الديمقراطي وكلنا كنا بشكل أو بآخر أو مقربين، وكانت رزان (رزان زيتونة) الحالة الغريبة من نوعها فلم يكن لديها أب أو أم أو أخ بشكل مباشر معتقل، ولم تكن في داخل سورية وفي أجواء المعتقلين ولكن لديها خال أو شيء بمعنى [أو قريب ما]، ولكن بمعنى هكذا كانت الصفة العامة، والمجتمع كان لديه خوف، وليس الكل تعامل بأنه مات حافظ الأسد ومعنى ذلك أن النظام مات أو ماتت ولا أجهزة الأمن، على العكس تمامًا وأصبح وقد يكون عنصر الأمن صار يلبس الجاكيت (السترة) فوق المسدس، وكان قبل ذلك يضعه فوق القميص المشجّر والمورّد (اللباس العسكري) على خاصرته ويكون الأخمص ظاهرًا، فصار يلبس الجاكيت (السترة) فوق المسدس ولكن المسدس موجود، وكلنا نراه وقبل ذلك كان يظهره بشكل علني على بنطاله (سرواله) وفوقه قميص.
ولا نريد أن نصور الأمور أنَّ هناك حالة طبيعية وكأنه كان هناك بلد في حالة طبيعية وفيه مناخات سياسية مفتوحة والناس عزفت أو الشباب عزف، ومع ذلك رويدًا رويدًا بدأنا نرى من الجامعات وتحديدًا حين بدأت حركة المنتديات من شهر أيلول/ سبتمبر وتموز/ يوليو 2000 كانت مرحلة مبكرة للغاية بعد وفاة حافظ الأسد واستلام بشار، وفي تلك المرحلة كان طبيعيًّا ومنطقيًّا فالذين انخرطوا وأعادوا وجودهم هم أصحاب التجارب السابقة والبيئات السابقة، ورويدًا رويداً بدأت تدخل، والمنتديات كسرت هذا الحاجز وأعطت مساحة أوسع وأقل عدائية وحين تقول أنا انتسبت إلى منظمة حقوق الانسان ووقعت طلب انتساب وأدفع طلب اشتراك 25 ليرة كل شهر، فهنا يوجد فأنا في موقف وهناك قرار قانونيًّا في سورية أُحاسب عليه ففي القانون هذه الجمعية غير مرخصة، ولكن حين حضرت ندوة وحوار وحين ذهبت إلى منتدى سمعت شيئًا له علاقة بالاقتصاد، وسمعت شيئًا له علاقة بالمرأة والشباب، وكان هذا أكثر طمأنينة وأقل صدامية بالنسبة لهذا الجيل الشاب الذي يحب أن يتعرف ويدخل وينخرط ولكن ذهنيته وذاكرة أهله حاضرة والأمن والبلد مازالت كما هي، ولم يكن إلَّا خطاب الإصلاح والآخر، ولم يكن يوجد أكثر من هذا عمليًّا، وانكفأ الأمن من الشارع قليلًا، ولكن كانت لعبة هوامش وليست أكثر من ذلك ..
أحيانًا كنت أراها عدائية كثيرًا، وهناك أيضًا معارضة كلاسيكية تعتبر أن لديها المشروعية التاريخية، وبعض هذه الأحزاب مثل حزب البعث الديمقراطي والعمال الثوري بدأت تصير كوادر ديمقراطية وهي كوادر تعد على الأيدي، ولم تعد الحالة أبدًا هي حالة السبعينات التي كان نشطًا بها.
وبدأ برأيي شكل من أشكال الإحساس بخطر هذه التحركات، وبدأت لجان إحياء المجتمع المدني تستقطب ناسًا وشبابًا وكوادر سابقة وناسًا سابقين أكثر من أن تستقطب الأحزاب، وأيضًا الناس كانت في تلك الفترة فحافظ الأسد حكم 30 سنة وليس يومًا أو يومان فسقطت إيديولوجيات (معتقدات) وسقط الاتحاد السوفييتي وانهار جدار برلين وانهارت فتغيرت المنظومة الفكرية والموقف من الإيديولوجيا، وأصبحنا نرى مراجعات من أشخاص كنا نعتبرهم من ثوابت هذه الإيديولوجيا فصرنا نراهم يعملون مراجعات، وحزب الشعب والمكتب السياسي واحدة من هذه الأشكال، وحزب العمل الشيوعي وكل هذه الحركات والمنظومات التي كانت أسيرة الإيديولوجيا بدأت هي تتحرر منها أيضًا، ولهذا أظن أن كثيرًا من الناس وكثيرًا من الشباب رأت في تلك الحركات المدنية وإن كان طابعها لم يكن غير ثقافي أو حقوقي ولا نريد أن نضحك على أنفسنا، ففي حياتنا لم نكن الصليب الأحمر الدولي ولسنا مؤسسات إنسانية أو إغاثية أو محايدة بالمعنى السياسي والأخلاقي، فنحن كنا أصحاب مشروع ديمقراطي وأظن في أحد البيانات أيام اللجان كنا نجد أنفسنا رأس حربة في مواجهة الاستبداد، وقد لا تكون تعبيرًا حتى جزءًا من المنظومة الحقوقية ومن مصطلحات منظومة حقوق الإنسان ولكن كنا نرى أنفسنا بهذا الشكل بمعنى من المعاني.
النظام في المرحلة الأولى لا أعلم إلى أي مدى فكرة الحرس القديم والحرس الجديد أيضًا صحيحة، ولا أعلم إذا كان هناك فعلًا صراع تيارات أم أنَّ المسألة كانت خطة محكمة من اليوم الأول، وبالتأكيد ولا يوجد عندي أدنى شك بأن هذه المساحات التي فُتحت من اليوم الأول كان جزءًا منها رسائل إلى الخارج وهي أهم بالنسبة للنظام من الداخل، فكانت رسائل دولية إلى الخارج ونعرف نحن شيراك أحد عرابي إعادة انتخابات أو شرعنة بشار الأسد، ومادلين أولبرايت التي حضرت جنازة حافظ الأسد فأيضًا العامل الدولي كان موجودًا، وأظن أنَّ هناك مطالبات من هذا اللاعب الدولي أو العامل الدولي، وقد لا تكون هذه الطلبات قد طلبت من النظام بشكل مباشر إجراء عمليات جراحية، ولكن كان مطلوبًا أن يكون هناك القليل من مواد التجميل على هذا الوجه القبيح، والنظام ذهب وكان بحاجة إلى الاعتراف الدولي في انتقال السلطة من الأب إلى الابن، فذهب بهذه المساحات في عملية التوريث فذهب بشار إلى هذا الاتجاه وبأنّه عندنا حقوق إنسان ومجتمع مدني، وأخرجوا بيانات وتقارير إلى أن حصل هذا النظام على الشرعية الدولية المطلوبة.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2021/02/11
الموضوع الرئیس
توريث السلطة في سوريةحقوق الإنسانكود الشهادة
SMI/OH/90-04/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
باريس
التصنيف
مدني
المجال الزمني
1989 - 2000
updatedAt
2024/04/18
المنطقة الجغرافية
عموم سورية-عموم سوريةشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
حزب العمال الثوري العربي
حزب العمل الشيوعي في سوريا
لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سورية
لجان إحياء المجتمع المدني
حزب البعث الديمقراطي الاشتراكي العربي