الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

موت حافظ الأسد وتوريث الحكم لابنه بشار

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:20:00:13

أنا من عائلة دمشقية من طبقة وسطى، والدي ترك الحزب (حزب البعث) في عام 1968 احتجاجًا على السياسة، كانت حركة 23 شباط 1966 بتقديره قد حدثت، كان 1968 حافظ الأسد هيأ الأرضية للانقلاب عام 1970 وأصبح [والدي] لا يرى نفسه في هذا الحزب، هو أقرب من الناحية الفكرية والنظرية للجناح الذي يعبر عنه صلاح البيطار في الحزب، ووالدي بعد أن ترك الحزب صار أكثر قربًا لمنظمة التحرير للعمل الفلسطيني في لبنان، كان له علاقات معهم لم يأخذ مركزًا قياديًا أو وظيفيًا معهم لكن كانت له علاقات هناك.

بفترة السبعينات ظهرت دعوات أيضًا للإصلاح وعرائض وإلى آخره وهو كان جزءًا منها. 

بقي محافظًا على علاقاته مع الأجنحة المعارضة بحزب البعث، ما يسمى بعث العراق أو ما يسمى "الشباطيين"، لكنه لم ينتسب إلى أي منهما، وكان لديه وجهة نظر أن العمل السري بظروف مثل ظروف سورية وخاصة بعد حرب 1973 واتفاق وقف إطلاق النار 1974 ودخول لبنان 1976 يعني أن حافظ أسد في أوج قوته، والعمل السري لن يُجدي نفعًا بهذه الطريقة، لكن عندما يوجد مثلًا حراك مطلبي ذو طابع نقابي وذو طابع مثقفين كان يشارك فيه من ضمن هذا الحراك، قبل أن يتزوج اعتقل لفترة قصيرة وخرج من السجن.

القصد من هذه الخلفية هي لأتكلم قليلًا عن هذا الشخص الذي هو أثّر بي كثيرًا بنظرتي للنظام بنظرتي للبلد بنظرتي لمسألة الديمقراطية حتى إعادة الفهم لمسألة القومية العربية؛ لأنه لمّا خرج من الحزب، لم يخرج فقط بسبب خلاف تنظيمي يعني الإنسان يخرج من المسألة بعد فترة يعيد النظر بجملة المفاهيم والأفكار التي كان يؤمن بها ويتبنّاها وجزء منها، وبالتالي هو أصبح شخصًا ديمقراطيًا وبالسبعينات صحيح أنه في النهاية ما تزال مسألة القومية العربية تعنيه وما تزال مسألة العدالة الاجتماعية تعنيه لكنه أصبح أكثر إيمانًا بمسألة الديمقراطية وحتى مسألة النموذج الديمقراطي الليبرالي في الغرب، وقد بنى معي علاقة قائمة على الحوار والأخذ والعطاء ونقل الخبرة والحديث عن التجربة وهذا شكل كثيرًا من وعيي في تلك المرحلة كمراهق وشاب في بداية الشباب وبداية الحياة الجامعية. 

في الثمانينات بدأ الخلاف والصراع ما بين حافظ الأسد والإخوان المسلمين يتصاعد بشكل أساسي، وموجة الاحتياجات امتدت لأنه أصبحت توجد حركات نقابية واحتجاجات نقابية في وقتها واعتقالات، هناك أناس اعتقلوا لسنوات طويلة وكان القمع وحملة الاعتقالات تطال أيضًا اليسار والأحزاب اليسارية، بنفس الفترة أيضًا تمت تجاوزات كبيرة من قبل أطراف السلطة، من قبل رفعت الأسد من قبل علي دوبا والأجهزة الأمنية من قبل يعني هذين الطرفين الأجهزة الأمنية ورفعت الأسد وعبد الحليم خدام كان جزءًا من الموضوع، كانت الاعتداءات على الناس تزيد والفساد يزيد فالمسألتان كانتا في تزامن مع بعضهما البعض.

 فحافظ الأسد جاء وقال: إني أريد أن أعمل ما سماه اصطلاحًا وليس شيئًا رسميًا اصطلاحًا كان يتداول "حركة تصحيحية" جديدة فكلف برئاسة الوزراء رئيس مجلس الوزراء عبد الرؤوف الكسم وعلى أساس أنه يوجد برنامج إصلاحي وعبد الرؤوف الكسم صار يدور (يتجول) على الناس الذين يثق بهم الأصدقاء القدامى الذين لهم سمعة حسنة بين الناس حتى يصبحوا وزراء أو محافظين أو الى آخره،

وفي حادثة أذكرها أن صائب نحاس حاول [أن] يعمل (ينشئ)علاقة بينه وبين الإيرانيين كمحافظ دمشق فقط تعارف، والإيرانيون لهم في دمشق والمنطقة القديمة وفي منطقة الست زينب أطماع، فحتى هو لم يتجاوب، شعروا أن هذا الشخص لا يتجاوب مع كل هذه الأشياء المطلوبة منه، وهم طبعًا أتوا به لأنه شخصية دمشقية محترمة، وهو معروف بنظافة الكف إلى آخره وأنه ربما من وراءه ومن خلفه يستطيعون تمرير مصالحهم خاصة في موجة احتجاجات قائمة، عندما لم يتم لهم ذلك الحال أقالوه، وطبعًا لم يعد له نشاط، أنا لا أذكر في طفولتي أنه كان لوالدي نشاط سياسي بتلك لفترة لأنه في البلد كلها لم يكن هناك نشاط سياسي، الناس كانت في السجون، لكن هذه أحاديث كانت تدور عندنا في البيت. 

عندما كنا صغارًا ربما تعكس قليلًا هذه القصة أعتقد لا يوجد بيت سوري لم يمر بحادثة مشابهة، أن تكون العائلة معارضة وفي تجديد بيعة حافظ الأسد ابنها الصغير يحمل صورة حافظ الأسد يأتي إلى البيت ويركض فيها و[يهتف]: "بالروح بالدم نفديك يا حافظ". يلصقها على السيارة يلصقها في البيت والأب محتار ماذا يعمل لأنه إذا حكى معه كلمتين لهذا الطفل لا يعرف الطفل لمن سيحكي، ربما أنا سمعت قصصًا أقسى منها على أبناء معارضين يكون آباؤهم لسنوات في السجون والأطفال مأخوذون بتلك الحالة الجمعية التي تسلب الوعي (طلائع البعث) وهم يحيّون حافظ الأسد وزوجات وأمهاتهم ينظرون ويحتارون ماذا سيكلمونهم؟! 

تعامل أبي بالاستيعاب -بدو يطول بالو- يعني لا تلصقها على السيارة حتى أستطيع النظر ، ارحمنا من السيارة أما في البيت دعها كما تريد لا مشكلة. 

منذ ذهاب حافظ الأسد إلى جنازة الملك حسين وبعدها أظن أو قبلها كان [قد] التقى "كلينتون" في جنيف كان صار الأمر واضحًا كثيرًا، الأخبار المتداولة في البلد على أن الرجل أيامه معدودة لن يطول [أمره] المرض أكله، وكان واضحًا أنه بعد مقتل ابنه -في 1994- باسل أتى ببشار وبدأ يهيئ لبشار، وبشار صار يتصرف بسورية باعتباره رئيس دولة، التوجيهات التي تخرج من عنده يتم التعامل معها أنها توجيهات من الرئاسة وقصة المعلوماتية وأنه أدخل المعلوماتية إلى البلد عندما عملوا الجمعية السورية للمعلوماتية، وقصص مكافحة الفساد التي حمّلوها لمحمود الزعبي وسلام ياسين وسجنوهم 13 سنة، رئيس وزراء يقولوا له [في] آخر الأمر: أنت فاسد.

فكان هناك أجواء واضحة أن هذا الرجل يمهد وسبقها تسريح علي دوبا وحكمت شهابي تسريح نهاية خدمة، لكنهم كأنهم يتوقعون أن يجدد لهم وإلى آخره، هم ذهبوا إلى البيت فكان واضحًا أنه يحاول قبل أن يتوفى أن يزيل أي إعاقات محتملة عن طريق ابنه في سبيل أن يصل للسلطة بسلاسة. 

عندما توفي حافظ الأسد كنت في السنة الثانية من الجامعة أذكر رد فعل الناس رد فعل الأصدقاء المعارف، هناك من لم يصدق، وهناك من ارتبك وأغلقت المحلات وكان هناك أناس قد خرجوا يريدون الغداء في [منطقة] الربوة وقتها ورجعوا إلى البيت، لكن لم يكن أحد لديه شعور أنه سوف يصير خضة (هزّة) كبيرة في البلد مسألة بشار الأسد كانت تحصيل حاصل لم تكن سؤالًا.  

 لكن ما علق في ذهني في تلك الفترة وكلنا تابع جلسة مجلس الشعب الكاريكاتيرية بتخفيض سن الرئيس للـ 34 في الدستور وأن مجلس الشعب يبكي ووزراء يضربون ويلطمون في مجلس الشعب وأن نائبًا فقط من النواب هو موال وليس لديه موقف معارض لاحقًا يسأل: يا جماعة جاء من القيادة القطرية طلب بتعديل المادة -نسيت رقمها -في الدستور متعلقة بسن رئيس الجمهورية بدون الأسباب الموجبة حسنًا فقط اذكروا لنا الأسباب الموجبة. طبعًا هذه لا أنساها عبد القادر قدورة وبّخه [قائلًا]: أن كيف تجرؤ وتطلب هذا الطلب شتمه على التلفزيون في البث الحي المباشر أنه أنت كيف تتجرأ على هذا الطلب؟! 

المهم كل الناس كانت بهذا الجو أن المسألة انتهت والترتيبات، لكن كان واضحًا أنه لا توجد جنازة شعبية ما عدا المؤيدين للنظام والمرتبطين بالأجهزة الأمنية وإلى آخره والحاشية والجمعيات الموالية.  

 الناس لم ينزلوا إلى الشارع، أنا أذكر وقتها كنت باتحاد الطلبة أذكر [أنه] اتصل بنا اتحاد الطلبة صاروا يتصلون بنا على البيوت [قائلين]: انزلوا إلى التشييع انزلوا إلى المسيرات الحزينة ومسيرات للتأييد، لم ينزل أحد أنه انتهى نحن منتظرون هذا الرجل أن يموت ونتخلص من حقبته ربما نرى مع وريثه شيئًا جديدًا.

حتى المظاهر التي هم عملوها مظاهر مؤقتة وانتهت بسرعة ما أذكر أنه مثلًا: نعود للتاريخ أنه لما مات "جوزيف ستالين" ماذا حصل في روسيا وأنه لما مات "ماو تسي تونغ" أو "تيتو" (جوزيف بروز تيتو) في يوغوسلافيا لم نرَ هذا الوضع ولا حتى عبد الناصر مثلًا نأخذ بلادًا قريبة هذا الكلام ليس موجودًا، يعني عبد الناصر لما مات مصر كلها نعته، هذا مؤيدينه فقط وجماعته الذين نعوه وحتى كانت المسألة في إطار أنه انتهى نريد أن ننتقل للابن لا أكثر ولا أقل. 

بتلك الفترة كان والدي يحكي أنه الآن هذا ذهب ربما في العهد الجديد يبدأ شيء جديد، الكلام يبقى في العموميات وبالتلميح لا يستطيع أن يعطينا معلومات لأن الموضوع كان خطيرًا جدًا وضيقًا جدًا وخاصًا جدًا، وحقيقة الأمر أنهم كانوا مجموعة تجتمع من قبل وفاة حافظ الأسد ويتناقشون في الفكرة التي تقول: إنه بعد ما يموت حافظ الأسد ماذا سنعمل؟ كانت هذه المجموعة التي هي لاحقًا أسست لجان إحياء المجتمع المدني والتي أنا برأيي كان لها دور كبير جدًا في إطلاق مرحلة ربيع دمشق. 

أنا أذكر بالإضافة الى والدي الدكتور يوسف سلمان، الأستاذ مشيل كيلو، الدكتور عارف دليلة، الأستاذ عادل محمود، الأستاذ نبيل المالح، الدكتور صادق جلال العظم، الأستاذ رياض سيف أظن قبل وفاة حافظ أسد لاحقًا انضمت أسماء أخرى: الأستاذ ياسين شكر، هذه الأسماء التي أتذكرها أنا منذ تلك المرحلة. 

كانت وجهة نظرهم أن الانتقال حاصل حاصل ولا مجال لإيقافه وأنه لا يوجد وأنه هو (بشار الأسد) أحسن الخيارات الموجودة حتى، يعني ننظر نحن لتلك المرحلة المعارضة في السجون لا يوجد معارضة كله في السجن ويوجد تأييد عربي ودولي لهذه الخطوة، ويوجد رهانات على الإصلاح، وجاءت مادلين أولبرايت حضرت جنازة حافظ الأسد، جاء جاك شيراك، الأمير عبد الله بن عبدالعزيز، والأمير عبد الله لعب دورًا بألا يدع رفعت الأسد يفعل أي حركة لأنه كانت عنده نية [أن] يستغل الفرصة، فكأنهم يقولون: لا، هذا النظام باق وقوي ومستقر لامجال لهزة وأن هذا الشاب (بشار الأسد) عمره 34 سنة في سنة 2000، المرحلة الماضية من القمع بالسبعينات ومرحلة الثمانينات ومسألة الصدام الكبير مع "الإخوان المسلمين" والمجازر التي ارتكبت في حماة وحلب وغيرها لمرحلة التسعينات وكل الاعتقالات هو ليس جزءًا منها، لم يكن صاحب قرار فيها لم يكن صلة هو كان فقط ابن رئيس الجمهورية وكان مستقبله أساسًا مستقبلًا مختلفًا، المفروض أنه كان ذاهبًا إلى بريطانيا ليصبح طبيب عيون، فحتى إنه لم يكن خليفة محتمل، الأقدار هي التي جعلته يجلس في هذا المكان [حيث] قُتل أخوه ويريد بديل حافظ الأسد فأحضره. 

حسنًا هذه مسألة إيجابية أنه ليس متورطًا بدم ليس متورط حتى بفساد كبير، الإنسان لا يُسأل عن فساد أبيه أو خاله أو عمه حتى لو [كان] مستفيدًا، لكن هو بشكل شخصي لم يدر فسادًا بمرحلتها وعلى أساس أنه أتى من الغرب وكان يعطي وعودًا أول مجيئه كان يريد أن يعمل من سورية يابان الشرق الأوسط، يريد فتح البلد وأنه دارس بإنجلترا أنه ربما ذهنه متفتح أكثر بقليل وطبيب ويعطي إشارات إصلاحية حتى قبل وفاة أبيه كان يعطي إشارات، كان بشكل أساسي يركز على مكافحة الفساد وعلى الانفتاح، حتى هم في أواخر التسعينات اشتغلوا على موضوع قانون الاستثمار رقم 10 وقتها وبدؤوا يسمحون للقطاع الخاص بأن يدخل ويعمل، فكانت هناك إشارات تأتي منه أن هذا الرجل يسلك منهجًا مختلفًا، ولما جاء وأدّى خطاب القسم تحدث عن الرأي والرأي الآخر أنه يوجد رأي آخر في هذا البلد وليس رأينا فقط. 

كان استقبالهم لخطاب القسم إيجابيًا لأنهم كانوا يقولون: إن هذا النظام مستقر وليس لدى بشار الأسد أي عامل من عوامل الخوف من المعارضة؛ حتى يسلك سلوكًا عدوانيًا يعني الإنسان يخاف عندما يكون هناك أحد يهدده، لكن لا يوجد تهديد حقيقي له لا أحد عنده القدرة على أنه يهدده؛ وبالتالي هو مستقر لم يكن متورطًا بشكل شخصي والرؤوس الكبيرة في النظام على عكس ما يُقال؛ إنه حرس قديم وحرس جديد لأنه لعبة، تمت المحاولة في تلك المرحلة لتسويق هذا الأمر أنه يوجد حرس قديم وحرس جديد وهو لا يوجد حرس قديم ولا حرس جديد الحرس القديم ذهب يعني أعمدة النظام الأساسية كانت [قد] ذهبت وهم كانوا يستمدون نفوذهم من النظام بتواجدهم في مراكزهم، عندما علي دوبا تسرّح لم يؤثر على هذا النظام قيد أنملة، عندما حكمت شهابي ذهب لم يؤثر عليه شيئًا، مصطفى طلاس هو رتب الموضوع هو جزء من مسألة وأولاده كانوا جزءًا من النظام الجديد وليس لأنه كان خارج الموضوع.  

فالقصد أنه لم يكن عنده عوامل فنظامه مستقر متماسك لا توجد معارضة داخلية  هناك ترحيب عربي وترحيب دولي أحمد نجدت سيزر رئيس تركيا جاء وحضر وقتها حتى من الجوار تركيا والمشاكل التي كانت معها، حسنًا لننتهز الفرصة ونحكي معه بالحوار وليس من منطق المعارضة.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2020/06/17

الموضوع الرئیس

توريث السلطة في سورية

كود الشهادة

SMI/OH/51-02/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

التصنيف

سياسي

المجال الزمني

قبل الثورة

updatedAt

2024/08/12

المنطقة الجغرافية

عموم سورية-عموم سورية

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

حزب البعث العربي الاشتراكي

حزب البعث العربي الاشتراكي

مجلس الشعب - نظام

مجلس الشعب - نظام

الاتحاد الوطني لطلبة سورية

الاتحاد الوطني لطلبة سورية

منظمة طلائع البعث

منظمة طلائع البعث

 لجان إحياء المجتمع المدني

 لجان إحياء المجتمع المدني

القيادة القطرية لحزب البعث

القيادة القطرية لحزب البعث

منظمة التحرير الفلسطينية

منظمة التحرير الفلسطينية

حزب البعث حركة 23 شباط

حزب البعث حركة 23 شباط

الشهادات المرتبطة