الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

استعصاء صيدنايا وتفكير معتقلي إعلان دمشق بالعمل الفكري

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:26:00:17

من المعروف أنه في تموز/ يوليو عام 2008 حصل استعصاء ضخم جدًا في سجن صيدنايا وسجن صيدنايا بشكل عام الذي هو يمثل شكل إشارة "المرسيدس" مؤلف من ثلاثة طوابق يعني في هذه الحالة أصبحت الأجنحة في الأسفل ثلاثية بشكل إشارة "مرسيدس " والذي فوقها والذي فوقها أيضًا وفعلًا هو عندما ينظر إليه من السماء تظهر علامة المرسيدس. 

وكان بشكل عام هذا السجن مقسومًا، المتشددون جدًا كانوا في الطابق الأرضي والذين هم فيما بعد تحولوا إلى "دواعش" و"جبهة النصرة" ومعهم كان البعض من "أحرار الشام"، والطابق الذي كان أعلى منه كان بشكل عام "إخوان مسلمين" و"حزب التحرير" وأيضًا بعض الإسلاميين كما يطلقون على أنفسهم فيما بعد إخوة المنهج أو السلفية وجزء منهم كان سلفية جهادية، ولكن ليسوا شديدي التشدد، والطابق العلوي كان بشكل عام أحزاب متعددة يمين عراقي (حزب البعث اليميني) وبقايا اليمين العراقي وبعض الشيوعيين والأكراد بشكل أساسي كانت الأحزاب الكردية في الطابق الثالث. 

والحقيقة السبب الأساسي لانفجار الوضع في صيدنايا كان يعود إلى إدارة السجن وهل كان هذا متعمدًا أم أنه... أحيانًا شخص مدير السجن (علي خير بك) أو إدارة السجن تتصرف من تلقاء نفسها يعني تشعر أنه هناك ارتخاء فتسعى إلى ضبط الأوضاع أو تشعر أن السجناء أخذوا راحتهم في فترة لأنه جاءت فترة من الفترات السجناء بدؤوا يرتاحون نسبيًا في سجن صيدنايا بمعنى أنه أصبحت توجد زيارات وتحسين في نوعية الطعام وإمكانية لقراءة الكتب وأصبح هناك إمكانية لنقل الرسائل بين الطوابق وهكذا، وعندما جاءت الإدارة الجديدة قامت بإلغاء الزيارات وكما ذكرت لسنا ندري هل هذا كان بتوجه من [إدارة السجن] ولكن الأرجح أن هذا الأمر كان بهذا الشكل لأسباب متعددة لأنه في عام 2008 أنا ذكرت أنه ترافقت مع تشديد شديد جدًا على التيار السلفي في دير الزور وكان كل من يعود من العراق مصيره إلى الاعتقال فورًا وأيضًا قادة التيارات الإسلامية والحركات حتى لو كانوا معتدلين صار عليهم تضييق واعتقال ومنهم زملاؤنا، كنا في تلك الفترة في السجن والذين كانوا خارج السجن عاشوا في فترة عام 2008 عندما جاء جامع جامع إلى دير الزور وبنفس الوقت أصبح رئيس فرع الأمن الجوي الذي كان في دير الزور أصبح رئيس فرع الأمن الجوي في دمشق (رئيس إدارة المخابرات العامة - المحرر) جميل حسن أيضًا هذه ترافقت بتصعيد كبير تجاه التيار الإسلامي بشكل عام وباتجاه فكرة الحريات يعني النظام اعتقد أنه بعد أن أعيد احتوائه في المجتمع الدولي وخصوصًا بعد زيارته إلى فرنسا واستقبال "ساركوزي" له في عيد احتفالات النصر (الاستقلال الفرنسي) في شهر تموز/ يوليو عام 2008 يعني هو أخذ زخمًا أكبر وقرر تشديد الخناق على الحريات بشكل عام، وكانت نتيجته أنه تم تحويلنا إلى المحاكمة وأيضًا تم الضغط والتشديد على السجناء في سجن صيدنايا فكان أن انفجر الوضع وكما رويت آنفًا انفجار الوضع كان بسبب توقف الزيارات نهائيًا وسوء المعاملة وسوء التغذية وعدم تقديم الناس للمحاكمات أو إذا قدموا إلى المحاكمات ينتج عنها أحكام عالية جدًا، وفايز النوري (رئيس وقاضي محكمة أمن الدولة العليا) كان في اليوم الواحد يصدر العشرات من القرارات من الأحكام العالية جدًا التي تمتد إلى سنوات طويلة وحصل الاستعصاء ونحن عرفنا بهذا الأمر لأنه كانت تأتينا أنباء بسيطة، ولكن الذي حصل أنه بعد أن تم فك الاستعصاء في الطابق الأول وتم فك الاستعصاء عن القسم الجنائي الخاص في صيدنايا تم نقل عدد كبير جدًا من السجناء من هناك إلى سجن عدرا ومعظمهم إن لم يكن تقريبًا جميعهم وضعوا في جناح المخدرات الذي هو الجناح رقم 13 وهو جناح بعيد عنا ولكن جزء منهم كان لديه بعض الواسطات وجاؤوا إلى أجنحتنا وكان أحدهم من عندنا من أبناء مدينة دير الزور توفي- رحمه الله- اسمه إبراهيم الخرفان كان أحد الذين شهدوا بالتفصيل ماذا جرى في استعصاء سجن صيدنايا.

مجموعة السجناء الذين جاؤوا من سجن صيدنايا جزء منهم بالتناقل ثم الذين جاؤوا إلينا وهذا الشخص جاء إلى نفس الغرفة التي أنا فيها وبدون أن ينتبه أحد أنا بدأت أسجل الملاحظات والتفصيلات والحمد لله استطعنا أن نحصل على صفحات مهمة جدًا وأنا كنت أستجمع في ذاكرتي ما أسمعه منهم وأذهب في الليل إلى الحمام وأسجل أو في الليل بعد أن ينام الجميع. 

وطبعًا في السجن كان يوجد نموذج أن السجناء خصوصًا السجناء الجنائيون يقومون الليل وينامون النهار يقومون الليل من خلال السهر وعندما يستيقظون صباحًا يمضون معظم النهار ونحن كنا نتخذ نموذجًا مختلفًا كنا الساعة 9:00 ننام ونستيقظ على صلاة الفجر وأحيانًا نستيقظ قبل في الساعة الثالثة تقريبًا الساعة ثلاثة أو أربعة لا يكون أحد موجودًا أو مستيقظًا وبالتالي تخف الرقابة علينا إذا أردنا كتابة شيء وأنا كان عندي مخزون مخبأ تحت الكراتين والأوراق والكتب وكنت أحصل -سبحان الله- عندما يكون لدى الشخص فضول معرفة لدرجة أنه في إحدى المرات جاءنا تفتيش مفاجئ في شهر نيسان عام 2010 وفتحوا الكراتين وانصعق النقيب سامي أنه أنت من أين أحضرت كل هذه يعني أخذني إلى التحقيق وفتح معي تحقيقًا طويلًا رغم أنه كل الكتب التي كانت موجودة عندي هي كانت موجودة ضمن السجن يعني السجناء ينقلونها فيما بينهم وهي ليست فيها أشياء ممنوعة من وجهة نظرهم ولكن كيف تجمع هذا الكم الهائل من الكراتين والمجلات والجرائد؟! وطبعا الأوراق والكتابات لم يراها لأنني كنت قد هربتها وأخرجتها خارج السجن عن طريق الزيارات.

طبعًا كما ذكرت كانت رواية إبراهيم إضافة إلى روايات أخرى واستطعنا من خلالها أن نضع تصورًا لما جرى والحقيقة الذين قاموا بالاستعصاء هم الطابق الأول كما ذكرت كانوا المتشددين استطاعوا بشيء عجيب وخارق وأحيانًا ما تكون إرادة قوية جدًا قاموا بتكسير أبواب الحديد استطاعوا تكسير أبواب الحديد واستطاعوا بطرق ما أن يجعلوا من قطع الحديد الموجودة سيوفًا، واستطاعوا فك بواري المكيفات وتحولت إلى أدوات حرب ولم يعد الحراس قادرين على السيطرة على السجن وتمت السيطرة على السجن في الطابق الأول بالكامل باعتبار الطابق الأول هو وأصبح معزولًا عن الطابق الثاني والثالث وبالتالي حصلت سيطرة من الموجودين في الطابق الأول على كل السجن ومن أحد النقاط أنهم أخذوا أعدادًا هائلة من الحراس من الشرطة المدنية أو الشرطة العسكرية الذين كانوا موجودين في السجن أخذوهم رهائن وبالتالي أصبح النظام أمامه خياران خيار أن يقتحم وتحصل مذبحة وفي ذلك الوقت حصل تسريب لبعض الوثائق الحقيقة كان هناك دور كبير جدًا للمحامية كاترين التلي في هذا الموضوع وطبعًا هذه لم تُكتشف إلا فيما بعد عندما تم التعرض "للإيميلات "التي كشفها "أسانج" مؤسس "ويكيليكس" لا أحد كان يعرف عنها شيء أبدًا أنه بهذا الشكل إلا من خلال عندما كشفت "الإيميلات" وظهرت فيها وكاترين كانت تأخذ المعلومات من أشخاص من داخل السجن وهي كانت تعمل في مجال حقوق الإنسان وحصلت على معلومات هائلة يعني هذا يحسب لها قطعًا.

السجين عندما يعطى شيئًا من الحرية تكون إرادته قوية جدًا وروحه الرسالية قادرة على فعل العجيب يعني الشباب سيطروا على سطح سجن صيدنايا الذي هو بالأصل مليء بالحراس ويشرف على كل الأطراف، وبالتالي أصبح من الصعب جدًا أن يستطيعوا مهاجمتهم ثم حصل السجناء على جزء من السلاح الموجود عند الحراس يعني لم يعد بالنسبة للنظام يستطيع أن يسيطر على السجن إلا إذا حصلت مذبحة وإذا حصلت مذبحة سوف تصل إلى المجتمع الدولي وفي ذلك الوقت النظام ربما يعني لو كان الوضع مثلًا في الثمانينات فإنه لا يكترث للأمر لأنه لا يوجد إعلام ولا توجد وسائل تواصل اجتماعي وبالتالي يقوم بالمذبحة بكل هدوء وينتهي منها ثم بعد عدة شهور حتى الناس تعرف.

أنا تقديري من خلال المعلومات التي لدينا أنه حصلت هجمات من قبل الحراس على داخل السجن وعندها تحصل الهجمات يختلط الحابل بالنابل وحصل فيها يعني عندما يحصل هجوم على الغرفة يكون فيها مصاحف وتسقط الأوراق ويمكن أن يحصل هذا الأمر وأما أن يكون الهدف منها هو التعمد بالدوس على الأوراق أنا لا يوجد عندي معلومات وأنا لا أعتقد ذلك يعني أعتقد أن المشكلة التي حصلت هي محاولة السيطرة على السجن وطبعًا تصرفات السجانين من أسوأ ما يكون وأبشع ما يكون ويفعلون ما يفعل أكبر بكثير مما هو مذكور، ولكن هذه الحادثة أن النقطة التي فجرت القصة هي "الدعس" على أوراق القرآن الكريم أنا شخصيًا أستبعد أن هذا هو السبب ولكن الأوضاع كلها كانت سيئة.

التيار السلفي الذي كان موجودًا في الطابق الأول عندما سيطر بشكل مطلق علي الطابق الأرضي وبالتالي على السجن هنا ارتكب خطأ من الأخطاء الفادحة التي مرجعها فكري فقاموا وأصدروا فتوى بإعدام ثلاثة أشخاص من السجناء الموجودين في السجن وهم المرحوم الأستاذ نزار رستناوي كان أحد العاملين في مجال حقوق الإنسان والثاني هو الأستاذ رياض درار الناشط والسياسي المعروف في محافظة دير الزور والثالث كان والد إحدى الممثلات السوريات من أهل الرقة إما اسمه أبو خولة أو أبو خديجة ولعله في الرواية المكتوبة نصل إلى اسمه بالضبط هؤلاء الثلاثة أصدروا بحقهم حكم الإعدام، فأما نزار هم كانوا يعتبرون أن طريقة نقاشه وتأكيده على قضايا حقوق الإنسان بغض النظر عن مرتكب الجرائم وهم كانوا يعتبرون أنه كان ينتقدهم أيضًا في سلوكياتهم سلوكيات الجماعات الإسلامية كما ينتقد بشكل أكبر سلوكيات النظام يعني هو دخل السجن بسبب معارضته للنظام -رحمه الله- بالإضافة [إلى ذلك] اتهموه بتهمة أنه كان ذا ميول أو يحمل بعض الأفكار الشيعية وأنا أميل إلى أنها كانت مجرد تهمة لأن بعض الأشخاص ممن يحملون أفكارًا تجديدية ليس لديهم حرج من أخذ بعض الأفكار من الأوساط المحيطة يعني كان عدد من العقلانيين الإسلاميين لا يجد حرجًا أن يأخذ بعض من أفكار "علي شريعتي" وهو عالم شيعي، ولكنه قياسًا إلى الطروحات الشيعية فهي طروحات جدًا متقدمة وإن كان يوجد جزء منها لم يكن يخرج عن إطار معين، وأنا أذكر أحد المشايخ فسر قوله تعالى: "إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر" التفسير التقليدي عندنا لدينا نحن معشر السنة أنه إنا أعطيناك الكوثر يعني نهر في الجنة فصل لربك وانحر نتيجة أن الله قد وعدك بهذا النهر في اليوم الآخر إن شانئك هو الأبتر أي أن من يعيرك بأنه ليس لديك ذكور هو الأبتر يعني هذا الفهم أنا أحد الأشخاص لم أكن أرتاح له لأنه لا ينسجم مع المنطق والبعض طرح اقتباسًا من فكرة شيعية وأيضًا الشيعة يغالون في الاتجاه المعاكس وأن الكوثر هي فاطمة ويا محمد صلى الله عليه وسلم لأن الله سبحانه وتعالى قد أعطاك فاطمة رضي الله عنها فصل لربك وانحر وأن من يعيرك... ومع ذلك هذا فهم أفضل من ذلك الفهم الأول ولكنه لا يكتمل، ولكن بينما عندما جاء عالم وطرح فكرة مقتبسة من هذه الفكرة وهي القول: إنا أعطيناك الكوثر والكوثر هي زيادة الخير أي يا رسول الله إنا أعطيناك هؤلاء البنات يعني فلا تظنن يا محمد صلى الله عليه وسلم أنهن مجال للعار لأنهن كوثر زيادة في الخير لذلك فإذا كان المرء عندما يأتيه ولد كان يصلي لربه وينحر وهذا معروف لدينا بالعقيقة فأنت يا محمد اشكر ربك بالصلاة وانحر العقيقة من أجل هؤلاء البنات وأن من يتهمك بأنك أبتر لأنه ليس لديك ذكور هو الأبتر وبالتالي الفهم جميل سواء كان منطلقة من الشيعة أو منطلقة منا يعني ينبغي علينا أن نسعى إلى محاوله تطوير فكرنا، ومحاولة فهم كتاب الله سبحانه وتعالى بأحسن مما يرى ووفق ما تسمح به اللغة وليس أن نبقى متمسكين بمجرد المرويات ولا ندري إن كانت تصح أو لا تصح وتوجهنا توجيهًا معين باتجاه ما. 

وأنا لماذا اسقت هذا المثال حتى أقول: إن نزار رستناوي -رحمه الله- كان لديه مثل هكذا طروحات وهم بالنسبة لهم هذه أطروحة شيعية إذًا هو كافر مارق خارج عن الملة وقرروا إعدامه ونفس الأمر بالنسبة إلى رياض درار هو كان لدى الجميع يعرف أنه كان يخطب الجمعة في دير الزور وكان عاقلًا متفتحًا وهو يتمتع بأخلاق مهذبة جدًا، وكان يؤمن بأن جزءًا كبير من طروحات الدكتور محمد شحرور هي طروحات صحيحة وكانت أفكار الدكتور شحرور في ذلك الوقت تنطلق من فكرة جوهرية وهي للحقيقة قابلة للنقاش وهي أنه هل اللغة العربية يوجد فيها ترادف أم لا؟ فما بالكم بلغة القرآن؟

الشاهد في القصة أن فكرة شحرور (محمد شحرور) التي كان يتبناها رياض درار أنه لا يوجد في القرآن الكريم ترادف في اللغة ومعنى "أتى" تختلف عن معنى "قدم" أو "حضر"، وكل واحدة منها تعني معنى محددًا يحدده سياق الآية وهذه إحدى النقاط المهمة وعلينا مراجعتها في ملفنا الفكري.

بدؤوا يتراكضون نحوهم والذي حصل أنهم أمسكوا رياض رستناوي وأبو خولة أو أبو خديجة أيضًا أمسك به ونفذوا بهم حكم الإعدام ضربًا بأنابيب المياه حتى ماتوا -رحمهم الله- وأما رياض درار كانت له حظوة عند الإخوة الكرد لأنه عندما اعتقل بنتيجة كلمة ألقاها في حفل تأبين معشوق الخزنوي وعندما الكرد سمعوا أن التيار السلفي يريد قتل رياض درار أنقذوه وأخذوه إلى الطابق الثالث وقاموا بحمايته وكتب الله له النجاة، وربما هذا كان له أثر كبير جدًا في توجه الأستاذ رياض السياسي فيما بعد من حيث الاقتراب منهم ثم أصبح كما تعرفون وهذا يحزننا الرئيس المشترك لمجلس سورية الديمقراطي.

مع مرور الزمن والجوع والوعود والضغط والهجمات المتفرقة كان يحصل هجوم متفرق يمسكون عدة أشخاص والسجناء في الحقيقة لم يكن لديهم الرغبة في قتل الحراس يعني أيضًا هذه الأنظمة المجرمة لديها الاستعداد لقتل السجناء ولكن السجناء بشكل عام مهما بلغوا ليس لديهم الاستعداد -وهذه تحسب لهم- أن يقتلوا رهائن من الحراس وهذه الأنظمة المستبدة هذا فرق كبير جدًا بين سلوك الأنظمة التي لا ترعى في مواطن أو سجين إلًا ولا ذمة وبين السجين حتى لو أصبح في لحظته لديه قوة لا يذهب في اتجاه الخيارات… وكان هذا للحقيقة ما جرى في سجن صيدنايا وتفصيلاته والحقيقة قمنا بكتابتها شيئًا فشيئًا وأردنا بأسرع وقت ممكن أن تصل إلى الخارج وإلى منظمات حقوق الإنسان وإلى الأشخاص الذين نعرفهم والحقيقة استطعنا أن ننقلها في وقت سريع، وأنا ذكرت أنني كنت أكتب صفحات طويلة جدًا بالتفصيلات وأستجمع في ذاكرتي ما يقال، وفي الليل أبدأ وأدون هذه المذكرات حتى أصبح لدينا رصيد مهم في هذه القصة.

أنا ذكرت سابقًا أنه في عام 2004 وقبل حسمنا قصة الانخراط في العمل السياسي نهائيًا، كان لدينا تنازع داخلي بين أن نسير وفق ما اقترحه الأستاذ جمال البنا عندما كان يقول: لا تقتربوا من السياسة على الإطلاق، بل ركزوا كل جهودكم على القضايا الفكرية وإذا نجحتم في تغيير عقلية المجتمع فإنه تلقائيًا سوف يتغير المجتمع سياسيًا نحو الأفضل. وبين الفكرة التي نحن تبنيناها وهي أنه لا نستطيع أن نبدأ ببث الأفكار ما لم نحصل على هامش عشرة بالمئة من الحريات في بلدنا؛ لذلك علينا أنه بنفس الوقت الذي نجهز بالقضايا الفكرية ونعمل فيها علينا أن نعمل سياسيًا لزيادة هامش الحريات وأنه علينا أن نقسم أنفسنا إلى قسمين: قسم يستمر في العمل الفكري وقسم يستمر في العمل السياسي ونتوسع يعني آمنا بالفكرة التي تقول: إن الفكر أولًا ولكن مع إجراء تعديلات عليها وربما أصحاب القضية الفكرية لم يكونوا يقبلون في هذا الشيء يعني مثلًا جمال البنا لا يقبل وجودت سعيد لا يقبل في مسألة [السياسة] وكان يقول: التزموا بالقضايا الفكرية و"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" وما يغيروا ما بأنفسهم أي ما يغيروا ما في عقولهم.

جودت سعيد حضر بعض اجتماعات إعلان دمشق، ولكنها كانت في هامش معين بمعنى لم ينخرط أصبح عضوًا ويحضر الاجتماع النهائي وعضو يمكن أن يترشح إلى موقع قيادي كما كنا نريد، وأما جمال البنا لم يكن موافقًا أبدًا وأن كل ما سوف تفعلونه هو عبث وسوف يذهب أدراج الرياح وسوف تضربون أنتم وبنتيجة ضربكم بالحجة السياسية سوف تخلون الساحة للجَهَلة الذين يسعون إلى إغلاق الفكر والعقل وإنما حافظوا على كينونتكم من الناحية السياسية واعملوا في القضايا الفكرية التي لا يزال هناك متسع للعمل فيها وبالتالي تكون النتيجة أفضل.

الشاهد في القصة أنه عندما خرجنا من السجن أنا أ صبح عندي توجه أنني أريد العودة والعمل والتركيز أكثر على القضايا الفكرية، ولكن النزعة السياسية في داخل الشخص لا يستطيع أن [يعمل بمبدأ] طلقنا السياسة كما قال لنا الأخ رياض سيف والأخ رياض سيف عندما أفرج عنه من السجن أبلغنا أنه توقف عن العمل في السياسة وأنه يريد التوجه باتجاه القضايا التنموية والاجتماعية والعمل الخيري وهو لديه الفرصة للعمل فيها وأن الزمن غير مناسب وهذه أنا سمعتها من رياض سيف وسمعتها من نواف البشير أيضا كان رأي نواف البشير بهذا الشكل -طبعًا بعد طرده من إعلان دمشق أو إجباره على الاستقالة أو استقالته كما يشاء الناظر لهذه المسألة من جهات متعددة- كان يقول: إنه لا توجد آفاق للعمل السياسي وبالتالي نحن لماذا نعمل بالسياسة و نضيع أنفسنا ومن حولنا لنذهب ونعمل في مجالات أخرى حتى يفرجها الله.

الحقيقة نحن عندما خرجنا من السجن فجعنا لأن أوضاع الحريات في سورية في عام 2010 أصعب بكثير من الأوضاع التي كنا فيها قبل دخولنا إلى السجن ونحن كنا نتأمل أنه كلما طال الأمد وزاد الزمن أن تصبح الأمور أفضل، ولكن تفاجأنا بأن التضييق على الحريات أصبح أكبر وخنق العباد أصبح أشد.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/06/05

الموضوع الرئیس

النشاط السياسي قبل الثورة السوريةسجن صيدنايا

كود الشهادة

SMI/OH/6-29/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

سياسي

المجال الزمني

تموز/ يوليو 2008

updatedAt

2024/04/17

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-ناحية صيدنايا

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

جبهة النصرة

جبهة النصرة

حركة أحرار الشام الإسلامية

حركة أحرار الشام الإسلامية

حزب التحرير الإسلامي

حزب التحرير الإسلامي

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

الدولة الإسلامية في العراق والشام - داعش

الدولة الإسلامية في العراق والشام - داعش

إدارة المخابرات الجوية

إدارة المخابرات الجوية

سجن صيدنايا العسكري

سجن صيدنايا العسكري

فرع الأمن العسكري في دير الزور 243

فرع الأمن العسكري في دير الزور 243

موقع ويكيليكس

موقع ويكيليكس

الشهادات المرتبطة