حمى المؤتمرات في أشهر الثورة الأولى وتشرذم المعارضة
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:22:29:00
خلال أسبوعين أو ثلاثة لم أستطع الوصول إلى قيادة" الإعلان" (إعلان دمشق) في الداخل؛ لأن القناة الأساسية لم تعد موجودة، والقنوات الفرعية لم تكن تستطيع الوصول إلى قيادة" الإعلان" لأسباب أمنية؛ لأنهم كانوا يأخذون الكثير من الاحتياطات في ذلك الوقت، والأمر كان يقترب، وكان يجب أن نعطي جواباً؛ فاضطررت للتواصل مع الدكتور أحمد طعمة، ووضعه في الصورة تماماً، وقلت له: يجب عليه التواصل في هذا الموضوع؛ حتى نعرف الجواب، ويبدو لي أنه تواصل مع رزان زيتونة في ذلك الوقت، وشرح لها هذا الموضوع، وطلب منها أن توصله [تساعده على الاتصال] مع الأستاذ رياض الترك. وفعلاً، حصل مكالمة أو لقاء" سكايب" افتراضي، كان فيه أحمد طعمة من جهة، ومن جهة ثانية كانت رزان ورياض الترك، وتكلموا، ونقلوا الرسالة التي أرسلتها والتفاصيل، فأخذوا هذا الموضوع، وكان يفترض أن يجيبوا على الرسالة. وبعد يومين، اتصل معي أمين عبدي من أحد هواتف" الثريا" التي وضعناها في عهدتهم، وأخبرني قائلاً: بالنسبة للطلب الذي له علاقة" بأنطاليا"، نحن درسنا الموضوع في قيادة" الإعلان" في الداخل، ونحن نرى أن الحل المناسب هو المشاركة فيه كمراقب في هذا المؤتمر. وطبعاً، هذا يعكس أيضاً وجهة النظر التي كانت موجودة في قيادة" الإعلان" في ذلك الوقت: بأنها لا تأخذ الواجهة في هذا الموضوع لا داخلياً ولا خارجياً. وربما لأنهم لم يكونوا متيقنين حول بعض التفاصيل التي لها علاقة بهذا المؤتمر، ومن وراء هذا المؤتمر. وربما كانوا يتصورون بأن هناك جهات معينة محسوبة على رجال الأعمال وما إلى ذلك، ويحتمل أن يكون هناك ارتباطات لهؤلاء، وهذا الشيء سيضع" الإعلان" في إشكالية.
لعدة أسباب رأوا أنه من الأسلم المشاركة كمراقب، وقمت بتبليغ اللجنة المنظمة" لمؤتمر أنطاليا" هذا الشيء. وطبعاً، هم انزعجوا بسبب هذا الموقف، ولكن يبدو لي أن الدكتور عبد الرزاق عيد في وقتها كان يساعد، ويشارك بشكل أو بآخر، وربما خلق هذا الشيء انطباعاً بأن "الإعلان" كان مشاركاً بشكل حقيقي، وليس بصفة مراقب، مع أنني صرحت بهذا الشيء بشكل واضح، وقلت: إن مشاركتنا" كإعلان" هي بصفة مراقب، ولكن بسبب الكلمة التي ألقاها عبد الرزاق عيد وبعض التصريحات اضطر" إعلان دمشق" أن يصدر بياناً، يؤكد فيه بأنه لم يشارك في مؤتمر أنطاليا إلا من خلال صفة مراقب في هذا المؤتمر.
هذا المؤتمر كان فيه عدد من الناشطين، من خارج سورية ومن داخلها، جاؤوا من أجل المشاركة في هذا المؤتمر، وحصلت عملية انتخاب لمجموعة، وهذه المجموعة أخذت على عاتقها أن تكون هي لجنة متابعة للمؤتمر، وسموه: المؤتمر السوري للتغيير- على ما أذكر- ومهامها هي التواصل مع [المحيط] الإقليمي والدولي دعماً للثورة السورية. وفعلاً، هي بادرت بهذا الشيء؛ فكانت أول زيارة إلى روسيا، وكانت من قبل مجموعة العلاقات الخارجية في هذا المؤتمر، وعلى ما أذكر، هذه كانت أول زيارة ذهب فيها ناشطون محسوبون على الثورة السورية أو الحراك الشعبي السوري، وكان فيها: الدكتور بدر جاموس، والدكتور رضوان زيادة، وأظن الدكتور نجيب الغضبان، ورضوان باديني. وهؤلاء هم الذين أذكرهم في الوفد في وقتها، وكان هذا أول لقاء رسمي، يحصل ما بين الروس وبين جهة محسوبة على الحراك الشعبي في سورية في ذلك الوقت.
أستطيع القول: إن الموقف الروسي منذ ذلك الوقت وحتى الآن ثابت، لم يتغير على الإطلاق، والروس في هذا الموضوع لم يحاولوا أن يكونوا دبلوماسيين في هذه القصة، وكان واضحاً تماماً أنهم داعمون للنظام، ولن يقبلوا بمفهوم إسقاط الأنظمة، وأي شيء له علاقة بسورية يجب أن يكون بإرادة الشعب السوري. وطبعاً، المقصود من هذا الشيء أصبح معروفاً.
في ذلك الوقت أيضاً كان هناك زيارة إلى باريس، ولكن قبلها أريد أن أذكر نقطة لها علاقة بمشاركة الإخوان [المسلمون] في هذا المؤتمر.
كما ذكرت سابقاً: إن الإخوان أيضاً كانوا يمرون بمرحلة من التحديات الداخلية؛ لأن القيادة "الحموية" [من محافظة حماة] في ذلك الوقت كانت هي القيادة الشرعية للإخوان في سورية، ولكن يوجد جناح" حلبي" [من محافظة حلب]، كان يعتقد أنه قد تهمش؛ وبالتالي مع بداية هذا الحراك الشعبي، يجب عليه أن يأخذ دوره، وأصبح هناك رسالتان، رسالة تقول: إن الإخوان كانوا مشاركين من خلال الأخ ملهم الدروبي بشكل رسمي، ورسالة ثانية تقول: إن الإخوان غير مشاركين، لأنهم قد أخذوا قراراً بعدم المشاركة. وملهم الدروبي بيّن لنا أنه يوجد تواصل رسمي ورسالة رسمية من قبل المراقب العام للإخوان السوريين (رياض الشقفة) يؤكد فيها أن ملهم كان يمثلهم في هذا المؤتمر، والطرف الثاني كان يعطي رسالة مخالفة، ونحن رأينا نتيجتها؛ لأنه بعد يومين أو ثلاثة من" مؤتمر أنطاليا" حصل مؤتمر في بروكسل، "المؤتمر السوري في بروكسل " كان كتلة أساسية في الجناح، المؤتمر السوري للتغيير كان في نهايات أيار وبداية شهر حزيران، وبعده بيومين، حصل "مؤتمر بروكسل". وطبعاً، كانت السرعة في" مؤتمر بروكسل" دلالة على هذا الشيء الداخلي ضمن "الإخوان"، وعلى توجه من قبل التيار" الحلبي" وتيار آخر أيضاً، هو الذي أصبح فيما بعد" هيئة حماية المدنيين" و"فيلق الشام "وما إلى ذلك، وهم كانوا أساسيين في موضوع" مؤتمر بروكسل"، مثل: الدكتور نذير الحكيم، والدكتور هيثم رحمة، وعبيدة نحاس، وأقصد ما يتعلق" بهيئة حماية المدنيين". والجناح" الحلبي" مثل: أحمد رمضان، وعبيدة النحاس، وعدد من المحسوبين على هذا الجناح.
طبعاً، إن هذا أيضاً يعطي انطباعاً عن ديناميكية الأمور التي كانت تحصل في ذلك الوقت، ونوع من الصراع الذي كان يحصل في تلك الفترة من أجل الوصول إلى هيئة أو كيان يمكن أن يُعتبر ممثلاً للثورة أو قائداً للثورة. وهنا أعود إلى النقطة الأولى التي أركز عليها دائماً وهي: أنه كان هناك إمكانية لأن يتم توجيه ذلك كله إلى اتجاه آخر تماماً، فيما لو أن المعارضة في الداخل قامت بالاستحقاقات المطلوبة منها بقيادة الحراك الشعبي وباستحقاقات هذه القيادة.
هنا أعود إلى داخل سورية، وقلنا: كانت هناك فكرة عن تشكيل كيان اسمه: هيئة التنسيق الوطنية. و"إعلان دمشق" أعطى قراره النهائي بعدم المشاركة؛ فالبقية استمروا بفكرتهم، وكانوا يقومون باجتماع في شهر حزيران عام 2011، وأقاموا مؤتمرهم التأسيسي تحت مسمى: هيئة التنسيق الوطنية. وفي ذلك اليوم، حددوا معالم سياستهم فيما يتعلق بالحراك الشعبي، ولا أذكر أن كان في هذا الاجتماع أو الذي بعده طلبوا من برهان غليون أن يمثلهم خارج سورية، وهذه المعلومة مهمة للأيام القادمة فيما يتعلق بالمجلس الوطني وما إلى ذلك.
منذ بداية الحراك، حصل لقاء إسطنبول وأنطاليا، وبعدها مباشرة [حصل لقاء] بروكسل، وبعدها أصبح لدينا" هيئة التنسيق"، حيث بدأنا في ذلك الحين ندخل في حمّى المؤتمرات، وأصبح يوجد عملية تسابق في هذا الموضوع، ومحاولة حجز المكان بأي كيان مستقبلي له علاقة بالثورة السورية، لدرجة أنه عندما كان يحصل مؤتمر بعد أنطاليا يقال: إن هناك كتلة اسمها" كتلة مؤتمر أنطاليا". ويوجد كتلة اسمها" كتلة مؤتمر بروكسل". ويوجد كتلة اسمها كتلة مؤتمر كذا وكذا. فإذاً نحن دخلنا في ذلك الوقت في حالة أستطيع أن أقول عنها: حالة من الفوضى التي ساهمت بشكل كبير في تشتيت الجهود، وإعطاء انطباع غير إيجابي عن المعارضة والحراك الشعبي بشكل عام، وعند الدول بشكل خاص؛ لأن الدول كانت تراقب ما يحصل.
سورية دولة مهمة جداً في الشرق الأوسط، وتلعب دوراً محورياً في استقرار المنطقة؛ فعملية التغيير ليست أمراً سهلاً، والنظام كان دائماً يبني أمانه أو شبكة أمانه بناء على قدرته بالقيام بهذا الاستحقاق.
فعملية التغيير لم تكن عملية سهلة، فهي لها علاقة بدول محيطة بسورية، وهذه الدول كانت مهمة للمجتمع الدولي، وعلى رأسها إسرائيل، ولكن يوجد عندنا أيضاً دول فيها توجه أو تدخل مباشر من قبل المجتمع الدولي، مثل: العراق، ودول أخرى أيضاً تتأثر بالذي سوف يحدث في سوريا، مثل: لبنان والأردن. فإذاً نحن هنا نتكلم عن دولة محورية من ناحية الموقع و من ناحية طريقة العمل أيضاً؛ فليس من السهل أن يحصل تغيير مقبول من قبل المجتمع الإقليمي والدولي، و هو كان يراقب، وعندما كان يراقب كان يرى هذه الظواهر التي تحصل، ولا يتشكل عنده نوع من الثقة بقدرة تشكيل بديل آمن للنظام الموجود في دمشق، آمن بالنسبة لمصالحهم (بالنسبة لمصالح الدول)؛ لأن الدول في النهاية ليست جمعيات خيرية، هذه الدول لديها مصالح، وإذا كان النظام الحالي يحقق لها مصالحها، وأنا أريد أن أقنعها بأنه يجب عليّ تغييره؛ فإن هذه الدولة سوف تفكر في مصالحها: هل سوف تتأثر هذه المصالح أم لا؟ وهل سوف تزداد هذه المصلحة أم تنقص بسبب هذا التغيير؟ وكانت إحدى أهم النقاط: هل البديل الذي سوف يأتي لديه القدرة على أن يمسك هذا البلد الصعب جداً، وفي هذا الموقع الحساس من الشرق الأوسط؟ و تتابع هذه المؤتمرات خلف بعضها لعب إلى حدّ ما دوراً في أن تعطي انطباعاً لم يكن إيجابياً؛ لأنه مع كل مؤتمر كانت تظهر مشكلات لها علاقة بالمحاصصة، ولها علاقة بالتشرذم، ولها علاقة بمحاولة أطياف المعارضة للوجود (للظهور) بأي شكل من الأشكال، وهذا كان يظهر على الإعلام، وأصبحت الفضائيات مفتوحة أمام كل هؤلاء الناس و"السوشيال ميديا" كذلك، وأصبح الجميع يعرف عن كل شيء يحصل في هذا النطاق، وهذا أدى إلى أن ندخل في مسار، ولكن هناك بعض الأشخاص كانوا يدركون خطورة هذا الموضوع، ويبدؤون بالتفكير جدياً بضرورة الوصول إلى الخلاص من هذا الشيء، والتوصل إلى صيغة مقبولة، بمعنى بعض القيادات في" الإعلان" وبعض القيادات الموجودة في هيئة التنسيق، وبعض القيادات من المعارضة التي كانت خارج سورية، ولكن صوتها لم يكن عالياً، ولم تكن لديها القدرة على أن تفرض شيئاً جديداً، وبدأنا نرى أنفسنا أمام محاولات لمؤتمر جديد.
بمعنى أن هذا التسابق المحموم كان بشكل أساسي على محاولة أن يكون لهذا الشخص، أو لهذا الحزب، أو لهذا التوجه، أو لهذا المكوّن مقعد، أو مكان، يتم حجزه فيما يتعلق بسورية المستقبل (سورية بعد التغيير). وكان لدينا أشخاص يعملون من أجل التغيير، ويضحون بحياتهم، ويعملون بشكل يومي بكل ما تعنيه هذه الكلمة من مخاطرة. ويوجد جهات معينة كانت ترى بأنه يوجد هناك فرصة، وهذه الفرصة ستأتي قريباً، ويجب أن نكون حاضرين لهذه الفرصة، ونكون مستعدين لها. وأصبح يوجد لدينا هذا التسابق وبدايات للتصدعات التي رأيناها في الداخل، وهذا لم يكن حكراً على الخارج، ورأيناه في الداخل من خلال موضوع هيئة التنسيق و"إعلان دمشق"، ورأيناه في الخارج من خلال" مؤتمر أنطاليا" وبعده" مؤتمر بروكسل". وطبعاً قد تكون هناك أسباب موضوعية لهذه الأمور الأربعة، وقد لا تكون متشابهة تماماً، ولكنها في النهاية، كانت تعطي انطباعات بأن هذا الحراك الشعبي وهذه الثورة التي تتشكل مازالت تبحث عن قيادة، وما زالت تبحث عن توجيه سياسي، رغم أنها على الأرض كانت تقوم بأعمال جبارة وأعمال إبداعية؛ لأنها على مستوى القيادة وعلى المستوى السياسي ما زالت تبحث عن قيادة لها، وهذه القيادة بكل بساطة تكون موجودة منذ اليوم الأول، فيما لو أن قادة" إعلان دمشق" قد أخذوا هذا القرار التاريخي، ومضوا به بكل استحقاقاته، و لكن كان عندهم اجتهاد آخر، ودخلنا في هذه المعمعة التي تكلمنا عنها.
طبعاً، الجميع كان يدرك أن هناك مشكلة، والأشخاص الذين لم يكن لديهم وجود في أي من المؤتمرات السابقة فإن الواحد منهم كانت طريقته الوحيدة حتى يكون له وجود هو أن يدعو إلى مؤتمر جديد، ولا يوجد طريقة ثانية، ونتيجة لحصول هذا الانطباع، وأن مؤتمر" سورية للتغيير" لم يؤد النتيجة المرجوة منه فيما يتعلق بالاعتراف، بمعنى أنه يوجد هناك أطياف أساسية في المعارضة، قالت: نحن غير مشاركين أو مشاركتها كانت ملتبسة، مثل:" الإخوان". أو غير مشاركين، مثل:" الإعلان". وموضوع "بروكسل" الذي لم يستطع أيضاً تغطية هذه الفجوة التي حصلت، وأن هناك حاجة إلى عمل من أجل مؤتمر جديد، وهذا المؤتمر الجديد -وكنت ذكرت موضوع "هيئة التنسيق" في حزيران- لم يصل إلى المرحلة المطلوبة من قيادة الحراك الشعبي، وهنا عادت الكرة إلى [ملعب المعارضة في] الخارج مرة ثانية.
قالوا: نعم، هناك شيء يحدث في الخارج، وشيء يحدث في الداخل، لماذا لا نقوم بشيء في الداخل والخارج؟ وهنا جاءت فكرة "مؤتمر الإنقاذ"، وكان من الأشخاص الأساسيين في" مؤتمر الإنقاذ": الدكتور عماد الدين رشيد، وكان هناك اتفاق مع الأستاذ هيثم المالح أن يخرج من سورية، وأن يكون على رأس هذا المؤتمر، وأنهم سوف يعقدون هذا المؤتمر بالتزامن مع جلسة في الداخل وجلسة في الخارج في إسطنبول، وكان من المفترض أن يكون هذا هو الشيء الذي يميز هذا المؤتمر: أنه موجود في الخارج والداخل بنفس الوقت، وتحصل الجلسات بشكل متزامن، ويعمل على إيجاد جسم جديد أو قيادة جديدة.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2021/03/12
الموضوع الرئیس
الحراك السياسي في بداية الثورةكود الشهادة
SMI/OH/129-42/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
سياسي
المجال الزمني
2011
updatedAt
2024/04/17
المنطقة الجغرافية
محافظة دمشق-محافظة دمشقشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
فيلق الشام
جماعة الإخوان المسلمين (سورية)
هيئة حماية المدنيين
هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي
إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي
مؤتمر الإنقاذ الوطني السوري
مؤتمر بروكسل - دعم مستقبل سورية والمنطقة